التحكيم والوساطة كوسائل بديلة لتسوية منازعات الإستثمار:سؤال النجاعة ورهان تحقيق التنمية الإقتصادية


التحكيم والوساطة كوسائل بديلة لتسوية منازعات الإستثمار:سؤال النجاعة ورهان تحقيق التنمية الإقتصادية

قول أحد الفقهاء إن القواعد الذي تحكم مادة تنازع القوانين هي عبارة عن مستنقع كئيب يسكنه علماء غريبوا الأطوار، يدرسون مسائل غامضة، مستخدمين تعبيرات ومصطلحات تستعصي على الفهم والاستيعاب، وللخروج من هذا المستنقع الحالك المستشكل إلى بيئة سليمة آمنة يستساغ على ضوئها الخلوص والركون إلى حلول ودية بشأن مختلف المنازعات القانونية، يفضل الاستعانة بوسائل وتقنيات أو ما بات يدعى بالبدائل القضائية لتسوية الخلافات، قصد تحاشي الإكراهات العديدة التي تنجم عادة بسلوك مسطرة قضاء الدولة من طول المساطر القضائية و كثرة التحملات المالية المرتبطة بالتنقل إلى المحاكم وحجم الجهد والوقت المبذولان في سبيل ذلك…

ففي السابق لم تكن عقود الاستثمارات الأجنبية تحظى بحماية قانونية في حالة نشوب نزاع بين المستثمر والدولة المضيفة، فكان الأمر لا يخلو من فرضية اللجوء إلى المحاكم الوطنية وما تثيره هذه الخطوة من شكوك حول مدى احترام هذه المحاكم لمبدأ الحياد والاستقلالية.

ومما لا مراء فيه، أن إرادة الأطراف في عقود الاستثمار، يعود لها الدور الكبير في تحديد القانون الواجب التطبيق في حالة نشوب نزاع معين، وبيان الجهة القضائية المختصة، لكن و بالرغم من ذلك فقد أبان التطبيق العملي لهاته الإحالة عن مجموعة من الصعوبات التي تثار بشأن تطبيق القانون الوارد تعيينه، ومن ذلك مشكلات تنفيذ الأحكام والنقص الذي يعتري هذا القانون في المسألة المراد الفصل بشأنها، وعدم إلمام المحاكم الوطنية بالقواعد الفنية التي تنطوي عليها عقود الاستثمار بوجه عام، فالرأسمال جبان كما يقال لا يحتمل الإختلالات القضائية ولا يطيق كثرة المساطر الإدارية والقانونية وبعدها عن البساطة والتليين السبب الكامن وراء عزوف المقاولين الأجانب للإستثمار في المغرب خشية مجابهتهم بتلكم الإجراءات والتطبيقات القضائية الرتيبة، ليبقى الاقتصاد الوطني في نهاية المطاف هو المتضرر المباشر بافتقاره لحصص مهمة من الاستثمارات الدولية.

لهذا فقد درج الأطراف في هذه العقود على الاستعانة بوسائل وآليات ودية لفض النزاع القائم أو تجنب وقوعه مستقبلا، هذه الوسائل تأخذ أشكالا متعددة فقد تكون تحكيم أو وساطة أو توفيق كما قد تكون صلحا أو تقييما محايدا، وإن كان في التحكيم والوساطة من الخصائص ما يجعلها تأتي على صدارة هذه التقنيات، وقد لجأت بعض المؤسسات الدولية التي تعنى بتحسين العلاقة التعاقدية بين المستثمرين إلى إعداد اتفاقيات بخصوص تسوية النزاعات المتعلقة بمصالح التجارة الدولية، كإتفاقية هافانا لسنة 1941، وإتفاقية نيويورك بتاريخ 10 يونيو 1958، وإتفاقية الأونسترال للتحكيم التجاري الدولي الموضوعة من قبل لجنة الأمم المتحدة، وإتفاقية واشنطن المؤرخة في 18 مارس 1965 و التي أحدثت المركز الدولي لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمار CRIDI ، هذا المركز أسند إليه مهام التحكيم فيما يخص المنازعات التي قد تثار بشأن إتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية و إتفاقية التبادل الحر بين المغرب والجمهورية الإيطالية.

