تلخيص كتاب المرافق العمومية – الاستاذ ابراهيم كومغار


الباب الأول: المرافق العامة: مضمونها ونظامها القانوني
القسم الأول: مضمون المرافق العامة
الفصل الأول: تأطير مفهوم المرفق العام
يختلف فقهاء القانون في تعريفهم للمرفق العام، حيث ينظر بعضهم إليه من زاوية الشكل أو الهيئة التي تديره، والبعض الآخر يركز اهتمامه على موضوع ونشاط هذا المرفق.

المبحث الأول: ظهور فكرة المرفق العام
مع تطور مهام الدولة نتيجة انتشار المبادئ الاشتراكية والاقتصاد الموجه كان لزاما على الدولة أن تتدخل لإشباع الحاجيات العامة الضرورية للأفراد، كالتعليم والصحة وتوزيع الماء والكهرباء والنقل … لذلك أنشأت الدولة مشروعات عامة تقوم بتسييرها أو تشرف على تدبيرها فظهرت مرافق جديدة.
من هنا ظهرت فكرة المرفق العام كأساس جديد لتحديد مجال القانون والقضاء الإداريين تقوم على التمييز بين ما يتعلق بمرفق عمومي وما لا يتعلق به، حيث أن ما يتعلق بنشاط المرفق العام يتصل بالقانون الإداري فيخضع لاختصاص القضاء الإداري، وما لا يتعلق به فيتصل بالقانون الخاص فيخضع لاختصاص القضاء العادي.
وتأكدت فكرة المرفق العام منذ أواخر القرن 19 عبر سلسلة أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع الفرنسي وعلى رأسها:
• الحكم الشهير في قضية بلانكو Blanco (المطالبة بتعويض عن إصابة ابنته من جراء حادث سببته عربة تابعة لمصنع تبغ تابع للدولة حيث قضت محكمة التنازع بأن القضاء الإداري هو المختص في البث في القضية وإلى وجوب تطبيق قواعد المسؤولية المدنية دون المسؤولية المدنية).
• قضية تريي terrier (أقام دعوى ضد مجلس البلدية الذي رفض تسليمه مكافأة مقابل قتله لعدد من الأفاعي التي كانت تهدد أمن السكان والذي كان المجلس قد وعد بها، وذلك لأن المبلغ المخصص قد نفذ. وقد أقر مجلس الدولة اختصاص القضاء الإداري)
• قضية فوتري Feutry (طالب محافظ لواز بتعويضه عن الخسائر التي لحقت مخزنه جراء إقدام مجنون بإضرام النار في المخزن وذلك لسوء مراقبة إدارته للمجانين، وحكمت محكمة التنازع بأن الدعوى تتعلق بالسير الرديء لمرفق عمومي وأن المحاكم الإدارية هي المختصة بالبث)
المبحث الثاني: تطور فكرة المرفق العام
أدى تطور الحياة الإدارية والاقتصادية والاجتماعية إلى ارتياد الدولة مجالات جديدة وتلبية حاجيات عامة عجزت المبادرة الخاصة عن تأمينها وبذلك لم يعد دور الدولة يقتصر على إحداث وتدبير المرافق التقليدية (الدفاع- الأمن – القضاء – الخارجية- المالية…) بل ظهرت مرافق صناعية وتجارية.
وقد أثرت هذه التطورات في الجوهر الأصلي لنظرية المرفق العام الكامن في ارتباط تطبيق القانون العام والقانون الإداري بمفهوم المرفق العام واستبعاد تطبيق القانون الخاص على العلاقة القانونية المرتبطة بالمرفق العام، هذه الصورة التي لم تصمد أمام اتساع نشاط الإدارة ونشاط الأفراد ومباشرة كل منهما لنفس النشاط الذي يتولاه الآخر في سبيل تحقيق النفع العام، لذلك توارت معالم المرفق العام في معناه التقليدي وطفت على السطح معالم جديدة.

المبحث الثالث: تعريف المرفق العام وعناصره
تستعمل كلمة المرفق العام في القانون الإداري للدلالة على معنيين: 
• شكلي (عضوي) يفيد الهيئة العامة التي تدير النشاط القائم لإشباع الحاجيات العامة
• مادي (موضوعي) يرتكز على النشاط الذي يصدر عن الدولة أو أحدى هيئاتها لإشباع الحاجيات العامة 
وينعكس التمييز بين نوعي المرفق (عضوي أو موضوعي) على مسألة الخضوع لأحكام أي من القانونين العام أو الخاص.
ففي حالة المرفق العضوي يتم خضوع الهيئة العامة والنشاط الذي تؤديه لقواعد القانون العام، وفي حالة المرفق المادي فإن نشاط المرفق هو الذي يخضع لأحكام القانون العام دون الهيئة التي تدير النشاط التي تبقى خاضعة لقواعد القانون الخاص.
أما إذا اجتمعت هيئتين في تدبير المرفق إحداهما عامة والأخرى خاصة فإنه يتم تطبيق القانونين العام والخاص معا.
واستقر القضاء الإداري على تعريف المرفق العام بأنه النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به لآخرين كالأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة، ولكن تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقا للصالح العام.
أما بالنسبة للفقه فقد اختلفت تعريفات الفقهاء للمرفق العام فالبعض يأخذ بالتعريف العضوي والبعض الآخر يأخذ بالتعريف المادي ومنهم من يجمع بين العنصرين المادي والعضوي معا في تعريف واحد.
ويتبين من خلال التعريف السابق أن المرفق العام يقوم على العناصر الأساسية التالية:
– المرفق العام هو نشاط: فالمدلول الحديث للمرفق العام يرتكز على النشاط المؤدى بغض النظر عن الهيئة التي تؤديه
– تمارسه الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى: تعددت المرافق العامة المنشئة من قبل الدولة والهيئات العامة تأمينا للحاجيات المتطورة للأفراد.
– تمتع الدولة بالإشراف عليه: رقابة الدولة تختلف حسب الأسلوب الذي اختارت الإدارة إدارة المرفق العام به.
– تلبية حاجيات ذات منفعة عامة: يعتبر عنصر المنفعة العامة عنصرا جوهريا في المرفق العام، وإذا فقد النشاط صبغة المنفعة العامة فإننا لا نكون أمام مرفق عام حتى عندما تدير الدولة ذلك النشاط وتشرف عليه، إذ لا ينبغي أن يكون الهدف الأساسي للنشاط هو تحقيق الربح. ( غير أنه من الجائز أن تفرض الدولة رسوما مقابل الانتفاع من بعض خدمات المرافق العامة كرسوم تسجيل الملكية والرسوم القضائية.. والتي لا تغير من طبيعة مجانية المرفق العام )
– تحقيق المصلحة العامة: الهدف الأساسي من إنشاء المرفق العام يكمن في تحقيق المصلحة العامة من خلال إسداء حاجيات عامة نافعة للمجتمع، بالمقابل لا يعتبر مرفقا عاما نشاط الأشخاص المعنوية العامة الذي لا يستهدف تحقيق المصلحة العامة.

الفصل الثاني: أنواع المرافق العامة
المبحث الأول: تصنيفها حسب موضوع نشاطها 
الفرع الأول: المرافق العامة الإدارية
يقصد بها المرافق التقليدية التي شكلت أساس القانون الإداري واكتست صبغة المرفق في الأصل، وتتولى الدولة إدارتها بأسلوب مباشر بصفتها صاحبة السيادة ومن أمثلتها الأمن والدفاع والقضاء… وهي أنشطة لا يمارسها الأفراد الخواص لعجزهم عن إشباعها أو لانعدام مصلحتهم فيها، وبذلك فهي تخضع لقواعد القانون الإداري، وتؤدي خدماتها للمواطنين بالمجان رغم أن بعضها يشترط أداء رسوم مقابل الانتفاع ببعض الخدمات الأمر الذي لا ينفي الصبغة المجانية للمرفق العام.
تعتمد في تسييرها على القانون العام ولا تلجأ إلى وسائل القانون الخاص إلا استثناء وفي حالا معينة 

الفرع الثاني: المرافق العامة الاقتصادية
المطلب الأول: مدلول المرافق العامة الاقتصادية :
هي المرافق التي تقوم بأنشطة اقتصادية ذات صبغة صناعية وتجارية ومالية مشابهة للأنشطة التي يزاولها الخواص وتعمل في أوضاع مماثلة لأوضاع المشروعات والأنشطة الخاصة مع احتفاظها بالصفة المرفقية لاستهدافها تحقيق المصلحة العامة ومن أمثلتها: مرافق البريد والمواصلات والنقل ومرافق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل ومرافق مالية كالأبناك وشركات التأمين العامة… وتظل هذه المرافق خاضعة لأحكام مختلطة تجمع بين القانون العام والقانون الخاص كل في نطاق محدد.
ويعود أصل ظهور هذا النوع من المرافق العامة إلى قضية معدية إيلوكا Bac d’Eloca والذي قضى بخضوع المرافق العامة الصناعية والتجارية في الشطر الأكبر من نشاطها لأحكام القانون الخاص ولاختصاص القضاء العادي.
وتختلف طرق تدبير الدولة لهاذ النوع من المرافق العامة قد تختلف تبعا لما يلائم طبيعة النشاط الاقتصادي للمرفق ووفقا للأسلوب المجدي الذي تريد الدولة أن تتبعه في تدبيره سعيا لتحقيق المنفعة العامة وقد يكون إما بأسلوب الإدارة المباشرة أو أسلوب المؤسسة العمومية أو الامتياز أو التدبير المفوض..

المطلب الثاني: معيار تمييز المرافق العامة الاقتصادية:
لقد اختلف الفقه في تحديد المعيار المعتمد في التمييز بين المرافق العامة الاقتصادية التي تمارس نشاطا تجاريا وصناعيا وماليا والمرافق العامة الإدارية على الشكل التالي:
1- معيار القانون المطبق على المرفق: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه يمكن التمييز اعتمادا على نوعية القانون الخاضع له المرفق، بحيث إذا كان المرفق يطبق وسائل القانون العام في تدبيره اعتبر مرفقا عاما إداريا، في حين أنه إذا كان يطبق وسائل القانون الخاص اعتبر مرفقا عاما اقتصاديا، إلا أن هذا المعيار لا يصلح كأساس لتمييز المرافق العامة الاقتصادية، لأن خضوع المرفق العام الاقتصادي لوسائل القانون الخاص ما هو إلا نتيجة لثبوت الصبغة الاقتصادية للمرفق.
2- معيار الركون إلى الوثيقة المحدثة للمرفق: يمكن في بعض الحالات أن تتعرض الوثيقة المحدثة للمرفق لنوعية النشاط الذي يمارسه المرفق، بيد أنه ليست كل الوثائق المحدثة للمرافق العامة تتناول طبيعة نشاطها، علاوة على أن القاضي قد يرفض التكييف الذي يعطيه النص القانوني لطبيعة نشاط المرفق ويعمل في بعض الحالات علة تصحيحه.
3- معيار نوعية نشاط المرفق: فإذا كان المرفق يمارس نشاطا تجاريا أو صناعيا مماثلا للأنشطة الداخلة في نطاق القانون التجاري اعتبر مرفقا عاما اقتصاديا، وإذا كان يمارس نشاطا إداريا يدخل في نطاق القانون الإداري اعتبر مرفقا عاما إداريا، لكن مرفقا ما قد يكون البوم إداريا ويتم تحويله في المستقبل إلى مرفق اقتصادي، بالإضافة إلى ذلك فإن كل مرفق عمومي أصبح في حاجة إلى مزيج من القانونين العام والخاص ويعرف هذا المعيار بمعيار المحامي ماتير Matter الذي اعتمد في تمييزه للمرفق العام الاقتصادي على طبيعة نشاط المرفق، واعتبر موضوعه لا يتماشى مع المهام العادية والضرورية للدولة وبذلك أسس لصنف جديد من نشاط الإدارة سماها بالمرافق العامة حسب طبيعتها والأخذ بهذه النظرية كان سيؤدي إلى توسيع نطاق اختصاص المحاكم العادية على حساب لمحاكم الإدارية فيما يخص المرافق العامة ونشاطها.
4- معيار الغاية أو الربح: يذهب الفقيه بونار Bonnard إلى أن عنصر الربح كغاية تتوخاها المرافق العامة الاقتصادية لتحقيق مداخيل لفائدة الدولة يعد معيارا صالحا للتمييز بين هذا النوع من المرافق والمرافق العامة الإدارية التي تقوم أساسا على مبدأ المجانية لكن لا يمكن الأخذ بهذا المعيار لعدة أسباب منها:
– الغاية الأساسية من إحداث المرافق العامة الاقتصادية ليس هو تحقيق الربح بل هو نتيجة لكون المرفق يتمتع بالصبغة التجارية والصناعية، لأن الهدف الأساسي من إحداث تلك المرافق هو تحقيق المنفعة العامة حيث تستمر في أداء نشاطها حتى في حالة عدم تحقيقها للربح.
– بعض المرافق العامة الإدارية تحقق أرباحا من خلال الرسوم التي تقوم باستيفائها من المنتفعين من خدماتها قد تصل إلى مستوى ما تطلبه المرافق العامة الاقتصادية كمقابل لخدماتها.
– بعض المرافق العامة الاقتصادية لا تحقق أرباحا بل تكلف خزينة الدولة أعباء مالية ضخمة لضمان الاستمرار في أداء خدماتها بسبب العجز المالي الذي تعرفه تلك المرافق.
5- معيار الفقيه شافانون Chavanon: الذي يرى أن المرفق العام يعتبر مرفقا عاما اقتصاديا تداريا أو صناعيا كلما أدى خدمات أو أنشطة يعتبرها القانون الخاص (القانون التجاري) تجارية لو قام بها أحد الخواص (أي أنه معيار يعتمد على أساس طبيعة النشاط الذي يزاوله المرفق العام الاقتصادي والذي يتعين أن يندرج ضمن نطاق الأعمال التجارية المنصوص عليها في القانون التجاري). 

ما يعاب على هذا المعيار: 
– توجد بعض الأنشطة التي يعتبرها القانون التجاري أعمالا تجارية، لكن المرافق التي تمارسها لا تعتبر مرافق عامة اقتصادية (قطاع الهاتف في المغرب قبل تحويله إلى مكتب).
– القانون التجاري يخرج بعض الأعمال التي لها صبغة تجارية من القانون التجاري مثل الأعمال الفلاحية أو الزراعية.
– هناك بعض المرافق العامة التي تزاول أنشطة تجارية ليست تجارية وفق لنص القانون التجاري المغربي القديم، ومع ذلك فقد اكتست صبغة اقتصادية.
ورغم النواقص التي تعتري معيار شافانون، فإن القضاء عمل على تقويمه وتكييفه مع ظروف الواقع العملي، حيث اعتبر أنه لكي يكون المرفق العام اقتصاديا يتعين أن يكون نشاطه داخلا في باب الإنتاج والتوزيع وأن تسيره الإدارة وفقا لقواعد لقانون الخاص، دون النظر إلى وجوب اعتباره تجاريا من لدن القانون التجاري.

