تنظيم وإختصاصات المحاكم التجارية الإبتدائية


تنظيم وإختصاصات المحاكم التجارية الإبتدائية

تمهـــــــــــــــــــيد:

عرف المغرب أول قانون تجاري يومه12 غشت 1913اعتبر الصدر الأساسي في حل النزعات التجارية، إلا انه كانت تتخلله ثغرات ،عمل المشرع على تداركه ، صادر بدلك عدة نصوص متناثرة من بينها ظهير 31مارس1914 التعلق ببيع ورهن الأصل التجاري وظهير11غشت1922المتعلق بشركات الأموال و اقتصر مجال تطبيق عدة قوانين المحاكم الفرنسية كما حددت دلك الحماية الفرنسية بمقتضى ظهير 13غشت1913التي أصبحت تعرف بعد الاستعمار بالمحاكم العصرية،ولم تطبق على المغرب إلا بمقتضي قانون التوحيد والتعريب والمغربة الصادر في26يناير1965 حيث أدمجت المحاكم العادية أي محاكم السدد والمحاكم الإقليمية،إلا أنه ظهرت في هدا الجهاز عدة ثغرات ولتفاديها أدمجت محاكم السدد في المحاكم الإقليمية وسميت بالمحاكم الابتدائية والتي كانت تختص بالنظر في جميع القضايا المدنية والإدارية والتجارية والاجتماعية وقضايا الأحوال الشخصية والميراث وفي نطاق هدا التطور التاريخي للتنظيم القضائي المغربي ظهرت المحاكم المتخصصة بإحداث المحاكم الإدارية بموجب قانون 90/41 سنة 1993 ،ومسايرة للتحولات الاقتصادية والسياسية وما يتطلبه دلك من إصلاح القوانين الاقتصادية استحدثت مجموعة من القوانين منها مدونة التجارة ،مما استدعي الأمر إحداث كدالك المحاكم التجارية كجهاز متخصص بتطبيق دالك القوانين .

فبعدما صادق مجلس النواب على المشروع الذي تقدمت به الحكومة تحت رقم 95/53 وبعد مشاورات واسعة صدر ظهير 12 فبراير 1997 تحت رقم65ـ68ـ1 القاضي بإحداث المحاكم التجارية، فخصصت محليا لكل محكمة تجارية عدد معين من الجماعات، فالرباط 130، الدار البيضاء 245 ، فاس320، طنجة100، مراكش 361، اكادير263، أما المحاكم الاستئناف فأحدثت بكل من البيضاء وفاس ومراكش ،وكان هدا التقسيم معتمدا على أساس الجهة حسب المادة الأولى من القانون95ـ53 وان كانت لم تطال كل الجهات وفتحت أبوابها إمام العموم يوم الخميس 7 ماي 1998 .

في الأخير نشير أن المحاكم التجارية تختص بالبت في القضايا التجارية،وذات طبيعة استئنائية متخصصة وغير زجرية ، أي لا تنظر ف القضايا الجنائية بالرغم من وجود نيابة عامة كمكون لها ،لكن دور هدا الجهاز لا يتعدى الجانب المدني ،أما قضاتها فهم معنيون يخضعون للنظام الاساسى لرجال القضاء .

لدراسة هدا الموضوع سوف نتبع المنهجية التالية:

المبحث الأول: إحداث وتنظيم المحاكم التجارية الابتدائية.

المطلب الأول: إحداث المحاكم التجارية الابتدائية

الفقرة الأولى: أسباب إحداث الحاكم التجارية الابتدائية.

الفرع الأول : الأسباب الدولية

الفرع الثاني: الأسباب الداخلية.

الفقرة الثانية : أهداف إحداث المحاكم التجارية الابتدائية.

الفرع الأول : الأهداف الاقتصادية.

الفرع الثاني : الأهداف الاجتماعية.

المطلب الثاني: تنظيم وتكوين المحاكم التجارية الابتدائية.

الفقرة الأولى: تكوين المحاكم التجارية الابتدائية.

الفقرة الثانية: تنظيم المحاكم التجارية الابتدائية ‘ إجراءات التبليغ و البت في القضية/ الدعوةً’.

الفرع الأول :المسطرة الكتابية.

