تلخيص محاضرات في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني
مقدمة
نظرية الالتزام تظم قواعد ثابتة ومجردة،وقواعدها تقوم على المنطق،إذ تعتبر أساسا اغلب المعاملات المالية، بما تحدثه من تدخل كبير في حياة الأشخاص. جعلها تتميز بالاستقرار عكس القوانين الأخرى.
مكانة النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني:
يشكل القانون المدني الشريعة العامة التي تنظم العلاقات الخاصة بين الافراد، ماعدا ما يخضع منها لإحكام فرع من فروع القانون الخاص .
– علاقة الفرد باسرته او ما يسمى بالاحوال الشخصية – وعلاقة الفرد بالغير من حيث المال او ما يسمى بالاحوال العينية .
الاول: يخص الاحكام و الالتزامات بشكل عام .
الثاني: يتضمن مختلف العقود المسماة واشباه العقود اظافة الى القانون المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية.
الحق الشخصي: هو رابطة قانونية بين شخصين احدهما الدائن واللآخر المدين فعناصر الحق ثلاثة:
الحق العيني : هو سلطة يمارسها شخص على شيئ مادي معين بالذات يخول لصاحبه الحصول على منفعة دون وساطة احد .
الحقوق تنقسم الى حقوق شخصية وحقوق عينية ومن ثم فان قواعد القانون المدني تنقسم الى :
صاحب الحق او الدائن // المدين بالحق // ثم محل الحق أي الاداء الواجب على المدين
قواعد تنظم الحقوق الشخصية( الالتزامات) // وقواعد تنظم الحقوق العينية
مثال: حق الملكية وحق الرهن ويشمل عنصرين فقط: صاحب الحق // والشيئ محل الحق
من جهة اخرى : تنقسم الحقوق الشخصية الى: النظرية العامة للالتزامات و العقود ونجد ان قانون الالتزامات و العقود ينقسم الى كتابين:
وفي المغرب فان القانون المدني يشمل فقط الاحوال العينية في حين تخضع الأحوال الشخصية لحكم الشرائع الدينية ، وبذلك فان القانون المدني ينظم الروابط المالية بين الافراد ويحكم حقوقهم المالية ، ومعلوم ان الحق في المعاملات هو مصلحة ذات قيمة مالية يعترف بها القانون للفرد وهو اما ان يكون حقا عينيا او حقا شخصيا .
يلاحظ ان مضمون القانون المدني في كثير من دول العالم يشمل نوعين من العلاقات القانونية:
تعريف الالتزام وخصائصه
الفقهاء عرفوه بأنه رابطة قانونية بين شخصين احدهما دائن والآخر مدين يترتب بمقتضاها على الطرف المدين نقل حق عيني أو القيام بعمل أو امتناع عن العمل فالالتزام رابطة أو علاقة لها طرفان : أحدهما الدائن(يسمى الطرف الايجابي) والمدين (يسمى الطرف السلبي)
والالتزام لا يتطلب وجود دائن ومدين ويمكن قيامه من طرف واحد ( الوعد بالجائزة للجمهور) و يتميز الالتزام القانوني عن الالتزام الطبيعي بخاصية الإجبار الالتزام يمكن أن يكون:
ايجابيا: إذا انصب على نقل حق عيني ويطلق عليه الالتزام بإعطاء ( التزام البائع بيع منقول بنقل ملكية الشيء المبيع للمشتري)
سلبيا: يكون محل الالتزام القيام بعمل( التزام مؤجر بتسليم الشيء المأجور إلى المستأجر)
التمييز بين الحق الشخصي( الالتزام) و الحق العيني
الحقدالشخصي رابطة قانونية بين شخصين احدهما الدائن والآخر مدين يترتب بمقتضاها على الطرف المدين تجاه الطرف الدائن نقل حق عيني او القيام بعمل او الامتناع عن العمل .
الحــق الــعيني : هو سلطة يمارسها شخص معين على شيئ معين تمكنه من الحصول على المنفعة المرجوة من هذا الشيئ بصورة مباشرة دون وساطة أحد.
النظريتان مختلفتان من حيث التكوين:
الالتزام او الحق الشخصي: لابد له من توافر ثلاثة عناصر: طرف صاحب الحق( الدائن)// طرف ملتزم(هو المدين)//الشيء محل الالتزام او الحق
الحق العيني: لا يتطلب قيامه الا بوجود عنصرين: طرف صاحب الحق // الشيء محل الحق
من حيث الخصائص:
الالتزام أو الحق الشخصي: هو نسبي لا يجوز للدائن صاحب الحق الاحتجاج بحقه إلا في مواجهة المدين.
الحق العيني: له حق مطلق يخول لصاحبه الاحتجاج به تجاه أي مكان(حق ملكية منزل تجاه الكافة)
يترتب عن كون الحق العيني حق مطلق وجود ميزتين غير موجودتين في الحق الشخصي وهما:
ميزة التتبع: تخول لصاحب الحق العيني تتبع الشيء محل الحق في يد اي شخص تنتقل حيازة هذا الشيء
ميزة الأفضلية : تسمح لصاحب الحق العيني أن يقدم في استيفاء حقه على من سواه ( الرهن)
ضلت الحقوق منقسمة إلى يومنا هذا إلى حقوق شخصية وعينية رغم للفروق العديدة الموجودة بينهما
فالحقوق الشخصية:او الالتزامات : باعتبارها حقوقا نسبية لا يتعدى أثرها حلقة الدائن و المدين ولا تفيد سواهما.
اما الحقوق العينية: بوصفها مطلقة يتعدى أثرها الى الكافة لها مساس بالنظام العام ووردت على سبيل الحصر
مصادر الالتزام
الحصر يقصد به الأسباب القانونية المنشئة للالتزام:
– التزام المشتري بأداء ثمن مصدر عقد البيع
– التزام من الحق ضررا بغيره بالتعويض مصدره العمل الضار
فمصادر الالتزام متعددة فهناك نظرية تقليدية تقسم الالتزام الى5 مصادر وهي:
1) العقد: توافر إرادتين على إنشاء التزام أو أكثر كعقد البيع
2) شبه العقد: هو عمل اختياري مشروع يترتب عنه نشوء التزام نحو الغير( الفضولي)
3) الجريمة: هي عمل ضار يقوم به شخص عن عمل يقصد الإضرار بالغير(إتلاف مال مملوك للغير فيلتزم الفاعل بالتعويض عن الضرر)
4) شبه الجريمة:وهي فعل يصيب الغير بضرر كالجريمة ولكن دون قصد إضرار الغير(إهمال وعدم تبصر)
5) القانون: هو مصدر مباشر للالتزام في حالات معينة مستمدة من نص قانوني(الالتزامات بين أفراد الأسرة كالنفقة)
يرجع التقسيم التقليدي لمصادر التزام إلى القانون الروماني وانتقل إلى القانون الفرنسي وتعرض هذا التقسيم لانتقادات شديدة حيث رفض الفقه الأخذ به لانعدام المنطق الذي يقوم عليه
التقسيم السائد في الفقه و التشريع .
الفقه و التشريع قسم مصادر الالتزام الى5 أقسام:
- العقد
- الإرادة المنفردة
- الإثراء بلا سبب
- العمل غير المشروع
- القانون
اخذ بهذا التقسيم العديد من التشريعات الأجنبية والعربية و المغرب كذلك.
حسب التشريع المغربي يمكن الالتزام أن ينشأ الى:
- الاتفاقيات أو العقود
- التصريحات الأخرى المعبرة عن الإرادة
- أشباه العقود
- الجرائم
- أشباه الجرائم
الفصل الأول: تعريف العقود وأصنافها
المبحث الأول: تعريف العقد توافق إرادتين على إحداث اثر قانوني لوجود عقد لابد من توافر الشروط التالية:
1) أن توجد إرادتين أو أكثر(باستثناء الوصية طرف واحد)
2) تطابق او توافق ارادتين( الإيجاب و القبول عقد البيع)
3) أن تكون الغاية من توافق الإرادتين هي إحداث أثر قانوني.
4) أن يتم الاتفاق في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالية
المبحث الثاني: تصنيف العقود حصرها وقسمها الفقهاء إلى أقسام:
من حيث التكوين: رضائية و شكلية و عينية.
من حيث حرية الأطراف: مسماة و عقود بسيطة و عقود مختلطة.
من حيث الآثار التعاقدية: عقود ملزمة لجانبين و عقود ملزمة لجانب واحد و عقود المعاوضة و عقود التبرع .
من حيث الطبيعة : عقود محددة و عقود احتمالية و عقود زمنية و عقود فورية .
من حيث الأشخاص: عقود فردية و عقود جماعية.
المطلب الأول : عقود رضائية وشكلية وعينية .
1) العقد الرضائي : العقد الذي يتم انعقاده وينتج آثاره بمجرد اتفاق إرادتين .
2) العقد الشكلي : الذي لا يكفي انعقاده بمجرد تراضي الطرفين لكن لابد أن يضاف إلى ذلك توفر شكل معين يحدده القانون (كتابة عقد الدار)
3) العقد العيني: لا يكفي انعقاده وجود التراضي فقط بل يجب تسليم الشيء محل التعاقد فالعقد لا ينعقد إلا بالتسليم
المطلب الثاني : عقود المساومة وعقود الإذعان .
