الدعوى العمومية والدعوى المدنية في القانون المغربي


الدعوى العمومية والدعوى المدنية في القانون المغربي

الموضوع الأول : الدعوى العمومية والدعوى المدنية

إن خرق القانون الجنائي بارتكاب الجرائم، يوجب العقاب عن طريق توقيع الجزاء على الخارق، والوسيلة في تحقيق ذلك الدعوى العمومية التي تقيدها النيابة العامة-غالبا-باسم كافة أفراد المجتمع مطالبة فيها بتطبيق القانون الجنائي على المجرم الذي أوقع بهذا المجتمع ضررا عاما عندما أتى الجريمة. لكن الخرق السابق للقانون الجنائي قد تتخلف عنه أيضا إلى جانب الضرر العام الذي أصاب المجتمع، ضرر خاص يصيب شخصيا أحد الأفراد الواقعة عليم الجريمة. لذلك سمح لهم المشرع كمتضررين بأن يطالبوا بالتعويض عما لحقهم أمام القضاء الجنائي تبعا للدعوى العمومية، ولذلك سميت هذه المطالبة التي يكون الهدف منها تعويض الأضرار الناجمة عن الجريمة أمام المربع الجنائي بالدعوى العمومية التابعة.

I- الدعوى العمومية :

1- تعريف الدعوى العمومية :

الدعوى العمومية هي دعوى قضائية يرفعها المجتمع ممثلا في النيابة العامة بهدف إنزال العقاب على مرتكبي الجرائم التي تتسبب في اضطراب أمن المجتمع وألحقت أضرارا بالفرد.

2- إثارة الدعوة العمومية :

تعتبر النيابة العامة هي الطرف الأساسي الذي يرجع له حق تحريك أو إثارة أو إقامة الدعوى العمومية للمطالبة وباسم المجتمع بتوقيع الجزاء على من أجرم. ولكن إلى جانب النيابة العامة نجد جهات أخرى خولها القانون أمر تحريك الدعوى العمومية وأهمها:

– المتضرر من الجريمة : وذلك بمطالبته بالتعويض المدني أمام المحكمة الزجرية أو أمام قاضي التحقيق.

– بعض الجهات الإدارية : كإدارة المياه والغابات وإدارة الجمارك…الخ.

– مجلس البرلمان : عندما يتعلق الأمر بتوجيه الاتهام للوزراء.

– محاكم الحكم : وخاصة رئيس المحكمة عندما يتعلق الأمر بجرائم الجلسات .

– الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى والرؤساء الأولون بمحاكم الاستئناف : وذلك عندما يتعلق الأمر بجرائم ارتكبت من كبار الموظفين الذين لهم امتياز قضائي.

هذه الجهات يمكن القول أنها تمتلك حق تحريك الدعوى العمومية بدل النيابة العامة.

3- 3- القيود الواردة على النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية :

يكون حق النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية مقيدا بشروط في حالات حددها القانون ومنها :

– – قيد الشكوى : وهو من أهم القيود كما هو الشأن بالنسبة للخيانة الزوجية والسرقات بين الأصول، فالمتابعة تكون مشروطة بشكاية، وسحب الشكاية يضع حدا للمتابعة.

– قيد الأمر : ويكون في الجرائم التي تختص بها محكمة العدل الخاصة، وهذا الأمر يستصدر من وزير العدل.

– الطلب : ويكون في جرائم السب والقذف، حيث تتوقف المتابعة على ضرورة تقديم طلب للنيابة العامة.

– الإذن : ويكون بطلب إذن من المجلس الذي ينتمي إليه العضو البرلماني قبل متابعته ما لم يكن ملتبسا.

4 – سقوط الدعوى العمومية :

تسقط الدعوى العمومية بما يلي :

– موت المتهم.

– العفو الشامل والخاص.

– إلغاء القانون الجنائي سواء بالنسبة للجرائم المكتشفة أو التي ظلت مجهولة.

