النظام العقاري في المغرب
إن النظام العقاري في المغرب قام على ازدواجية تتمثل في وجود عقارات محفظة وهي الخاضعة لظهير التحفيظ العقاري لـ 12 غشت 1913 كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 07-14 بتاريخ 22 نوفمبر 2011 والقانون رقم 08-39 المتعلق بالحقوق العينية، وعقارات غير محفظة تخضع لمقتضيات الفقه المالكي حسب ما استقر عليه العمل القضائي المغربي، ولبعض الأعراف كما انه إذا قدم مطلب التحفيظ بشأن عقار ما، فيسمى عقارا في طور التحفيظ ويخضع لأحكام القانون 39-08 .
ولقد كانت الملكية الخاصة في المغرب تخضع في تنظيمها قبل 12 غشت 1913، أو بالأحرى قبل الإستعمار، لقواعد الشريعة الإسلامية وبعض الأعراف فيما يخص العلاقات بين المواطنين، أما فيما يخص العلاقات بين الاجانب فكانت تخضع لبعض الاتفاقيات الدولية.
وقد كانت الملكية في هذه الفترة مضبوطة ومنظمة لأن أحكام الشريعة الإسلامية تنص على ضرورة الكتابة، وخير دليل على قوة وصمود العقارات غير المحفظة هو بقاؤها إلى اليوم إلى جانب العقارات المحفظة تساهم في التنمية.
ويعرف التحفيظ العقاري بأنه مجموع الإجراءات والعمليات التي ينبغي اتباعها لجعل العقار خاضعا لنظام التحفيظ العقاري ، والتي ترمي إلى تسجيل ملك عقاري في وثيقة رسمية تسمى بالسجل العقاري.
والملاحظ أن نظام التحفيظ العقاري مر بعدة مراحل تبعا لتطور العصور، وقد ظهرت خلال هذا التطور اختلافات مهمة بين قوانين مختلف الدول في الميدان العقاري، الشيء الذي دفع ببعض الدول إلى محاولة توحيد قوانينها وأنظمتها العقارية وفقا للأنظمة التي أظهرت التجربة صلاحيتها .
ومن بين الأنظمة التي عرفت بالدقة والتنظيم، يوجد نظام التسجيل العيني المستمد من نظام تونس، والذي ظهر في أستراليا وتبنته كثير من الدول من بينها المغرب والذي يتخذ من الوضعية المادية للعقار أساس كل تنظيم.
كما يوجد نظام التسجيل الشخصي الذي ظهر نتيجة التطور في بعض الأنظمة العقارية كفرنسا، والذي يتخذ من مالك العقار أساس كل تنظيم.
إن العقار حينما يحفظ يكتسب وضعية قانونية جديدة تميزه عن العقار غير المحفظ وهو بهذا يخضع لإجراءات خاصة أثناء تحفيظه، حتى إذا انتهت كل هذه الإجراءات واتخذ المحافظ قراره بالتحفيظ، يتخذ العقار وضعية جديدة لا يمكن أن يخرج منها بعد ذلك.
فما هي المراحل التي يمر منها العقار قبل أن يصدر بشأنه رسم عقاري يطهره؟ وما هي الوسائل المقررة لحفظ حقوق الأشخاص وإعلامهم ببدء مسطرة تحفيظ العقار؟ وهل استطاع المشرع من خلال ذلك أن يحمي كلا من طالب التحفيظ والمتعرضين؟
محاولة منا دراسة إجراءات التحفيظ آثرنا أن نعتمد التصميم الآتي:
المبحث الأول: تقديم مطلب التحفيظ وإشهاره
المبحث الثاني: التعرضات وتأسيس الرسم العقاري
المبحث الأول : مطلب التحفيظ وإشهاره.
لكي يخضع العقار لنظام التحفيظ العقاري أو السجلات العقارية يجب أن يحفظه أولا وقبل كل شيء وبما أن التحفيظ هو مبدئيا عمل اختياري، فإن الخطوة الأولى للدخول في هذا النظام ينبغي أن تأتي من جانب المالك حينما يقرر ويختار تطبيقا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري بشأن عقاره، وهذه الخطوة تكون بواسطة مطلب التحفيظ وهذا ما سنتطرق له من خلال (المطلب الأول)، وحتى لا تتم عمليات التحفيظ في جو من السرية والكثمان وتطبيقا لمبدأ العلنية في ميدان الشهر العقاري فلا بد أن تشهد عملية التحفيظ الشهر هذا ما سنخصص له (المطلب الثاني).
المطلب الأول : مطلب التحفيظ وشكليات .
إن أول إجراء يفتح المجال لتدخل الدولة في هذا الميدان وبطلب من المعنيين بالأمر واختيارهم، وبالتالي يعطي إشارة لانطلاقة مسطرة التحفيظ عن طريق وضع المطلب ، إن مطلب التحفيظ هو الطلب الذي يتقدم به أحد الأشخاص الذين عينهم القانون حصرا لمباشرة حقهم في إخضاع أملاكهم أو حقوق ترتبت لهم بنظام التحفيظ العقاري.