6- معيار مؤشرات المرفق العام الاقتصادي:
لجأ القضاء الفرنسي إلى توظيف معيار يأخذ في الاعتبار مجموعة من المؤشرات الأساسية القمينة بتفسير إرادة المشرع وبالتالي تحديد الطبيعة القانونية للمرفق العام وهي:
a- طبيعة وهدف نشاط المرفق: لكي يكتسي الرفق العام الصفة الاقتصادية ينبغي أن يزاول نشاطا مماثلا للأنشطة التي يجوز للخواص ممارستها مع استهدافه تحقيق المصلحة العامة (لأن الأنشطة التي تمارسها الدولة بطريقة احتكارية تدخل في نطاق المرافق العامة الإدارية كالتبغ والفوسفاط..)
b- مصدر إيراداته: يعتبر تلقي المرفق العام لرسوم مقابل الانتفاع من خدماته من لدن المستفيدين أو الجمهور من أهم مميزات المرفق العام الاقتصادي حيث تشكل تلك الرسوم أغلب إيراداته ومداخيله، أما إذا كانت تلك المداخيل تستمد من الميزانية العامة للدولة أو ميزانيات ملحقة أو من مساعادات مالية للدولة أو من الضرائب فإن صفة المرفق العام تظل صفة إدارية.
c- أسلوب تسييره: يتم تسيير المرفق العام الاقتصادي بأسلوب المروع أو المقاولة الأمر الذي يترتب عنه:
– خضوع المرفق العام الاقتصادي لنظام قانوني مختلف عن نظام المرافق العام الإدارية (اندماج لأساليب القانونين العام والخاص)
– يؤدي المرفق العام الاقتصادي خدماته بمقابل وقد يحقق أرباحا
– علاقته بالمستفيدين من خدماته تشبه العلاقات الناشئة بين المشروعات الخاصة والمستفيدين من خدماتها.
– تخضع المرافق العام الاقتصادية لنظلم المحاسبة الخاصة بينما تخضع المرافق العامة لنظام المحاسبة العامة.
d- القانون الذي يخضع له العاملون: العاملون في المرافق العامة الاقتصادية يخضعون لقانون الشغل مع خضوع العاملين الموجودين على رأس المرفق العام الاقتصادي للنظام القانوني للوظيفة العمومية.
والواقع رغم نجاعة معيار المؤشرات في تحديد المرفق العام الاقتصادي فإنه لم يسلم من بعض النواقص منها:
– العاملون في بعض المرافق العامة الاقتصادية قد يخضعون لنظام الوظيفة العمومية في حالة تسيير هذه المرافق بواسطة الاستغلال المباشر من لدن الدولة.
– قد تتغير طبيعة المرفق العام الاقتصادي فيصبح مرفقا عاما إداريا أو العكس، وقد يسير المرفق نشاطين في آن واحد أحدهما سكون مرفقا عاما إداريا والآخر مرفقا عاما صناعيا أو تجاريا.
المطلب الثالث: النظام القانوني للمرافق العامة الاقتصادية:
تخضع المرافق العامة الاقتصادية ذات الصبغة الصناعية والتجارية لخليط من قواعد القانونين العام والخاص، فالقانون العام يحكمها لأنها مثل جميع المرافق العامة تخضع للمبادئ العامة الضابطة لسير المرافق العامة والتي تسمى القانون العام للمرافق العامة كمبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد ومبدأ المساواة بين المنتفعين من خدماتها ومبدأ قابليتها للتغيير بما يلاءم مع الظروف والمستجدات علاوة على أنها تستفيد من بعض امتيازات السلطة العامة مثل إصدار القرارات الإدارية، نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، إبرام العقود الإدارية، وفي كل هذه المسائل يختص القضاء الإداري بالبت في المنازعات المنبثقة عنها، أما خضوعها للقانون الخاص فيرجع لكونها تقوم بنشاط مماثل للأنشطة التي يقوم بها الخواص وبالتالي يتعين تحريرها من قواعد القانون العام لأداء نشاطها بشكل جيد بعيدا عن البطء والروتين وتعقيد الإجراءات… تبعا لذلك فإن المنازعات المترتبة عن تطبيقها لقواعد القانون الخاص تدخل في اختصاص القضاء العادي.


المطلب الرابع: نطاق المرافق العامة الاقتصادية بالمغرب:
لقد اتسع نطاق المرافق العامة الاقتصادية بالمغرب الذي يرجع لتنوع الحاجيات الجماعية التي عجز القطاع الخاص عن تلبيتها إما لأنها تتطلب وسائل مالية ضخمة أو لأنها لا تحقق أربحا كثيرة بالنسبة له، مما أدى إلى تطور التدخلات الاقتصادية للدولة والتي تتم في الغالب بواسطة المقاولات العامة

أولا: تعريف المقاولة العامة: 
– قطاع الدولة الصناعي والتجاري الذي يعد رأسماله كليا أو جزئيا رأسمالا عاما
– الهيئة الاقتصادية المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تزودها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأحرى برأسمال كلي أو جزئي بقصد تنفيذ نشاط اقتصادي مع خضوعها لرقابة الشخص المعنوي العام.
نستخلص أن هناك معايير تحدد مفهوم المقاولة العامة وهي:
– المعيار القانوني: المتجسد في تمتع المقاولة بالشخصية المعنوية مما يمكنها من الاستقلال الإداري والمالي مع خضوعها لمبدأ التخصص كمعظم الأشخاص المعنوية العامة ماعدا الدولة والجماعات المحلية التي تتمتع بالاختصاص العام.
– المعيار الاقتصادي: فطبيعتها التجارية والصناعية تتجلى في النشاط الذي تضطلع له من أجل تأمين انتاج المواد والخدمات.
– المعيار الإداري: حيث أن المقاولة العامة تم\كون في ملكية الدولة بصفة كلية (المؤسسات العمومية والشركات العامة الوطنية) أو جزئية (شركات الاقتصاد المختلط) وبالتالي تخضع لسلطة الدولة ولرقابتها.

ثانيا: أنواع المقاولات العامة:
– المقاولات العامة التي تستقي إطارها القانوني من القانون العام، رغم وجود بعض التطبيقات لقواعد القانون الخاص بها، وهي المؤسسات العامة الصناعية أو التجارية.
– المقاولات العامة التي تستقي إطارها القانوني من القانون الخاص، رغم استعمالها لبعض قواعد القانون العام وهي الشركات ذات الرأسمال العمومي أو المختلط

ثالثا: الرقابة على المقاولات العامة:
تختلف حسب الشكل القانوني للمقاولة العامة، حيث أن الرقابة الممارسة على المؤسسات العامة الصناعية أو التجارية والشركات العامة المملوكة كليا للدولة أشد من الرقابة الممارسة على شركات الاقتصاد المختلط، وتهم هذه الرقابة الجانب الإداري والتقني والجانب المالي.
أ‌- الرقابة الإدارية: 
بالنسبة للمقاولات العامة التي تتخذ شكل مؤسسات عامة صناعية أو تجارية في تعيين كبار المسؤولين عنها، وتظهر أيضا في تركيبة المجلس الإداري لهذه المؤسسات حيث يعد الوزير الأول هو رئيس المجلس الإداري لجميع المؤسسات العامة، كما أن أسلوب اللامركزية المصلحية يقتضي إجراء رقابة من لدن السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية المصلحية تحقيقا للمصلحة العامة.
أما بالنسبة للمقاولات العامة التي تتخذ شكل شركات مجهولة الاسم، فتتجلى في تعيين الدولة لمندوب للحكومة مكلف بمراقبة تسيير الشركة، يمكنه الحصول على كل المعلومات المهمة وكذا الحضور في اجتماعات هيئاتها، كما توجد رقابة أخرى من خلال تبعية الأجهزة المسيرة لتلك الشركات للدولة (الجمعية العامة للمساهمين، المجلس الإداري، ومدير المقاولة، اللجنة التقنية).

ب‌- الرقابة المالية: 
يقوم وزبر المالية بدور أساسي في تنفيذ هذه المراقبة المالية، وذلك بواسطة المراقبين الماليين والأعوان المحاسبين الذين يتم تعيينهم من لدنه، والذين يتتبعون عن قرب التسيير المالي لمختلف المقاولات العامة وفي هذا الإطار يملك وزير المالية حق الموافقة على القرارات المتعلقة بالميزانيات والموازنات وحسابات الاستغلال والخسائر والأرباح…

الفرع الثالث: المرافق العامة الاجتماعية:
هدفها هو تقديم خدمات اجتماعية منها ما يتعلق بالضمان الاجتماعي والتعويضات العائلية والمخيمات الصيفية ومنها ما يخص السلامة الاجتماعية ومحاربة بعض الأمراض المزمنة، وتخضع لنظام قانوني مختلط بين القانونين العام والخاص.

الفرع الرابع: المرافق العامة المهنية:
هي المرافق التي تتولى تنظيم وتوجيه مهنة معينة من لدن أعضائها أنفسهم، مع تمتع الهيئات التي تضطلع بإدارتها ببعض امتيازات وسلطات القانون العام كالغرف المهنية والهيئات النقابية المهنية ونقابة المهندسين والصيادلة …

المبحث الثاني تصنيفها حسب النطاق الجغرافي لنشاطها
تنقسم المرافق العامة من حيث النطاق المكاني لنشاطها إلى مرافق عامة وطنية يشمل نشاطها مجموع التراب الوطني ومرافق عامة محلية ينحصر نشاطها على جزء محدد من إقليم الدولة.

الفرع الأول: المرافق العامة الوطنية:
وهي تلك المرافق التي يتسع نشاطها ليشمل كل أجزاء التراب الوطني بحيث تقوم بتلبية حاجيات جميع سكان إقليم الدولة (كالأمن والقضاء والتعليم والصحة…) وهذه المرافق تتولى تسييرها الدولة أو السلطات المركزية في العاصمة وفروعها في الأقاليم، كما تتحمل الدولة المسؤولية عن الأضرار التي تسبب فيها.

الفرع الثاني: المرافق العامة المحلية
هي المرافق التي يمتد نشاطها على رقعة جغرافية محددة من إقليم الدولة بحيث يستفيد من خدماتها سكان الوحدة المحلية سواء كانت جهة أو إقليما أو جماعة كمرافق التطهير والنظافة وتوزيع الماء والكهرباء والنقل الحضري

المبحث الثالث : تصنيفها حسب تمتعها بالشخصية المعنوية من عدمه
بالنسبة لمعظم المرافق العامة التي لا تتمتع بالشخصية المعنوية أي التي لا تمارس نشاطها بدرجة من الاستقلال الإداري والمالي، فتظل مرتبطة مباشرة بالأشخاص الإدارية المنشئة لها، بحيث أن المرافق العامة الوطنية تتولى الدولة إدارتها مباشرة بأموالها وموظفيها كمرافق العدل والأمن والصحة والتعليم وتسهر الدولة على حسن أدائها، أما باقي المرافق العامة المحلية فهي تتبع مباشرة الشخص المعنوي المحلي المحدث لها والذي يختص بالإشراف عليها.
أما بالنسبة للمرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية فهي التي تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي في مباشرة نشاطها مع خضوعها للرقابة والوصاية الإدارية من طرف السلطات المركزية، ويكون إحداثها بغرض تفادي سلبيات الإدارة المباشرة في البطء والروتين والتعقيد.. وتعرف هذه المرافق العامة بالمغرب بالمؤسسات العمومية وتحمل عدة أسماء منها: المكاتب الوطنية، والصناديق الوطنية والمراكز والوكالات.

المبحث الرابع: تصنيفها حسب سلطة الدولة في إنشائها
تنقسم المرافق العامة من حيث مدى التزام الدولة في إنشائها إلى:
الفرع الأول: المرافق العامة الإجبارية
الأصل أن للدولة وباقي الأشخاص المعنوية العامة الترابية السلطة التقديرية في إحداث المرافق العامة حينما تظهر ضرورة في إشباع الحاجات الجماعية بواسطة المرفق العام ولا يملك الأفراد إلزامها بذلك، لكن تكون الإدارة ملزمة بإحداث المرافق العامة بصفة إجبارية:
– لأنها مرافق عامة تتعلق بممارسة الوظائف الأساسية كمرافق الدفاع والقضاء والأمن والتعليم
– لوجود نص قانوني يلزم الإدارة بإنشائها
– نتيجة معاهدة دولية كمعاهدة الملاحة الدولية التي تلزم بإنشاء محطات لقيادة الطائرات
وقد يلزم القانون الهيئات اللامركزية بإنشاء بعض المرافق العمومية المحلية والتي يطلق عليها المرافق العمومية الإجبارية إذ يتم إحداثها بموجب قانون ويحق للأفراد إلزام الإدارة بإنشائها وفي حالة الرفض جاز لهم مقاضاتها، ويحق لسلطة الوصاية إجبار الهيئة اللامركزية بإنشاء المرفق المحلي الإجباري وفي حالة الرفض حق لها الحلول محلها والقيام بإنشائه.

الفرع الثاني: المرافق العام الاختيارية
بالنسبة لهذه المرافق لا يملك الأفراد إجبار الإدارة على إنشائها ولو كانت تلك المرافق مهمة ومفيدة لهم، ولا يملكون الوسائل القانونية التي تمكنهم من حملها على إحداث هذه المرافق ذا ليس لهم الحق في رفع دعوى إلغاء القار الإداري القاضي برفض الإدارة إنشاء المرفق أو المطالبة بتعويض الضرر الذي لحقهم من جراء تقاعس الإدارة عن إنشائه.