– إبرام المصالحة مع بعض الإدارات: التبغ، المياه والغابات، شركة توزيع الكهرباء…الخ.

– سحب الشكايات.

– عدم تلقي الشكاية.

– صدور حكم سابق لا تعقيب فيه حيث يكون نهائيا ومرت عليه جميع طرق الاستئناف والطعن.

Ii- الدعوى المدنية التابعة :

1- تعريفها :

إذا كان الأصل هو أن القضاء المدني هو المختص في نظر المطالب المتعلقة بجبر الأضرار الخاصة اللاحقة بالمتضررين. فإن المشرع سمح استثناء لهؤلاء بإقامة المطالبة عن تعويض الأضرار الناجمة مباشرة عن الجريمة أمام القضاء الجنائي الذي ينظر الدعوى الزجرية الناجمة عن الجريمة، وذلك خروجا عن الأصل السابق، ولذلك يطلق عليها في الفقه بالدعوى المدنية التابعة، وهي تقام تبعا لدعوى عمومية قائمة. وهكذا يمكن للمتضرر أو ورثته من الجريمة أن يقيم دعوى مدنية تابعة ضد المدعى عليه، والهدف من ذلك هو الحصول على تعويض لجبر الضرر. وعموما فإن الشخص المتضرر ينتصب مطالبا بالحق المدني بتصريح أمام القاضي المكلف بالتحقيق لدى محكمة الاستئناف.

وهكذا نجد أن المشرع أجاز للمتضرر أن يختار بقوة القانون بين طريقتين :

– إما أن يلتجأ للقضاء المدني للمطالبة بالتعويض باعتباره الجهة المختصة أصلا، ويرفع دعوى مدنية مستقلة.

– أو أن يقيم الدعوى المدنية التابعة إلى جانب الدعوى العمومية المنظورة أمام القضاء الزجري استثناء.

2- سقوط الدعوى المدنية التابعة :

ليس لأسباب سقوط الدعوى العمومية علاقة بالحق المدني والعكس كذلك صحيح.

وأسباب سقوط الدعوى العمومية هي :

-حكم حائز لقوة الشيء المقضي به في موضوع الدعوى المدنية .

– تقادم الحق في التعويض .

– التنازل .

– التصالح أو المصالحة .

– التخلي عن الإدعاء .

الموضوع الثاني : ضباط الشرطة القضائية .

إن المشرع المغربي لم يحدد تعريفا للشرطة القضائية ، وإنما اكتفى فقط بالإشارة لأهدافها في الفصل 18 من ق.م.ج، في حين حدد الفصل 19 ق.م.ج أصناف رجال الشرطة القضائية . أما أعوان الشرطة القضائية فقد أتى تعدادهم في الفصل 24 ق.م.ج .

1- هدف الشرطة القضائية :

حسب الفصل 18 من ق.م.ج فإن هدف الشرطة القضائية هو البحث ومشاهدة الجرائم وكذلك جمع الأدلة والحجج عليها، والبحث عن الفاعلين وتقديمهم إلى النيابة العامة.

2- رجال الشرطة القضائية :

رجال الشرطة القضائية هم ضباطها وأعوانها وكذا بعض الموظفين والأعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية .

(أ)- ضباط الشرطة القضائية :

* الوكلاء العامون للملك ونوابهم,وكلاء الملك ونوابهم, وقضاة التحقيق بمحاكم الاستئناف وهم ضباط سامون للشرطة القضائية (الفصل 19 ق.ج.م ).

* قضاة المحاكم الابتدائية (القضاة الجالسون ) .

* الضباط وضباط الصف, الدركيون إما بصفتهم رؤساء المراكز أو الذين عينوا بموجب قرار مشترك بين وزير العدل وإدارة الدفاع الوطني والذين قضوا اسميا في الخدمة 3 سنوات .

