أبعاد الحماية القانونية للملكية العقارية ونزع الملكية لأجل المنفعة العامة.
تكتسي الملكية العقارية أهمية بالغة في التنمية المستدامة في شتّى تجلياتها، باعتبارها الأرضية الأساسية التي تنبني عليها السياسات العمومية للدولة في مختلف المجالات الاقتصادية, الاجتماعية, الثقافية ,البيئية وغيرها … وذلك من خلال توفير الوعاء العقاري اللازم لإنجاز البنيات التحتية والمرافق العمومية وتوفير السكن المتنوع, الذي يستجيب لحاجيات مختلف الشرائح الاجتماعية . ومن المسلّم به أن الملكية العقارية مقدسة في جميع الشرائع الوضعية، فبالعودة للتشريع المغربي نجده قد نص في الفصل 15 من دستور 1996 على أن حق الملكية وحرية المبادرة مضمونان وللقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت لذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، أما دستور2011 فنجده لم يَحيد عن نهج النص القديم, حيث نص بدوره في الفصل 35 على ضمان حق الملكية وتجريم المس بها أو من حدودها أو نطاقها إلا بمقتضى القانون.
من هنا أمكن معالجة موضوع نزع المليكة عبر بسط الإطار القانوني المنظم لهذا الحق من خلال مقتضيات القانون 81-7 من جهة ثم مختلف الإجراءات المسطرية الواجب إعمالها من جهة ثانية.
المحور الأول: المقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة من خلال القانون رقم 81-7.
في إطار الحماية القانونية التي بذلها المشرع المغربي لحق الملكية وحمايته من المضاربات العقارية والتطاول، نجد أنه قد عمل على إحاطته بمجموعة من الضمانات القانونية، والمتمثلة بالأساس في تقيده بالمنفعة العامة. وذلك بصريح الفصل الأول من القانون 81-7 الذي نص فيه على ” أن نزع ملكية العقارات أوبعضها أو ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم بها إلا إذا أعلنت المنفعة العامة “. فماذا نعني بالمنفعة العامة إذا؟
لم يعرف المشرع المغربي المقصود بالمنفعة العامة, وعليه يمكن القول على أن مفهوم المنفعة العامة يرمي لمصلحة الجماعة في تكوين الأرصدة العقارية الممكنة من إقامة المشاريع الاقتصادية بما فيها الصناعية, الفلاحية والتجارية بالإضافة إلى باقي الأوراش كالورش السياحي, وكذا المشاريع الاجتماعية خاصة لتوفير السكن اللائق المنصوص عليه في الفصل 31 من الدستور بمختلف أشكاله.
فبالرجوع لاستقراء نصوص القانون 81-7 نجده قد جاء ليسد تلك الثغرات التي كانت تعتري القانون السابق على مستوى نزع الملكية التي تعتبر إحدى الطريقتين اللتان تلجأ إليهما مؤسسات الدولة للحصول على الأوعية العقارية إلى جانب الإقتناءات بالتراضي المنظمة حسب القرار رقم 209 الصادر عن الوزير الأول أنداك في 26 ماي 1976.
فماهي إذا الإجراءات المسطرية لنزع الملكية للمنفعة العامة؟
المحور الثاني: مسطرة نزع الملكية للمنفعة العامة.
تمر مسطرة نزع الملكية حسب القانون المنظم من مرحلتين وجوبا تبتدأ بالمرحلة الإدارية وتخلص للمرحلة القضائية والنهائية وما يهمنا هنا هي المرحلة الإدارية لأهميتها وتعدد إجراءاتها.
المرحلة الإدارية لنزع الملكية.
هي مرحلة أولية يتم فيها اتخاذ جملة من الإجراءات الإدارية وهي كالآتي:
أ) إعلان نزع الملكية:
فيه يجب أن يعلن نازع الملكية أمام القضاء الإداري وتحديدا بالمحكمة الإدارية التي يقع العقار المراد نزع ملكيته تحت دائرة نفوذها هذا الإجراء الأولي , ونازع الملكية قد يكون حسب الفصل 3 “الدولة والجماعات المحلية, والأشخاص المعنويين الآخرين الجاري عليهم أحكام القانون العام أو الخاص, أو الأشخاص الطبيعيين الذين تفوض إليهم السلطة العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أنها ذات منفعة عامة”.
