آليات ومساطر إبرام الصفقات العمومية
يتحدد الإطار القانوني للصفقات العمومية في ظل التشريع المغربي من خلال المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية الصادر بتاريخ 20 مارس 2013، كما تم تعديله وتتميمه[1]، والذي يعد بمثابة الأساس القانوني للصفقات العمومية، حيث حدد القواعد المتعلقة بتدبير الصفقات ومراقبتها، وكذلك الشروط والأشكال التي تبرم وفقها صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات لحساب الدولة والمؤسسات العمومية الواردة في اللائحة المحددة بقرار وزير المالية المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة، وهيئات أخرى كما وقع تغييره وتتميمه[2].
وبالرجوع لمقتضيات المادة 3 من نفس المرسوم الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ فاتح يناير 2014 فإن المشرع استثنى الاتفاقات أو العقود المبرمة وفقا لقواعد القانون العادي ؛ وكذلك عقود التدبير المفوض للمرافـق والمنشآت العامة ؛ وتفويتات الأموال بين مرافق الدولة أو بين الدولة والجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، والأعمال المنجزة بين مرافق الدولة الخاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ؛ بما في ذلك العقود المتعلقة بالمعاملات المالية المنجزة في السوق المالي الدولي، وكذا الخدمات المرتبطة بها. إلا أنه يمكن الحيد عن مقتضيات هذا المرسوم فيما يتعلق بالصفقات المبرمة في إطار الاتفاقيات أو المعاهدات التي وقعها المغرب مع هيئات دولية أو دول أجنبية إذا نصت هذه الاتفاقيات أو المعاهدات صراحة على تطبيق شروط وأشكال خاصة بإبرام الصفقات.
هذا علما بأنه باستثناء أعمال الهندسة المعمارية الخاضعة لمقتضيات الباب الخامس من مرسوم الصفقات العمومية، تبرم صفقات الأشغال والتوريدات والخدمات عن طريق طلب العروض أو المباراة أو حسب المسطرة التفاوضية.
وتبعا لذلك، فما هي نوعية الآليات التي حاول بها المشرع تحصين الصفقات العمومية ؟
وما هي مساطر إبرامها ؟
وعليه، وللإحاطة بالموضوع يقتضي الأمر التطرق في البداية لطلبات العروض والتباري (المطلب الأول)، قبل الوقوف تفصيلا على أنواع
الصفقات وسندات الطلب (المطلب الثاني).
المطلب الأول : طلبات العروض والتباري
تعد الصفقات العمومية، الأداة الإستراتيجية التي وضعها المشرع المغربي في أيدي السلطة العامة لانجاز العمليات المالية المتعلقة بإنجاز، تسيير وتجهيز المرافق العامة، على اعتبار أن نظام الصفقات يعد الوسيلة الأمثل لاستغلال وتسيير الأموال العامة.
وتبعا لذلك، سنتناول في الفقرة الأولى من هذا المطلب مختلف أشكال طلبات العروض ومجالات تطبيقها، وأهم الإجراءات المتعلقة بها، فيما سنتطرق في الفقرة الثانية إلى المنافسة عن طريق المباراة.
الفقرة الأولى : طلبات العروض
يكون طلب العروض مفتوحا أو محدودا، ويدعى ” مفتوحا ” عندما يمكن لكل متنافس الحصول على ملف الاستشارة وتقديم ترشيحه، ويدعى ” محدودا ” عندما لا يسمح بتقديم العروض إلا للمتنافسين الذين قرر صاحب المشروع استشارتهم.
ويدعى طلب العروض ” بالانتقاء المسبق ” عندما لا يسمح بتقديم العروض، بعد استشارة لجنة للقبول، إلا للمتنافسين الذين يتوفرون على المؤهلات الكافية لاسيما من الناحية التقنية والمالية.
كما يمكن أن يكون طلب العروض ” بتخفيض أو زيادة ” أو ” بعروض أثمان ” وفي هاته الحالة يوقع المتنافسون التزاما بإنجاز الأشغال أو الخدمات أو تسليم التوريدات التي يقدر صاحب المشروع ثمنها عن طريق تخفيض (أو زيادة) يعبر عنها بنسبة مئوية.