* المدير العام للأمن الوطني- المراقبون العامون-عمداء الشرطة-المفتشون الذين قضوا على الأقل ثلاث سنوات وانتدبوا بقرار مشترك بين وزير العدل ووزير الداخلية.

* الباشوات والقواد .

(ب)- مساعدو ضباط الشرطة القضائية :

هؤلاء المساعدون أتى تعدادهم في الفصل 24 من ق.ج.م وهم:

– خلفاء الباشوات وخلفاء القواد.

– موظفو مصالح الشرطة العاملة والدركيون الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية .

(ج)- بعض الموظفون و الأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية :

– مهندسو ومأمورو المياه والغابات ( الفصل 26-27-28 ق.م.ج ).

– العامل (الفصل 33 ق.م.ج ).

– أعوان إدارة الجمارك (الفصل 233 من مدونة الجمارك 1977).

– مراقبو السكك الحديدية (الفصل 20 من ظهير 1961) .

3–نشاطات الشرطة القضائية :

أ- ضباط الشرطة القضائية :

– يتلقون الشكايات والوشايات (الفصل 21 ق.م.ج )

– القيام بالأبحاث عن الجرائم سواء بمبادرة منهم أو في حالة التلبس أو تطبيقا لتعليمات النيابة العامة.

– يحررون محاضر عما ينجزونه من العمليات, ويقدمون الأضناء إلى النيابة العامة (الفصل 23 ق.م.ج ).

– يستطيعون أن يطلبوا مباشرة تدخل القوة العمومية لتنفيذ مهامهم .

– تنفيذ الإنابات القضائية الموجهة إليهم من قبل جهات التحقيق (الفصل 166ق.م.ج) أو المحاكم .

وعموما فإن أعمالهم يديرها وكيل الملك, ويشرف عليها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف وتراقبها الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف .

ب ـ مهام مساعدي ضباط الشرطة القضائية :

– ينحصر دورهم في مساعدة ضباط الشرطة القضائية ، وفي إخبارهم بكل جريمة تصل إلى علمهم،وفي المساهمة في البحث طبقا لتعليمات رؤسائهم .

– لا يسمح لهم القانون بنفس الحقوق كما هو الشأن بالنسبة لضباط الشرطة القضائية ، لهذا وجب أن يعملوا تحت سلطة هؤلاء لأنهم لا يحررون محاضر .

-يقدمون لرؤسائهم تقارير إما كتابية أو شفهية .

ملاحظــة :

إن الفصل446 ق.ج يعاقب من شهر إلى ستة أشهر حبسا من أفشى سرا من أسرار المهنة وعليه فإن ضباط الشرطة القضائية ومساعدوهم ملزمون بكتمان سر المهنة (الفصل15 ق.م.ج).

التـلــبس

تعريف : التلبس هو كل شيء واضح وأكيد أو يظهر حالا للعينين، ويقصد بالجريمة المتلبس بها، الجريمة المشهودة التي تضبط وقائعها أو فاعلها أثناء الفعل الجرمي أو تضبط بعد تنفيذها في ظروف خاصة حددها القانون، وهكذا فمن الناحية القانونية فإن الفصل”58 من ق.م.ج” يعتبر التلبس بالجناية والجنحة في إحدى الحالات الآتية :

– حالة إنجاز الفعل الجنائي أو على إثر إنجازه.

-حالة ما إذا كان الفاعل مازال مطاردا بصياح الجمهور.

– حالة ما إذا وجد المجرم بعد مرور زمن قصير على ارتكاب فعلته حاملا لأسلحة أو أشياء يستدل منها على أنه شارك في الفعل الإجرامي أو وجدت عليه أثار أو إمارات تثبت مشاركته.

-حالة ما إذا التمس صاحب البيت من ض.ش.ق أو وكيل الملك التثبت من إحدى الجرائم التي وقعت في بيته.

– حالة اكتشاف جثة (البحث التلبسي) الفصل79 ق.م.ج .