القسم الثاني: النظام القانوني للمرافق العامة
إن المرافق العامة التي تقوم على تلبية الحاجيات العامة لتحقيق المصلحة العامة والتي تؤدي خدماتها بأساليب القانونين العام والخاص معا، وذلك تبعا لطبيعة ونوع هذه المرافق العامة، تنفرد بنظام قانوني يميزها عن نشاط الأفراد والتي يتجلى في مجموعة من القواعد الضرورية لإنشائها وتنظيمها وإلغائها، علاوة على القواعد الضابطة لسيرهاوالتي يرمز لها لعض الفقهاء بالقاونين الثلاثة للمرافق العامة والتي تكمن في:
– مبدأ سير المرفق العام بانتظام واضطراد
– مبدأ المساواة بين المنتفعين أمام المرافق العامة
– مبدأ قابلة المرفق العام للتغيير والتبديل تبعا لضرورات المصلحة العامة

الفصل الأول: إنشاء وإلغاء المرافق العامة

المبحث الأول: إنشاء وإلغاء المرافق العامة في القانون المقارن
في فرنسا يؤكد الفقه على أن إنشاء المرافق العامة يكون بقانون أو بناء على قانون لكن بعد صدور الدستور الفرنسي لسنة 1958 تم تحديد اختصاصات البرلمان التي تدخل موضوع إنشاء المرافق العامة ضمن اختصاصاته مما يجعل ذلك الاختصاص يول للسلطة التنفيذية التي قد تحتاج إلى قوانين لتطبيق هذا الاختصاص في بعض الحالات 
– إذا كان المرفق العام مرتبط بإنفاق مالي، فيحتاج إلى موافقة البرلمان على الاعتمادات الخاصة بذلك الإنفاق
– إذا كان المرفق العام يشكل مسا بإحدى الحريات المنصوص عليها في الدستور، فإن إنشائه يتطلب استصدار قانون يقضي بذلك.
في مصر يؤول اختصاص إنشاء وتنظيم المرافق العامة إلى رئيس الجمهورية.

المبحث الثاني: إنشاء وإلغاء المرافق العامة في المغرب
يرتبط إنشائها بالمصلحة العامة ، المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية تنشئها السلطة التشريعية والمرافق العامة الغير متمتعة بالشخصية المعنوية تنشئها السلطة التنفيذية.
المرافق العامة الوطنية تنشئها الدولة والمرافق العامة الجهوية تنشئها الجهة، والمرافق العامة الإقليمية ينشئها مجلس العمالة أو الإقليم، المرافق العامة الجماعية تنشئها المجالس الجماعية .
إلغائها : يتم إنهاء نشاط المرفق كقاعدة عامة السلطة العامة التي تملك سلطة الإنشاء تملك سلطة الإلغاء ( توازي الشكليات ) .

المبحث الثالث: المرفق الفعلي أو الواقعي
كل مشروع فردي يستهدف أداء خدمة عامة، وله قدر من الأهمية بشرط ألا يزاول هذا النشاط إلا بعد تصريح سابق من الإدارة .
فهذه المرافق العامة لا تنشئها الدولة بل يتم إنشاؤها من قبل الأفراد بناء على ترخيص من الإدارة، بشرط أن يستهدف نشاطها تحقيق النفع العام، وهناك مجموعة من الآثار المترتبة على قيام هذا النوع من المرافق منها:
– للإدارة أن تشترط ما تراه مناسبا لأداء الخدمة على أحسن وجه، 
– لها الحق في تحديد مقابل الانتفاع من الخدمات العامة الذي يتلقاه الفرد المزاول للنشاط من المنتفعين.
– للإدارة الحق في إنهاء نشاط المرفق إذا قدرت أن اعتبارات المصلحة العامة تقتضي ذلك
– تحمل الإدارة للمسؤولية عن الأضرار التي يلحقها المرفق بالغير، مما يترتب عن ذلك أداء التعويض عن تلك الأضرار.
والانتقادات الموجهة لهذا النوع من المرافق:
– اعتداء الدولة على حرية العمل
– منح الإدارة تراخيص لإنشاء هاذ النوع من المرافق في حين أن المشرع لم يمنحها حق القيام بذلك.
– أداء التعويضات بسبب الأضرار التي تسببها تلك المرافق للغير يكلف الخزينة العامة للدولة.

الفصل الثاني: المبادئ الحاكمة لسير المرافق العامة
في سبيل ضمان حسن أداء المرافق العامة بمختلف أنواعها لنشاطها وتلبية حاجات الجمهور في أحسن وجه، فإنها تخضع لقواعد ومبادئ أساسية دأب الفقه على حصرها في ثلاثة مبادئ (أضاف لاشوم مبدأ الحياد وجانو فيجمع بين الاستمرارية والقابلية للتغير والتكيف)وهي:
المبحث الأول: مبدأ استمرارية المرفق العام 
يقوم المرفق العام بمهامه ونشاطه وتقديم خدماته على سبيل الدوام والاستمرار دون انقطاع أيا كانت الظروف التي يواجهها في مشواره. ويطبق هذا المبدأ على أعمال الإدارة وعلى عمالها وأموالها.

الفرع الأول: تطبيق المبدأ على أعمال الإدارة
إن الإدارة تتحمل مسؤولية تأمين دوام سير خدمات المرفق العام بانتظام واضطراد ويفرز ذلك ثلاث نتائج أساسية:
المطلب الأول: نظرية الظروف الطارئة:
مفادها : أنه من حق المتعاقد المتضرر من وقوع حوادث أو ظروف استثنائية لم تكن حين إبرام العقد المطالبة بالتعويض نظرا لاختلال التوازن المالي للعقد، مما يمكنه من الاستمرار في تنفيذ التزامه.

شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة :
– أن يكون الظرف طارئا أي غير متوقعا حين التعاقد (وأن لا تكون الإدارة لها يد في حدوثه وإلا سيطبق نظرية فعل الأمير)
– أن يقع الظرف الطارئ بعد توقيع العقد 
– أن يؤدي الظرف الطارئ إلى جعل تنفيذ العقد صعبا ومرهقا وليس مستحيلا 
– أن يكون الظرف الطارئ مؤقتا أو عرضيا وأن لا يكون مستمرا 
– أن لا يعفي الملتزم من تنفيذ التزامه رغم الظرف الطارئ بل يتم توزيع الأعباء بينه وبين الإدارة ضمنا لاستمرار المرفق العام 
المطلب الثاني : نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي 
هو الشخص الذي يقر القضاء بصحة ومشروعية بعض الأعمال التي قد يأتيها وهو مزاول للوظيفة المرتبطة بسير المرفق العام وذلك دون أن يكون معينا وفقا للأصول القانونية.

* تطبيق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي في الظروف العادية :
حينما يتم تعيين فرد بصفة غير مشروعة أو بالخطأ في وظيفة عامة، فالتصرفات التي يأتيها هي باطلة غير أن القضاء والفقه اعتبر هذه التصرفات صحيحة ضمانا لسير المرفق العام واستنادا إلى فكرة الأوضاع الظاهرة.

* تطبيق نظرية الموظف الفعلي أو الواقعي في الظروف الإستثنائية :
تولي أشخاص عاديين ممارسة وظيفة معينة نتيجة حروب او اضطربات، أقر القضاء بصحة الأعمال التي يقومون بها ضمانا لسير المرفق العام، مع ترتيب جميع الآثار القانونية عليها.

المطلب الثالث : تبرير تدابير مباشرة الإدارة ضمانا لتنفيد العقود الإدارية .
في حالة تأخر الطرف المتعاقد مع الإدارة في تنفيذ التزامه أو الإخلال به تقوم الإدارة ببعض الاجرءات السريعة دون اللجوء للقضاء ضمانا لمبدأ استمرار المرفق العام مثل تنفيذ العقد مؤقتا وعلى حساب الطرف الأخر المتأخر في تنفيذ العقد أو فسخ العقد في حالة التقصير الجسيم .

الفرع الثاني: تطبيق المبدأ على عمال وأموال الإدارة 
المطلب الأول: بالنسبة للعاملين في المرافق العامة:
يفرض مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واضطراد على العاملين في المرافق العامة أن يقوموا بتأدية واجبهم المهني بدون توقف والانصياع لجميع التعديلات التي يستلزمها سير المرفق العام، لذلك يترتب على تطبيق هذا المبدأ على العاملين في المرفق العام نتيجتان هما:
أولا : تحريم الإضراب 
يقصد به امتناع الموظفين في المرافق العامة عن تأدية أعمالهم لفترة معينة وبصفة مؤقتة دون أن تتجه نيتهم إلى التخلي عن وظائفهم بشكل نهائي.
ومن شأن الإضراب أن يشل المرفق العام ، ويحرم المرتفقين من خدمات المرفق، وقد أجمع الفقه على تحريم الإضراب .
صدر أول دستور مغربي بتاريخ 14 دجنبر 1962 الذي أعلن في فصله 14 أن حق الإضراب مضمون، لكن رغم مرور نصف قرن تقريبا فإن القانون التنظيمي التي سيبين الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق، لم يصدر بعد

ثانيا تنظيم الاستقالة :
يقصد بها ترك الموظف لوظيفته بحريته بصفة نهائية قبل بلوغ السن القانونية المقررة لتركها، تدخل المشرع لتنظيم الاستقالة ، من أجل الحفاظ على مبدأ الاستمرارية و بالتالي يجب قبول الاستقالة من الجهات المختصة من أجل أن يحصل الموظف عليها. وعلى الموظف الاستمرار في تأدية مهامه إلى أن تتم الموافقة على طلب الاستقالة .

والاستقالة تختلف عن الإضراب حيث أنها أقل خطورة من الإضراب، لأنها رغبة اختيارية صادرة عن الموظف لإنهاء علاقته بالوظيفة التي يشغلها، في حين أن الإضراب هو امتناع الموظف عن العمل مؤقتا مع تمسكه بمزايا الوظيفة، كما أن عنصر المباغتة في الإضراب أكثر خطورة من عنصر المباغتة في الاستقالة، ولا يخفى ما لهذا العنصر من أثر كبير في عرقلة سير المرفق العام بشكل منتظم ومضطرد، كما تختلف الاستقالة عن العزل أو الإحالة الحتمية على التقاعد، فالاستقالة تكون بطلب مقدم من الموظف يعرب فيه عن رغبته في ترك الخدمة نهائيا، ما أسباب إنهاء الخدمة فيما يخص العزل أزو الإحالة الحتمية على التقاعد، فهي عبارة عن إنهاء خدمة الموظف بإرادة أجنبية، سواء كانت إرادة الجهة الإدارية أو الجهة القضائية.

ثالثا : تطبيق المبدأ على أموال المرفق العام 
يقتضي هذا المبدأ بعدم الحجز على أموال المرفق العام سواء كان يدار بأسلوب الاستغلال المباشر أو المؤسسة العمومية، و اجتهاد القضاء الإداري أجاز الحجز على الأموال الخاصة للدولة .

المبحث الثاني: مبدأ المساواة أمام المرافق العامة
المساواة بين الأفراد حين تتوفر فيهم الشروط للاستفادة من خدمة المرفق ، والمساهمة في تحمل أعبائه، أي أن مبدأ المساواة يطبق على المرتفقين الموجدين في نفس المركز والذين تطبق عليهم نفس الأنظمة القانونية .
في حالة في الإخلال بالمبدأ يحق للأفرد اللجوء إلى القضاء . واستثناء يمكن لبعض المرتفقين الاستفادة من مزايا دون غيرهم نظرا لظروفهم الاجتماعية.
المبحث الثالث: مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير والتبديل 
ويقتضي تعديل القواعد التي تحكم سير المرفق العام كل ما اقتضت المصلحة العامة ذلك، مسايرتا للتغير والتطور، ولا يحق للمرتفقين وكذلك العمال الاحتجاج على هذا التعديل.

الباب الثاني: المرافق العامة بين التدبير والتحديث
المرافق العامة قائمة أصلا لتلبية حاجيات عامة ذات منفعة عامة، وسعيا إلى بلوغ الفعالية والزيادة من المردودية ظهرت أهمية اتباع أساليب متنوعة في تدبير المرافق العامة، لكن رغم تنوع الأساليب والخدمات التي تتوفر عليها المرافق العامة فهي تحتاج دائما إلى مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، فتجد نفسها أمام تحديثات التحديث بهدف الارتقاء بجودة ونوعية خدماتها وتطوير مروديتها.

القسم الأول: تدبير المرافق العامة
لقد تطورت الأساليب المتبعة في تدبير المرافق العامة، تبعا لتطور وظائف الدولة وتدخلاتها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فبنما كان تدبير المرافق العام ينحصر في مرحلة الدولة الحارسة أو المحايدة على أساليب ثلاثة تكمن في: الاستغلال المباشر وامتياز المرافق العامة والمؤسسة العمومية الإدارية، فقد ظهرت أساليب جديدة يمكن تصنيفها حسب طبيعة الشخص المشرف على تسيير المرفق هل هو من الأشخاص العامة أم الخاصة، 

الفصل الأول: أساليب تدبير المرافق العامة

إن تعدد أنواع المرافق العامة يؤدي حتما إلى اختلاف الأساليب المتبعة في تدبيرها، والتي تأخذ في الاعتبار طبيعة ونوع النشاط الذي يؤدي المرفق، فهناك من المرافق العامة التي تقضي فهناك من المرافق العامة التي تقتضي تدخل الدولة للإشراف بنفسها مباشرة على تسييرها وبالتالي بأموال عامة وموظفين عموميين، وبالتالي لا تترك للخواص بأن تمس الدولة في كيانها، وهذا هو حال المرافق العامة الإدارية كالأمن والدفاع والقضاء… وهناك من المرافق العامة التي تحتاج في تدبيرها إلى أساليب أكثر مرونة تتلاءم مع طبيعة ونوعية الخدمات التي تؤديها للمرتفقين، وهذا هو حال المرافق العامة الاقتصادية التي يتم تدبيرها إما من لدن أحد الأشخاص المعنوية العامة الذي يتولى إدارة المرفق باستقلال إداري ومالي غير مطلق عن الدولة، وإما من لدن الخواص الذين تعهد إليهم الجولة بتسيير أحد المرافق العامة تحت إشرافها عبر مقود إدارية كعقد الامتياز أو الالتزام أو عقد التدبير المفوض.
كما أدى تدخل الدولة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية إلى ظهور أساليب حديثة في تدبير المرافق العامة، كما هو الشأن بالنسبة لشركات الاقتصاد المختلط التي يتكون رأسمالها من أموال تابعة للدولة ومن أموال تابعة للخواص ويشترك في تنظيمها وإدارتها السلطة العمومية والأفراد المساهمين.

المبحث الأول: أساليب التدبير العامة للمرافق العامة

يظهر هذا النوع من التسيير حينما تتدخل الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى، لتدبير مرفق عام بشكل مباشر بواسطة أموالها وعمالها واعتمادا على امتيازات السلطة العامة، وتتلخص الأساليب العامة في:
• الاستغلال المباشر La régie directe
• المؤسسة العمومية établissement Public 
• مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة SEGMA.

