الإطار الناظم للجرائم الماسة بالبيئة
مقدمة
لقد اعتبر التدهور البيئي و لمدة طويلة أثر حتمي للتقدم الصناعي و التكنولوجي، أو أنه نوع من الثمن الذي يجب دفعه مقابل ما تحقق من تقدم، و كان الحديث عن حماية البيئة من هذا التدهور يعد نوعا من الترف، و لم تتفطن البشرية للآثار السلبية للتدهور البيئي إلا مع النصف الثاني من القرن العشرين على إثر مجموعة من الكوارث البيئية التي هزت العالم، الأمر الذي أدى إلى زيادة الاهتمام بشكل متصاعد بالقضايا البيئية و على كافة المستويات، حيث أضحت البيئة أحد الرهانات المعاصرة ذات الارتباط الوثيق بالتنمية و النشاط الاقتصادي.
و في هذا الإطار تعالت الأصوات المنادية بضرورة المحافظة عليها و حمايتها من التدهور، و أصبحت البيئة و ما يصيبها من تدهور موضوعا للدراسات و الأبحاث العلمية و الشغل الشاغل للباحثين و العلماء في مختلف المجالات بهدف الحد من هذا التدهور أو التقليل منه على الأقل، كما حظي موضوع البيئة بالاهتمام أيضا من قبل النظم القانونية المختلفة إن على المستوى العالمي أو على المستوى الوطني،
. و تجلى هذا الاهتمام الدولي بالبيئة في التوجهات الجديدة المتصلة بالعمل على حماية البيئة من خلال تطبيق قانون العقوبات و الذي تبنته دول الاتحاد الأوربي في الوهلة الأولى، ثم تطورت الفكرة ووجدت لها موقعا ضمن أولويات المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة و الذي اصدر مجموعة من التقارير و التوصيات منها ما تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة نذكر منه التقرير الختامي لأعمال مؤتمر ريو +20 المنعقد في البرازيل بتاريخ 12 جوان 2012 و الذي اختار الحكومة و العدالة و تطبيق القانون لتحقيق الاستدامة البيئية ، ومن اهم النقاط التي ركز عليها هذا التقرير الختامي هو الحماية الجنائية للبيئة ، و في هذا الصدد عملت السلطات التشريعية الوطنية على موائمة القانين الداخلية وفقا للمقتضيات و الالتزامات الواقعة على عاتق الدولة ، ومن ثم اصبح الاهتمام بالبناء القانوني للأفعال الموصوفة جرائم بيئية يشكل مرتكزا اساسيا في الحماية الجنائية للبيئة و من ثم يثار التساؤل حول البناء القانوني للجريمة الماسة بالبيئة بين النصوص الجنائية التقليدية و التشريع الجنائي البيئي وهو ما يطرح الاشكالية التالية :
كيف نظم التشريع الجنائي الجرائم الماسة بالبيئة؟ و هل خرج عن النموذج التقليدي في قانون العقوبات؟
هذا ما سنحاول التطرق اليه من خلال هذه الورقة البحثية معتمدين على المنهج الوصفي في وصف الوقائع القانونية و الحقيقية للأفعال المشكلة للجرائم البيئية و مدى تطابقها مع النصوص القانونية النافذة بهدف الوصول الى توصيف شامل وكامل للظاهرة محل الدراسة و هي الجريمة البيئية ، وعلى المنهج التحليلي من اجل تحليل بعض النصوص القانونية ذات الصلة للخروج بإسقاطات قانونية على الوقائع و التصرفات المشكلة لجرائم مكتملة الاركان وفقا لمقتضيات العدالة الجنائية .
خطة الدراسة : من اجل التمكن من الإلمام بإشكالية الدراسة اعتمدنا خطة منهجية قسمت الدراسة الى مبحثين
المبحث الأول : الركن الشرعي و الركن المعنوي في الجرائم الماسة بالبيئة
المبحث الثاني : السلوك الإجرامي و طبيعة علاقة السببية في الجرائم البيئية (الركن المادي )
المبحث الأول : الركن الشرعي في الجرائم الماسة بالبيئة
تعود علة التجريم ضمن أي منهج تشريعي عقابي إلى المحافظة على المصلحة الجوهرية في المجتمع ، فالقانون عندما يجرم فعل القتل فمرد ذلك الاعتراف بالحق في الحياة كقيمة يسعى المجتمع لحمايته ، و عندما يجرم فعل السرقة يكون لعلة الاعتراف بحق الملكية كقيمة من قيم المجتمع ، وهو الأمر نفسه عندما يجرم المشرع الأفعال التي تمس بالبيئة و سلامتها ، ذلك أن البيئة تعتبر مركبا قيميا لا يخرج عن قيم المجتمع التي يسعى إلى الحفاظ عليها [1]، ونظرا لتسارع مظاهر التطور في نماذج الأنشطة الصناعية والتجارية وما ترتبه من آثار ضارة بالبيئة في احد عناصرها الأساسية أو أكثر على نحو يخل بالتوازن البيئي لحياة الإنسان و الكائنات الحية الأخرى ، وهو ما جعل من الحق في بيئة سليمة حقا من حقوق الإنسان أسست له المواثيق و العهود الدولية ، و أدرجته معظم دساتير الدول ضمن الحقوق المحمية دستوريا [2]
وفضلا عن الحماية القانونية المكرسة لحماية التوازن البيئي ابتداء و المنظمة لمختلف النشاطات الصناعية والمنشآت الاقتصادية والتجارية التي تحصى ضمن النشاطات الخطرة و حفاظا على عناصر البيئة من التلوث أو التأثير السلبي عليها ، وعند الحيلولة دون ذلك تتدخل القاعدة الجنائية لتدعيم القواعد غير الجنائية بالجزاء الجنائي عن كل إخلال بالالتزامات الواقعة على الفرد أو المؤسسة تجاه محيطه البيئي ، كما تتحقق الحماية الجنائية للبيئة بصورة مباشرة وفي إطار منهج المشرع في قوانين العقوبات الأصلية على اختلاف مشاربها ، غير أن تطبيقات صور الحماية الجنائية للبيئة في اغلبها تتم بطريق غير مباشر ، حيث ترد هذه الحماية في قوانين حماية البيئة أو القوانين الأخرى ذات الصلة بالنشاط الاقتصادي الصناعي والتجاري……
ومها كان منهج المشرع في حماية البيئة ، فالهدف المنشود فيها لا يكتفي بالمحافظة على البيئة من الإضرار بها ، بل يتسع لتشمل الحماية الجنائية للبيئة التأمين المستند إلى أسس علمية لمختلف المصادر الطبيعية وتطويرها ، فالحماية الجنائية للبيئة لا تقتصر على تجريم الأفعال و المخالفات التي تلحق الضرر الفعلي بالبيئة بل تمتد لتشمل عناصر الحفاظ على استدامة وتحسين البيئة من أي نشاط ذا تأثير سلبي عليها ، أو الانتقاص من عناصرها ، ذلك أن حماية البيئة وصيانتها يفترض فيها التنمية المستدامة لهذه العناصر كاستخدام الموارد المائية ، و الهواء و التربة و كل مورد طبيعي بطريقة تحافظ على حقوق الأجيال المستقبلية[3].
المطلب الأول : الركن الشرعي في الجرائم الماسة بالبيئة
ينصرف مفهوم الركن الشرعي إلى وجود نص قانوني في قانون العقوبات أو القوانين الخاصة ذات الصلة يتضمن وجوبا تحديد أركان قيام الجريمة وبيان العقوبة المقترنة بها وبالتالي فان النص ألتجريمي يضفي على الفعل أو الامتناع عنه صفة اللًا مشروعية و لا تتقرر هذه الصفة ،صفة الفعل غير المشروع إلاً بداية من تجريمها بنص قانوني .
ونعني بالركن الشرعي أن الفعل أو الترك لا يحمل وصف الجريمة تحكما يطلقه من شاء و متى شاء، بل لا بد لاعتبار الفعل أو الترك جريمة أن يكون هناك نص تشريعي أو قانوني يحظر الجريمة و يعاقب عليها ، ذلك أن قواعد الشريعة الإسلامية تقضي بأنه لا جريمة و لا عقوبة إلاً بنص ،و لا يكلف شرعا إلاً من كان قادرا على فهم خطاب التكليف ، و لا يكلف احد بما لا طاقة له به و لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص ،و الأصل في الأشياء الإباحة ، و قد أخذت جميع القوانين الوضعية بمضمون ما جاءت به الشريعة الإسلامية من قواعد[4]
ويتجه جانب كبير من فقهاء القانون الجزائريون مؤيدين في ذلك جانبا من الفقه الفرنسي الذي يرى أن الركن الشرعي هو ركن ثالث في الجريمة ، ويقصد منه ضرورة توافر النص القانوني الذي يحرم الفعل و يقرر له العقوبة ، كما يقصد به عند البعض الآخر الصفة غير المشروعة التي يكتسبها الفعل المجرم ، غير ان منتقدي هذا الرأي يرون إن فكرة الركن الشرعي التي يراد بها كصفة أساسية تأكيد مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات هو من المبادئ المستقرة دون الحاجة لإدخال تلك الفكرة كركن أساسي في الجريمة[5]
وقد أشار بعض دارسي القانون الجنائي[6]في حديثهم عن أركان الجريمة بقولهم أن العلاقة ما بين الركن المعنوي و الأركان الأخرى للجريمة علاقة قوية ، اذ لا وجود للركن المعنوي ما لم يتوافر الركن القانوني حيث ان عدم وجود نص تجريم ينفي الصفة الجرمية عن الفعل .
ولما كان مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يعتبر أساسا يحكم كل النصوص التجريمية و العقابية الحديثة، وجب التوقف عند مدى تلائم هذا المبدأ مع طبيعة الجرائم البيئية ذات الطبيعة الخاصة و المميزات التي تنفرد بها كما اشرنا إليه سالفا ، وعليه سوف نحاول تسليط الضوء على طبيعة النص الجنائي في المادة البيئية ومدى تلازمه مع النظام العقابي و تحديد المسؤول عن الفعل المحرم باكتمال صورة الجريمة البيئية التي تكون معقدة في مواضع عدًة[7] ، ومن ثم فانه لا يمكننا الخروج عن الإطار العام لقانون العقوبات ذلك أن اغلب التشريعات بما فيها التشريع الجزائري قد نص على الجرائم البيئية في قانون العقوبات كما نص على بعض الأفعال المجرمة في نصوص قانونية خاصة بحماية البيئة و استدامتها[8]
الفرع الأول :تجريم الأفعال الماسة بالبيئة في قانون العقوبات
تتناول الكثير من التشريعات حماية البيئة في قانون العقوبات و منها قانون العقوبات الفرنسي لعام 1992 الذي تجرم نصوصه أفعال تلويث الهواء الناجم عن صيانة و إصلاح المداخن و أفعال تلويث السمعي الناجم عن أفعال الإزعاج ومحدثات الضوضاء غير العادية وهي من باب المخالفات و تنص المادة 434 منه على تجريم أفعال تلويث الموارد المائية بإلقاء مواد ضارة فيها أو ترك مواد من شأنها الإضرار بالمياه أذا تسربت إليها ، وعالج المشرع العراقي في قانون العقوبات في الباب الثالث منه حماية البيئة عن طريق تجريمه للمخالفات المتعلقة بالصحة العامة في المادة 496 منه و المادة 497 و المادة 499 وهذه الأخيرة تنص على معاقبة كل من وضع على سطح أو جدران مسكنه في المدن مواد مركبة من فضلات أو روث بهائم أو غير ذلك مما يضر بالصحة العامة[9]
أورد المشرع الجزائري مجموعة من النصوص القانونية في قانون العقوبات و التي توفر الحماية الجنائية للبيئة كما أوضحنا فيما سبق من خلال تقسيمه للعقوبات جنايات جنح ومخالفات و جاءت بعض النصوص مجرمة للأفعال لا على أساس حماية البيئة مباشرة و إنما تجريما للفعل بالنظر إلى خطورته على المصالح العامة و الخاصة للأفراد و وفر تلك الحماية بطرق مباشرة و غير مباشر ،ونذكر من بين أهم المواد الواردة في شأن الحماية الجنائية للبيئة في قانون العقوبات على سبيل المثال لا الحصر ، ففي باب الجنايات نجد نصوص المواد 87مكرر ،396، 406 ، و في الأفعال الموصوفة على أنها جنح نجد المواد 413، 414، 415، 417 وذلك بالنظر إلى خطورة الفعل وجسامة العقاب ، و في باب المخالفات أورد المشرع الجنائي الجزائري مجموعة من المواد نذكر منها المواد 441، 444، 457 و التي رصدت أيضا العقوبات الواجب تطبيقها على هذه الأفعال المجرمة قانونا [10]
الفرع الثاني :تجريم الأفعال الماسة بالبيئة في القوانين الخاصة
نظرا للتطور الكبير الذي تشهده المجتمعات ونظرا لحداثة النص التشريعي في المادة البيئية لم يوفق المشرع في وضع قانون عقابي خاص بالمسائل البيئية ولم يوفق أيضا في جمع وترتيب الجرائم الماسة بالبيئة في قانون العقوبات ، فوجد نفسه مجبرا على تضمين بعض القوانين الخاصة بتنظيم و تأطير عنصر من عناصر البيئة مجموعة من النصوص التي تجرم أفعالا تخل بهذا النظام و رصد لها عقوبات جنائية أيضا و هو نفس المسار الذي انتهجه المشرع الجزائري إذ نجد مجموعة كبيرة من النصوص التي نعنى بالمسائل البيئية وتحمل في طياتها نصوصا جنائية ، تهدف أساسا إلى حماية الإنسان أو الحيوان أو النظافة العمومية ،أو الثروات الطبيعية … و من أهم هذه النصوص ما يلي :
القانون رقم 82/10 المؤرخ في 21/08/1982آ المتعلق بالصيد المعدل و المتممم
القانون رقم 83/17 المؤرخ في 16/07/1983 المتعلق بالمياه المعدل و المتمم
القانون رقم 84/12 المؤرخ في 29/07/1984 المتعلق بالنظام العام للغابات ،
وقد أصدر المشرع الجزائري في سنة 2003 [11] قانونا إطاريا يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ألغى بموجبه القانون 83/03 المتعلق بالبيئة ، حيث جاء في الباب السادس منه مجموعة من الأحكام الجزائية تضمنت حماية لعناصر البيئة و قررت لها مجموعة من العقوبات واقتصر هذا القانون على الأفعال الموصوفة جنحا ومخالفات دون أن يتضمن أحكام خاصة بالأفعال الموصوفة جنايات ، و على سبيل المثال لا الحصر في الجنح نصت مجموعة من المواد [12] على العقوبات التي تمس بسلامة البيئة أو احد عناصرها ،و في باب المخالفات تضمنت مجموعة من العقوبات لكل مخالفة لأحكام هذا القانون و القوانين النافذة ذات الصلة بالمسائل البيئية[13] .
و ما يستخلص من تصفح التشريعات الخاصة بحماية البيئة عموما و في التشريع الجزائري على وجه التحديد نجد أن النصوص الجزائية الواردة في القوانين المتفرقة والقانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لم تعد كافية لتغطية المساس و الانتهاكات المسجلة على البيئة وعناصرها ،ذلك أن هناك نصوص أخرى حديثة جاءت بعده ومن ثم استوجب الأمر الرجوع إلى إصدار قانون للعقوبات البيئية خاص يتماشى و خصوصية الجرائم البيئية حتى يسهل الأمر على الجهات القضائية و تكون إجراءات المتابعة و المحاكمة ظاهرة لا غبار عليها، و يمكًن القاضي من الخوض في المادة البيئية دون خوف من غموض النص أو عدم تطابقه مع الواقعة محل الخصومة ، وستبعد بذلك القياس على الجرائم المشابهة وتساهم النصوص المدرجة وفقا للمقاييس و التطورات العلمية البيئية في رفع مستوى الحماية للعناصر البيئية و آليات إسناد المسؤولية الجزائية للمخالفين لأحكامها .
