مقدمة
القانون الإجتماعي هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم علاقات العمل التبعي المأجور.
وهو بذلك يمس فئات عريضة من المجتمع مقاولات مأجورين لهذا التنظيم آثاره وانعكاساته الإجتماعية إذ يهم المجتمع ككل عائلات المأجورين والمستهلكين والمتعاملين مع كل القطاعات الإنتاجية كما له آثاره الاقتصادية، من حيث نشاط المقاولات واستمراريتها وتنامي مردوديتها وتشجيع الاستثمار.[1]
وهكذا يتضح أن قانون الشغل يتموقع في قلب التحولات التي يعيشها المجتمع. ويتطور تبعا للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
فإذا كان كل طرف يعرف ماله من حقوق وما عليه من واجبات تجاه الطرف الآخر وكذا المجتمع الذي يعيش فيه فلاشك أن الحياة ستكون بنظامها وانتظامها ونشيطة بين أفراد المجتمع ككل؛ لذلك عمد المنتظم الدولي إلى حماية الأجير من كل الظواهر الاجتماعية والإقتصادية والسياسية حيث عمل على زيادة الوعي بضرورة توفير حماية للأجراء العاملين أيا كان جنسهم أو مكان تواجدهم بغية دعم مركزهم القانوني.
إلا أنه يبدو أن هذه الجهود لابد من مضاعفتها لحمل الدول على تسريع وثيرة ملاءمة نصوصها القانونية مع الأحكام الواردة في الإتفاقيات الدولية المتعلقة بالشغل. الأمر الذي انعكس إيجابا على التشريعات الوطنية منها التشريع المغربي، الذي حاول ملاءمة الأحكام المتعلقة بالشغل مع المبادئ المقررة في القانون الدولي؛ المنظم هذا الموضوع فمقاربة تنظيم الشغل لشروطه، ظروفه مدته تكتسي أهمية بالغة لكونه يهدف عناصره الثلاثة التي تكرس الطابع الحمائي للأجراء إن على المستوى الصحي أو الإجتماعي نحو سيادة عدالة اجتماعية داخل المقاولة وبالتالي الرفع من مردودية وتنافسية هذه الأخيرة، حتى تدفع بعجلة الاقتصاد إلى الإزدهار.
كما تبرز قيمته من أهمية الإشكالات التي يثيرها والمتمثلة في:
هل المشرع المغربي استطاع التوفيق بين المرونة التي ينادي بها المشغلين وضرورة حماية الأجير كطرف ضعيف؟
وما مدى توفيقه في توفير حماية فعالة للأجراء من المخاطر المهنية؟
تماشيا مع طبيعة الموضوع واستجابة للتساؤلات المطروحة يتعين تقسيم الموضوع وفق التصميم التالي:
المبحث الأول: أحكام أداء الشغل
المطلب الأول: شروط الشغل
الفقرة الأولى: صفات أداء الشغل
الفقرة الثانية: كيفية أداء الشغل
المطلب الثاني: ظروف الشغل
الفقرة الأولى: طلب الشغل
الفقرة الثانية: تدابير الوقاية والسلامة المهنية
المبحث الثاني: تنظيم مدة الشغل.
المطلب الأول: مدة الشغل
الفقرة الأولى: ساعات الشغل العادية
الفقرة الثانية: ساعات الشغل الاستثنائية
المطلب الثاني: أنواع العطل والرخص القانونية
الفقرة الأولى: فترات الراحة
الفقرة الثانية: العطلة السنوية والإجازات الخاصة ورخص التغيب
المبحث الأول: أحكام أداء الشغل
معلوم أن علاقة الشغل غالبا ما يتم تنظيمها بواسطة عقد الشغل، وهذا ما حدا بالمشرع المغربي بتأطير هذا العقد بمقتضيات قانونية تضمن تفعيل هذه العلاقة بين المشغل والأجير كلما ارتبطت بعلاقة التبعية.
ومنه فعقد الشغل يحتاج لتنظيمه مجموعة من الشروط، فبالإضافة طبعا لشروط الإنعقاد العامة ( الأهلية، الرضا، السبب والمحل) نجد شروطا تميز عقد الشغل عن العقود الأخرى والمتمثلة في:
- أداء العمل من طرف الأجير
- الحصول على أجر مقبل العمل
- تبعية العامل للمشغل
وعليه فأداء الشغل لا يتم إلا إذا توفرت شروط تخول الحق للأجير للقيام به. كما يجب توفر ظروف تحقق للأجير كامل الحماية حتى يتسنى له القيام بالتزاماته بكل راحة وطمأنينة، وذلك بتوفير الرعاية الصحية واتخاذ كل تدابير السلامة والوقاية. وهنا يبقى التساؤل المطروح ما هي هذه الشروط الواجب توفرها وما هي الظروف التي ستساعد الأجير في القيام بعمله على أحسن وجه؟
هذا ما سنجيب عنه في هذا المبحث، حيث خصصنا المطلب الأول لشروط أداء الشغل والمطلب الثاني لظروف الشغل.
المطلب الأول: شروط أداء الشغل
يعتبر أداء العمل عنصرا مهما في عقد الشغل، وقيامه يستوجب شروطا تتمثل في خضوع الأجير لصفات معينة وكيفيات محددة ، نلخصها في صفات أداء الشغل ( الفقرة الأولى) وكيفية أداء الشغل ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: صفات أداء الشغل
حسب مقتضيات المادة 6[2] من مدونة الشغل، المشغل يلتزم بأداء الأجر في حين يلتزم الأجير بأداء العمل الموكول إليه تحت تبعية المشغل، وباعتبار أداء الشغل التزام أساسي يقع على عاتق الأجير[3] فإنه لابد أن تتوفر فيه بض الشروط أهمها:
- الطابع الشخصي لأداء الشغل
- الطابع الإختياري لأداء الشغل
- أداء الشغل خارج الوظيفة العمومية
أولا: الطابع الشخصي لأداء الشغل
بالرجوع إلى الفصل 723 من قانون الإلتزامات والعقود ” إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له”. يتضح لنا أن أداء الشغل يقوم مبدئيا على الإعتبار الشخصي، بحيث لا يمكن للأجير أن ينيب عنه شخصا آخر في أداء عمله، ذلك لأن المشغل تعاقد مع الأجير بناء على كفاءته المهنية وخبرته وصفاته فهي محل إعتبار الشغل، وإذا ما تم ذلك فإن قبول المشغل لهذا الوضع يعني تعاقده مع الشخص الآخر، أي إبرامه عقد جديد مع الطرف الآخر. مع بعض الإستثناءات تهم الأجراء الذين يشتغلون في منازلهم.[4]
ولقد اعتبره المشرع في الفصل 39 من مدونة الشغل، بمثابة الخطأ الجسيم حيث يمكن أن يؤدي إلى الفصل رفض الأجير إنجاز شغل من اختصاصه إذا كان الرفض عمديا وبدون مبرر.
وفي هذا الصدد جاء القرار 496 الصادر من المجلس الأعلى بتاريخ 17 ماي 1997 في الملف الإجتماعي عدد 9637/86: ” أن الشخص الذي ينجز عمله لدى المطلوبة في النقض بواسطة غيره وتحت مسؤوليته وهي عناصر لا تستقيم وعقد الشغل الذي يجب تنفيذه من طرف الأجير المتعاقد شخصيا وتحت مسؤولية المشغل، وهو شرط لم يثبت لمحكمة سواء من العقد أو من البحث فجاء قرارها معللا ومرتكزا على أساس قانوني ووسائل الطاعنة مجتمعة على غير أساس”.[5]
ومن الآثار المترتبة على الإعتبار الشخصي لأداء العمل، أن بوفاة الأجير ينتهي عقد الشغل ولا يمكن للخلف الخاص أن يحل محله، هذا بخلاف المشغل الذي لا تعد وفاته سببا لإنقضاء عقد الشغل حسب الفصل 745 من ق .ل.ع،[6] وهذا يكرس مبدأ انتقال الإلتزام إلى الخلف الخاص الذي يميز قانون الشغل عن القانون المدني.