مهام حراس الأمن : ( ما يجب القيام به )

جرائم القتــل – اكتشاف جثة.

1- بالشارع العام أو الأماكن العمومية.

– إخبار قاعة المواصلات فورا لتشعر ضابط الشرطة المختص.

– إلقاء القبض على الفاعل وأخذ معلومات عنه.

– إبعاد الفضوليين وستر الجثة عن الأنظار.

– الاتصال بالوقاية المدنية لإسعاف الضحية إذا ما زال على قيد الحياة.

– اتخاذ جميع التدابير للمحافظة على الآثار والأدلة المتبقية بعين المكان.

– البقاء في عين المكان إلى حين حضور ض.ش.ق.

– اطلاعه على كافة المعلومات المتعلقة بالجريمة ومساعدته في مواصلة الإجراءات.

– في حالة إلقاء القبض على الفاعل يجب تصفيده، وحمايته من كل انتقام وذلك بعزله في مكان آمن.

– تحرير تقرير في الموضوع.

2- بمكان خصوصـي. (مسكن )

– إخبار قاعة المواصلات لتشعر ضابط الشرطة القضائية المختص بعد التأكد من ذلك.

– أخذ هوية الشخص الذي أخبرك بالحادث ومطالبته بالبقاء معك.

– حراسة المنافذ ومنع جميع الأشخاص من مغادرة مكان الجريمة.

– انتظار حضور ضابط الشرطة القضائية لإطلاعه على كافة المعلومات التي توصلت بها والبقاء رهن إشارته لمساعدته في مواصلة الإجراءات.

– في حالة إلقاء القبض على المجرم يتعين حمايته من كل انتقام.

– تحرير تقرير مفصل في الموضوع .

جرائـم أخرى متلبس بها.

1- الشارع العام – أماكن عمومية .

يجب على حارس الأمن أن يقوم ب :

– إلقاء القبض على المجرم أو البحث عنه إذا ما لاذ بالفرار.

– حبسه لتجريده من كل أداة خطيرة.

– التعرف على هويته.

– حمايته من انتقام الجمهور إن أمكن.

– إخبار قاعة المواصلات.

– انتظار وصول ضابط الشرطة لوضعه رهن إشارته واطلاعه على كافة المعلومات.

– التعرف على بعض الشهود وأخذ هويتهم.

– تحرير تقرير مفصل في الموضوع.

2 – أماكن خصوصية: ( مسكن )

– أخذ هوية الشخص الذي أبلغك بالجريمة.

– التأكد من ذلك والاتصال بقاعة المواصلات.

– انتظار وصول ضابط الشرطة القضائية واطلاعه على كافة المعلومات.

– البقاء رهن إشارته لمساعدته في مواصلة الإجراءات.

– حراسة المكان ومنع كل شخص من مغادرته والتعرف على بعض الشهود إن أمكن.تحرير تقرير مفصل في الموضوع.

البحث التمهيدي

تعريف:

هو البحث الذي يجريه ضابط الشرطة القضائية في غير حالات التلبس، والهدف منه هو التثبت من وقوع الجرائم أو البحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة عنها. يقوم به ضباط الشرطة القضائية إما بتعليمات النيابة العامة أو إما تلقائيا وبمبادرة منهم.(الفصل80 ق.م.ج)

تلقائيا :

أي أن ضباط الشرطة القضائية يبادرون إلى إجراء تحريات وأبحاث بمجرد ما يصل إلى علمهم خبر وقوع جريمة ما عن طريق توصلهم بشكاية أو وشاية، كما هو الشأن مثلا بالنسبة للضرب والجرح ( حينما تكون أثار العنف غير بادية على الضحية).

تعليمات النيابة العامة :

يتقدم أحيانا الشخص المتضرر من جريمة ما بشكاية مباشرة أمام المحكمة وبعد دراستها وتفحصها من طرف النيابة العامة،ترفقها بتعليمات محررة وتحيلها على ضباط الشرطة القضائية قصد تنفيذ هذه التعليمات، نذكر منها مثلا:

– إهمال الأسرة.