بالتالي يكون المشرع العقاري قد حسم في الجهات المخول لها قانونا القيام بإجراء نزع الملكية للمنفعة العامة, وإن اتسمت هذه الجهات بالتعدد إلاّ أن الأمر جاء على سبيل الحصر.
ب) إعلان المنفعة العامة:
كما سبق على أن المشرع المغربي لم يوضح المقصود بالمنفعة العامة على عكس التشريع الجزائري في الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون 91-11 الذي عرف المنفعة العامة عبر ربطها بتنفيذ عمليات نظامية من قبيل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط وأيضا إنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت وأعمال كبرى ذات منفعة عمومية.
هذا وإن اعتبر المشرع المغربي المنفعة العمومية حدّا من الحدود القانونية للملكية العقارية يمكن بواسطتها وضع اليد على الملكية الخاصة كلما اقضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
ولا يوجد في القانون 81-7 ما يحدد الجهة التي من شأنها إعلان المنفعة العامة، فقد اكتفى الفصل الأول بالإشارة إلى أنه تعلن المنفعة العامة بمقرر إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها.
لهذا قد جاء المرسوم التطبيقي ينص في فصله الأول على أنه يعلن عن المنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر أي المعني بالقطاع.
ج) مقرر التخلي:
يعد مقرر التخلي أحد أهم إجراءات المسطرة الإدارية لنزع الملكية, حيث يمكن إيداعه مستقل كما يمكن إيداعه مزامنة مع مقرر المنفعة العامة, حيث يعتبر مقرر التخلي في هذه الحالة قد تم, على أن لا يتجاوز أجل إيداعه سنتين تبتدأ من تاريخ نشر الإعلان القاضي بالمنفعة العامة في الجريدة الرسمية (الفصل 7).
د) إشهار مقرري المنفعة العامة والتخلي:
نص الفصل 8 من القانون المنظم على أنه ” تتخذ بشأن المقرر القاضي بالمنفعة العامة تدابير الإشهار التالية:
– نشر المقرر بكامله في الجريدة الرسمية, ونشر الإعلان بشأنه في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية.
– تعليق نصه الكامل بمكاتب الجماعة التي تقع فيها المنطقة المقرر نزع ملكيتها.
كما نجد الفصل 12 ينص على ضرورة إيداع مقرر التخلي بالمحافظة العقارية الواقع العقار تحت دائرة نفوذها الترابي.
بالتالي فإن كل من مقرر التخلي ومقرر المنفعة العامة يخضعان لنفس عملية الإشهار.
عموما فقد أضحى قيد نزع الملكية لأجل المنفعة العامة من أشد القيود وأخطرها على الملكية مما حدا بالتشريع المغربي إحاطة هذه المسطرة بمجموعة من الضمانات والتي تخلص إلى الحكم بنقل الملكية وتحديد مبلغ التعويض والإستعانة بالخبرة في ذلك إن تطلب الأمر ذلك.
إلاّ أنه على الرغم من صلابة النص القانوني المنظم لنزع الملكية, فإنه تعتريه مجموعة من النقائص أبرزها غياب أي نص صريح يوقع الجزاء الإداري في حالة مخالفة الإجراءات الواجب اتبعاها, فمن المفروض القضاء ببطلان المسطرة والحالة هذه, إضافة إلى عدم تحديد مفهوم المنفعة العامة مما يجعل منه منفذا للنهب والتطاول الغير قانوني على الملكية الخاصة والمضاربات العقارية.
لائحة المراجع المعتمدة:
*القانون 81-7 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
*القرار الوزيري رقم 209 الصادر في 26 ماي 1976.
*القانون الجزائري 91-11 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العمومية.
*المرسوم التطبيقي رقم 2.82.382 الصادر في رجب 1403 لـــ 16 أبريل 1983.
.blogspot.com