الإقتصاد الرقمى والثورة الصناعية الرابعة التحديات والفرص
الحقيقة أن للقدرة التحويلية للتكنولوجيا الرقمية وللتشاركية المجتمعية العابرة للحدود عظيم الأثر على تحقيق التكامل وتطوير إمكانيات كل طرف. ولعل الفرص متاحة الآن لتحقق الشركات والصناعات، وخاصة من الدول النامية والصغيرة والمتوسطة قيمة مضافة أعلى من خلال الابتكار التكنولوجى وإدارة أفضل للأصول وإنتاجية أفضل وتوسع فى الأسواق لتتعاظم تنافسيتها وتنمو فرص العمل بما يعزز فرص النمو والرخاء، وهو أمر لا يخلو كذلك من التحديات.
وفى هذا الإطار، وخلال اجتماع ممثلى الأعمال لمجموعة العشرين فى الأرجنتين 2018 تم اقتراح ورقة سياسات بهدف توفير المناخ المناسب حتى تتحقق أفضل النتائج من خلال المجتمع الرقمي.
وأوضح المقترح أن من المهم تبنى سياسات وأطر مؤسسية شاملة لتنظيم وتمكين التحول الرقمى والثورة الصناعية الرقمية، وذلك من خلال المحاور الرئيسية التالية:
1. مهارات التكنولوجيا الرقمية:
الرقمنة والميكنة والتكنولوجيات الحديثة الأخرى تحقق تغييرا جوهريا فى طبيعة الأعمال، لذلك من الضرورى التركيز على الاستثمار فى الرأسمال البشرى والتعليم لإعداد القوى العاملة المناسبة لاحتياجات سوق العمل فى المستقبل القريب. فمن أجل تحقيق مجتمع رقمي، مطلوب تنمية المعرفة والمهارات الرقمية فمهما كان نوع العمل والتخصص الذى سيعمل عليه مستقبلا أطفالنا، سيكون هناك احتياج أساسى لمستوى من المهارات الرقمية، ومن ثم من الضرورى أن تعمل الحكومات مع مجتمع الأعمال لتقييم فجوة المهارات الرقمية الحالية والمستقبلية، والعمل على سد هذه الفجوة من خلال الاستثمار فى برامج التعليم، والتأكد أن تنمية المهارات الرقمية جزء أساسى فى المناهج، وكذلك من خلال التدريب التحويلى لتنمية هذه المهارات للقوى العاملة الحالية.
2. الثورة الصناعية الرقمية (الثورة الصناعية الرابعة):
تمر الممارسات الصناعية بمرحلة تحول رئيسية باستخدام التكنولوجيات الرقمية. وستجعل الثورة الصناعية الرابعة من الممكن جمع وتحليل البيانات عبر آلات وأجهزة وحساسات متعددة لرفع كفاءة ومرونة وحجم الإنتاجية وتحقيق جودة أعلى وبتكلفة أقل مستفيدة من تكنولوجيات مثل الروبوتات الذكية والبيانات الضخمة وتحليلها وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات الحديثة. من المهم توفير بيئة تحفيزية للثورة الصناعية الرابعة تدعم أفضل الممارسات المعتمدة وتوفر منتدى لتبادل التجارب وتمكن التكامل بين المؤسسات العامة والخاصة وتكافئ الابتكار وريادة الأعمال. ويكون دور الحكومة الربط والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية والتوفيق بين مقدمى ومستخدمى التكنولوجيات الرقمية الصناعية، وتقدم الدعم الرسمى للمبادرات فى هذا الاتجاه. ولتوفير آليات التمويل اللازمة لنجاح هذه المبادرات. وهذا التحول الرقمى يحتاج درجات تكامل دقيقة بين الأنظمة المتطورة المستخدمة مما يخلق الاحتياج إلى تبنى معايير قياسية وبتنسيق دولى لتعظيم التعاون والاستفادة.
3. البنية التحتية الرقمية والبنية المعلوماتية:
من أجل مجتمع رقمى من المهم تحفيز وتيسير الاستثمار فى البنية التحتية الرقمية، وبالأخص فى المناطق المحرومة منها، وذلك لشمول أكبر عدد من المواطنين ولتوفيرخدمة اتصالات مقبولة التكلفة. وفى هذا الاتجاه تحتاج الدول لتعظيم الاستفادة من نطاق التردد الطيفي. كما أنه من المهم جدا تمكين المجتمع الرقمى من خلال تحفيز صناعة وتداول المحتوى الرقمى الإعلامى والمعرفى والخدمى وكذلك سرعة التحول إلى تقديم الخدمات المختلفة إلكترونيا.