و الجدير بالذكر أن هناك جانب كبير من الفقه لا يعير اهتماما لذاتية الركن الشرعي للجريمة عموما كما أسلفنا ، وعلتهم في ذلك وسندهم هو أن الركن الشرعي لا يعدو أن يكون إلاً ترجمة للنص الجنائي و مبدأ الشرعية في الجرائم و على سبيل الذكر نجد كل من الدكتورة ابتسام سعيد الملكاوي [14]في دراستها جرائم تلويث البيئة –دراسة مقارنة- لم تشر البتة إلى الركن الشرعي و إنما توقفت فقط عند مبدأ الشرعية و الأمر نفسه بالنسبة للدكتور عادل ماهر الألفي في أطروحته للدكتوراه[15] ، بمصر غاب عنها ذكر الركن الشرعي تماما و تخلل الدراسة الإشارة إلى مبدأ الشرعية و فقط ، وان كنا قد أوردنا بعض الشيء عن الركن الشرعي في هذه الأطروحة من باب إلقاء الضوء على النص ألتجريمي ومدى ملائمته للجرائم البيئية ، إنما أردنا أن نقف على أهمية النص الجنائي في إسناد المسؤولية وهو ما سيكون محل دراسة معمقة في متن هذه الدراسة وعبر مختلف مراحلها .
المطلب الثاني : الركن المعنوي في الجرائم البيئية
تعتبر الإرادة التي تتوافق وتعاصر ماديات الجريمة و تبعثها إلى الوجود هي التعبير الصحيح عن الركن المعنوي في الجريمة على العموم و هي بذلك قوة نفسية تكشف عن إرادة الجاني في تحقيق العدوان في الجريمة .
ويذهب الرأي الراجح في الفقه الجنائي إلى القول بعدم كفاية إسناد الجريمة ماديا إلى مرتكب النشاط الإجرامي فيها عن طريق الرابطة أو العلاقة السببية التي تربط بين السلوك و النتيجة فقط ، و لكن يجب إسنادها إلى الجاني معنويا ، ومؤدى ذلك أن تتوافر بين الجاني و الجريمة رابطة نفسية تصلح بعد ذلك كأساس للحكم بتوافر العنصر النفسي المعبر عن الخطأ الجنائي الذي تقوم عليه الجريمة[16]
وحتى تستكمل الجريمة بناءها القانوني لا بد أن يتوافر العمد و الخطأ غير العمدي في ذلك السلوك، ما يُمَكًن من القول بأن صاحبه محلا للمسؤولية الجنائية [17]
وجرائم تلويث و إتلاف البيئة أو الجرائم الماسة بالبيئة أيا كانت مسمياتها ، شأنها شأن الجرائم الأخرى يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي فتضحي به الجريمة عمديه ، أو يتخذ صورة الخطأ غير ألعمدي فصبح به الجريمة غير عمديه [18]
وعليه يمكن القول أن الجرائم الماسة بالبيئة في عمومها لا تعدوان تكون إما جرائم عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي و إما جرائم غير عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة الخطأ غير العمدي [19]
والركن المعنوي هو التعبير الصريح عن انعكاس ماديات الجريمة في نفسية المجرم من خلال اتجاه إرادته إلى تحقيق تلك الماديات [20]، ويسمى في الشريعة الإسلامية ركن العصيان ، ومن عناصره العلم و الإرادة ، و تتدرج مراتب الارتباط بين الفعل و القصد الجنائي في الشريعة الإسلامية من العمد المحض إلى شبه العمد ، ثم الخطأ و ما جرى مجرى الخطأ ، وفي القانون الوضعي تتدرج هذه المراتب من العمد ثم القصد المتجاوز وهو ما يقابل شبه العمد في أحكام الشريعة الإسلامية ثم الخطأ [21]
ويذهب أنصار المذهب الموضوعي ومعهم اتجاه من القضاء المقارن إلى القول بقيام المسؤولية عن ارتكاب جريمة تلويث البيئة على أساس الصفة المادية لتلك الجرائم بغض النظر عن القصد الجنائي بصفتيه التقليديتين ،ومع تزايد ارتكاب جرائم تلويث البيئة وتعاظم آثارها الضارة واتساع دائرة الخطر الناتج عنها ، استشعر القضاء الفرنسي عدم كفاية الركن المعنوي في إتاحة دور فعال للعقاب وتوفير الوقاية الملائمة من أخطار الجرائم البيئية التي تسبب التلوث ، وهو ما دعاه إلى الاجتهاد و إقامة المسؤولية عن ارتكاب الجرائم البيئية متى تحققت العناصر المادية المؤلفة للجريمة دون بحث عن الخطأ أو النية الإجرامية لدى الفاعل بغض النظر عن الإثم الجنائي فيها بصورتيه التقليديتين ( القصد و الخطأ غير العمدي )[22]
و من ثم فأن الركن المعنوي يضم العناصر النفسية للجريمة و يعني ذلك أن الجريمة ليست كيانا ماديا خالصا قوامه الفعل و النتيجة و العلاقة السببية التي تربط بينهما ، فالركن المعنوي يمثل الأصول النفسية لماديات الجريمة و السيطرة عليها فلا محل لمسائلة شخص عن جريمة ما لم تقم الصلة بين مادياتها و إرادته [23]
إن إعطاء فكرة و توضيح لمفهوم الركن المعنوي عموما و إسقاطه على الجرائم البيئية بهذا المعنى يسقط من بين الفاعلين كل شخص معنوي ذلك أن الشخص المعنوي لا يمكن البتة أن نجد لديه تلك الحالة النفسية التي جعلته يقدم على الفعل عمدا أو خطأ ، و أن الشخص المعنوي لا يمتلك تلك الأصول النفسية لماديات الجريمة و لا يمكنه السيطرة عليها و من ثم فهو يخرج من دائرة المسائلة مهما كان فعله بهذا المعنى ، و هذا أمر غير وارد في التشريعات الحديثة التي اتجهت إلى إقرار المسؤولية الجنائية في الجرائم البيئية باكتمال العناصر المادية ، وهو ما اشار إليه بعض دارسي القانون و شراحه [24] في سياق حديثهم عن اقتناع الفقه الجنائي الحديث أن عدم مسؤولية الأشخاص المعنوية جزائيا هو الذي يمس بمبدأ الشخصية المعنوية لا مساءلتها ونستند إلى وجود خطأ في مفهومه المتطور الذي أصبح لا يقتصر فقط على المساهمة المادية المباشرة في الجريمة و إنما في خرق التزام قانوني المخاطب به من قبل المشرع الجزائي و المتمثل في ضرورة مراعاة وواجب تنفيذ القوانين و اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لتفادي وقوع الجريمة أثناء ممارسة الأعضاء و الممثلين لنشاط هذه الأشخاص المعنوية .
هذا يمكن الاستدلال به للقول أن عدم اكتمال الجريمة البيئية أو الجرائم المرتكبة من قبل الأشخاص المعنوية مرتبط بعدم إثبات الركن المعنوي للجريمة بمفهومه التقليدي ، فالمفهوم الحديث يذهب إلى القول بأن الجريمة تكتمل و يساءل عنها جزائيا باكتمال مادياتها وخرق التزام قانوني أوجده المشرع الجزائي، و امثلته كثيرة في الجرائم البيئية والجرائم الاقتصادية ، ومثلما اقر القانون المدني بالمسؤولية المدنية للشخص المعنوي اقر القانون الجنائي بالمسؤولية الجنائية للشخص المعنوي وهو ما سيتم تفصيله بشيء من التفصيل في الباب الثاني من هذه الدراسة ،وبعيدا عن الجدل القائم حول اكتمال الركن المعنوي من عدمه عند الأشخاص المعنوية فان الركن المعنوي يعبر عن قصد جنائي وخطأ غير عمدي يستهلك ذنب الفاعل الذي ارتكب الفعل المادي المجرم و يبرر قمع الجريمة [25]،
الفرع الأول : القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة
القصد الجنائي أو العمد هو اتجاه إرادة الجاني إلى مخالفة القانون [26] أو هو الإرادة الإجرامية التي بدونها لا يتحقق الإذناب[27] كما يعرف القصد الجنائي انه “إرادة النشاط و العلم بالعناصر الواقعية الجوهرية اللازمة لقيام الجريمة وبصلاحية النشاط لإحداث النتيجة المحظورة قانونا ، مع توافر نية تحقيق ذلك [28] .
وكما جرى فان التشريعات تسقط من نصوصها التعاريف و ضبط المفاهيم في عمومها ، وهو الحال بالنسبة للقصد الجنائي، فأغلب التشريعات الجنائية لم تضع تحديدا لماهية القصد الجنائي بما في ذلك المشرع الجزائري ،ما فتح الباب أمام الاجتهاد الفقهي الذي انقسم إلى نظريتين :
ذهب أنصار نظرية العلم إلى القول بأن القصد الجنائي يمثل اتجاه الإرادة نحو ارتكاب فعل محظور قانونا مع العلم بالنتيجة المترتبة عليه ، بينما تبنى أنصار نظرية الإرادة ما مؤداه أن القصد الجنائي يمثل ارتكاب الجريمة كما حددها القانون بانتهاك ما أمر به القانون مع العلم بذلك ،وهو ما يعكس اتجاه الإرادة نحو تحقيق النتيجة الإجرامية [29]
والقصد الحنائي على العموم هو أول صورة من صور الركن المعنوي في الجريمة لأنه طالما أن الجريمة تعتبر تمردا على القانون فإن ابرز صورة لهذا التمرد هي الصورة التي يتعمد فيها مخالفة القانون ، ويقصد بالعمد اتجاه إرادة الجاني إلى مخالفة القانون ، ويتحقق الركن المعنوي في الجرائم البيئية العمدية بتوافر القصد الجنائي لدى الجاني باعتباره صورة متعمدة لمخالفة القاعدة القانونية و يعتبر القصد الجنائي اخطر صورة للركن المعنوي إذ ينطوي على معنى العدوان المتعمد على الحقوق و القيم ذلك أن الجاني ينصرف فيه إلى السلوك الإجرامي و إلى النتيجة الإجرامية المترتبة عليه[30]
ولما كان الحديث في هذا المقام عن الجرائم البيئية فجلًي بنا أن نستعرض الرأي القائم على إخراج بعض الجرائم الماسة بالبيئة من نمط التجريم التقليدي و إقرار المسؤولية و العقاب عليها وفقا للقواعد التقليدية، ذلك أن السياسة الجزائية التي تعتمد اعتبارات خاصة تسمح لها بالخروج عن القواعد العامة المتعلقة بتوافر القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة ويكتفي في هذا النوع من الجرائم (اغلب نماذج الجرائم البيئية ) تحقق الإثم دون النظر إلي طبيعة العامل النفسي للفاعل ويستوي العمد و الخطأ في قيامها [31]
ورغم الاختلاف القائم بين فقهاء القانون الجنائي حول إقرار المسؤولية على ارتكاب الفعل المجرم من عدمها بثبوت الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) من عدمه و الذي انقسم إلى فريقان الفريق الأول ذهب إلى إطلاق عبارة ” قاعدة لا مسؤولية جنائية بدون خطأ ” وحجتهم في ذلك ان لكل قاعدة استثناء وهذه القاعدة ترد عليها استثناءات متعددة لعل من أهمها ما يقرره المشرع من قيام المسؤولية الجنائية في بعض الجرائم الاقتصادية و المخالفات بمجرد ثبوت الركن المادي بحق مرتكبها و هو ما يعرف فقها بالجرائم المادية [32] ، وهو ما ينطبق على نماذج عديدة من الجرائم الماسة بالبيئة ،ولقد دعم هذا الاتجاه ببعض الاجتهادات والأحكام القضائية الفرنسية ، حيث جاء الحكم الشهير لمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 28-50-1975 [33] ، قضت فيه المحكمة بأن جريمة التلوث المائي تقوم متى ثبت أن المواد سامة ، وتبين أن هذه التصرفات لا مناص الًا أن تؤدي إلى إبادة الأسماك, وفي حكم لاحق صادر بتاريخ 28-04-1977 صرحت بصريح العبارة أن جريمة تلويث المجرى المائي هي جريمة مادية ، وفسرت ذلك بأن ترك مواد سامة تنساب إلى مجرى مائي يتضمن خطأ لا تتحمل النيابة العامة عبء إثباته ،و لا يمكن تبرئة المتهم إلا بإثبات القوة القاهرة [34] .
ويرى مؤيدو هذا الاجتهاد القضائي من الفقه الفرنسي انه يتعين إسباغ الصفة المادية على بعض الجرائم التي تتعلق بمجالات معينة كمجال حماية المياه من التلوث و التي يضع المشرع أو الإدارة بشأنها نصوصا تنظيمية بغرض توفير الانضباط الجماعي ،وما يلاحظ أيضا أن المشرع الفرنسي اغفل الإشارة إلى العامل النفسي لمرتكب الجريمة وسكت عن الركن المعنوي في بعض الجرائم خصوصا ما جاءت به المادة 434 من القانون الزراعي القديم والتي تقابلها المادة 232 من القانون الزراعي الجديد ، مما أثار الجدل حول المسؤولية الجنائية فيما إذا كانت تتطلب النية الإجرامية لدى مرتكب الفعل ،وهو الحال كذلكفيالمادة02 من القانون 1964 المتعلق بالمياه[35]
ولقد ساير المشرع الجزائري المشرع الفرنسي من خلال التوسع في مفهوم النشاط المادي و السلوك الإجرامي ، خصوصا ما جاءت به أحكام المادة 100 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة المذكور آنفا.
أما الفريق الثاني فذهب إلى القول بأن هناك” مبدأ لا مسؤولية بدون خطأ ” وهذا المبدأ لا يمكن خرقه أو الخروج عنه وحتى ما يقره التشريع من مسؤولية في بعض الجرائم المادية أو المسؤولية عن النتائج المحتملة ، وهو حال الجرائم الماسة بالبيئة فإن الخطأ فيها مفترض بحق مرتكب الفعل .
وعلى هدي ما سبق ذكره عن الجرائم الماسة بالبيئة و تميزها بكونها تشكل نموذجا حيا للجرائم المادية في بعض السلوكيات و النشاطات التي تسبب ضررا أو تشكل خطرا على البيئة بعمومها ، وكون الجريمة في مفهومها و بعدها القانوني لا تكتمل إلا باكتمال أركانها فسنعرض عناصر الركن المعنوي من خلال التوقف عند القصد الجنائي في الجرائم البيئية بمكونيه العلم و الإرادة .
الفرع الثاني : عناصر القصد الجنائي في الجرائم البيئية
وفقا لنظرية الإرادة فإن القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة يستتبع اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب جريمة تمس بالبيئة أو أحد عناصرها مع العلم بأركانها و عناصرها تبعا للمقتضيات القانونية ومؤدى ذلك أن القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة يقوم على عنصرين هما : العلم والإرادة .
