التفتيـش القضـائي آلية من آليات التخليق
أكد عبد الله حمود، المفتش العام بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن التفتيش القضائي بصيغه وممارسته التقليدية المتمثلة في رصد أوجه القصور في أداء المحاكم والقضاة وتتبع أخطائهم أصبح متجاوزا، ما يستدعي إعادة النظر في مفهوم التفتيش القضائي وتجديد مهامه وأدائه ليساهم في تطوير العمل القضائي والارتقاء بجودته وفق مقاربة تشاركية. هذه المقاربة لن تأتي أكلها حسب المفتش العام دون دعم حقيقي للتفتيش القضائي وتقويته داخل المنظومة القضائية وتقديم الدعم المادي والمعنوي ليصبح تفتيشا قضائيا فعالا وإيجابيا، يساهم في دعم الاستقلال الفعلي للقضاء، اعتمادا على المقتضيات الدستورية والمقتضيات المنصوص عليها في القانونين التنظيميين للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وللقضاة وقرارات المجلس الدستوري والمحكمة الدستورية.
وأشار المفتش العام، الذي كان يدير لقاء حول «دور التفتيش والرقابة الإدارية والقضائية في تخليق منظومة العدالة» نظم أخيرا بالبيضاء، إلى أن إرساء مهام التفتيش على أسس واضحة وعلمية سيمكن من تجديد آليات التأطير والضبط والمراقبة والتفتيش للارتقاء بقدرات القضاة والموظفين العاملين بالمحاكم، قضاة ونيابة عامة وجعلها أكثر فاعلية في مواكبة الأداء القضائي وأسلوبه وطرق ممارسته لتحديد المشاكل والصعوبات واقتراح الحلول المناسبة لتطويره والخروج بتوصيات من شأنها العمل على تحسين الجودة لتحقيق الحكم العادل، مؤكدا أنه لبلوغ ذلك يتعين إدراج بعدي التدقيق والتقييم بشكل متلازم مع أسلوب عمل المفتشية العامة، عبر مراقبة وتتبع الإدارة القضائية من خلال تقييم مخططات وبرامج العمل لدى مختلف المحاكم ومراقبة تنفيذها وتصحيحها لتحقيق الأهداف المسطرة بدقة.
الدور المحوري للتفتيش القضائي الذي بوأه إياه المشرع، لن يكتمل دون صدور القانون المحدد لتأليف المفتشية العامة للشؤون القضائية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وتحديد اختصاصاتها وقواعد تنظيمها وحقوق وواجبات أعضائها، وهي نقطة جوهرية في استكمال بناء هياكل السلطة القضائية.
ويرى المفتش العام أن العنصر البشري في المفتشية العامة نقطة محورية يجب إيلاؤها عناية خاصة بالنظر إلى جسامة المهمة الملقاة على عاتقهم، ما يتطلب معايير محددة في اختيار القضاة، الذين سيضطلعون بتلك المهمة، مع وضع أولويات تتمحور في الخبرة والكفاءة المهنية والجمع بين تقنيات مهنة القضاء الإدارية والقضائية والنزاهة الفكرية والمادية، بالإضافة إلى التضحية وقبول التنقل بين المحاكم وإعداد تقارير تعكس الصورة الحقيقية لعملية التفتيش بالموضوعية والاحترافية والشفافية، أخذا بعين الاعتبار مبدأ التخصص.
ولم يخف المفتش العام أنه لتحقيق تلك الأهداف، يتعين على المفتشية العامة إدراج آليات جديدة في عملها، كالمصاحبة والمواكبة ودراسة المخاطر، مع وضع دلائل لتوضيح جملة من الإجراءات، من بينها دليل التفتيش القضائي، منهيا حديثه بالقول إن «تخليق القضاء لا يمكن تحقيقه دون إشراك جميع الفعاليات وتظافر جهود المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمسؤولين القضائيين والقضاة وتكثيفها للوصول إلى قضاء عادل فعال ونزيه قضاء يصدر أحكاما ذات جودة داخل آجال معقولة، تجد طريقها نحو التنفيذ دون مشاكل».
كريمة مصلي