– الإكراهات البدنية .

– إصدار شيك بدون رصيد.

والبحث التمهيدي تكون فيه سلطات ضابط الشرطة القضائية مفصلة مقارنة مع السلطات التي يتمتع بها في إطار التلبس، سواء تعلق الأمر بالتفتيش أو الوضع تحت الحراسة أو إبقاء الشهود أو تسخير الخبراء.

ما يجب القيام به :

تنحصر مهمة حراس الأمن في مساعدة الضباط المكلفين بإجراء الأبحاث التمهيدية.

الإنابة القضائية

1) تعريف :

هي ذلك التفويض الذي يمنحه القاضي المكلف بالتحقيق إلى قاض آخر أو إلى ضابط الشرطة القضائية للقيام مكانه بعمل من أعمال التحقيق.

2) الأعمال التي يمكن أن تفوض من طرف قاضي التحقيق :

– كل عمل من أعمال البحث وجمع الحجج.

– الاستماع إلى الشهود.

– تفتيش البيوت.

– الحجز.

– المعاينات.

غير أن الاستماع إلى المطالب بالحق المدني (المتضرر) لا يمكن أن يباشر إلا بطلب من هذا الأخير.

3) الأعمال التي يمنع انتدابها :

– الإجراءات التي تقتضي إحضار المتهم وإيداعه رهن الاعتقال الاحتياطي.

– استنطاق المتهم وكذا مواجهته مع الغير.

4) شكل الإنابة القضائية :

يلزم أن تكون الإنابة القضائية :

– كتابية.

– مؤرخة وموقعة وحاملة الخاتم القاضي المكلف بالتحقيق الذي أصدرها.

– حاملة لاسم القاضي المكلف بالتحقيق.

– تشير إلى نوع الجريمة + اسم المتهم فيها + إذا كان مجهولا توجه ضد مجهول.

وتصاغ الإنابة القضائية على 3 أشكال :

– محددة : يحدد قاضي التحقيق نوع الأعمال اللازم القيام بها ولا يسمح للمناب قضائيا الخروج عن فحوى الإنابة.

– عامة : يترك القاضي الباب مفتوحا، كأن يجيء فيها: القيام بكل ما يفيد التحقيق.

– – دولية :إذا كانت هناك معاهدة قضائية تربط بلدين ما، فإن قضاة التحقيق في الدولتين يمكن أن ينيبوا بعضهم للقيام بأعمال التحقيق شريطة توجيه ذلك بالطريقة الدبلوماسية.

شروطها الموضوعية :

أ‌- من يمكن أن يصدرها: لا تصدر إلا عن قاضي التحقيق إلا في حالات خاصة كقاضي التحقيق العسكري أو قاضي المحكمة الابتدائية الذي يمكن أن ينيب ضابط الشرطة القضائية.

ب‌- لمن توجه الإنابة : * لقاضي آخر مكلف بالتحقيق.

* لقاضي المحكمة الابتدائية .

* لضابط الشرطة القضائية .

القاضي المكلف بالتحقيق

تقديـــــــم :

يشكل التحقيق المرحلة الثالثة من مراحل الدعوى العمومية، ولا يكون إلا في الجرائم الخطيرة أو المعقدة، وهو إجباري في الجنايات المعاقبة بالإعدام أو السجن المؤبد، وجرائم الأحداث، واختياري في الجنايات الأخرى. أما في الجنح فيكون أيضا بمقتضى نصوص تشريعية خاصة. هذا التحقيق يكون موكولا لقضاة مختصين.يطلق عليهم القضاة المكلفين بالتحقيق، الذين يقومون بإجراء التحقيق بعد إشعارهم بموجب التماس من طرف الوكلاء العامون للملك. ويهدف هذا التحقيق إلى البحث عن وسائل الإثبات الكافية لإدانة المشتبه فيهم قبل إحالة القضية على المحكمة. وحتى يتمكن قاضي التحقيق القيام بمهامه فقد منحه القانون سلطات واسعة سنتعرض لها بعد التعريف بالقاضي المكلف بالتحقيق.