1) عقد المساومة أو المفاوضة أو التراضي: هو الذي يثبت معه لكل المتعاقدين حرية مناقشة شروطه قبل إبرامه فتطول أو تقصر مدة المساومة حسب نوع الصفقة موضوع التعاقد(شروط الاتفاق بين البائع و المشتري و المستأجر والمقرض والمقترض)
2) عقد الإذعان: هو الذي ينعقد بدون مساومة أو مناقشة حيث يتولى احد طرفيه تحديد شروطه دون أن يكون باستطاعة الطرف الآخر مناقشتها سوى القبول أو رفضها(أهم ما يميز هذا العقد هو أن احد طرفيها يكون دائما في مركز اقتصادي قوي)
المطلب الثالث : العقود المسماة والعقود غير المسماة.
1) العقد المسمى: هو الذي نظمه المشرع وميزه عن غيره باسم خاص وبأحكام خاصة نظرا لشيوع استعماله بين الناس(عقد الوكالة أو الإيجار أو المقاولة) يخضع من حيث تنظيمه للقواعد الخاصة بكل عقد
2) العقد غير المسمى: هو الذي لم يميزه المشرع عن غيره ولم يخضعه بتنظيم خاص نظرا لعدم شيوعه بين الناس ، فهو أمر متروك لإرادة المتعاقدين وهذه العقود لا حصر لها.
المطلب الرابع : العقود البسيطة والعقود المركبة .
1) العقد البسيط: الذي يقتصر على عقد واحد ولا يكون خليطا من عدة عقود فهو عقد مسمى إيجار بيع أو غير مسمى عقد يبرم بين مستشفى وجامعة
2) العقد المركب أو المختلط:هو الذي يتضمن عدة عقود اختلطت جميعها لتكون عقد واحدا(عقد النزول فندق إيجار وبيع والعمل خدمة وعقد الوديعة )
المطلب الخامس : العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد.
1) العقد الملزم للجانبين: يسمى العقد التبادلي لأنه يولد لالتزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدين يكون كل منهما دائنا ومدينا نفس الوقت(عقد الكراء)
2) العقد الملزم لجانب واحد: يسمى العقد غير التبادلي ، وهو الذي يترتب التزامات على عاتق طرف واحد فقط أما الثاني فلا يتحمل أي التزام وإنما يقبل التعاقد فقط (عقد الهبة بغير عوض)
المطلب السادس : العقود المسماة والعقود غير المسماة.
1) عقد المعاوضة : هو عقد يحصل فيه كل متعاقد على مقابل لما يعطيه إذا ينبني على فكرة الأخذ والعطاء (كالبيع والإجازة )
2) عقد التبرع : هو الذي لا ينبني على تقابل العوضين حيث لا يأخذ فيه احد المتعاقدين مقابلا لما أعطى ( عقد الهبة )
المطلب السابع : العقود المحددة والعقود الاحتمالية.
1) العقد المحدد: هو العقد الذي يستطيع فيه كل طرف من الطرفين المتعاقدين إن يعرف عند التعاقد مقدار ما يأخذه وما يعطي (عقد العمل)
2) العقد الاحتمالي أو عقد الغرر: هو الذي لا يستطيع فيه المتعاقد معرفة مقدار ما يعطي او مقدار ما يأخذ وقت التعاقد وإنما يتحدد مستقبلا تبعا لأمر غير محقق الحصول (عقد التأمين على الحياة)
المطلب الثامن : العقود الفورية و العقود الزمنية
1) العقد الفوري: هو الذي ينتج آثاره القانونية لحظة إبرامه وقد يتأجل تنفيذ العقد إلى تاريخ لاحق وعنصر الزمن لا يعتبر أساسيا في هذا النوع من العقود،من ثم لا يغير من طبيعة العقد باعتباره عقدا فوريا(اتفاق الطرفين على تأجيل نقل الملكية وأداء الثمن كاملا أو على أقساط)
2) العقد الزمني أو عقد المدة: هو الذي يشكل فيه الزمن عنصرا جوهريا،بحيث يكون هو المقياس الذي على ضوئه يحدد محل التعاقد (عقد الكراء الذي ينتج آثاره خلال مدة معينة قد تطول أو تقصر حسب الاتفاق)
المطلب التاسع : العقود الفردية والعقود الجماعية.
1) العقد الفردي:هو العقد الذي لا تنصرف آثاره التعاقدية إلا بالنسبة لأطرافه الذين ارتضوه دون غيرهم، والأصل هو العقود الفردية
2) العقد الجماعي: هو العقد الذي ينشأ ويرتب التزامات في مواجهة أشخاص غير أطرافه، ويكفي هذا النوع من العقود قبول أغلبية المجموعة بحيث تجد فيه الأقلية مقيدة بعقد لم تبرمه ولم توافق عليه وان كانت معارضة لإبرامه(العقود التي تبرمها التمثيلية للحرفين والتجار)
الفصل الثاني: شروط إنشاء العقد أو تكوينه .
إن إنشاء العقد هو تكوينه ، ولكي ينشأ بشكل صحيح وينتج آثاره القانونية لابد من توافر شروط معينة وهي:
- أهلية الالتزام
- تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام
- شيء محقق يصلح لان يكون محلا للالتزام
- سبب مشروع للالتزام
توجد بعض العقود التي تتطلب إضافة إلى هذه الشروط توفر شرط آخر في العقود الشكلية وهو شرط: التسليم في العقود العينية
المبحث الأول: التراضي.
هو توافق إرادة المتعاقدين قصد إحداث أثر قانوني فهو ركن أساسي للعقد،يجب أن يكون خاليا من عيوبه وهي: الغلط والتدليس والإكراه والغبن وحالة المرض والحالات المشابهة لها
المطلب الأول: كيفية التعبير عن الإرادة.
اتجاه الإرادة نحو ترتيب أثر قانوني يشترط أن يتم التعبير عن الإرادة وفق شكل خاص ومحدد (كتابة-لفظ شفوي- إشارة أو جميع أصناف التعبير)
أ- التعبير الصريح عن الإرادة: يفصح فيها عن الإرادة مباشرة(التعبير باللفظ أو الكتابة أو الإشارة )
ب- التعبير الضمني عن الإرادة: هو التعبير الذي يعكس الإرادة بطريقة غير مباشرة تستدعي التفكير والفهم
ج- هل يعتبر السكوت تعبيرا عن الإرادة: الفقه اعتبروه تعبيرا عن القبول إذا كان السكوت يتضمن دلالة ضمنية على القبول.
المطلب الثاني: الإيجاب.
يتضمن الإيجاب هو تعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره سواء كان هذا الشخص واحدا أو أكثر ،أن يتعاقد معه ويشترط أن يكون باتا ومتضمنا للعناصر الأساسية للعقد ومعلنا عنه
شروط التعاقد الأساسية: أن يتضمن شروطه الأساسية (عقد البيع: المبيع والثمن)
أ– القوة الملزمة للإيجاب:
للإيجاب ليست له قوة ملزمة وللموجب التراجع عن إيجابه مادام لم يقترن بقبول أو أن الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب لم يشرع في تنفيذ العقد
هناك استثناء: يظل الموجب ملزما بإيجابه في الأحوال التي نص عليها القانون وهي:
– يظل مقدم الإيجاب إذا اقترن القبول بأجل .
– يستمر مقدم الإيجاب عن طريق المراسلة دون تحديد اجل للقبول ملتزما إلى الوقت المناسب لوصول رد المرسل إليه داخل اجل معقول.
– يكون الإيجاب ملزما لصاحبه حتى بعد موته أو حدوث نقص في أهليته إذا قبله الموجب له وهو يجهل وجود واقعتي الموت أو نقص الأهلية
ب– سقوط الإيجاب: يكون السقوط في الحالات التالية:
– يسقط الإيجاب برفضه من قبل من وجه إليه سواء كان الرفض صريحا أو ضمنيا
– عندما ينتهي الأجل المحدد للإيجاب دون أن يعبر الموجب له عن قبوله.
– عندما ينفض مجلس العقد دون أن يقترن الإيجاب أو القبول .
– إذا توفي الموجب أو أصبح ناقص الأهلية (جنون أو سفه) بشرط أن يعلم الموجه إليه الإيجاب قبل أن يعبر عن قبوله.
المطلب الثالث: القبول.
القبول تعبير جدي عن الإرادة ،بمقتضاه يقبل الشخص الموجه إليه الإيجاب كل شروط الموجب ، فتتطابق الإرادتان وينشأ العقد المقصود ، واهم مميزاته يتميز بصفته الفردية حيث لا يوجه إلا لشخص معين بالذات ،والقبول يمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا في الحالات التالية:
– شروع من وجه إليه الإيجاب في تنفيذ التزاماته الشخصية فعلا .
– سكوت من وجه إليه الإيجاب يعتبر قبولا إذا كان الإيجاب له صلة بمعاملات سابقة
شروط القبول : لكي ينعقد العقد بالقبول يجب توفر شرطين:
– أن يصدر القبول و الإيجاب مازال قائما: (إذا كان القبول مقترنا بأجل وجب التعبير عنه قبل انقضاء الأجل)
– أن يكون القبول مطابقا للإيجاب تمام المطابقة .
المطلب الرابع: اقتران الإيجاب بالقبول.
لا يتم التعاقد بمجرد صدور إيجاب وقبول متطابقين ،بل يجب أن يقترن الإيجاب بالقبول حول العناصر الأساسية للالتزام وباقي الشروط الأساسية بالنسبة للطرفين ، ويحصل تطابق الإرادتين في عقد ما أما :
– بين متعاقدين يجمعهما مجلس العقد
– أو بين غائبين لا يجمعهما هذا المجلس
والتعاقد في الحالتين له شروط خاصة وشروط عامة ، أما الشروط العامة التي يخضع لها كل الحالات التعاقد هي:
1) أن يشمل تراضي الطرفين العناصر الأساسية للعقد (فيالبيع يجب التراضي على الشيء المبيع و الثمن)
2) إذا قام المتعاقدان بعد إبرام العقد بإجراء تعديلات على هذا الاتفاق .