اولا : العلم في الجرائم الماسة بالبيئة :
المقصود بالعلم في الجرائم عموما وجرائم تلويث البيئة على وجه التحديد ، أن يكون الجاني محيطا بحقيقة الواقعة الإجرامية ، من حيث وقائعها ومن حيث متطلباتها القانونية ، إذ وفي غياب هذا العلم لا قيام للإرادة ، ذلك أن الإرادة الإجرامية تقوم تأسيسا على العلم بالواقعة الإجرامية و العلم بالقانون [36]
و لقيام المسؤولية العمدية عن ارتكاب الجرائم كقاعدة عامة يجب أن يحاط الجاني علما بكل واقعة أو تكييف ذي أهمية في تبيان الجريمة ، ومما لا شك فيه أن عنصر العلم في الجرائم الماسة بالبيئة تثير مجموعة من الإشكاليات عند محاولة إثباته بالنظر إلى الطبيعة الخاصة لهذا النوع من الجرائم[37] ، وكون هذه الجرائم تختص بمجموعة من العناصر المكونة لها ذات الطبيعة غير المألوفة وغموض النتيجة فيها وعدم وضوحها[38] ، سنتوقف و لو بإيجاز عند العلم بالواقعة الإجرامية ثم العلم بالقانون في الجرائم الماسة بالبيئة.
- العلم بالوقائع في الجرائم الماسة بالبيئة
يتضمن العلم في هذا النوع من الجرائم ، العلم بنطاق الوقائع المرتكبة من طرف الجاني مع تلك المنصوص عليها قانونا ، وأهمها العلم بخضوع المصلحة المحمية لاعتداء و العلم بالسلوك الإجرامي و العلم بالعناصر المتصلة بالجاني [39] ، و يستلزم توافر القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة امتداد علم الجاني إلى العناصر التي يتألف منها الركن المادي للجريمة وكذلك الظروف المشددة التي تغير من وصف الجريمة فضلا عن العناصر المفترضة في الجاني وكذا المجني عليه ، إضافة إلى قصده الإضرار بأحد عناصر البيئة التي يحميها القانون [40]
وقد أشار المشرع الجزائري إلى ذلك صراحة بموجب القانون 03-10 المتضمن حماية البيئة في نص المادة 29 منه بقوله : تعتبر مجالات محمية وفق هذا القانون المناطق الخاضعة إلى أنظمة خاصة لحماية المواقع و الأرض و النبات و الحيوان و الأنظمة البيئية و بصفة عامة تلك المتعلقة بحماية البيئة ، وفصًلت مجموعة من المواد بنفس القانون في العناصر المحمية و التي تغطي مجمل العناصر المتفق عليها لا، أنها العناصر المكونة للبيئة خاصة ما جاءت به أحكام القانون المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة إضافة إلى نصوص خاصة أخرى ذات صلة بعناصر البيئة [41]
وقد أشارت بعض النصوص القانونية في فحواها إلى إمكانية إثبات توافر القصد الجنائي لدى ارتكابه للفعل المجرم ويسأل مسؤولية عمدية ، ومثال ذلكما جاء في نص المادة 33 من قانون سنة 1994 المصري في جريمة إنتاج وتداول المواد الخطرة دون اتخاذ الاحتياطات التي تضمن عدم حدوث إضرار بالبيئة ، إذا علم الجاني أن فعله قد وقع على هذه المواد الخطرة ، وينتفي القصد الجنائي عنده اذا اعتقد أن فعله قد وقع على مواد أخرى[42] ، وهو ما نجده أيضا في التشريع الجزائري في نص المادة100 من القانون 03-10 السالف الذكر ، بنصه على عقوبة الحبس والغرامة لكلمن رمى أو أفرغ أوترك تسربا بصفة مباشرة أو غير مباشرة لمادة أو مواد يتسبب مفعولها أو تفاعلها في الإضرار ولو مؤقتا بصحة الإنسان أو النبات أو الحيوان أو يؤدي إلى تقليص استعمال مناطق السباحة .
وإذا انتفى العلم لدى الفاعل بطبيعة هذه المواد وتفاعلاتها ومفعولها هنا نكون أمام انتفاء القصد الجنائي ، لكن السؤال هل ينتفي معه الجريمة و ينتفي العقاب ، هذا ما أجاب عليه أصحاب نظرية الجريمة المادية التي تقوم بمجرد اكتمال ركنها المادي ومن ثم فأن العلم بوقائع الجريمة وركنها المادي في بعض الجرائم الماسة بالبيئة لم يعد يؤثر على قيام المسؤولية الجنائية ،وهو ما سنفصل فيه في الباب الثاني من هذه الرسالة
- العلم بخطورة الفعل المضر بالبيئة
بتوافر القصد الجنائي في الجريمة الماسة بالبيئة إذا بلغ إلى علم الجاني بان الفعل أو الامتناع الذي يرتكبه من شأنه أن يسبب الإضرار الفعلي للبيئة أو احد عناصرها أو يؤدي إلى تعريضها للخطر ، فإذا انتفى هذا العلم لدى الجاني أو انه اعتقد أنه لا خطورة ولا ضرر من هذا الفعل على البيئة وحدث الاعتداء فإن القصد الجنائي لا يعد متوفرا لديه [43]
ونحن نرى في هذا المنحى انه لا مكان لتفسير عدم علم الجاني بهذه الوقائع أو خطورتها بنفي القصد الجنائي في الجرائم البيئية ذلك أن القوانين و التنظيمات لم تترك مجالا للشك في عدم العلم بها من حيث تنظيمها لرمي النفايات و المواد المستعملة وتنظيم عمليات إعادة تدوير النفايات و تخصيص مساحات خاصة لجمع مثل هذه المواد التي يمكن أن تشكل برميها أو إتلافها مباشرة ضررا للبيئة فعنصر العلم في الوقت الراهن أصبح متاحا حتى لعوام الناس ، اللهم إن سجل بعض التقاعس من الهيئات و الجهات المشرفة على مجال أو آخر ، من المجالات المحمية وفقا لقانون البيئة، و هو ما يشكل في هذه الحالة سلوكا مجرما للأشخاص المعنوية بذاتها و يقيم عليها المسؤولية الجزائية و التي سيتم تناولها ضمن الباب الأول في قيام المسؤولية الدولية عن الجرائم البيئية للدولة و كذا قيام المسؤولية الجزائية للأشخاص المعنوية الأخرى في الباب الثاني من خلال التشريعات الوطنية ، ومن ثم يستوي في المسائلة الجنائية عن الجرائم البيئية الفاعل سواء كان الفعل العمدي أو الخطأ ، ولقد أورد المشرع الجزائري نصوصا قانونية كثيرة في هذا الباب يمكننا الاستدلال بما تضمنه القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات[44] و الذي تضمن النص على معاقبة كل من قام بإيداع النفايات الخاصة الخطرة أورميها أو طمرها أو غمرها أو إهمالها في مواقع غير مخصصة لهذا الغرض بعقوبة الحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة مالية ، و القانون 03-10 السالف الذكر الذي اشار الى أن العقوبة بالحبس لمدة سنتين 02 وغرامة 200.000 دج تقع على كل من مارس نشاطا يثير صخبا أو ضررا سمعيا دون الحصول على الترخيص المنصوص عليه بموجب المادة 75 من نفس القانون [45]، وهنا نكون امام مسؤولية جزائية قائمة قانونا ذلك أن الدستور الجزائري نص في حيثياته انه لا يعذر بجهل القانون[46] وهو ما يصب في المنحى الذي نؤيده .
- العلم بمكان ارتكاب الفعل الضار بالبيئة
الأصل في التجريم لا يعتد بمكان ارتكابه ، غير أنه يمكن الخروج عن هذه القاعدة و ألأصل ، و لا يجرم الفعل الًا إذا تم الفعل في مكان معين ، وبالنظر للتركيبة المشكلة من عناصر طبيعية وأخرى مشيدة في تكوين البيئة عموما ، فإن حمايتها جزائيا تتطلب أحيانا تجريم بعض الأفعال في أماكن محددة بعينها ، ومثالها عناصر البيئة البحرية مثلا و ما ورد فيه نص المادة 100 من القانون 03 -10 السالف الذكر وأحكام المواد 38الى 44 من القانون 11-02 المتعلق بالمجالات المحمية في إطار التنمية المستدامة [47] والتي تضمنت عقوبات جزائية تصل الى ثلاث سنوات حبسا نذكر منها المادة 44 التي تنص “على عقوبة الحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة 500.000 دج إلى ثلاثة ملايين دينار كل شخص يتسبب في تدهور المجالات المحمية عن طريق صب أو تصريف أورمي أو تفريغ أو وضع لكل المواد التي تؤدي الى تغيير خصائصها الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية و البكتيرية “، و عليه فإن مكان ارتكاب الفعل الإجرامي أهمية بالغة وخاصة في مجال الجرائم البيئية ومرد ذلك هو الاعتبارات المتعلقة بطبيعة ونطاق المصلحة المحمية في هذا النوع من الجرائم و الطبيعة الخاصة لهذا الوسط .
ويرى جانب من الفقه أن المواصفات الخاصة ببعض الأوساط البيئية و التي تضاعف من خطورة الفعل الواقع على الحق المحمي قانونا تقتضي مراعاة المشرع في وضعه لنص التجريم افتراض علم الجاني بمواصفات هذه الأوساط حتى لا تقع على سلطة الاتهام عبء إثبات العلم أو القصد الجنائي ومن ثم يقع على الجاني عبء إثبات العكس بأن يثبت أن جهله يرجع إلى ظروف قاهرة أو استثنائية ، وهناك من يضيف العلم بالوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة والعلم بالنتيجة و العلم بالقانون [48]
ثانيا : الإرادة في الجرائم الماسة بالبيئة :
الإرادة هي العنصر الثاني المكون للقصد الجنائي و الإرادة يقصد بها كل نشاط نفسي داع إلى تحقيق غرض معين عن طريق وسيلة معينة و هي المحرك نحو اتخاذ السلوك الإجرامي وتحقيق النتيجة[49]
وما يميز الجرائم غير العمدية هو أن الغرض أو الباعث الدافع الذي اتجه إليه السلوك لتحقيق النتيجة الإرادية في الجريمة لم يكن غرضا إجراميا ،وإنما غرضا مشروعا ، غير أن الاعتداء وقع على مصلحة محمية جنائيا دون أن تتجه إرادة الجاني إلى ذلك .
ولقد جرى الفقه الجنائي في الجرائم التقليدية على عدم الأخذ بالباعث الدافع أو الغاية في تكوين القصد الجنائي[50]، غير انه و استثناء عن القواعد العامة اخذ المشرع بالباعث الدافع و الغرض في حالات نذكر منها :
- الباعث كمكوًن للركن المعنوي في الجرائم الماسة بالبيئة :
يعتد المشرع في بعض الحالات لقيام الجريمة الماسة بالبيئة بالغاية من ارتكاب الجريمة وأن يكون الدافع لارتكابه باعث خاص [51] ، ومن ثم فإن الدافع إلى ارتكاب الجريمة اعتبره المشرع من ضمن العناصر المكونة للقصد الجنائي وبدونه لا يمكن تصور القصد وهو ما يشكل قصدا جنائيا خاصا ففي المادة 60 فقرة 02 من القانون 4 لسنة 1994 التي تنص على انه ” كما يحضر على السفن التي تحمل مواد ضارة منقولة في عبوات أو حاويات شحن أو صهاريج نقالة أو عربات صهريجية برية أو حديدية التخلص منها بإلقائها في البحر الإقليمي و المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية[52] ،من خلال نص المادة يتضح أن المشرع المصري اشترط قصدا جنائيا خاصا في هذه الجريمة والمتمثل في التخلص من المواد الضارة بإلقائها في المياه الإقليمية ، ولقد سايره المشرع الجزائري في ذلك من خلال نص المادة 102 من قانون حماية البيئة السالف ذكره[53] إذ جاء نصها “يعاقب بالحبس لمدة سنة واحدة وغرامة قدرها 500.000 خمسمائة ألف دج كل من استغل منشأة دون الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 95 أعلاه “،وبهذا يكون المشرع الجزائري قد اشترط قصدا جنائيا خاصا مفاده تعمد استغلال المنشأة دون ترخيص وهوما يشكل أيضا قصدا جنائيا خاصا لهذه الجريمة
- دور الباعث كعذر مبيح في جريمة تلويث البيئة
لا إعفاء من العقاب بغير نص قانوني حتى لا يجاور المانع العذر الذي أراده المشرع ،غير انه في الجرائم الماسة بالبيئة قد يكون الباعث مانعا من موانع المسؤولية الجزائية ،غير أن الإعفاء من العقاب لا يحول دون قيام المسؤولية المدنية متى توفرت شروطها ، إذ يبقى الفعل غير مشروع ذلك أن منع العقوبة لا ينفي الحالة الخطرة للمجرم و لا الضرر الذي سببه [54]، ولقد أشار المشرع الجزائري في كل من المواد 58 و 97 من قانون حماية البيئة المذكور آنفا ، حيث جاء في نص المادة 58 على مسؤولية مالك السفينة مسؤولية مدنية عن التلوث الناتج عن تسرب اوصب المحروقات وفقا لأحكام الاتفاقية الدولية للمسؤولية المدنية الناتجة عن التلوث بواسطة المحروقات[55] ونصت المادة 97 من نفس القانون على أنه “… لا يعاقب بمقتضى هذه المادة عن التدفق الذي بررته تدابير اقتضتها ضرورة تفادي خطر جسيم وعاجل يهدد أمن السفن أو حياة البشر أو البيئة “[56] ،وهي الأحكام ذاتها التي اخذ بها المشرع المصري وجعل من الباعث على ارتكاب الجريمة مانعا من موانع العقاب في بعض الجرائم البيئية لاعتبارات منها ما يرتبط بالمصلحة العامة وتحقيق المنفعة العامة و ذلك من خلال نصه في المادة 54 من القانون رقم 4 لسنة 1994 ” لا تسري العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون على حالات التلوث الناجمة عن :
– تأمين سلامة السفينة أو سلامة الأرواح عليها
-التفريغ الناتج عن عطب في السفينة أو احد أجزائها ….”[57]
ولقد وفق كل من المشرع الجزائري والمشرع المصري في اعتبار الباعث مانعا من موانع العقاب و ليس سببا مبيحا للفعل ، حتى لا يسقط حق الفريق المتضرر في الحصول على التعويض عن الأضرار الناجمة عن فعل التلويث ، طبقا لقواعد المسؤولية المدنية
الفرع الثالث : صور القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة
يتخذ القصد الجنائي في الجرائم الماسة بالبيئة صورا متعددة مثلها مثل باقي الجرائم ، فغالبا ما يكون القصد عاما وغير محدد واحتماليا ، كما قد قد تتجاوز النتائج قصد الجاني
أولا: القصد العام والقصد الخاص
القصد العام هو القائم على إدراك الجاني وعلمه بالواقعة الإجرامية التي تقوم بها أي أنه هو الصورة التي يستلزمها القانون في الجرائم العمدية ، و التي لا يتطلب لتحقيقها ضرورة توافر نية محددة [58] ويعني العلم بكل العناصر المكونة للجريمة مع اتجاه الإرادة إلى السلوك الإجرامي وتوقع النتيجة الإجرامية وقبولها .و القصد العام عنصر ضروري في جميع الجرائم العمودية [59]، ولما كانت الجرائم الماسة بالبيئة تدخل في نطاقها الجرائم العمدية فإن القصد العام أيضا يدخل في تكوينها ويعد ضروريا لقيام المسؤولية الجنائية عنها ، أما عن الجرائم غير العمدية فإن القصد العام يحقق فيها ويحل محله الخطأ و الإهمال و الرعونة [60]
أما القصد الجنائي الخاص فمؤداه أن ينص المشرع على وجوب أن يقصد الجاني تحقيق غاية معينة بفعله ولاكتمال الركن المعنوي للجريمة الماسة بالبيئة مثلما تمت الإشارة إليه سابقا في الفقرة المتعلقة بالباعث كمكون للقصد الجنائي، إضافة إلى العلم و الإرادة ، ففي بعض الجرائم وعلى سبيل الاستثناء ينص المشرع على وجوب أن يقصد الجاني تحقيق غاية معينة بفعله وهو ما جاء في نص المادة 09 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات السالف الذكر ،بنصها ” يحظر إعادة استعمال مغلفات المواد الكيمياوية لاحتواء مواد غذائية مباشرة ….”[61]من خلال نص هذه المادة فان القصد الجنائي الخاص يتمثل في العبارة الدالة على” احتواء مواد غذائية مباشرة ” فالخطر هنا ليس في إعادة الاستعمال و إنما الاستعمال المقصود به احتواء مواد غذائية مباشرة
ثانيا :القصد المحدد والقصد غير المحدد :
إن التمييز بين القصد المحدد و القصد غير المحدد يتوقف على النتيجة الإجرامية ، فإذا ما كانت النتيجة محددة كان القص محددا و ان كانت النتيجة غير محددة فالقصد يستتبعها ويكون غير محدد.[62]
ومما تتميز به الجرائم الماسة بالبيئة أنها جرائم ذو طابع انتشاري تمتد أثارها لتشمل مجالا واسعا مما يصعب تحديد المجني عليهم على نحو دقيق ، كما أن الجرائم البيئية تتعدى في كثير من الأحيان حدود مكان وقوعها لتشمل العديد من الدول ، و تصطبغ بالصفة الدولية أحيانا أخرى .
