بقلم ذ محمد الخزعاليباحث في المهن القانونية والقضائية
إن من أهم المشاكل التي تطيل مسطرة التقاضي أمام المحاكم الوطنية، وتقف في وجه الوصول إلى حكم في وقت معقول هي مشكلة التبليغ، التي تعرف إرهاصات عدة، على مستوى التطبيق.
فالتبليغ هو إيصال واقعة ما إلى علم الشخص المعني بها، وقد عالجه المشرع المغربي ضمن عدة فصول من المادة 36 إلى 39 من قانون المسطرة المدنية إضافة إلى فصول أخرى متناثرة في قانون المسطرة المدنية تتعلق بتبليغ الحكم لأجل التنفيذ.
و مما لا شك فيه أن التبليغ يضعنا أمام عدة إشكاليات تؤدي غالبا إلى ضياع حقوق على أصحابها نظرا لعدم اكتمال مسطرة التبليغ، ولعل هذه المشاكل ناتجة عن عدم استقرار الإنسان في مكان واحد مما يودي إلى انتقاله دون تصريح بعنوانه الجديد للمصالح المختصة، وفي ظل تراكم هده المشاكل وصعوبات وتطور المجتمعات واعتمادها الشبه كلى على التكنولوجيا، هل يمكن أن تساهم التكنولوجيا من الحد في تفاقم مشاكل التبليغ، وما هي أفاق التبليغ الكتروني للدعاوى والأحكام، إلى أي مدى يمكن للتكنولوجيا المساهمة في وقف نزيف مشاكل التبليغ . و ما هي معيقات التبليغ الكتروني .
أولا : مميزات مسطرة التبليغ الكتروني :
+حصول على تبليغ شخصي :
إن أهم ما قد يهدف إليه المشرع من خلال إتباع هده المسطرة هو ضمان تبليغ سليم للاستدعاء والأحكام للشخص المراد التبليغ إليه تبليغا شخصيا، على اعتبار أن كل شخص يملك حسابه الكتروني يديره بالكيفية التي يريدها، ويحميه بالشكلية المحددة، علما أن رمز ولوج ال حسابه هو رمز سري، هو الواحد المطلع عليه، مما يعني أنه واحد الذي سوف يطلع على رسائله .
+ ترشيد النفقات وإنقاص أعباء المكلفون بالتبليغ
و كذلك تضمن هده المسطرة أن يتوصل الشخص في حين بالاستدعاء أو الحكم، دون عناء التنقل، ودون تكاليف، ودون حاجة لمصاريف المفوضين القضائيين، أو مصاريف البريد المضمون، واستنزاف طاقات كتابة الضبط، مما يمكن القول معه أن هدا النوع من التبليغ، سوف ينقص أعباء وضغوطات العمل على المكلفون بالتنفيذ.
+مسطرة متاحة للأغلبية
و مما يؤكد هدا المنحى أن جميع المواطنين بدون الاستثناء أصبحوا مدمنين على الانترنيت، إذ لا فرق بين كبير وصغير في استعمالها وسهولة الولوج إلى خدمتها، وأصبح المواطن دائم الارتباط بها، مما يؤكد أن أي رسالة قد تصله سوف يطلع عليها في حدود أدنها 12ساعة وأقصاها 24 ساعة المدة الذي قد يستطيع شخص تغيب عن استعمال التكنولوجيا الهواتف والحواسيب
هدا التلازم الذي أصبح يعيشه الإنسان مع التكنولوجيا وارتباطه المتواصل، بالهواتف ووسائل أخرى للتواصل سوف يساهم لا محالة في نجاح تجربة التبليغ الالكتروني، وإن كانت قد تعاني من معيقات عديدة، إلا أننا نجد بعض الإدارات تعتمد هده الوسيلة، موجهة بالخصوص لفئات أو شريحة معينة نذكر منها وزارة الداخلية التي تستعمل التبليغ عبر رسائل- الإيمايل – والرسائل القصيرة للهواتف في تبليغ المتبارين في الولوج للمباريات، خصوصا، التحاق بمباريات الإدارة الترابية فئة القياد .
ثانيا : معيقات التبليغ الكتروني :
إن معيقات التبليغ الكتروني أكثر من محاسنه، لعل أبرز معيق يقف أمام تطبيق هدا التبليغ هو نسبة الأمية المرتفعة التي تتفشى في وطننا، الذي تعني أننا أمام هواتف ذكية وشخصيات غبية لا تجيد استعمال التكنولوجيا ولا تستفيد منها، مما يؤكد صعوبة تطبيقها .
إن أغلب الناس في وطننا الحبيب لا تملك بريد الكتروني قار، مما يعني أننا قد نجد شخص واحد يملك أكتر من بريد الكتروني، مما يصعب تحديد في أي واحد سوف نبلغه،
و حتى إن اعتمدنا هدا النوع من التبليغ، ينبغي علينا أن نفعل نظام التصريح بالبريد الكتروني في أي وثيقة إدارية وهدا صعب، لتفشي الأمية بشكل مهول .
و قد يقول قائل أننا لم ننتهي حتى من مشاكل التبليغ العادي كيف لنا أن نواجه مشاكل التبليغ الكتروني.
تفعيل التبليغ الكتروني يعني، التعدي على مهام المفوض القضائي، أو بالأحرى الإنقاص منها، مما يزيد من حدة انتقادات التي قد توجه إلى هدا التبليغ .
وكذلك نجد مشكل أخر هو ضعف تكوين الموارد البشرية على مستوى استعمال التكنولوجيا، وطغيان الإدارة الورقية في مختلف المحاكم، أي أن الانتقال من إدارة ورقية إلى إدارة الكترونية ينبغي تجنيد له طاقم بشري يحسن تخزين المعلومات بشكل الكتروني.
و تجدر الإشارة إلى أن عدة دول تعتمد هدا النزع من التبليغ منها فرنسا وكندا والإمارات العربية المتحدة، نظرا لتوفرها على الإمكانيات المادية التي تتيح لها الأرضية لتنزيل هدا النوع من التبليغ.
وأخيرا إنني لا أستبعد تفعيل هدا المقترح مستقبلا في ظل اندماج التكنولوجيا مع الحياة اليومية للمواطنين، وفي ظل رغبة كل الإدارات في تفعيل مقترح المغرب الرقمي، أو رقمنة الإدارات والمساطر الإدارية، وخصوصا أن المحاكم المغربية أصبحت رائدة في مجال الرقمنة واستعمال التكنولوجيا.فمتى سوف يتم الانتقال إلى الاستفادة من مزايا التكنولوجيا ؟