3) إذا اتفق الطرفان على بعض شروط العقد واحتفظا بشروط أخرى معينة لتكون محل اتفاق آخر في هذه الحالة لا يتم العقد .
4) يعتد في التراضي بالإرادة الظاهرة التي يتم التعبير عنها بطريقة صريحة أو ضمنية ولا يعتد بالإرادة الباطنة غير المعبر عنها (اتفق طرفان على المبيع وعلى ثمن معين فليس للبائع أن يطالب بزيادة نسبة مائوية في الثمن)
أما الشروط الخاصة بكل عقد فنميز بين حالتين:
1) تطابق إرادتي المتعاقدين الحاضرين في مجلس العقد (اجتماع الطرفين مباشرة) في نفس المكان دون أن تفصل فترة زمنية بين صدور القبول وعلم من وجه إليه الإيجاب.
2) تطابق إرادتي المتعاقدين غير الحاضرين في مجلس العقد ( يمكن أن تتطابق إرادتهما دون اجتماعهما في نفس المجلس: التعاقد بالمراسلة أو بواسطة وسيط سمسار أو التعاقد بالهاتف)
ظهرت في فقه القانون عدة نظريات لتحديد زمان ومكان العقد :
أ– نظرية إعلان القبول أو إصداره: تقضي بان التعاقد بين غائبين يتم في زمان والمكان الذي يعلن فيهما من وجه إليه الإيجاب بالقبول.
ب– نظرية الإعلام بالقبول أو العلم به: تقضي بانعقاد العقد في الزمان و المكان اللذين يصل فيهما القبول إلى علم الموجب
ت– موقف المشرع المغربي من النظريتين:
نميز بين ثلاث حالات : التعاقد بين غائبين بالمراسلة و التعاقد بين غائبين بوسيط و التعاقد بالهاتف
المطلب الخامس: عيوب الرضي.
يتحقق التراضي بتطابق القبول مع الايجاب شرط اساسي لانعقاد العقد ، ويجب ان يتم التعبير بين الطرفين على بينة واختيار بدون غلط او تدليس او اكراه او غبن او حالة مرض او ماشابه ، وسندرس عيوب الرضى في مايلي:
الفقرة الاولى: الغلط.
الغلط وهو يقوم في ذهن الشخص يصور له الواقع على غير حقيقته مما يدفعه الى التعاقد (تصور خاطئ للواقع )اذن الغلط ذهني وليس له مظهر خارجي ،فالقانون لايعتد بالغلط وينقسم الغلط الى ثلاثة انواع :
1)الغلط المانع من الرضى: ينعدم فيه الرضى لأنه يصيب الإرادة ذاتها فلا ينعقد معه الغلط ويرد في الحالات التالية:
– الغلط في ماهية العقد: يقع الغلط في ذاتية المحل (شخص يعطي لآخر مالا على سبيل القرض فيضن الآخر انه هبة)
– الغلط في وجود المحل المتعاقد عليه او ذاتيته: (يقع البيع على شيء موجود بينما هو هالك)
– الغلط في سبب الالتزام: (كأن يتف الورثة مع الموصى له على إعطائه نصيبه من التركة فيتبين أن الوصية باطلة)
الرضى في الحالات التالية منعدم لانعدام تطابق الإرادتين على محل العقد او ماهيته او سببه .
2) لغلط غير المنتج: هو الغلط الذي لا تكون له صلة بتكوين الإرادة بالتالي يبطل العقد لأنه لا يعيب الإرادة ويشمل حالات منها:
– الغلط المادي: كالغلط في الحساب يحدث عند نقل الأرقام والعبارات من مستند للآخر،وهذا الغلط يمكن تصحيحه دون ان يؤثر على صحة العقد .
– –الغلط في الباعث الذي دفع احد المتعاقدين إلى إبرام العقد: هذا النوع يرجع لأمور شخصية محضة تسبق العقد (شراء شخص سيارة ضانا ان سيارته تحطمت وإنها سليمة بعد التأكد ، فالغلط هنا لا يؤثر على العقد)
– الغلط في صفة عرضية لشيء المتعاقد عليه: هذا الغلط يؤثر في إرادة المتعاقد لأنه وقع في صفة ثانوية وليست جوهرية للشيء محل العقد.
– الغلط في قيمة الشيء: باع شخص شيئا قيما بثمن زهيد لجهله لقيمته ،فلا يؤثر في صحة العقد ولا سببا لإبطاله.
3) الغلط المسبب للإبطال: هو الغلط الذي يغيب الإرادة ويخول إبطال العقد لأنه يحدث في تكوين الإرادة ،ذلك أن العقد يكون موجودا تكونت كل عناصره إلا الغلط الذي لحق الإرادة هو الذي جعل منه عقدا باطلا .
1) الغلط في القانون: يحدث هذا الغلط في 3 حالات : إما بسبب سوء فهم المتعاقد لقاعدة قانونية وإما بسبب جهله بوجود قاعدة قانونية وإما بسبب اعتقاد وجود قاعدة قانونية لا يوجد في الواقع ، وجود هذه الحالات يخول المطالبة بإبطال العقد ولكي يكون يجب توفر الشروط التالية :
الشرط الأول : أن يكون هو السبب الوحيد أو على الأقل السبب الأساسي الدافع للتعاقد.
الشرط الثاني: أن يكون الغلط مما يعذر عنه (أميا لا يعرف القراءة و الكتابة)
الشرط الثالث: أن لا يوجد نص قانوني يمنع الإبطال في بعض الحالات.
2) الغلط في مادة الشيء المتعاقد عليه أو في نوعه أو في صفة جوهرية فيه: (شراع حذاء معتقدا انه من الجلد )
3) الغلط في ذاتية احد المتعاقدين او صفة جوهرية فيه: ( أن يهب شخص فتاة تربيها إحدى الأسر قطعة أرضية معتقدا أنها ابنة أخته)
4) الغلط الواقع من الوسيط: عندما يتم إبرام العقد عن طريق وسيط وهذا الأخير يقع في الغلط.
الفقرة الثانية: التدليس.
التدليس هو استعمال وسائل احتيالية من اجل إيقاع شخص في غلط يدفعه إلى التعاقد . إذن التدليس يقوم على وجود غلط وهنا الغلط مختلف عن السابق باعتبار الغلط السابق هو غلط وقع فيه الشخص بمفرده ، أما الغلط الذي نتج عنه التدليس فقد ساهم في أحداثه الآخر باستخدام وسائل احتيالية .
التدليس و الغش: التدليس يصاحب تكوين العقد وهو الذي يدفع إلى التعاقد ، في حين أن الغش هو خديعة تقع إما خارج نطاق التعاقد كخلط الحليب بالماء وعرضه للبيع على انه خالص ( التعويض عن الضرر نتيجة الغش)
التدليس و الغلط : كليهما يجبر المتعاقد على التعاقد تحت تأثير الوهم ،إذن فهو الدافع للتعاقد في كل من الغلط أو التدليس إلا انه هناك فرق بينهما :
الوهم الناتج عن الغلط المجرد: يقع فيه المتعاقد من تلقاء نفسه (غلط تلقائي)
أما الوهم الناتج عن التدليس: فلا يقع المدلس عليه فيه إلا بفعل من المدلس وبسبب وسائل احتيالية بغرض الدفع للتعاقد( اذن غلط مدبر)
العيب في الحالتين هو الغلط وهذا ما جعل البعض يعتقد أن نظرية الغلط تغني عن نظرية التدليس ،وان الراغب في إبطال العقد للتدليس يمكنه تحقيق رغبته كذلك عن طريق الطعن في العقد للغلط ، لكن لا يمكن الأخذ بهذا الاعتقاد انطلاقا من الأسباب التالية:
1) لان المشرع لم يعتبر الغلط الواقع في الباعث على التعاقد معيبا للإرادة، ولكن إذا كان مصحوبا بتدليس يبطل العقد(هنا تظهر أهمية وجود نظرية التدليس بجانب نظرية الغلط)
2) ذكر المشرع حالات الغلط على سبيل الحصر وهي الغلط في القانون أو في الشيء أو في الشخص ، وحدد الحالات التي يكون فيها الغلط واقعا في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع للتعاقد دون الغلط في قيمة الشيء ( الغلط كهذا لا يخول الإبطال إلا إذا كان مصحوبا بطرق احتيالية كالتدليس وهنا يمكن الطعن في العقد)
3) يضاف إلى هذا الوسائل الاحتيالية وسائل مادية يسهل إثباتها بينما الغلط التلقائي هو حالة نفسية من الصعب إثبات الدليل عنها
إذن يجب من البقاء على نظرية الغلط و نظرية التدليس معا وتطبيقهما مع
شروط التدليس: يجب توافر 3 شروط للقول بوجود تدليس يشوب الإرادة ويبرر إبطال العقد ويتعلق الأمر ب:
1) لطرق استعمال المدلس احتيالية لتضليل المدلس عليه: يرتكز استعمال الأساليب الاحتيالية عانى عنصر مادي ومعنوي
العنصر المادي : تقديم وثائق أو شهادات مزورة للإقناع على التعاقد
عنصر معنوي: يتمثل في قصد التضليل لإبرام العقد
2) أن يكون التدليس هو الدافع إلى التعاقد : يجب أن يصل إلى درجة من الجسامة تجعله يؤثر في إرادة المتعاقد المدلس عليه
3) أن يكون صادرا من المتعاقد الآخر أو بعلم به: لكي يتحقق التدليس يجب أن يصدر من المتعاقد بنفسه أو أن يكون على علم به
الفقرة الثالثة: الإكراه.