ويقع تقديم هذا المطلب لجهة المحافظة العقارية حيث يباشر المحافظ إثر ذلك عدة إجراءات وأعمال تنتهي بتحفيظ العقار .
وعليه يكون إيداع مطلب التحفيظ أول خطوة في مشوار نظام التحفيظ العقاري ومن هنا يمكننا الحديث أولا عن الأشخاص الذين لهم الحق في تقديم هذا المطلب (الفقرة الأولى) وكذا أهم البيانات التي يتضمنها هذا المطلب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ
لقد حدد الفصل العاشر من ظهير التحفيظ العقاري الأشخاص من الذين لهم الحق في تقديم مطلب التحفيظ وهم كالتالي :
– المالك وهو صاحب الحق الأصلي الذي يرجع له الأمر في طلب التحفيظ العقار.
– الشريك على الشياع مع التحفظ بحق الشفعة لشركائه إذا كانوا يتوفرون على الشروط المتطلبة لممارسة هذا الحق.
– أصحاب أحد الحقوق العينية التالية : حق الانتفاع والكراء الطويل الأمد، الزينة، الهواء والتعلية والحبس.
– المتمتع بارتفاقات عقارية بعد موافقة صاحب الملك.
– كما يضيف الفصل 11 من نفس الظهير الدائن صاحب الرهن الرسمي الذي لم يدفع له الدين بالاستحقاق يستطيع أن يطلب التحفيظ إذا صدر لفائدته حكم بحجز العقار.
– بالإضافة إلى الفصل 11 فإنه يستفاد من الفصل 12 أنه يمكن لولي ناقص الأهلية ووصيه أو مقدمه أن يطلب التحفيظ نيابة عنه إذا كان ناقص الأهلية يتمتع بحق من الحقوق العينية التي كانت تجيز له أن يطلب التحفيظ بنفسه لو لم يكن ناقص الأهلية .
إلا أنه ورغم تعدد الأشخاص الذين خول لهم القانون تقديم مطلب التحفيظ فغالبا ما يقدم هذا الطلب من طرف الملاكين والشركاء على الشياع إن لم نقل وحدهم.
ويرى البعض أن هذا التعداد يحتاج إلى إعادة النظر إلا أن الجدير بالملاحظة أنه لا يشترط أي شرط لقبول مطلب التحفيظ بحيث يمكن أن يطلب تحفيظ أي عقار ولو عند عدم وجود سندات تثبت صفته كمالك ، لكن الواقع يظهر بأن طلاب التحفيظ يضعون بمحض اختيارهم كل المستندات المؤيدة لمطلبهم وهذا يأخذنا إلى الحديث عن أهم البيانات التي يتضمنها مطلب التحفيظ.
الفقرة الثانية : البيانات التي يتضمنها مطلب التحفيظ
لقد استلزم المشرع في الفصل 13 تقديم عدد من المعلومات التي ينبغي أن يتضمنها طلب التحفيظ وهذه المعلومات منها ما يتعلق بطالب التحفيظ ومنها كذلك ما يتعلق بالعقار موضوع التحفيظ ،وبالإضافة إلى البيانات التي يتعين أن يتضمنها مطلب التحفيظ فهناك مؤيدات تختلف بحسب انتماء العقار.
فيما يخص المعلومات المتعلقة بطالب التحفيظ فهي تختلف بين ما إذا كان طالب التحفيظ شخصا ذاتيا أو معنوي، فإذا كان طالب شخصا ذاتيا فيتعين على مطلبه أن يتضمن ما يلي :
– الاسم الشخصي والعائلي لصاحب الحق ومحل سكناه.
– إثبات هويته الكاملة استنادا إلى بطاقة التعريف الوطنية أو أية وثيقة تعرف بهويته.
– الصفة التي تقدم بها صاحب الطلب، هل أصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره وفي هذه الحالة لابد من حجة تبرز هذه الصفة.
– تعيين موطن طالب التحفيظ، إذا كان هذا الموطن خارجا عن دائرة المحافظة العقارية.
– الحالة المدنية وجنسية طالب التحفيظ.
أما إذا كان طالب التحفيظ شخصا معنويا فيتعين على ممثلي الأشخاص المعنوية تقديم الوثائق التالية :
– الظهير المحدث للمؤسسات الخاضعة للقانون العام.
– النظام الأساسي للشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص.
– محضر الجمع العام الأخير.
– لائحة بأسماء الأعضاء المسيرين.
– محضر تعيين الأشخاص المفوض لهم بالتوقيع والتصرف باسم الشخص المعنوي عند فتحه لملف خاص بشخص معنوي.