علما أن ملفات طلبات العروض ” بعروض أثمان “، لا تبين للمتنافسين إلا طبيعة وأهمية الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي يتولى المتنافسون اقتراح أثمانها، وحصر مبلغها النهائي في عروضهم.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الأنظمة القانونية العالمية استقرت على أن المناقصة والمزايدة هما طريقتان أساسيتان لإبرام العقود الإدارية، وفي كلتا الطريقتين فإن الإدارة تلتزم باختيار أفضل من يتقدمون للتعاقد معها سواء من الناحية المالية أو من ناحية الخدمة المطلوبة.
فأسلوب المزايدة تلجأ إليه الإدارة العمومية عندما تريد أن تبيع أو تؤجر شيئا من أملاكها، في حين تستعمل المناقصة عندما تريد الحصول على توريدات، فتلتزم الإدارة في الحالة الأولى باختيار الطرف المتعاقد الذي يقدم أعلى ثمن ممكن، مثل : قيام جماعة حضرية أو قروية بمزايدة لكراء موقف للسيارات أو كراء سوق أسبوعي … إلخ.
أما في الحالة الثانية، فإن الإدارة تلتزم باختيار الطرف المتعاقد الذي يقدم العرض الأقل ثمنا.
وفي هذا الصدد، يخضع طلب العروض المفتوح أو المحدود للمبادئ التالية :
دعوة إلى المنافسة؛
فتح الأظرفة في جلسة عمومية؛
) فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض؛
اختيار العرض الأكثر أفضلية من طرف لجنة طلب العروض الواجب اقتراحه على صاحب المشروع؛
) وجوب قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الثمن التقديري المنصوص عليه في المادة 5 من مرسوم الصفقات العمومية إلى أعضاء لجنة طلب العروض[3].
وللإلمام أكثر بهذا الجانب من الموضوع سنتعرض بصفة خاصة إلى طلب العروض المحدود (أولا)، قبل أن نعرج على طلب العروض بالانتقاء المسبق (ثانيا).
أولا – طلب العروض المحدود :
قنن المشرع طلبات العروض المحدودة، إذ لا يجوز إبرامها إلا بالنسبة للأعمال التي لا يمكن تنفيذها من طرف جميع المقاولين أو الموردين أو الخدماتيين، اعتبارا لطبيعتها وخصوصيتها ولأهمية الكفاءات والموارد الواجب تسخيرها، والوسائل والمعدات التي يتعين استعمالها، مع وجوب أن يقل مبلغ هذه الأعمال أو يساوي مليوني درهم باحتساب الرسوم.
كما يجب على صاحب المشروع أن يستشير ثلاثة متنافسين على الأقل بوسعهم الاستجابة على أحسن وجه للحاجات المراد تلبيتها[4].
هذا علما بأن اللجوء إلى طلب العروض المحدود يستوجب إعداد شهادة إدارية من طرف السلطة المختصة أو من طرف الآمر بالصرف المساعد توضح الأسباب التي أدت إلى اختيار هذه المسطرة.
ويمكن لكل متنافس أن يطلب من صاحب المشروع، بواسطة مراسلة محمولة أو مضمونة مع إشعار بالتسلم أو بفاكس مؤكد أو بطريقة إلكترونية، أن يقدم إليه توضيحات أو معلومات تتعلق بطلب العروض أو بالوثائق المرتبطة به. ولا يجوز قبول هذا الطلب إلا إذا توصل به صاحب المشروع سبعة أيام على الأقل قبل التاريخ المحدد لجلسة فتح الأظرفة، وفي هذه الحالة، يتعين على صاحب المشروع أن يجيب على كل طلب معلومات أو توضيحات يتوصل به داخل الأجل المقرر أعلاه.
ثانيا – طلب العروض بالانتقاء المسبق :
يمكن إبرام صفقات بناء على طلب عروض بالانتقاء المسبق عندما تتطلب الأعمال موضوع الصفقة، بحكم تعقدها أو طبيعتها الخاصة، القيام بانتقاء مسبق للمتنافسين في مرحلة أولى قبل دعوة المقبولين منهم لإيداع عروض في مرحلة ثانية.