لكن ذلك لا يعني أن الطابع الشخصي مرتبط بالنظام العام إذ يمكن مخالفته حسب الفصل 736 من ق. ل .ع.
كما تجدر الإشارة إلى أن هناك استثناء يتعلق بإمكانية بواب العمارات أن ينيب عنه خلال إجازته السنوية أحد الأشخاص باتفاق مع المشغل.
ثانيا: الطابع الإختياري لأداء الشغل
من الواجب أن يكون الشغل اختياريا إذ أن الإجبار والإكراه على أداء الشغل يجعل إرادة الشخص معيبة، وبذلك يجوز له المطالبة بإبطال عقد الشغل. بلكن هناك بعض الصور التي يفرض فيها على الشخص تأدية عمل دون رضاه لمصلحة الغير.
مثلا: السجين الذي يشتغل مكرها في السجن فهو لا يبرم عقد الشغل ومع ذلك فإنه يستفيد إستثناء من بعض مزايا القانون الإجتماعي كالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ( ظهير 30 شتنبر 1946) والأشغال التي يقوم بها المواطنين تطبيقا لظهير 13 شتنبر 1938 المتعلقة بنظام السخرة، والذي ألغته مدونة الشغل بمقتضى المادة 10.
ولقد حرمت بعض الإتفاقيات الدولية العمل بالإكراه أو العمل الجبري ( الاتفاقية رقم 29 و105 حول تحريم العمل الجبري).
كما يطرح في هذا الصدد مشكل الشرط الجزائي الذي تعتمده بعض المقاولات لإجبار الأجراء على الإستمرار في العمل ضدا على اختيارهم ورغبتهم تحت طائلة أدائهم لتعويضات مرتفعة في حالة مغادرتهم لعمهم، وهذا نوع من الإجبار وليس شرطا جزئيا مشروعا، وهذا يتنافى بدوره مع الفصل 728 من ق. ل.ع، الذي يحرم إبرام عقد الشغل مدى الحياة.
ثالثا: أداء الشغل خارج الوظيفة العمومية
يعتبر عقد الشغل من عقود القانون الخاص، إذ أن العلاقة التي تربط بين الأطراف هي علاقة تعاقدية ينظمها قانون الشغل، إذ يتحقق في جميع الأنشطة المشمولة بحماية مدونة الشغل الجديدة بخلاف العلاقة التي تربط الموظف بالدولة أو المؤسسات العمومية فهي علاقة نظامية.
والفرق بين الموظف والأجير لا يرجع إلى طبيعة ونوعية الأشغال الموكولة إلى كل منهما بل يعود إلى طبيعة القانون الإداري الذي يخضع الموظف لنظام خاص، الشيء الذي يترتب عنه بعض النتائج أهمها:
أنه لا يجوز للموظف التخلي عن الوظيفة قبل قبول إستقالته ( الفصل 77 من ظهير 24 فبراير 1958)، بينما يجوز للأجير أن يفسخ عقد الشغل غير المحدد المدة دون رضا المشغل شريطة إخطاره ( الفصل 754 من ق. ل. ع).
النزاعات التي تنشأ بين الأجير ومشغله يختص بالنظر فيها دائما القضاء العادي بخلاف ما قد يثار من نزاع بين الموظف والإدارة والذي يدخل في اختصاص المحاكم الإدارية.[7]
الفقرة الثانية: كيفية أداء الشغل
يخضع الأجير في تنفيذ عقد الشغل لبعض الإلتزامات أهمها:
تنفيذ تعليمات المشغل، المحافظة على الأشياء التي تسلم إليه، تنفيذ الشغل حسب قواعد المهنة، أداء الشغل بحسن النية ثم تنفيذ عقد الشغل في الزمان والمكان.
أولا: تنفيذ تعليمات المشغل
يعتبر الإلتزام بتنفيذ تعليمات المشغل من أهم ما يترتب عن علاقة التبعية التي ينشئها عقد الشغل، وفي هذا الإطار نصت المادة 21 من مدونة الشغل على أن الأجير يمتثل لأوامر المشغل في نطاق المقتضيات القانونية أو التنظيمية أو عقد الشغل أو إتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي. ويمتثل أيضا للنصوص المنظمة لأخلاقيات المهنة، وهو نفس ما نص عليه الفصل 738 من ق. ل. ع، يسأل الأجير عن النتائج المترتبة عن عدم مراعاة التعليمات التي تلقاها إذ كانت صريحة، ولم يكن له مبرر خطير يدعوه لمخالفتها، وإذا وجد هذا المبرر لزمه أن يخطر به رب العمل وأن ينتظر تعليماته، ما لم يكن في التأخير ما يخشى عاقبته.[8]
ولقد كرست هذا أيضا المادة 28 من قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1992 حيث تنص صراحة الفقرة (ب) على حق صاحب العمل بفصل العامل دون إشعار إذا لم يقم بتنفيذ الإلتزامات المترتبة عليه بموجب العقد رغم أنه يعطي الحق للعامل في المواد 17-18 بالإمتناع عن تنفيذ أوامر صاحب العمل إذا اختلف اختلافا بينا عن طبيعة العمل المتفق عليه في العقد أو اختلف المكان المخصص للعمل.
وفد ذهب المشرع المصري والعراقي إلى أن إلتزام العامل بطاعة أوامر صاحب العمل محدد بمدى مشروعية هذه الأوامر وانسجامها مع مبدأ حسن النية ومصلحة المشروع دون تعسف.[9]
ثانيا: المحافظة على الأشياء التي تسلم إليه
نصت المادة 22 على أنه يجب على الأجير المحافظة على الأشياء والوسائل المسلمة إليه للقيام بالشغل مع ردها بعد انتهاء الشغل الذي كلف به، ويترتب عن ذلك أن الأجير يسأل عن العيب والهلاك الذي يحصل لهذه الأشياء بخطئه، أما العيب والهلاك الناتج عن الحادث الفجائي أو القوة القاهرة اللذين لم يتسببا عن تصرفه المقصود أو عن خطئه فلا يسأل عنه، مع استثمار حالة تماطله في رد الأشياء التي عهد بها إليه ( الفقرة 1 من الفص 741 ق.لا.ع). كما أشارت الفقرة 2 على أن هلاك الشيء الحاصل نتيجة العيوب التي تلحقه أو نتيجة شدة قابلية للكسر، يقع بمثابة الحادث الفجائي إذا لهم يكن ثمة خطأ من الأجير. لكن السرقة أو إختلاس الأشياء المعهودة إليه ( الفص 742 ق. ل.ع) ا تعتبر قوة قاهرة إلا إذا اثبت أنه اتخذ كل ما يلزم من الحيطة والحذر.[10]
ويستنتج من خلال هذه القواعد أن العامل مسئول عن الأشياء التي يتسلمها لإنجاز الشغل ما لم يثبت وجود سبب يحلله من هذه المسئولية وهو ما يحمل على القول بأن التزامه هو التزام بتحقيق غاية لا إلتزام عناية أو وسيلة.[11]
ثالثا: تنفيذ الشغل حسب قواعد المهنة
ينص الفصل 737 من ق.ل.ع على أن: ” من يلتزم بإنجاز عمل أو بأداء خدمة يسأل ليس فقط عن فعله ولكن أيضا عن إهماله ورعونته وعدم مهارته “.
فالأجير يسأل مسؤولية عقدية عن جميع الأضرار التي ألحقها بصاحب المهنة إذ لا يمكنه التحلل منها وكل شرط مخالف يكون عديم الأثر ( الفقرة 2 الفص 737من قانون الإلتزامات والعقود)[12]، وينظر إلى هذه المهارة من زاوية مهارة الأجير المتوسط من نفس المهنة ما لم يشترط خلاف ذلك في عقد الشغل.