و لا عبرة بالتفرقة بين القصد المحدد و غير المحدد في وجود القصد من عدمه في الحالتين يكون الجاني مسؤولا عن النتائج المترتبة عن فعله الإجرامي كل ما هنالك أن هذا التمييز له من الأهمية بما كان وزنا في وضع السياسة الجنائية و رسمها في مجال الجنوح و الإجرام البيئي ، وقد يطفو دوره في الأحكام المتعلقة بالحماية الجنائية للبيئة بمختلف عناصرها [63]
ثالثا : القصد المباشر و القصد الاحتمالي :
انطلاق من مفهوم القصد المحدد و الذي من خلاله يتعمد به الجاني تحقيق نتيجة معروفة ،وبمعنى أدق هو الذي يتوافر لدى الجاني عندما يتعمد إحداث نتيجة معينة و يعقد العزم على ذلك فيصاحب قصده هنا سلوكه الإجرامي لتحقيق تلك النتيجة المعينة فالقصد المحدد إذن هو مجرد وصف فقهي لإحدى صور القصد الجنائي في عمومه و لا يكون إلاً في الجرائم العمدية شأنه في ذلك شأن القصد العام [64]، وهو ما يقود إلى القول أن وصف القصد المباشر يختلف عن وصف القصد المحدد ، فالقصد المباشر هو توجه إرادة الجاني بصورة حاسمة نحو إحداث نتيجة ، ويتحقق ذلك عندما يجعل الجاني النتيجة هدفا يسعى إلى الوصول إليه عن طريق النشاط الإجرامي. [65]
أما القصد الاحتمالي فهو الذي تتجه فيه الإرادة إلى الفعل مع توقع النتيجة كأثر ممكن للفعل يحتمل في تقديره أن يحدث أو لا يحدث ولكنه يقبل احتمال تحققها في سبيل تحقيق النتيجة التي يستهدفها بفعله ، كما هو الحال في ارتكاب جريمة تخريب المنشآت النووية التي يترتب عليها تسريب كميات غير محددة من المواد المشعة أو انفجار مستودعات الوقود النووي لها ، الأمر الذي يؤدي إلى أثار عظيمة الضرر بالإنسان وبالعناصر البيئية المحيطة داخل هذه المنشآت وخارجها .[66]
فالقصد الجنائي المباشر للجاني توافر بمجرد التخريب العمدي للمنشأة من وراء سلوكه الإجرامي و اتجاه إرادته لتحقيق ذلك ، ولازمه في تلك النتيجة نتائج أخرى توافر بها القصد الاحتمالي و المتمثلة في تسريب المواد المشعة إلى البيئة المحيطة و تسبب في الضرر لباقي عناصرها ،ويتجه الرأي السائد في الفقه المصري و الفرنسي إلى القول بتوافر القصد الاحتمالي إذا أراد الجاني بفعله تحقيق نتيجة معينة ، فترتب عليها فضلا عن النتيجة المقصودة نتيجة أخرى كان في استطاعة الجاني و من واجبه أن يتوقعها [67]
تعتبر فكرة القصد الاحتمالي ذات أهمية كبرى في ما تعلق بالجرائم الماسة بالبيئة ، لما تتميز به طبيعة هذه الجرائم ، وما يترتب عنها من أضرار محتملة بطبيعتها ملازمة للنتيجة المقصودة من سلوك الجاني ، فقد يرتكب الجاني سلوكا مضرا بالبيئة وتتحقق نتائج أخرى لم يكن يسعى إليها إلاً أن تحققها محتمل بالنظر إلى الطابع الخاص و المعقد لهذا النوع من الجرائم .[68]
رابعا: النتائج متجاوزة القصد الجنائي:
أدرج القانون الجنائي ضمن نصوصه مساءلة الجاني جزائيا عن ارتكابه نوعا من الجرائم يتطلب فيها نتيجتين ، الأولى بسيطة و يقصدها الجاني ، و الثانية جسيمة و لا يقصدها الجاني ، ويسمى هذا النوع من الجرائم بالجرائم المتجاوزة القصد أو الجرائم المتعدية القصد ، وتفترض الجريمة المتعدية القصد وجود نصين يعاقبان على النتيجتين و بصفة مستقلة وعلى حدا ، أي أن يكون نص أول لو حدثت كنتيجة محتملة للجريمة البسيطة[69].
و هو ما انتهجه المشرع الجزائري في القانون البحري الجزائري[70] في نص المادة 483 التي تنص على عقوبة الحبس من ستة 06 أشهر إلى خمس 05 سنوات وبغرامة مالية 20.000 دج إلى 200.000 دج أو بإحدى العقوبتين كل ربان أو قائد أو أي عضو آخر من الطاقم تسبب في ارتكاب مخالفات للقواعد التي تنص عليها التنظيمات البحرية أو أي فعل آخر من الإهمال و تسبب لسفينته أو سفينة أخرى في اصطدام أو جنوح أو تصادم مع عائق ظاهر أو معروف أو تسبب في عطب للسفينة أو لحمولتها ، أو في مساس بالبيئة .
ويعاقب على الفعل المذكور حسب الحالة بالعقوبات الواردة في المادتين 264 و 442من قانون العقوبات إذا تسبب في جروح انجر عنها عجز كلي مؤقت …….[71]
وهو نفس النهج المتبع من طرف المشرع المصري في القانون 04 لسنة 1994 المتعلق بالبيئة في نص المادة 95 منه [72]، وعلى اثر النصين المذكورين آنفا يتضح أن المشرع الجنائي يعاقب على النتائج التي تتجاوز القصد الجنائي للجاني ، وبنص مستقل شريطة ان يتجه القصد نحو إحداث النتيجة الإجرامية الأولى البسيطة ، وهو ما يحتسب له اذ وفي نطاق الجرائم الماسة بالبيئة غالبا ما تؤدي فيها أفعال التلويث إلى إحداث نتائج أخرى تتجاوز قصد الجاني و تتميز بالخطورة و تفاقم الآثار بخلاف النتيجة التي اتجهت إرادة الجاني لتحقيقها[73]
خامسا : الخطأ غير العمدي في الجرائم الماسة بالبيئة
الأصل في الجرائم أن تكون عمدية ويتخذ فيها الركن المعنوي صورة من صور القصد الجنائي، غير أنه هناك بعض الجرائم غير العمدية وهي التي يتخذ ركنها المعنوي صورة الخطأ غير العمدي ، و يعرف الخطأ عير العمدي على انه إخلال شخص عند تصرفه بواجبات الحيطة و الحذر التي يفرضها القانون وعدم حيلولته تبعا لذلك دون أن يفض تصرفه إلى إحداث النتيجة الإجرامية سواء كان لم يتوقعها ، في حين إذا كان ذلك في استطاعته و من واجبه “وهو انصراف إرادة الفاعل إلى السلوك الخطر في ذاته بدون إرادة لتحقيق النتيجة الناتجة عنه[74].
و لقد أورد كل من المشرع الجزائري و المشرع المصري بعض صور الخطأ في كل من جريمتي القتل و الجرح الخطأ فورد النص في المواد288 و289 من قانون العقوبات الجزائري على أن كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك بروعنته أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه و إهماله ، أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 20.000 إلى مائة 100.000 دينار جزائري، و في حالة تسببه في الجرح أو مرض ادى الى العجز الكلي عن العمل لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر يعاقب الجاني بالحبس من شهرين إلى سنتين أو بإحدى هاتين العقوبتين ، و أشارت المادة 289 من نفس القانون إلى العقوبة المترتبة عن الرعونة أو عدم الاحتياط في الجنح و أقرت لها العقوبة المذكورة سلفا [75]، أما المشرع المصري فقد اكتفى بذكر بعض صور الخطأ في بيانه للجرائم غير العمدية ، غير أنه في مشروع قانون العقوبات المصري لعام 1966 أورد تعريفا للخطأ بموجب نص المادة 28 منه ونصها ” تكون الجريمة غير عمدية إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل ويعتبر الخطأ متوافرا سواء توقع الفاعل نتيجة فعله أو امتناعه وحسب إن في الإمكان اجتنابها أو لم يحسب ذلك ، أولم يتوقعها وكان في استطاعته ومن واجبه “[76] ، ومؤدى الخطأ في الجرائم غير العمدية إخلال الجاني بالتزام عام مفروض على الكافة و يتطلب أخذ الحيطة و الحذر في سلوكهم .
وعموما فان الصور التي يمكن أن يكون فيها الخطأ و التي يتطلًبها القانون الجنائي بمقتضى نصوصه ، أن يكون ذلك الخطأ ناشئا عن إهمال أو رعونة أو عدم احتراس ، أو عدم مراعاة للقوانين و اللوائح و الأنظمة فأي صورة من هذه الصور يتحقق بها الخطأ الذي تقع به الجريمة غير العمدية بما في ذلك الجرائم الماسة بالبيئة ، فالرعونة نوع من سوء التقدير والطيش في عمل يتعين بفاعله أن يكون على علم به ، وعدم الاحتياط يعني الاستخفاف بالأمر فرغم إدراك الفاعل لخطورة عمله إلاً انه يستخف به ظنا منه أنه يمكنه تجنب حدوث الضرر ، أما الإهمال و الذي يقصد من وراءه حصول خطأ بطريق سلبي نتيجة لترك واجب أو الامتناع عن تنفيذ أمر ما ، وأخيرا عدم مراعاة الأنظمة و القوانين وتتعلق أساسا بجرائم الخطر[77] ، هذه الصور تتكرر كثيرا في الجرائم الماسة بالبيئة .[78]
و إذا كانت الجرائم الماسة بالبيئة تتحقق في صورتها غير العمدية فان صور الخطأ غير العمدي تتجلى فيها أيضا ، ولم تخلو أحكام نصوص قانون العقوبات من الإشارة إليها و الحال نفسه بالنسبة للقوانين والتنظيمات ذات الصلة ، في التشريع الجزائري ، ففي قانون العقوبات –نجد مثلا –المادة 450 فقرة 3 و التي تنص على عقوبة الحريق غير العمدي ، والمادة 463 فقرة 1 تنص على العقوبات المقررة لإلقاء الأقذار على أحد الأشخاص ، و المادة 457 فقرة 1 تنص على العقوبة المقترنة بالتسبب في موت أو جرح حيوانات أو مواشي مملوكة للغير [79]والأمر لا يختلف عنه في النصوص التنظيمية المتعلقة بحماية البيئة ، و الجرائم الوارد ذكرها في التشريع النافذ فمن أمثلة ذلك ما جاء في نص المادة 97 فقرة 1 من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة[80] إذا جاء في نصها” يعاقب بغرامة من مائة ألف دينار إلى مليون دينار كل ربان سفينة تسبب بسوء تصرفه أو رعونته أو غفلته أو إخلاله بالقوانين و الأنظمة في وقوع حادث ملاحي أولم يتحكم فيه أولم يتفاداه ونجم عنه تدفق مواد تلوث المياه الخاضعة للقضاء الجزائري…..” و أشارت أيضا المواد 17 و 18 من قانون تسيير النفايات [81] ، إلى العقوبات المقرر ة عند عدم الاحتياط في التعامل مع النفايات الخطرة و النفايات الناتجة عن النشاطات العلاجية ،وتطرق القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي إلى الجرائم غير العمدية المتصلة بعدم مراعاة القوانين والتنظيم المعمول به في المادة 45 على سبيل المثال فيما تعلق بإجراء الأبحاث الأثرية دون ترخيص ، والمادة 98 فيما يخص شغل ممتلك ثقافي عقاري غير مصنف أو استعماله بشكل غير مطابق للترخيص [82].
غير أن الملاحظ على هذه الأحكام والنصوص الوارد في التشريع الجزائري اكتفى المشرع فيها بالصور الواردة في قانون العقوبات ، على الرغم من التطور الذي عرفته الجرائم و أنواعها وتصنيفاتها خاصة تلك المتعلقة بالمسائل البيئية ، ولم يعط التعريف الدقيق للجرائم غير العمدية ومن ثم كان من الواجب على المشرع أن يفكر في إدراج النص القانوني الذي يضبط مفهوم الخطأ وتحديده استنادا إلى التعريف الوارد في مشروع قانون العقوبات المصري المنوه عنه سلفا ، و الذي ينصرف إلى تحديد الخطأ ومن ثم تقرير العقوبة المناسبة و رفع اللبس عن القاضي في تقدير العقوبة للجريمة غير العمدية متى تطابقت ظروفها مع التعريف المدرج ضمن قانون العقوبات أواحد النصوص القانونية ذات الصلة .
وما يستشف مما تم التطرق إليه بخصوص الركن المعنوي للجريمة البيئية فإن قسما كبيرا من الجرائم الماسة بالبيئة هي جرائم غير عمدية وفقا للتقسيم التقليدي لقانون العقوبات ، نظرا لورودها في شكل عدم أخذ الاحتياط اللازم و الإهمال و اللامبالاة و عدم مراعاة الأنظمة و القوانين و هي صور الخطأ غير العمدي كما اشرنا إليه ، غير أن نتائجها تبلغ حدا من الجسامة لا تتوافق فيه مع العقاب المقرر لها ، و بالتالي وجب إعادة النظر فيها وتشديد العقوبة في حالة الضرر الجسيم حتى وان كانت الجريمة غير عمدية في المادة البيئية.