أولا: دور التحكيم في فض منازعات عقود الاستثمار.

يعد التحكيم القضاء المناسب والفضاء الملائم لاحتواء وتأبي مختلف النزاعات والخلافات ذات الصلة بعقود الاستثمارات الوطنية و الأجنبية، هذه الأخيرة التي تشهد تعدد الأطراف والمصالح بين المستثمرين والدول المستقبلة لتلك المشاريع الاقتصادية، فقد تتأثر مراكزها بفعل نواقص القوانين الوطنية في هذا المجال.

وقد وجدت الدول الراغبة في تقوية علاقاتها الإقتصادية مع نظيراتها نفسها ملزمة بالانضمام إلى إتفاقيات دولية متعددة أو ثنائية الأطراف الرامية إلى إيجاد وسيلة توافقية يلجأ إليها قبل طرق باب القضاء الرسمي للدولة لبسط ما يثار من نزاعات وخصومات.

من أجل ذلك، تدخل المشرع المغربي منظما التحكيم التجاري الدولي بموجب القانون رقم 05/08 المتمم لقانون المسطرة المدنية3 وعيا منه بما قد تذهب إليه إرادة المستثمرين في الإحالة على قواعد التحكيم وفق الشكل المسطر له في هذا التشريع، فضلا على كون هذه المقتضيات الجديدة كرست حق الدولة في اللجوء إلى التحكيم بخصوص النزاعات المالية الناتجة عن تصرفاتها ومعاملاتها، ماعدا في النزاعات المتعلقة بتطبيق قانون جبائي وهو نص الفصل 310 من ق.م.م.

والملاحظ أن الفصل 327-39 من القانون أكد على كون مقتضيات هذا الباب تطبق على التحكيم الدولي الذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر بالخارج، دون الإخلال بما ورد في الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والمنشورة في الجريدة الرسمية، فإذا اتفق الأطراف على إعمال قواعد التحكيم الدولي المنصوص عليها في القانون المغربي، فإنهم يلتزمون بهذه المسطرة لتسوية تلك المنازعات، ونفس الحكم ينطبق في الإحالة على تطبيق مقتضيات إتفاقية دولية حيث يتقيد الأطراف بالمسطرة كما وردت في الإتفاقية المحال عليها، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، إذ التحكيم وغيرها من الوسائل البديلة تدخل ضمن المسائل المبنية على مطلق مبدأ سلطان الإرادة.

في نفس الإطار، و في سبيل ضمان نجاح مسطرة التحكيم في تسوية نزاعات الاستثمار، أتاح المشرع للأطرف من خلال الفصل 327-41 من ق.م.م كلما إعترضتهم صعوبة في تشكيل الهيئة التحكيمية أن يرفع الطرف الأكثر إستعجالا الأمر إلى رئيس المحكمة المختصة الذي سيتولى تخويل الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي إذا كان التحكيم جاريا بالمغرب، أما إذا كان التحكيم بالخارج واتفق الأطراف على تطبيق ق.م.م المغربي كان رئيس المحكمة التجارية بالرباط هو المختص.

والمستشف من خلال المقتضيات المؤطرة للتحكيم الدولي أن المشرع يأخذ بعين الاعتبار الحالة التي يغفل فيها المستثمر والدولة المستقبلة للاستثمار، الإشارة إلى بعض الجوانب المسطرية في إتفاق التحكيم، فيعمل على سد هذا الفراغ الإرادي، وهو ما أكدت عليه كل من الفصول 327-42 و 327-44 من ق.م.م فقد يحصل ألا يحدد الأطراف المسطرة القانونية لسير نشاط التحكيم، فتقوم الهيئة التحكيمية بتحديد القاعدة المسطرية الواجبة الإتباع، زيادة عليه قد يتجاهل أطراف التحكيم تحديد القانون الواجب التطبيق على جوهر النزاع، حينئذ يثبت للهيئة التحكيمية صلاحية تحديد القانون الذي يحكم النزاع، مع إمكانية الإنفتاح على قواعد العرف والعادات التجارية التي يعود لها الفضل البالغ في تنظيم العقود الاقتصادية بوجه عام وعقود الاستثمار بوجه خاص.