رابعا: تنفيذ عقد الشغل حسن نية
إضافة للشروط السابقة، فالأجير ملزم بتنفيذ إلتزامه بحسن النية، أي بدون غش وغيرها من الأعمال التي قد تسئ إلى سمعة المشغل أو المؤسسة وهو المبدأ الذي كرسه المشرع المغربي في الفصل 231 من ق. ل.ع: ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية، إذ يشكل مبدأ عام في تنفيذ العقود بصفة عامة وعقود الشغل بصفة خاصة، نظرا للعلاقة التي ينشئها العقد بين طرفين والتي تقوم على ثقة المشغل في أجيره.[13]
خامسا: تنفيذ عقد الشغل في المكان والزمان
يحدد العقد الذي يبرمه الطرفين مكان وزمان تنفيذ العمل، وإذا أغفله الطرفين يمكن للمحكمة أن تحدده بناء على نية الطرفين المشتركة، من خلال العقد وما يجري به العرف في مثل هذه الأحوال، مع مراعاة الهدف الذي يرمي إليه قانون الشغل ألا وهو حماية الأجير من تعسف المشغل.
المبحث الثاني:
المطلب الثاني: أنواع العطل والرخص القانونية
من المعلوم أن للأجير الحق في الإستفادة من فترات للراحة أسبوعية وسنوية وأخرى أيام الأعياد والمناسبات كما خولت المدون للأجير عدة إجازات خاصة، لا تستند إلى اعتبارات صحية كما هو الشأن بالنسبة للراحة الأسبوعية والعطل السنوية المؤدى عنها، وإنما إلى أحداث عائلية أو مهنية، إضافة إلى أن الحياة الإجتماعية قد ترغم الأجير على التغيب عن العمل وهو ما دفع المشرع إلى منح الأجراء رخص للتغيب إما لأسباب عائلية أو لأسباب غير عائلية.
الفقرة الأولى: فترات الراحة
مراعاة من المشرع لحالة الصحية للأجير وحدود قدرته وبنيته الجسمانية فقد حدد للأجراء قسطا من الراحة الأسبوعية ( أولا) وأخرى سنوية بهدف تجديد نفسهم وعطائهم المهني ( ثانيا).
أولا: الراحة الأسبوعية
نص المشرع المغربي في المادة 205 على وجوب تمتيع الأجراء براحة أسبوعية إلزامية تستغرق 24 ساعة على الأقل تحسب من منتصف الليل إلى منتصف الليل، تمنح في نفس الوقت لكل الأجراء المشغلين في المؤسسة الواحدة يوم الجمعة أو السبت أو الأحد أو اليوم السوق الأسبوعي. ولقد فرضت هذه الراحة الأسبوعية كضرورة اجتماعية لتمكين الأجير من استفادة نشاطه أو قضاء مآربه العائلية أو زيادة أقاربه.[14] وقد سبق الأخذ صراحة بهذه القاعدة في الفصل 4من ظهير 21 يوليوز 1947، وأيضا الفضل 18 من ظهير 1973 المتعلق بإجراء القطاع الفلاحي.
وفي هذا الإطار أشارت المادة 47 من الاتفاقية الصادرة عن منظمة العمل العربية لسنة 1966 إلى أن الراحة الأسبوعية تمنح طبقا لما يتناسب وظروف كل بلد وتقاليده وشعائر الدينية، وبذلك يكون المشرع قد خلق نوعا من المرونة بالنسبة للأيام المختارة كما وضع مرونة أخرى بالنسبة للمقاولات التي يقتضي نشاطها أن تظل مفتوحة باستمرار للعموم، أو التي قد يسبب توقف نشاطها ضررا للعموم، أن تعطي لأجرائها كلا أو بعضا، الراحة الأسبوعية بالتناوب فيما بينهم تسري أيضا أحكام الفقرة السابقة على المؤسسات التي قد يؤدي أي توقف في نشاطها إلى خسائر، نظرا لكون المواد الأولية، أو المواد التي هي في طور التصنيع، أو المحاصيل الفلاحية التي تقوم عليها نشاطها، معرضة بطبيعتها للتلف أو سريعة الفساد”.
يمكن لوزارة التشغيل، عد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، أن ترخص للمؤسسات التي تتقدم إليها بطلب في الموضوع، مبرر، في أن تمكن أجراءها من الإستفادة من الراحة الأسبوعية بالتناوب فيما بينهم، تبعا لما تمليه المصلحة الإقتصادية والتنافسية للمؤسسة.
كما يمكن للمشغل وقف الراحة الأسبوعية أو تخفيضها حسب الحالات التي تبررها طبيعة النشاط أو المواد المستعملة أو إنجاز أشغال استعجالية أو زيادة غير عادية في حجم الشغل، على أن يعوض الأجراء المعنيين براحة تعويضية تعادل يوما عاملا أو نصف يوم تحت طائلة غرامة من 300 إلى 500 درهم وتتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذي لم يستفيدوا من الراحة الأسبوعي أو لم يعرضوا براحة تعويضية، على ألا يتجاوز مجموعه الغرامات مبلغ 2000 درهم.[15]
المبحث الثاني: ظروف الشغل
إنه ومن الأزمنة السالفة كان الشغل وما يزال محفوفا بالكثير من المخاطر التي تضاعفت في ظل استعمال التكنولوجيا الحديثة مما أفرز أضرارا صحية وعصبية وجسدية وهذا ما جعل التشريعات تحذ وحذوها نحو توفير حماية لهذه الشريحة من المجتمع. وكذلك ما من شأنه أن يحاول إلى التقليص من حوادث الشغل والأمراض المهنية وهذا عن طريق توفير الرعاية الصحية من خلال طب الشغل ( المطلب الأول) وكذا تكريس تدابير الوقاية والسلامة المهنية ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: طب الشغل
إن إحداث المصالح الطبية للشغل لم يكن حديث العهد في المغرب بل كان ظهير 2 يوليوز 1947 المتعلق بتنظيم الشغل يتضمن بعض المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحة والسلامة وجاء مرسوم 8 فبراير 1958 والذي جاء فيه أنه ينبغي أن تتوفر بكل مؤسسة مصلحة طبيعة للشغل إذا كان يعمل فيها خمسين (50) مأجورا على الأقل.[16] هذا وأمام تعرض الأجير لإصابات في جسمه أو نتيجة ضعف حالته الجسمانية مما قد تصبح معرضة لأبسط الأمراض كان لزاما إنشاء مصالح طبية للشغل. إذن ما هي هذه المصالح وما هي إختصاصاتها؟ على اعتبار أن من التدابير الصحية التي نظمتها مدونة الشغل باعتبارها مصالح وقائية.
الفقرة الأولى: المصالح الطبية
لعله من بين التدابير الصحية التي نظمتها مدونة الشغل هي المصالح الطبية باعتبارها مصالح وقائية وقد أعادت المدونة تنظيمها بطريقة توفر المرونة والملائمة وإشراك مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم حول تنظيم وسير تدابير المصلحة الطبية للشغل.
هذا وقد أوردت مدونة الشغل المصالح الطبية في الباب الثالث من القسم الرابع تحت عنوان – فظ صحة الأجراء وسلامتهم –وذاك من المواد 304 إلى 331[17] كما أوردت مقتضيات خاصة بوجوب إحداث مصالح طبية مستقلة للشغل أو مصالح طبية مشتركة بالنسبة للمقاولات الصناعية والتجارية ومقاولات الصناعة التقليدية والإستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها التي تشغل ما لا يقل عن خمسين أجيرا وبالنسبة كذلك للمقاولات التي تباشرها أشغال تعرض الأجراء لمخاطر الأمراض المهنية والتي حددها التشريع المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.[18]
وهذه المصالح الطبية تخضع لتدبير إداري كما انها تتوفر على أطباء الشغل يقدمون بدور وقائي واستشاري كما يخضعون باستقلالية في مهامهم.
وتتجلى هذه الإختصاصات انطلاقا في الدور الاستشاري وكذا الدور الوقائي لهذه المصالح.
فبالنسبة للدور الإستشاري: تتجلى في مراقة شروط النظافة في المصالح:
- وقاية الأجراء من الحوادث وجميع الأضرار التي تهدد صحتهم.
- مراقبة مدى ملائمة منصب الشغل للحالة الصحية
- تحسين ظروف الشغل وخاصة فيما يتعلق بالبنيات والتجهيزات المسحدثة واستبعاد المستحضرات الخطيرة نظرا لما تعتريه من خطورة على صحة الأجراء.