بالإضافة إلى السياسات المتعلقة بطالب التحفيظ فلابد من أن نخص بالذكر المعلومات الخاصة كذلك بالعقار والتي سنذكر أهمها :
– وصف العقار المطلوب تحفيظه ونوعه وبيان كذلك مشتملاته من بناءات وأغراس، بالإضافة كذلك إلى موقع ومساحة العقار وحدوده أو الاكتفاء بذكر العقارات المجاورة له، وكذلك بيان الحقوق العينية العقارية المقررة على العقار مع ذكر أصحاب هذه الحقوق.
وتنبغي الإشارة إلى أن مطلب التحفيظ الأصلي ليس مطلبا نهائيا بل يمكن تعديله كلما طرأت ظروف تستوجب هذا التعديل .
أما فيما يخص مؤيدات طلب التحفيظ فقد نص المشرع في الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري الفقرة 8 “بأنه يجب على طالب التحفيظ أن يبين مصدر الحقوق المصرح بها وهل لأمر يتعلق بشراء أم حيازة”… ونص كذلك في المادة14 من نفس الظهير بأنه “على طالب التحفيظ أن يقدم مع مطلبه جميع أصول الرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية،” وتختلف مؤيدات طلب التحفيظ فيما إذا كان مطلب يخص الأملاك العامة أو الخاصة وكذا الأملاك الحسبية والأراضي الجماعية أو السلالية .
وبعد تقديم مطلب التحفيظ للجهة المعنية وهي المحافظة العقارية فلابد من أن يخضع هذا المطلب لإجراءات الشهر وهذا ما سنحاول الحديث عنه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني : وسائل الإشهار وقصورها.
اختار المشرع أن يكون لعملية التحفيظ القدر الكافي في الشهر حتى يحيط بها الجمهور ويتهيأ من يعنيه أمر التحفيظ للدفاع عن حقه، فبعد أن يتلقى المحافظ مطلب التحفيظ ينشر إعلانا به عن طريق مجموعة من الوسائل المتاحة إلا أن هذه الوسائل لا تؤدي الغاية المرجوة منها «الفقرة الأولى» ثم يقوم بعملية التحديد المؤقت من خلال توجيه استدعاء لحضور التحديد المؤقت التي تعتبر محطة أساسية في إخبار عموم الناس إلا أن هذه العملية كذلك يشوبها بعض القصور «الفقرة الثانية».
الفقرة الأولى: محدودية الوسائل المقررة لإشهار مطلب التحفيظ.
أحدث المشرع المغربي في ظل ظهير التحفيظ العقاري مجموعة من الوسائل للإشهار وسوف نتحدث عنها وفق ما يلي :
1- النشر في الجريدة الرسمية.
مباشرة بعدما يتوصل المحافظ بطلب التحفيظ يقوم بوضع ملخص لأهم البيانات التي يتضمنها هذا المطلب، وذلك داخل أجل عشرة أيام من تاريخ إيداع المطلب «الفصل 17» والملاحظ أن هذا الأجل لا يحترم في بعض الحالات بدعوى تراكم طلبات التحفيظ وقلة الوسائل والأطر.
وقد تم تلافي التأخير في النشر منذ إحداث الجريدة الرسمية التي تختص بإعلانات التحفيظ العقاري وتصدر كل يوم أربعاء بمقتضى المرسوم رقم 2.98.1031 الصادر بتاريخ 2 دجنبر 1998 ، وبالتالي فالهدف من نشر مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية هو إخبار أكبر عدد ممكن من الناس.
إلا أن الواقع وإكراهاته يفيد أن تقنية النشر بالجريدة الرسمية لا تؤدي وظيفة الإشهار بالشكل المطلوب لأن غالبية الناس لا يعلمون بوجود الجريدة الرسمية وحتى إذا علموا بها فإنهم لا يتتبعون نشراتها إما لجهل القراءة أو لعدم الوعي والاهتمام، وهذا يعني أن النشر بالجريدة الرسمية وسيلة غير ناجعة يجب الاستغناء عنها .
إذن فكيف يعقل مثلا أن نطلب من الفلاح والحرفي والعامل الذين يجهلون وجود شيء اسمه الجريدة الرسمية تتبع إعلاناتها حتى يستطيعون اكتشاف إعلانات تتعلق بمطالب تحفيظ عقار قد يملكون كلا أو بعضا منه أو يملكون عليها حقوق عينية، مع العلم بأن إمكانياتهم الثقافية والمادية محدودة وأن فرص اتصالهم بها ضئيلة جدا نظرا لبعدهم في غالب الأحيان عن المراكز الحضرية، وإن ميدان استغلال الجريدة الرسمية في بلادنا محدود جدا، كما يظهر ذلك الواقع المعاش، فالإدارات والشركات ومكاتب الأبحاث والمحامون والقضاة وأساتذة القانون وحدهم الذين يتتبعون نشرات الجريدة الرسمية .