ويخضع طلب العروض بالانتقاء المسبق للمبادئ التالية
أ) دعوة إلى المنافسة؛
ب) فتح الأظرفة في جلسة عمومية؛
ج) فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض بالانتقاء المسبق؛
د) اختيار العرض الأكثر أفضلية من طرف لجنة طلب العروض بالانتقاء المسبق؛
ه) وجوب قيام صاحب المشروع الذي يجري طلب العروض بالانتقاء المسبق بتبليغ الثمن التقديري المنصوص عليه في المادة 5 من مرسوم الصفقات العمومية إلى أعضاء لجنة طلب العروض بالانتقاء المسبق[5].
هذا علما بأنه يتعين أن يكون كل طلب عروض بالانتقاء المسبق موضوع نظام استشارة يعده صاحب المشروع قبل الشروع في المسطرة يبين فيه بالخصوص ما يلي :
1) بالنسبة لمرحلة الانتقاء :
لائحة الوثائق التي يجب أن يدلي بها المتنافسون طبقا لمقتضيات المادة 50 من مرسوم الصفقات العمومية؛
مقاييس الانتقاء المسبق للمتنافسين. وتختلف هذه المقاييس بحسب طبيعة الأعمال المراد إنجازها. ويمكن أن تأخذ هذه بعين الاعتبار على وجه الخصوص الضمانات والمؤهلات القانونية والتقنية والمالية ؛ بالإضافة إلى المراجع المهنية للمتنافسين، عند الاقتضاء.
ويتم تقييم هذه المقاييس بالرجوع إلى العناصر والوثائق المضمنة في الملف الإداري والتقني والإضافي. 2) بالنسبة لمرحلة تقييم العروض :
في هاته المرحلة يتعين على صاحب المشروع إعداد :
لائحة الوثائق التي يجب على المتنافس المقبول تقديمها طبقا لمقتضيات المادة 50 من مرسوم الصفقات العمومية؛
مقاييس تقييم عروض المتنافسين وإسناد الصفقة والتي يجب أن تكون موضوعية وغير تمييزية، كما يجب أن تكون ذات صلة مباشرة بموضوع الصفقة المـراد إبرامها ومتناسبة مع محتوى الأعمال.
ويمكن إرفاق مقاييس تقييم عروض المتنافسين المبينة أعلاه بمعاملات ترجيح. إلا أنه لا يمكن أن يكون الترجيح، بأي حال من الأحوال، وسيلة للحد من المنافسة. هذا علما بأن مقاييس تقييم عروض المتنافسين وإسناد الصفقة تختلف بحسب طبيعة الأعمال المراد إنجازها. الفقرة الثانية : المباراة
تتيح مسطرة المباراة لصاحب المشروع، بعد استشارة لجنة المباراة، اختيار تصور لمشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به معا، وتتبع ومراقبة إنجازه.
وفي هذا الصدد، سنتطرق لخصائص المباراة (أولا)، وعناصرها (ثانيا)، قبل دراسة نظامها (ثالثا).
أولا – خصائص المباراة :
تمكن المباراة من إجراء تنافس بين مرشحين، على أساس برنامج، من أجل إنجاز عمل يستوجب أبحاثا خاصة ذات طابع تقني أو جمالي أو مالي.
ويمكن للأعمال التي تكون موضوع مباراة أن تهم، على وجه الخصوص، المجالات المتعلقة بتهيئة التراب الوطني، وبالتعمير، أو بالهندسة، تصور وإنجاز.
وفي هذا الإطار، تنظم المباراة على أساس برنامج يعده صاحب المشروع.
وتتضمن المباراة دعوة عمومية للمنافسة، هذا ويمكن للمتنافسين الذين يرغبون في المشاركة إيداع طلب القبول. إلا أن إيداع المشاريع يقتصر على المتنافسين المقبولين من طرف لجنة المباراة إثر جلسة القبول طبقا للشروط المحددة في المادة 71 من مرسوم الصفقات العمومية.
وتبعا لذلك، تقوم لجنة المباراة بفحص وترتيب المشاريع التي اقترحها المتنافسون المقبولون، إلا أنه يتعين وجوبا فتح الأظرفة في جلسة عمومية.