1- القاضي المكلف بالتحقيـق:

هو قاضي مستقل يعينه وزير العدل لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وهو يقوم بأعماله إما بصفته ضابطا ساميا للشرطة القضائية أو قاضيا مكلفا بالتحقيق أو قاضيا عاديا.

أ – بصفته ضابطا ساميا للشرطة القضائية:

له الحق أن يباشر بنفسه جميع أعمال الشرطة القضائية فيما يخص التلبس بشرط أن يوجه بحثه إلى الوكيل العام للملك.

ب – بصفته قاضيا مكلفا بالتحقيق:

لا يجوز تكليفه بالبحث بالفعل الإجرامي إلا بالتماس من الوكيل العام للملك، وبمقتضى هذه الصفة يتمتع بسلط واسعة تسمح له أن يقوم بكل أعمال التحقيق وهي:

– الانتقال إلى عين المكان.

– تفتيش المنازل.

– الحجز.

– تسليم الانتدابات القضائية.

– تسليم الأوامر القضائية.

ج – بصفته قاضيا عاديا :

عندما ينتهي من تحقيقه فإنه يصدر قرارات لا يمكن مقاومتها إلا أمام الغرفة الجنحية، وهذه القرارات على شكلين:

– قرار بعدم المتابعة : ويكون في حالة عدم توفر الحجج الكافية لإدانة المتهم أو أن الفاعل مجهول إلخ…

– قرار بالإحالة : وذلك بإحالة القضية على الغرفة الجنائية إذا تعلق الأمر بجناية.

غير أن هذه القرارات يمكن استئنافها أمام الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف، إما من طرف الوكيل العام للملك أو الأطراف المعنية أي المتهم أو المطالب بالحق المدني.

2- أعمال التحقــيق:

إذا رفعت القضية إلى قاضي التحقيق من طرف الوكيل العام للملك يمكن مباشرة البحث حالا، ولكن إذا رفع إليه الأمر المطالب بالحق المدني فإن قاضي التحقيق يخبر بذلك الوكيل العام للملك ،هذا الأخير يوجه التماسا بالتحقيق وذلك ليتم إدماج النيابة العامة كطرف في الدعوى العمومية إذا تعلق الأمر بجناية.

وأثناء التحقيق يكون القاضي المكلف بالتحقيق مصحوبا دائما بكاتب الضبط فيحق له:

أ – الانتقال لعيـن المكان: ليقوم بالمشاهدات وإجراء المعاينات الممكنة وكذا الحجز.

ب – القيام بتفتيـش المنازل : يحق التفتيش حتى في الأوقات غير القانونية،ولكن مراعاة أربع شروط:

* أن يتعلق الأمر بجناية.

* أن يكون التفتيش داخل منزل المتهم.

* أن لا ينيب عنه أحدا في هذا العمل.

* أن يكون الوكيل العام للملك حاضرا في هذا التفتيش.

ج – استنطاق الشهود بعـد أداء اليمين :

يمكن زيادة على إرغامهم على الحضور أن يرغمهم على التصريح، ومواجهتهم إن اقتضى الحال وكذلك الاستماع إلى الطرف المدني.

د – استنطاق المتهم ومواجهته مع الشهود :

هذا الحق يتمتع به دون غيره من ضباط الشرطة القضائية المنابين،ولا يسمح القانون بانتدابه.

ه – طلب مساعدة ذوي الخبرة أو القوة العمومية لإظهار الحقيقة.