الفرع الثاني:إجراءات ومساطر الاستدعاء و البت في الدعوة.

الفرع الثالث: القضاء التجاري قضاء جماعي.

المبحث الثاني: اختصاصات الحاكم التجارية الابتدائية.

المطلب الأول: الاختصاص المحلي

المطلب الثاني: الاختصاص النوعي

الفقرة الأولى:الإطار القانوني لطبيعة الاختصاص النوعي.

الفقرة الثانية: إشكاليات الاختصاص النوعي

المبحث الأول : إحداث وتنظيم المحاكم التجارية الابتدائية .

المطلب الأول: إحداث المحاكم التجارية الابتدائية

تطبيقا للمادة الأولى من القانون 95.53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية تولى مجلس النواب عمل إحداث المحاكم التجارية بمقتضى مرسوم 28 اكتوبر1997 تحت رقم 771/2179 ، وما دام لكل قانون جديد ظريفته الخاصة فإن لإحداث المحاكم التجارية أسباب سنقف عندها” في الفقرة الأولى” وأهداف” في الفقرة الثانية “.

الفقرة الأولى: أسباب إحداث الحاكم التجارية الابتدائية.

لم يكن إحداث الحاكم التجارية الابتدائية تحميل حاصل ،بل جاء نتيجة إفرازات التحولات الدولية والداخلية التي ميزت العقد الأخير من القرن الماضي فما موقع المغرب ضمن هذه التحولات؟سنتناول ذلك في الفرع الأول، وهل هناك أسباب ذات طابع داخلي؟سنقف عند ذلك في الفرع الثاني

الفرع الأول : الأسباب الدولية

فالعولمة ذات التوجه الليبرالي تعتبر تعبيرا عن وعي وإرادة المؤسسات بما فيها الحكومات والبرلمانات الموقعة على القوانين التي طبقة السياسة الليبرالية الجديدة وما نتج عن ذلك من إلغاء الحدود والحواجز أمام حركات تنقل السلع ورؤوس الأموال، وانتهى ذلك باتفاقية التجارة العالمية “الڭات”، التي تولت توقيع العقوبات على الدول المخالفة لبنود الاتفاقية ، إلا أن تفتح هده الاقتصاديات اعترضته إشكاليات أهمها تنازع القوانين الداخلية والمعاهدات التجارية الدولية ، مما استدعى الأمر إعادة النظر في التشريعات الداخلية وهدا ما خلص إليه مؤتمر التجارة العالمية المنعقد بمراكش سنة 1994.

وتجدر الإشارة إلى أن دول العالم خاصة ” النامية” منها صارت تطبق سياسة الانفتاح عل تحت تأثير ضغوط منظمات دولية ،صندوق النقد الدولي والشركات المتعددة الجنسيات مما اضطر أيضا لأحدث إطار قانوني متكامل يفعل تلك الاتفاقيات التجارية .

الفرع الثاني : الأسباب الداخلية .

في إطار النظام الليبرالي المعتمد من طرف المغرب اتخذ تدابير همت إصلاح واستحداث بعض القوانين حيث أصلح النظام المالي والجنائي والاقتصادي فأصدر ميثاق الاستثمارات سنة1995 واستحدث القانون التجاري.

إضافتا إلى توصيات البنك الدولي في المجال الاقتصادي والتي دقت ناقوس الخطر والمتمثلة في الخوصصة وتفعيل دور العدالة بتحسين الإطار القانوني للمناخ الاقتصادي الوطني خصوصا وان عدد القضايا المعروضة على المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة إلى جانب بطء الإجراءات المسطرية.

ومنه فالمحاكم التجارية مؤسسة ضمن بنايات أخرى لتدعيم دولة القانون في الميدان الاقتصادي بالحرص على مبدأ الاستقرار القضائي ومبدأ التوقيع القانوني اللذين يعتبران أساسيان لدولة القانون والتنمية الاقتصادية .

الفقرة الثانية : أهداف إحداث المحاكم التجارية الابتدائية .

تجسيد مدونة التجارة وإحداث المحاكم التجارية رغبة المغرب في مواكبة التغيرات الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي و الجهوي كما رأينا وما يتطلبه ذلك من إصلاحات على مستوى القوانين الاقتصادية عامة والقوانين التجارية بصفة خاصة ،فإلى أي حد نجح المشرع المغربي في أن يحقق التطلعات والأهداف المبتغاة في ظل عولمة الاقتصاد وتحرير التجارة؟

الفرع الأول : الأهداف الاقتصادية.