2- التعليق لدى المحكمة الابتدائية :
فضلا عن النشر بالجريدة الرسمية، أشار ظهير التحفيظ العقاري إلى وسائل أخرى للإشهار وهي التعليق لدى المحكمة الابتدائية حيث يقوم المحافظ العقاري بإرسال نسخة من مطلب التحفيظ الإعلان عن إجراء التحديد المؤقت إلى المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار لتعليقه في لوحة الإعلانات . إن التعليق لدى المحكمة الابتدائية لا يعطي إلا نتائج جد ضئيلة ولا تمكن هذه العملية إلا عددا قليلا من الأفراد للإطلاع على عملية التحفيظ وذلك الأسباب التالية :
– لجهل عدد كبير من الأفراد لمحتوى هذه التعليقات.
– لعدم التنظيم الذي تتسم به هذه التعليقات، فكثيرا ما نلاحظ على لوحات النشر بالمحاكم، إعلانات متراكمة ومختلطة بعضها يتعلق بالمحجوزات وبعضها يتعلق بالبيوعات القضائية .
– لبعد المسافة بين مقر المحكمة ومحل سكنى طالب التحفيظ بحكم اتساع دائرة اختصاص المحكمة الابتدائية التي يقع فيها العقار المطلوب تحفيظه
3- التعليق لدى السلطة المحلية :
إن التعليق بمقر قيادة المنطقة الموجود بها العقار موضوع التحفيظ، وكذا مقر الجماعة يعطي نتائج لا بأس بها نظرا للاتصال المستمر والمتبادل بين الأفراد والسلطات المحلية، والجماعات ومع ذلك ففوضى التعليق وتراكمها نشاهدها أيضا في لوحات النشر الموجودة بمقرات السلطة المحلية والمجالس الجماعية وإذا كانت إعلانات المحاكم محدودة النوع فإن الإعلانات الإدارية التي تتعلق بالقيادات والدوائر أو الجماعات لا حصر لها، حيث تتوصل كل جهة بإعلانات كثيرة ومن جهات مختلفة قصد التعليق، مما لا تتسع مع حجم اللوحات، المعدة لذلك فيقع الجمهور في خلط يجعلهم ينفرون حتى من مشاهدة تلك اللوحات .
الفقرة الثانية : الاستدعاء لحضور عملية التحديد المؤقت.
تعتبر مرحلة الاستدعاء لحضور التحديد المؤقت مرحلة مهمة في إجراءات ومحطة أساسية في إخبار عموم الناس حيث يتم إبلاغ كل ما يعنيه أمر التحفيظ عن طريق الاستدعاء لحضور التحديد والإطلاع على مطلب التحفيظ، وتتضمن هذه الاستدعاءات الدعوة إلى الحضور شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة وذلك للمشاركة في عملية التحفيظ وسوف نتحدث في هذه النقطة عن الأشخاص الممكن استدعائهم لحضور عملية التحديد المؤقت وكذلك بعض الثغرات التي تتمخض عن عملية التحديد المؤقت .
1- الأشخاص الواجب إخبارهم بأمر التحفيظ
تستعمل هذه العملية خاصة فيما يتعلق بالتحديد، حيث يستدعى طالب أو طلاب التحفيظ وذوو الحقوق العينية والتحملات العقارية وكذا الجوار المصرح بهم والمتدخلون ، هذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من الفصل 19 من القانون رقم 14.07 «… يستدعي المحافظ على الأملاك العقارية شخصيا لهذه العملية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ :
1- طالب التحفيظ.
2- المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ.
3- المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية وتتضمن هذه الاستدعاءات الدعوة لحضور عمليات التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة».
2- بعض صعوبات التحديد المؤقت
فعندما يتم إخبار الأشخاص لحضور التحديد المؤقت التي يشرف عليها المحافظ العقاري بمساعدة مهندس محلف من مصلحة المسح والتصميم وغالبا ما ينيب المحافظ هذا الأخير عنه في عملية التحديد ويبين طالب التحفيظ أو من ينوب عنه حدود العقار المراد تحفيظه، ويحق لكل من يهمه الأمر أن يبدي بملاحظاته، ثم يقوم المهندس بوضع علامات الحدود والأنصاب سواء على الدائرة التي عينها طالب التحفيظ أو على الدائرة محل النزاع بعد هذه العملية يحرر المهندس المساح محضرا بكل ما تم، ويبين من خلاله تاريخ ووقت العملية الأسماء الشخصية والعائلية للحاضرين وصفاتهم ومختلف الأحداث التي وقعت أثناء العملية وتصريحات الأطراف، ويوقع المهندس المساح هذا المحضر كما يوقعه جميع الحاضرين وإذا كان أحدا يجهل التوقيع يشير إلى ذلك في المحضر ومن خلال ما تقدم يتبين أن عملية التحديد تعتبر وسيلة إشهار فعالة، ذلك أن التجمع الناتج عن التحديد المؤقت يلفت الانتباه ويثير السؤال حول سبب هذا التجمع فيشيع الخبر بين أبناء المنطقة الأمر الذي يتيح الفرصة لكل من لهم مصلحة في ذلك أن يتعرض على مطلب التحفيظ.
