تقرير تركيبي حول مهنة الخبرة القضائية
تلعب الموارد الجبائية دورا هاما في ميزانية الدولة، وفي كل تنمية اقتصادية واجتماعية، غير أن التدخل المستمر لإدارة الضرائب، بحكم وظيفتها، لفرض الضرائب وجبايتها يثير الكثير من الخلافات بين الملزمين والإدارة الضريبية، وهنا يتدخل القاضي الإداري لحل النزاع، وقد وضع المشرع المغربي العديد من الآليات لمساعدة القضاة على تأدية مهامهم.
وتعتبر الخبرة القضائية من أهم الإجراءات المساعدة للقضاء والتي يأمر بها القاضي في ظروف خاصة وشروط معينة قصد إجراء تحقيق في مسائل فنية، لا يمكن للمحكمة أن تبث في النزاع المعروض عليها دون توضيح بعض المسائل أو النقط الفنية البحتة من الأشخاص ذوي المعارف الخاصة كي تستطيع الحكم فيها بارتياح .
وقد نظم المشرع المغربي أحكام الخبرة القضائية ضمن قانون المسطرة المدنية، غير أنه لم يعرف الخبرة لا بكيفية مباشرة ولا بكيفية غير مباشرة وإن كان قد أحاط تقريبا بأغلب وأهم جوانبها الموضوعية والشكلية، عموما وإنطلاقا من تلك الأحكام القانونية، نستنتج أن الخبرة هي في جوهرها إجراء من إجراءات التحقيق يلتجئ إليها قضاة الموضوع عادة قصد الحصول على المعلومات الضرورية بواسطة أهل الاختصاص.
ومن الناحية الفقهية، فقد عرف الفقهاء الخبرة بأنها: ” إجراء للتحقيق يعهد به القاضي إلى شخص مختص ينعت بالخبير ليقوم بمهمة محددة تتعلق بواقعة أو وقائع مادية يستلزم بحثها أو تقديرها أو على العموم إبداء رأي يتعلق بها علما أو فنا لا يتوفر في الشخص العادي ليقدم له بيانا أو رأيا فنيا لا يستطيع القاضي الوصول إليه وحده” ، ومن خلال هذا التعريف يمكن القول بأن الخبرة علم وفن وإجراء في آن واحد، فهي علم يتطور مع التطور العلمي والتكنولوجي على جميع المستويات، مما يستوجب وجود مختصين يواكبون هذا التطور وعلى دراية كافية به، يمكن للقضاء الاستعانة بهم لاستجلاء اللبس والغموض المحيط بالمسائل التقنية والفنية موضوع الخبرة.
والخبرة مهنة حرة تشارك في أداء خدمة عمومية وتنوير القضاء، وقد اعتنى المشرع المغربي بهذه المهنة ونظمها بمقتضى القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين ، والذي عرف الخبير في مادته الثانية بأنه “المختص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في نقط تقنية وفنية …” كما حدد شروط الترشيح والتقييد في جدول الخبراء المحلي أو الوطني، نص على حقوق وواجبات الخبراء ومسألة التجريح والتأديب.
سبق أن عرفنا الخبرة وقربنا مفهومها وحتى تتضح الفكرة أكثر سنميزها عن ببعض النظم التي قد تلتبس بها أحيانا كما سنحدد أنواعها:
* تمييز الخبرة عن غيرها من النظم القانونية الأخرى :
– الخبرة والشهادة: الشهادة تفيد قيام شخص من غير أطراف النزاع بالإخبار في مجلس القضاء بما يعرفه شخصيا حول حقيقة وقائع رآها أو سمعها بنفسه دون إبداء أي تقدير أو رأي بشأنها. أما الخبير فهو رجل فن أو علم تستعين به المحكمة لاستيضاح ما غمض عنها فهو يقوم بمعاينة الوقائع وبتقديرها وبتفسيرها.
– الخبرة والتحكيم: الخبير يساعد القاضي في المسائل الفنية أو العلمية التي تتجاوز إختصاصاته، أما المحكم فهو قاض خاص يعينه الأطراف ليفصل فيما بينهم، فالمحكم يعد قاضيا، أما الخبير فمجرد مساعد لسلطة القضاء، والرأي الذي يبديه تقبله المحكمة أو ترفضه طبقا لسلطتها التقديرية بخلاف حكم المحكم الذي يحوز عادة حجية الحكم المقتضي به، وهو سند تنفيذي خلافا لتقرير الخبير.
– الخبرة والترجمة: هل يعد المترجم خبيرا؟ لقد ذهب جانب من الفقه إلى أن الترجمة من لغة إلى أخرى لا تستلزم القيام بأبحاث علمية أو فنية، وهي لا تحتاج إلى أي استنتاج أو تقدير شخصي، وهكذا فالترجمة وسيلة إثبات مثل الشهادة، فهي في حقيقتها أقرب إلى الشهادة منها إلى الخبرة الفنية. وذهب جانب آخر من الفقه إلى أن الترجمة ما هي إلا نوع من الخبرة الفنية وقد استند هذا الرأي إلى أن قاضي الموضوع يكون في حاجة إلى مساعدة كل منهما سواء في حالة عدم درايته بفن أو علم أو حالة درايته بلغة أجنبية ما، خاصة أنهما يشتركان في الإجراءات وفي التنظيم التشريعي.