أولا: حماية الحياة الاقتصادية

للمحاكم التجارية دور فعال وأساسي في الحماية الاقتصادية من كافة الاختلالات التي قد تعتريه ، وذلك عن طريق تطبيق أحكام القوانين التجاري والقوانين ذات الصلة بالمادة التجارية من قبيل القيد التجاري ومسلك الدفاتر التجارية ونظام صعوبة المقاولة والحماية الجنائية للشيك +باقي الأوراق المالية ،وفرض الضرائب ،ويتجلى دور القضاء في مجال تدخله في حالة نظام معالجة صعوبات المقاولات هذا بالاظافة إلى منع التهريب والمساهمة في تطوير وضبط قطاع الأعمال والتجارة بتطبيق المبادئ التي تشجع على التنمية وخاصة المنافسة المشروعة والإنصاف والشفافية في المعاملات التجارية ضمانا لاستمرارية المقاولة وحماية للدائنين(الجريدة الأحداث المغربية11/11/98 عدد 18)

ثانيا: المساهمة في التنمية الاقتصادية

تعتبر المحاكم التجارية الجهاز القضائي الذي يرجع إليه أمر التهريب قانونيا برفع التحديات الداخلية المتمثلة في رفع معركة التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية ذلك أنها صارت فاعلا اقتصاديا أساسيا مندمجا في عملية التنمية لأن القضاء المستقل النزيه و الفعال هو الكفيل بخلق الثقة وتشجيع الاستثمارات ووضع حد للانغلاق وغياب الثقة .

ذلك أن تحقيق نمو اقتصادي مرتفع ودائم كفيل بتحسين ظروف عيش المواطنين، غير أن هدا الطموح تواجهه عراقيل تتصدرها إشكالية الاستثمار والضمانات القانونية وإنشاء المحاكم التجارية جاد في هدا السياق (الجريدة الرسميةعدد216)

لذا فلا تنمية بدون استثمار ولا استثمار بدون ثقة ولا ثقة بدون قضاء عادل واتفاقية عالمية حتى يكون إليه لتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي.

ثالثا: سرعة البث في الدعاوي المتعلقة بالقضايا التجارية :
إن تراكم الملفات وطول الإجراءات المسطرية بالمحاكم ذات الولاية العامة (المحاكم الابتدائية) يتنافى مع قضايا الأعمال الجارية التي لا تحتمل الانتظار بقدر ما تستدعي السرعة .

ولا يتحقق ذلك إلا بقضاة أكفاء ونزا هاء، إلى جانب دقة ومدونة وقصر الإجراءات المسطرية ، وهذا ما اتجه إليه قانون إحداث المحاكم التجارية كما سنرى في هذا البحث.

الفرع الثاني : الأهداف الاجتماعية .

أولا: حماية حقوق المواطنين الأساسية:

تهدف المحاكم التجارية إلى حماية حقوق المواطنين في الميدان التجاري بضمان حقوق المتعاملين وصيانة مصالح مختلف الفاعلين الاقتصاديين من عمال وأرباب العمل وذلك ببته في النزاعات المرتبطة أساسيا بالأعمال التجارية وعلى سبيل الذكر لا الحصر،إضافتا إلى حماية المتعاملين المدنين بالشيك.

ثانيا: تخفيف العبء عن المحاكم العادية .

لقد كان لتراكم الملفات ،القضايا المعروضة على المحاكم الابتدائية ،نتيجة كونها تبت في القضايا المدنية و الأحوال الشخصية والميراث والقضايا التجارية والاجتماعية تأخير منها وعرقلة واضحة في وجه المواطنين و المستثمرين سواء كانوا مغاربة أو أجانب مما دفع إلى التفكير في تخفيف العبء عنها بإقامة قضاء نزيه وعادل ومتخصص ودلك له انعكاسات ايجابية على الاستثمار و التشغيل، كما أن المحاكم التجارية أهمية قصوى في إقامة السلم الاجتماعي الذي لآياتي إلا بإقرار هذه المحاكم لقواعد ومبادئ القوانين التجارية الجاري بها العمل .