فعلى الرغم من الدور الإشهاري الذي تلعبه عملية التحديد المؤقت في إخبار الغير فهناك بعض الثغرات التي تقلل من أهميتها حيث أن الشخص الذي يقوم بهذه العملية هو المهندس الطبوغرافي هذا الأخير يعد خبيرا تقنيا وهندسيا وليس له أي تكوين قانوني يسمح له بمعاينة العقار معاينة قانونية وتسجيل الملاحظات القانونية المهمة، فكيف إذن يمكن لهذا المهندس أن يميز مثلا بين أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار وذوي التحملات العقارية .
المبحث الثاني : التعرضات وتأسيس الرسم العقاري
لقد فتح المشرع المغربي المجال أمام كل من يعنيه الأمر أن يعلن عن تعرضه على مطلب التحفيظ وذلك خلال الأجل المحدد قانونا، وهكذا فقد نص الفصل 24 من ظهير التحفيظ الجديد على أنه ”يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ”.
والإجراء الوحيد الذي اتخذه في مقابل هذا الإطلاق هو فرض غرامات وتعويضات على المتعرض في الحالة التي يقدم فيها تعرضه بكيفية تعسفية أو لديه هدف تأخير أو تعطيل مسطرة التحفيظ.وهذا ما يدفعنا إلى الحديث عن التعرض(في المطلب الأول)على أن ننتقل للتطرق لتأسيس الرسم العقاري وأثره في(المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعرض
إن محاولة دراسة التعرض يقتضي منا التطرق للأشخاص الذين يحق لهم تقديم التعرض، وشكل طلب التعرض، والجهة التي يقصد إليها، وأجل التعرض وقرارات المحافظ العقاري بشأنه.
الفقرة الاولى: المرحلة الإدارية للتعرض
أولا: لمن يثبت حق تقديم طلب التعرض وشكله والجهة التي يقدم إليها:
I. لمن يثبت حق التعرض:
ينص الفصل 24 من قانون 07-14 على أنه ”يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار مطلوب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ وذلك في الحالات التالية:
-في حلة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار
– في حالة المنازعة في وجود حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيتم تأسيسه.
– في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبق الفصل 84 من هذا القانون”
وبهذا فحق التعرض منح لمن له حقوق على العقار موضوع طلب التحفيظ إلا أنه لا ينبغي التعسف في استعمال هذا الحق.
وتقدم التعرضات أحيانا من طرف المالك على الشياع حينما ينازع شريكه في حصته أو في حدوده.
ويمكن تقديم التعرضات نيابة عن القاصرين وفاقدي الأهلية وناقصيها وعن الغائبين وعن المفقودين وذلك من طرف ممثليهم القانونيين (الولي، الوصي، المقدم) أو من قبل القاضي المكلف بالقاصرين أو النيابة العامة، أو من طرف الوكيل شريطة أن يثبت كل هؤلاء نيابتهم القانونية أو وكالتهم .
ولا يمكن للمتعرض المطالبة إلا بحقوق عقارية قابلة للتقييد بالدفاتر العقارية، هذا المتعرض الذي في الغالب يكون شخصا طبيعيا، ويمكن أن يكون شخصا معنويا بشرط تمتعه بالشخصية القانونية.
وإذا كان العقار المطلوب تحفيظه موضوع نزاع معروض على المحكمة ولم يتم البث فيه بعد، فإن من مصلحة المتعرض أن يحيط المحافظ العقاري علما بوجود دعوى قائمة تخص نفس العقار، ويتعين عليه إثارة انتباه المحكمة بأن ذلك العقار قد طلب بشأنه التحفيظ، حتى يضم الملف القائم إلى ملف التعرض ليتأتى للمحكمة حسم الموضوع مرة واحدة، وذلك ربحا للوقت وتجنبا لصدور أحكام متناقضة.
II. شكل مطلب التعرض
إن الفصل 25 من ظهير 12 غشت 1913، لم يجعل من التعرض الكتابي شرطا ضروريا بحيث يمكن أن يقدم شفاهيا أو كتابة، ومعنى هذا أنه يمكن تلقي التعرضات لدى المحافظات العقارية بكيفية شفوية بحيث يتقدم المتعرض ويدلي بتصريحاته للمحافظ مباشرة شريطة أن يتوفر على المعلومات الكافية والضرورية لتعيين العقار موضوع التعرض حيث يعمل المحافظ على تهييئ محضر الحضور يدون فيه تصريحات المتعرض .