ثانيا – عناصر برنامج المباراة :
يبين برنامج المباراة الحاجيات والمحتويات التوقعية التي يتعين أن يستجيب لها العمل، ويحدد المبلغ الأقصى للنفقة المتوقعة لتنفيذ العمل ؛ كما يبين أيضا العناصر التالية :
الإعلان عن الهدف المتوخى من المباراة وعرض الجوانب الرئيسية التي يجب اعتبارها؛
تحديد مكونات المشروع ومحتواه؛
واتساقا مع ذلك، يجب أن ينص البرنامج على منح جوائز إلى الخمسة مشاريع الأحسن ترتيبا من بين المشاريع المقبولة. هذا مع تحديد مبالغ هذه الجوائز، ومصير المشاريع الحاصلة على جائزة، هل ستصبح جزئيا أو كليا ملكا لصاحب المشروع ؟ كما يتم خصم مبلغ الجائزة الممنوحة لنائل الصفقة، ويطبق هذا المقتضى أيضا على نائل صفقة “تصور وإنجاز “.
ثالثا – نظام برنامج المباراة :
تكون المباراة موضوع نظام مباراة يعده صاحب المشروع، ويبين خصوصا ما يلي :
لائحة المستندات التي يتعين على المتنافسين تقديمها طبقا للمادة 50 من مرسوم الصفقات العمومية؛
مقاييس انتقاء المتنافسين التي تأخذ بعين الاعتبار على وجه الخصوص الضمانات والمؤهلات القانونية والتقنية والمالية، وكذلك المراجع المهنية للمتنافسين، عند الاقتضاء.
ويتم تقييم هذه المقاييس حسب العناصر والوثائق المضمنة في الملف الإداري والتقني والإضافي عند الاقتضاء؛
مقاييس التقييم وترتيب المشاريع.
أما عندما تتعلق المباراة بتصور مشروع فقط فإن مقاييس تقييم المشروع تهم على الخصوص ما يلي :
التكلفة المتوقعة للمشروع، الطابع الابتكاري، درجة نقل الكفاءات، الجودة الجمالية والوظيفية، النجاعة المتعلقة بالمحافظة على البيئة وتنمية الطاقات النظيفة.
أما عندما تتعلق المباراة بتصور مشروع وإنجاز الدراسة المتعلقة به و/ أو تتبع أو مراقبة إنجاز هذا المشروع أو بصفقة بتصور وإنجاز ؛ فإن مقاييس تقييم المشاريع والعروض تهم خصوصا ما يلي :
التكلفة المتوقعة للمشروع، المنهجية المقترحة، الموارد البشرية والمعدات الواجب تسخيرها للعمل المزمع انجازه، البرنامج الزمني لرصد الموارد البشرية، الطابع الابتكاري للمشروع، جودة المواكبة التقنية، درجة نقل الكفاءات، الضمانات المقدمة، جدول الإنجاز المقترح، التجربة الخاصة وتخصص المستخدمين بالنسبة لطبيعة الأعمال، الجودة الجمالية والوظيفية، تنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية.
هذا علما بأن نظام المباراة يستوجب الحصول على نقطة تقنية دنيا إجمالية للقبول، وعند الحاجة بالنسبة لكل مقياس. ويجب أن تكون المقاييس المختارة من طرف صاحب المشروع موضوعية وغير تمييزية وذات صلة مباشرة بموضوع المباراة.
كما يتعين على صاحب المشروع أن يوقع نظام المباراة قبل طرح مسطرة إبرام الصفقة[6].
المطلب الثاني : الطلبات العمومية المختلفة
بحثا عن ضرورة ملائمة وتنميط مسار الاقتناء العمومي بالنسبة لجميع الفاعلين، وخصوصا بالنسبة للمقاولات المرشحة للطلبيات العمومية، اعتمد الإصلاح مرسوما موحدا لصفقات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات المحلية ومجموعاتها.