إذن تعتبر المحاكم التجارية الجهاز القضائي الذي يرجع إليه أمر النهوض قانونا برفع التحديات الداخلية المتمثلة في كسب معركة التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وكذلك رفع التحديات الخارجية المرتبطة بربح رهان التنافسية وكسب رهان المستثمرين (1) لكن الأسئلة التي تثار في هذا الصدد هي: ماهي تجليات الاختصاص النوعي والمحلي للمحاكم التجارية ؟ وهل استطاعة المحاكم التجارية أن تحقق تلك الأهداف ؟بمعنى أخر ماهى الصعوبات والإشكالات التي تعترض عمل المحاكم التجارية ؟ هذا ما سنجيب عنه في هدا البحث

.(1) الجريدة السياسية بتاريخ 12ـ18 يونيو 1998 . عدد 216

المطلب الثاني: تنظيم وتكوين المحاكم التجارية الابتدائية

لإرساء قاعدة واضحة وصلبة لفهم دور المحاكم التجارية الابتدائية، لابد من التطرق للإطار القانوني لتكوينها وتنظيمها ،وذلك من خلال الفقرات التالية :

الفقرة الأولى: تكوين المحاكم التجارية الابتدائية.

تتكون المحكمة التجارية حسب المادة 2 من قانون إحداث المحاكم التجارية الصادرة بتاريخ 12 فبرااير1997 و المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 مايو 1997 من:

– رئيس ونواب للرئيس وقضاة

– نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه أو عدة نواب

– كاتب ضبط وكاتب للنيابة العامة

ويجوز أن تقسم المحكمة التجارية إلى عدة غرف بحسب طبيعة القضايا المعروضة على المحكمة

يعين رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قضايا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ(2)

وحسب المادة الرابعة من ق.م.ت:تعقد المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية جلساتها وتصدر أحكامها وهي متركبة من ثلاث قضاة من بينهم رئيس يساعدهم كاتب الضبط ما لم ينص القانون على خلاف دلك (3)،غير أن دور النيابة العامة أمام المحاكم التجارية لم يكن مسلما به على خلاف ما عليه بالنسبة لدورها أمام المحاكم الابتدائية ، إذا كادت الآراء تتفق على عدم فعالية دور النيابة العامة أمام المحاكم التجارية مادام الجانب الزجري لا يزال موكولا على الأقل عمليا للنيابة العامة لدي المحاكم الابتدائية (4)، مما يطرح السؤال حول حقيقة دور النيابة العامة أمام المحكمة التجارية؟

إلى جانب الرئاسة والنيابة العامة وكتابة الضبط وكتابة الضبط و كتابة النيابة العامة ،نص المشرع على مؤسسة جديدة بالمحاكم التجارية وهي مؤسسة قاضي التنفيذ المعين من طرف رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية ليقوم بمتابعة إجراءات التنفيذ ، حتى يتم التمكن من القضاء أو على الأقل التخفيف من حدة المشاكل التي يثيرها تنفيذ الملفات ، خاصة البطء

غير أن هده المؤسسة لم تكن فعالة بالشكل الذي توخاه المشرع بل أغلبية المحاكم لا تتوفر عليها ، هذا فضلا على أن عدة تساؤلات طرحت حول دور قاضي التنفيذ ؟ وعمل بتوفر على الإمكانيات الكافية للاطلاع (5)، وتجدر الإشارة إلى أن عدد المحاكم التجارية ثمانية موزعة كما يلي :

1 المحكمة التجارية بطنجة

2 المحكمة التجارية بالرباط

3 المحكمة التجارية بالدار البيضاء

4 المحكمة التجارية بفاس

5 المحكمة التجارية بمكناس

6 المحكمة التجارية بوجدة

7 المحكمة التجارية بمراكش

8 المحكمة التجارية باكادير

غير أن ربط المحاكم التجارية و المحاكم الابتدائية من حيث إحداثها ودوائر نفوذها بالجهات ربط لم يكن موفقا ومبررا قانونيا ويؤكد تبعية التقسيم الإداري ،وينقل التبعية من المستوى الجهة بالنسبة للمحاكم التجارية ، وان هده تبعية ستسجل التنظيم أو التقطيع القضائي في مهب التقلبات الظرفية ،وفي ركض متواصل ليتطابق مع تقسيم إداري سابق له وقد اظهر الإحداث صحة هذا الرأي دلك أن الجدول الملحق بمرسوم المحاكم التجارية ، أصبح حاليا متجاوزا وغير محين بعد فترة قصيرة من