هو إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون ، يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عملا بدون رضاه
إذن الإكراه يصيب الإرادة ويفقد من كان ضحيته الحرية و الاختيار بسبب الجبر أو الرهبة…
شروط الإكراه:
1) استعمال وسائل التهديد الباعثة على الرهبة في النفس
2) أن يكون الإكراه هو الباعث إلى التعاقد
3) أن تكون الغاية من الإكراه تحقيق غرض غير مشروع
الفقرة الرابعة: الغبن.
الغبن هو التفاوت الذي يقع بين ما يعطيه المتعاقد وما يأخذه (ان يبيع التاجر بضاعة بمبلغ3000 درهم في حين أن ثمنها لا يتجاوز 2000درهم)
يتحقق الغبن في عقود المعاوضة المحدد لكن الغبن المجرد يخول الإبطال إذا طال القاصر أو ناقص الأهلية وسنتناول كل حالة على حدة:
1) الأصل أن الغبن المجرد لا يخول إبطال العقد: الغبن المجرد الذي يلحق الراشدين لا يعتد به في التشريع
2) الغبن المقرون بالتدليس: الغبن المجرد لا يخول إلغاء العقد إلا إذا كان مرفقا بتدليس وتكون نتيجته الإبطال .
3) الغبن المجرد يعيب العقد بصفة استثنائية: من ثم لإبطال العقد الذي طال غبن مجرد لابد من توفر شرطين:
– أن يكون الطرف المغبون قاصرا آو ناقص الأهلية
– يجب أن يكون الفرق بين الثمن المتفق عليه في العقد و القيمة الحقيقية للشيء يزيد عن الثلث
الفقرة الخامسة: حالة المرض و الحالات المشابهة لها .
تحث المشرع عن حالة المرض وحالات مشابهة باعتبارها احد أسباب إبطال العقد ، فهي تدخل ضمن العيوب التي تلحق الرضا وتؤثر على الإرادة .
الإبطال بسبب حالة المرض:
حالة المرض التي تخول إبطال العقد ، كل مرض سواء عقليا او عضويا يؤثر على حرية المريض وإرادته بشكل سلبي ، وهناك حالات مشابهة بالمرض مثل مرض الموت أو المرض الأخير .
المقصود بالحالات الأخرى المشابهة:
الفقه ذهب في تفسير الحالات المشابهة وتشمل حالات ضعف الإرادة التي تعود :
لأسباب داخلية : كالشيخوخة و الطيش أو الهوى الجامح وعدم التجربة
لأسباب خارجية: كالحاجة الملحة والضرورة و الظروف المحيطة
إذن تشمل كل الحالات التي تكون معها إرادة المتعاقد مقيدة ومتأثرة بالظروف المحيطة بها مما يعرض صاحبها للاستغلال ويدفعه إلى إبرام عقود مجحفة في حقه
المطلب الرابع : الاستثناء عدم كمالية الأهلية .
يرجح سبب عدم اكتمال أهلية الشخص إلى فقدانها أو نقصانها ولكل حالة أثرها القانوني على التصرفات التي يقوم بها.
1) فقدان الأهلية وأثره في التصرفات القانونية:
يعتبر عديم الأهلية الأداء:
الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز: هو الذي لم يتم12سنة فتكون تصرفاته باطلة لاتنتج أي اثر سواء كان ضارا أو نافعا.
التصرف النافع: التصرف الذي يمنح لمن يقوم به حقوقا دون أن يلزمه بمقابل ذلك هبة بدون عوض للموهوب له أو الوصية للموصى له.
التصرف الضار: هو الذي يلزم من يباشر التزامات دون أن يمنحه حقوقا، كالتبرعات و الهبات بالنسبة للواهب.
التصرف الدائر بين النفع والضرر:هو كل تصرف ينتج عنه ربح أو خسارة ويشمل التصرفات المتعلقة بإدارة المال واستثمار كالإيجار.
المجنون وفاقد العقل: الجنون هو اضطراب في القوى العقلية يترتب عنه فقدان التمييز ، فالجنون هو عديم العقل ، فالمشرع سوى بين المجنون و الصبي غير المميز من حيث فقدان الأهلية لكن ميز بينهما على مستوى الحجز :
الصبي غير المميز: يكون محجورا عليه حكما نظرا لصغر سنه.
المجنون: لابد أن يصدر في حقه قرار بذلك من المحكمة .
2) نقصان الأهلية وأثره في التصرفات القانونية.
أ– حالات نقصان الأهلية: هناك ثلاثة حالات ناقص الأهلية هو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد و السفيه و المعتوه:
حالةالصغير المميز: الصغير المميز هو الذي تجاوز 12 سنة ولم يبلغ سن الرشد والصغير المميز كالصغير غير المميز
حالة السفيه: هو المبذر الذي يصرف ماله بدون فائدة.
المعتوه: هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها التحكم في تفكيره وتصرفاته
فهم كلهم يخضعون لأحكام الولاية او الوصاية او التقديم بسبب الحجر الذي يقع عليهم .
لكن الامر يختلف بالنسبة لرفع الحجز عليهم :
القاصر: اذا بلغ 18 سنة يمكنه ان يطلب من وليه الشرعي او من المحكمة ترشيده
اما السفيه او المعتوه: فلا يرفع عليهما الحجر الا في حالة واحدة ظهور رشدهم .
ب– أثر نقصان الأهلية على التصرفات :
يختلف أثر نقصان الأهلية على التصرفات باختلاف نوع التصرف :
بالنسبة للتصرفات النافعة:يجوز لناقص الأهلية القيام بها بمفرده فتعتبر تصرفاته صحيحة ولو جرت بمعزل عن الوصي آو الوالي او المقدم.
التصرفات الضارة : يمنع ناقص الأهلية مباشرتها بأنفسهم و الاذن من الوالي الشرعي بذلك ، كما يمنع هذا الاخير القيام نيابة عنهم تحت طائلة الإبطال.
التصرفات الدائرة بين النفع و الضرر: نميز بين ذلك بالإذن من النائب الشرعي او القاضي وفي حالة اذا :
– أخد القاصر او المعتوه الاذن من نائبهم الشرعي او بعد الحصول على الإذن من القاضي فالتصرف يعتبر صحيحا .
– اذا قاموا بها بدون الحصول على الإذن فهم لا يكون ملزما لهم ويكون باطلا .
حالات الابطال في هذه الحالات الاجراءات التالية :
– يقرر بطلب من النائب الشرعي او من القاصر بعد بلوغه سن الرشد او من المحجور بعد رفع الحجر عليه.
– اذا تقرر الابطال تقضي باعادة المتعاقدين للحالة التي كان عليها وقت التعاقد لان القاصر ناقص الاهلية يكونا ملزمين في حدود ما حصلا عليه من نفع من العقد الذي ابرماه.
– يستنفذ من حق الابطال من تقرر الابطال لمصلحته اي ناقص الاهلية ،اما من تعاقد معه فلا يمكنه الاحتجاج بنقص الاهلية الطرف الثاني للمطالبة بابطال العقد.
– يمكن تصحيح التصرفات الصادرة عن ناقص الاهلية اذا وافق عليها الوالي او الوصي او المقدم ، كما يمكن إجازتهما
– من الصغير بعد بلوغه سن الرشد او من ناقص الاهلية بعد رفع الحجز عليه.
المبحث الثالث : المحل.
محل الالتزام هو الأداء الذي يتعهد به المدين لمصلحته الدائن ويكون إما : إعطاء شيء أو القيام بعمل أو امتناع عن عمل .
وهو شرط ضروري لقيام العقد، ومحل العقد هو الأثر القانوني الذي يسعى الأطراف إلى تحقيقه إما:
– إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه
المشرع يشترط في المحل أن يكون موجودا أو ممكن الوجود، ومعينا أو قابلا للتعيين ثم مشروعا.
المطلب الأول : وجود المحل أو أمكان وجوده.
وجود المحل : ليكون الالتزام التعاقدي صحيحا يشترط أن يكون محله موجودا،إما إذا كان غير موجود وقت التعاقد ثم هلك قبل نشوء الالتزام يبطل العقد. لكن المشرع المغربي استثنى من التعامل بالأشياء المستقبلية تركة إنسان على قيد الحياة ويعود سبب هذا المنع إلى إن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة قد ينطوي على المضاربة على حياة المورث ويترتب عنها التفكير في التخلص منه.
إمكان وجود المحل : الالتزام يكون محله القيام بعمل وامتناع عن عمل يجب أن يكون ممكن الوجود ولا مستحيلا ، والاستحالة المقصودة هي الاستحالة المطلقة التي تكون بالنسبة للمدين ولغيره ، وتحول دون إنشاء الالتزام ويبطل معها العقد سواء كانت استحالته مطلقة مردها طبيعة الالتزام،كالتزام بيع منزل كان قد هدم، أو كانت استحالة قانونية كالتزام محام برفع استئناف حكم قابل للطعن بعد فوات أجل الاستئناف.
المطلب الثاني : تعيين المحل أو قابليته للتعيين .
يجب أن يكون العمل المراد القيام به أو الامتناع عنه معينا آو قابلا للتعيين، فإذا التزم مقاول ببناء منزل يجب تحديد مكان المنزل ، مساحته وعدد الطوابق و الغرف التي يتكون منها ، أما إذا اقتصرا المتعاقدان على ذكر عملية البناء بدون تحديد المواصفات الضرورية فيعتبر العقد باطلا لانعدام المحل .