* أنواع الخبرة :
1- الخبرة : تأمر بها المحكمة تلقائيا أو بناء على طلب أحد الخصوم أو كلاهما، وعلى المحكمة أن تبين دواعي إجراء الخبرة، وفي حالة رفض الطلب بإجرائها وجب عليها تعليل ذلك، والأصل في الخبرة أن المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب تعيين الخبير وأن الأمر متروك لسلطتها التقديرية.
2- الخبرة الثانية : وهي الخبرة التي تهم نفس القضية ولكن بخصوص نقط تختلف تماما عن تلك التي تتناولها الخبرة الأولى ويتم إسناده لنفس الخبير أو لغيره.
3- الخبرة المضادة : يطلبها الخصوم أو تأمر بها المحكمة من تلقاء نفسها ويكون موضوعها مراقبة صحة المعطيات وسلامة وصدق ما خلصت إليه الخبرة الأولى .
4- الخبرة الجديدة : وتكون عندما ترفض المحكمة نهائيا الخبرة الأولى لأي سبب من أسباب البطلان والذي يكون لعيب في الموضوع أو لعيب في الشكل.
5- الخبرة التكميلية : تلجأ إليها المحكمة حينما يعتري الخبرة المنجزة نقصان واضح، أو أن الخبير لم يجب عن جميع الأسئلة والنقط الفنية المعين من أجلها، ويعهد بالخبرة التكميلية إلى نفس الخبير الذي أنجز الخبرة الأصلية أو إلى خبير آخر حسب تقدير القاضي.
وتكتسي الخبرة القضائية أهمية خاصة في المجال الجبائي حيث تعقد المادة الضريبية وتشعبها، بحيث يستعصي على القاضي الفصل في المنازعات المعروضة عليه وفهم جوانبها الفنية والتقنية دون تدخل الخبرة بإعتبارها وسيلة سنها المشرع لمساعدة القاضي في الميادين التي تحتاج إلى خبراء .
ولذلك فقد عمل المشرع المغربي على تنظيم مجال الخبرة في ثمانية فصول من قانون المسطرة المدنية، وقد طال هذه الأخيرة تعديلا بمقتضى القانون رقم 85.00 الصادر في 18 يناير 2000، فماذا إستجد في مضامين المقتضيات القانونية المنظمة للخبرة ؟ وإلى أي مدى ساهمت في مساعدة القضاء في المادة الضريبية؟
هذا ما سنتطرق إليه من خلال مبحثين:
المبحث الأول : الإطار القانوني والتنظيمي للخبرة
المطلب الأول : النظام القانوني للخبرة
المطلب الثاني : مسطرة إجراء الخبرة
المبحث الثاني: الإشكاليات المرتبطة بالخبرة وحجيتها في المادة الضريبية
المطلب الأول : الإشكاليات المرتبطة بالخبرة
المطلب الثاني : تقرير الخبرة ومدى حجيته
المبحث الأول : الإطار القانوني والتنظيمي للخبرة
لقد عمل المشرع المغربي على تنظيم مجال الخبرة في ثمانية فصول من قانون المسطرة المدنية وذلك في الفرع الثاني من الباب الثالث المتعلق بإجراءات التحقيق، وقد طال هذه الأخيرة التعديل بمقتضى القانون رقم 85.00 الصادر في 18 يناير 2000، وهذا التعديل جاء كنتيجة حتمية لما كان من إهدار لحقوق الأطراف وتأخير في البت في دعاويهم، وبذلك يعد تدخل المشرع المغربي استجابة لمجموعة من النداءات ومن الدراسة العميقة للوضعية التي آلت إليها الخبرة القضائية في ظل المنظومة القانونية المغربية، فماذا إستجد إذن في مضامين المقتضيات القانونية المنظمة للخبرة ؟ ( المطلب الأول )، وإلى أي مدى ساهمت في تبسيط مستطرها وتحديد إطارها ؟ ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: النظام القانوني للخبرة
نظم المشرع المغربي أحكام الخبرة القضائية ضمن الباب الثالث من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية، وتحديدا في الفصول من 59 إلى 66 من هذا الأخير وتم تعديل هذه الفصول بموجب القانون رقم 00.85 .
وقد إكتفى المشرع بالإشارة من خلال مقتضيات الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية الذي ورد في مطلع المقتضيات العامة والخاصة بإجراءات التحقيق بالإشارة إلى إمكانية قيام المحكمة بالأمر لإجراء الخبرة، ثم قام بعد ذلك بتنظيم مختلف الإجراءات القانونية المرتبطة بهذه الوسيلة القانونية، قبل الوقوف ضمن مقتضيات الفصل 66 من ذات القانون الذي تم تعديله بموجب القانون رقم 00. 85 عند الطبيعة القانونية للخبرة من حيث القوة أي مدى إلزاميتها أو عدم الزاميتها بالنسبة لمحاكم الموضوع عموما.