(2) الجريدة الرسمية عدد 82.44ـ 8 محرم 1418 (15ماي1997)

(3) توفيق عبد العزيز،سلسة النصوص التشريعية ،ص.28.29

(4) الطالب عبد الكريم ، التنظيم القضائي المغربي ، ص 45

(5) نفسه ،ص45ـ46

صدوره بسبب تغيرات طرأت على التقسيم الإداري للمملكة(6).

الفقرة الثانية : الإجراءات والمساطر أمام المحكمة الابتدائية

لهذه الفقرة أهمية قصوى في هيكلة القانون على اعتبار أن إحداث محاكم تجارية هو إحداث مسطرة خاصة بالقضايا التجارية وليس إحداث نيابة وتجهيزات خاصة بهذا النوع نوردها كما يلي حسب المواد 11ـ12ـ13ـ14ـ15ـ16ـ17 .
أولا: المسطرة الكتابية

تكون المسطرة كتابية أمام المحاكم التجارية ويقدم بواسطة محام تحت طائلة القبول ، ونظر لما رغب فيه المشرع من الإسراع بالبت في القضايا فقد اوجب على رئيس المحكمة التجارية أن يعين قاضيا مكلف بالقضية يوم التسجيل القضية أو في اليوم الموالى على الأكثر (7)، و اوجب ألا يقع النطق بالحكم إلا بعد تحريره ، تلافيا لكل تراخ قد يقع بعد النطق بالحكم (8) ،وقصر اجل استئناف الأحكام الابتدائية وجعله15 يوما من تاريخ تبلغيها واوجب على كتابة ضبط المحكمة التجارية أن تبعث بالملف إلى محكمة الاستئناف داخل اجل 15يوما كأخر اجل من تاريخ تقديم مقال الاستئناف .

هده أهم الأحداث الواردة في قانون إحداث المحاكم التجارية ، الواجبة التطبيق إلى جانب ما هو غير متعارض معه من أحكام قانون المسطرة المدنية ، ففي حالة عدم النص على إجراء ما في ق.م.ت يرجع إلى قانون المسطرة المدنية كشرط قبول الدعوى .الأهلية.المصلحة. الصفة وقواعد التبليغ وتنفيذ الأحكام القضائية (9)

ثانيا : إجراءات ومساطر الاستدعاء وتبليغ و تنفيذ الأحكام

كما هو معلوم فالظهير المنظم الدعاوى القضائيين(10)أعطى الخيار التقاضي في اللجوء خدمات الأعوان القضائيين أو خدمات أعوان التبليغ التابعين للمحاكم ،فالمادة 15 من ق.م.ت ،وان اثبت الخيارين معا إلا أنها نقلت الحق في الاختيار من الأطراف وأعطته للمحكمة . ودلك سيعفي مبدئيا المتقاضيين من أداء واجب الأعوان القضائيين عند وضع المقال .ما لم تقرر المحكمة تواجد الاستدعاء وفقا للطرف المشار إليها في الفصول 37ـ38ـ39 من قانون المسطرة المدنية (11) وقد عمد المشرع إلى إعطاء الأولوية للتبليغ بواسطة الهيأة نظرا أولا لتخصصها في هذا النوع من المهام ،وثانيا لدقة المساطر أمام المحاكم التجارية وللأثر الاقتصادية السلبية التي قد تترتب على الخطأ في إجراءات التبليغ (12) .