إن التحكيم التجاري الدولي – أي الذي له صلة بعقود الاستثمار – قد يتم وفق إجراءات قانون دولة أجنبية فيخضع بالتالي لقواعد القانون الخاص بضابط الإسناد الذي يحدد القانون الواجب التطبيق، ليحدد أطراف إتفاق التحكيم طريقة سير المسطرة بناءا على نظام مركز دولي متخصص في التحكيم، حينها يمكن للمستثمر الذي صدر الحكم التحكيمي لصالحه، وحتى يكون حجة على من صدر عليه داخل المغرب، أن يطلب الإعتراف به بعد ثبوت عدم مخالفته للنظام العام الوطني أو الدولي، و من تم يسوغ التقدم بطلب لرئيس المحكمة التجارية التابع لها مكان التنفيذ إذا كان مقر التحكيم بالخارج، بطلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية طبقا لمضمون الفصل 327-46 من قانون المسطرة المدنية.

علاوة على شرط عدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني والدولي ليقبل تذييله بالصيغة التنفيذية، ينبغي على الطرف المعني بالأمر أن يدلي بأصل الحكم التحكيمي مرفقا بإتفاق التحكيم، وإذا كانت هاتين الوثيقتين غير محررتين باللغة العربية وجب الإدلاء بترجمة مشهود لها من لدن مترجم مقبول لدى المحاكم، ذلك أن الفصل 327-47 من ق.م.م يحيل بنحو غير مباشر على إحترام مقتضيات الفصل 327-13 من القانون الذي ينص بدوره على كون الأصل في التحكيم أن يجرى باللغة العربية.

وقد يقضي رئيس المحكمة المختصة في أمره برفض الإعتراف بالحكم التحكيمي أو إصباغه بالصيغة التنفيذية، فلا يكون أمام الطرف الذي يهمه الأمر إلا الطعن فيه بالإستئناف أمام محكمة الإستئاف المنعقد لها الإختصاص مكانيا، وذلك داخل أجل 15 يوم من تاريخ تبليغ الأمر المذكور، على أن محكمة الإستئناف في مثل هذه الحالة تبت طبقا لمساطر الإستعجال وفي هذا تكريس لحماية المراكز الإقتصادية لأطراف عقد الاستثمار.

هذا، و إذا كان الأمر الرافض الإعتراف بالحكم التحكيمي وبتذييله بالصيغة التنفيذية يقبل الطعن بالإستئناف، فإن الأمر القاضي بالإعتراف ومنح الصيغة التنفيذية لهذا الحكم يقبل بدوره الطعن بالإستئناف في حالات حددها الشارع على سبيل الحصر في الفصل 327-49 كما إذا بتت الهيئة التحكيمية دون إتفاق تحكيم أو عند تهاونها في التقيد بالمهمة المسندة إليها…

عليه، وإذا كان الأمر بتخويل الحكم التحكيمي الصادر في شأن منازعات عقود الاستثمار الصيغة التنفيذية لا يقبل أي طعن ، فإنه يسوغ التقدم بطعن ببطلان الأمر الصادر عن رئيس المحكمة وذلك داخل أجل 15 يوم من تاريخ تبليغ الحكم المذكور.

وتبعا لما سلف، نشير بكون عقود الاستثمار أضحت في مجملها تتضمن شرط تحكيم أو تحيل على ملحق عقد يرسم لإجراءاته بشكل دقيق ومفصل وذلك قبل سلوك طريق القضاء الرسمي، هذا الأخير يصعب عليه التوصل إلى حلول ناجعة لمعاملات متشابكة تتداخل فيها دول وشركات عملاقة تقوم في علاقاتها على تقنيات وفنيات تتجاوز بكثير التكوين المهني والأكاديمي للقاضي الوطني، بخلاف مراكز التحكيم الدولية التي تضم كبار الخبراء في عالم المال والأعمال و الإقتصاد وغيرها من العلوم الحديثة حتى تستطيع إيجاد وسيلة توافقية تنهي النزاع المطروح دون أن يتأثر الاستثمار الذي يعد حجر الزاوية في النهوض بالأوضاع الإقتصادية والاجتماعية لأي بلد.

