الكفالة الاجتماعية للأطفال المهملين
أضحت ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة من الظواهر التي تثير قلق المجتمع بالمغرب خصوصا أمام تناميها و ازدياد هؤلاء الأطفال بالمدن المغربية، هذه الظاهرة التي تعددت أسبابها وظروفها ووقائعها، تزايدت بشكل مطرد وأصبحت تؤرق المجتمع المدني والدولة معا، اهتم الباحثون الاجتماعيون وعلماء النفس بها وحاولوا البحث عن كيفية مساعدة هؤلاء الأطفال ومدى إمكانية تحقيق الأفضل لطفولتهم.
إذن ما هو مفهوم الطفل المهمل؟ وما هي الوسائل التي يمكن إتباعها لكفالة هؤلاء الأطفال؟
مفهوم الطفل المهمل.
الطفل المهمل هو كل الطفل لم يبلغ سن ثمان عشر سنة شمسية ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها، أو إذ كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش.
كذلك يعتبر طفلا مهملا كل طفل أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته و توجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية.
وكفالة طفل مهمل، هي الالتزام برعاية هذا الطفل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا في الإرث.
دور القضاء في رعاية الأطفال المهملين
ويلعب القضاء دورا مهما في حماية الأطفال المهملين حيث يقوم القضاء بمتابعة هذه الكفالة.
إذن هناك دور النيابة العامة:
حيث يقوم وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل، أو مكان العثور عليه، بإيداع الطفل المصرح بإهماله مؤقتا بإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية المهتمة بالطفولة سواء منها التابعة للدولة أو للجماعات المحلية أو الهيئات والمنظمات والجمعيات المتوفرة على الوسائل المادية والبشرية الكافية لرعاية الطفل المهمل أو لدى أسرة أو امرأة ترغب في كفالته، شريطة أن تتوفر في هؤلاء الأشخاص والمؤسسات مجموعة من الشروط.
يقوم وكيل الملك بإجراء بحث في شأن الطفل المهمل حيث يقدم أولا وعلى الفور طلب التصريح بأن الطفل مهملا، إلى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه أو مقر المركز الاجتماعي المودع به.
فوكيل الملك يتكلف بكل الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية قبل تقديمه طلب التصريح بالإهمال، ومن بينها إقامة الدعاوى، ويقدم وكيل الملك للمحكمة عناصر البحث الذي أجراه من أجل إثبات كون الطفل مهملا.
تقوم المحكمة عند الاقتضاء بعد الإطلاع على نتائج البحث الذي قدمه وكيل الملك بإجراء كل بحث أو خبرة تكميلية تراها ضرورية. إذا تبين للمحكمة أن الطفل مجهول الأبوين فإنها تصدر حكما تمهيديا يتضمن كافة البيانات اللازمة للتعريف بالطفل ومنها أوصافه ومكان العثور عليه وتأمر وكيل الملك بالقيام بما يلزم لتعليق الحكم وخاصة في مكاتب الجماعة المحلية والقيادة بمكان العثور على الطفل، و ذلك لمدة ثلاثة أشهر يمكن أثناءها لأبوي الطفل أن يعرفا بنفسيهما ويطالبا باسترداده.
إذا انقضت هذه المدة، دون أن يتقدم أي شخص لإثبات أبوته للطفل ويطالب باسترداده، فإن المحكمة تصدر حكما تقول فيه بأن الطفل مهمل.
دور القاضي المكلف بشؤون القاصرين
يعهد إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين الواقع بدائرة نفوذه مقر إقامة الطفل المهمل، بإسناد الكفالة إلى الشخص أو الجهة الراغبة في الكفالة. كما يقوم بمهمة تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول، ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، و يأمر بإلغاء هذه الكفالة، وأن يتخذ ما يراه ملائما لمصلحة الطفل في حالة ثبوت عدم التزام الكافل بهذه الكفالة.
الشروط المطلوبة للتكفل بالطفل المهمل
إذن هناك مجموعة من الشروط أوجبها القضاء على الكافل للتكفل بالطفل المهمل
بالنسبة للأسرة الكافلة:
يجب أن يكون الزوجان مسلمان اللذان مرت ثلاث سنوات على الأقل على زواجهما واستوفيا الشروط التالية
أن يكونا بالغين لسن الرشد القانوني وصالحين للكفالة أخلاقيا واجتماعيا ولهما وسائل مادية كافية لتوفير احتياجات الطفل.
ألا يكون قد سبق الحكم عليهما معا أو على أحدهما من أجل جريمة ماسة بالأخلاق أو جريمة مرتكبة ضد الأطفال.
أن يكونا سليمين من كل مرض معد أو مانع من تحمل مسؤليتهما.
أن لا يكون بينهما وبين الطفل الذي يرغبان في كفالته أو بينهما وبين والديه نزاع قضائي أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة المكفول.
كذلك إذا تكفلت بالطفل امرأة المسلمة يجب أن تتوفر فيها الشروط السابقة الذكر.