المبحث الثاني :السلوك الإجرامي و علاقة السببية في الجرائم الماسة بالبيئة ( الركن المادي )
يعرف الركن المادي للجريمة على وجه العموم انه الوجه الخارجي ذو الطبيعة المادية الملموسة تدركه الحواس بخلاف الأفكار والمعتقدات و النوايا ، فهي مشروعة طالما لم تتجسد في شكل سلوك مادي ظاهر في العالم الخارجي [83] ولا ينسب السلوك الإجرامي إلاً للإنسان لاقترانه بالإرادة حتى تتم التفرقة بين السلوك الإجرامي وبين فعل الطبيعة و الحيوان [84]
ويقوم الركن المادي على ثلاثة عناصر متتالية تشمل السلوك و النتيجة والعلاقة السببية ، وينطبق ما يقال في الجرائم التقليدية فيما تعلق بالركن المادي على الجرائم المستحدثة والتي من بينها الجرائم الماسة بالبيئة ، غير انه ومن خلال التعاريف الكلاسيكية الواردة على الركن المادي نجد أنها اكتفت بالحديث عن السلوك ، و السلوك كما رأينا لا يرتبك إلاً بالإنسان و أغفلت النشاط وهو ما يرتبط بالشخص المعنوي ، ومن ثم فإن التعاريف السابقة حتى وإن كانت في عمق مدلولها قد أحاطت بالركن المادي غير انه يسجل عليها إغفال النشاط المؤسسي الذي أصبح ينجم عنه ضررا و يشكل خطرا على البيئة بعيدا عن سلوك الأفراد فالنشاط وان أخرجه للعلن أشخاص طبيعيون لكنه ليس بإرادتهم و لا تعبير عن نواياهم بل هو أداء لمهاهم منوطة بهم ، فالمفاهيم الحديثة و الآراء الفقهية المعاصرة أصبحت تقيم المسؤولية الجنائية على الأشخاص المعنوية لا على الأفراد المنتمين إليها ،ومن ثم كان من الأحسن إدراج التعريف التالي للركن المادي ( كل فعل أو نشاط خارجي ذو طبيعة مادية جرمه القانون ، يسبب ضررا أو يشكل خطرا على مصلحة او قيمة مجتمعية محمية قانونا)، وفي سياق التعاريف الكلاسيكية سنتوقف عند العناصر الثلاث للركن المادي ولو بصورة موجزة على النحو التالي :
- المطلب الأول : السلوك الإجرامي
- المطلب الثاني : النتيجة الإجرامية في الجرائم الماسة بالبيئة
- المطلب الثالث : العلاقة السببية في الجرائم الماسة بالبيئة
المطلب الأول : السلوك الإجرامي
يعرف السلوك الإجرامي البيئي على انه إتيان الجاني لنشاط ايجابي أو سلبي من شأنه تلويث البيئة أو احد عناصرها أو إحداث خلل بمكوناتها[85]
ومن خلال هذا التعريف يتضح لنا أن السلوك الإجرامي إما أن يكون بالإتيان وهو السلوك الايجابي و إما الامتناع وهو السلوك السلبي ، و السلوك الإجرامي عموما هو سلوك ذو مظاهر مادية ملموسة تتحقق في العالم الخارجي يؤدي إلى الضرر بالمصالح المراد حمايتها أو تهديدها بحدوثه و يضع المشرع في اعتباره هذه المظاهر المادية حينما يتدخل بالتجريم و العقاب [86]
و السلوك الإجرامي في الجرائم الماسة بالبيئة يتميز بخصائص معينة تحدد ماهيته وطبيعته ، وتساهم في تمييز هذه الطائفة من الجرائم عن غيرها من الجرائم الأخرى ، ومن ثم فإن الجريمة الماسة بالبيئة تتحقق بكل نشاط مادي يأتيه الجاني سواء اتخذ هذا النشاط صورة الفعل الإيجابي عن طريق إتيان فعل نهى عنه القانون أو عن طريق صورة الفعل السلبي أي بالامتناع عن فعل أمر به القانون [87]
كما يأخذ السلوك الإجرامي في الجرائم الماسة بالبيئة صورته المباشرة وغير المباشرة طبقا لما جاء في المادة 04 من قانون حماية البيئة الجزائري [88] حيث يكون مباشرا بإضافة مواد ملوثة أو إدخالها إلى الوسط البيئي دون تدخل عنصر وسيط بين الفعل و وصول المادة الملوثة كتفريغ النفط في البحار ، أو بصورة غير مباشرة بتدخل عنصر وسيط بين السلوك الإجرامي ووصول تلك المادة الملوثة كإحداث إشعاعات نووية بواسطة المتفاعلات بحيث تشكل كمية ضخمة وتنتقل بفعل الرياح مما يؤدي لحدوث التلوث الإشعاعي [89]
ويأخذ السلوك الإيجابي السمة الغالبة في الجرائم الماسة بالبيئة ومن بين أهم السلوكيات المحظورة في مجال البيئة ما وردمنها في قانون الصيد مثلا [90] رقم 04-07بموجب المادة 56 منه و التي تنص على حظر حيازة أو نقل أو استعمال أو بيع بالتجول أو شراء أو عرض للبيع أو تحنيط الأصناف المحمية قانونا ، وما أورده المشرع الجزائري أيضا بموجب نص المادة 92 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات السالف الذكر ، إذ نص على حظر تسليم أو العمل على تسليم نفايات خاصة خطرة بغرض معالجتها إلى شخص مستغل لمنشأة غير مرخص لها بمعالجة هذا الصنف ، وهناك العديد من النصوص الخاصة التي أشارت صراحة إلى السلوك الايجابي في الجرائم الماسة بالبيئة ، أما عن السلوك السلبي فقد تناوله المشرع أيضا بمجموعة من النصوص نذكر منها ما جاء في نص المادة 98 من القانون المتعلق بحماية البيئة 03-10 ، انه جرم عدم الإبلاغ عن حادث ملاحي داخل الإقليم الجزائري لسفينة تحمل مواد خطرة ، و أيضا تناوله من خلال نص المادة 94 من القانون 98-04 [91]، اذ جرمت فعل الامتناع عن التصريح بالأشياء المكتشفة أثناء الأبحاث الأثرية المرخص بها وعدم تسليمها للدولة ، ونجد أيضا نص المادة 48 من القانون 84-12 المتعلق بالغابات و التي تنص على معاقبة كل شخص مسخر قانونا رفض تقديم مساهمة في مكافحة حرائق الغابات بدون سبب مبرر ، بالإضافة إلى نصوص كثيرة أخرى جاءت في سياق تجريم السلوكات السلبية الماسة بسلامة البيئة لا يتسع المقام إلى عرضها كلها، وتبقى الميزة الأكثر بروزا في السلوك الإجرامي في الجرائم الماسة بالبيئة كون إتيانه يتممن خلال الأشخاص الطبيعية شانه في ذلك شأن الجرائم التقليدية ولا لبس في تحديد ماهيته وتطبيقاته العملية كما ينسب إلى الأشخاص المعنوية الخاصة طبقا للمادة 51 مكرر من قانون العقوبات الجزائري و الأشخاص المعنوية العامة ذات الطابع الاقتصادي في عمومه طبقا للمادة 18 من القانون 03- 10 والذي حصر مجموع النشاطات التي تقوم بها المؤسسات الخاصة وذات الطابع العمومي وصنفها وأطلق عليها تسمية المنشآت المصنفة و التي يحكم تنظيمها و إنشائها وسير عملها المرسوم التنفيذي 06-198 الذي يضبط التنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة لحماية البيئة [92]، وهو ما يجعلنا نبحث في الأساس القانوني و الفقهي للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عموما من خلال هذه الدراسة في حينه .
المطلب الثاني : النتيجة الإجرامية في الجرائم الماسة بالبيئة
ينصرف المدلول القانوني للنتيجة الإجرامية إلى الاعتداء على مصلحة أو حق يحميه القانون جنائيا وتجسيده ماديا من خلال التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي ، فالنتيجة الإجرامية إذن هي الأثر المترتب على السلوك الإجرامي و الذي يقر له القانون الجنائي عقوبة له ، ومن ثم فهو يأخذ بعين الاعتبار في البناء القانوني للجريمة [93]، و عرف بعض الفقهاء النتيجة الإجرامية على أنها ” الأثر الطبيعي الذي يتمخض عنه السلوك و يعتد به القانون [94]غير أن قواعد القانون الجنائي أقرت بعدم تحقق النتيجة في بعض الجرائم و التي سميت بالجرائم المستحيلة و رغم ذلك يعاقب عليها القانون ، ووفقا للأحكام العامة للقانون الجنائي فان الجرائم الماسة بالبيئة لا تخرج عن هذه القواعد في النتيجة الإجرامية في غالب الأحوال ، بالرغم من أنها تأخذ منهجا قانونيا مستحدثا يتميز عن النتيجة الإجرامية التقليدية ، فالجرائم الماسة بالبيئة تتطلب في بعض صورها تحقق النتيجة المادية كأثر للسلوك الصادر عن الجاني حتى يمكن القول بقيامها و تكامل أركانها [95] و بمعنى آخر أن النتيجة الإجرامية الضارة هي التغيير الذي يطرأ على الواقع المحيط بشخص الفاعل و ذلك بتأثير الفعل أو السلوك المحظور الذي ارتكبه [96]، كما يمكن أن تكون هنالك جرائم بيئية دون أن تتحقق هذه النتيجة في وقت حدوث الجرم أو أن تأخذ وقتا لحدوثها أو أن الفعل مجرم لمجرد ارتكابه بغض النظر عن تحقق النتيجة الإجرامية من عدمها .
الفرع الأول : النتيجة الإجرامية البيئية على أساس الضرر البيئي
ينظر إلى النتيجة الإجرامية البيئية على أساس الضرر البيئي و الذي يتمثل في الإضرار بالعناصر البيئية و التقليل من قيمتها و استنزافها و إعاقة أنشطتها الطبيعية ، أما صورة ما إذا لم تتحقق النتيجة ووفقا للمدلول القانوني فإن النتيجة الإجرامية البيئية هي الاعتداء على المصلحة التي يحميها القانون سواء أدى هذا الاعتداء الى الإضرار بالمصلحة المعتدى عليها أو تهديدها بالخطر ، وعلى ذلك نكون أمام جرائم الخطر و التي تتمثل في مجرد وقوع تهديد على مصلحة محميا قانونا بتعريضها للخطر .
وفي الجرائم البيئية ينصب التجريم على ذات النشاط الإجرامي للجاني فعلا كان أو امتناعا ، بغض النظر عن أي نتيجة مستقلة يؤدي إليها هذا النشاط [97]، و بناءا عليه فإن المسؤولية الجنائية البيئية تقوم متى ما تتحقق النتيجة محددة كما تقوم في حالة إتيان الفعل أو الامتناع عنه و من شأنه تعريض مصلحة محمية للخطر ، ومثاله التلوث الإشعاعي الناتج عن إطلاق مواد مشعة بسبب خطأ في تشغيل المنشأة النووية ، وقد يتراخى ظهور الإضرار الناجمة عن تلويث البيئة لفترة زمنية دون أن تظهر أعراض محددة بل قد لا تظهر إلاً في الأجيال القادمة ، وقد أورد المشرع الجزائري في القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة ما يوصف بجرائم الخطر و مثاله ما جاء في نص المادة 44 منه في مطتها الأولى ” … تشكيل خطر على الصحة البشرية …” و من ثم نجد أنفسنا أمام نتيجة إجرامية ضارة ونتيجة إجرامية خطرة[98]
ومن خلال استقراء النصوص القانونية الواردة بشأن البيئة عموما وتلك التي أدرجها المشرع الجزائري ضمن المنظومة القانونية لحماية البيئة و عناصرها يمكننا تعريف الضرر البيئي على انه ” كل تأثير على البيئة من شأنه أن يغير في البيئة أو يضر بالصحة أو سلامة الإنسان أو النبات أو الحيوان أو الهواء أو الجو و الماء و الأرض و الممتلكات الجماعية و الفردية “[99].
ويشمل الضرر البيئي الإضرار بالكائنات الحية أو الآثار و الماء و الهواء و الجو و استنزاف المواد الطبيعية ، كما يشمل ما يؤدي إلى التأثير على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية ، ولقد أورد المشرع الجزائري في القانون 03-10 ما من شأنه توضيح مدلول الضرر البيئي من خلال نص المادة 04 منه بنصها “…. ذلك التغيير في الخصائص الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية للماء يتسبب في مخاطر على صحة الإنسان ، وتضر بالحيوانات و النباتات البرية و المائية ، وتمس بجمال المواقع أو تعرقل أي استعمال طبيعي آخر للمياه[100]
و الحال نفسه بالنسبة للمشرع المصري في نص المادة الأولى فقرة 7 من القانون رقم 4 لسنة 1994 المتعلق بالبيئة على أن التلوث هو ” أي تغيير في خواص البيئة مما يؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالكائنات الحية و المنشأة أو يؤثر على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية ، كما يعني تدهور البيئة في الفقرة 8 من نفس المادة ” التأثير على البيئة بما يقلل من قيمتها أو يشوه طبيعتها البيئية أو يستنزف مواردها أو يضر بالكائنات الحية أو بالآثار [101]
ومن ثم يكون الضرر البيئي أو التلوث وجهان لعملة واحدة ذلك أن معنى التلوث ينطبق على المكونات الكيميائية و العناصر المركبة من الجينات و الأحياء و الميكرو بيولوجية ، في حين الضرر البيئي بالمفهوم العام يصيب النبات و المنشآت و استنزاف الموارد الطبيعية كالسواحل و الغابات و الآثار و المناطق المحمية وجماليتها.