أولا: مجال الخبرة:
يتم اللجوء إلى الخبيرة القضائية في المسائل ذات الطبيعة الفنية التي تطلب لحسمها معارف خاصة لا يملكها القاضي بالضرورة، فليجأ بصددها إلى معارف خاصة لا يمكلها القاضي بالضرورة، وبذلك يجوز ندب خبير في الحالات الآتية:
– المسائل التي يستلزم الفصل فيها إستيعاب النقاط الفنية البحتة، أو العلمية التي قد لا تشملها معارف القاضي، فتقتصر مهمة الخبير على إبداء الرأي في المسائل الفنية دون المسائل القانونية التي تدخل ضمن الإختصاص الطبيعي للقاضي الإداري .
– الوقائع المادية التي يشق على القاضي الوصول إليها كمعاينة الأراضي لمعرفة حدودها وأبعادها أو بيان معدن تربتها أو تقدير قيمتها أو قيمة الريع، ومعاينة المباني، وإثبات حالة المنقولات والبضائع وغير ذلك من الوقائع المادية.
وقد إعتبرت المادة الأولى من الباب الأول من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين “الخبير القضائي من مساعدي القضاء ويمارس مهامه وفق الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وفي النصوص الصادرة تطبيقا له“.
ويؤدي الخبير مهامه تحت رقابة القاضي الذي عينه ، والخبير هو الوحيد المسئول عن الأعمال التي ينجزها ويمنع عليه أن يكلف غيره بالقيام بالمهمة التي أسندت في الأصل له، كما يتوجب عليه المحافظة على السر المهني وفقا للقانون، وهو المسئول عن جميع الوثائق التي تسلم له بمناسبة تأدية مهمة.
ثانيا: الشروط الواجب توفرها في الخبير :
يشترط في الخبير للقيام بمهمة الخبرة القضائية أن تتوفر لديه الخبرة العلمية والفنية في مجاله، وكذا الأهلية والقدرة على ممارسة الخبرة دون وجود مانع، وتوافر الشروط التي تنص عليها القوانين عادة من أهلية وجنسية مغربية والدرجة العلمية وترخيص مزاولة المهنة، وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة، كما يجب أن تتوفر له جميع المقومات التي تجعله بمعزل عن أي تأثير قد يؤثر في قراره.
ومن خلال الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية، يتضح بأن المشرع المغربي أكد على المبدأ العام الواجب على الخبير التقيد به عند البت في أية مسألة أو واقعة لها علاقة بالقانون، فنص على أنه ” يمنع على الخبير الجواب على أي سؤال يخرج عن إختصاصه الفني وله علاقة بالقانون” وهو مبدأ سبق للقضاء المغربي أن كرسه في أكثر من مرة حيث جاء في إحدى حيثيات قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 03 ماي 1992 ” … إن مهمة الخبير الذي تعينه المحكمة تنحصر في جلاء أمر تقني يرى القاضي الإطلاع عليه ضروري للفصل في النزاع المفروض عليه، أما الإجراءات القانونية فهي من صميم أعمال القاضي، الذي لا يجوز أن يتنازل عنها للغير أو يفوض النظر فيها إليه…”
ثالثا: تجريح الخبير:
لقد نص المشرع المغربي صراحة على موجبات تجريح الخبير القضائي مع تحديد الأمد الزمني للبت في طلب التجريح وحصره في خمسة أيام من يوم التقديم، وفي ذلك تجسيد فعلي لأحد حقوق الدفاع المخولة قانونا لأطراف النزاع بغية المحافظة على مصالحهم وصيانتها من احتمال غياب عنصر الحياد لدى الخبير، أو عدم أهليته التقنية لمباشرة المهمة المنوطة به، وبذلك أحسن المشرع فعلا لما أقر جملة من القواعد الجديدة المنظمة لمسطرة تجريح الخبراء في المادة 62 من قانون المسطرة المدنية :
– تحديد درجة القرابة أو المصاهرة كسبب للتجريح إلى حدود درجة ابن العم المباشر مع إدخال الغاية .
– تحديد أسباب التجريح في خمسة صور رئيسية وهي كالآتي :
* وجود نزاع بين الخبير القضائي وأحد أطراف الدعوى.
* تعيين خبير قضائي في مجال غير إختصاصه.
* إذا سبق للخبير القضائي أن أدلى برأيه أو بشهادة في موضوع النزاع .
* إذا كان الخبير القضائي في مركز إستشاري لأحد أطراف النزاع .
* وجود سبب خطير آخر يعهد بتقدير قيمته لمحكمة الموضوع .
ومن هذه الصياغة تجاوز المشرع المؤاخذات التي وجهت للمادة 62 من قانون المسطرة المدنية قبل التعديل والتي كانت تكتفي بالقول أنه : ” لا يقبل التجريح إلا للقرابة القريبة أو لأسباب خطيرة أخرى…”
ويمكن التنويه أيضا بالمبدأ الذي كرسه التعديل الجديد حينما خول إمكانية إثارة الخبير القضائي لأسباب التجريح تلقائيا بمجرد العلم بها وهو ما يبرز حياد ومصداقية الخبير، وينعكس إيجابا على تسريع وتيرة البت في الملفات المعروضة على أنظار القضاء .