بالنسبة للمؤسسات والجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة فيشترط فيها أن تتوفر على الوسائل المادية والموارد والقدرات البشرية المؤهلة لرعاية الأطفال وحسن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية. إذا تعددت الطلبات بشأن كفالة طفل مهمل تمنح الأسبقية للزوجين اللذين ليس لهما أطفال، أو اللذين تتوفر لهما أفضل الظروف لضمان المصلحة الفضلى للطفل .
كم أنه لا يمنع وجود أطفال لدى الزوجين من كفالة أطفال مهملين شريطة استفادة جميع هؤلاء الأطفال من الإمكانيات المتوفرة لدى الأسرة بنفس القدر .
ولا تتم كفالة طفل مهمل يتجاوز سنه اثني عشرة سنة شمسية كاملة إلا بموافقته الشخصية.
لا تشترط موافقة الطفل المهمل إذا كان طالب الكفالة مؤسسة عمومية مكلفة برعاية الأطفال، أو هيئة أو منظمة أو جمعية ذات طابع اجتماعي معترف لها بصفة المنفعة العامة .
ويترتب عن الأمر المتعلق بإسناد الكفالة مايلي:
تحمل الكافل أو المؤسسة أو الهيئة أو الجمعية أو المنظمة المعنية تنفيذ الالتزامات، المتعلقة بالنفقة على الطفل المكفول وحضانته ورعايته وضمان تنشئته في جو سليم، مع الحرص على تلبية حاجياته الأساسية إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني، طبقا للمقتضيات القانونية الواردة بمدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بحضانة ونفقة الأولاد
إذا كان الطفل المكفول أنثى، فإن النفقة يجب أن تستمر إلى أن تتزوج طبقا لمقتضيات مدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة على ا لأنثى.
تطبق أيضا مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية المتعلقة بالنفقة على الأولاد العاجزين عن الكسب إذا كان الطفل المكفول معاقا أو عاجزا عن الكسب.
استفادة الكافل من التعويضات والمساعدات الاجتماعية المخولة للوالدين عن أولادهم من طرف الدولة أو المؤسسات العمومية أو الخصوصية أو الجماعات المحلية وهيئاتها.
كذلك يعتبرالكافل مسؤولا مدنيا عن أفعال المكفول. دور الجمعيات في الاهتمام بالطفل المهمل
فيجب أن نعرف أن العمل في ميدان الطفل يشكل عبء كبير حيث لا تستطيع الدولة بمفردها الوصول إلى تحقيق الأمثل الذي نريد بلوغه، وهنا يبرز دور الجمعيات ومساهمتها في هذا الميدان، حيث قامت بتخطي الكثير من العوائق وخصوصا في مجال الطفل المهمل فقد كانت هنالك الكثير من الجمعيات والمؤسسات التي ساهمت خلال سنوات عديدة في حل مشاكل هؤلاء الأطفال ومد يد العون لهم وتعمل تحت إشراف الحكومة وبتعاون مع عدد من الوزارات منها وزارة الصناعة التقليدية والشؤون الاجتماعية وهي الجهة المكلفة بالإشراف الإداري على هذه المؤسسات.
من بينها العصبة المغربية لحماية الطفولة ومقرها وزارة الصحة بالرباط والجمعية الخيرية الإسلامية عين الشق بمدينة الدار البيضاء، ، الجمعية المغربية لقرى الأطفال.
وتعمل الجمعيات، على النهوض برسالتها الإنسانية، المتمثلة في منح أسرة وبيت دائم للأطفال المحرومين من الدعم والدفء الأسريين ومواكبتهم في مختلف مراحل حياتهم، حتى تحقيق استقلاليتهم واكتساب مهارات مهنية وعلمية تيسر اندماجهم في محيطهم الاجتماعي، وتسعى للتهوين من معاناتهم من خلال توفير ظروف عيش كريمة لهم تماثل « قدر المستطاع » تلك التي يتمتع بها باقي الأطفال في كنف أسرهم، وذلك عبر توفير الوسائل الطبية والبيداغوجية الملائمة التي تمكنهم من تجاوز الإضطرابات النفسية التي يعانون منها جراء التخلي عنهم لسبب أو لآخر
وتسهر هذه الجمعيات على تقديم الخدمات لهؤلاء الأطفال، حيث تشملهم بالرعاية والتكوين والتمدرس وتوفر لهم الراحة والاطمئنان حتى يتسنى لهم الاندماج في المجتمع، ويكونوا بذلك أعضاء فاعلين متفاعلين فيه، حيث تخرج من هذه الجمعيات العديد من الأطر ومنهم عدد كبير من الطيارين المدنيين والعسكريين والأطباء والمهندسين والمحامين، بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين والموسيقيين والمسرحيين والرياضيين الخ… إن هذه الجمعيات تتكفل بتسيير مركبات اجتماعية من اجل مساعدة الأطفال المهملين ذكورا وإناثا الذين لا أسر لهم لإيوائهم والتكفل بهم.
هذا وتقوم هذه الجمعيات حسب إمكانياتها المادية بتأسيس أقسام تربوية داخل دار الأطفال تبذل جهودا مستمرة للوصول إلى نتائج ايجابية تجعل المجهود التربوي يحقق نتائج مهمة. www.tanmia.ma