الفرع الأول: الاستغلال المباشر La régie directe
يقصد به قيام الدولة أو إحدى السلطات الإدارية المحلية بتدبير المرفق العام بنفسها مباشرة بوسائلها المالية والبشرية، وباستخدام وسائل وامتيازات القانون العام مع تحملها للمسؤوليات والمخاطر المترتبة عن تدبير ذلك المرفق وهو الاسلوب المعتمد في تدبير المرافق العامة الإدارية كمرافق الدفاع والأمن والقضاء… ويعتمد هذا الأسلوب كذلك من لدن الجماعات المحلية في تدبير بعض المرافق الحالة المدنية ومرفق تدبير النفايات ومرفق الإنارة العمومية…
وتلجأ السلطات الإدارية المركزية إلى تدبير المرافق العامة الإدارية بهذا الأسلوب للاعتبارات التالية:
– عدم قيام الخواص بتدبير المرافق المسيرة بهذا الأسلوب، لأنها مرافق مرتبطة أساسا بكيان الدولة ولا يمكن تركها للخواص، الذين لا يقبلون عليها لأن نشاطها لا يحقق أرباحا ومكاسب مادية لهم.
– المرافق العامة المسيرة بهذا الأسلوب، يحسن تدبيرها بوسائل القانون العام وأساليب الضبط الإداري، وبذلك تترك للتدبير المباشر من لدن الإدارة.
– عجز الخواص عن تدبير بعض المرافق العامة الإدارية لأنها تحتاج إلى أجهزة إدارية ضخمة ووسائل مالية كبيرة.
ولا ينحصر الاستغلال المباشر في تدبير المرافق العامة الإدارية بل قد يستخدم حتى في المرافق العامة الصناعية أو التجارية، التي تخضع وفقا لهذا الأسلوب لقواعد القانون العام من حيث هيكلها وتسييرها لكن سلبياته تكمن في تعقيد الإجراءات والبطء والروتين التي يؤثر على نشاط هذه المرافق التي تحتاج إلى تمكينها من الحرية والمرونة لضمان تطورها وازدهارها
– فرنسا: اعتمد هذا الاسلوب في إدارة المطبعة الوطنية
– مصر: لتدبير مرفق السكك الحديدية ومرفق التلغراف ومرفق التلفون قبل أن تحول تلك المرافق إلى مؤسسات عامة
– المغرب: تدبير مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية والهاتف سابقا.
ورغم أن التدبير المباشر للمرافق العامة الصناعية والتجارية يؤدي إلى خضوعها لقواعد القانون الإداري فإن ذلك لا يبعد تطبيق قواعد القانون الخاص لاسيما فيما يخص علاقات تلك المرافق مع المنتفعين.
وهذا الأسلوب يستخدم أيضا في تدبير المرافق المحلية وبالخصوص فرنسا منذ أواخر القرن الماضي رغم القاعدة التي أقرها القضاء الإداري الفرنسي بعدم جواز قيام البلديات بإنشاء وإدارة المرافق العامة التجارية والصناعية بهذا الاسلوب لأن:
– تأثير ذلك على المنافسة، فالخواص قد لا ستطيعون منافسة الجماعات المحلية بوسائلهم المحدودة
– الأضرار التي قد تلحق المشروعات الخاصة لا سيما بالنسبة للأسعار التي قد تخفضها الجماعات المحلية مقابل الخدمات التي تقدمها، لأن لها وسائل أخرى كالرسوم والضرائب لتدارك الفرق
– تدخل الجماعات المحلية في تدبير المرافق العامة التجارية أو الصناعية يتناقض مع قاعدة التخصص لأن اختصاص الجماعات هو ممارسة السلطات الإدارية وليس من حقها ممارسة النشاط التجاري أو الصناعي.
ورغم ذلك فإن مجلس الدولة الفرنسي أجاز للمجالس الجماعية التدخل في المجالات الاقتصادية في حالات معينة منها:
• إذا كانت هناك ظروف استثنائية
• إذا كانت القوانين تسمح بذلك
• إذا كان ذلك من أجل إدارة مرفق قصد أداء خدمة أفضل
• إذا كان لمواجهة الغلاء الفاحش
• إذا كان لغرض ثقافي
ويعاب على هذا الأسلوب في تدبير المرافق العامة الاقتصادية:
• خضوعه لكثير من القواعد القانونية التي تحد من نشاطها
• التزام موظفو هذه المرافق بإتباع الأساليب والإجراءات الإدارية الروتينية ويحجمون عن التجديد خشية تعرضهم للمسائلة 
• الخضوع للإجراءات المشددة في الإنفاق المالي يعوق هذه المرافق عن التقدم والتطور 
• عدم ملائمة القواعد القانونية التي يقتضيها مع طبيعة النشاط
كل هذا دفع أعلب الدول إلى اعتماد أساليب أخرى للتدبير المرفقي منها أسلوب المؤسسة العامة

الفرع الثاني: المؤسسة العامة 

المطلب الأول: تعريف المؤسسة العامة
– عرفها البعض على أنها عبارة عن مرفق عام منح الشخصية المعنوية لتمكينه من الاستقلال في إدارته وذمته المالية عن السلطة الإدارية التي يتبعها، مع خضوعه لإشراف هذه السلطة ورقابتها.
– والبعض الآخر على أنها عبارة عن مرفق عام يدار عن طريق منظمة عامة ويتمتع بالشخصية المعنوية
ونظرا إلى تطور استخدام أسلوب المؤسسة العامة في مختلف القطاعات، تنوعت التعاريف التي أعطيت للمؤسسة العامة باختلاف المعايير المعتمدة في ذلك،مما دفع بعض الفقهاء إلى نفي وجود تحديد قانوني للمؤسسة العامة في حين تحدث البعض عن أزمة في مفهوم المؤسسة العامة.
وتعد المؤسسة العامة شكلا من أشكال اللامركزية الإدارية، حيث تعرف عند الفقهاء باللامركزية المرفقية التي تقوم على تمتيع مرفق عام سواء أكان وطنيا أو محليا أو جهويا بالشخصية المعنوية لتسيير مرفق عام معين مع خضوعه لسلطة الوصاية.

المطلب الثاني: عناصر المؤسسة العامة:
تتطلب فكرة المؤسسة العامة ضرورة وجود العناصر التالية:
1- تسيير مرافق عامة تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى: إن الأساس التي تقوم عليه المؤسسة العامة هو وجود نشاط معين تتوفر فيه صفات أو عناصر المرفق العام، هذا النشاط تزاوله المؤسسة العامة تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى، ومبدئيا تسند مهمة الوصاية إلى الوزارة التي تمارس نشاط من طينة النشاط الذي تزاوله المؤسسة العامة فمثلا، وزارة الفلاحة تتولى مهمة الوصاية على المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي، والمكتب الوطني للحبوب والقطاني… وزرة المالية تعد الوصية على بنك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير. وزارة الاتصال التي تضطلع بمهمة الوصاية على وكالة المغرب العربي للأنباء أو وزارة الطاقة والمعادن التي تتولى الوصاية على المكتب الوطني للكهرباء…
2- تمتع المؤسسة العامة بالشخصية المعنوية العامة: ويترتب على ذلك أن تكون للمؤسسة العامة ذمة مالية مستقلة، فتستقل بإيراداتها ونفقاتها، ويكون لها حق التقاضي وأهلية التعاقد وتحمل المسؤولية عن أعمالها وتصرفاتها، وميزانيتها تكون مستقلة عن الدولة، وكذلك موظفوها يكونون مستقلين عن موظفي الدولة، إضافة إلى تمتعها بامتيازات السلطة العامة.
3- تخصص المؤسسة العامة في نشاط محدد: حيث يتم إحداثها من أجل تحقيق غرض خاص يحدد في الوثيقة المنشئة لها، ولا يمكنها أن تتعداه لممارسة أنشطة أخرى لا تدخل ضمن الحدود ذلك الغرض، وبذلك تتميز المؤسسة العامة عن الأشخاص المعنوية الإقليمية أو الترابية التي تتمتع باختصاص عام ضمن حدود نفوذها الترابي، ويلجأ المشرع المغربي في تحديد اختصاص المؤسسات العامة إلى تحديد هذا الاختصاص بنوع من العمومية في التحديث بحيث يشمل الأنشطة التكميلية للاختصاص الأصلي (الجامعة المغربي مهمتها الأساسية عي التعليم العلي لكن ذلك لا يمنعها من الإشراف على الرعاية الصحية والاجتماعية للطلبة، ويجوز للمكتب الوطني للسكك الحديدية أن يقوم زيادة على النقل عبر السكك الحديدة بتدبير فنادق ومطاعم وتقديم وجبات للمسافرين عبر قطاراته وإلى غيرهم).
وهذا ما يميز المؤسسة العامة عن المقاولة العامة والتي لها نطاق واسع ليشمل حتى شركات المساهمة التي تملك الدولة كل رأسمالها أو شركات الاقتصاد المختلط التي تساهم الدولة فيها بجزء من رأسمالها.

المطلب الثالث: أنواع المؤسسات العامة
أجمع الفقهاء على تقسيم المؤسسات العامة إلى صنفين أساسين:
– الصنف الأول: المؤسسات العامة الإدارية 
– الصنف الثاني: المؤسسات العامة الاقتصادية (التجارية والصناعة والمالية)
على أن النوع الأول لا يستهدف الربح ويخضع للقانون العام بصفة أساسية، في حين أن النوع الثاني قد يصبو إلى تحقيق عوائد مالية بجانب تحقيق الهدف الأساسي وهو إشباع الحاجات العامة من أجل تحقيق المنفعة العامة كما أن حاجته للقانون الخاص تكون أكثر منها إلى القانون العام.

أولا: المؤسسات العامة الإدارية: 
وهي عبارة عن مرافق عامة تمارس أنشطة طبيعية إدارية، تمنح لها الشخصية المعنوية العامة لإدارة شؤونها بنفسها، فهي تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتخضع لقواعد القانون العام بشكل أساسي، لذلك تعد قراراتها إدارية والعقود التي تبرمها تعد عقودا إدارية وأموالها من الأموال العامة، ويعد عمالها موظفين عمومين مثلا:
– الجامعات المغربية أما الكليات الموجودة داخل الجامعات فلا تتمتع بالشخصية المعنوية
– المستشفيات كمستشفى ابن رشد وابن سينا
– مكتب الصرف
– وكالة المغرب العربي للأنباء.
ثانيا: المؤسسات العامة الاقتصادية:
ظهرت لتطور وظيفة الدولة وتدخلها في الميدان الاقتصادي الصناعي أو التجاري أو المالي، حيث أضحت المؤسسة العامة الاقتصادية تشكل الوسيلة الفاعلة في تدبير المرافق العامة المزاولة لأنشطة ذات طبيعة صناعية أو تجارية أو مالية من نفس طينة الأنشطة التي يزاولها الخواص، وبذلك منحت المؤسسات العامة الشخصية المعنوية العامة لتتمكن من تدبير شؤونها حتى تستطيع منافسة المشروعات الخاصة، فهي تستفيد من امتيازات القانون العام، كما تطبق القانون الخاص في معاملاتها، كما يخضع العاملين ق\فيها لمقتضيات القانون الخاص فلا يعتبرون موظفين عمومين ماعدا فئات المدراء والمحاسبين الذين يكتسبون صفة الموظف العمومي، أما أموال هذه المؤسسات فتعد من الأموال العامة التي تخضع لرقابة الدولة.
وتعرف المؤسسات العامة الاقتصادية بالمغرب بعدة أسماء: كالمكتب، مركز، وكالة، صندوق أو بنك ومن أمثلة هذه المؤسسات العامة: 
بنك المغرب، صندوق الإيداع والتدبير، المكتب الشريف للفوسفاط، المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، المكتب الوطني للكهرباء، المكتب الوطني للسكك الحديدية…

ثالثا: المؤسسات العامة الاجتماعية:
وهي عبارة عن المرافق العامة المتمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي والتي تقدم خدمات ذات طبيعة اجتماعية للمنتفعين كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى جانب وكالة التنمية الاجتماعية.

رابعا: المؤسسات العامة المهنية: 
مرافق عامة تتوفر على الشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، تختص بتدبير نشاط مرفقي عام يهم الحياة المهنية لمجموعة من المهنيين، بحيث تقوم بتمثيل مهنة معينة وتدافع عنها أمام السلطات العامة، مع احترام ممارسة المهنة، لذلك يكون انخراط المهنيين في هذه المؤسسات إجباريا، ويشرف عليها هيأة منتخبة من المهنيين كغرفة التجارة والصناعة والخدمات، غرفة الصناعة التقليدية، الغرفة الفلاحية، غرفة الصيد البحري.

خامسا: المؤسسات العامة المختلطة (إدارية واقتصادية)
وهي مؤسسات عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي في ممارسة نشاط مزدوج إداري واقتصادي، بحيث تقوم هذه المؤسسات بدور الرقابة والتنسيق بالنسبة لنشاط محدد من الأنشطة الاقتصادية والذي يتم ممارسته كما يمارسه الخواص، مع قيام هذه المؤسسات بتأطير وإدارة وتوجيه هذا النشاط وعلى سبيل المثال: المركز السينمائي المغربي (إنتاج الأفلام ومراقبتها)، المكتب الوطني للحبوب والقطاني…

المطلب الرابع: النظام القانوني للمؤسسات العامة:

أولا: إحداث وانقضاء المؤسسات العامة:
تنشأ المؤسسة العامة بإحدى صورتين:
الأولى: أن يكون المرفق العام موجودا ويمنح بعد ذلك الشخصية المعنوية فيتحول بموجبها إلى مؤسسة عامة.
الثانية: أن يمنح المرفق العام الشخصية المعنوية وقت إحداثه بالنص على ذلك في وثيقة إنشائه.
أما السلطة التي يدخل في اختصاصها إنشاء المؤسسات العامة فهي تختلف باختلاف أنواع هذه المؤسسات

1- إحداث المؤسسات العامة:
• بالنسبة للمؤسسات العامة الوطنية: يتم بقانون أي من اختصاص السلطة التشريعية ويرجع ذلك إلى:
– أولا: لكون الأمر يتعلق بإحداث شخص معنوي عام جديد 
– ثانيا: أحداث مثل هذه المؤسسات العامة خصوصا التجارية والصناعية منها يعتبر تضييقا على حرية التجارة والصناعة فلابد من تدخل المشرع لإجازة ذلك بقانون.

• بالنسبة للمؤسسات العامة المحلية: (الجهوية والجماعية)
– فالمؤسسات العامة الجهوية: من اختصاص المجالس الجهوية باعتبار أن الدستور الجديد قد اعتبر الجهة جماعة من الجماعات المحلية والتي تستطيع اتخذا القرار الجهوي.
– أما المؤسسات العامة الجماعية: فيتم إنشاؤها بقرار من المجلس الجماعي المختص.
– أما المؤسسات العامة المشتركة ما بين الجماعات فيتم إحداثها بقرار من وزير الداخلية بعد الإطلاع على مقررات المجالس الجماعية المعنية بالأمر 

2- انقضاء المؤسسات العامة:
في إطار توازي الشكليات والإجراءات، تلغى المؤسسات العامة بنفس الأداة القانونية التي تحدث بها، ومن طرف نفس السلطة المختصة لإحداثها.
كما يمكن تغيير الطبيعة القانونية للمؤسسة العامة، بسحب الشخصية المعنوية منها دون إنهاء المرفق العام، الذي تغير طريقة تدبيره من أسلوب المؤسسة العامة إلى أسلوب الشركة كما حصل بالنسبة “للمكتب الوطني للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية” الذي تم تحويله إلى شركة مساهمة تحت اسم “اتصالات المغرب” 
كما تنقضي المؤسسة العامة كذلك بدمجها في مؤسسة عامة أخرى تزاول نشاطا مماثلا
وقد تنتهي المؤسسة العامة نهائيا بإلغاء المرفق العام الذي كان سببا في إحداثها.