كما تم تحديد لأول مرة الأمد الزمني الذي يتعين فيه على محكمة الموضوع البت في طلب التجريح، وهو خمسة أيام من تاريخ تقديم الطلب، في حين أن المشرع المغربي قبل التعديل كان يقضي بإجبارية البت في طلب التجريح دون تأخير وهي عبارة عامة وفضفاضة، وأن المقرر الذي تصدره المحكمة بخصوص تجريح الخبير لا يقبل أي طعن إلا مع الحكم البات في الجوهر حسب الفقرة الأخيرة من المادة 62 من قانون المسطرة المدنية.
المطلب الثاني : مسطرة إجراء الخبرة
تلعب الخبرة القضائية في المادة الضريبية دورا كبيرا في إحاطة المحكمة بالمعطيات التقنية والواقعية المعتمدة في تحديد وعاء الضريبة وتصفيتها، إذ قد يستعصي على القاضي الفصل في المنازعة المعروضة عليه وفهم جوانبها الفنية دون تدخل الخبرة بإعتبارها وسيلة سنها المشرع لمساعدة القاضي في الميادين التي تحتاج إلى خبراء، حيث تم التطرق للخبرة بإعتبارها طريقة من طرق التحقيق التي قد يلجأ إليها القاضي.
وقد نظم المشرع المغربي أحكام الخبرة ضمن الباب الثالث من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية، وتحديدا في الفصول من 59 إلى 66 من هذا الأخير، وقد تم تعديل هذه الفصول بموجب القانون رقم 85.00 ، وبالرجوع إلى هذه المقتضيات فإنه يمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء الخبرة قبل البت في جوهر الدعوى، كما يمكن للأطراف المتنازعة أو أحدهم المطالبة بإجراءها، لكن تبقى سلطة إنتداب الخبير موكولة للسلطة التقديرية للقاضي، فهو وحده الذي يملك حق الإستجابة لطلب إجراء الخبرة أو عدم إجرائها .
فالمشرع المغربي إعتبر الخبرة بمثابة إجراء يرمي إلى الإحاطة بمعطيات القضية والتي تتطلب معرفة فنية علمية لا علاقة لها بالقانون، ففي الحالة التي يطلب فيها الأطراف المتنازعة أو أحدهم بإجراء الخبرة يقوم القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية بإعطاء أمر شفوي أو برسالة مضمونة لكتابة الضبط يأمر من خلالها الطرف الذي طلب من المحكمة إجراء من إجراءات التحقيق المشار إليها في الفصل 55 من قانون المسطرة المدنية بإيداع مبلغ مسبق تحدده هذه المحكمة لتسديد صوائر الإجراء المأمور به عدا إذا كان الأطراف أو أحدهم إستفاد من المساعدة القضائية.
أما في حالة ما إذا أمر القاضي بإجراء هذه الخبرة فعليه أن يعين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة إما بصفة تلقائية أو بإقتراح من الأطراف المتنازعة وإتفاقهم، وأن يحدد كذلك النقط التي تجري الخبرة فيها في شكل أسئلة فنية لا علاقة لها مطلقا بالقانون (الفصل 59 من ق. م.م) ، في حين يجب على الخبير أن يقدم جوابا محددا وواضحا عن كل سؤال فني، كما يمنع عليه الجواب عن أي سؤال يخرج عن إختصاصه الفني وله علاقة بالقانون، وهو مبدأ سبق للقضاء المغربي أن كرسه في أكثر من مرة حيث جاء في إحدى حيثيات قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 03 ماي 1992″، وتبعا لذلك فإنه لا يجوز الأمر بالخبرة في مجال يتعلق بالإثبات بإعتبار أن عمل الخبير يجب أن ينحصر في التقدير الفني، وأن عناصر الإثبات هي التي يقدمها الخصم.
و كان المشرع قد تطرق في التعديل الأخير إلى الحالات الاستعجالية التي يتعين فيها إنجاز الخبرة على وجه الاستعجال وأجاز للمحكمة أن تأمر بإنجاز الخبرة في غياب الأطراف إذا كانت حالة الاستعجال تتطلب ذلك، وقد جاء في القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13 نونبر 1989 “… حيث أن العرف التجاري البحري في شأن الخبرة القضائية وإجراءاتها للتأكد من حالة البضائع إثر تفريغها من الباخرة يرجح في التطبيق على الخبرة القضائية وإجراءاتها المسطرية، نظرا لحالة الاستعجال التي تستلزمها ظروف البضائع المفرغة على أرضية الميناء من فوات …
وتقوم المحكمة بتحديد أجل للخبير من أجل تقديم تقريره الذي يضمن في محضر مستقل في جلسة يحدد القاضي تاريخها بعدما يستدعي الأطراف لها بصفة قانونية، ويبقى لهم إمكانية أخذ نسخة من ذلك المحضر المستقل وتقديم مستنتجاتهم حوله عند الإقتضاء، كما أن أهم مستجد جاءت به المادة 64 من قانون المسطرة المدنية يتجسد في تخويل أطراف الدعوى أيضا إلى جانب القاضي صلاحية تقديم طلب باستدعاء الخبير بحضورهم قصد تقديم إيضاحات أو معلومات لرفع ما ضمنه في تقريره الأول من غموض مع تسجيل محتوياتها بمحضر يوضع رهن إشارة الأطراف للتعقيب عليه وإبداء أوجه دفوعاتهم إزاءه، وهذه الإمكانية كان متعذرا على الأطراف سلوكها قبل التعديل بموجب القانون رقم 85.00 .