المطلب الثالث: أن يكون المحل مشروعا.
ليكون الالتزام صحيحا بجب أن يكون محله مشروعا أي قابلا للتعامل به وليس مخالفا للنظام العام كالأراضي والتجارة و الأعمال… وليس الهواء أو.. أو الآداب العامة مثل الاتفاق على ارتكاب جريمة على أن يتحمل العقوبة شخص آخر غير مرتكبها أو الاتفاق على مس العقيدة.
المبحث الرابع : السبب.
تناولها المشرع واخذ بالنظرية التقليدية التي تبناها القانون الفرنسي فحدد بواسطتها الشروط الواجب توافرها في السبب .
النظرية التقليدية في السبب :
تميز النظرية التقليدية من خلال تعريفها للسبب بين ثلاثة أنواع:
– السبب الإنشائي : يقصد به مصدر الالتزام ونعلم أن مصادر الالتزام و العمل غير المشروع و الإثراء بلا سبب ، وبهذا المعنى لا يدخل هذا النوع في نطاق البحث لذلك تستبعده النظرية التقليدية .
– السبب الدافع: يقصد به الباحث النفسي الذي دفع الملتزم للالتزام حيث يكون مشروعا (من يشتري منزل و به سكان) وقد يكون غير مشروع (من يشتري منزل ويعده ناد للقمار) فالباعث الشخصي داخلي لا يؤثر في وجود العقد حسب النظرية التقليدية .
– السبب ألقصدي : وهو الغرض الذي يسعى إليه الملتزم للوصول إليه . فالنظرية التقليدية تأخذ بالسبب ألقصدي وتعتبره ركنا في الالتزام التعاقدي .
نقد النظرية التقليدية : عرفت العديد من الانتقادات من قبل بعض الفقه بكونها غير صحيحة لأنها تقوم على أن سبب الالتزام كل من طرفي العقد في العقود التبادلية هو التزام الطرف الآخر في حين أن السبب يجب أن يسبق المسبب ومن ثم فالتزامات الطرفين المتقابلة تنشأ في وقت واحد ولا يمكن ان يكون احدهما سببا للآخر
النظرية الحديثة: حاول المدافعون عن هذه النظرية الدفاع عنها اثبتوا فعلا أنها صحيحة و الثابت أن صحتها وفائدتها محدودة مادامت لا تعتد إلا بالغرض المجرد الذي يقصد الملتزم الوصول إليه ولا تهتم بالباعث إي الدافع إلى التعاقد والذي قد يكون مشروعا أو غير مشروع في النوع الواحد من العقود .
في قانون الالتزامات و العقود :
تناول المشرع المغربي السبب فتحدث تارة عن السبب بمعنى القصد وتحدث عنه تارة أخرى بمعنى الباعث ، واشترط أن يكون موجودا وحقيقيا و أن يكون مشروعا ، إذن المشرع مزج بين النظريتين التقليدية و الحديثة
أولا: أن يكون السبب موجودا : يجب أن يكون السبب موجودا وإلا بطل العقد أي يجب أن يكون للمتعاقد غرض محدد يهدف للوصول إليه ومن اجله يندفع إلى التعاقد
ثانيا: أن يكون السبب مشروعا: يجب إلا يكون مخالفا للأخلاق الحميدة وللنظام العام
ثالثا: أن يكون السبب صحيحا: إي أن يكون حقيقيا وليس كاذبا
المبحث الخامس : ركن الشكلية وركن التسليم.
الأصل في العقود كونها رضائية تقوم على حرية المتعاقدين عن إرادتهم دون أن يستلزم اعتمادا معين ولكن ترد استثناءات بالنسبة :
للعقود العينية: هي عقود يتطلب تكوينها إفراغ تراضي المتعاقدين في شكل معين يحدده القانون تحت طائلة البطلان ومن بينها :
الكتابة : المشرع اشترط لزوم الكتابة لصحة بعض العقود :
بيع العقار في عقد الشركة التي يكون محلها عقارات أو أموال عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا
التقييد بالرسم العقاري: أن إنشاء أو نقل أو تعديل إسقاط حق عيني وارد على عقار محفظ لا يتم بين المتعاقدين الا اذا جرى تقييد العقد المتضمن لكل ذلك في الرسم العقاري وابتداء من تاريخ التنفيذ
بعض البيوعات القضائية: هي البيوع التي يتدخل القضاء لاتمامهااذ يخضع انعقادها لعدة إجراءات شكلية من بينها الإشهار .
العقود العينية: هي التي يتطلب انعقادها إضافة الى تطابق إرادة المتعاقدين تحقق شكلية خاصة وهي تسليم الشيء محل الالتزام من احد المتعاقدين للآخر ويتعلق الامر ببعض العقود من ضمنها الرهن الحيازي .
المبحث الثاني: جزاء الإخلال بعناصر تكوين العقد
المطلب الأول: ماهية البطلان
البند الأول: تعريف البطلان
البطلان هو نتيجة عدم مراعاة توافر عناصر العقد الأساسية أو شروط صحتها، ينصرف إلى التصرف القانوني فيجعله تصرفا كأن لم يكن ،لا ينتج أي أثر لا بالنسبة للمتعاقدين ولا بالنسبة للغير
البند الثاني: أنواع البطلان
البطلان ليس واحد بل ينقسم إلى درجات بحسب قوة وشدة تأثيره على التصرف القانوني هدا التقسيم يختلف من الفقه التقليدي إلى الفقه الحديث، فالفقه التقليدي قسم البطلان إلى مطلق ونسبي لكن أمام ظهور حالات يكون فيها التصرف باطلا من دون وجود نص قانوني كزواج شخصين من جنس واحد حيث تبين عجز هدا التقسيم فأصبح البطلان وفقا للفقه التقليدي ينقسم إلى ثلاث درجات وهي الانعدام والبطلان المطلق والبطلان النسبي، وقد ظهر اتجاه حديث يقتصر على التقسيم الثنائي للبطلان فيقسمه إلى بطلان مطلق وبطلان نسبي وأساس هدا التقسيم هو أن للعقد أركان عامة لا بد من قيامها ومراعاة شروطها حتى يتكون العقد، فإذا تخلف ركن منم هده الأركان كان العقد باطلا بطلانا مطلقا، كما أن الرضا لا بد أن يصدر عن شخص كامل الأهلية وأساس التفرقة بين البطلان والإبطال في إطار النظرية الحديثة ينبني على تحديد نوعية المصلحة التي تم الإضرار بها. والمشرع المدني المغربي بدوره أخد بالتقسيم الثنائي
البند الثالث: تمييز البطلان عما يقاربه من النظم القانونية
الفقرة الأولى: البطلان والإبطال
يختلف البطلان عن الإبطال في أن البطلان هو الجزاء المدني الذي يطال العقد بسبب تخلف ركن من أركانه أو اختلال شرط من شروطه ، والفرق بين البطلان والإبطال هام ، العقد الباطل يكون عديم الوجود القانوني ومن ثم فهو لا ينتج أي أثر قانوني ،في حين أن العقد القابل للإبطال هو عقد له وجود قانوني ويمكنه أن ينتج كافة أثاره كالعقد الصحيح تماما إدا لم يتقدم صاحب المصلحة بطلب إبطاله،
الفقرة الثانية: البطلان والفسخ
البطلان شرط من شروط تخلف العقد فيؤثر في وجوده حيث يصبح كأن لم يكن لذلك فهو جزاء يصاحب تكوين العقد، أما الفسخ فهو جزاء يطال العقد الصحيح التام الأركان والشروط بسبب امتناع أحد طرفي العقد عن تنفيذ التزاماته التعاقدية.
الفقرة الثالثة: البطلان وعدم النفاد
إن العقد الباطل لا وجود له من الناحية القانونية وبالتالي فهو لا ينتج أي أثر لا بالنسبة للمتعاقد ولا بالنسبة للغير، أما فيما يتعلق بالعقد غير النافد فهو عقد صحيح له وجود قانوني وينتج كافة أثاره بالنسبة لأطرافه المتعاقدة ، لكن هده الآثار لا تسري في حق الغير، كما أن عدم النفاد قد يكون نتيجة عدم احترام شكلية معينة ينص عليها القانون كتسجيل العقد لدى الجهات المختصة.
المطلب الثاني: الأحكام العامة للبطلان
البند الأول: أحكام العقد الباطل
الفقرة الأولى :نطاق العقد الباطل
البطلان يتم في حالتين
الحالة الأولى: تخلف أحد أركان العقد الأساسية
أركان العقد الأساسية هي الرضا والمحل والسبب، ويعتبر العقد باطلا إدا كان أحد طرفي العقد عديم الأهلية ، أو جاءت إرادة الطرفين غير متطابقين حول العناصر الأساسية للالتزام.أو كان الدافع إلى العقد غير مشروع أو غير حقيقي.
الحالة الثانية: وجود نص قانوني يقرر البطلان.
وهي الحالات التي يتدخل فيها المشرع ويقرر بطلان العقد بنص خاص لاعتبارات تتعلق بالنظام العام بالدرجة الأولى .وهي حالات مختلفة وغير محددة ونستحضر ما نص عله ق ل ع الذي يتضمن ما يلي: ” يبطل بين المسلمين بيع الأشياء المعتبرة من النجاسة توافقا لشريعتهم مع استثناء الأشياء التي تجيز هده الشريعة الاتجار بها، كالأسمدة الحيوانية المستخدمة في أغراض الفلاحة ”
الفقرة الثانية : النتائج المترتبة عن تقرير البطلان.