ومن بين جرائم الضرر البيئي التي يمكن يستدل بالنص القانوني الذي جرمها ما جاء في القانون 84-12 المتعلق بالغابات المعدل والمتمم إذ تنص على ” يعاقب بغرامة من2000 إلى 4000 دج كل من قام بقطع أو قلع أشجار تقل دائرتها عن 20 سنتمتر على علو يبلغ مترا واحدا عن سطح الأرض ……[102]“وكذلك ما جاء ضمن أحكام القانون01-11 [103] “يعاقب بالحبس من 02 سنتين إلى 05 خمس سنوات و أ, غرامة من 500.000 دج إلى 2.000.00 دج كل من استعمل في نشاطاته المتعلقة بالصيد مواد متفجرة أو كيميائية أو طعما أو طرق قتل بالكهرباء من شأنها إضعاف أو تكسير أو إتلاف الموارد البيولوجية ………”
الفرع الثاني : النتيجة الإجرامية البيئية على أساس الخطر
ليس متطلب في توقيع الجزاء على ارتكاب جريمة تلويث البيئة حدوث نتيجة مادية محددة بأن يؤدى السلوك الإجرامي إلى تحقيق ضرر معين، فقد لا يتطلب لتـوافر الجريمة تحقق تلك النتيجة بغض النظر عن أي نتيجة مستقلة يؤدى إليها هذا النشاط المجرم حيث تقوم المسئولية الجنائية عن ارتكاب بعض جرائم تلويث البيئة في حالة السلوك المجرد، عندما يكون من شأن هذا السلوك تعريض المصلحة محل الحماية الجنائية للخطر ، و لا يتطلب تحقق نتيجة محددة ، وتفيد مجمل الدراسات الفقهية إن للخطر أهمية كبرى فى القانون الجنائي عموماً وفى نطاق جرائم تلويث البيئة بصفة خاصة، و هو ما سنوضحه من خلال التوقف عند مفهوم النتيجة الإجرامية الخطرة الذي يمثل تلك النتيجة الضارة المحتمل حدوثها مستقبلا ، ولهذا أولى المشرع الجنائي اهتمامه بها من خلال تجريم الفعل أو الواقعة بعيدا عن تحقق الضرر حالا أو تأخره ، فالتجريم ورد على الفعل لمجرد أنه تهديد مصلحة محمية قانونا بتعريضها للخطر لارتكاب الفعل [104]
فالخطر وصف یلحق بالجریمة وهو ضرر في طور التكوین ولم یتمتكوینه بعد، وینطوي على إمكانیة حدوث ضرر، وبهذا المعنى یعد الخطر تعدیلا في المحیط الخارجي شأنه في ذلك شأن الضرر، فهي حالة تنذر بحدوث الضرر[105]
و في الجرائم الماسة بالبيئة أين یتوسع المشرع في تجریمها لمنع وقوع النتائج الضارة، ذلك أن الواقع اثبت عدم قدرة المشرع على الإحاطة بكل تعقیدات وفنیات الحیاة العصریة، حیث تتم حمایة البیئة وفقا لإجراءات معقدة وصعبة وبعمل فني وتقني ، وهو ما یفسر توسع مجال جرائم الخطر في مواجهتها لأنشطة من الصعوبة بما كان تقییم آثارها بمعیار النتائج، ٕوان أمكن تقییمها بمعیار المخاطرة فیتنازل المشرع جبرا عن سیاسة التحدید الحصري للأفعال المجرمة، ویتبع سیاسة التحدید الوصفي في هذه الجرائم بهدف توفیر أقصى قدر من الحمایة الجنائیة لها،و من خلال حرص المشرع على توفیر أكبر قدر من الحمایة لهذه القیمة المهمة والأساسیة من قیم لحق المجتمع في حماية البيئة ولیس ضد الأفعال التي ألحقت الضرر بهذه القیمة، وهذه الحمایة تعتبر ضروریة ذلك أن النتائج الضارة المترتبة على أعمال التلویث غالبا ما یستحیل تدارك آثارها، والحد من تفاقمها وانتشارها السریع والمتلاحق. ومن أمثلة ذلك التلوث الإشعاعي والغازات السامة [106]
إن تجریم النتائج الخطرة ما هو إلا ترجمة للعديد من التوصيات والقرارات الصادرة عن مؤتمرات دولية نادت بذلك، ومنها القرار الرابع الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة حول منع الجريمة ومعاملة المذنبين المنعقدة في هافانا 1990والذي قرر إلزام الدول الأعضاء وبتقرير قواعد جنائية لحمایة الطبيعة والبيئة من إلقاء النفايات الخطرة أو غیرها من المواد التي تعرض البيئة للخطر وكذلك حمایة الطبیعة بما تشمله من منشآت خطیرة[107]
والحقیقة أن جرائم الخطر تفترض نتیجة في مدلولها المادي هي الآثار المادیة التي تنذر باحتمال حدوث اعتداء، وتفترض أیضا نتیجة في مدلولها القانوني إذا اخذ المشرع بهذه الآثار[108]، و لقد أخذ المشرع الجزائري بهذا النوع من النتائج ورصد لها عقوبات وفقا لما تضمنته نصوص قانون العقوبات وقانون حمایة البیئة و بعض القوانين الخاصة بحماية عنصر أو أكثر من عناصر البيئة وأمثلته كثيرة منها ما جاءت به المادة 25 من قانون حمایة البیئة10/03التي تنص: “عندما تنجم عن استغلال منشأة غیر واردة في قائمة المنشآت المصنفة أخطار أو أضرار تمس بالمصالح المذكورة في المادة 18 أعلاه، وبناءا على تقریر من مصالح البیئة یعذر الوالي المستغل ویحدد له أجلا لاتخاذ التدابیر الضروریة لإزالة الأخطار أو الأضرار المثبتة.”[109]
كما أدرج ضمن نصوصه مقتضیات الحمایة من الأضرار السمعیة إلى الوقایة أو القضاء أو الحد من انبعاث وانتشار الأصوات أو الذبذبات التي قد تشكل أخطارا وتضر بصحة الأشخاص وتسبب لهم اضطرابا مفرطا أو من شأنها أن تمس بالبیئة[110]، ومن هذا النص یتضح أن الهدف من حمایة البیئة السمعیة من الضوضاء هو الوقایة من الأخطار المتوقعة في المستقبل نتیجة لارتفاع الأصوات وحتى ولم یقع ضرر یمس البیئة والأشخاص، وكذلك ما أورده بشأن استغلال المنشآت بدون الترخيص المسبق برصد عقوبة الغرامة المقدرة من عشرة آلاف إلى مائة ألف كل من خالف أحكام المادة 40 من قانون حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة [111].
و من خلال استقراء النصوص التشريعية و التنظيمية نلاحظ أن المشرع الجنائي الجزائري عاقب بالغرامة لمخالفة عدم الحصول على التراخيص القانونیة لفتح المنشاة الجدیدة والعقوبة هنا تقوم لمجرد احتمال النتیجة الخطرة، وتوسعه في الأخذ بهذا النوع من النتائج الخطرة، وهذا الأسلوب من شأنه الوقایة من أحداث الأضرار البیئیة التي قد تنجم عن التلوث ولا یمكن إزالتها أو التخلص منها، و هو نفس المسار الذي أخذت به اغلب التشريعات الأخرى مستمدة أساسها التشريعي من الاتفاقيات و المواثيق الدولية التي كانت طرفا فيها والتي تلزم الدول بسن تشريعات وطنية تضمن إجراءات حمائية وأخرى جزائية تهدف للحفاظ على السلامة البيئية ومن بين اهم تلك النصوص الدولية الاتفاقية الأوربية لحماية البيئة عن طريق قانون العقوبات الموقعة من طرف المجلس الأوربي في 1998 [112]
ولما كانت ظاهرة تلويث البيئة مرتبطة بالتقدم التكنولوجي وتطور استخدامات الطاقة و الموارد الطبيعية صناعيا ، ثارت في الفقه الجنائي مسألة تجريم التعريض للخطر وتجلت أهميتها ذلك أن الجرائم الماسة بالبيئة يشكل جزء كبير منها جرائم خطر تعود بالنتائج السلبية المحتملة على البيئة [113]
المطلب الثالث : العلاقة السببية في الجرائم الماسة بالبيئة
يشترط الكيان المادي للجريمة وجود رابطة سببية بين الفعل والنتيجة ، أي أن يكون الفعل هو سبب وقوع النتيجة ، أما إذا وقعت النتيجة مستقلة عن الفعل ، وأمكن فصلها عنه فإن الكيان المادي للجريمة لا يتحقق ، وبالتالي فلا يعود ممكنا إسناد هذه النتيجة إلى مرتكب الفعل [114]، وهو ما يقال عن الرابطة السببية في جرائم البيئة والتي یفترض قیامها بین السلوك والنتیجة، غیر أن جرائم السلوك المجرد وكذلك جرائم الشروع لا تتطلب تحقق النتیجة وبالتالي فلا وجود لرابطة السببیة[115].
أما جرائم الضرر فیجب توافر الرابطة السببیة بین السلوك وبین النتیجة الإجرامية ، إلا أن هذه الجرائم تمتاز بعدم الوضوح، لان النتیجة تتراخى إلى مكان وزمان مختلفین عن مكان ارتكاب السلوك الإجرامي بالإضافة إلى تداخل عدة من عناصر خارجیة تساعد على تحقق النتیجة(الضرر في الوسط البیئي)[116].
الفرع الأول : طبيعة علاقة السببية في الجرائم الماسة بالبيئة:
من المتفق عليه فقها وقضاء إن الجرائم لا تقع دائما بفعل واحد ايجابيا كان أم سلبي فقد يحدث وأن تتعدد الأسباب ، وقد تساهم في إحداث النتيجة أفعال أخرى سابقة أو مقارن أو لاحقة للفعل الأول وربما تشترك كل هده الأفعال أو بعضها في إحداث النتيجة ، أو تحدث النتيجة بسبب فعل واحد منها فقط ، ومن هذا المنطلق انقسمت أراء الفقهاء حول هذا الموضوع وظهرت مجموعة من النظريات حاولت كل منها وضع معيار للعلاقة بين الفعل والنتيجة [117]
يتطلب المشرع في جرائم الضرر البيئي حدوث نتيجة معينة إذا تحققت بفعل الجاني المنفرد فلا تثور إي مشكلة قانونية في إثبات الرابطة السببية بين السلوك و النتيجة، إلا أن الصعوبة تثور في إثبات الرابطة السببية عندما تتداخل عدة عوامل في تحقق النتيجة الإجرامية، ومثال ذلك تلويث المياه الذي قد ينجم عن مخلفات ونفايات المصانع وكذا مرور السفن وما تلقيه من مخلفات أو نفايات تؤدي إلى تلويث المياه.[118] ولذلك سنتناول اهم النظريات المتعلقة بتفسير الرابطة السببية وإسقاطاتها على الجرائم الماسة بالبيئة
الفرع الثاني : تفسير الرابطة السببية وإسقاطاتها على الجرائم الماسة بالبيئة
اولا : نظرية الرابطة السببية المباشرة:
يرى أنصار هذه النظرية انه لا يمكن القول باكتمال الركن المادي إلاً إذا كان الفعل متصل بالنتيجة اتصالا مباشرا ، أما إذا تدخلت بين الفعل و النتيجة أفعال أو عوامل أخرى ساهمت في النتيجة الإجرامية فان الفاعل لا يسأل إلاً على النتيجة التي تولدت عن فعله المباشر [119]، وفي الجرائم الماسة بالبيئة ینحصر هذا السلوك الإجرامي والنتیجة في الاتصال المادي أو الارتباط المادي بینهما[120]
نظرية السبب الأقوى في الرابطة السببية :
لم يتقبل جانب من الفقه نظرية السببية المباشرة ، ومن بينهم الفقهاء الألمان وعلتهم في ذلك ضيقها وعدم مسائلة الجاني عن نتائج يقتضي المنطق إلحاقها بفعله ، فأوجدوا نظرية السبب الأقوى أو السبب الفعال ، ومفادها أن يكون الفعل أو السلوك هو السبب الأقوى بين الأفعال الأخرى التي ساهمت في إحداث النتيجة و بعبارة أدق أن الفعل هو السبب الأساسي و الأفعال أو العوامل الأخرى مجرد عوامل مساعدة [121]
غیر أن هذه النظرية انتقدت على أساس صعوبة تحديد العامل أو المعيار أو السبب الأقوى الذي أدى إلى إحداث النتيجة فهذه النظرية بحاجة إلى مزيد من الضبط ، كما أنه لا يمكن الأخذ بهذه النظرية في الجرائم الماسة بالبيئة كونها تضيق من نطاق المسؤولية الجنائية، على عكس طبيعة التلوث و الضرر البيئي الذي يتسم في الكثير من الأحيان بتعدد الجناة سواء من الأفراد أو المؤسسات الصناعية أو المختبرات أو السفن أو أي مصادر أخرى
ثانيا :نظرية تعادل الأسباب في الرابطة السببية :
وتعد هذه النظرية من بين أوسع النظريات التي عالجت مشكلة السببية ، وقد عرفت عند الفقه الألماني الحديث ، ومفادها إن جميع الأفعال التي تدخل في إحداث النتيجة الجرمية متعادلة و متساوية ، و بالتالي تكون سببا في حدوثها بصرف النظر ن مقدار مساهمة كل واحد منها و أهميته في إحداث النتيجة [122]، وما یمیز هذه النظرية هو البساطة والوضوح.
ويعاب على هذه النظرية أيضا أنها لم تميز بين العوامل من حيث قوة تأثيرها في حدوث النتيجة من جهة وبين العوامل المألوفة والشاذة من جهة أخرى فهي تنسب النتيجة دائما للجاني لمجرد كونه أحد العوامل التي ساهمت في حدوثها[123]،بالإضافة إلى أنها غير عادلة لأنها تجعل سلوك الجاني سببا في النتيجة الإجرامية بصفة دائمة حتى ولو كانت المسافة بينه وبين تلك النتيجة بعيدة أو حتى ولو كان تأثيرها ضعيفا لحدوث هذه النتيجة[124]
وفي الجرائم الماسة بالبیئة خصوصا جرائم الضرر أين تتداخل جملة من العوامل في أحداث الضرر البیئي، فقد انقسم رأي الفقهاء إلى رأيين يرى أنصار الرأي الأول بملائمة هذه النظریة بالنسبة لهذه الجرائم بغض النظر عن مدى مساهمة الجاني فیها، وعلتهم في ذلك أن سلوك الجاني هو أحد العوامل والأسباب التي تحقق النتیجة بهذه الصورة وعلى هذه النحو، ولو تحققت كل العوامل الأخرى عدا سلوك الجاني فإنه لا تحقق هذه النتیجة بهذه الصورة، وعلیه فإن سلوك الجاني هو من أعطي للنتیجة تلك الصلاحیة و قوتها السببية[125]
و من ثم فان هذه النظریة من منظور أنصار هذا التوجه أنها تتلاءم كثيرا مع جرائم البیئة كونها تسایر غایة المشرع من وراء التوسع في مفهوم الركن المادي لها، وذلك من أجل ضمان أكبر قدر من الحمایة و الفعالیة لهذه الجرائم [126]، بينما ينفي أنصار الرأي الثاني ملائمة هذه النظرية للجرائم الماسة بالبيئة وعلتهم في ذلك توسعها في مجال تحميل المسؤولية الجنائية وتقرير العقاب على نطاق واسع دون أن تقضي مصلحة المجتمع ذلك ، بالإضافة إلى تصادمها مع هدف القانون البيئي في حد ذاته الذي يقوم على مبدأ الوقاية والحماية وليس الردع والعقوبة ،إلى جانب تعارضها مع السياسة البيئية الفعالة التي تنطوي على استخدام الوساطة والمصالحة الإدارية[127].
ثالثا : نظرية الملائمة في الرابطة السببية:
تقضي هذه النظرية أن النتيجة تترتب عن الفعل بصورة مباشرة إذا كانت هذه النتائج مألوفة بالنسبة للظروف و العوامل التي وقع فيها الفعل ، طبقا لهذه النظرية يجب التفرقة بين العوامل والأسباب التي تتداخل في إحداث النتيجة، على أساس دور كل منها بالنسبة لتحقيق تلك النتيجة، فالسبب والعامل الملائم هو الذي يكون وحده كافيا لأحداث النتيجة الإجرامية ، وفق المجرى العادي للأمور، أما إذا كانت هذه العوامل شاذة وغير مألوفة وفقا للمجرى العادي للأمور فإن علاقة السببية بين السلوك والنتيجة تنقطع ومن ثَمّ لا يسأل الجاني عن النتيجة التي حدثت ،والعوامل المألوفة هي التي يتوقعها الرجل العادي في الظروف التي َتمّ فيها هذا السلوك [128] ،بالرغم من صعوبة التمييز في بعض الحالات بين العوامل المألوفة والعوامل الشاذة، إلا أن نظرية السبب الملائم تعتبر من بين أفضل النظريات السابقة وأقربها إلى الواقع، وعليه يمكن الأخذ بهذه النظرية في الجرائم الماسة بالبيئة ، سواء في جرائم الضرر أو في جرائم التعريض للخطر العام.حيث يعد نشاط الجاني في جرائم الضرر التي تمس بالوسط البيئي سببا لتحقق النتيجة الإجرامية، إذا كان صالحا في الظروف التي وقع فيها لأحداث تلك النتيجة وفقا للمجرى العادي للأمور، حتى وإن تضافرت معه عدة عوامل سببية أخرى لترتيب النتيجة مادامت هذه العوامل مألوفة ومتوقعة وفقا لمعيار الرجل العادي، وعليه يمكن الإقرار بملائمة نظرية السبب الملائم أكثر من غيرها من النظريات في جرائم تلويث البيئة التي تعد من قبيل جرائم الضرر.