ثانيا: الأجهزة الإدارية المسيرة للمؤسسات العامة:

1- المجلس الإداري: يتوفر على سلطة تقريرية تمكنه من الاضطلاع بأهم الاختصاصات المرتبطة بنشاط المؤسسة مثل حصر الميزانية والمصادقة على الحسابات وتسيير الممتلكات الخاصة للمؤسسة وإبرام الصفقات وإعداد النظام الأساسي للعاملين…
أما تشكيلة المجالس الإدارية لمختلف المؤسسات العامة فالقاسم المشترك هو ترجيح جانب ممثلي الدولة أو الجماعات المحلية العمومية التي تتبع لها المؤسسة، أما الرئاسة فقد أسندت إلى الوزير الأول.

2- المدير: يعد الهيئة التنفيذية للمؤسسة العامة والقائم على تدبير نشاطها، وقد يتسع دوره أو يضيق حسب النصوص المحددة لاختصاصاته، ويتم تعيينه بظهير شريف.

3- اللجنة التقنية: تناط بها مهمة تتبع السير العادي للمؤسسة والوقوف على تنفيذ قرارات المجلس الإداري كما تتكلف بإعداد التقارير التقنية والإحصائية التي تساعد على اتخاذ القرارات الملائمة التي تهم نشاط المؤسسة العامة.
المطلب الخامس: تقييم أسلوب المؤسسة العامة
إيجابيات أسلوب المؤسسة العامة في تدبير المرافق العامة:
– ساهم في القضاء على الروتين والبطء في تدبير المرافق العامة 
– تخفيف العبء على السلطة الإدارية وجعلها تولي عنايتها للقضايا العامة
– أنه يفرض تخصص المؤسسات العامة في تدبير نشاط معين
– يمكن من تحقيق مداخيل هامة يوظف جزء منها في تحديث المرفق 
مساوئ هذا الأسلوب:
– ضعف الوصاية المفروضة على المؤسسات العامة مما يؤدي إلى صعوبة الوقوف على الإختلالات
– ضياع الجهود والإمكانيات بسبب كثرة وتعدد المؤسسات العامة التي تزاول أنشطة متقاربة 

الفرع الثالث: التسيير المستقل أو مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة SEGMA
إن ضرورة تكييف وتعديل المرافق العامة لتواكب لتطورات المستجدة وبغية إحداث دينامية في المرافق العامة وقصد الرقي بتدبيرها المالي وتمكينها من الوسائل اللازمة لإدارتها في أحسن الظروف، كل ذلك دفع المشرع المغربي إلى فرض أسلوب التسيير المستقل أو مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة SEGMA وهي مرافق تتمتع بقدر من الاستقلال المالي لكنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية.

المطلب الأول: التأصيل القانوني لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة SEGMA
مصالح الدولة غير المتمتعة بالشخصية المعنوية والتي تغطي بموارد ذاتية بعض نفقاتها غير المقتطعة من الاعتمادات المقيدة في الميزانية العامة، ويجب أن يهدف نشاط هذه المصالح أساسا إلى إنتاج سلع وتقديم خدمات مقابل أجر، فهي في منزلة وسطى بين أسلوب الإدارة المباشرة régie directeوأسلوب المؤسسة العامة établissement public.

المطلب الثاني: إنشاء مرافق الدولة المسيرة بطريقة مستقلة SEGMA:
البرلمان هو الذي يوافق على إحداث وحذف مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، سواء من خلال المصادقة على قانون المالية وعلى قانون الإذن، فهي تدخل ضمن اختصاص السلطة التشريعية مثلها مثل المؤسسات العامة الوطنية.

المطلب الثالث: نوعية نشاط مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة SEGMA:

جسدت هذه المرافق اللاتمركز الإداري المتمثل في تعزيز وتطوير استقلالية تدبير بعض المرافق الني تلبي عن قرب حاجيات أساسية للسكان على الصعيد المحلي، فرغم أنها تدخل ضمن المرافق المدارة بالأسلوب المباشر من طرف الدولة، إذ تستخدم فيها موظفيها وأموالها ووسائلها القانونية وتخضع لرقابتها، إلا أنها تتمتع باستقلال مالي قد يؤدي إلى استقلالها الإداري وبشكل نسبي، لاسيما وأن رؤساء هذه المرافق قد يكونون إما آمرين بالصرف أو آمرين بالصرف ثانويين.
وبالنظر لطبيعة هذه المرافق التي تقوم بانتاج سلع وتقديم خدمات مقابل دفع أجر فإنها تتميز عن مرافق الوكالة المباشرة بتمتعها باستثناءات مرتبطة بقواعد الميزانية:
– لا تخضع لمبدأ عدم تخصيص الإيرادات إذ بإمكانها رصد بعض مداخلها لتغطية بعض نفقاتها
– لا تخضع لمبدأ شمولية الميزانية الذي يقتضي قيد جميع الإيرادات دون أن تخصم منها المصاريف التي يقتضيها الحصول عليها.
– لا تخضع لمبدأ سنوية الميزانية بحيث يمكن أن ترصد لها اعتمادات لعدة سنوات تبعا لبرامج استثمارها.

المبحث الثاني: أساليب التدبير الخاصة للمرافق العامة

يقصد بهذه الأساليب أن يتولى الأشخاص الخواص، سواء تعلق الأمر بالأشخاص الطبيعيين أو المعنويين تدبير المرافق العامة التي غالبا ما تكتسي طابعا اقتصاديا واجتماعيا بالاعتماد أساسا على وسائل القانون الخاص مع الاستفادة من الامتيازات التي يتيحها القانون العام. وتتلخص هذه الأساليب
• الاستغلال غير المباشر أو الإنابة La Gérance
• الامتياز أو الالتزام La concession
• التدبير المفوض La gestion déléguée
• الاستغلال المشترك أو الاقتصاد المختلط

الفرع الأول: الاستغلال غير المباشر أو الإنابة La Gérance
يقصد به أن تعهد الإدارة بمقتضى عقد لأحد الخواص (فردا أو شركة)، بتسيير أحد المرافق العامة ذات الطبيعة الاقتصادية، مع قيام الإدارة المتعاقدة بتوفير الأموال اللازمة لسير المرفق، واستفادتها من الأرباح التي يحققها وتحملها للخسائر المالية التي يتعرض لها والمسؤولية عن الأضرار التي يلحقها بالغير، أما الشخص الخاص فيتقاضى عوضا ماليا لقاء قيامه بتسيير المرفق.
ويتكون العوض المالي من:
• عنصر ثابت: وهو مبلغ مالي يتلقاه الشخص الخاص فصليا أو سنويا، بغض النظر عن فشل المرفق أو نجاحه
• عنصر إضافي: يتكون من مبالغ مالية تشجيعية وتحفيزية تؤدى للشخص الخاص لتحفيزه على مضاعفة جهوده في سبيل حسن تسيير المرفق ولتحقيق الأهداف المتوخاة من إحداثه.
ويقوم الشخص العام بكل الأعمال التي تضمن أداء المرفق العام لخدماته ونشاطه في أحسن الظروف ووفقا لمت تتطلبه المصلحة العامة، غير أن الشخص العام قد يتدخل في تسيير المرفق من خلال تشديد الرقابة عليه وتحديدي أجور المستخدمين وإدخال الإصلاحات والتعديلية الضرورية عليه وذلك تفاديا للناتج السلبية التي قد يتعرض لها المرفق، والتي يتحملها الشخص العام بمفرده.
وإذا كان هذا الأسلوب قد توخى تفادي مساوئ أسلوب التدبير المباشر للمرافق العامة ذات الطبيعة الاقتصادية والاستفادة من القدرات التدبيرية لدى الخواص، إلا أن التجربة أظهرت أن الشخص العام لم يلتزم بالقواعد التي يرتكز عليها هذا الأسلوب، فغالبا ما يتدخل في أدق الأمور المتعلقة بسير المرفق، وأدت الرقابة الشديدة على الشخص الخاص إلى نتائج عكسية وبذلك أخفق هذا الأسلوب ليتم التراجع عنه في تدبير المرافق العامة.

الفرع الثاني: الامتياز أو الالتزام La concession
وهو أن تعهد الإدارة مانحة الامتياز بموجب عقد إداري إلى أحد الأفراد الخواص أو أحد الأشخاص المعنوية الخاصة أو العامة بتدبير مرفق عام غالبا ما يكون تجاريا أو صناعيا خلال مدة محددة على نفقته ولحسابه وتحت مسؤوليته مقابل تقاضي رسوم من المنتفعين.

المطلب الأول: الخصائص القانونية للامتياز
1- الامتياز عقد إداري:
(لقد استقر الفقه على أن العقد الإداري هو كل اتفاق يبرم بين طرفين أحدهما أو كلاهما من الأشخاص القانون العام وأن يكون متصلا بنشاط مرفق عام من حيث سيره أو تنظيمه وتظهر فيه نية تطبيق مبادئ القانون العام)
الامتياز هو عقد إداري يبرم عادة بين سلطة إدارية مركزية أو محلية وبين أشخاص من القانون الخاص (أفراد أو شراكات خاصة) ويمكن أن يبرم كذلك من شخص من أشخاص القانون العام ويكون هذا العقد غالبا لإدارة مرفق ذو صبغة تجارية أو صناعية (كمرفق السكك الحديدة، الموانئ، توزيع الماء والكهرباء، النقل…).
ويتكون عقد الامتياز عادة من شقين:
– الشق الأول: الاتفاق المبرم بين الطرفين، الملتزم ومانح الامتياز، ويتضمن موضوع العقد، وعناصره الأساسية وكذلك طرق تمويلية الخاصة.
– الشق الثاني: ويتضمن دفتر التحملات والذي يحدد القواعد العامة للامتياز وكيفية إقامة المنشآت وقواعد الاستغلال والمبادئ التي يتم على أساسها حل النزاعات المحتملة بين الطرفين المتعاقدين.
واعتبر الفقهاء الجدد تكييف عقد الامتياز على فكرة الاشتراط لمصلحة الغير (المنتفعين من خدمات المرفق) لا تتوافق مع الواقع الإداري لاسيما وأن الغير هنا لا يمكن تحديده في العقد لذلك اعتبر الفقه الحديث عقد الامتياز عقدا مركبا أو مختلطا.

2- الامتياز عقد مركب أو مختلط: 
(النظرية القانونية للفقيه ديجي Duguit) حسب هذه النظرية فان عقد الامتياز يعتبر عملا قانونيا ذو صبغة مركبة أو مختلطة يتضمن مقتضيات تعاقدية وتنظيمية
– المقتضيات التعاقدية: وهي التي تشمل الالتزامات المتبادلة بين الإدارة المانحة وصاحب الامتياز وهي مقتضيات لاتهم المنتفعين مباشرة وكيفية استرداده وباقي المزايا المالية الأخرى التي تكفل لصاحب الامتياز كضمان حد أدنى من الأرباح والتوازن المالي للعقد والإعفاءات الضريبية … والأصل في هذه المقتضيات أن الإدارة لا تملك حق تعديليها بإرادتها المنفردة إلا بعد الحصول على موافقة صاحب الامتياز.
– المقتضيات التنظيمية: وهي مقتضيات تمتد إلى المنتفعين من المرفق وتهم أساس تنظيم المرفق وتهم أساس تنظيم المرفق العام وسيره، كما هو الحال بالنسبة لتحديد الرسوم التي سيلقاها الملتزم من المنتفعين، والشروط والقواعد المرتبطة باستغلال المرفق… وهذه المقتضيات تنفرد الإدارة بحق تعديلها دون موافقة صاحب الامتياز مع وجوب تعويض الملتزم عن الأضرار التي لحقته نتيجة هذا التعديل الذي أخل بالتوازن المالي للعقد.
المقتضيات التعاقدية يمكن الاستغناء عنها لو أن المرفق أدير بأسلوب الإدارة المباشرة في حين أن المقتضيات التنظيمية تبقى قائمة كيفما كان الأسلوب المتبع في تدبير المرفق لأنها تخص تنظيم المرفق العام وسيره.

3- الامتياز يمنح من لدن سلطة مختصة: 
لما كان عقد الامتياز يهم استغلال ثروات وطنية وتدي وطنية وتدبير مرافق عامة حيوية فيشترط فيه موافقة السلطة المختصة، وحيث لم ينص الدستور المغربي على السلطة المختصة بمنح امتياز المرافق العامة فأصبح منح امتياز تدبير المرافق العامة الوطنية من اختصاص السلطة التنظيمية التي يمارسها الوزير الأول بمراسيم، أما منح امتياز المرافق العامة الجهوية فهي من اختصاص المجلس الجهوي.
في حين يتم منح امتياز المرافق العامة الإقليمية بموجب مقرر لمجلس العمالة أو الإقليم، أنا بخصوص امتياز المرافق العامة الجماعية فإن المجالس الجماعية هي التي تختص بمنحها بمقرر.

4- الامتياز يمنح لمدة محددة: 
يمنح الامتياز لمدة كافية وغير قصيرة تتراوح في الغالب بين 30 و 60 سنة وذلك لتمكين صاحب الامتياز من تغطية المصاريف والنفقات التي تطلبها تشغيل المرفق مع تحقيق نسبة معقولة من الأرباح على أنه يمكن منح الامتياز لمدة قابلة للتجديد.
ويترتب عن انتهاء مدة الامتياز انتهاء عقد الامتياز وبالتالي تسترجع الإدارة مانحة الامتياز المرفق العام التي قد تختار تدبيره بأسلوب آخر على أنه يمكن للإدارة أن تنهي الامتياز بإرادتها المنفردة فبل انتهاء مدته، مع التزامها بتعويض الملتزم عن الأضرار التي قد تلحقه نتيجة ذلك.
كما يتم إنهاء الامتياز لأسباب غير انتهاء مدته:
– كعقوبة في حالة ارتكاب صاحب الامتياز لأخطاء جسيمة وتقصيره في تنفيذ التزاماته.
– حدوث قوة قاهرة يستحيل معها على صاحب الامتياز الوفاء بالتزاماته.
– إذا قررت الإدارة شراء الامتياز أو تأميمه.