يترتب عن البطلان مجموعة من الآثار المهمة نجملها في ما يلي:
أولا:حق التمسك بالبطلان.
إدا توافرت حالات البطلان جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، سواء كان طرفا في العقد أو أجنبيا عنه، لدلك فإن صاحب المصلحة يجب أن يستند في تمسكه بالبطلان على تضرر حقه بسبب هدا العقد الباطل، كما يجوز للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ودون أي طلب من أي ذي مصلحة ودلك متى توافرت إحدى حالات البطلان.
ثانيا: العقد البطلان لا يحتاج إلى إبطال
العقد الباطل لا حاجة له لطلب إبطاله أو الاتفاق على اعتباره كذلك، وما على صاحب المصلحة إلا تجاهل وجود هدا العقد والتصرف على هدا الأساس دون أن يترتب في ذمته أية التزامات قانونية اتجاه الطرف الأخر.
ثالثا: بطلان الالتزام الأصلي يؤدي إلى بطلان الالتزام التابع.
إدا تقرر بطلان الالتزام الأصلي لسبب من الأسباب المعتبرة قانونا ترتب عن دلك بطلان الالتزامات التابعة له، لأن الالتزام الأصلي باطل وما بني على باطل فهو باطل. ولكن بطلان الالتزام التبعي لا ينتج عنه بطلان الالتزام الأصلي ما دام هدا الأخير قام صحيحا ومستوفيا لكل الشروط القانونية،
رابعا : العقد الباطل لا تصححه الإجازة ولا التصديق
ينص ق ل ع على إجازة العقد الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه لا يكون لهما أدنى أثر.، والإجازة هي تصحيح العقد برفع العيب الذي يلحقه أما التصديق على العقد أو إقراره فهو تصرف قانوني يصدر من شخص من الغير بالنسبة للعقد وبه يجعل هدا العقد نافدا في مواجهته، فلا الإجازة ولا التصديق يصححان العقد الباطل والعلة في دلك أن العقد الباطل عديم من الناحية القانونية.
خامسا: العقد الباطل لا يصححه التقادم.
يسري التقادم على دعوى البطلان وهي في دلك تخضع للقواعد العامة المطبقة على الدعوى الناشئة عن الالتزامات بشكل عام ،والتقادم نوعان تقادم مكسب وتقادم مسقط ، فالتقادم المكسب هو الذي يكسب الحق بمرور مدة زمنية معينة ،أما التقادم المسقط فهو الذي يسقط الحق لعدم المطالبة به مدة زمنية معينة. ومثال دلك هبة باطلة شكلا إدا لم يسلم الواهب الشيء الموهوب كان قد مضى على الهبة أكثر من 15 سنة.
البند الثاني: أحكام العقد القابل للإبطال.
العقد القابل للإبطال هو عقد له وجود قانوني يكون مستوفيا لكل الأركان الأساسية للعقد
الفقرة الأولى: حالات إبطال العقد
يمكن تقسيم حالات الإبطال إلى ثلاث وهي:
أولا : حالة القاصر وناقص الأهلية
باعتبار أن الأهلية المدنية للشخص تخضع لقانون أحواله الشخصية فإن القاصر أو ناقص الأهلية وفقا لمدونة الأسرة يشمل الصغير المميز الذي بلغ 12 سنة كاملة لكن لم يصل إلى سن الرشد القانوني إضافة إلى السفيه والمعتوه.
ثانيا: حالة وجود عيب من عيوب الرضا
لا يكفي لقيام العقد وإنتاجه لأثار القانونية وجود الرضا، وإنما يجب أن يكون هدا الرضا سليما بأن يصدر عن شخص كامل الأهلية وأن يكون خاليا من عيوب الإرادة. وعيوب الإرادة نوعين عامة تؤثر في العقد وعيب لا يعتد به إلا غي حالات استثنائية محددة قانونا وهو الغبن،
ثالثا: حالة وجود نص قانوني
يمكن إبطال العقد في حالة وجود نص قانوني يقضي بدلك ونجد العديد من التطبيقات لهده الحالة في التشريع المدني المغربي أهمنا بيع ملك الغير ،كما أنه إدا قام شخص بتفويت شيء لا يملكه لأخر على سبيل البيع فإن هدا البيع يقع صحيحا لكنه يكون مهددا بالإبطال لمصلحة المشتري إدا لم يقره المالك الحقيقي.
الفقرة الثانية: النتائج المترتبة عن تقرير الإبطال.
أولا: حق التمسك بالإبطال
لا يتم إبطال العقد إلا بناء على طلب بتقدم به المتعاقد الذي تقرر الإبطال لمصلحة، ولا يمكن للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه كما لا يمكن لشخص أخر أن يتمسك به. وإذا تعاقد أحد الأشخاص تحت تأثير الغلط أو التدليس أو الإكراه أو تعرض للغبن وفقا للحالات المحددة قانونا، فلا يمكن طلب إبطال العقد إلا من طرف من تعيبت إرادته ، بحيث إدا لم تتم إدا لم تتم المطالبة بإبطال العقد داخل الأجل القانوني ،فلا يمكن للطرف الأخر الامتناع عن التنفيذ والدفع بإبطال العقد.
ثانيا: تصحيح العقد القابل للإبطال بالإجازة.
ما دامت الغاية من تقرير الإبطال هي حماية مصلحة خاصة فيمكن لصاحب هده المصلحة إجازة العقد عن طريق التنازل عن الحق في طلب إبطاله. وحتى تصح الإجازة لابد أن تصدر عن بيئة واختيار وأن يكون من صدرت عنه متوفرا على الأهلية القانونية اللازمة لتصحيح مثل هدا التصرف
ثالثا: تصحيح العقد القابل للإبطال بالتقادم.
إدا لم يتمسك صاحب الحق بإبطال العقد بحقه بأن أغفل المطالبة بالإبطال داخل الأجل الدي يحدده المشرع ،سقط حقه في إبطال العقد ،لأن سكوته هدا يعتبر قرينة على تنازله وتخيله عن حقه في طلب الإبطال ،كما أن ق ل ع قد حدد بداية سريان مدة التقادم ،كما أن أجل التقادم هو مرور 15 سنة من تاريخ إبرام العقد ،فإدا كان العقد قابلا للإبطال للإكراه ،ولم يزل هدا الإكراه إلا بعد مرور 10 سنوات على إبرام العقد فيمكن لمن مورس عليه الإكراه الاستفادة من الأمد الطويل وطلب إبطال العقد.
المطلب الثالث: أثار العقد الباطل
الآثار الأصلية للعقد الباطل.
الفقرة الأولى: أثار البطلان بالنسبة للمتعاقدين
العقد الباطل لا ينتج أي أثار قانوني إلا استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له، بمعنى على كل كتعاقد قد يرد للأخر ما أخده تنفيذا للعقد الباطل، فيرجعان إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرام العقد، وهو ما يعرف بسريان مفعول البطلان بأثر رجعي ،وإذا كان إرجاع المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها وقت إبرام العقد هو الآثار الأصلي والمباشر للحكم بالبطلان، فإن المشرع أورد على هدا الأصل استثناء هاما يتعلق بالقاصر وناقص الأهلية
الفقرة الثانية: أثار البطلان بالنسبة للغير.
المقصود بالغير هنا هو الشخص الذي تلقى مالا أو حقا من أحد طرفي العقد الباطل ،القاعدة المكرسة قانونا وقضاءا هي أن مفعول البطلان والإبطال يسري بأثر رجعي بالنسبة للمتعاقدين والغير ،لكن تطبيق هده القاعدة يصطدم في كثير من الحالات بمبادئ قانونية أخرى يتعين مراعاتها ،لدلك يتعين الخروج عن القواعد العامة، وعدم الأخذ بأثر البطلان على إطلاقه مراعاة لبعض الاستثناءات والقيود التي تلطف من حدة هدا الأثر، وقد وجدت هده الاستثناءات تطبيقا لها على المستوى التشريعي.
البند الثاني :الآثار العرضية للبطلان.
ينتج العقد الباطل بعض الآثار العرضية غير المقصودة باعتباره واقعة مادية ودلك بسبب التحول الذي يطرأ عليه،
الفقرة الأولى: نظرية تحول العقد
المقصود بهده النظرية هو أن العقد إدا كان باطلا أو قابلا للإبطال لكن توافرت فيه شروط عقد أخر حيث يتعين الإبقاء على هدا العقد في منظوره الجديد ،ويتوقف دلك على توفر بعض الشروط نجملها فيما يلي:
أولا: أن يكون العقد الأصلي باطلا
فلو كان العقد الأصلي صحيحا وأمكن أن يستنبط منه تصرف صحيح أخر، فلا يمكن للقاضي أن يحل محله للعقد الأخر حتى وإن كان المتعاقد يؤثرانه على التصرف الأول.
ثانيا: احتواء العقد الأصلي الباطل عناصر العقد الجديد
من خلال تضمن العقد الباطل جميع عناصر العقد الجديد دون أن يضاف إليها عنصر أخر جديد ،مثلا السند الرسمي الباطل قد يصح سندا عرفيا إدا كان توقيع الطرفين.