- كذلك الأحداث وهكذا بتنظيم ساعات تتلاءم وسنهم خاصة أنهم يمثلون شريحة عريضة من المجتمع لا يستهان بها فهم عماد المستقبل.[19]
- تنظيم العمل في المناجم والمقالع
أما الدور الوقائي: فلعله من البديهي أن الشغل كما وسبقت الإشارة كان ولا يزال محفوفا بالكثير من الماطر والتي طبعا تضاعفت في ظل التكنولوجيا واستعمال الوسائل والآلات الحديثة مما يمكن أن ينجع عنه مخاطر، وعمل بالمبدأ الطبي ” الوقاية خير من العلاج” لجأت في هذا الصدد العديد من الدول إلى سن قواعد م شأنا دار المخاطر التي تهدد الأجراء، وهكذا ليتولى طبيب الشغل إجراء الفحوص اللازمة على الأجراء خاصة الفحص الرامي إلى التأكد من مدى ملاءمة مناصب الشغل للحالة الصحية للأجراء، سيما مراقبة شروط النظافة في مكان الشغل ومخاطر العدوى والحالة الصحية للأجراء خاصة وأنه في المقاولة فالأجراء يضلون لصيقين بعضهم بعض وذلك لما يقتضيه بإصدار قرار أو إبداء رأي في حالة حدوث صعوبات أو عدم إتفاق بين المشغل وطبيب الشغل بخصوص الإقتراحات والتدابير الفردية التي يقترحها الطيب خاصة إذا كانت ذات صلة بسن الأجير كما وسبقت الإشارة إليه – وكذا قدرته البدنية على التحمل وحالته الصحية.
أما على المستوى التقني:المشرع هنا نص صراحة على امتداد جميع الأحكام المتعلقة بصلاحيات والتزامات الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل إ الأطباء المكلفين بطب الشغل.
ومن جهة ثانية[20] ونصت مدونة الشغل على إحداث مجلس استشاري يسمى “مجلس في الشغل والوقاية من المخاطر المهنية “: ويترأس هذا المجلس الوزير المكلف بالشغل أو من ينوب عنه. وتتحدد مهمته في: تقديم الاقتراحات والآراء من أجل النهوض بمفتشية طب الشغل وكذا كل ما يتعلق بحفظ الصحة.
ومما لا جدال فيه أن حاجة الإنسان إلى الشعور بالأمان وبالسلامة طبيعة موجودة فيه وهكذا فالإنسان عاد ما يحاول إيجاد السبل التي تمكنه من إشباع حاجياته للأمان وهذا ما دفع المشرع المغربي إلى سن مجموعة من التدابير الوقائية والتي من شانها ضمان سلامة الأجراء وحفظ صحتهم. ومن القرارات القضائية التي جاءت في هذا الصدد، قرار عدد 196 الصادر بتاريخ 13 فبراير 2014 في الملف الاجتماعي عدد 607/5/1/2013 إذ جاء في حيثياته أن اعتبرت الأجير فعله لا مبرر له على أساس المشغل ضبطه يدخل بالمقاولة وقام بإنذاره ومرة ثانية ضبط يدخل بعدما أقر بعلمه بمنع التدخين وبواقعه تدخينه مع زميل له. وبهذا يعد عدم امتثالا الأجراء للتعليمات الخصوصية المتعلقة بقواعد السلامة وحفظ الصحة وهم يؤدون بعض الأشغال الخضراء بالمفهوم الذي يعنيه هذا القانون والمقتضيات الصادرة في شأن تطبيقه خطأ جسيما يمكن أن يترتب عنه فعلهم م الشغل دون إخطار، ولا تعويض عن الفعل، ولا عن الضرر، إذا سبق إطلاعهم بكيفية قانونية على تلك التعليمات.[21]
ظروف العمل. ويتمتع طبيب الشغل[22] بصلاحية اقتراح تدابير فردية كالنقل من شغل لآخر وتحويل منصب شغل إذا ارتأى مثلا أن ذلك المنصب لا يتلاءم وسن الأجير خاصة وان استعمال الآلات يتطلب انتباه ويقظة وخوفا على صحة الأجير يتم استبعاده من ذلك المنصب.
لكن – هل لطبيب الشغل حماية قانونية؟
نعم، المشرع فطن للصعوبات التي قد تصادف وتعترض طبيب الشغل أثناء مزاولته لعمله مما ألزم على رئيس المقاولة أن يتقدم لطبيب الشغل كل التسهيلات الضرورية والتي تتيح له من جهة مراقبة مدى استيفاء المقاولة للشغل. وكذا التدابير الخاصة بالسلامة عند إنجاز أشغال خطرة.[23]
كما ألزم المشرع على طبيب الشغل تأدية مهمته بذل استقلال وحرية كذلك أضفى حماية قانونية على طبيب الشغل خاصة حينما أوجب على المشغل أو رئيس المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات على أن كل إجراء تأديبي يعتزم اتخاذه في حق طبيب الشغل. يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل
يجب أن يكون موضوع قرار
بعد أخذ رأي طبيب مفتش الشغل
فقد جعله بجانب مندوب الأجراء فيما يتعلق بالحماية من أي تأديب الاشتراط.
الفقرة الثانية: المفتشية للشغل ومجلس طب الشغل
لعله على اعتبار أن حماية الطبقة العاملة حتمت إيجاد مقتضياته خاصة بالوقاية. فهذه الحماية تبقى قاصرة بدون وجود هيئات متخصصة وعلى دراية تامة بأصول الطب وقواعده. وقد عمل المشرع جاهدا من خلال مقتضيات مدونة الشغل بتكريس وجود هذه الهيبة وهذه الأخيرة طبعا لها اختصاصات منها ما هو إداري ومنها ما هو تقني.
بالنسبة للنسق الإداري: تقوم المفتشية لطب الشغل بتلقي التقارير السنوية التي ينجزها رؤساء المصالح الطبية حول تنظيم هذه المصالح وتسيرها وكذا حول تدبيرها المالي السنوي[24] كما تتولى أيضا المفتشية الطبية الشغل.[25]
المطلب الثالث: تدابير الوقاية والسلامة المهنية
إنه بقد تفاقم حوادث الشغل والأمراض المهنية فيلا عصرا الحالي بقدر ما إزدادت حاجة الإنسان الأجير إلى الشعور بالأمن والسلامة داخل أماكن الشغل، وهذا ما دفع المشرع المغربي إلى سن مجموعة من التدابير الوقائية التي من شأنها ضمان سلامة الأجراء وحفظ صحتهم وكذا الحديث عن الأجهزة التي أسندتها مهمة القيام بتلك الأمور.
الفقرة الأولى: التدابير الوقائية
علاوة على التدابير الوقائية السابقة ذكرها فهناك تدابير أخرى أوجبها المشرع على كل المشغلين والمتمثلة في تنبيهه وإطلاع الأجراء على المخاطر ومنع شراء أو استئجار الآلات أو استعمال مواد ضارة.[26]
بالنسبة لتنبيه وإطلاع الأجراء على المخاطر: في هذا الصدد نصت مدونة الشغل على وجوب أن يتأكد المشغل في حالة إذا ما كانت المنتجات المستعملة تتضمن مواد أو مستحضرات خطرة من أن ع غلاف تعبئتها يحمل تحذيرا متتوئبا ينبه إلى خطورة استعمال تلك المواد أو المستحضرات.
كما يجب على المشغل، أن يطلع الأجراء على الأحكام القانونية المتعلقة بالاحتراس من خطر الآلات: وأـن يقوم بإلصاق إعلان سهل القراءة في مكان مناسب من أماكن الشغل، التي اعتاد الأجراء دخولها، يحذر من مخاطر استعمال الآلات، ويشير فيه إلى الاحتياطات التي يجب اتخاذها في هذا الشأن إضافة إلى أنه يمنع على المشغل تكليف أي أجير باستعمال آلة من غير أن تكون وسائلها الوقائية التي جهزت بها مثبتة عليها في مكانها المناسب.