ويجب أن يشمل التعرض، سواء كان شفاهيا أو كتابيا على البيانات اللازمة:
– هوية المتعرض
– عنوانه الحقيقي في مقر المحافظة
– اسم الملك ورقم مطلب التحفيظ وطبيعته ومدى الحق موضوع النزاع
– بيان السندات والوثائق المدعمة للطلب.
إن المشرع ترك المجال واسعا للإدلاء بكل الحجج رسمية كانت أم عرفية قصد تقييد طلب التعرض، وهذه الحجج إما تتعلق بالعقار موضوع التعرض، أو تتعلق بصفة المتعرض.
ويجب أن يقدم المتعرض هذه الوثائق إلى الجهة المختصة، فإن لم يفعل سجل التعرض في سجل خاص بهذا النوع من التعرضات، ثم يوجه المحافظ إنذارا إلى المعني بالأمر ينبهه فيه إلى ضرورة إيداع تلك المستندات والحجج، مع تنبيهه إلى أن كل متعرض ثبت أنه غير جدي يستوجب الحكم على صاحبه بغرامة .
وإذا كان طلب التعرض باسم الغير فيجب أن يثبت المتعرض هويته وأن يبرز صفته، وأن يعطي كل الوثائق المتطلبة قانونا، وأن يدلي برسوم الإراثات عندما يتعلق الأمر بشركاء في الإرث.
ويجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، وأن يدلوا بما يثبت حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض .
وإذا كان مبلغ هذه الصوائر محددا في الظهير المتعلق بالصوائر القضائية، فإنه يمكن للمتعرض أن يطلب من المحافظ تخفيض تلك الوجيبة القضائية، وحينئذ يكون للمحافظ أن يقرر تحفيض تلك الوجيبة بحسب تقديره لأهمية النزاع .
III. الجهة التي يقدم إليها التعرض
لقد حرص المشرع المغربي من خلال القانون 07-14، الجهة المختصة في تلقي التعرضات في المحافظ على الاملاك العقارية، والمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب من طرفه أثناء عملية التحديد ، وهذا بعدما كان الفصل 25 من ظهير التحفيظ في صيغته القديمة قبل التعديل قد وسع من الجهات التي يمكن أن يقدم إليها التعرض، وهي المحافظة العقارية بصورة أصلية، ثم لدى المحكمة الابتدائية أو لدى قاضي التوثيق أو لدى القيادات بصورة استثنائية، ويجب أن تكون هذه الجهات واقعة في الدائرة التي يقع بها العقار.
وسبب هذا الحصر يرجع أساسا إلى أن تقديم التعرض لدى جهات غير المحافظة يخلق مصاعب للمتعرضين وللمحافظين كذلك، ذلك أن السلطات المحلية وحتى المحكمة غير متخصصة في تسلم التعرضات خاصة إذا كانت شفاهية، وقد لا تعيرها الاهتمام اللازم نظرا لانشغالها بأعمال أخرى تعتبر أهم من تقبل التعرضات .هذا وتدون التصريحات الشفوية للمتعرض بحضوره في محضر يحرر في نسختين، تسلم إليه إحداهما.
ثانيا: أجل التعرض وسلطات المحافظ العقاري بشأنه.
I. أجل التعرض.
يمكن لكل شخص أن يتقدم بتعرضه ابتداء من اليوم الذي تقدم فيه طالب التحفيظ بمطلبه، ولكن الاجل الذي يتعين فيه على المعني بالأمر أن يتقدم بتعرضه خلاله هو شهران، ابتداء من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية .
ولا يقبل أي تعرض وقع خارج الاجل المذكور إلا بصفة استثنائية، وبقرار يصدر عن المحافظ على الأملاك العقارية، ولم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق وذلك إذا تحققت الشروط التالية:
1- ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
2- أن يدلي المتعرض بالوثائقة المدعمة لتعرضه.
3- أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
ويتمتع المحافظ بصلاحيات واسعة في هذا المجال ودون حاجة إلى تبرير قراره بقبول التعرض خارج الأجل، وبمقتضى التعديل الجديد بواسطة القانون 07-14، فإن إمكانية تقديم التعرض أمام السيد وكيل الملك حينما يحال الملف على المحكمة أصبحت غير ممكنة فقد أصبح مجال تقديم التعرض محصورا في المحافظ العقاري وحده دون غيره .
ويخالف الدكتور محمد خيري هذا التوجه بقوله “نحن لا نشاطر هذا الرأي إذا كان يتعين فتح إمكانية التعرض الاستثنائي ليس أمام النيابة العامة، بل أمام رئيس المحكمة بوصفه قاضيا للمستعجلات وذلك حينما يكون ملف التعرض المحال على المحكمة أو بواسطة التدخل الإرادي، وذلك حتى تتاح الفرصة للمتعرض للتدخل في النزاع مادام الملف رائجا أمام المحكمة الابتدائية وهي تنظر في الموضوع”
ويكون قرار المحافظ بشأن التعرضات غير قابل للطعن القضائي.