أما بالنسبة لجرائم تلويث البيئة التي تعد من قبيل جرائم التعريض للخطر العام فيتلاءم إسنادها الموضوعي مع نظرية السبب الملائم، حيث أن الحكم بتوافر الفاعلية السببية للسلوك وتلك الجرائم يقوم على الاحتمال، لأن النتيجة لم تتحقق فعلا حتى يمكن الجزم بفاعلية السلوك في إحداثها[129]،وبالأخذ بهذه النظرية يعد السلوك الذي باشره الجاني سببا في توافر الخطر إذا كانت العوامل التي ساهمت معه في إحداث هذه النتيجة، سواء كانت هذه العوامل سابقة عليه أو معاصرة له ، تجعل من المحتمل وقوع نتيجة ضارة، مادامت هذه العوامل متوقعة ومألوفة وفقا للمجرى العادي للأمور ، و يشترط في هذا التوقع ما یلي:
أن يكون معياره موضوعيا أي أن يأخذ في الاعتبار السلوك والظروف التي أحاطت بهتوافر صفة الإمكان الموضوعية.[130]
خاتمة :
بعد التطرق إلى مدلول الجريمة الماسة بالبيئة و ما أثارته من أراء وتوجهات فقهية من حيث الاعتراف القانوني بوجودها ومدى ملائمة قواعد القانون الجنائي ومبادئه لتطبيقها على الوقائع التي تشكل جرائم في مفهوم قانون العقوبات وفي مضمون النصوص القانونية الخاصة بالبيئة و القوانين المكملة لها ، و إسقاط النظريات الفقهية المتعلقة باكتمال أركان الجريمة بوصفها الجنائي ، يثور التساؤل حول إقامة المسؤولية الجزائية على المتسبب فيها
ذلك أن هذا النوع من الجرائم ذو طبيعة خاصة و معقدة كما أوضحنا ذلك ، لكن المشرع الجنائي لم يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الإشكالية على المستويين الدولي أو الداخلي وهو ما كان موضع متابعة ودراسة وتحيين انطلاقا من مؤتمر استوكهلم 1972 ولا يزال يتابع الأوضاع البيئية و العمل على حماية البيئة و اتخاذ التدابير الكفيلة بردع المتسببين في تلويث البيئة أو إلحاق الضرر بها أو حتى تشكيل الخطر ، وهو ما نتج عنه الإقرار بالمسؤولية الجنائية عن الجرائم الماسة بالبيئة في القانون الدولي عموما وضمن اغلب التشريعات الوطنية الداخلية التي تشكل امتدادا لالتزامات الدول في المواثيق والاتفاقيات الدولية ، وما يمكن الاشارة إليه من خلال هذه الورقة البحثية الموجزة هو أن الجرائم الماسة بالبيئة وعلى الرغم من تعقيداتها الفنية و التقنية و ارتباطها بعناصر طبيعية و أخرى صناعية يصعب تحديد وقت وقوع نتائج التعامل معها و محاكاتها للعناصر الأساسية للبيئة ، إلا أن التطورات التشريعية استطاعت أن تواكب هذا التطور من خلال تجسيد الحماية الجزائية المستحدثة ، وذلك بتبنيه للنظريات الحديثة في فقه القانون الجنائي و التي تتنازل في أحيان كثيرة عن البناء القانوني للجرائم عموما و الذي يرتكز على الأركان العامة للجريمة (شرعي ، معنوي ، مادي ) و تكتفي في تلك الجرائم المستحدثة بماديات الجريمة إما لارتباطها بشخص الفاعل –عندما يتعلق الأمر بالشخص الاعتباري ، وإما لتعذر تحقق النتيجة حالا و تأخر حدوثها وصعوبة توقع جسامتها و مرد ذلك الى أن الجرائم الماسة باليبيئة تتعلق في معظمها بمخالفة القوانين والتنظيمات السارية و ترتبط بعمليات التسيير و الإدارة عموما ، و من ثم يمكننا أن نستخلص بان الجرائم الماسة بالبيئة تعتبر من الجرائم ذات الطبيعة الخاصة ولذلك عاملها المشرع الجنائي معاملة خاصة من خلال إفراد نصوص تجريمية ضمن التشريعات الخاصة بالبيئة بالإضافة إلى القواعد العامة التي يتضمنها قانون العقوبات العام و هو ما لمسناه من خلال ما جاء به التشريع الجزائري و بعض التشريعات المقارنة التي تناولتها الورقة البحثية .
قائمة المصادر والمراجع:
- مجلة كلية الحقوق ، جامعة النهرين ،نظام توفيق المجالي ، نطاق الحماية الجنائية للبيئة–دراسة في التشريع الأردني –، المجلد 15 العدد 09 السنة 2006 ، العراق ، ص 32
- الجمهورية الجزائرية ،دستور الجمهورية الجزائرية ، المعدل بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016 جريدة رسمية عدد 14 لسنة 2016
- مجلة كلية الحقوق ، جامعة النهرين ،نظام توفيق المجالي ، المرجع السابق ، ص 34
- المجلة العربية للدراسات الأمنية و التدريب ،محمد المدني بوساق ، الجزاءات الجنائية لحماية البيئة في الشريعة و النظم المعاصرة ، ، المجلد 16 العدد 31 ، ص 181 .
- الفتني منير ، الحماية الجنائية للبيئة البحرية ، دراسة مقارنة ، مذكرة ماجستير ،كلية الحقوق، جامعة الجزائر1 ، 2014 ، ص56
- ابتسام سعيد الملكاوي ، جريمة تلويث البيئة ، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، 2008، الطبعة الأولى ، عمان ، الاردن ، ص 75
- محمد لموسخ ، الحماية الجنائية للبيئة ، دراسة مقارنة بين الشريعة الاسلامية و القانون الوضعي ، اطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة ، 2009 ، ص 95
- مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية و السياسية ، م. آدم سميان ذياب الغريري ، حماية البيئة في جرائم المخالفات ، ، العدد 1 السنة ، 2009 ص ص386 387 ، ISSN 25196138
- مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية و السياسية ، م. آدم سميان ذياب الغريري ، المرجع السابق
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص ص97 98
- الجمهورية الجزائرية ، القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة المؤرخ في 19 يوليو 2003 الجريدة الرسمية عدد 43 لسنة 2003 .
- الجمهورية الجزائرية ،المواد 81 ، 82 ،84 ، 90 و93من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة ، مرجع سابق .
- الجمهورية الجزائرية المواد 83، 86 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة ، مرجع سابق
- ابتسام سعيد الملكاوي ، جريمة تلويث البيئة ، المرجع السابق ، ص 76
- عادل ماهر سيد أحمد الألفي ، الحماية الجنائية للبيئة ، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق ، جامعة المنصورة ، جمهورية مصر العربية ، 2001 ،ص273
- عادل ماهر الألفي ، نفس الرجع ، ص 274
- نور الدين حمشة ، الحماية الجنائية للبيئة دراسة مقارنة بين الفقه الاسلامي و القانون الوضعي ، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق ، جامعة حاج لخضر باتنة ، 2006 ، ص78
- عادلماهر الألفي ، نقس المرجع ، ص 275
- الفتني منير ، الحماية الجنائية للبيئة البحرية ، دالمرجع السابق ، ص 82
- ابتسام سعيد الملكاوي ، مرجع سابق ، ص 76 ، عادل ماهر الألفي ، مرجع سابق ،ص277
- محمد المدني بوساق ، مرجع سابق ، ص ص182 183
- عادل ماهر الألفي،مرجع سابق ، ص 277
- عامر محمد الدميري ، الحماية الجزائية للبيئة في التشريعات الأردنية ، رسالة ماجستير في القانون العام، جامعة الشرق الأوسط ، الأردن ، 2010 .
- ويزه بلعسلي ، المسؤولية الجزائية للشخص المعنويعن الجريمة الاقتصادية ، رسالة دكتوراه في القانون ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة تيزي وزو ،2014، ص 8.
- مجلة جامعة كربلاء، سالم نعمة رشيد و سلام مؤيد شريف ، الحماية الجنائية للبيئة من التلوث ، ، المجلد 13 العدد 2 2015 ص 101 issn 18130410
- نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 82
- عبد الأحد جمال الدين ، النظرية العامة للجريمة ، الجزءالأول ، دار الفكر العربي ،1996 القاهرة ، مصر ، ص330
- محمد زكريا بوعامر ، سليمان عبد المنعم ، القسم العام من قانون العقوبات ، دار الجامعة الجديدة ،دون سنة نشر ، الإسكندرية ، مصر ، ص 337
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 279
- مجلة جامعة كربلاء ،سالم نعمة رشيد و سلام مؤيد شريف ، نفس المرجع ، ص 101
- السعيد رمضان ، الركن المعنوي في المخالفات رسالة دكتوراه ، مؤسسة مصر للطباعة الحديثة ،1989 ، مصر ،ص128
- براء منذر كمال، مبدأ لا مسؤولية بدون خطأ ، ورقة بحثية ، كلية الحقوق،جامعة تكريت ، العراق ص 7
- Cass crim ,28-05- 1978 , rev, gur , enuir, 1976 p19
- عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص158
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص163
- عبد الأحد جمال الدين ، النظرية العامة للجريمة ، الجزءالأول ، دار الفكر العربي ، 1996 ، القاهرة، مصر ، ص 332
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 281
- الفتني منير ، المرجع السابق ، ص 83
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 168
- محمد لموسخ ، نفس المرجع ، ص 169
- الجمهورية الجزائرية [1] المواد31، 40 ، 44، 45 ، 46القانون03-10 المتضمن حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ،
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 282
- علي عدنان الفيل ، القانون الجنائي المقارن ، الطبعة الأولى 2010 ، دار الجنادرية للنشر و التوزيع ، عمان ،الأردن ،ص122
- الجمهورية الجزائرية ، المادة 64 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و ازالتها ، مرجع سابق
- الجمهورية الجزائرية ، المادة 108 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق .
- الجمهورية الجزائرية ، المادة 74 من دستور الجمهورية الجزائرية الصادر بموجب االقانون رقم 16-01 المؤرخ في 06-03-2016 جريد رسمية عدد 14
- الجمهورية الجزائرية ، قانون رقم 11-02 المؤرخ في 17-02-2011 يتعلق بالمجالات المحمية في اطار التنمية المستدامة ، جريدة رسمية عدد 13 2011
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 284
- محمد لموسخ، المرجع السابق، ص 285
- بركاوي عبد الرحمان ، الحماية الجزائية للبيئة ، اطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ، كلية الحقوق والعوم السياسية ، جامعة سيدي بلعباس ، 2017 ص165
- محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 223
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 286
- الجمهورية الجزائرية المادة 102 من القانون رقم 03-10 المؤرخ في 20-70-2003 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
- عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص 296
- الجمهورية الجزائريةالمادة 58 من القانون 03- 10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
- الجمهورية الجزائرية المادة 97 من لقانون 03- 10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
- عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص 297
- محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 222
- نصيرة تواتي ، محاضرات في القانونالجنائي العام ،مطبوعة جامعية ، كلية الحقوقوالعلوم السياسية، جامعة بجاية 2005 ، ص39
- أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجنائي العام ،الطبعة 5، 2007، دار هومة للطباعة ، الجزائرص129
- الجمهورية الجزائرية المادة 09 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها ،مرجع سابق
- علي عبد القادر القهوجي ، المرجع السابق ، ص 416
- محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 230
- نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 112
- احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 355
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 300
- عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص 301
- لقمان بامون ،المرجع السابق ، ص 72
- احمد فتحي سرور، المرجع السابق ، ص355
- الجمهورية الجزائرية،المادة 483 من الأمر رقم 76-80 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98-05 المتضمن القانون البحري الجزائري ،مرجع سابق .
- الجمهورية الجزائرية، المواد 264 ، 442 من الامر 66-156 ، المتضمن قانون العقوبات ، المعدل و المتمم ، مرجع سابق ,
- عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص 303
- عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص 304
- نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 133
- الجمهورية الجزائرية ،المواد288، 289 من قانون العقوبات الجزائري ، المرجع السابق
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 305
- عبدالله سليمان ، شرح قانون العقوبات الجزائري ، الجزء الأول ، ص 273 وما بعدها
- انظر : محمدلموسخ ، مرجع سابق ص 187 وما يليها ، لطالي مراد ، الركن المادي في الجريمة البيئية وإشكالات تطبيقه ، ص33 وما بعدها
- الجمهورية الجزائرية ،المواد 450، 457 ، 463 من قانون العقوبات الجزائري ، مرجع سابق
- الجمهورية الجزائرية ، المادة 97 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، مرجع سابق.
- الجمهورية الجزائرية ،المواد 17،18 من القانون رقم 01-19 المؤرخ في12 ديسمبر2001 يتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها ، جريدة رسمية عدد 77 سنة 2001
- الجمهورية الجزائرية المواد 45 و 98 من القانون رقم 98-04 المؤرخ في15 يونيو 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، جريدة رسمية عدد 44 سنة 1998
- أحمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 308
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 263
- لطالي مراد ،إشكالات الركن المادي في الجرائم البيئة ،ة مذكرة ماجستير ، جامعة سطيف ، 2016 ، ص58
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 205
- لحمر نجوى ، الحماية الجنائية للبيئة ، مذكرة ماجستير في القانون ، كلية الحقوق ،جامعة الإخوة منتوري قسنطينة، 2012 ، ، ص 73
- الجمهورية الجزائرية ،المادة 04 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، المرجع السابق
- سلمي محمد إسلام ، الجرائم الماسة بالبيئة في التشريع الجزائري ، مذكرة ماستر في القانون ، كلية الحقوق ، جامعة بسكرة ، 2016 ، ص 33
- الجمهورية الجزائرية،قانون رقم 04-07 مؤرخ في14 اوت 2004 يتعلق بالصيد جريدة رسمية عدد 51 لسنة 2004
- الجمهورية الجزائرية ،المادة 94 من القانون 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، مرجع سابق
- الجمهورية الجزائرية مرسوم تنفيذي رقم 06-198 الممضيفي31-05-2006 يضبط التنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة لحماية البيئة ، جريدة رسمية عدد 37 المؤرخة في 04-06-2006 .
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 219
- معين أحمد محمد الحياري ، الركن المادي للجريمة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، طبعة 1 ، لبنان ، 2010 ، ص 193
- سمير عالبة ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، بيروت 2002 ص 219
- نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 71
- عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص224
- محمدلموسخ ، المرجع السابق ، 124
- محمدلموسخ ، نفس المرجع ، ص125
- ا الجمهورية الجزائرية ،لمادة 04 من القانون 03-10 المتضمن حماية البيئة فياطار التنمية المستدامة
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 265
- – الجمهورية الجزائرية، المادة 72 من القانون 84-12 المتضمن النظام العام للغابات ، المعدل و المتمم ، مرجع سابق .
- الجمهورية الجزائرية ،المادة 82 من القانون 01-11 المؤرخ في 03 يوليو 2001 المتعلق بالصيد البحري و تربية المائيات جريدة رسمية عدد 36 لسنة 2001 ، المعدل و المتمم بموجب القانون 15-08 المؤرخ في02 ابريل 2015 جريدة رسمية عدد 18 لسنة 2015 .