المطلب الثاني: النتائج المترتبة عن الامتياز
لعقد الامتياز نتائج على طرفيه سواء تعلق الأمر بالإدارة مانحة الامتياز التي تحرص على أن يتم تدبي المرفق العام في أحسن الظروف أو بصاحب الامتياز الذي يهدف إلى تحقيق الأرباح وراء إبرامه لعقد الامتياز.

1- نتائج تهم الإدارة مانحة الإمتياز
من نتائج عقد الامتياز أن تتمتع الإدارة مانحة الامتياز بحقوق تكفل لها القيام بمسؤوليتها المتعلقة بحسن سير المرفق العام دون إخلال بواجباتها إزاء الملتزم.
A- حقوق الإدارة مانحة الامتياز:
تتمتع الإدارة مانحة الامتياز بحقوق أهمها: حق الرقابة على تدبير المرفق العام، حق تعديل المقتضيات التنظيمية للعقد وحق استرداد المرفق.

1- حق الرقابة على تدبير المرفق العام: 
سواء نص عليها عقد الامتياز أو لم ينص عليه، وتهم هذه الرقابة بالخصوص التأكد من مراعاة صاحب الامتياز للوسائل التقنية الحديثة في إدارة المرفق والتأكد من فعالية المرفق وكفاءته في تقديم الخدمات للمرتفقين والتحقق من أن الملتزم لا يتلقى من المنتفعين رسوما تفوق الرسوم المتفق عليها.
كما أن الملتزم يخضع للمراقبة المالية طبقا للقانون 96.00 علاوة على خضوعه لمراقبة المجلس الأعلى للحسابات.
وبموجب هذا العقد يجوز للإدارة أن تطلع على جميع المعلومات الضرورية عن سير المرفق وأن توجه التعليمات والتوجيهات للملتزم إذا تبين لها أنه زاغ عن التقيد السليم لمقتضيات عقد الامتياز ودفتر التحملات.
كما تملك الإدارة حق توقيع الجزاءات على الملتزم من تلقاء نفسها ودون اللجوء إلى القضاء في حالة تقصيره في تطبيق مقتضيات العقد، وهذه الجزاءات تأخذ شكل غرامات مالية أو الوضع تحت الحراسة القضائية وبمقتضاه تحل الإدارة محل الملتزم المقصر في أداء الخدمات أو تعهد إلى أشخاص آخرين بذلك، كما يمكن للإدارة تجريد الملتزم من حقوقه في الامتياز في حالة ارتكابه لأخطاء جسيمة تهدد عمل المرفق العام، لكن شريطة استصدار حكم قضائي بذلك.
إلا أنه لا يحق للإدارة التعسف في استعمال هذا الحق وذلك بإتيان تصرفات لا علاقة لها بسير المرفق العام موضوع الالتزام، أو المبالغة في تدخلاتها في سير المرفق العام مما يؤدي إلى المس بحقوق صاحب الامتياز.

2- حق تعديل المقتضيات التنظيمية للعقد:
وذلك استجابة للتطورات التكنولوجية والظروف الجديدة، مستهدفة بذلك تحسبن أداء الخدمات المرفقية ذات المنفعة العامة، لكن هذا الحق يتم تقييده ببعض القواعد أهمها:
1- أن يكون التعديل من لدن الإدارة مانحة الامتياز أو من طرف المسؤولين الذين لهم الاختصاص في القيام بهذه التعديلات.
2- يتعين عدم تجاوز حدا نعين من الجسامة مما يؤدي إلى إحداث مرفق عام جديد أو تسيير المرفق العام بما يشبه أسلوب الإدارة المباشرة، إذ يجوز لصاحب الامتياز في هذه الحالة أن يطلب بفسخ العقد.
3- عدم تجاوز الإدارة للإمكانيات المالية والتقنية المتوفرة لدى صاحب الامتياز .
4- ألا تخل التعديلات بالتوازن المالي للعقد، وإلا جاز للملتزم بناء على نظرية فعل الأمير المطالبة بالتعويض.

3- حق استرداد المرفق العام:
قبل نهاية مدة عقد الامتياز، إذ قدرت الإدارة أن تدبير المرفق العام بأسلوب الامتياز لم يعد يتفق مع مقتضيات المصلحة العامة، وبالتالي تعمد إلى شراء المرفق العام والحلول محل الملتزم رغم التطبيق السليم لمقتضيات العقد من طرف هذا الأخير، ولا يحق له الاحتجاج بفكرة الحق المكتسب أو القوة الملزمة للعقد، بل تملك الإدارة إنهاء العقد من تلقاء نفسها وبإرادتها المنفردة ويبقى عليها تعويض الملتزم عن الأضرار اللاحقة من جراء الاسترداد.

B- واجبات الإدارة مانحة الامتياز
يترتب على عقد امتياز المرافق العامة التزام الإدارة مانحة الامتياز بواجبات أساسية إزاء الملتزم، أهمها:
– التزاما بتطبيق مقتضيات عقد الالتزام بشكل سليم، مع احتفاظها بحق تعجيل المقتضيات التنظيمية للعقد وفق شروط محددة.
– يتعين عليها ألا تخالف مقتضيات العقد، من خلال إتيان أعمال وتصرفات تتعارض مع حقوق الملتزم، كأن تفرض على الملتزم الحصول على إذنها لإتمام بعض العقود أو التعهدات المالية.
– يجب عليها عدم تعطيل تنفيذ العقد أو إقامة العراقيل التي تحول دون تمكين الملتزم من الوفاء بالتزاماته، كعدم الترخيص للملتزم باستيراد المواد والآليات الضرورية لتنفيذ النشاط المرفقي.
– أن تضمن للملتزم الحصول على الحد الأدنى من الربح، وأن تتحمل كل الأعباء المترتبة عن تعديل شروط العقد سواء كان ذلك بإرادتها المنفردة أو نتيجة خطئها.
– حماية صاحب الامتياز من منافسة المشروعات الخاصة.

2- نتائج تهم صاحب الامتياز
وهي الحقوق التي يتمتع بها الملتزم، بموجب عقد الامتياز والواجبات الملقاة على عاتقه، ضمانا لحسن أداء الخدمات المرفقية.
A- حقوق صاحب الامتياز
وتكمن في حق صاحب الامتياز في تلقي رسوم من المنتفعين لقاء تقديم الخدمات المرفقية لهم، وحقه أيضا في ضمان التوازن المالي للمشروع بالإضافة إلى مزايا مالية.

1- حق تلقي رسوم من المنتفعين: 
وهي من أهم الحقوق التي يتمتع بها صاحب الامتياز بمقتضى عقد الامتياز، فما دام يوفي مجموعة من الإمكانيات المالية والبشرية والتقنية لأداء الخدمات المرفقية، فإن من حقه تلقي رسوم من المنتفعين من هذه الخدمات. ومن هذه الرسوم فالملتزم ينشد تحقيق الأرباح، فلا يجوز حرمانه من اقتضائها كليا.
ويدخل هذا العوض ضمن المقتضيات التنظيمية، التي من حق الإدارة وحدها تعديله زيادة أو نقصانا بإرادتها المنفردة ودون تدخل من الملتزم، تبعا لمقتضيات المصلحة العامة.
وإذا كانت الإدارة ملزمة أحيانا بتعويض صاحب الامتياز، فإنها ليست ملزمة بالوفاء بذلك التعويض عبر رفع سعر الخدمات المرفقية، بل يبقى الاختيار في طريقة تعويض الملتزم عن الأضرار التي تلحق به نتيجة التعديلات التي تقوم بها.

2- حق صاحب الامتياز في ضمان التوازن المالي للمشروع:
إن الملتزم يتحمل أعباء تدبير المرفق العام ذو المنعة العامة، سعيا لتحقيق مزايا وأرباح مالية، لذلك فإن من واجب الإدراة أن تضمن له عدم الاخلال بالتوازن المالي للمشروع، فإذا ترتب عن الإجراءات المتخذة من طرف الإدارة وهي بصدد رقابتها لتدبير الملتزم للمرفق العام مساس بالأرباح المتوقعة والمعقولة التي يتمتع لها الملتزم، لزمها أن تمنح هذا الأخير تعويضا يحفظ لهذا لعقد الامتياز توازنه المالي، شريطة استمرار المرفق العام في أداء خدماته دون انقطاع إلا إذا تعذر ذلك بفعل القوة القاهرة، ولا تلتزم الإدارة بتعويض الملتزم عن الخسائر المالية التي يتعرض لها المشروع إذا كانت ناجمة عن أخطاء صاحب الامتياز وسوء تدبيره للمرفق.
فاستفادة الملتزم من حق التوازن المالي للعقد تكون
– في حالة قيام الإدارة مانحة الامتياز بتعديل النصوص التنظيمية في العقد
– في حالة القيام بإجراءات إدارية وتشريعية لا تهم العقد مباشرة ولكنها تؤثر فيه، والتي تصدر عن السلطات المختصة في الدولة كفرض ضرائب مرتفعة على المواد التي يستعملها المرفق أو رفع أجور العمال، فيكون من حقه المطالبة بالتعويض تأسيسا على نظرية فعل الأمير.
– في حالة الظروف الطارئة الغير المتوقعة عند إبرام عقد الامتياز، وبذلك يستحق التعويض تطبيقا لنظرية الظروف الطارئة.

3- حق التمتع بالمزايا والتسهيلات المالية المتفق عليها:
إن حرص السلطة الإدارية مانحة الامتياز على تنفيذ النشاط المرفقي في أحسن لظروف، يدفعها إلى تمتيع الملتزم ببعض المزايا المالية والآليات القانونية اللازمة لتشغيل المرفق، فقد تتعهد الإدارة في عقد الامتياز بمنح الملتزم إعانات مالية، أو منحه قروض بدون فائدة، أو الامتناع عن الترخيص لشركة أخرى أو فرد آخر باستغلال مشروع مماثل، فيبقى للملتزم المطالبة بتنفيذ واحترام كل النصوص التي تتضمن تعهدات مالية لفائدته
ومن حقه أيضا الاستفادة من جميع التسهيلات التي تمكنه من تنفيذ واجباته والتزاماته، كالحصول على مختلف الرخص التي يتطلبها المرفق، واستعمال الطرق العمومية، وحقه في شغل الأراضي المحايدة لمكان الأشغال، وحقه في اللجوء إلى نزع الملكية الخاصة لأجل مصلحة الامتياز.
وتعتبر هذه المزايا والتسهيلات في باب المقتضيات التعاقدية للامتياز التي لا يجوز للإدارة أن تعدلها بإرادتها المنفردة.

B- واجبات صاحب الامتياز
تتصل هذه الواجبات بالمقتضيات التعاقدية لعقد الامتياز:
1- قيامه بأداء النشاط المرفقي وفقا للشروط العقد ومقتضياته ووفقا لحاجيات المنتفعين منه
2- أن يستغل المرفق شخصيا ولا يتنازل عليه كليا أو جزئيا للغير لكن يمكن أن يحل محله شخص آخر بعد موافقة الإدارة، إذ في هذه الحالة فإن الملتزم الجديد يحل محل الملتزم القديم في جميع الحقوق والواجبات مع تحمل المسؤولية عن الأخطاء المرتكبة من الملتزم القديم.
أما الواجبات القانونية التي يجب عليه الانصياع لها فتكمن في المبادئ الأساسية التي تحكم سير المرافق العامة:
1- كمبدأ المساواة بين جميع المرتفقين من المرفق العام دون تمييز بينهم في حالة توفرهم على نفس الشروط اللازمة للاستفادة من المرفق العام
2- عدم التمييز في الأسعار بدون أن يكون هناك اختلاف في الوضعيات بين المنتفعين
3- احترام مبدأ تعديل وتغيير المرفق وفقا لمقتضيات المصلحة العامة كتجديد الأدوات المستعملة في استغلا المرفق (إضاءة المدينة بالغاز)
4- الالتزام بالاستمرار في أداء خدمات المرفق بانتظام واطراد وفق الشروط المتفق عليها ولا يعفيه من ذلك سوى القوة القاهرة أو الظروف الطارئة، إذ في هذه الحالة يتعين عليه اخبار الإدارة مانحة الامتياز بذلك قصد اتخاذ التدابير اللازمة لمساعدته على مواجهة هذه الأوضاع وبالتالي ضمان استمرار أداء المرفق لخدماته
5- احترام جميع الأحكام القانونية المرتبطة بنشاط المرفق كالقوانين الضريبية (دفع جميع الرسوم والضرائب التي يستوجبها استغلال المرفق)
6- احترام قوانين الشغل بحيث يتعين عليه ضمان الشروط القانونية والظروف الصحية اللازمة لسلامة العمال أثناء الاشتغال في المرفق 

3- نتائج تهم المنتفـعيــــــن
إن ارتباط عقد الامتياز بتلبية حاجيات أساسية للمنتفعين، يجعل نتائجه تهمهم كثيرا، سواء من حيث الحقوق التي يتمتعون بها من قبل المرفق، أو من الواجبات التي يلتزمون بها أثناء الاستفادة من خدماته.

A- حقوق المنتفعين
تتمثل هذه الحقوق في حق الانتفاع بخدمات المرفق وحق مطالبة الإدارة بالتدخل حفاظا على مصالحهم.

1- حق الانتفاع من خدمات المرفق: 
إن المرفق العام وجد لتقديم الخدمات العامة لفائدة الأفراد، وحق الأفراد في خدمات المرفق يتوقف على استيفائهم لشروط الانتفاع من تلك الخدمات، على أن الانتفاع من الخدمات قد يرتبط بعقود خاصة تبرم بين صاحب الامتياز والمنتفعين كما هو الحال في الخدمات الخاصة بالتزويد بالماء والكهرباء، وتبقى العقود المبرمة بين الملتزم والمنتفعين المرتبطة بالانتفاع من خدمات المرفق ذات طبيعة مدنية وبالتالي فالمنازعات المترتبة عنها تخضع لاختصاص القضاء المدني.

2- حق المطالبة بالتدخل:
إن الحقوق التي تتمتع بها الإدارة مانحة الامتياز إزاء الملتزم بموجب عقد الامتياز، تتعلق أساسا بأداء خدمات لصالح المنتفعين، تبع لذلك الحق يحق لهؤلاء مطالبة الإدارة بالتدخل لإجبار صاحب الامتياز على تنفيذ شروط عقد الامتياز إذا ما أخل بها، فإذا لم تقم الإدارة بالتدخل جاز للأفراد المنتفعين الطعن في قرار الإدارة القاضي برفض التدخل، سواء كان الرفض صريحا أو ضمنيا وذلك أمام القضاء الإداري. 