ثانيا: الوساطة كآلية بديلة لتسوية منازعات عقود الاستثمار.

تكاد لا تخلو عقود الاستثمار من شرط إحالة البت في منازعاتها على التحكيم التجاري، فالمستثمر يُصِر على سلوك مسطرة التحكيم بدل قضاء الدولة لما توفره هذه الوسيلة من ربح للوقت والجهد وضمان نسبة دنيا من الاستقلالية والحياد11، وأمام هذا الوضع لا تجد الدولة المضيفة للاستثمار بُدا إلا القبول بشرط التحكيم.

وإلى جانب تضمين عقود الاستثمارات الأجنبية شرط التحكيم فإنها قد تشير في حالة فشل هذه الوسيلة في تسوية النزاع إلى نظام وساطة أو توفيق، هكذا دَواليك حتى يستنفذ أطراف العقد أجود ما في ساحة الآليات البديلة من وسائل وتقنيات، قد تشكل القضاء الأول للمنازعات الاستثمارية، فالمحكمون والوسطاء قد يكونون تجارا والمتنازعون تجارا والنزاع تجاريا يحاك لحله في سرية تامة بعيدا عن صخب الجلسات وعلانية المحاكمات.

عليه، تنطلق مسطرة الوساطة على يد وسيط محايد يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع وقد يكتفي بتقديم مقترحات وملاحظات لا غير، فوظيفته تنحصر في محاولته للتقريب بين وجهات نظر الأطراف ولا يفرض عليهم حكما ذي حجية لا يعتد بإرادة الخصوم كما هو الشأن بالنسبة للأحكام القضائية الصادرة عن قضاء الدولة والأحكام التحكيمية المذيلة بالصيغة التنفيذية، هذه الصيغة تجعل الحكم التحكيمي في موضع قريب إلى حد بعيد من أحكام القضاء الوطني، الشيء الذي دعا المستثمرين إلى البحث عن وسائل أخرى يكون فيها للأطراف سيد الموقف في صياغة تفاصيل الصلح.

وقد سعى المشرع المغربي إلى تنظيم آلية الوساطة بموجب قانون المسطرة المدينة وذلك من خلال الفصول من 327-55 إلى الفصل 327-69 حتى يتيح لأطراف العقود الاقتصادية بما فيها عقود الاستثمار، الأرضية الإجرائية والسند القانوني المدعم لهذه الوسيلة، عند اعتمادهم القانون المغربي بمثابة القانون الذي يسير عليه الوسيط أو مركز الوساطة لإنهاء النزاع، وعلى العكس من ذلك قد يكتفي الوسيط بتطبيق نظام مركزه الخاص مع التقيد بأحكام القانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الإتفاقية، فمثلا نجد أن نظام الوساطة للمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط ينص في فصله الأول على أن أية وساطة يعهد بها للمركز تتم بشكل يلائم مقتضيات قانون المسطرة المدنية في شقه المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.

كما أنه من المميزات التي تستند عليها الوساطة كون الأطراف فيها لا يقيدون بأي شكليات أو مراسيم ماعدا بعض الوثائق والبيانات التي يضمونها طلب الوساطة، كما يعود لأطراف تفعيلا لهذه الوسيلة الدور الحاسم في صنع قرار التسوية ، وذلك عن طريق منح الوسيط للأطراف هامش حرية أكبر للتعبير عن آرائهم وبسط مواقفهم، التي قد تنتهي بتقديم بعض التنازلات تمهيدا لتسوية النزاع، ضف على ذلك أن التطور الذي عرفته الوساطة أكسبها خاصية جديدة تتمثل في استمرارية العمل بها تحت شرط التمديد والتجديد الضمني لها في العقد.