II. قرارات المحافظ بشأن التعرض
إن صلاحيات المحافظ بشأن التعرضات هي صلاحيات نسبية تختلف عن صلاحياته في التحفيظ، فتقديم طلب التعرض يفرض على المحافظ اتخاذ قرار بشأنه وذلك إما بقبوله أو برفضه.غير أن هذه الصلاحيات أصبحت مطلقة بموجب القانون 07-14، ذلك أنه بعدما كان الفصل 32 من القانون القديم يعطي الحق للأطراف للطعن في قرار المحافظ العقاري ولو بطريقة غير عادية إذا كان رفضه للتعرض بسبب عدم الإدلاء بالوثائق المثبتة للحق وتتمثل هذه الطريقة غير العادية في أنه يكون:
-أمام المحكمة الابتدائية استئنافا
– خلال 15 يوما
– يبث فيه بصفة استعجالية
– يكون القرار انتهائيا.
ولا يقبل الطعن إذا كان رفض التعرض بسبب تقديمه خارج الاجل، أو لعدم أداء الرسوم القضائية أمام المحافظ العقاري، غير أن الفصل 32 من القانون 07-14، ساوى بين الحالات الثلاث واصبح قرار المحافظ العقاري غير قابل لأي طعن.
وإذا رأى المحافظ العقاري أن للتعرض قد استوفى جميع الشروط الشكلية والجوهرية فلا يكون أمامه إلا قبول هذا التعرض، فإذا قبل هذا التعرض فقد اعطاه المشرع الحق في مصالحة الأطراف، وفي جميع الأحوال فإن المحافظ العقاري يبذل كل ما في وسعه ويستعمل كل سلطاته من أجل إنهاء هذا الخلاف، فإذا نجح في مساعيه فإنه يحرر محضرا بذلك يوقعه كل من المتعرض وطالب التحفيظ تكون له قوة الالتزام العرفي، أما إذا عجزت عن إجراء هذه المصالحة فإنه يكون مضطرا لإحالة الملف على القضاء
والملاحظ أن إعطاء المحافظ العقاري الحق في مصالحة الأطراف هو دليل على تأكيد الصفة الإدارية لمسطرة التحفيظ، وإضفاء الصفة القضائية على سلطات المحافظ العقاري ويظهر ذلك جليا من خلال:
– تلقي المستندات والوثائق المثبتة للحق
– تلقي الرسوم القضائية
– إجراء المصالحة بين الأطراف (المتعرض، وطالب التحفيظ)
– التحقق من صحة البيانات والمستندات المثبتة للحق
ومن محاسن إجراء الصلح أمام المحافظ تخفيف الضغط على المحاكم، لكن هذه الوسيلة إبان الاستعمار كانت تستعمل للضغط على المتعرض للتخلي عن حقوقه
III. بعث الملف إلى المحكمة
إذا وقعت تعرضات فإن المحافظ على الاملاك العقارية يبلغ فورا بنسخة من مضمونها إلى طالب التحفيظ الذي يمكنه قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض أن يثبت أمرين:
– إما أن يدلي بما يثبت رفع التعرض، عن طريق إقناع المتعرض بالتنازل أو إجراء صلح…، وفي هذه الحالة يباشر المحافظ إجراءات تأسيس الرسم العقاري .
– وإما أن يصرح بقبول التعرض أو لا يعمل على إزالته، وفي هذه الحالة يحاول المحافظ إجراء مصالحة بين الأطراف فإذا لم يتوفق يبعث بالملف إلى المحكمة ليدخلا في غمار مرحلة قضائية تنتهي بصدور حكم يفصل بين الطالب والمتعرض .
الفقرة الثانية : المرحلة القضائية للتعرض
إذا لم يتم الصلح بين طالب التحفيظ وبين المتعرضين بالرغم من محاولاته هو أو المحافظ أو هما معا، وبقي كل من الطرفين على موقفه، يوجه المحافظ إنذارا أخيرا إلى المتعرضين لكي يؤدوا داخل ثلاثة أشهر صوائر التعرض، ويضعوا لدى المحافظة العقارية ما لديهم من الوثائق والرسوم التي تؤيد تعرضاتهم مع إشعارهم بأن المحكمة لن تقبل منهم أي رسم أو وثيقة يقع الإدلاء بها منهم أمامها ، ثم يحيل الملف على المحكمة الابتدائية.
أولا: المرحلة الابتدائية
بمجرد ما يصل الملف إلى المحكمة الابتدائية يسجل في كتابة الضبط ويحال على رئيس المحكمة ليعين القاضي المقرر الذي يكلف بالنظر في هذه القضية والعمل على تهييئ تقرير يعول عليه أثناء المداولة مع باقي الأعضاء الذي يعتبر موضوع النازلة بالنسبة إليهم غير معايش من الجانب الواقعي بقدر ما عايشه القاضي المقرر .