وفي هذا السياق، ونظرا لأهمية وخصوصية الطلبات العمومية سنتعرض في هذا المطلب للصفقات التفاوضية، وصفقات أعمال الهندسة المعمارية وصفقات الدراسات (الفقرة الأولى)، قبل أن نعرج على سندات الطلب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الصفقات
أخد الإصلاح الجديد بعين الاعتبار الخصوصيات المرتبطة بمختلف المؤسسات العمومية، رغم حرص المشرع على تدعيم مبدأ وحدة الأنظمة في مجال الصفقات العمومية.
وعليه، سنتطرق في هاته الفقرة بالدراسة للصفقات التفاوضية (أولا)، وصفقات أعمال الهندسة المعمارية (ثانيا)، ثم صفقات الدراسات (ثالثا).
أولا – صفقات التفاوضية :
تعد الصفقات التفاوضية قاعدة استثنائية لإبرام وعقد مختلف أشكال الصفقات العمومية، إذ لا يمكن اعتمادها إلا في حالات محددة.
ويتميز أسلوب التفاوض باختصار الإجراءات الطويلة التي تستغرقها غالبا مختلف أنواع الصفقات. كما تتيح المسطرة التفاوضية لصاحب المشروع إجراء مفاوضات حول شروط الصفقة مع متنافس أو عدة متنافسين طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل الثالث من الباب الرابع من مرسوم الصفقات العمومية.
أ) خصائص الصفقات التفاوضية :
الصفقة التفاوضية هي طريقة لإبرام الصفقات العمومية تختار بموجبها، لجنة تفاوض، نائلا للصفقة بعد استشارة متنافس أو أكثر للتفاوض بشأن شروط الصفقة.
وتتعلق هذه المفاوضات على الخصوص بالثمن وأجل التنفيذ أو تاريخ الانتهاء أو التسليم وشروط إنجاز وتسليم العمل. إلا أنه لا يمكن أن تخص هذه المفاوضات موضوع الصفقة ومحتواها.
وفي هذا الجانب، تعين لجنة التفاوض من طرف السلطة المختصة أو الآمر بالصرف المساعد، وتتكون من رئيس وممثلين عن صاحب المشروع. كما يمكن لصاحب المشروع استدعاء أي شخص آخر خبيرا أو تقنيا، تعتبر مساهمته مفيدة لأشغال اللجنة.
هذا وتبرم الصفقة التفاوضية حسب الحالة إما بإشهار مسبق وبعد إجراء منافسة أو بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة.
وتبعا لذلك، يجب على كل مرشح لنيل صفقة تفاوضية أن يقدم في بداية المسطرة ملفا إداريا، وملفا تقنيا، وملفا إضافيا عند الاقتضاء يضم مجموع المستندات المنصوص عليها في المادة 25 مرسوم الصفقات العمومية.
علما بأنه يستوجب لإبرام صفقة تفاوضية من طرف السلطة المختصة أو من طرف الآمر بالصرف المساعد إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على الشكل المذكور، وتوضح بوجه خاص الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة.
هذا باستثناء الحالة المشار إليها في الفقرة 2 من البند الثاني من المادة 86 من مرسوم الصفقات العمومية، والتي تتعلق بالأعمال التي تقتضيها حاجيات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها.
ويمكن للسلطة المختصة أو الآمر بالصرف المساعد، دون تحمل أية مسؤولية عن هذا الفعل اتجاه المتنافسين، أن ينهي المسطرة في أي وقت بمقرر معد وموقع من طرفها، مع وجوب الاحتفاظ بالمقرر في ملف الصفقة.
ب) حالات اللجوء إلى المسطرة التفاوضية :
تكون المسطرة التفاوضية بإشهار مسبق يدعو إلى المنافسة ينشر على الأقل في جريدة ذات توزيع وطني يختارها صاحب المشروع وفي بوابة الصفقات العمومية. ويمكن تبليغ هذا الإعلان بشكل مواز إلى علم المتنافسين المحتملين، وعند الاقتضاء، إلى الهيئات المهنية، بواسطة نشرات متخصصة أو بأية وسيلة إشهار أخرى، ولاسيما الإلكترونية منها.