أما فيما يخص منع شراء أو استئجار آلات واستعمال مواد ضارة: فحرصا على المشرع على صحة وسلامة الأجراء منع المشغل من شراء أو استئجار الآلات أو أجزاء الآلات التي تشكل خطرا على الأجراء والتي تتوفر أصلا على وسائل للوقاية ذات فعالية معترف بها، دون أن تكون هذه الآلات أو أجزاء الآلات مجهزة بهذه الوسائل كما يمنع على المشغل السماح لأجرائه باستعمال مستحضرات، أو آلات ترى السلطة المختصة بأنها قد تلحق الضرر بصحتهم أو تعرض سلامتهم للخطر.
الفقرة الثانية: لجان السلامة وحفظ الصحة
لعل هذا الأمر مستجد من المستجدات التي عرفتها مدونة الشغل بعدما كان الأمر مقتصرا على القطاع الصناعي فقط.
بالنسبة للتكوين: تتكون هذه المصالح من المشغل أو من ينوب عنه هذا الأخير يكون بصفته رئيسيا وتتكومن كذلك من طبيب الشغل بالمقاولة وممثل أو ممثلين نقابيين بالمقاولة ومندوبين إثنين للأجراء كذلك رئيس مصلحة السلامة كما يمكن للجنة أن تدعو للمشاركة في أشغالها كل شخص ينتمي للمقاولة وكان يتوفر على الكفاءة والخبرة في مجال الصحة والسلامة المهنية.
بالنسبة للإختصاص: فهناك جملة أسندها المشرع للجان السلامة وحفظ الصحة كلها تترجم الدور الوقائي لهذه اللجان وتتجلى في:
- العمل على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية في مجال السلامة وحفظ الصحة.
- السهر على حسن صيانة استعمال الأجهزة المعدة لوقاية الأجراء من المخاطر المهنية.
- السهر على الحفاظ على البيئة داخل المقاولة ومحيطها.
- إبداء رأي حول سير المصلحة الطبية للشغل.
- تنمية الإحساس بضرورة اتقاء المخاطر المهنية وروح الحفاظ على السلامة داخل المقاولة.
أما فيما يخص مسطرة عمل لجان السلامة وحفظ الصحة:
فالمشرع لم يقف فقط عن حدود هذه الجنة واختصاصها بل نظم أيضا كيفية عملها، وهكذا فإنها تنعقد اجتماعات مرة كل 3 أشهر أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك كما يجب أن تجتمع على إثر كل حادثة إذا ترتب مع إجراء تحقيق عند وقوع أية حادثة لأحد الأجراء مع بعث نظير من التقرير إلى كل من:
- العون المكلف بالتفتيش
- وإلى الطبيب المكلف بتفتيش الشغل.
خلال 15 يوما الموالية لوقوع الحادثة. كما يجب أن تضع تقريرا سنويا في نهاية كل سنة شمسية حول تطور المخاطر المهنية بالمقاولة وذلك وفق النموذج المحدد بنص تنظيمي. بقي أن نشير إلى أنه عند عدم احترام التعليمات الخصوصية المتعلقة بقواعد الصحة من طف الأجراء فإن ذلك يعد خطأ جسيما يمكن أن يترتب عليه فصلهم من الشغل دون أي تعويض إذا سبق وتم اطلاعهم لكيفية قانونية على تلك التعليمات.
المبحث الثالث: تنظيم مدة الشغل
إذا كانت العناصر الثلاثة المنظمة لقانون الشغل هما شروط الشغل وكذا ظروفه أو بيته تم التطرق إليهما سابقا. بقي العنصر الأكثر أهمية وأسبقية بالتنظيم من العناصر الأخرى، وذلك لارتباطه ارتباطا وثيقا بإنسانية الأجير. من جهة؛ وما تقتضيه الضرورات الإجتماعية من جهة أخرى. فالأجير كإنسان مهما كانت لياقته البدنية، لا يستطيع الاستمرار في العمل دون توقف لالتقاط الأنفاس أولا؛ وتناول الطعان ثانيا؛ وتجديد النشاط وتهيئة الجسم لليوم التالي ثالثا؛ وتجديد معنوياته للعالم التالي رابعا.
ناهيك عن الاعتبارات الإجتماعية باعتبار الأجير أن لعائلة مثلا، وعنصر يحتاج للتفرغ لنفسه ، ولعائلته وللمجتمع أسبوعيا أو شهريا أو سنويا.
وللإحاطة بهذا التنظيم ارتاينا تقسيمه إلى مطلبين: مدة الشغل العادية والإستثنائية ( المطلب الأول) والمطلب الثاني، أنواع العطل والرخص القانونية.
المطلب الأول: مدة الشغل العادية والاستثنائية
عرفت المادة 133 من قانون العمل المصري مدة الشغل بكونها تلك الوقت الفعلي الذي يوجد فيه الأجير رهن إشارة المشغل.[27]
لقد أدخلت المدونة تعديلات مهمة على تدبير مدة الشغل مقارنة مع ما كانت عليه في التشريع السابق والذي يعود لسنة 1936.
سنعالج في هذا المطلب مدة الشغل العادية ( الفقرة الأولى) والاستثناءات التي ترد عليها ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ساعات الشغل العادية
حدد المشرع في المادة 184 من مدونة الشغل مدة الشغل تختلف حسب نشاط القطاعات، وميز في هذا الصدد بين قطاعين.
- القطاعات غير الفلاحية:
حدد المشرع ساعات الشغل في 228/8 ساعة في السنة. أو 44 ساعة في الأسبوع. بعد أن كانت سابقا محددة في 2496 ساعة في السنة أو 48 ساع في الأسبوع. حيث توزع المدة المحددة على مدار السنة وحسب حاجيات المقاولة أو المؤسسات لا تتجاوز مدة الشغل العادية 10 ساعات في اليوم.
- القطاعات الفلاحية
أما في القطاعات الفلاحية فقد حددت مدونة الشغل العادية في 2496 ساعة في السنة. وذلك بدل 2700 ساعة في السنة النصوص السابقة. يتم توزيعها حسب متطلبات الاستغلال الفلاحي وذلك وفق مدة يومية، يحددها قرار لوزي الشغل بعد استشارة المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا.
جدير بالذكر أن تقليص مدة الشغل لا يعني بالضرورة الانتقاص من الأجر.
تجدر الإشارة إلى أن المشرع أعطى بصفة استثنائية، إمكانية الخروج على مبدأ مقتضيات المادة 184 من مدونة الشغل.
إما بالإنتقاص منها أو بالزيادة فيها حسب حاجيات وظروف المؤسسة أو المقاولة مع تحديد سقف أعلى في 12 ساعة.
ما هي هذه الاستثناءات؟
الفقرة الثانية: ساعات الشغل العادية
قد تشتغل الأجير ساعات تفوق الساعات القانونية وذلك إما تدارك لساعات م يشتغلها بسبب التوقف الجماعي أو الظروف القاهرة وإما لمواجهة أية زيادة استئنافية في حجم الشغل أو تقضيها مصلحة وطنية.
1- الساعات الضائعة:
فانطلاقا من 184 من مدونة الشغل نجد أن المشرع المغربي يخول للمشرع صراحة إمكانية تمديد فترة الشغل اليومية لإستدراك ساعات الشغل الضائعة بسبب توقف الشغل جماعيا في المؤسسة أو جزئيا لأسباب عارضة؛ أو لقوة قاهرة وذلك في حالة انقطاع التيار الكهربائي[28] أو عدم وجود المواد الأولية أو بسبب الأزمات وقلة المعاملات.[29]
لكن هذا التمديد يجب أن يكون بالشروط التالية:
- إستشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم وهذا يعتبر مستجد جاءت به مدونة الشغل مع النصوص السابقة.
- ألا تزيد الأيام خالتاي تعوض خلالها ساعات الشغل الضائعة عن 30 يوما كما نصت عليه المادة 5 من اتفاقية الشغل رقم 30 لسنة 1930.
- يجب ألا يفوق مدة التمديد ساعة واحدة، في اليوم وفي حالة عدم احترام هذه الشروط يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم مع تكرار عقوبة الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراعى في حقهم حكم القانون على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم .
أما بخصوص الأجر عن الساعات الضائعة بسبب توقف جماعي أو جزئي لأسباب عارضة أو لقوة قاهرة أو بسبب عطلة فإنه يؤدي بنفس الشروط التي يؤدي بها عن ساعات الشغل العادية[30] ما لم تكن هناك مقتضيات أكثر فائدة للأجير.[31]
- الساعات الإضافية:
هي التي ينجزها الأجير خارج نطاق الشغل العادي التي تقتضيها ظروف استثنائية للمؤسسة أو للمقاولة،[32] حيث تضطر المؤسسة المشغلة إلى تشغيل أجرائها خارج مدة الشغل اليومية العادية. شرط أن يدفع لهم بالإضافة إلى أجرهم العادي تعويضا عن الساعات الإضافية من الشغل: يعتبر في حكم الساعات الإضافية بالنسبة للمقاولات التي نقسم فيها 2288 ساعة شغل تقسيما غير متساو خلال السنة.
ساعات الشغل تنجر سنويا ابتداءا من 2289 وتحسب ابتداء منها
كذلك تعتبر في حكم ساعات الشغل الإضافية كل ساعة شغل تنجز خارج الأسبوع.
أما بخصوص التعويض المستحق فيشمل بالإضافة إلى أجؤره العادي زيادة تختلف نسبتها بحسب ما إذا أنجزت ليلا أم نهارا أو خلال اليوم المخصص للراحة الأسبوعية.
في النشاطات الفلاحية أو غير الفلاحية إضافة إلى رفع هذه الزيادة على التوالي إلى 50% وإلى 100 إذا قضى الأجير ساعات إضافية في اليوم المخصص للراحة الأسبوعية ولو عوضت له فترات الراحة الأسبوعية براحة تعويضية.[33]
تجدر الإشارة إلى أن التعويض عن السعات يؤدي للأجير دفعة واحدة مع الأجر المستحق قد عاقب المشرع في المادة 203 بغرامة 300 إلى 500 درهم. كل مشغل لم يحترم أداء التعويض المستحق كما هو محدد قانونيا.
وتقدر هذه الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراعى في حقهم تطبيق هذا المقتضى شريطة أن يتحاور مجموع الغرامات 20.00 درهم.
ثانيا: الراحة في أيام الأعياد والعطل
قد دأبت مختلف التقنيات على منح الأجراء راحة أيام الأعياد والعطل، وذلك بغض النظر عن المدة الفعلية التي يكون قد قضوها في خدمة المشغل، إلا أنه مع ذلك تتلف بخصوص عدد أيامها ومواقيتها من تشريع لآخر، باختلاف المقومات الحضارية والتاريخية والدينية[34] لكل بلد، والمقصود بأيام الأعياد هي الأيام التي يحتفل فيها بأعياد دينية أو مدنية يعترف بها القانون، أما أيام العطل فهي الأيام التي يوقف الشغل ول لم تكن أعيادا، وبالتالي فعبارة أيام الأعياد ليست مرادفة لعبارة أيام العطل لأن بعض الأيام هي أيام أعياد دوم أن تكون أيام عطلة وعلى العكس من ذلك فإن بعض الأيام قد تعتبر استثنائيا أيام عطلة دون أن تكون أيام أعياد كما هو الأمر مثلا في حالة زيادة رئيس دولة أجنبية لإحدى المدن أو عند إجراء استفتاء أو انتخابات.[35]
- يناير: ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال
- فاتح ماي: عيد الشغل
- 30 يوليوز : عيد العرش
- 14 أغسطس: يوم وادي الذهب
- 20 أغسطس: يوم وادي الذهب
- 21 أغسطس: عيد الشباب
- نوفمبر: عيد المسيرة الضراء
- 18 نونبر: عيد الاستقلال
- عيد الفطر
- عيد الأضحى
- فاتح محرم عيد الموالد النبوي.
وإذا كان المشرع يمنع تشغيل الأجراء أيام الأعياد المؤدى عنها وأيام العطل فإنه واستثناءا من هذا المنع يمكن بمقتضى المادة 323 الاشتغال يوم العيد المؤدى عنه، أو يوم العطلة ، في المؤسسات التي تكون فيها مواصلة الشغل أمرا ضروريا، نظرا لطبيعة شغلها، أو في المؤسسات التي اتبعت نظام التناوب على الراحة الأسبوعية أو تلك التي تبيع المواد الغذائية بالتجزئة، كما يمكن أن تقاس على ذلك المقاهي والمطاعم والفنادق ومؤسسات الترفيه والمؤسسات التي تستعمل مواد سريعة التلف، إذا كانت هذه المؤسسات لا تتبع نظام التناوب على الراحة الأسبوعية، وفي هذه الحالات يجب على المشغل، أن يؤدي لأجرائه الذين يشتغلون يوم العيد المؤدى عنه باستثناء الأجراء الذين تؤدى لهم أجورهم كلها أو بعضها على أساس الحلوان، ويجب على المشغل لأن يؤدي لهم تعويضا إضافيا زيادة على الأجر المستحق لهم عن الشغل الذي قاموا به، ويكون مقدار ذلك التعويض، مساويا مقدار الأجر المستحق كما يمكن الاتفاق بين المشغل وكل أجير من الأجراء، تم تشغيله يوم عيد مؤدى عنه، أو يوم عطلة، استبدال التعويض الإضافي، براحة تعويضية مؤدى عنها.
أما فيما يتعلق بالتعويض عن الراحة في أيام الأعياد المؤدى عنها، فإنه يختلف بحسب الطريقة التي يحتسب بها الأجر، فالأجير الذي يحسب أجره بالساعة أو اليوم يتقاضى تعويضا عن يوم العيد المؤدى عنه يساوي ما كان سيتقاضاه لو بقي في شغله، باستثناء التعويضات التي تؤدى له عن المخاطر، أو لاسترداد مصاريف أو نفقات سبق له أن تحملها بسبب شغله، أما إذا كان أجر الأجير يحسب على أساس الشغل المنجز أو المردودية أو القطعة، فيحدد التعويض عن يوم العيد المؤدى عنه المستحق للأجير بمعدل جزء من ستة وعشرين من الأجر، الذي حصل عليه من شغله الفعلي ، خلال الستة والعشرية يوما، التي سبقت يوم العيد المؤدى عنه، أما إذا حدد الأجر جزافا، على أساس الأسبوع، أو الخمسة عشر يوما، أو الشهر، فإنه لا يمكن إجراء أي نقص على الأجر المحدد لهذه الفترات، بسبب عدم الاشتغال في يوم عيد مؤدى عنه، أو يم عطلة حتى ولو لم يتقرر أداء تعويض عنه.
أما بالنسبة للتعويض المستحق عن العطل فإنه يمكن أن يكون مؤدى عنها تعويضا باعتبارها من أوقات الشغل الفعلي، كما يمكن ألا يكون مؤدى.
وجدير بالذكر إلى أنه إذا شغل المشغل، أجراءه كلهم أو بعضهم خلافا للمادة 217 التي تمنع عليه تشغيل الأجراء أيام الأعياد المؤدى عنها وجب عليه أن يؤدي لهم، إضافة إلى الأجر المستحق لهم عن ذلك اليوم، تعويضا نسبته %100 من هذا الأجر.
كما أن عدم احترام المشغلين، لأحكام الراحة في أيام الأعياد المؤدى عنها وأيام العطل، يعاقب عليه بغرامة من 300 إلى 500 درهم، مع تكرار عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق حكم القانون، على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم.
الفقرة الثانية: العطلة السنوية والإجازات الخاصة رخص التغيب
أولا: العطلة السنوية
إذا كانت مدونة الشغل قد منحت الأجير الحق في الاستفادة من الراحة الأسبوعية وذلك لاستعادة حيويته بعد أسبوع مضني من العمل، فإن تمتيعه بإجازة سنوية يكون من باب أولى، ليس للاستراحة فقط من عناء أسبوع من العمل، وإنما من شغل متواصلا ومستمر طوال السنة.
ويعد التشريع المغربي م التشريعات السباقة إلى إقرار العطلة السنوية المؤدى عنها للمنظمة لأول مرة في المغرب بظهير 5 مايو 1937 المقتبس من القانون الفرنسي المؤرخ في 20 يونيو 1936 وقد عوض هذا الظهير بظهير آخر مؤرخ في 9 يناير 1946 الذي تم نسخه بمقتضى مدونة الشغل.