و- إيداع المتهم رهن الاعتقال الاحتياطي:

لا يجب أن تتعدى مدة الاعتقال الاحتياطي شهرين إلا إذا ظهرت ضرورة استرسال الاعتقال، حيث يجوز لقاضي التحقيق تمديد فترة هذا الاعتقال بأمر قضائي معلل بأسباب بناء على طلبات الوكيل العام ولكن لا يمكن أن تكون التمديدات إلا في حدود 5 مرات ولنفس المدة. وإذا تم تجاوز هذه المدة دون إحالة المتهم على غرفة الجنايات أطلق سراحه بقوة القانون استمر التحقيق.

ز – تسليم الإنابات القضائية :

ك – تسليم الأوامر القضائية :

الأوامر القضائية.

1- تعريفها:

إن الأوامر القضائية كما يدل عليها اسمها مجموعة من الإجراءات يأمر بها في غالبية الأحيان القاضي المكلم بالتحقيق. ويكون الهدف منها إلزام بالحضور والمثول أمامه أو استعمال القوة والقهر لاستقدامه، وإما إيداعه في السجن، أو إلقاء القبض عليه. ويمكن أن تصدر بعض الأوامر القضائية عن النيابة العامة وذلك في حالة التلبس بالجريمة حيث تأمر بإحضار المتهم أو إيداعه بالسجن. غير أن هذه الأوامر لا يمكن أن تتخذ إلا في حالة التلبس بالجناية أو الجنحة وبصفة خاصة ضد المتهم.

2- عدد الأوامر القضائية:

عدد الأوامر القضائية أربعة هي:

أ- الأمر بالحضور: وهو مجرد استدعاء للمثول أمام قاضي التحقيق حيث يبقى الشخص حرا في المثول أمام أم لا. ( الفصل 137 )

ب- الأمر بالاستقدام أو الأمر بالحضور: وهو الأمر الذي يعطيه قاضي التحقيق للقوة العمومية لسوق المتهم في الحين لمكتبه ولو بالقوة.

ج- الأمر بإلقاء القبض: عندما يقوم الدليل على جناية أو جنحة معاقبة بالحبس يمكن أن تنسب لشخص متهم معروف ومعين وقار، فإن هذا الأمر يصدر في حقه عن القاضي المكلف بالقضية.( الفصل 147)

د- الأمر بالإيداع في السجن: وهو الأمر الذي يصدره القاضي إلى مدير مؤسسة السجن كي يتسلم المتهم ويعتقله، هذا الأمر لا يصدر إلا بعد أن يكون القاضي قد استنطق الشخص.

3- ما يجب القيام به:

إن حراس الأمن باعتبارهم رجال القوة العمومية يمكن أن تناط بهم مهمة تنفيذ هذه الأوامر القضائية، ودور حراس الأمن يختلف باختلاف نوع الأمر القضائي الذي أنيطت بهم مهمة تنفيذه.

أ) فيما يخص الأمر بالحضور:

قد تعترض حارس الأمن حالتين:

* حالة الشخص الموجود بمسكنه أو الذي تم التعرف عليه بالشارع العام:

– على حارس الأمن أن يستفسر الشخص ويطلعه على الأمر الصادر في حقه ويقرأه عليه.

– يتأكد من أن الأمر يخصه ويسلمه نسخة منه مع الإشارة إلى تاريخ التسليم ويوقعه المعني بالأمر.

– تسليم النسخة الأصلية إلى الرئيس الذي كلفه بتنفيذ الأمر.

– الإخبار، وقد جرت العادة الإشارة إلى ذلك في سجل الأحداث اليومية.

* حالة الشخص الغائب وتوجد زوجته بالبيت:

– يقوم باطلاعها على الأمر القضائي ويقرأه عليها.

– يسلم نسخة من الأمر للزوجة.

– يشير إلى تاريخ التسليم مع توقيع الزوجة على وصل الأمر.

– تسليم الوصل إلى الرئيس الذي كلفه بتنفيذ الأمر.

– الإخبار (سجل الأحداث اليومية أو تقرير كتابي).