ولا يجوز إبرام صفقات تفاوضية إلا في الحالات التالية :
يمكن أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق وإجراء منافسة الأعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب عروض تم إعلانها عديمة الجدوى وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 42 و61 من مرسوم الصفقات العمومية ؛ وفي هذه الحالة، يجب ألا يطرأ أي تغيير على الشروط الأصلية للصفقة وألا تزيد المدة الفاصلة بين تاريخ التصريح بعدم جدوى المسطرة وتاريخ نشر إعلان الصفقة التفاوضية عن واحد وعشرين يوما؛
الأعمال التي يعهد صاحب المشروع بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة الأصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة.
وفي ضوء ما سبق بيانه، يمكن كذلك أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة:
الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها لصاحب أعمال معين اعتبارا لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة؛
الأعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو الأمن العام الحفاظ على سريتها. ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعنية؛
الأعمال التي يجب إنجازها في حالة الاستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع، وغير ناتجة عن عمل منه، والتي لا تتلاءم مع الآجال التي يستلزمها إشهار وإجراء منافسة مسبقين، لكون موضوع هذه الأعمال على الخصوص جاء لمواجهة خصاص أو حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات أو مد بحري أو جفاف أو وباء أو جائحة أو وباء حيواني أو أمراض نباتية مدمرة أو اجتياح الجراد أو حرائق أو بنايات أو منشآت مهددة بالانهيار أو حدث يهدد صحة المستهلك أو الثورة الحيوانية أو الطبيعية[7]؛
الأعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سلامة السير الطرقي أو الملاحة الجوية أو البحرية، والتي يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروط الصفقة طبقا للشروط المقررة في البند ” ب ” من المادة 87 من مرسوم الصفقات العمومية؛
الأشياء التي يختص بصنعها حصريا حاملو براءات الاختراع؛
الأعمال المتعلقة بتنظيم الحفلات أو الزيارات الرسمية والتي تكتسي صبغة استعجاليه وغير متوقعة، وغير المتلائمة مع الآجال اللازمة للإشهار وإجراء المنافسة المسبقين.
الأعمال الإضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد خدماتي سبق أن أسندت إليه صفقة إذا كان من المفيد، بالنظر لأجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ، عدم إدخال مقاول أو مورد أو خدماتي جديد، وعندما يتبين أن هذه الأعمال غير المتوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية مكملة لها ؛ على أساس أن لا تتجاوز نسبة عشرة في المائة من مبلغها.
أما فيما يتعلق بالأشغال، فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها على معدات منصبة أو تم استعمالها من طرف المقاول في عين المكان، وتبرم هذه الصفقات على شكل عقود ملحقة بالصفقات الأصلية المرتبطة بها.
ثانيا – صفقات أعمال الهندسة المعمارية :
تبرم العقود المتعلقة بأعمال الهندسة المعمارية عن طريق الاستشارة المعمارية أو المباراة المعمارية أو الاستشارة المعمارية التفاوضية.
ويحدد عقد المهندس المعماري المقتضيات الإدارية والتقنية والمالية المطبقة على العمل المراد تنفيذه، بما في ذلك تفصيل أتعاب المهندس المعماري وكيفيات أداءها، كما يحدد عتبة التسامح بالنسبة للتقدير الموجز الذي كان أساس إسناد العقد، وكذا التبعات التي قد يتحملها المهندس المعماري إذا تم تجاوز هذا الحد.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستشارة المعمارية تمكن صاحب المشروع من اختيار المهندس المعماري الذي قدم العرض الأكثر أفضلية، بعد إجراء تباري مفتوح في وجه جميع المهندسين المعماريين على أساس برنامج للاستشارة المعمارية ؛ وبعد استطلاع رأي اللجنة المكلفة بذلك.
علما أنه يتم اللجوء إلى الاستشارة المعمارية بالنسبة للمشاريع التي تقل الميزانية الإجمالية المتوقعة للأشغال المرتبطة بها عن عشرين مليون درهم دون احتساب الرسوم.
ويعتبر اللجوء إلى المباراة[8] إجباريا بالنسبة لعقود أعمال الهندسة المعمارية التي تعادل أو تفوق ميزانيتها الإجمالية المتوقعة للأشغال المتعلقة بالمشروع عشرون مليون درهم دون احتساب الرسوم ؛ إلا أنه يمكن لصاحب المشروع اللجوء إلى هذه المسطرة حتى بالنسبة للمشاريع التي يقل مبلغها عن هذا الحد.
