- متابعة و إعداد : حمزة غرّوز.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يسعدني ويشرفني في هذا اليوم المبارك، السابع والعشرون من رمضان أن أتقدم الشكر بجزيل والامتنان إلى أستاذي الفاضل الدكتور نور الدين أشحشاح لقبوله الاشراف والتأطير لرسالتي هذه، وعلى ملاحظاته القيمة وتوجيهاته النيرة، كما لا تفوتني الإشادة بطيب معاملته وسعة صدره ومساعدته لي في إنجاز هذه الرسالة.
كما أوجه شكري العظيم لأساتذتي أعضاء لجنة المناقشة الدكتور عبد الكبير يحيا والدكتورة نسرين بوخيزو جزاهم الله عني خير الجزاء على قبولهم مناقشة هذا البحث وعلى الدعم الذي يقدمونه لنا كطلبة.
ولا يفوتني أيضا أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى الدكتور محمد العمراني بوخبزة منسق ماستر تدبير الشأن العام المحلي وإلى كل أساتذتي بالقانون العام أبقاهم الله منارا للعلم والمعرفة.
الشكر موصول أيضا إلى كل الحضور الكرام وأخص بالذكر والدي العزيز وقدوتي في هذه الحياة ومن شجعني ودعمني ماديا ومعنويا، ومنحني القوة حتى أصل إلى ما وصلته الآن، زوجي ورفيق دربي ومن كان سببا في اتمام دراستي وتغيير منحى حياتي من العتمة إلى النور، اخواني وسندي عزيز وعثمان اختي الغالية نجاة، ابنتي وصغيري و كل أصدقائي وزملائي على تشرفيهم ودعمهم لي في هذا اليوم.
عنوان رسالتي كما هو مبين بين أيديكم “النظام الجبائي المحلي ودوره في تحقيق التنمية الترابية – جماعة طنجة نموذجا -” تأتي أهمية دراسة موضوع النظام الجبائي المحلي، من أهمية الجبايات في تحقيق التنمية ودورها في تعزيز لبنات الديمقراطية ترابيا، وتقوية اللامركزية ببلادنا.
إن الجماعات الترابية بالمغرب، تعتبر وحدات للتنمية منذ فجر الاستقلال إلى أن أصبحت مؤسسات دستورية لها من الاستقلال المالي والإداري ما يخولها لأن تصبح شريكا للدولة، وذلك من خلال الإيمان بأن تحقيق التنمية لم يعد موضوعا محتكرا على الدولة لوحدها، إنما كذلك على الجماعات الترابية، فإذا كان الاستقلال المالي يجسد المستوى المادي لممارسة هذه الأخيرة لاختصاصاتها التنموية، فإنه يرتبط بالضرورة بوجود مالية محلية ونظام جبائي خاص ولا مركزي يمكن هذه المؤسسات من تمويل ممارساتها لمهامها واختصاصاتها باستقلالية أكبر.
وتتجلى أيضا أهمية هذه الدراسة في محاولة سعيها للبحث عن سبل و آليات تطوير الموارد الجبائية بشكل شامل، بعد الوقوف على كل الاكراهات التي يعاني منها تدبير النظام الجبائي ترابيا،
و كذا السعي ما أمكن نحو الرفع من مردودية الجبايات المحلية، خاصة مع تزايد المهام والاختصاصات المعهود بها لهذه المؤسسات.
ولقد كان إصلاح النظام الجبائي من أهم الاصلاحات التي قامت بها الدولة باعتبار الجباية أهم مورد لميزانية الجماعات الترابية، إذ لا يمكن إهمال دورها في تغطية النفقات كما تهدف أيضا إلى تمويل مشاريع التنمية.
وباعتماد المغرب لدستور فاتح يوليوز 2011، تم فتح ورش جديد لإصلاحات أكثر جرأة وموجهة كليا نحو ترسيخ تحميل المسؤولية للفاعلين المحليين، تهدف إلى إعادة تموقع الجماعات الترابية خاصة في مهامها المتمثلة في تقديم خدمات للمواطن وتنشيط التنمية الترابية، عن طريق تمكين المملكة من نظام محلي يتمحور حول الجهوية المتقدمة، قوامه الانتقال إلى مرحلة جديدة من اللامركزية والديمقراطية التشاركية، وتدعيم استقلالية المجالس التداولية إداريا وماليا.