هذا في حالة ما إذا كان التقرير شفويا، أما إذا كان التقرير مكتوبا يحدد القاضي الأجل الذي يجب على الخبير أن يضعه فيه، إذ تبلغ كتابة الضبط الأطراف بمجرد وضع التقرير المذكور بها لأخذ نسخة منه، وفي حالة ما إذا لم يقم الخبير بالمهمة المسندة إليه داخل الأجل المحدد له أو إذا لم يقبل القيام بها يمكن متابعته قضائيا، وبموازاة ذلك يعين القاضي خبيرا آخر بدلا منه ويكتفي هنا فقط بإشعار الأطراف فورا بهذا التغيير.
ويجب على الخبير أن يستدعي الأطراف ووكلائهم لحضور إنجاز الخبرة، ويتضمن الإستدعاء تحديد تاريخ ومكان وساعة إنجازها وذلك قبل خمسك أيام على الأقل قبل الموعد المحدد، إذ يجب عليه أن لا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع ووكلائهم أو بعد التأكد من توصلهم بالإستدعاء بصفة قانونية ما لم تأمر المحكمة بخلاف ذلك إذا تبين لها أن هناك حالة إستعجال، ويضمن الخبير في محضر مرفق بالتقرير أقوال الأطراف وملاحظاتهم ويوقعون معه عليه مع وجوب الإشارة إلى من رفض منهم التوقيع، ويقوم الخبير بمهمته تحت مراقبة القاضي الذي يمكن له حضور عمليلت الخبرة إذا إعتبر ذلك مفيدا، ويمكن للقاضي أيضا إذا لم يجد في تقرير الخبرة الأجوبة على النقط التي طرحها على الخبير أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام المهمة .
المبحث الثاني : الإشكاليات المرتبطة بالخبرة وحجيتها في المادة الضريبية
إن تعاظم دور الخبرة القضائية وأهميتها جاء كنتيجة حتمية لظهور وتطور مجموعة من الأنشطة الإقتصادية والتقنية التي يتعذر على القاضي الإحاطة بها بمفرده والفصل في المجالات المرتبطة بها بمعزل عن مساعدة فنية أو تقنية من ذوي الإختصاص كما سبق الإشارة لذلك، إلا أن هذه المساعدة طرحت العديد من الإشكاليات ساهمت في محدودية هذا الإجراء وتأثيره على سير العدالة ( المطلب الأول )، وفي هذا الصدد يمكن أن نتساءل عن مدى حجية تقرير الخبرة من حيث الإثبات؟ ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول : الإشكاليات المرتبطة بالخبرة
لقد آثار الفقه مجموعة من الشكوك حول أهمية الخبرة، نظرا لكون إجراءاتها المعقدة تساهم بشكل ملحوظ في بطء تصريف قضايا المواطنين والزيادة في نفقات المتقاضيين، فالكثير من القضايا يتم تأجيلها لأشهر وربما لسنوات لحين حصول المحكمة على تقرير الخبير والذي لا يلزمها المشرع بالإعتماد عليه، بإعتبار أن رأي ودور الخبير مجرد دور إستشاري وليس دورا تقريريا، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة الثانية من القانون 45.00 حيث جاء فيه ” … يمكن للمحاكم أن تستعين بآراء الخبراء القضائيين على سبيل الإستئناس دون أن تكون ملزمة لها” .
إلا أنه يلاحظ في في الدعوى الضريبية على أن الخبرة هي وسيلة التحقيق الأكثر إستعمالا مما يجعل القاضي الحقيقي هو الخبير. كما أن اللجوء بكثرة إلى الخبرة في المادة الضريبية، وإنفراد الخبراء بحسم المنازعات في هذه المادة من حيث الإعتداد بآرائهم بشكل مطلق من طرف القضاء يترتب عنه مجموعة من الإشكاليات منها ما يتصل بالشكل أي بالحكم القاضي بالخبرة في حد ذاته، ومنها ما يتعلق بالموضوع أي الحكم القاضي بالمصادقة على هذه الخبرة، فعلى مستوى الشكل فالأصل في الحكم بالخبرة يتوقف على وجود أمور فنية تستدعي اللجوء إلى أهل المعرفة، فالقاعدة أن مهمة الخبير تنحصر في المسائل الواقعية والفنية، ورغم ذلك فالملاحظ أن المحاكم تقضي بالخبرة حتى في المسائل القانونية، والظاهر أنه لا يكفي التذرع بتعقد المادة الضريبية للحكم بالخبرة فكل تقنية تحكم المادة الضريبية هي أيضا في جانب آخر مؤطرة بقاعدة قانونية يفترض في القاضي العلم والإلمام بها، لكونها تدخل في صميم القانون الذي يفترض العلم به.