4. الشركات الصغيرة والمتوسطة:
تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة النسبة الغالبة (أكثر من ثلثى فرص العمل فى العالم) ولها حصة هامة من الاقتصاد، ولذا فالمساعدة على تحولها وتمكينها رقميا تمثل أهمية وأولوية للحكومات. ومن المهم لتحقيق هذا التحول الرقمى أن يتم توعية هذه الشركات بوجود مثل هذه التكنولوجيات الحديثة، وكيفية استخدامها والعائد الاقتصادى المتوقع من الاعتماد عليها. ولتحقيق ذلك من المهم التوعية باستخدامات التكنولوجيا الحديثة وأفضل التطبيقات لها فى القطاعات المختلفة، وتوفير الأطر التنظيمية لضمان تبنى المعايير الدولية من أجل تحقيق التكامل لهذه الشركات من خلال تفاعلها فى شراكات وتعاملات دولية رقمية، وتوفير بوابة موحدة لعرض الخدمات الإلكترونية لهذه الشركات وتسويقها. ومن المهم أيضا تحفيز التعاون الرقمى وتحقيق سلاسل القيمة المضافة بين الشركات الكبيرة والصغيرة لتعظيم إدارة الأصول والاحتياجات والمخزون والتسويق وغيرها بما يحقق أفضل تنافسية وإنتاجية.
5. التجارة الإلكترونية وتداول البيانات:
مع تحول التجارة الإلكترونية إلى محرك للنمو الاقتصادى للشركات الكبيرة والصغيرة فى العالم أجمع، أصبحت 50 % من الخدمات التجارية الحالية مفعلة إلكترونيا بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ولذلك من المهم وضع سياسات للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود تحفز الاقتصاد، وتحقق نمو هذه التجارة مع مراعاة السياسات النقدية وتأمين البيانات وحماية المستهلك، والتاكد من الهوية. ومطلوب العمل دوليا على التوافق فيما يخص سياسات التجارة الإلكترونية العابرة للحدود ومنها الخاص بالضرائب. وكذلك مطلوب تحقيق التوازن بين توطين البيانات وخصوصيتها وكفاءة آليات تبادلها على المستوى الدولي.
6. الشمول المالى (التطبيقات المالية الرقمية):
عدد كبير من المواطنين ليس لهم حسابات بنكية، ويمثل دعم الابتكار وتطوير التطبيقات المالية الرقمية آلية رئيسية لتحقيق الشمول المالى، وما يحققه من حوكمة وأثر إيجابى على الناتج القومى، وعلى تحقيق جودة الخدمات وتيسيرها للمواطن. ولذا من المهم إتخاذ الإجراءات التنظيمية والتحفيزية اللازمة لتوفير الخدمات المالية الرقمية فى مختلف القطاعات والابتكار فى هذا المجال، وكذلك وضع معايير وآليات التكامل بين الأنظمة المختلفة لتعظيم الأثر.
7. الأمن السيبراني:
مع عصر الرقمنة والتحول للمجتمع الرقمى والزيادة المطردة فى تبادل البيانات بين المستخدمين والأجهزة والآلات يصبح الأمن السيبرانى محورا جوهريا. فجرائم المعلومات تسببت فى خسائر ما يقارب 600 مليار دولار فى 2017. ومن المهم مكافحة المخاطر المرتبطة بتبادل المعلومات والخدمات والمنتجات الرقمية والبنية التحتية الحرجة. ومن المهم وضع آلية تنظيمية وإستراتيجية شاملة للأمن السيبرانى، وذلك بالتعاون مع الصناعة الرقمية المتخصصة فى هذا المجال للحماية من الجرائم الإلكترونية والإرهاب، وإساءة استخدام الشبكة المعلوماتية، وخاصة مع تطور استخدام إنترنت الأشياء ورقمنة إدارة البنية التحتية الحرجة، والثورة الصناعية الرقمية. ومطلوب فى هذا الإطار توفير آليات واضحة لوضع سياسات الأمن السيبرانى وتنظيم الإجراءات الوقائية والتصحيحية، ووضع إستراتيجية للتعاون المحلى والتوعية المجتمعية، وكذلك للتعاون الدولى فى وضع وتنفيذ سياسات متعددة الأطراف لمكافحة الجرائم الإلكترونية العابرة للحدود.
مقتطف من موقع aitmag.ahram.org.eg