B- واجبات المنتفعين
إذا كان صاحب الامتياز يلتزم بتنفيذ مقتضيات عقد الامتياز ويؤدي الخدمات المرفقية العامة في أحسن الظروف وبانتظام لفائدة المنتفعين، فإن من واجبهم احترام كل الشروط التنظيمية المتعلقة بإشباع الخدمات المقررة داخل المرفق، كما يتعين عليهم أداء الرسوم المقابلة للخدمات المقدمة لهم كاملة في أجلها المحدد، دون تماطل أو تحايل، وأن يحافظوا على الشروط المطلوب توفرها لضمان استمرارية الخدمات التي ينتفعون منها.

المطلب الثالث: طبيعة العلاقات القانونية الناشئة عن الامتياز
تنشأ عن عقد الامتياز بعض العلاقات القانونية، حيث يتحدد القانون المطبق فيها والجهة القضائية المختصة في النظر في المنازعات التي تنشأ بصددها، تبعا لنوع العلاقة وأطرافها.

1- العلاقة بين صاحب الامتياز والإدارة مانحة الامتياز
هي علاقة قانونية تنظم بمقتضى عقد إداري خاضع للقانون العام، لأنه يتضمن مقتضيات غير مألوفة في القانون الخاص، وترفع المنازعات المتعلقة بها إلى القضاء الإداري من خلال رفع دعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة للقرارات التي تتخذها الإدارة مانحة الامتياز بوصفها سلطة عامة وليس طرفا عاديا في العقد.
2- العلاقة بين صاحب الامتياز والغير
تخضع هذه العلاقة لأحكام القانون الخاص، لأنها تجمع بين أشخاص من الخواص بمناسبة معاملات ذات طبيعة اقتصادية تجارية أو صناعية، وبالتالي فصاحب الامتياز يتحمل المسؤولية عن جميع الأخطاء التي يرتكبها أثناء تدبيره للمرفق، ويحق للمنتفعين اللجوء إلى القضاء العادي للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم من جراء ذلك، ولا يمكن خضوع هذه العلاقة للقانون العام إلا في الحالة التي يثير فيها الغير مسألة خرق دفتر التحملات أو خرق قرار إداري مما يؤدي إلى انعقاد الاختصاص للقضاء الإداري.
3- العلاقة بين المنتفعين وصاحب الامتياز
مبدئيا تخضع العلاقة التي يكون فيها المنتفع في وضعية تعاقدية وليست نظامية، لأحكام القانون الخاص، يتولى القضاء العادي البث في المنازعات الناشئة عنها، لكن قد يؤول الاختصاص استثناء للقضاء الإداري للنظر في المنازعات الحاصلة بين المنتفعين وصاحب الامتياز المرتبطة بتفسير عقد الامتياز، أو بالطبيعة الإدارية للمرفق العام، أو وقوع النزاع حول عقد إداري.
4- العلاقة بين المنتفعين والإدارة مانحة الامتياز
للمنتفعين الحق في التدخل ضد الإدارة مانحة الامتياز في الحالة التي يطالب فيها هؤلاء هذه الإدارة بالتدخل لوضع حد للمخالفات التي يرتكبها الملتزم لمقتضيات القواعد المطبقة على المرفق، فإذا رفضت الاستجابة لطلب المنتفعين، جاز لهم الطعن في قراراها القاضي بعدم التدخل بدعوى الإلغاء، ومطالبتهم بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم من جراء عدم تدخل الإدارة.
5- العلاقة بين العاملين وصاحب الامتياز
هي علاقة خاضعة لأحكام قانون الشغل، يتولى القضاء العادي البث في المنازعات المترتبة فيها.
6- العلاقة بين العاملين والإدارة مانحة الامتياز
وتطرح هذه العلاقة في حالة اتخذا الإدارة مانحة الامتياز لتدابير وإجراءات تؤثر في وضعية المستخدمين إزاء صاحب الامتياز، من هنا يحق للمستخدمين اللجوء للقضاء الإداري لرفع دعوى الإلغاء بشأنها، مع إمكانية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقتهم بسبب تلك التدابير والإجراءات.
—————————————-
إن أسلوب الامتياز في تدبير المرافق العامة قد أدى إلى إدخال تقنيات وأساليب حديثة في تدبير هذه المرافق واستثمار مبالغ مهمة في هذا الصدد، علاوة على تجاوز عوائق الروتين والتعقيد والبطء المترتبة عن إدارة بعض المرافق العامة بالأسلوب المباشر، إلا أن البعض يرى أنه يرهق خزينة الدولة ويحملها أعباء كثيرة بسبب تدخل الإدارة لتوفير الحماية اللازمة للملتزم، ومساعدته كلما تعرض لمحنة مالية ناتجة عن مخاطر اقتصادية أو إدارية… إضافة إلا أن الخواص (خاصة الأجانب) في تدبيرهم للمرافق العامة بهذا الأسلوب، يرجحون مصالحهم الخاصة المتمثلة في تحقيق الارباح دون الاهتمام بالمصلحة العامة 

التدبير المفوض la gestion délégué
يعد من الأساليب الجديدة في تسيير المرافق العامة ويعتمد على إشارك الخواص في إحداث البنيات التحتية اللازمة لسير المرافق العامة الوطنية لاسيما المحلية منها وتم اللجوء إليه بالمغرب لوضع حد للعجز الحاصل في تدبير المرافق الحيوية من طرف الجماعات المحلية بسبب ضعف الإمكانيات المادية والتقنية ونقص القدرات التدبيرية.
ولقد اختلف الباحثون في تحديد المدلول الحقيق للتدبير المفوض مما أدى إلى ظهور مفاهيم غامضة ومتناقضة لهذا الأسلوب، بحيث يشبه أسلوب الامتياز في نظر البعض في حين يرى البعض الآخر أن التدبير المفوض هو نظام جديد في اشراك الخواص في تدبير المرافق العامة.
ويرجع سبب هذا التباين في التعريفات إلى الفراغ القانوني المرتبط بالمقتضيات القانونية المحددة لمعنى التدبير المفوض وشروطه والآثار المرتبطة عنه، هذا ما دفع السلطات العمومية إلى تشكيل لجنة وزارية سنة 1999 عهد إليها مهمة صياغة وبلورة إطار قانوني شامل لجميع أشكال التسيير المفوض قادر على تشجيع الفاعلين الاقتصاديين المغاربة أو الأجانب لتحمل مسؤولية تسيير المرافق العمومية.
وفي هذا الإطار تم إصدار القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية والذي عرف في مادته الثانية التدبير المفوض بأنه “عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى المفوض لمدة محددة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه يخول له تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا”.

عناصر التدبير المفوض:
يستشف من التعريف السابق أن التدبير المفوض يقوم على أساس ويرتبط بتدبير مرفق عام ويكون لمدة محددة.
1- الأساس التعاقدي: 
التدبير المفوض يقوم على أساس عقد يبرم بين أحد الأشخاص المعنوية العامة وأحد الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام أو الخاص وهو بذلك يحمل صفة العقد الإداري باعتبار أن أحد طرفيه من الأشخاص العامة ولكونه ينصب على تدبير مرفق عام.
وإن كان عقد الامتياز يتم إبرامه بحرية، دون اللجوء أحيانا إلى مسطرة الإشهار والإعلان عن المنافسة، فإن القانون المتعلق بالتدبير المفوض ينص في فصله الخامس على الدعوة إلى المنافسة لاختيار المفوض إليه ماعدا في الحالات الاستثنائية وأن تكون مسطرة إبرام موضوع إشهار مسبق:
– في حالة الاستعجال لضمان استمرارية المرفق العام
– لأسباب يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام.
– بالنسبة للأنشطة التي يختص باستغلالها حاملوا براءات الاختراع أو بالنسبة إلى الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها إلا إلى مفوض إليه معين.
ويشمل عقد التدبير المفوض ثلاثة عناصر أساسية: اتفاق ، دفتر التحملات والملاحق.
– الاتفاقية: الذي تحدد الالتزامات التعاقدية الاساسية لكل من المفوض والمفوض إليه.
– دفتر التحملات: يتضمن البنود الإدارية والتقنية التي تحدد شروط الاستغلال والواجبات والالتزامات المتعلقة باستغلال المرفق المفوض أو بانجاز أشغال أو منشآت.
– الملحقات: تتكون من جميع المستندات المرفقة للاتفاقيات ولدفتر التحملات والواردة بصفتها ملحقة في الاتفاقية أو في دفتر التحملات.
وينشر مستخرج من عقد التدبير المفوض في الجريدة الرسمية بالنسبة للمؤسسات العامة، وفي الجريدة الرسمية للجماعات المحلية بالنسبة للجماعات المحلية وهيئاتها.

2- ارتباطه بتدبير مرفق عام: 
التدبير المفوض أسلوب لتدبير المرافق العامة يتم إعماله لتلبية حاجيات ذات منفعة عامة (توزيع الماء والكهرباء، التطهير السائل، التطهير الصلب، النقل الحضري…) ويتم اللجوء إليه في البداية لتشجيع الاستثمار وتوفير فرص الشغل ولتقديم الخدمات العامة بأعلى جودة ممكنة وذلك بالاستفادة من الإمكانيات التقنية الحديثة والقدرات المالية والتدبيرية لدى القطاع الخاص.
والمفوض إليه يخضع لمزيج من القانونين العام والخاص، بحيث قد يستفيد من امتيازات القانون العام، لاسيما ما يتعلق بالتراخيص في مجال التعمير واحتلال الملك العام والسلامة وحماية البيئة.

3- يكون لمدة محددة:
يجب أن تكون مدة كل عقد تدبير مفوض محددة، كما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في هذه المدة طبيعة الأعمال المطلوبة من المفوض إليه والاستثمار الذي يجب أن ينجزه ولا يجب أن تتجاوز المدة العادية لاستهلاك الإنشاءات عندما تكون المنشآت ممولة من قبل المفوض إليه، ويستشف من هذا أن مدة عقد التدبير المفوض أقصر من مدة عقد الامتياز التي قد تتراوح بين 5 و 60 سنة على أنه لا يمكن مدة عقد التدبير المفوض إلا عندما يكون المفوض إليه ملزما من أجل حسن تنفيذ خدمة المرفق العام أو توسيع نطاقه الجغرافي وبطلب من المفوض بانجاز أشغال غير واردة في العقد الأول من شأنها أن تغير من الاقتصاد العام للتدبير المفوض ولا يمكن استهلاكها خلال مدة العقد المتبقية إلا مقابل رفع في الثمن.
وينتهي عقد التدبير المفوض بانتهاء مدته أو قبل أوانه ولاسيما في الحالات التالية:
– استرداد التدبير المفوض من قبل المفوض بعد انصرام مدة محددة في العقد.
– إسقاط حق المفوض إليه في حالة ارتكاب خطأ بالغ الجسامة.
– فسخ العقد من قبل المفوض إليه في حالة ارتكاب المفوض لخطأ بالغ الجسامة.
– فسخ العقد في القوة القاهرة.

الحقوق والواجبات الناشئة عن عقد التدبير المفوض:

حقوق المفوض وواجباته:
– حق مراقبة التدبير المفوض: يتمتع المفوض إزاء المفوض إليه بسلطة عامة للمراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية والاجتماعية والتدبيرية مرتبطة بالالتزامات المتربة عن العقد، لما يتمتع بصفة دائمة بجميع سلط المراقبة للتأكد من خلال المستندات وبعين المكان من حسن سير المرفق، كما يمكنه الاستعانة بخبراء أو أعوان يختارهم ويخبر بهم المفوض إليه (المادة 7 من القانون 54.05)، كما تنص نفس المادة على عقوبات لزجر عرقلة المراقبة التي يمارسها المفوض وكذا لزجر عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية المتعلقة بالإعلام والتواصل التي على المفوض إليه أن يقوم بها.
– حق المراجعة الدورية لمقتضيات التدبير المفوض: تنص المادة 19 من القانون 54.05 على أن عقد التدبير المفوض يجب أن ينص على عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة، بين المفوض والمفوض إليه للنظر في مدى تقدم تنفيذ العقد، إلا إذا كانت مدة التدبير المفوض تفوق 10 سنوات فيتعين أن ينص العقد على تقييم مشترك على الأقل مرة واحدة كل 5 سنوات مع احتمال بعض مقتضياته دون الإخلال بالبنود التي تنص على كيفية المراجعات الدورية، مع إمكانية ترخيص العقد للمفوض والمفوض إليه بإعادة النظر في شروط سير التدبير المفوض قصد ملامته مع الحاجيات عملا بمبدأ ملائمة المرفق العام وذلك في إطار احترام التوازن المالي.
أما عن واجبات المفوض فيلزمه اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لأجل حسن تنفيذ التدبير المفوض والمترتبة على الالتزامات التعاقدية ولاسيما في مجال التعريفات.

حقوق المفوض إليه وواجباته
1. حق التعاقد من الباطن: يمكن لعقد التدبير المفوض أن يرخص بصفة تبعية للموفض إليه أن يتعاقد من الباطن بشأن جزء من الالتزامات التي يتحملها برسم التدبير المفوض، إلا أنه يظل مسئولا بصفة شخصية تجاه المفوض والأغيار عن الوفاء بجميع الالتزامات التي يفرضها عليه عقد التدبير المفوض.
2. حق معاين مخالفات المرتفقين: يحق للمفوض إليه أن يعاين المخالفات التي يرتكبها المرتفقون في إطار التدبير المفوض وذلك من خلال الأعوان المحلفين التابعين له والحاملين لسند قانوني يشهد على وظيفتهم.
3. حق الاستفادة من بعض امتيازات السلطة العامة: مادام أن أسلوب التدبير المفوض يهدف إلى تلبية حاجيات عامة ذات منفعة عامة فان المفوض إليه قد يستفيد من بعض امتيازات السلطة العامة، لاسيما في مجال التعمير واحتلال الملك العام والسلامة وحماية البيئة.
4. حقوقه الملية: نصت المادة 29 أن عقد التدبير المفوض يمكن أن يأذن للمفوض إليه بتحصيل الرسوم أو الأتاوى أو الأموال أو المساهمات لحساب المفوض أو الدولة، كما قد يتلقى المفوض إليه مشاركات أو مساهمات مرتبطة بتمويل الرفق العام من المفوض.
كما نصت نفس المادة على أنه يحدد التدبير المفوض مبادئ و كيفيات وضع التعريفات أو الأجرة المتعلقة بالمرفق المفوض وكذا شروط وقواعد تعديل أو مراجعة التعريفات أو الأجرة بشكل يضمن التوازن المالي للتدبير المفوض وكذا الأرباح في الإنتاجية، بحيث لا يملك المفوض القيام بتدابير تؤدي إلى قلب اقتصاديات العقد مما يضر بالحقوق المالية للمفوض إليه.
5. حق القيام بأنشطة تكميلية: رغم أن غرض الشركة المفوض إليها يكون منحصرا في تدبير المرفق العام كما تم تحديده في عقد التفويض غير أنه يمكن أن تستغل أنشطة تكميلية تجارية أو صناعية ضرورية لمرتفقي المرافق العامة أومن شأنها أن تساهم في تقديم خدمة أفضل ويتم الترخيص بهذه الأنشطة ومراقبتها من لدن المفوض.