هذا بالإضافة إلى النتائج السلبية التي يخلفها عدم إحترام التخصص في تعيين الخبراء المتمثلة في المس بمصداقية الأحكام والإضرار بمصالح المتقاضين، ذلك أن تعيين خبير عقاري للقيام بفحص محاسبة شركة معينة أو تحديد أرباحها ليس من شأنها سوى ترتيب مصاريف إضافية على عاتق أحد المتقاضين قصد إنجاز خبرة عديمة الفائدة بعد إسنادها إلى خبير غير مختص أو غير مؤهل علميا للقيام بها، يعجز عن الإطلاع والإحاطة بوقائع الملف والكشف عن الحقيقة.
كما يلاحظ من خلال تفحص جل الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء مثلا المبنية على الخبرة أن القضاة بهذه المحكمة لا يأخدون مضمون الخبرة على سبيل الإستئناس في إصدار أحكامهم ولكنهم يبنون تلك الأحكام على مضمون الخبرة لتصبح هذه الأخيرة تقريرية بكل ما في الكلمة من معنى ، أما من حيث الموضوع فإن عدم تحديد مهمة الخبير بشكل دقيق أو إسنادها إلى شخص غير مؤهل للقيام بها لا يمكن أن ينتج عنه إلا صياغة تقرير وصفي لا يفيد المحكمة في شيء أمام تزايد رفض الخبراء المؤهلين علميا إسناد مهام الخبرة إليهم، مع أن أسماءهم مدرجة في جدول الخبراء، بالإضافة لكون الحكم الذي يكتفي بالمصادقة على الخبرة من دون الإجابة على المآخذ المقدمة عليها يكون معرضا للإبطال لمسه بحقوق الدفاع ولكونه ناقص التعليل الموازي لإنعدامه.
عموما، وعلى الرغم من كون الممارسة هي وحدها التي من شأنها الكشف عن مدى نجاعة التعديلات الجديدة التي مست إجراءات الخبرة، فإنه مع ذلك يمكن الإطمئنان إليها من جهتين:
فمن جهة فإن حصر الخبرة المنجزة في الجواب على السؤال الفني المطروح من طرف المحكمة من شأنه الحد من التقارير الوصفية للواقع والإستنتاجات التي لا علاقة لها بما كلف به الخبير، والتي لا تشكل أجوبة محددة على الأسئلة المطروحة في القرار التمهيدي القاضي بالخبرة.
ومن جهة أخرى فإن التنصيص في المادة 62 بعد التعديل على إمكانية تجريح الخبير المعين متى تم تعيينه في مجال غير مجال إختصاصه، ليعتبر ضمانة للحيلولة دون ممارسة تخصصات تحتاج إلى مؤهل علمي.
فكثيرا ما أنجز خبراء عقاريون تقارير للخبرة في الميكانيك والمحاسبة دون أية كفاءة مهنية لذلك، الشيء الذي ينال من مصداقية الخبرة عموما ومن خلالها الأحكام القضائية على السواء.
المطلب الثاني : تقرير الخبرة ومدى حجيته
عند انتهاء الخبير من إنجاز المهمة المنوطة به في إطار الضوابط القانونية المنظمة لسير عمل الخبرة القضائية، يدع تقريره والذي غالبا ما يكون مكتوبا بكتابة الضبط للمحكمة المختصة التي تتولى التأشير عليه، وبه يضمن الخبير كل الملاحظات العلمية أو الفنية والخلاصة التي توصل إليها حسب ما ورد في الأمر التمهيدي والإجابة على الأسئلة الفنية المحددة من طرف قاضي الموضوع.
وهكذا فإن تقرير الخبرة يكون دائما محلا لمناقشة أطراف النزاع وموضوعا لطعونهم، ولمحكمة الموضوع كذلك الحق في مناقشة تقرير الخبرة على النحو الذي أشارت إليه المادة 64 من قانون المسطرة المدنية .
وفي هذا الصدد يمكن أن نتساءل عن مدى حجية تقرير الخبرة من حيث الإثبات؟
إن التقرير الذي ينجزه الخبير بناء على إنتداب من المحكمة كقاعدة عامة له قوة ألإثبات التي تكون عادة للأوراق الرسمية في شأن ما أثبته هذا الخبير من الوقائع. فمادام الخبير يقوم بمهمته في التحقيق والتقصي والبحث فهو بمثابة الوثيقة الرسمية التي لا يمكن إثبات عكس ما تضمن بها مبدئيا إلا عن طريق الطعن بالتزوير خاصة وأن الخبير لا يباشر مهمته هذه إلا بعد تأديته لليمين القانونية. وهكذا فتقرير الخبير حجة في الإثبات .
غير أنه ما عبر عنه أطراف النزاع من أقوال أو ملاحظات أو مؤاخذات وأثبته الخبير القضائي في التقرير الذي أعده فالراجح أن تكون لمحكمة الموضوع السلطة الكاملة في تقريرها عند تكوين إعتقادها بشأنها، أما ما يخرج عن نطاق إختصاص الخبير ولا يمت بصلة بمأموريته فيمكن دحضه بكافة وسائل الإثبات.