ثالثا: انصراف إرادة المتعاقدين إلى تبني العقد الجديد
الإرادة المعتبرة في هده الحالة هي الإرادة الافتراضية التي تقترن بالظروف والملابسات التي تؤكد احتمال انصراف نية الأطراف المتعاقدة إلى تبني العقد الجديد
الفقرة الثانية: نظرية انتقاص العقد
من خلال إدا لحق البطلان بعض أجزاء العقد فقط دون الأجزاء الأخرى ،وهو ما يعرف بالبطلان الجزئي فلا مانع من إنقاذ الالتزام عن طريق الإبقاء على الأجزاء الصحيحة منه إدا كان بطلان الأجزاء المعيبة لا يؤثر في استمرار وجوده ،وهو ما يعرف بانتقاص العقد. أما إدا تعذر بقاء الأجزاء الصحيحة دون الأجزاء المعيبة فإن البطلان يمتد ليشمل الجزء الصحيح أيضا فيصبح الالتزام باطلا ف مجمله ،وتطبيق هده النظرية يستلزم توافر بعض الشروط وهي :
أولا: إمكانية الفصل بين الأجزاء الباطلة والأجزاء السليمة للإلتزام.
ثانيا: اعتبار إرادة المتعاقدين في إنقاص المتعاقدين.
الفصل الثاني : تنفيذ العقد
المبحث الأول : أثار العقد من حيث الموضوع
المطلب الأول : مبدأ القوة الملزمة للعقد والاستثناءات الواردة عليه.
البند الأول : مفهوم مبدأ القوة الملزمة للعقد
القوة الملزمة للعقد أي أن العقد الذي ينشأ على وجه صحيح يقوم مقام القانون في تنظيم العلاقة التعاقدية القائمة بين المتعاقدين ،وهو ما يعبر عنه بالعقد شريعة المتعاقدين ،ويقصد بهده القاعدة أن الالتزام الناشئ عن العقد يعادل في قوته الالتزام الناشئ عن القانون. ويستمد العقد قوته الملزمة من إرادة المتعاقدين،
البند الثاني : الاستثناءات الواردة على مبدأ القوة الملزمة للعقد
هده الاستثناءات تفرضها مبادئ العدالة التعاقدية وواجب حسن النية في تنفيذ الالتزامات المترتبة عن العقد ونذكر منها :
الفقرة الأولى : نظرية الظروف الطارئة.
بغية الحفاظ على نوع من التوازن بين المصالح الاقتصادية للأطراف المتعاقدة خولت بعض التشريعات المدنية، للقاضي إمكانية التدخل لتوزيع تبعة الظرف الطارئ على عاتق الطرفين ،ورد التزام إلى حد المعقول والمنطقي ونظرا للانتقادات التي واجهت هده النظرية وضع أنصارها بعض الضوابط والشروط لتطبيقها.
الفقرة الثانية : تعديل التعويض ألاتفاقي
لقد أعطى المشرع للقاضي سلطة مراجعة التعويض ألاتفاقي ،ودلك ترجمة منه لوعي السلطة التشريعية المغربية بالمرونة التي أصبحت تطبع نظرية العقد ويعدم جدوى التشبث المطلق بمبدأ القوة الملزمة للعقد.
وتتم المراجعة على ثلاثة صور:
مراجعة الشروط لجزئية المبالغ فيها بتخفيضها.
مراجعة الشروط الجزئية الزهيدة بالرفع منها
تخفيض الشرط الجزئي المتفق عليه.
الفقرة الثالثة :إلغاء الشروط التعسفية
أدت العديد من التشريعات المدنية إلى سن قوانين جديدة منظور إليها من زاوية اجتماعية فدفها حماية الطرف الضعيف في العلاقات التعاقدية غير المتكافئة تعرف بقوانين حماية المستهلك ،ومن بين المقتضيات الحمائية التي تحتويها هده القوانين والتي تشكل استثناءا عن مبدأ القوة الملزمة للعقد هو إعطاء القاضي سلطة إلغاء الشروط التعسفية وإعادة التوازن للعقد
المطلب الثاني : تحديد مضمون العقد
يقصد بتحديد مضمون العقد معرفة المقاصد والآثار التي ينوي المتعاقدين تحقيقها من وراء عملية التعاقد.وللتوضيح أكثر سنتطرق إلى
البند الأول : تفسير العقد
إمكانية تفسير العقد تختلف حسبما إدا كانت عبارات العقد واضحة أو غامضة:
الفقرة الأولى: حالة وضوح عبارات العقد.
المبدأ الدي يمنع التفسير في حالة وضوح عبارة العقد بعلة أن العبارة الواضحة هي تعبير صادق عن قصد وإرادة المتعاقدين لدلك لا يجوز للقاضي الانحراف والزيغ عن مدلول العبارات الواضحة عن طريق تأويلها وتفسيرها. لكن العقد الواضح في بعض الأحيان قد يكون في حاجة إلى تفسير متى كان ظاهر العقد مخالفا لقصد المتعاقدين، وفي مثل هده الحالات يجوز للقاضي أن يترك المعنى الظاهر الواضح ويبحث في المعنى الدي قصده المتعاقدين حقيقة
الفقرة الثانية: حالة غموض عبارة العقد
يتحقق غموض عبارات العقد في الحالات التالية:
صعوبة التوفيق بين بنود العقد وأجزائه المكونة له، أو عندما تكون العبارات المستعملة غير معبرة عن النية المشتركة للمتعاقدين ،وعندما يكون للعبارات المستعملة أكثر من معنى وفي مثل هده الحالات يتعين على القاضي البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل، وقد نص المشرع على مجموعة من القواعد يمكن للقاضي أن يستأنس بها في الكشف عن النية المشتركة للمتعاقدين منها :
إدا تعذر التوفيق بين بنود العقد بأن جاءت متناقضة وجب الأخذ بآخرها رتبة في كتابة العقد
إدا احتمل بند في العقد أكثر من معنى وجب حمله على المعنى الذي يعطيه أثرا
التنازل عن الحق يجب أن يكون له مفهوم ضيق
الفقرة الثالثة: تعذر وصول القاضي إلى قصد المتعاقدين
إن تفسير العقد يصل بالقاضي إلى أحد أمرين فهو إما أن يتمكن من رفع غموض عبارة العقد واستخلاص الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، وإما أن لا يتمكن من دلك حيث يبقى الشك يحوم حول مدلول عبارة العقد في هده الحالة الأخيرة يتعين على القاضي تفسير الشك لمصلحة الطرف المدين،
البند الثاني: تكييف العقد
إن الوقوف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين يفيد في تحديد الوصف القانوني للعقد الذي يجمع بينهما وإعطائه التكييف القانوني السليم.
لدلك فعملية تكييف العقد تأتي بعد تفسيره وهي عملية ينفرد بها القاضي ولا دخل لإرادة المتعاقدين فيها. ويهدف القاضي من وراء عملية تكييف العقد ضبط القواعد القانونية الواجبة التطبيق على العقد موضوع التكييف
البند الثالث :تحديد نطاق العقد
يتعين على القاضي تحديد أثار العقد، أي تحديد نطاقه من خلال البحث في ملحقات العقد ومستلزماته والعقد لا يلزم بما وقع التصريح بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقاته التي يقررها القانون أو العرف أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته. وقد وضع المشرع ضوابط موضوعية يمكن للقاضي أن يستعين بها في تحديد نطاق العقد منها : طبيعة الالتزام ،والقانون ويقصد به القواعد المفسرة ،والعرف أو العادة ويجب فيها أن تكون عامة وغالبا وغير مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة ،وقواعد الإنصاف والعدالة لتغطية بعض الجوانب القانونية غير المشار إليها في العقد ولا في النصوص التشريعية المنظمة لهدا العقد.
المبحث الثاني: نسبية العقد.
المقصود بآثار العقد كل ما يترتب عليه من حقوق والتزامات ،هده الآثار لا تهم كمبدأ عام، ولا تضر ولا تنفع، إلا من كان طرفا في هدا العقد دون غيره من الأشخاص الآخرين ،وعليه سنعالج هدا المبحث من خلال
المطلب الأول: أثار العقد بالنسبة للمتعاقدين.
البند الأول: أثار العقد بالنسبة للمتعاقدين بالمفهوم الضيق
أثار العقد من حقوق والتزامات تنصرف بشكل كامل ومطلق إلى المتعاقد بدون قيد ولا شرط وإلا ما كان نتائج إرادة المتعاقد نفسه، ويقصد بالمتعاقد كل شخص اشترك في إبرام عقد من العقود سواء بصفة شخصية أو عن طريق وكيل أو نائب قانوني عنه
البند الثاني: أثار العقد بالنسبة للمتعاقدين بالمفهوم الواسع
يشمل المفهوم الواسع للمتعاقدين الخلف العام والخاص، فالإنسان أيل للزوال مهما طال أجله لدلك فالمنطق والعدالة يفرضان أن تستمر أثار العقود التي يبرمها السلف لخلفه حفاظا على الحقوق المكتبة وعلى استقرار المعاملات بين الناس
الفقرة الأولى: أثار العقد بالنسبة للخلف العام.
يقصد بالخلف العام كل ما يخلف الشخص في ذمته المالية من حقوق والتزامات أو في جزء منها، فالخلف العام بهدا المفهوم يتأثر بنتائج العقد الذي أبرمه سلفا ،وقد يتم الاتفاق في العقد على استبعاد الخلف العام من التأثر بنتائج العقد، سواء شمل هدا الاستبعاد الخلف العام بالنسبة للمتعاقدين معا، أو بالنسبة لأحدهما فقط،وقد تنحصر أثار العقد على المتعاقدين ولا تمتد لتشمل الخلف العام إذ نص المشرع صراحة على دلك، كما هو الشأن بالنسبة لعقد شركة حيث تنتهي بوفاة أحد الشركاء ما لم يتفق على خلاف دلك ،وكذلك بالنسبة للوصية فإذا كانت للغير وتجاوزت الثلث فإن نفادها متوقف على إجازة الورثة.