- شروط الاستفادة من العطلة السنوية
لكي يتمتع الأجير بالعطلة السنوية يجب أن يكون مرتبطا مع المشغل بعقد شغل، وأن يتوفر على أقدمية معينة.
- وجود عقد شغل
يشترط للاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها، أن يكون الأجير مرتبطا بالمؤاجر بعقد شغل أو عقد تكوين، سواء كان هذا العقد صحيحا أم باطلا، بغض النظر عن طبيعة النشاط الاقتصادي الذي يزاوله الأجير، إذ يكفي أن ينجز الأجير عمله الذي يستحق عنه العطلة السنوية المؤدى عنها، في إطار من التبعية، مقابل أجر .
- توافر أقدمية معينة
يجب أن أن يكون الأجير متوفرا على أقدمية تقد بستة أشهر متصلة من العمل الفعلي في نفس المقاولة أو عند نفس المشغل، ما لم يتضمن عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي، أو العرف، مقتضيات أكثر لفائدة، ويراد “بمدة الشغل المتصلة” الفترة التي يكون فيها الأجير مرتبطا بمشغله بعقد شغل ولو كان موقوفا.
يلاحظ أن المدة التي يتوقف فيها الأجير عن الشغل بسبب المرض أو الولادة أو حادثة شغل أو مرض مهني أو التجنيد العسكري تحتسب ضمن أقدمية الأجير رغم أن هذا الأخير لا يقوم بأي عمل فعلي في هذه الحالات وذلك مراعاة من المشرع للوضعية الاجتماعية للأجير.[36]
- مدة العطلة السنوية:
إن مدة العطلة السنوية ليست موحدة بين جميع الأجراء بل تختلف باختلاف سنهم، ومدة أياما للشغل الفعلي[37] التي يكون قد قضوها في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل، ويمكن التمييز في هذا الصدد بين:
- الأجراء البالغين 18 سنة فما فوق: يستحق هذا الصنف من الأجراء الذي قضى 6 أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل عطلة سنوية مؤدى عنها، تحدد مدتها بيوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل ( أي 6 أشهر -9 أيام).
- الأجراء الذين يقل سنهم عن 18 سنة: تستحق هذه الفئة من الأجراء إذا ما قضت مدة 6 أشهر متصلة من الشغل في نفس المقاولة أو لدى نفس المشغل عطلة سنوية مؤدى عنها، تحدد مدتها بيومان من أيام الشغل الفعلي عن كل شهر من الشغل[38] ( أي 6 أشهر -12 أيام).
ويضاف، إلى مدة العطلة السنوية المؤدى عنها، يوم ونصف يوم من أيام الشغل الفعلي، عن كل فترة شغل كاملة، مدتها 5 سوات متصلة أو غير متصلة، على ألا تؤدي هذه الإضافة إلى رفع مجموع مدة العطلة إلى أزيد من 30يوما من أيام الشغل الفعلي.[39]
كما يضاف إليها كذلك عدد أيام الأعياد وعدد أيام العطل، التي يصادف حلولها فترة التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها.[40]
ب-التعويض عن العطلة السنوية
يتم أداء التعويض عن العطلة السنوية في حالتين: الأولى عند التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها والثانية عند عدم التمتع بهذه العطلة أي عند إنهاء العقد لأي سبب كان، سواء بالاستقالة أو الفصل، أو بصفة توافقية قبل الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها برمته، أو بجزء منها. التعويض في حالة التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها:
فقد ألزم المشرع المشغل بان يدفع للأجير المتمتع بعطلته السنوية، تعويضا يساوي ما كان سيتقاضاه لو بقي في شغله[41]، وذلك حتى لا يقع أي اختلال في دخله، ويتكون هذا التعويض من الأجر وتوابعه، سواء كانت مادية أو عينية[42]، وتعزيزا لحماية الأجراء أثناء العطلة السنوية المؤدى عنها، وتفاديا لحرمانهم من الدخل المعتاد الذي يتقاضونه إبان الاشتغال بالمقاولة فقد أكد المشرع في المادة 2159 من مدونة الشغل، على أن التعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها، يجب أن يؤدي في اجل أقصاه اليوم الذي يسبق بداية عطلة الأجير المعني بالأمر.[43]
التعويض في حالة عدم التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها:
الأصل أنه من حق الأجير الاستفادة منم عطلة سنوية مؤدى عنها، إلا انه قد تبرز ظروف تحول دون استفادته منها، من قبيل إنهاء عقد الشغل، أو توقفه لسبب من الأسباب، ومن ثم يمكن التساؤل عن مصير حقه في الاستفادة من العطلة السنوية المؤدى عنها؟
ففي هذا السياق نص المشرع في المادة 251 من مدونة الشغل قائلا: “إذا مضى الأجير ما لا يقل عن ستة أشهر متتابعة في خدمة مقاولة واحدة، أو مشغل واحد، ثم أنهى عقد شغله دون الاستفادة من عطلته السنوية المؤدى عنها بكاملها، أو عند الاقتضاء، الطل السنوية المؤدى عنها المستحقة له عن السنتين المنصرمتين، وجب ل تعويض عن عدم التمتع بالعطلة السوية المؤدى عنها، أو عن أقساط العطل السنوية المؤدى عنها التي لم يستفد منها”.
ويستفيد الأجير من الحق في التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها، أيا كانت الأسباب التي أدت إلى إنهاء عقد الشغل[44]، بما في ذلك الخطأ الجسيم – وقد نصت المادة 252على أنه ” يستحق الأجير، عند إنهاء عقد شغله، تعويضا عن عدم التمتع بالعطلة السنوية المؤدى عنها، يساوي حسب الأحوال، يوما ونصف يوم أو يومين عن كل شهر أتمه في الشغل، كما تم تعريفه في المادة 238، وذلك إذا اثبت أنه اشتغل لدى نفس المشغل أو في نفس المقاولة فترة تساوي على الأقل شهرا من الشغل.
ثانيا: الإجازات الخاصة ورخص التغيب
- الإجازات الخاصة ببعض المناسبات
قد خولت مدونة الشغل للأجير عدة إجازات خاصة، لا تستند إلى اعتبارات صحية كما هو الشأن بالنسبة للراحة الأسبوعية والعطلة السنوية المؤدى عنها، وإنما إلى إحداث عائلية أو مهنية وهي إجازات مؤدى عنها، أو على جزء منها في بعض الأحيان، وغير مؤدى عنها تارة أخرى.
- الإجازة بمناسبة الولادة:
استنادا إلى مقتضيات المادة 269 من مدونة الشغل فإنه من حق كل أجير أن يستفيد من إجازة مدتها ثلاثة أيام، بمناسبة كل ولادة. ويسري هذا الحكم على الأجير الذي استلحق طفلا بنسبه.
مع الإشارة إلى أنه يمكن أن تكون الأيام الثلاثة متصلة أو غير متصلة، باتفاق بين المشغل والأجير، على أن تقضي وجوبا في مدة شهر من تاريخ الولادة.
وإذا صادف وقوع الولادة، الفترة التي يكون فيها الأجير في عطلة سنوية مؤدى عنها، أو في إجازة بسبب نرض، أو حادثة أيا كان نوعها، أضيفت إلى العطلة السنوية أو إجازة المرض أو الحادثة إجازة الثلاثة الأيام.
وقد من المشرع تعويضا للأجراء عن الإجازة بمناسبة الولادة يساوي الأجر الذي كانوا سيتقاضوه لو بقوا في شغلهم، يؤدي لهممن طرف المشغل، عند حلول موعد أداء الأجر الذي يلي مباشرة قيام الأجير بالإدلاء بوثيقة الولادة المسلمة من طرف ضابط الحالة المدنية.
- إجازة المرض:
إن الأجير، كغيره من الناس قد يتعرض للإصابة بمرض، أو حادثة ما، مما يستوجب منحه مدة للراحة حتى يسترجع عافيته، وتعد مدة الراحة الأخيرة حقا طبيعيا للأجير المريض، أو المصاب بحادثة، وقد نص المشرع المغربي في هذا الصدد على حق الأجير في إجازة مرضية إلا أنه يلزمه في حالة إذا ما تعذر عليه الالتحاق بسبب مرض أو حادثة، أن يبرر ذلك، ويشعر مشغله خلال الثماني والأربعين ساعة الموالية لذلك إلا إذا حالت القوة القاهرة دون ذلك.