والجدير بالذكر، أن الوسيط كما يكون شخصا طبيعيا قد يكون شخصا معنويا على خلاف التحكيم الذي إشترط فيه المشرع المغربي بموجب الفصل 320 من ق.م.م أن يعهد به إلى شخص طبيعي، وفي حالة الإتفاق على تعيين شخص معنوي فإن مهامه تنحصر في تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره لا غير، لهذا فإن تخويل الشخص المعنوي صفة وسيط من شأنه أن يساهم في اقتراح اتفاق صلح في وقت سريع وفي قالب حسن الجودة، بخلاف الشخص الطبيعي الذي يبت في النزاع بمفرده مستعينا بآليات ومهارات بسيطة.

وقد تضمن القانون 05-08 مقتضى ينم عن رغبة المشرع المغربي في ضمان نجاح مسطرة الوساطة، وذلك حينما أتاح للمحكمة أن تصرح بعدم قبول الدعوى التي أبرم بخصوصها اتفاق الوساطة إلى حين استنفاذ هذه المسطرة أو بطلان إجراءاتها، ولا يتم هذا الدفع إلا بناءا على طلب أحد الأطراف وفق ما ذهب إليه الفصل 327-64 من القانون دلالة على تحكم إرادة الأطراف في سير وتوجيه مسطرة الوساطة.

الملاحظ كذلك، أن اللجوء إلى تقنية الوساطة لإنهاء النزاعات المحتملة نشوبها بين المستثمرين، يترتب عليه إستماع الوسيط للأطراف مليا ومقارنته ومقاربته بين وجهات نظرهم، كما يسوغ له انتداب خبرة للوقوف على مسألة فنية مرتبطة بموضوع النزاع وكذا الإستماع إلى الأغيار كلما دعت مصلحة الأطراف ذلك، وهذه أقوى نقط إلتقاء الوساطة والقضاء الوطني.

ذلك، و يقترح الوسيط على الأطراف مشروع صلح يتضمن كل وقائع النزاع وطرق حله، فإذا اقتنعوا به وارتضوه وقعوا على وثيقة الصلح، وأمكن بعد ذلك تذييل هذا الصلح بالصيغة التنفيذية ليكتسب قوة الشيء المقضي به، هذا المقتضى لم يتضمنه نظام الوساطة الخاص بالمركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط وإن كان ينص في فصله الأول على ضرورة مراعاة أحكام القانون 08-05.

أما في حالة عدم وقوع الصلح لسبب أو لأخر، فإن الوسيط يسلم وثيقة عدم وقوع الصلح التي تحمل توقيعه للأطراف، ونشير في ذات السياق أنه إذا تعلق الأمر بمركز دولي للوساطة فإن نظامه في الغالب المعتاد ما ينص على الإنتقال إلى مسطرة التحكيم عند فشل التوصل إلى صلح معين وهو ما أكد عليه الفصل الأخير من نظام الوساطة للمركز الدولي المذكور آنفا.

و في الختام إذا كانت هذه الوسائل التي يعهد إليها لوضع حد لمختلف النزاعات مدنية تجارية أو إدارية قد لا تعرف إقبال الأفراد العاديين الذين يزيد لجوئهم أكثر لقضاء الدولة، لما تفرضه أحكامه من هيبة وإنعكاس لوقار الدولة، فإن التحكيم والوساطة وغيرها من الأنظمة البديلة أصبحت تشكل قضاء منازعات عقود الاستثمار بامتياز بالنظر لتقديمها ضمانات وخدمات فعالة في نطاق تحصيل تنمية إقتصادية شاملة و حماية للمصالح المالية الأجنبية منها والوطنية من التدهور والتضعضع الإقتصاديين، فالقاضي عندما يصدر ألف حكم فهو ينشأ ألف خصومة في حين عندما يصدر المحكم أو الوسيط ألف حكم أو صلح فهو ينشأ ألف مودة فشتان بين هذه الوسائل وبين القضاء الوطني.

إعداد:ذ/عمر بحبو_باحث في قانون الأعمال بكلية الحقوق بتطوان

 


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

 أمين البقالي: ماهية الحريات العامة 

ماهية الحريات العامة   أمين البقالي طالب باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق اكدال مقدمـــــة: موضوع ...