وفي هذا السياق، تتيح المسطرة التفاوضية لصاحب المشروع التفاوض بشأن شروط العقد مع مهندس أو عدة مهندسين معماريين ضمن الشروط المبينة في الباب الخامس من مرسوم الصفقات العمومية.
هذا علما بأنه يمكن اللجوء للاستشارة المعمارية التفاوضية[9] والتي تتعلق على الخصوص بالأتعاب والآجال وشروط تنفيذ العمل، على اعتبار أن هذه المفاوضات لا يمكن أن تخص الموضوع والبرنامج المعد من طرف صاحب المشروع.
تأسيسا على ما سلف، لا يجوز إبرام عقود أعمال الهندسة المعمارية وفق المسطرة التفاوضية إلا في الحالات المنصوص عليها في البند الثاني من المادة 129 من مرسوم الصفقات العمومية.
ثالثا – صفقات الدراسات :
يجوز لصاحب المشروع اللجوء إلى صفقات الدراسات عندما يتعذر عليه القيام اعتمادا على وسائله الخاصة بالدراسات اللازمة.
ويجب أن تكون هذه الصفقات محددة بكل دقة من حيث موضوعها ومداها ومدة تنفيذها حتى يتسنى إجراء منافسة بين أصحاب الأعمال.
ويمكن أن تضم صفقات الدراسات مرحلة أولية تسمى مرحلة ” التعريف ” لأجل تحديد الأهداف والفعالية المرجو بلوغهما أو التقنيات التي يجب استعمالها أو الوسائل البشرية والمادية التي يجب توفيرها.
كما يمكن أن تنص هذه الصفقات على إمكانية توقيف الدراسة إما بعد انصرام أجل معين أو عندما يصل مبلغ النفقات حدا معينا.
وإذا كانت طبيعة وأهمية الدراسة تبرران ذلك، تقسم الدراسة إلى عدة مراحل، لكل مرحلة ثمن وفي هذه الحالة يمكن أن تنص الصفقة على توقيف تنفيذها عند انتهاء كل مرحلة من هذه المراحل.
ويتصرف صاحب المشروع في نتائج الدراسة حسبما تقتضيه حاجاته الخاصة، وحاجات الجماعات والهيئات المشار إليها في الصفقة.
هذا وتكون حقوق الملكية الصناعية التي قد تنشأ بمناسبة الدراسة أو خلالها مكسبا لصاحبها الدراسة، ما عدا إذا احتفظ صاحب المشروع لنفسه بهذه الحقوق كليا أو جزئيا بموجب أحد شروط الصفقة.
الفقرة الثانية : سندات الطلب
يمكن القيام بناء على سندات طلب، باقتناء توريدات وبإنجاز أشغال أو خدمات، وذلك في حدود مائتي ألف درهم مع احتساب الرسوم.
وفي هذا المضمار، يراعى حد مائتي ألف درهم المشار إليه أعلاه في إطار سنة مالية واحدة، وحسب نوع الميزانية، مع اعتبار كل آمر بالصرف أو آمر بالصرف مساعد وحسب أعمال من نفس النوع.
ويتم التنصيص على قائمة الأعمال التي يمكن أن تكون موضوع سندات الطلب بالملحق رقم 4 من مرسوم الصفقات العمومية[10].
هذا وتحدد سندات الطلب مواصفات ومحتوى الأعمال المراد تلبيتها ؛ وعند الاقتضاء أجل التنفيذ أو تاريخ التسليم وشروط الضمان.
كما أن الأعمال الواجب إنجازها بسندات الطلب يجب أن تكون موضوع منافسة مسبقة، ما عدا في الحالات التي يستحيل فيها اللجوء إليها أو كانت غير متلائمة مع العمل. لهذه الغاية على صاحب المشروع أن يستشير كتابة ثلاث متنافسين على الأقل، وأن يقدم كذلك ثلاثـة بيانات مختلفة للأثمان على الأقل مقدمة من طرف المتنافسين المعنيين، ما عدا في حالة الاستحالة أو عدم الملاءمة.
