إعادة هيكلة البرامج الإجتماعية بالمغرب
الملك يوجه الحكومة إلى تسريع إخراج “السجل الاجتماعي الموحد” للوجود وتصحيح اختلالات الدعم العمومي
أفرد الخطاب الملكي لمناسبة عيد العرش حيزا مهما لمشروع النموذج التنموي الجديد، وإعادة النظر في البرامج الاجتماعية، إذ لم يخف الملك محمد السادس انشغاله بهذا الجانب، وتأكيده على مشروعية انتظارات المواطنين، معترفا بوجود نواقص رغم المنجزات المحققة في المجال الاجتماعي، تتطلب العمل بحزم خلال الفترة المقبلة، من أجل تحديد نقط الضعف ومعالجتها في هذا الشأن.
وذكر الملك في خطابه بأن حجم الخصاص الاجتماعي، وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، من أهم الأسباب التي دفعت إلى دعوة جلالته، في خطاب افتتاح البرلمان، إلى تجديد النموذج التنموي الوطني، موضحا أنه ليس من المنطقي وجود أكثر من مائة برنامج للدعم والحماية الاجتماعية من مختلف الأحجام، ترصد لها عشرات المليارات من الدراهم، مشتتة بين العديد من القطاعات الوزارية، والمتدخلين العموميين.
وأشار الخطاب إلى أن البرامج المذكورة تعاني التداخل و ضعف التناسق فيما بينها، وعدم قدرتها على استهداف الفئات التي تستحقها، متسائلا عن مدى استجابة أي برنامج للدعم والحماية الاجتماعية بفعالية، لحاجيات المواطنين، وإتاحة الفرصة لتلمس أثرها، مشيرا إلى المبادرة الجديدة لإحداث “السجل الاجتماعي الموحد”، التي اعتبرها بداية واعدة، لتحسين مردودية البرامج الاجتماعية، تدريجيا وعلى المدى القريب والمتوسط. وهو نظام وطني لتسجيل الأسر، قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، على أن يتم تحديد تلك التي تستحق ذلك فعلا، عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة.
وبهذا الخصوص، مازالت الحكومة، تحديدا وزارة الداخلية، في مرحلة أجرأة وتنفيذ مشروع “السجل الاجتماعي الموحد”، إذ تم إطلاق طلب عروض للحصول على خدمات مواكبة من قبل مكاتب دراسة واستشارة متخصصة، ليرسو على “بيد بلفي سي أدفيزوري ماروك” و”برايس واتر هاوس كوبيرز إيند”، لتنفيذ المشروع المذكور، في صفقة بلغت قيمتها مليارا و200 مليون (12 مليون درهم)، فيما حل نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، رفقة وفد خاص إلى الهند، لغاية التعرف على تجربة بشأن إرساء قواعد السجل الاجتماعي، من خلال نظام “aadhaar”، الذي يراهن عليه في عقلنة توجيه الدعم العمومي وضمان استفادة الفئات الفقيرة من المواطنين، خصوصا عبر أنظمة وبرامج مثل صندوق المقاصة ونظام “راميد”، وكذا برنامج “مليون محفظة” و”تيسير”.
ووجه الملك في خطاب العرش دعوة إلى الحكومة وجميع الفاعلين المعنيين، للقيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة، للبرامج والسياسات الوطنية، في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، وكذا رفع اقتراحات بشأن تقييمها، مع الحث على اتخاذ مجموعة من التدابير الاجتماعية المرحلية، في انسجام مع إعادة الهيكلة المخطط لها، موجها الحكومة إلى الانكباب على إعدادها، في أقرب الآجال، وإطلاعه على تقدمها بشكل دوري.
مبادرات مستعجلة
نبه الخطاب الملكي إلى ضرورة التركيز على مجموعة من المبادرات المستعجلة، لغاية ضمان الأثر المباشر والملموس للإصلاح، وذلك من خلال إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي، ابتداء من الدخول الدراسي المقبل، بما في ذلك برنامج “تيسير” للدعم المالي للتمدرس والتعليم الأولي، والنقل المدرسي، وكذا المطاعم المدرسية والداخليات، وذلك من أجل التخفيف من التكاليف التي تتحملها الأسر، إضافة إلى إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خصوصا من خلال تقديم جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل، إلى جانب تصحيح الاختلالات التي يعرفها تنفيذ برنامج التغطية الصحية “راميد”، موازاة مع إعادة النظر في المنظومة الوطنية للصحة، التي تعرف تفاوتات صارخة، وضعفا في التدبير.
إعداد:ذ/بدر الدين عتيقي
مقتطف من assabah.ma