الفقرة الثانية: أثار العقد بالنسبة للخلف الخاص
الخلف الخاص هو من يخلف الشخص في عين معينة بالذات، أو في حق عليها. كالمشتري يخلف البائع في المبيع، والخلف الخاص بهذا المفهوم يخلف سلفه بالنسبة للتصرفات الصادرة عن هدا الأخير قبل انتقال الحق إلى الخلف الخاص، سواء كان حقا عينيا أو شخصيا ،أما بالنسبة للتصرفات التي تصدر عن السلف بعد انتقال الحق إلى الخلف الخاص فإنها لا تنتج أثرا. والخلف الخاص إدا حل محل سلفه في حق معين فإنه يكسب هدا الحق بالحالة التي كان عليها وقت انتقاله ،فإذا كان الحق قد اقترن في ذمة السلف بوصف معين، فإنه ينتقل إلى الخلف بهذا الوصف وإذا كان في ذمة السلف قابلا للطعن فإنه ينتقل إلى السلف قابلا لهدا الطعن، والمشرع المغربي لم يتطرق لموضوع أثر العقد بالنسبة للخلف الخاص، وفيما استقر عليه الفقه والقضاء لمحاولة تأطير العلاقة التي تربط السلف بخلفه الخاص، وفي هدا الإطار تم الاهتداء إلى مجموعة من القواعد القانونية نذكرها على الشكل التالي:
_ أن يكون العقد الذي أبرمه السلف سابقا في تاريخ إبرامه على العقد الذي انتقل به الحق أو الشيء إلى الخلف
_ أن تكون الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تم به الاستخلاف من مستلزمات وتوابع الشيء أو الحق محل الاستخلاف.
المطلب الثاني: أثار العقد بالنسبة للدائنين
يتأثر الدائنون بتصرفات المدين بمقتضى علاقة المديونية التي تربطهم به، فكل تصرفاته سواء التي تغنيه أو تفقره تؤثر فيهم باعتبار ذمته المالية هي الضمان العام لديونهم ،وتظهر أهمية تأثر الدائنين بتصرفات المدين على وجه الخصوص في حالة إعساره لدلك حتى يحتج بالتصرفات التي تفقر من الذمة المالية يجب أن يكون المدين حسن النية، ولا يحق لهم المطالبة ببطلان هده التصرفات بعد إثبات الصورية ودلك بكل وسائل الإثبات القانونية وغيرها
الفصل الثالث: جزاء الإخلال بتنفيذ العقد (الصفحة 150)
إن الإخلال بتنفيذ العقد يفترض وجود عقد صحيح قابل لإنتاج كافة أثاره القانونية لكن إنتاج هذه الأثار قد يتعطل بسبب أحد المتعاقدين أو بفعل قوة قاهرة ،مما يدفع بالمتعاقد الأخر إلى المطالبة بفسخ العقد
المبحث الأول: فسخ العقد
يتخذ عدة صور:
المطلب الأول: أنواع الفسخ
نتطرق إلى أنواع الفسخ من خلال
البند الأول: الفسخ القضائي
وهو عقد بمقتضاه يستطيع المتعاقد أن يطلب قضائيا حل العقد عند عدم تنفيذ متعاقد الأخر التزاماته المتقابلة أو تأخره في تنفيذها والحال أن تنفيذ هذه الالتزامات أصبح غير ممكن كليا أو جزئيا، ويتعين للمطالبة قضائيا بفسخ العقد توافر الشروط التالية
1 : أن يتعلق الأمر بعقد ملزم لجانبين : وهو العقد الذي يرتب التزامات متقابلة في ذمة كلا طرفيه فيكون الفسخ نتيجة عدم تنفيذ أحد الطرفين لالتزاماته
2 : أن يكون المدين بالالتزام في حالة مطل: بتأخره عن تنفيذ التزاماته إما كليا أو جزئيا من غير سبب مقبول،
3 : أن يكون الدائن مستعدا لتنفيذ التزاماته : وذلك بأن يكون قد أدى ما بذمته للطرف الأخر أو عرض أدائه عرضا حقيقيا
البند الثاني : الفسخ الإتفاقي
يمكن للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه وبقوة القانون بمجرد إخلال أحدهما بالتزاماته ،فبمجرد تحقق هذا الشرط يقع العقد منفسخا دون الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء وحتى في حالة اللجوء فإن الحكم القضائي يكون معلنا للفسخ فقط لا مؤسس له ،وقد أكدت محكمة النقض هذا الأمر في العديد من قراراتها
البند الثالث : الفسخ القانوني (انفساخ العقد)
ينفسخ العقد بشكل تلقائي وتنقضي الالتزامات المترتبة في ذمة طرفيه بقوة القانون عندما يصبح تنفيذ المدين بالتزاماته مستحيلا لسبب أجنبي لا دخل له فيه، وقبل أن يصبح في حالة مطل ،ـ والاستحالة المقصودة هنا هي الاستحالة المطلقة التي يتعذر فيها على كل شخص عادي متوسط الفطنة والذكاء ،فإذا تحقق السبب الأجنبي أنفسخ العقد بقوة القانون وبشكل تلقائي دون حاجة للجوء إلى القضاء للحكم به،
المطلب الثاني : الآثار المترتبة عن الفسخ
الآثار المترتبة عن الفسخ سواء كان قضائيا أو اتفاقيا أو قانونيا هو انحلال العقد وزواله من وقت نشوءه نعرض التفاصيل من خلال
البند الأول: أثار الفسخ بالنسبة للمتعاقدين
إن انحلال العقد بأثر رجعي بسبب الفسخ يفرض إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كان عليها قبل إبرام العقد فإذا كان العقد لم ينفذ بعد تحلل كل طرف التزاماته اتجاه الطرف الأخر ،أما إذا كان نفذ كليا أو في جزء منه وجب على متعاقد رد ما أخذه للمتعاقد الأخر استنادا على قاعدة استرداد غير المستحق، لكن إمكانية الرد هذه قد تتعذر في بعض الحالات كهلاك محل العقد، ويقتصر الفسخ في إنتاج أثاره على المستقبل ولا يسري على الماضي
البند الثاني: أثار الفسخ بالنسبة للغير
إن تطبيق مبدأ الأثر الرجعي للفسخ يشمل بالإضافة إلى المتعاقدين الغير كذلك ،لذلك إذا كان المدين بالالتزام قد تصرف في موضوع العقد بأي نوع من أنواع التصرفات الناقلة للملكية فإنه يمكن للدائن استرداد الشيء من يد حائزه متى كان ذلك ممكنا ،غير أن تطبيق هذا المبدأ قد يصطدم في بعض الحالات بمبدأ اكتساب الحقوق عن حسن نية،
المبحث الثاني : الدفع بانعدام التنفيذ
إن الدفع بانعدام التنفيذ يعتبر ضمانة أساسية للوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين إذ يحق لكل طرف الامتناع عن تنفيذ التزاماته إلى حين أن ينفذ الطرف الأخر التزامه المقابل، طبعا ما لم يكن ملزما بالتنفيذ أولا،
لكن اهتمام هذه الإمكانية في الإجبار على تنفيذ العقد يحتاج إلى توافر مجموعة من الشروط
المطلب الأول: شروط الدفع بانعدام التنفيذ
حتى يحق التمسك بعدم تنفيذ الالتزام لابد من توافر ثلاثة شروط وهي :
البند الأول: أن يكون العقد ملزما للطرفين
العقد الملزم للطرفين هو العقد الذي يرتب التزامات متقابلة في ذمة كلا طرفيه، بحيث يصبح كل منهما دائنا ومدينا اتجاه الطرف الأخر
البند الثاني :أن تكون الالتزامات المترتبة عن العقد مستحقة الأداء
إن الدفع بانعدام التنفيذ يستلزم أن تكون الالتزامات المتولدة عن العقد ثابتة ومستحقة الأداء حالا، بمعنى أن لا يكون الوفاء بالالتزام معلق على شرط أو أجل
البند الثالث :أن لا يكون أحد الطرفين مجبرا على تنفيذ التزاماته أولا
يمكن للمتعاقدين الاتفاق على أن ينفذ أحدهما التزاماته أو البعض منها قبل الطرف الأخر، في هذه الحالة يتعين على الطرفين التقيد بهذا الشرط وفاءا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ،وقد أكد القضاء على ضرورة توافر هذا الشرط لصحة التمسك بالدفع بانعدام التنفيذ
المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن الدفع بانعدام التنفيذ
يتخذ وقف التنفيذ من الناحية العملية أكثر من مظهر قانوني فهو قد يتمثل في عدم تمكين المدين من الاستفادة من منفعة الشيء أو المال متى كان العقد ناقلا للملكية (البيع) وقد يتمثل في عدم تمكين المدين من الاستفادة من منفعة الشيء متى تعلق الأمر بالعقود التي ترد على المنفعة (الكراء مثلا) وقد يتخذ صورة الامتناع عن أداء خدمة أو عمل معين متى تعلق الأمر بالعقود الواردة على العمل، ولا يقتصر أثار الدفع بانعدام التنفيذ على المتعاقدين فقط بل تتعداه إلى الغير بمن فيهم الخلف العام والخاص ودائني المتمسك بهذا الدفع، وبمفهوم المخالفة فإنه لا يسري الدفع في حق الغير إذا كان هذا الغير قد كسب حقه قبل ثبوت الحق في التمسك بالدفع، وذلك وفاء لمبدأ احترام الحقوق المكتسبة للغير عن حسن نية