إن المادة 16 تضمنت مقتضيات محددة بشان المراحل التي يتعين على القضية أن تمر بها وهي :

1 ـ البث في القضية في الجلسة التي يستدعي فيها المقرر الأطراف بعد توصله بالملف طبقا للمادة 14 من ق.م.ت إذا كانت جاهزة

2 ـ إذا لم تكن جاهزة تؤجل لأقرب جلسة للبث فيها أي احتفاظ المحكمة بالملف وعدم إرجاعه للمقرر

(6) المحجوبي الإدريسي ، عمل المحاكم التجارية ،ص16

(7) المادة 14 من ق.م.ت

(8) المادة 17 من ق.م.ت

(9) توفيق عبد العزيز،سلسة النصوص التشريعية ،ص8

(10) ظهير الشريف رقم 440ـ80ـ1 الصادر بتاريخ 17 صفر 1401/25دجنبر1980

(11) وهي الاستدعاء عن طريق أعوان كتابة الضبط أو بواسطة البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتواصل أو بطريق الإدارية الدبلوماسية

(12) الطالب عبد الكريم ، التنظيم القضائي المغربي ، ص 48

فالمرحلة الأولى التي تظهر أهمية الفقرة الثانية من المادة 13 التي تجبر كاتب الضبط بتحرير المقرر للمدعي عليه قد يجيب هذا الأخير أو لا يجيب بعد توصله قانونا مما تكون معه القضية غير جاهز للبث في أول جلسة

وفي حلة اعتبار القضية غير جاهزة آنذاك تنتقل إلى المرحلة الثانية التي تؤجل فيها المحكمة القضية لأقرب جلسة مقبلة أو يمكن للمحكمة أن تنقل مباشرة للمرحلة الثالثة وهي إرجاء المقرر، غير أن المهم والجيد في المادة 15 والغير المنصوص عليه في المساطر أخرى هو أن:

1- المرحلة المنصوص عليها فيها تمر منها القضية هي حدا أقصى يلتجأ إليه تدريجيا بالترتيب

2- إن اجل 3اشهر المعطى للقاضي المقرر لإرجاء الملف للجلسة هو في الواقع اجل محدد لأطراف الدعوى الذين عليهم أن يقدموا للمحكمة جميع الوسائل دفاعهم وطلباتهم ووثائقهم داخل ذلك الأجل

3- إن الدعوى لن تقضي أمام المحكمة الابتدائية أكثر من4 او5 أشهر على ابعد تقرير ليصدر الحكم فيها

أما المادة 170 فتنص على ما يلي :
– تحدد المحكمة التجارية تاريخ النطق بالحكم عند وضع القضية في المداولة .

– لا يسوغ النطق بالحكم قبل تحرير كاملا

إن الدافع لذلك ليس دافعا تشريعيا وإنما دافعا واقعيا فرضته ملاحظات أخذت تتزايد من كون الأحكام في المادة الغير الجنائية لا تحدد لها تاريخا معينا من جهة ،كما أن بعض الأحكام قد ينطق بمنطو قها وتبقى حيثياتها معضلة زمنيا عن ذلك المنطوق الشيء الذي يشكل عرقلة ف الحصول على نسخة الحكم ، وبالتالي تحريك مساطر تنفذ الحكم وإحالته على محكمة أخرى

فهذه المادة حرضت الحكومة على أن تنص عليها لإعطاء المحاكم التجارية الوسائل القانونية للإسراء في الفصل في النزاعات التجارية ما يره للسرعة التي تعرفها طبيعة العمليات التجارية

ثالثا:القضاء التجاري قضاء جماعي

تنص المادة الرابعة من ق.م.ت على انه” تعقد المحاكم التجارية …جلساتها وتصدر أحكامها وهي متركبة من ثلاثة قضاة من بينهم رئيس ، يساعدهم كاتب ضبط ما لم ينص القانون على خلاف دلك ”

فالمشرع تبنى مبدأ القضاء الجماعي دون إيراد أي استثناء على ذلك خلاف لما نجده في المحاكم الابتدائية ولم يترك أي مجال لإعمال مبدأ القاضي الفرد وهدا ربما راجع لطبيعة القضايا التجارية المتشبثة (13)

المبحث الثاني: اختصاصات الحاكم التجارية الابتدائية.