ومما لا شك فيه أن ما يتوصل إليه الخبير من نتائج فنية أو علمية ويضمنها في صلب تقريره لا تكون له القوة المطلقة وإنما يحق لأطراف الدعوى دائما إثبات خطئه أو سهوه أو عدم مطابقته للواقع ولهم في ذلك اللجوء إلى كافة وسائل الإثبات الممكنة وخاصة متى إطمأن قاضي الموضوع إلى ذلك الإثبات، وعمليا كثيرا ما يلجأ المتقاضون في هذا الإطار إلى طلب إجراء خبرة مضادة محاولة منهم لكشف خلاف ما قرره الخبير أو على الأقل إبراز الهفوات والثغرات التي لامست التقرير المنجز والمعترض عليه، والأكثر من ذلك فإنه لا يوجد من يمنع قاضي الموضوع من اللجوء إلى خبرة جديدة، إذا لم يقتنع بالخبرة الأولى وذلك إنسجاما مع المقتضيات القانونية المنظمة للنظام القانوني للخبرة في التشريع المغربي والمنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية .
وفيما يتعلق بسلطة المحكمة إزاء تقرير الخبير فإنه يمكن القول وإن كان يعد مبدئيا دليلا من أدلة الإثبات في الدعوى إلا أنه ليس بالدليل القاطع والحاسم فيما يفرض على محكمة الموضوع فرضا، وإنما هو عبارة عن وثيقة يندرج استخلاص ما ضمن بها في مجال السلطة التقديرية لتلك المحاكم، كما أن لقاضي الموضوع أن يلجأ إلى خبرة تكميلية أو خبرة جديدة أو خبرة مضادة، فقد أكد المشرع المغربي على السلطة التقديرية التي تتمتــع بهــا المحاكم في هذا الصدد ويتجلــى ذلــك من خلال مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 66 من ق م م وكذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من قانون رقم 45.00، وهذا ما أكده الاجتهاد القضائي من خلال القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 26 نونبر 1959 بكون ” تقديرات الخبراء القضائيين المعينين لا تلزم محاكم الموضوع” .
طبقا لتوجيهات المشرع وقواعد المسطرة ولما استقر عليه الاجتهاد القضائي المغربي، لا بد من التمييز من جهة أولى بين مختلف الإجراءات المسطرية التي تلابس الخبرة القضائية كالقواعد الخاصة بكيفية تعيين الخبير وكيفية تجريحه ومسألة أدائه لليمين إن لم يكن مسجلا بالجدول حسب الصيغة المنصوص عليها في المادة 18 من قانون 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين واستدعائه للأطراف وما يرتبط بكل ذلك من آجال …، وبين جوهر الخبرة القضائية من جهة أخرى بمعنى ما توصل إليه الخبير من خلال استنتاجاته وتقريراته .
فالطعون المتعلقة بالإجراءات المسطرية يجب إثارتها مبدئيا قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر والتي ترتبط بالجوهر يمكن التمسك بها في جميع مراحل التقاضي، وإن كان يستثنى من ذلك المجادلة أمام المجلس الأعلى في أمور قانونية لم يسبق عرضها على قضاة الموضوع، وبذلك فإن المسائل القانونية المتصلة بالنظام العام ولو كانت ذات طبيعة إجرائية ومن ذلك التي تمس بحقوق الدفاع كاستدعاء الأطراف بكيفية قانونية لحضور الخبرة، فيمكن أن تثار في أية مرحلة كانت عليها القضية، ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى .
وبالنسبة لمحاكم الإستئناف فهي غير مقيدة بما تضمنه تقرير الخبرة المنجزة في المرحلة الابتدائية ولها أن تأمر بخبرة أخرى جديدة وفقا لما سبق بيانه مع تعليل موقفها وفي حالة تعدد الخبرات لها أن توازن فيما بينها وتأخذ بما إطمأنت إليه وتستبعد ما لم تطمئن إليه بكيفية مبررة .
أما ما يتعلق بمركز الخبرة أمام المجلس الأعلى باعتباره محكمة قانون فإنه لا بد من إبداء مجموعة من الملاحظات من أهمها :
– أنه لا يمكن مطلقا إجراء خبرة أمام المجلس الأعلى بحكم أن الخبرة لها ارتباط وثيق بجانب الواقع في الدعوى وليس بجانب القانون فيها .
– لا يمكن مطلقا للخصم في الدعوى أن يجادل ولأول مرة أمام قضاء المجلس الأعلى في مسائل لم يسبق عرضها أمام قضاة الموضوع كالطعن في الخبرة مثلا .
– الخبرة في جوهرها أي فيما خلص إليه الخبير واقتنع به قاضي الموضوع أو لم يقتنع به من مسائل الواقع التي يندرج استخلاصها ضمن السلطة التقديرية لمحاكم الموضوع سواء تعلق الأمر بالمحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف والتي تخرج بالتالي عن المجال القانوني الذي يراقبه المجلس الأعلى مبدئيا .