علما أنه في حالة عدم ملاءمة إجراء منافسة أو استحالة تقديم ثلاثة بيانات للأثمان يعد الآمر بالصرف أو الآمر بالصرف المساعد أو الشخص المؤهل، عند الاقتضاء، مذكرة تبرر هذه الاستحالة أو عدم التطابق.
واتساقا مع ذلك، وبصفة استثنائية ومراعاة لخصوصيات بعض القطاعات الوزارية، يمكن لرئيس الحكومة أن يأذن فيما يتعلق ببعض الأعمال برفع حد مائتي ألف درهم مع احتساب الرسوم بموجب مقرر يتخذه بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات وتأشيرة الوزير المكلف بالمالية، وذلك دون تجاوز خمس مائة ألف درهم مع احتساب الرسوم.
أما بالنسبة للمؤسسات العمومية، فيمكن رفع حد مائتي ألف درهم مع احتساب الرسوم بموجب مقرر لمدير المؤسسة العمومية يتخذه بعد موافقة مجلس الإدارة وتأشيرة الوزيرالمكلف بالمالية، وذلك دون تجاوز خمس مائة ألف درهم مع احتساب الرسوم.
خاتمة :
حدد المشرع مختلف الإجراءات التي يجب اتباعها، والمبادئ التي يجب مراعاتها في مجال الصفقات العمومية عبر مختلف مراحلها، انطلاقا من مرحلة تحضير الصفقة إلى غاية الانتهاء من تنفيذها. وأهم هذه المراحل بالنسبة لموضوع الصفقات العمومية هي مرحلة إبرام الصفقة العمومية وكيفية اختيار المتعامل المتعاقد. نظرا لكون معظم القضايا المطروحة في ساحة القضاء تتعلق بهذه المرحلة، وما يمكن أن يقوم به الموظفون العموميون المكلفون بإبرام الصفقة من تجاوزات ومخالفات يعاقب عليها القانون.
كما أحاط القانون عملية إبرام وعقد الصفقات العمومية بالعديد من القيود والإجراءات، وذلك بغرض حماية المال العام، وضمان مبدأ المساواة بين المتعاملين قصد تمكين الإدارة من اختيار أفضل المتقدمين للتعاقد معه.
على أساس ما سبق، وبالنظر إلى التنظيمات التي مر بها قانون الصفقات العمومية بالمغرب يمكن القول بأنه عرف الكثير من التطورات حسب التغيرات التي كانت تعرفها البلاد، على اعتبار أن الصفقات العمومية تعد رافعة إستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكونا أساسيا داخل النشاط الاقتصادي الوطني.
الهوامش
[1] – منشور بالجريدة الرسمية (النشرة العامة) عدد 6140 بتاريخ 04 أبريل 2013، صفحة 3023.
[2] – قانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.195 بتاريخ 11 نوفمبر 2003، الجريدة الرسمية (النشرة العامة) عدد 5170 بتاريخ 18 ديسمبر 2003، صفحة 4240.
[3] – يجب أن يتم هذا التبليغ طبق الشروط الواردة في المادة 36 منه.
[4] – نظام الاستشارة هو وثيقة تحدد شروط تقديم العروض وكيفيات إسناد الصفقات.
[5] – يجب أن يتم هذا التبليغ طبق الشروط الواردة في المادة 61 من مرسوم الصفقات العمومية.
[6] – يأخذ هذا التوقيع شكل توقيع منسوخ رقميا أو توقيع إلكتروني فيما يخص نظام المباراة المنشور على بوابة الصفقات العمومية.
[7] – يجب أن تقتصر الصفقات المطابقة لهذه الأعمال حصريا على الحاجيات الضرورية لمواجهة حالة الاستعجال.
[8] – المباراة المعمارية هي مسطرة يتنافس فيها مهندسون معماريون.
[9] – الاستشارة المعمارية التفاوضية طريقة من طرق التعاقد تختار بموجبها لجنة التفاوض نائل العقد بعد استشارة متنافس أو أكثر والتفاوض بشأن شروط العقد.
[10] – يجوز تغيير أو تتميم هذه اللائحة بقرار للوزير المكلف بالمالية باقتراح من الوزير المعني بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات.
إعداد:ذة/صوفيا بومنينة