- عادل ماهرالألفي ، نفس المرجع ، ص 229
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 128
- محمد مؤنس محب الدین، البیئة في القانون الجنائي، القاهرة: المكتبة الأنجلو مصریة، ،1990ص102
- محمد حسین عبد القوي، مرجع سابق، ص .20
- الفتني منير ، المرجع السابق ، ص 72
- الجمهورية الجزائرية ،لمادة 25 من القلانون03-10 المتضمن خماية البيئة في اطار التنمية المستدامة، مرجع سابق
- الجمهورية الجزائرية،المادة 72 من نفس القانون
- المادة 82 من نفس القانون
- Rapport explicatif de la Convention sur la protection de l’environnement par le droit pénal , Série des traitéseuropéens – n° 172, Strasbourg, 4.XI.1998
- مراد لطالي ، المرجع السابق ، ص 82 .
- عبود السراج ، شرح قانون العقوبات القسم العام (نظرية الجريمة ) ، جامعة دمشق ،دون سنة طبع ، سوريا ، ص 123
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 142
- أشرف توفیق شمس الدین، الحمایةالجنائیةللبیئة، دار النهضة العربیة، القاهرة،.2004، ص68
- عبود السراج ، المرجع السابق ، ص 124
- إبراهيم عیدنایل، قانون العقوبات القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ،2005ص .213 .
- عبود السراج ، المرجع السابق ، ص 124
- حمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 143
- عمر خوري ، دروس في قانون العقوبات، القسم العام، جامعة الجزائر ،كلية الحقوق، بنعكنون2012-2013 ، ص 42
- عبود السراج ، المرجع السابق ، ص125
- عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 43
- علي عبد القادر القهوجي، مرجع سابق، ص327 .
- محمدنجیب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام، مرجع سابق، ص 298
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 144
- Michel Prieur, le droit pénal de l’environnement, réunion constitutive du comité de l’environnement del’Ahjucaf0 L’école régionale supérieur de le majistrature de l’OHADA Bénin, 26 et 27 juin 2008, p,393
- علي عبد القادر القهوجي، المرجع السابق ، ص331
- عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 236
- محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 145
[1] نظام توفيق المجالي ، نطاق الحماية الجنائية للبيئة–دراسة في التشريع الأردني –، مقالة ، مجلة كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، المجلد 15 العدد 09 السنة 2006 ، العراق ، ص 32
[2] دستور الجمهورية الجزائرية ، المعدل بموجب القانون 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016 جريدة رسمية عدد 14 لسنة 2016
” تنص المادة 68 من دستور الجمهورية الجزائرية على أن لكل مواطن الحق في بيئة سليمة ، وتعمل الدولة على الحفاظ على البيئة ، يحدد القانون واجبات الأشخاص الطبيعيين و المعنويين لحماية البيئىة”.
[3] نظام توفيق المجالي ، المرجع السابق ، ص 34
[4] محمد المدني بوساق ، الجزاءات الجنائية لحماية البيئة في الشريعة و النظم المعاصرة ، المجلة العربية للدراسات الأمنية و التدريب ، المجلد 16 العدد 31 ، ص 181 .
[5] الفتني منير ، الحماية الجنائية للبيئة البحرية ، دراسة مقارنة ، مذكرة ماجستير ،كلية الحقوق، جامعة الجزائر ، 2014 ، ص56
[6] ابتسام سعيد الملكاوي ، جريمة تلويث البيئة ، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى ، 2008 ، عمان ، الاردن ، ص 75
[7] محمد لموسخ ، الحماية الجنائية للبيئة ، دراسة مقارنة بين الشريعة الاسلامية و القانون الوضعي ، اطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة محمد خيضر بسكرة ، 2009 ، ص 95
[8]ادم سفيان زيان
[9] م. آدم سميان ذياب الغريري ، حماية البيئة في جرائم المخالفات ، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية و السياسية ، العدد 1 السنة ، 2009 ص ص386 387 ISSN 25196138
[10] محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص ص97 98
[11] القانون 03-10 المتضمن حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[12]المواد 81 ، 82 ،84 ، 90 و93من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة ، مرجع سابق .
[13] المواد 83، 86 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة ، مرجع سابق
[14]ابتسام سعيد الملكاوي ، جريمة تلويث البيئة ، دراسة مقارنة ، دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الطبعة الأولى ، 2008 ، عمان، الاردن.
[15] عادل ماهر سيد أحمد الألفي ، الحماية الجنائية للبيئة ، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه في القانون ، كلية الحقوق ، جامعة المنصورة ، جمهورية مصر العربية
[16]عادل ماهر الألفي ، نفس الرجع ، ص 274
[17] نور الدين حمشة ، الحماية الجنائية للبيئة دراسة مقارنة بين الفقه الاسلامي و القانون الوضعي ، مذكرة ماجستير، كلية الحقوق ، جامعة حاج لخضر باتنة ، 2006 ، ص78
[18]عادل ماهر الألفي ، نقس المرجع ، ص 275
[19] الفتني منير ، الحماية الجنائية للبيئة البحرية ، دراسة مقارنة، مذكرة ماجستير في القانون ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر1 2014 ص 82
[20] ابتسام سعيد الملكاوي ، مرجع سابق ، ص 76 ، عادل ماهر الألفي ، مرجع يابق ،ص277
[21] محمد المدني بوساق ، مرجع سابق ، ص ص182 183
[22] عادل ماهر الألفي،مرجع سابق ، ص 277
[23]عامر محمد الدميري ، الحماية الجزائية للبيئة في التشريعات الأردنية ، رسالة ماجستير في القانون العام، جامعة الشرق الأوسط ، الأردن ، 2010 .
[24]ويزةبلعسلي ، المسؤولية الجزائية للشخص المعنويعن الجريمة الاقتصادية ، رسالة دكتوراه في القانون ، جامعة تيزي وزو ،2014، ص 8.
[25]سالم نعمة رشيد و سلام مؤيد شريف ، الحماية الجنائية للبيئة من التلوث ، مجلة جامعة كربلاء issn 18130410، المجلد 13 العدد 2 2015 ص 101
[26]نورالدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 82
[27]عبد الأحد جمال الدين ، النظرية العامة للجريمة ، الجزءالأول ، دار الفكر العربي ، القاهرة 1996 ، ص330
[28]محمد زكريا بوعامر ، سليمان عبد المنعم ، القسم العام من قانون العقوبات ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، ص 337
[29] عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 279
[30] سالم نعمة رشيد و سلام مؤيد شريف ، نفس المرجع ، ص 101
[31]عمر السعيد رمضان ، الركن المعنوي في المخالفات ، رسالة دكتوراه مؤسسة مصر للطباعة الحديثة ، مصر 1989 ،ص128
[32] براء منذر كمال، مبدأ لا مسؤولية بدون خطأ ، ورقة بحثية ، كلية الحقوق،جامعة تكريت ، العراق ص 7
[33]Cass crim ,28-05- 1978 , rev, gur , enuir, 1976 p19
[34]عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص158
[35]محمدلموسخ ، المرجع السابق ، ص163
[36] عبد الأحد جمال الدين ، النظرية العامة للجريمة ، الجزءالأوللا ، دار الفكر العربي ، القاهرة 1996 ص 332
[37]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 281
[38] الفتني منير ، المرجع السابق ، ص 83
[39] محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 168
[40] نفس المرجع ، ص 169 = ان القول بوجوب المام الجاني علمه بإضرار العناصر المحمية للبيئة فيه قصور ذلك أن التطور القانون البيئي اصبح يحمي البيئة بجميع عناصرها
[41] المواد31، 40 ، 44، 45 ، 46القانون03-10 المتضمن حماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، المؤرخ في 20-07-2003 ، مرجع سابق
[42] عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 282
[43] علي عدنان الفيل ، القانون الجنائي المقارن ، الطبعة الأولى 2010 ، دار الجنادرية للنشر و التوزيع ، عمان ،الأردن ،ص122
[44] المادة 64 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و ازالتها ، مرجع سابق
[45] المادة 108 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق .
[46]المادة 74 من دستور الجمهورية الجزائرية الصادر بموجب االقانون رقم 16-01 المؤرخ في 06-03-2016 جريد رسمية عدد 14
[47] قانون رقم 11-02 المؤرخ في 17-02-2011 يتعلق بالمجالات المحمية في اطار التنمية المستدامة ، جريدة رسمية عدد 13 2011
[48] عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 284
[49]محمد لموسخ، المرجع السابق، ص 285
[50]بركاوي عبد الرحمان ، الحماية الجزائية للبيئة ، اطروحة دكتوراه في العلوم القانونية ، كلية الحقوق والعوم السياسية ، جامعة سيدي بلعباس ، 2017 ص165
[51] محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 223
[52] عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 286
[53] المادة 102 من القانون رقم 03-10 المؤرخ في 20-70-2003 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[54] عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص 296
[55] المادة 58 من القانون 03- 10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[56] المادة 97 من لقانون 03- 10 المتعلق بحماية البيئة في اطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[57] عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص 297
[58]محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 222
[59]نصيرة تواتي ، محاضرات في القانون الجنائي العام ،مطبوعة جامعية ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة بجاية 2005 ، ص39
[60]أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجنائي العام ،الطبعة 5، 2007، دار هومة للطباعة ، الجزائرص129
[61]المادة 09 من القانون 01-19 المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها ،مرجع سابق
[62]علي عبد القادر القهوجي ، المرجع السابق ، ص 416
[63]محمد حسنين عبد القوي ، المرجع السابق ، ص 230
[64]نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 112
[65]احمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 355
[66]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 300
[67]عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص 301
[68]لقمان بامون ،المرجع السابق ، ص 72
[69]احمد فتحي سرور، المرجع السابق ، ص355
[70] المادة 483 من الأمر رقم 76-80 المعدل والمتمم بالقانون رقم 98-05 المتضمن القانون البحري الجزائري ،مرجع سابق .
[71] المواد 264 ، 442 من الامر 66-156 ، المتضمن قانون العقوبات ، المعدل و المتمم ، مرجع سابق ,
[72]عادل ماهر الألفي، المرجع السابق ، ص 303
[73]نفس المرجع ، ص 304
[74]نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 133
[75]المواد288، 289 من قانون العقوبات الجزائري ، المرجع السابق
[76]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 305
[77]عبدالله سليمان ، شرح قانون العقوبات الجزائري ، الجزء الأول ، ص 273 وما بعدها
[78]أكثر تفصيل في مفهوم الرعونة ، الإهمال ، عدم الاحتياط ، وعدممراعاة القوانين :
انظر : محمدلموسخ ، مرجع سابق ص 187 وما يليها ، لطالي مراد ، الركن المادي في الجريمة البيئية وإشكالات تطبيقه ، ص33 وما بعدها
[79]المواد 450، 457 ، 463 من قانون العقوبات الجزائري ، مرجع سابق
[80]المادة 97 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[81]المواد 17،18 من القانون رقم 01-19 المؤرخ في12 ديسمبر2001 يتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها ، جريدة رسمية عدد 77 سنة 2001
[82]المواد 45 و 98 من القانون رقم 98-04 المؤرخ في15 يونيو 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، جريدة رسمية عدد 44 سنة 1998
[83]أحمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص 308
[84]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 263
[85]لطالي مراد ،اشكالات الركن المادي فيالجرائم البيئة ،ة مذكرة ماجستير ، جامعة سطيف ، 2016 ، ص58
[86]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 205
[87]لحمر نجوى ، المرجع السابق ، ص 73
[88]المادة 04 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، المرجع السابق
[89] سلمي محمد إسلام ، الجرائم الماسة بالبيئة في التشريع الجزائري ، مذكرة ماستر في القانون ، كلية الحقوق ، جامعة بسكرة ، 2016 ، ص 33
[90]قانون رقم 04-07 مؤرخ في14 اوت 2004 يتعلق بالصيد جريدة رسمية عدد 51 لسنة 2004
[91]المادة 94 من القانون 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، مرجع سابق
[92]مرسوم تنفيذي رقم 06-198 الممضيفي31-05-2006 يضبط التنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة لحماية البيئة ، جريدة رسمية عدد 37 المؤرخة في 04-06-2006 .
[93]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 219
[94] معين أحمد محمد الحياري ، الركن المادي للجريمة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، طبعة 1 ، لبنان ، 2010 ، ص 193
[95]سمير عالبة ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع ، بيروت 2002 ص 219
[96]نور الدين حمشة ، المرجع السابق ، ص 71
[97]عادل ماهر الألفي ، نفس المرجع ، ص224
[98]محمدلموسخ ، المرجع السابق ، 124
[99] نفس المرجع ، ص125
[100]المادة 04 من القانون 03-10 المتضمن حماية البيئة فياطار التنمية المستدامة
[101]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 265
[102] المادة 72 من القانون 84-12 المتضمن النظام العام للغابات ، المعدل و المتمم ، مرجع سابق .
[103] المادة 82 من القانون 01-11 المؤرخ في 03 يوليو 2001 المتعلق بالصيد البحري و تربية المائيات جريدة رسمية عدد 36 لسنة 2001 ، المعدل و المتمم بموجب القانون 15-08 المؤرخ في02 ابريل 2015 جريدة رسمية عدد 18 لسنة 2015 .
[104]عادل ماهرالألفي ، نفس المرجع ، ص 229
[105]محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 128
[106]محمد مؤنس محب الدین، البیئة في القانون الجنائي، القاهرة: المكتبة لأنجلو مصریة، ،1990ص102
[107]محمد حسین عبد القوي، مرجع سابق، ص .20
[108]الفتني منير ، المرجع السابق ، ص 72
[109]المادة 25 من القلانون03-10 المتضمن حماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ، مرجع سابق
[110]المادة 72 من نفس القانون
[111]المادة 82 من نفس القانون
[112]Rapport explicatif de la Convention sur la protection de l’environnement par le droit pénal , Série des traitéseuropéens – n° 172, Strasbourg, 4.XI.1998
[113]مراد لطالي ، المرجع السابق ، ص 82 .
[114]عبود السراج ، شرح قانون العقوبات القسم العام (نظرية الجريمة ) ، جامعة دمشق ،دون سنة طبع ، سوريا ، ص 123
[115]محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 142
[116]أشرف توفیق شمس الدین، الحمایةالجنائیةللبیئة، دار النهضة العربیة، القاهرة،.2004، ص68
[117]عبود السراج ، المرجع السابق ، ص 124
[118]إبراهيم عیدنایل، قانون العقوبات القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، ،2005ص .213 .
[119]عبود السراج ، المرجع السابق ، ص 124
[120]محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 143
[121]عمر خوري ، دروس في قانون العقوبات، القسم العام، جامعة الجزائر ،كلية الحقوق، بنعكنون2012-2013 ، ص 42
[122]عبود السراج ، المرجع السابق ، ص125
[123]عمر خوري ، المرجع السابق ، ص 43
[124]علي عبد القادر القهوجي، مرجع سابق، ص327 .
[125]محمد نجیب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام، مرجع سابق، ص 298
[126]محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 144
[127]Michel Prieur, le droit pénal de l’environnement, réunion constitutive du comité de l’environnement de l’Ahjucaf0 L’école régionale supérieur de le majistrature de l’OHADA Bénin, 26 et 27 juin 2008, p,393
[128]علي عبد القادر القهوجي، المرجع السابق ، ص331
[129]عادل ماهر الألفي ، المرجع السابق ، ص 236
[130] محمد لموسخ ، المرجع السابق ، ص 154 /jilrc.com