الواجبات الملقاة على المفوض عليه:
1- تحمل المسؤولية عن مخاطر المرفق المفوض: يدبر المفوض إليه المرفق المفوض على مسؤوليته ويشمله بالعناية اللازمة، كما يجب عليه منذ دخول عقد التدبير حيز التنفيذ أن يغطي طيلة مدة العقد مسؤوليته المدنية والمخاطر التي قد تترتب على أنشطته بواسطة عقود تأمين مكتتبة بصفة قانونية.
2- الإبقاء على العاملين بالمرفق المفوض إليه: أن يحتفظ بالمستخدمين التابعين للمرفق المفوض مع الإبقاء على حقوقهم المكتسبة، ماعدا إذا تم التنصيص على مقتضيات مخالفة في عقد التدبير المفوض.
وإذا اعتزم المفوض إليه إدخال تعديلات هامة في أعداد المستخدمين وجب التنصيص على ذلك في عقد التدبير المفوض.
3- وضع نظام للمراقبة الداخلية: يجب على المفوض إليه أن يثبت للمفوض أو لأي سلطة مراقبة أخرى تحت طائلة عقوبات يتم تحديدها في العقد، أنه وضع نظاما للإعلام والتدبير والمراقبة الداخلية والإشهاد على الجودة.

المطلب الثالث: نماذج تطبيقية للتدبير المفوض:
يعد هذا الأسلوب من الحلول الفاعلة المعتمدة في عصرنة بعض المرافق العامة الحيوية كتوزيع الماء والكهرباء والنقل الحضري وجمع النفايات، حيث يرتكز أساسا على إشراك القطاع الخاص في التدبير المرفقي، لما يتوفر عليه من إمكانيات مالية وقدرات تقنية وتدبيرية قمينة بأداء الخدمات المرفقية في أحسن الظروف.
أولا: التدبير المفوض لمرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير
ابتدأ بمدينة الدار البيضاء سنة 1997 مع شركة ليدك التي ستستغل مرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل لمدة 30 سنة ويشمل مدينة الدار البيضاء الكبرى والمحمدية وباقي الجماعات المحادية.
كما امتد تطبيق التدبير المفوض لمرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل إلى مدينة الرباط والجماعات المجاورة.
في حين أن المجموعتين الحضريتين لطنجة وتطوان فتحتا عرضا دوليا يخص التدبير المفوض لمرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل، مما أدى إلى المنافسة بين مجموعة من الشركات الدولية حيث تمكنت المجموعة المكونة من فيفاندي vivendi وهيدروكيبك Hydro-québec وأونا ONA والشركة المغربية الإماراتية Somed من الظفر بهذا العرض لمدينتي طنجة وتطوان لمدة 25 سنة.

ثانيا: التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري
نظرا للصعوبات المالية التي عرقلت الجهود المتعلقة لتطوير جودة مرفق النقل لا سيما وأن الإمكانيات المالية لوكالات النقل الحضري تتأثر بالتعريفة المحددة على أساس معطيات غير اقتصادية علاوة على غياب الأطر التقنية المتخصصة في الصيانة فإن أغلب الجماعات المحلية لجأت إلى تفويض تدبير مرفق النقل الحضري للقطاع الخاص
– مدينة مراكش فوضت هذا المرفق لشركة ألزا الاسبانية
– مدينة الدار البيضاء فوضت في غشت 2004 للشركة المغربية الفرنسية M’dina-Bus…
ثالثا: التدبير المفوض لمرفق جمع النفايات الصلبة

شركة الاقتصاد المشترك (الاستغلال المشترك)
هي شركة مساهمة تملك فيها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى (الجماعات المحلية – المؤسسات العامة) جزء من الرأسمال بالشراكة مع الخواص وقد تكون المساهمة في رأسمال الشركة مرتفعة أو منخفضة وبنسبة كافية لكي تتمكن الأشخاص المعنوية العامة المساهمة من مراقبة تسيير الشركة (حسب قانون رقم 69.00 المتعلق بالرقابة المالية للدولة على المقاولات العمومية، فان نسبة المساهمة العمومية يجب أن تتجاوز 50%).

خصائصها 
تعد شركات الاقتصاد المختلط من الأشخاص المعنوية الخاصة التي تخضع لقواعد القانون التجاري، بيد أن مساهمة السلطات العامة في رأسمالها يجعلها تتميز بخصائص أساسية أهمها:
1- تعد شركة مساهمة غير عادية بالنظر لوجود مساهم عمومي متميز يحرص على الاحتفاظ بأغلبية الأسهم في الشركة لكي يضمن استمرارية رقابته عليها نظرا لارتباطها بموجود مرفق عام (قانون 69.00)
2- م ساهمة الشخص العام في شركة الاقتصاد المختلط يتيح له ممارسة سلطات مهمة ضمانا للمصلحة العامة:
7- تعيين المدير وأعضاء مجلس الإدارة وممثليه في المجلس الإداري للشركة 
8- استخدام حق الاعتراض التوقيفي أو المطلق على قرارات الجمعية العامة للمساهمين أو المجلس الإداري التي تتنافى مع مقتضيات سير المرفق العام.
3- تحررها من إجراءات المالية العامة نظرا لخضوعها للقواعد المفروضة على الشركات التجارية من حيث القيد في السجل التجاري ومسك الدفاتر التجارية والخضوع للضريبة على الأرباح إلا أنها تبقى مع ذلك خاضعة للمراقبة المالية من لدن المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات (مدونة المحاكم المالية).
4- قد تقوم شركة الاقتصاد المختلط بإدارة المرفق العام بمقتضى عقد امتياز يمكنها من الاستفادة من نظام استثنائي خاص كالاحتكار واستعمال امتيازات القانون العام.
إنشاؤها:
تنشأ شركات الاقتصاد المختلط بطرق مختلفة، فقد تنشأ من لدن الشخص العام في أول الأمر تم يبيع جزء من أسهمها بعد ذلك للخواص، وقد تنشأ بمبادرة من الشخص العام بعد الاتفاق مع المساهمين الخواص BMCE أو عن طريق مساهمة الشخص العام في رأسمال شركة خاصة كانت قائمة من قبل CTM، أو عن طريق تحويل تدبير مرفق عمومي موجود يسير بأسلوب الامتياز وذلك بالمساهمة في رأسماله.
وقد تباينت بعض الآراء حول نسبة المساهمة العمومية لتحديد ما إذا كانت الشركة شركة ذات الاقتصاد المختلط والتي تسمح بمراقبة تدبير الشكة، ويمكن اعتبار ثلث رأسمال الشركة كمساهمة عمومية يسمح بذلك.
وقد اختلف الفقه حول الوسيلة القانونية التي تحدث بموجبها شركة الاقتصاد المختلط، فهناك من يشترط الأحداث بقانون أو بناء على قانون بحجة أن النظام الإداري لشركة الاقتصاد المختلط يخالف قواعد القانون التي تحكم الشركات (القانون التجاري)، وبما أن القانون التجاري صاغه المشرع في قانون فلا يجوز مخالفته إلا بصدور قانون مماثل، ويضاف إلى ذلك أن إحداث الشركة يتطلب المساهمة بمال عام، والبرلمان هو السلطة المخولة بالإذن للحكومة بذلك.

إلغاؤها:
تلغى هذه الشركات بحصول دواعي انتهاء وانقضاء شركات المساهمة الخاصة طبقا لمقتضيات القانون الخاص، وقد تلغى بتحويلها إلى القطاع الخاص عبر أسلوب الخوصصة، أو بتحويلها إلى شركة عامة وطنية مملوكة كليا من طرف السلطات العامة، علاوة على أنها تنتهي بنفس الوسيلة القانونية التي أحدثت بها.

الهيئات المسيرة لشركات الاقتصاد المختلط
تسير شركات الاقتصاد المختلط من خلال الجمعية العامة للمساهمين، المجلس الإداري ورئيسه والمدير واللجنة التقنية.
1- الجمعية العامة للمساهمين: 
تعد الجمعية العامة للمساهمين صاحبة السلطة التقريرية في شركات المساهمة طبقا لقواعد القانون التجاري، لكن دورها في شركات الاقتصاد المختلط يظل من الناحية العملية شكليا وضعيفا، وذلك بالنظر لمساهمة الشخص العام في رأسمال الشركة، بحيث قد يمتلك أغلبية الأسهم في الشركة، مما يمكنها من اتخاذ القرارات الفردية فتصبح بذلك الجمعية العامة للمساهمين مجرد مكان لإخبار المساهمين الخواص المالكين لأقلية الأسهم في الشركة.
أما اختصاصات هذه الجمعية فهي تتأثر بطريقة مباشرة بالتعيين المباشر لأعضائها من طرف الدولة، خصوصا وأن مندوبي الدولة لا يفرض عليهم أن يكونوا مساهمين حقيقيين أو مالكين حقيقيين للأسهم. وتبقى الجمعية العمومية للمساهمين مجردة من كل الاختصاصات التي قد ترمي إلى تغيير رأسمال الشركة أو اتخذا بعض القرارات الأحرى وحتى وإن قامت باتخاذ مثل هذه القرارات فإنها لا تطبقها إلا بعد المصادقة الحكومية عليها.

2- المجلس الإداري:
يتشكل المجلس الإداري لشركات الاقتصاد المختلط من ممثلي الدولة وممثلي المساهمين الخواص الذين يتم تعيينهم وفقا للمقتضيات القانونية المنظمة لشركات المساهمة، أما بالنسبة للمثلي الدولة فهم يخضعون لمقتضيات المرسوم الملكي المؤرخ في 01 مارس 1968 الذي نص على القواعد العامة التي تهم تمثيلية الدولة في المجالس الإدارية لشركات الاقتصاد المختلط.
الفصل 1: تتصرف الدولة داخل المجلس الإداري بمقعد أو بعدة مقاعد حسب مساهمتها في رأسمال الشركة.
الفصل 2: يعمل ممثلوا السلطة العمومية داخل المجالس الإدارية بنفس الحقوق والصلاحيات التي يعمل بها ممثلوا الخواص، وينظر إليهم كمستخدمين تابعين للسلطة، ويتأكد ذلك من:
– أن تعيين أو انتخاب ممثلي الدولة كأعضاء في المجلس الإداري من طرف الجمعية العامة للمساهمين لا يصبح ساري النفاذ إلا بعد موافقة الوزارة الوصية.
– ممثلوا الدولة كأعضاء في المجلس الإداري هم مجرد ممثلي للشخص العام المساهم في رأسمال الشركة، وحتى الأسهم الموجودة في اسمهم تعد أسهما فقط للضمانة فقط لا يمكنهم التصرف فيها.
اختصاصات المجلس الإداري:
9- بالنسبة للاختصاصات الأصلية فتنبع من الوثائق والنصوص المؤسسة لهذه الشركة بصفة خاصة والشركات التجارية بصفة عامة
10- أما بالنسبة للاختصاصات المفوضة فهي التي ترجع أصلا للجمعية العامة للمساهمين، وتقوم هذه الأخيرة بتفويضها له أو لرئيسه أو لمدير المقاولة.
رئيس المجلس الإداري:
تعد رئاسة المجلس الإداري بمثابة الجهاز التنفيذي الأعلى في شركات الاقتصاد المختلط، ويتم تعيينه من لدن السلطة العامة بدلا من المجلس الاداري خصوصا الشركات التي تملك فيها الجدولة أغلبية الأسهم، ويتم تعيينه غالبا إما:
1- يحتفظ المجلس الإداري بحقه في تعيين رئيس المجلس الإداري لكن شريطة المصادقة عليه من طرف السلطات الإدارية المختصة.
2- يعين المجلس الإداري الرئيس بعد اقتراحه من طرف السلطة الإدارية المختصة.
3- يقترح المجلس الإداري الرئيس، ويبقى حق التعيين من اختصاص السلطة الإدارية المختصة.
4- يتم تعيين رئيس المجلس الإداري من طرف السلطة الإدارية المختصة بدون أي تدخل من طرف المجلس الإداري..
هذا الأسلوب الأخير هو المعمول به في شركات الاقتصاد المختلط التي تملك فيها الدولة أغلبية الأسهم حيث يحرص الرئيس على تنفيذ السياسة الاقتصادية للحكومة داخل الشركة.

3- المدير:
يوجد مدير الشركة ذات الاقتصاد المختلط في وضعية قوية إزاء المجلس الإداري ورئيسه، إلا أن أغلب شركات الاقتصاد المختلط في المغرب تعرف ما يسمى بعملية الجمع بين وظيفة رئيس المجلس الإداري ووظيفة مدير الشركة تحت تسمية الرئيس المدير العام PDG، أما عن اختصاصاته فيعتبر المحرك للشركة، إذ يسهر شخصيا على السير اليومي للشركة ويرأس المسؤولين عن المديريات والأقسام ويعمل على تحقيق المصلحة العامة.

4- اللجنة التقنية:
تتكلف برقابة التسيير العادي للشركة، ومطابقة القرارات المتخذة مع تعليمات وقرارات المجلس الإداري ما بين دوراته، كما تساعد مدير الشركة في إعداد وتنفيذ قرارات المجلس الإداري والتحضير لاجتماعااته، وتتولى القيام بالدراسات الأولية للقضايا المتعلقة بالتسيير التقني والمالي والتجاري للشركة.

تقدير أسلوب الاستغلال المشترك أو الاقتصاد المشترك
لقد مكن هذا الأسلوب من توظيف القدرات المالية لكل من القطاعين والمشترك، قصد الاستفادة من وسائل القانون الخاص في تدبير المرافق العامة لتفادي التعقيدات الموجودة في القانون العام كالبطء والروتين وتعقيد الإجراءات….
كما يمكن هذا الأسلوب من الاستفادة من تقنيات الإدارة الحديثة والتكنولوجيا المتطورة قصد الرفع من جودة ومردودية ومدخول المرافق المسيرة بهذا الأسلوب.
زيادة على التواجد الدائم والمستر لرقابة السلطات العامة على شركات الاقتصاد المختلط من خلال الهيئات المسيرة لها، الشيء الذي يساهم في توجيه هذه المرافق وفق السياسة الحكومية في مجال التنمية الاقتصادية.
وقد تم نهجه في العديد من الدول الأوروبية نظرا للمزايا العديدة لهذا الأسلوب.

منقول


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

 أمين البقالي: ماهية الحريات العامة 

ماهية الحريات العامة   أمين البقالي طالب باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق اكدال مقدمـــــة: موضوع ...