– يمكن الطعن في الإجراءات القانونية المتصلة بالنظام العام والتي تم خرقها من جانب الخبير كعدم استدعاء الأطراف في الدعوى لحضور الخبرة .
خاتمة
خلاصة القول، إذا كانت الخبرة، كما نظمها المشرع في قانون المسطرة المدنية، تعتبر وسيلة من وسائل التحقيق التي قد تلجأ إليها المحكمة في المسائل الفنية التي لا علاقة لها بالقانون، وإذا كانت المدونة العامة للضرائب، من جهتها، قد حددت في المادة 146 الوثائق المثبتة لمشتريات الخاضع للضريبة من السلع والخدمات والتي يجب أن تتوفر على البيانات الإلزامية المنصوص عليها في نفس القانون، فإن لجوء المحكمة إلى الخبرة يجب أن يبقى كإجراء استثنائي يجب أن تجد مجالها منحصرا فقط في المسائل التقنية، حتى لا تكون تعبيرا عن عجز المحكمة في فهم الجوانب المحاسبية والواقعية التي ترد في قالبها القانوني، حيث يجب أن تبقى للقاضي هنا كلمة الفصل.
فالمسؤولية التي يضطلع بها الخبير أثناء ممارسته لمهامه تعد مسؤولية جسيمة تتطلب منه التحلي بقدر كبير من الموضوعية والقيام بجميع التحريات اللازمة قبل ترتيب النتائج عن المعطيات المتوفرة لديه، وهكذا فالخبير يعتبر مستشارا تقنيا للمحكمة وهو المحلل لكثير من النقط وهو الحاسم في مسائل لا يمكن للمحكمة أن تتخذ بشأنها قرار بدون الاهتداء والارتكان إلى خبرته ومعرفته ولهذا لا يجادل اثنان حول مدى خطورة نتيجة الخبرة، ومن تم تصبح مهمة الخبير والمحكمة على حد سواء معقدة ما دام أن البلوغ إلى نتيجة الحكم سوف يكون بناء على تقدير مشترك لجهة قضائية موكول إليها أصلا نظر الفصل في الدعوى ، ولجهة فنية أو علمية موكول إليها إبداء الرأي فقط.
والحديث عن وسائل تحقيق بديلة عن الخبرة يدفعنا للحديث عن الدور الذي يمكن أن يلعبه التكوين الجبائي والمحاسبي للقاضي الضريبي وذلك للحد من ظاهرة اللجوء المفرط إلى الخبرة، وذلك ما من شأنه الحد من بطأ المساطر وتعقدها، كما أن إعتماد الخبرة كخيار في جميع المنازعات الضريبية من شأنه أن ينقص من أهمية باقي وسائل التحقيق التي نادرا ما يتم اللجوء إليها.
لائحة المراجع
محمد سكيري ” القانون الضريبي المغربي: دراسة تحليلية ونقدية“، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 59، طبعة II/2005.
محمد برحيلي “إشكالية الخبرة القضائية في المادة المدنية بين هدف تحقيق العدالة ومشكلة إطالة التقاضي: قراءة تحليلية للنصوص المنظمة للخبرة“، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 60، طبعة 2005.
جواد العسري “إشكالية الخبرة الفضائية في المادة الضريبية” أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات الضريبية يومي 4 و5 دجنبر، عدد خاص لمجلتي القسطاس والزيتونة، طبعة 2010.
محمد الكشبور “الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية – دراسة مقارنة-” سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة رقم 3، الطبعة الأولى 2000، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.
خالد المير / إدريس قاسمي “القاموس الميسر في القانون والإدارة“، منشورات سلسلة التنوين الإداري، طبعة 2007.
إبراهيم أحطاب “إشكالية الخبرة في المادة الجبائية” تدخل في لقاء مشترك بين المجلس الأعلى والمديرية العامة للضرائب في أشغال اليومين الدراسيين 28 و29 مارس 2005 ، تحت عنوان “العمل القضائي والمنازعات الضريبية“، منشور بدفاتر المجلس الأعلى، عدد 8، مطبعة إليت، طبعة 2005، ص: من 275 إلى 281.
خالد الشرقاوي السموني” الخبرة القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية والإجتهاد القضائي“، دار النشر المغربية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة” مؤلفات وأعمال جامعية“، العدد 7، سنة 1998.
خالد أحجلي “منازعات الوعاء الضريبي أمام القضاء الإداري“، رسالة لنيل الماستر، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية : 2007-2008.
توفيق عبد العزيز “نظرية الإثبات في التشريع الجنائي المغربي“، مجلة المحاكم المغربية، عدد 12، ص19 .
محمد قصري ” المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء الإداري، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسة ” الطبعة الأولى 2005، مؤلفات وأعمال جامعية.
جواد لعسري “المنازعات الضريبية بين التحقيق والإثبات” مقال منشور في جريدة المساء يومي 20 – 08 – 2011 و 18 – 08 – 2011.
محمد أوراغ “الخبرة القضائية في المادة المدنية و الجنائية” مقال منشور في موقع محاكم للدراسات القانونية والفقهية (http://www.mahakim.net/khibra.html