و هكذا أصبحت الجماعات الترابية تشكل رهانا حقيقيا في تحقيق التنمية سواء في أبعادها الاقتصادية أو السياسية، وتظهر مكانتها المتميزة أكثر من خلال التنصيص عليها في أسمى وثيقة بالبلاد؛
وقد مر النظام الجبائي المحلي بمجموعة المراحل، فكانت بدايته الأولى مع دخول الاستعمار إلى المغرب، حيث حاولت السلطات الاستعمارية بمجرد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912، تجاوز الممارسات التقليدية في تدبير الشأن الجبائي المحلي وبإصدار عدة قوانين منظمة للمالية المحلية
ومع حصول المغرب على استقلاله سنة 1956، شكل مرحلة حاسمة في تاريخه الحديث، إذ عمد المشرع إلى العديد من الإصلاحات توخت الاهتمام باللامركزية الترابية، نظرا لإيمانه القوي بفعالية مشاركتها في تدبير الشأن العام المحلي، لذلك فقد صدرت مجموعة من القوانين كان أهمها، الظهير المتعلق بالتنظيم الجماعي لسنة 1976، الذي أدخل تعديلات مهمة على تقوية دور ومكانة الجماعات المحلية.
وقد عرفت فترة السبعينيات ضعفا كبيرا في تنظيم المجال الجباني المحلي، لكن الاصلاح الذي جاء به المشرع فيما بعد والمتمثل في صدور القانون 30.89 سيشكل حلقة مهمة في تأهيل المنظومة الجبائية المحلية.
لكن، ورغم ما جاء به هذا لقانون من إيجابيات ورغم اعتباره أكثر تقدما على غيره في مجال تطوير النظام القانوني للجبايات المحلية، فإنه مع ذلك لم يتمكن من التخفيف من حدّة الاختلالات في التدبير الجبائي المحلي، ولم يستطع تحقيق المبتغى منه وتطوير الموارد الجبائية الترابية، حيث بقيت الجماعات بأصنافها الثلاث باستمرار في وضعية التبعية المالية للدولة.
فكان لابد من إصلاح جديد لهذا النظام من أجل مواصلة بناء الترسانة القانونية النظام اللامركزية وبناء نظام جبائي يرفع من مردوديتها المالية.
هكذا، وبعد ثمانية عشر سنة من التجربة الجبائية التي أقرها القانون 30.89، تم إصدار القانون 47.06، كما صدر أيضا القانون رقم 39.07 المتعلق بالرسوم والحقوق والمساهمات والأتاوى.
على هذا الأساس اخترت لمناقشة موضوع رسالتي هذه المنهج الوظيفي للكشف عن وظائف النظام الجباني المحلي باعتباره المنهج الأكثر ملائمة لمعالجة الإشكال المطروح، هذا على المستوى النظري، أما على المستوى العملي فقد استخدمت المنهج التطبيقي باعتماد أداة تحليل المضمون، حيث قمت من خلاله بتحليل مكونات النظام الجبائي على مستوى مدينة طنجة بدراسة حالة جبايات جماعتها وكيفية تعاملها مع هذا النظام لتحقيق التنمية المنشودة.
لذلك، فقد لمست الموضوع إلى فصلين، عالجت في الفصل الأول عوامل ودواعي إصلاح النظام الجبائي والمتمثلة في حدود المنظومة الجبائية بالإضافة إلى ضعف مردودية الجباية المحلية، ثم إلى مستجدات الاصلاح الجباني على ضوء القانون 47.06 وذلك ببيان أهداف هذا الاصلاح والمبادئ التي أسس عليها في المبحث الأول من هذا الفصل، بينما خصصت المبحث الثاني لقراءة في القوانين المنظمة لجبايات الجماعات الترابية سواء تلك المنصوص عليها في القانون رقم 47.06 أو تلك التي جاء بها القانون39.07.
أما الفصل الثاني والمعنون بواقع التدبير الجبائي المحلي بين مشاكل المحدودية ورهانات الاصلاح والذي من خلاله تطرقت للنظام الجباني على مستوى جماعة طنجة باتخاذها كنموذج للدراسة، فبالرغم من كل الاصلاحات الجبائية والتعديل الذي طالها بموجب القانون الجبائي المحلي، فالممارسة العملية قد أبانت أن التدبير الجباني مازالت تعترضه العديد من الصعوبات والاكراهات، والتي كانت موضوع تقارير للمجالس الجهوية للحسابات، والتي تجسدت تحديدا في الانخفاض المهول في حصيلة الرسوم والأتاواى والضرائب المستحقة لفائدة الجماعات، وكذا تفاقم نسبة الباقي استخلاصه، فهي عموما اختلالات تعود لعدة عوامل كانت سببا رئيسيا في تبيان مدى محدودية القانون الجبائي، فبالرغم من كل الاصلاحات بقيت الجماعات الترابية عاجزة عن مواجهة متطلبات التنمية.
فالأهمية القصوى التي يكتسيها إصلاح نظام الجبايات المحلية تنبع من ضرورة إدخال التعديلات الجوهرية التي تضمن التوفر على نظام عصري يساير التوجهات الأساسية في مجال تدعيم اللامركزية من خلال تجاوز النواقص والصعوبات التي كانت تعتري المنظومة الجبانية السابقة، غير أن ذلك لم يتحقق بالشكل الكافي، مما استوجب معه ضرورة اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل توفير الأرضية المناسبة لعملية الإصلاح، واعتماد مقاربة جديدة للإدارة الجبائية والخضوع لتوصيات وملاحظات المجلس الجهوي للحسابات لإنجاح هذه العملية.