ويمكن للقاضي المقرر من أجل تجهيز القضية للحكم، اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، حيث يمكنه إما تلقائيا أو بطلب من احد الأطراف أن ينتقل إلى عين المكان لإجراء الابحاث الضرورية ويطبق عليها الرسوم، وهو غير ملزم بضرورة الوقوف على العقار المراد تحفيظه .
كما يمكنه أن ينتدب قاضيا من قضاة المحكمة القريبة من العقار للقيام بهذه العملية بعد أن يحدد له المهمة التي يطلب منه إنجازها، والبيانات التي يريد الحصول عليها من هذا الوقوف، ويمكنه أن يستعين كذلك بمهندس مساح طبوغرافي تابع لمصلحة التخطيط للوقوف معه قصد إجلاء بعض النقط التي يرد إيضاحها أو التأكد منها .
ويمكنه كذلك أن يتلقى جميع التصريحات والشهادات ويستمع إلى الشهود، وعندما يرى القاضي المقرر أن القضية أصبحت جاهزة للحكم يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها القضية وذلك قبل موعدها بثمانية ايام على الاقل بعد التوصل بالاستدعاء يضاف إليها أجل المسافة إن اقتضى الحال.
وعند افتتاح المناقشات يوم الجلسة العلنية يعرض القاضي المقرر القضية ويعين المسائل التي تتطلب حلا دون أن يبدي أي رأي، ثم يقع الاستماع للأطراف، ويقدم ممثل النيابة العامة مستنتجاته، ثم يفصل في القضية إما في الحين وإما بعد المداولة.
تبث المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين في طبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الاملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن.
والجديد الذي جاء به قانون 07-14 أن المحكمة أصبح لها الحق في أن تبث في حقوق المتعرضين بعضهم تجاه البعض الآخر، حيث أن الأحكام الصادرة في شأن التعرضات يكون لها قوة الشيء المقضي به تجاه كل الأطراف.
والحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية يجب ان يبلغ ملخصه إلى طالب التحفيظ، وجميع المتعرضين، وهذا الحكم يكون قابلا للاستئناف مهما كانت قيمة العقار .
ثانيا: مرحلة الاستئناف
بمجرد توصل المحكمة بملف النزاع يعين الرئيس الأول مستشارا مقررا يقوم بتوجيه إنذار للمستأنف من أجل الإدلاء بأسباب استئنافه، ووسائل دفاعه، خلال أجل لا يتعدى 15 يوما، ثم يستدعي الأطراف المعنية بالأمر للاطلاع على ما ادلى به المستأنف من اجل إبداء منازعاتهم، ووسائل دفاعهم خلال اجل لا يتعدى 15 يوما كذلك.
ويمكن للمستشار المقرر أن يقوم بكل الإجراءات اللازمة لتحضير القضية من الوقوف على عين المكان، وطلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري، ومقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، من أجل تطبيق الرسوم والاستماع للشهود، ويمكنه بعد طلب موافقة الرئيس الأول أن ينتدب لهذه العمليات قاضيا من المحكمة الابتدائية .
ولا يمكن للاطراف أن يتقدموا بأي طلب جديد أما محكمة الاستئناف، حيث يقتصر التحقيق الإضافي المنجز من قبل المستشار المقرر على النزاعات التي أثارها مطلب التحفيظ في المرحلة الابتدائية.
وعندما يتبين للمستشار المقرر أن القضية أصبحت جاهزة للبث فيها وأن الإجراءات قد تمت يصدر قرارا بالتخلي، ويعين تاريخ الجلسة التي ستدرج فيها القضية، ثم يوجه الاستدعاء للأطراف جميعا قبل 15 يوما على الاقل من تاريخ الجلسة .
تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية والمسائل المطلوب حلها من غير أن يبدي أي رأي، ثم يستمع إلى الاطراف إما شخصيا أو بواسطة محامي، ويقدم ممثل النيابة العامة استنتاجاته، وتبث محكمة الاستئناف في القضية إما في الحين أو بعد المداولة.
وتكون الاحكام التي تصدرها محكمة الاستئناف حضورية دائما، بحيث لا تقبل التعرض ولو لم يحضر الأطراف أو بعضهم أثناء الجلسة العلنية.
وتبث محكمة الاستئناف ضمن الحدود وطبق الكيفية المرسومة لقضاة الدرجة الأولى كما هو منصوص عليه في الفصل 37 من قانون 07-14، ويبلغ القرار الاستئنافي وفق الكيفية المقررة في قانون المسطرة المدنية ويكون قابلا للطعن فيه بالنقض داخل الآجال المحددة.
منقول للافادة