وإذا استمر غياب لأجير من أربعة أيام، فإنه يجل عليه إخبار مشغله بالمدة المحتملة لغيابه، والإدلاء له بشهادة طبية تبرر غيابه، إلا إذا تعذر عليه ذلك، ويبقى من حق المشغل أن يعهد على نفقته، إلى طبيب يختاره بنفسه بأن يجري على الأجير فحصا طبيا مضادا، داخل مدة التغيب المحددة في الشهادة الطبية المدلى بها من قبل الأجير.
وإذا كان عقد الأجير الذي تعذر عليه الالتحاق بعمله، بسبب مرض أو حادثة غير المرض المهني أو حادثة شغل، يعد عقدا موقوفا، إذ برر الأجير غيابه عن الشغل بمقتضى شهادة طبية مع إشعار مشغله، فإنه يمكن لهذا الأخير أن يعتبر الأجير في حكم المستقبل، إذا زاد غيابه لمرض غير المرض المهني، أو لحادثة الشغل، على مائة وثمانين يوما موالية خلال فترة ثلاثة مائة وخمسين وستين يوما، أو إذا فقد الأجير قدرته على الاستمرار في مزاوله شغله بسبب المرض أو الحادثة.
وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أنه لا يؤدي الأجر عن الغياب بسبب مرض غير المرض المهني، أو حادثة غير حادثة الشغل، أيا كانت دورية أداء الأجر، ما لكم ينص عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي على خلاف ذلك.
- رخص التغيب
تقتضي الحياة الاجتماعية أن يضطر الإنسان بين فترة لأخرى التغيب عن العمل لأسباب خاصة وشخصية وهو ما دفع المشرع إلى منح الأجراء رخص للتغيب إما لأسباب غير عائلية.
- التغيب لأسباب عائلية
تتجلى الأسباب العائلية التي يستحق فيها الأجير رخصا للتغيب في الآتي:
- الزواج:
- زواج الأجير: أربعة ايام؛
- زواج أحد أبناء الأجير، أو احد ربائبه: يومان؛
- الوفاة:
- وفاة زوج الأجير، أو احد أبنائه، أو أحفاده، أو أصوله، أو أبناء زوجه من زواج سابق: ثلاثة أيام؛
- وفاة أحد إخوة، أو إحدى أخوات الأجير، أو احد إخوة أو إحدى أخوات زوجه، أو أحد أصول زوجه: يومان.
- تغيبات أخرى:
- الختان: يومان؛
- عملية جراحية تجرى للزوج، أو لأحد مكفوليه من الأبناء: يومان.
وهذه التغيبات لا تمنح الحق في الأجر إلا لفئات الأجراء الذين يتقاضون أجورهم شهريا ، ما لم ينص على خلاف ذلك عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي، ولا يؤدي للذين لا يتقاضون أجورهم شهريا إلا في حدود يومين عن زواج الأجير ويوم واحد في حالة وفاة زوج الأجير، أو أبيه، أو أمه، أو أحد أبنائه.
- التغيب لأسباب غير عائلية:
لا يقتصر رخص التغيب على الأسباب المرتبطة بأحداث عائلية، وإنما تنص المقتضيات القانونية على حق الأجراء في الاستفادة منها، إما باجتياز امتحان أو لقضاء تدريب مع رياضي لكن دون أن يؤدي الأجر عنها كما ألزم المشرع المشغلين منح أجراءهم رخصا للتغيب من اجل المشاركة في المجالس الجماعية دون أن يؤدى لهم الأجر ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.
خاتمة
إنطلاقا مما سبق يتبين لنا أن المشرع المغربي في مدونة الشغل عمل جاهدا، على تكريس الحماية القانونية للأجراء بتوفير شروط وظروف شغل صحية ملائمة لحفظهم في صحتهم وسلامتهم، كما عمل على تحدي مدة الشغل؛ إلا أن المهم ليس فقط وضع مقتضيات قانونية حمائية للأجراء ذات طابع تقدمي وإنما الأهم هو الحرص على تطبيقها في أرض الواقع داخل أماكن الشغل.
[1] – عبد العزيز العتقي طبعة 2005، فاس ص
[2]– المادة 6 : ” الأجير هو كل شخص يلتزم ببدل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أو أكثر ، لقاء أجر أي كان نوعه وطريقة أدائه”.
[3] – الحاج الكوري، مدونة الشغل الجديدة، مطبعة الأمينة الرباط، ص 28.
[4] – الحاج الكوري، مرجع سابق، ص 30.
[5] – قرارات المجلس الأعلى في المادة الإجتماعية (1962-1996) صفحة 111.
[6] – عبد الكريم غالي، مواضيع في القانون الإجتماعي، منشورات مكتبة الشباب، الرباط 1998، ص 75.
[7]– للمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلى كتاب ذ. محمد جميوي، الوسيط في قانون الشغل المغربي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، طبعة 2013، صفحة من 219 إلى 225.
[8] – عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2004.
[9] – سليمان بدر الناصري، قانون العمل
[10] – عبد الكريم غالي، مرجع سابق، ص 79.
[11] – يراجع في هذا الصدد: عبد العزيز العتيقي: دروس في النظرية العامة للإلتزام ملقاة على طلبة السداسية الثانية ( مسلك القانون الخاص) بكلية الحقوق ظهر االمهراز التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس السنة الجامعية 2004-23005 ص20.
[12] – عبد الكريم غالي، مرجع سبق، ص 79.
[13] – عبد الليف خالفي، مرجع سابق، ص412-413.
[14] – عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق، ص 587-589.
[15] – مراجعة المادة 216 من مدونة الشغل.
[16] – المادة 305 من مدونة الشغل.
[17] – 304 من مدونة الشغل
[18] – المواد 304، 305 مدونة الشغل.
[19] – قانون العمل – دراسة مقارنة – سليمان بدر الناصري.
[20] -332 من مدونة الشغل
[21] – 289 من مدونة الشغل.
[22] – المادة 309 من مدونة الشغل.
[23] – المادة 293 من مدونة الشغل
[24] – المادة 307 من مدونة الشغل.
[25] – محمد سعيد بناني قانون الشغل بالمغرب على ضوء مدونة الشغل الفردية الجزء الثالث ص 274.
[26] – الحاج الكوري؛ مدونة الشغل الجديدة.
[27] – عبد اللطيف خالفي، مرجع سابق ، ص
[28] – اتفاقية الشغل الدولية، رقم 30 لسنة 1930 بتاريخ يوليوز 1974.
[29] – الفقرة الأولى من المادة 184 من مدونة الشغل.
[30] – مع مراعاة الاستثناءات الواردة في المواد 189 و190 و191 من مدونة الشغل.
[31] – الفقرة الثانية من المادة 184 من مدونة الشغل.
[32] – عبد اللطيف خالفي، المرجع السابق، ص 377.
[33] – الفقرة الرابعة من المادة 184 من مدونة الشغل.
[34] – موسى عبود،دروس في القانون الإجتماعي المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2004 ص 94.
[35] – مصطفى حتيتي، القانون الاجتماعي علاقات الشغل الفردية، الطبعة الأولى 2004-2005.
[36] – عبد الكريم غالي، في القانون الاجتماعي المغربي، ص 213.
[37] – تنص المادة 236 يراد ” بأيام الشغل الفعلي” الأيام التي هي غير أيام الراحة الأسبوعية، وأيام الأعياد المؤدى عنها، وأيام العطل التي يتعطل فيها الشغل في المؤسسة.
[38] – المادة 231 من مدونة الشغل.
[39]– المادة 232 من مدونة الشغل.
[40] – المادة 235 من مدونة الشغل.
[41] – المادة 249 من مدونة الشغل.
[42]– المادة 250 من مدونة الشغل.
[43] – محمد سعيد بناني، المرجع السابق، ص 198.
[44]– المادة 254 من مدونة الشغل.