وتفصيلا لذلك، فقد ضم المبحث الأول حصيلة مردودية جبايات الجماعات الترابية والمحصورة بين المحدودية وتعدد الاكراهات، ثم للصعوبات المتعلقة بالتغيير الجباني المحلي سواء على مستوى الحدود القانونية، الإدارية والاجتماعية، هذه النواقص كانت سبيا في جعل مجالس الجماعات الترابية تفكر مليا في آليات ناجعة لانجاح إصلاح النظام الجبائي وتجاوز مختلف سلبياته و تفعيل التطبيق السليم لمقتضيات هذا القانون.
وهو ما عالجته في المبحث الثاني بالتطرق للوسائل والآليات التي اعتمدتها جماعة طنجة في سبيل تحقيق التنمية الترابية، لتقوية إدارتها الجبانية وذلك من خلال إرساء آليات المراقبة والفحص، وتعديل قرارها الجبائي وتوسيع الوعاء الضريبي المحلي، وأيضا باعتماد هيكلة جديدة لمصالحها الجبائية حتى تتلائم مع كل المستجدات القانونية والتنظيمية.
لكن، ورغم كل هذه المجهودات التي قامت بها الجماعة إلا أنها لم تستطع التغلب على الاكراهات والصعوبات التي تزيد من ثقل حمل ظاهرة الباقي استخلاصه وزيادة تفاقمه، وبالتالي التنمية وكسب الرهانات ومسايرة التطورات للنهوض بمهام تحقيق الجماعات الترابية الاقتصادية و الاجتماعية.
خلاصة القول، فإذا كان القانون رقم 47.06 أتى بمستجدات نقطة في شكلت تحول مجال دعم الموارد المالية للجماعات المحلية، فعلى الرغم من ذلك لا النظام كل زال الجباني المحلي يعاني من إكراهات عديدة اثرت بشكل سلبي على مردوديته، وحالت دون تحقيق التنمية المتوخاة، مما جعل معه ضرورة التفكير في تعديل قوانين جبايات الجماعات الترابية وتوحيد المنظومة الجبانية.”
وتلت كلمة الطالبة الباحثة في دفاعها عن بحثها كلمة أعضاء لجنة المناقشة بدءاً بالدكتورة نسرين بوخيزو التي أثنت على البحث وصاحبته ثناءاً حسناً ووصفت الباحثة بأنها مثال للمرأة المغربية الحقة، وذكرت أن البحث محكم من حيث احترامه للضوابط المنهجية من هوامش وتوثيق وغيرها، وأشارت إلى أنه كان على الطالبة استغلال الملاحق استغلالاً كافياً، وأنهت كلمتها بشكرها للطالبة وتمن لها كامل التوفيق؛
وتلت كلمة الدكتور يحيا عبد الكبير الذي أشاد بمجهود الباحثة ونوه ببحثها وبحسن اختيارها للموضوع لآنيته من جهة ولكيفية معالجته من جهة أخرى، وأكد على توفر الباحثة لأدوات أسهمت في تحديد جودة البحث بالإضافة إلى إشادته بالأسلوب الجيد الذي كتبت به الرسالة، وأشار إلى ضرورة العمل على إدراج الهوامش بطريقة متوازية مع بعضها البعض، بالإضافة إلى ملاحظات حول بعض مضامين العناوين وكيفية تنزيلهم، ليختم كلمته بوصف الطالبة بــ “منارة” دفعة ماستر تدبير الشأن العام المحلي وحياها وشكرها على عملها الذي سينضاف إلى قائمة الأبحاث الجيدة؛
وختمت كلمة لجنة المناقشة بكلمة الدكتور نور الدين أشحشاح الذي أثنى على تَوَفُّقِ الطالبة الباحثة، داعياً لها بالتوفيق في المستقبل، معتبراً أن عملها مرآة للجهد والجدية؛
وجاء في رد الباحثة على شهادات أعضاء لجنة المناقشة وملاحظاتهم مايلي: “أجدد شكري مرة أخرى لأساتذتي أعضاء لجنة المناقشة على توجيهاتهم النيرة وملاحظاتهم القيمة والتي ستغني عملي لا محالة وستزيده قيمة وجودة، وسأعمل على أخذها بعين الإعتبار عند تحيين رسالتي و إعداد النسخة النهائية التي سأضعها بمكتبة الكلية ودمتم أساتذتي الأفاضل نبراساً للعلم والمعرفة.”
رسالة جامعية لنيل شهادة الماستر من اعداد الطالبة الباحثة حنان الدحمان
منقول