يمكن أن يبلغ الأمر بالحضور إلى المعني بالأمر في مقر عمله، ويستحسن في محل سكناه.

ب ) الأمر بالاستقدام وإلقاء القبض.

إن طرق وشكليات تنفيذ هذين الأمرين تكاد تكون متشابهة وعلى الحراس أن يعرفوا ما يلي: إن العملية تنجز خلال الساعات القانونية من طرف حارسين للأمن ويمكن استعمال

القوة إذا دعت الضرورة إلى ذلك.وهنا تبرز عدة حالات:

* إما أن الشخص تم التعرف عليه بالشارع العام أو موجود بمحل سكناه ويقوم بفتح الباب:

– يقدم حارس أمن أول باستفسار المعني بالأمر واطلاعه على الأمر الصادر في حقه وقراءته عليه، في حين يقوم صديقه بمرافقته متيقظا ومستعدا للتدخل في كل وقت وحين لدفع كل محاولة هروب أو اعتداء.

– يسلمانه نسخه من الأمر مع بيان توقيعه على النسخة الأصلية وكذا تاريخ التبليغ.

– يأمره بمصاحبته إلى دائرة الشرطة.

– عند الامتثال يتم حبسه وسوقه إلى دائرة الشرطة(توضع الأصفاد بيده إذا كان الأمر صادر بإلقاء القبض).

– إذا رفض الشخص الامتثال يلقى عليه القبض بالقوة، ويتم حبسه وتصفيده وسوقه إلى دائرة الشرطة.

* الشخص الذي صدر الأمر في حقه موجود بمسكنه، لكنه يرفض فتح الباب:

– في الوقت الذي يقوم فيه أحد الحراس بمراقبة مختلف منافذ البيت، يتكلف الحارس الثاني بمهمة الاتصال برئيسه بأسرع الوسائل طالبا تعليماته (قاعة المواصلات).

– حين انتهاء العملية يقوم الحارس المسؤول عن تنفيذها بتحرير تقرير مفصل في الموضوع.

* الشخص غير موجود في مسكنه:

– يتعين على حارس الأمن أن يجد في الحصول على كافة المعلومات المرتبطة بالمكان الذي يحتمل أن يوجد به الشخص.

– حين انتهاء العملية يقوم بتحرير تقرير في الموضوع.

ج) الأمر بالإيداع في السجن:

– يتم تنفيذ هذا الأمر من طرف حراس الأمن بناء على تعليمات القاضي الذي أصدره.

– يتكلف القاضي شخصيا بإخبار المتهم بمضمون القرار الذي اتخذه في حقه، ويسلم النسخة الأصلية من الأمر إلى الحارس المسؤول عن تنفيذ الأمر.

– يقوم الحارس بحبس المعني ووضع الأصفاد وسوقه تحت الحراسة إلى السجن حيث يتم تسليمه إلى المسؤول عن السجن رفقة النسخة الأصلية من الأمر بالإيداع.

– يقوم حارس الأمن المسؤول بتوقيع سجل الاعتقال.

– الإخبار كتابة ببيان عن العملية في سجل الأحداث اليومية.

التنفيذ التلقائي:

إن الأشخاص الذين صدر الأمر بإلقاء القبض عليهم يبلغ عنهم غالبا بإعلانات البحث التي تعلق بأماكن الإلصاق بمختلف الدوائر ومفوضيات الشرطة.

وقد يثير انتباه حارس الأمن وهو يزاول عمله بالشارع العام مرور أحد هؤلاء الأشخاص المبحوث عنهم، وفي هذه الحالة يتعين عليه استفساره و إلقاء القبض عليه وسوقه تحت الحراسة إلى أقرب مركز للشرطة وإخبار الرؤساء بواسطة تقرير مكتوب.

منقول للافادة


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الدفاع الشرعى ومفهومه فى القانون الدولى والشريعة الاسلامية

                 الدفاع الشرعى ومفهومه فى القانون الدولى والشريعة الاسلامية ...