تعتبر اختصاصات المحاكم التجارية صلب المستجدات التي أتى بها قانون 95ـ53 المحدث للمحاكم التجارية والتي أثارت صعوبات وإشكالات عملية خاصة في شق الاختصاصات من تم يثار السؤال : هل حدد المشرع المغربي بدقة اختصاصات الموعية والمحلية للمحاكم التجارية ؟ للإجابة عن هذا السؤال سنتطرق في هذا المبحث إلى ما يلي :

المطلب الأول: الاختصاص المحلي/المكاني

الاختصاص المحلي كقاعدة عامة يحدده موطن المدعي عليه ، لأنه هو الذي يجر إلى ساحة القضاء بطلب من المدعي وعلى هذا المنوال سار قانون المحاكم التجارية ،وجعل الاختصاص المحلي للموطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه ( 14)، وهي نفس الإحكام الواردة في الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية ، والاختصاص المحلي سواء وفق أحكام المسطرة المدنية باعتبار الأصل في إجراء التقاضي إما المحاكم المدنية والتجارية والإدارية ، أو بمقتضى قانون إحداث المحاكم التجارية فالاختصاص المحلي

(13) الطالب عبد الكريم ، التنظيم القضائي المغربي ، ص 48

(14) المادة 10 من ق. م.ت

ليس من النظام العام لذلك أعطت المادة 12 من ق.م.ت للأطراف أن يتفقوا كتابة المحكمة التجارية التي

يعرضون عليها نزاعهم في حالة وقوعه ، وهذت الاتفاق يكتب في فواتير البضائع التي سلمها البائع أو الصانع(15)

المطلب الثاني: الاختصاص النوعي

فمن المتفق عليه فقهيا أن قواعد الاختصاص النوعي تعتبر من النظام العام لمساسها بالتنظيم القضائي و توزيع القضايا بين مختلف المحاكم وإسنادا على دلك فان مخالفة قواعد الاختصاص النوعي ينتج عنه عدم اختصاص المحكمة مطلقا (16)، وبالتالي فان أهم المشاكل التي اعترضت عمل المحاكم التجارية في البداية مشكل الاختصاص النوعي سواء تعلق الأمر بالجانب القانوني المحقق أو الجانب العلمي ودلك لعمومية المادة 5 غموضها أحيانا ما ترتب عنه تباين المحاكم التجارية المغربية في تفسير بنود المادة لذلك سنحيط بالموضوع عن الجوانب التالية :

الفقرة الأولى:الإطار القانوني لطبيعة الاختصاص النوعي .

فالاختصاص النوعي هو وارد في القانون 53ـ95 المحدث للمحاكم التجارية تم تحديده عموما في إطار المنازعات التجارية الناشئة بين التجار وتم تمديده استثناء ليشمل مدنين أو عمال مدنين لكنه لم يضمن قطعا اختصاصا جنائيا (17) وتفصيلا ،حددت المادة 58 من ق. م.ت اختصاص المحاكم التجارية في الدعاوى التالية:

– الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية انشأ أو تنفيذا أو فسخا أو إتماما

– الدعاوى التي تنشا بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية كأداء مبالغ مالية ، تسليم بضاعة ، المنافسة الغير المشروعة والتعويض عن عدم وجود المواصفات المتفق عليها في البضاعة الخ

– الدعاوى المعلقة بالأوراق التجارية كأداء ديون ثابتة بأية ورقة من الأوراق التجارية ، الشيك والكمبيالات والسند الأمر أو تسليم نظائر هذه الأوراق في حالة ضياعها، الدفع بعدم وجود مقابل ….

– النزاعات الناشئة بين الشركاء في شركة تجارية وكيفما كان نوع الشركة ، كالنزاعات المتعلقة بالطعن في توزيع الأرباح

– النزاعات المتعلقة بالأصول التجارية كأداء كراء المحل المستعمل للتجارة أو الصناعة وإفراغ ورفع السومة الكرائية (18)

وقد خص المشرع بمقتضى الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 5لغير التاجر آن يلجا إلي المحكمة التجارية في النزاعات التي تنشا ينه وبين التاجر بسبب قام به لصالح هدا الأخير ويتعلق بعمليه التجاري كالحرفي الذي يقوم لعمل لمؤسسة تجارية كالنجار والصباغ

إما دعاوي المتعلقة بالتعويض عن حوادث السير التي تتسبب فيها عربات مملوكة لتاجر أو مؤسسة تجارية فإنها تبقى من اختصاص المحاكم العادية

إما المادة 6 من ق.م.ت حددت اختصاص المحاكم التجارية بالنظر ابتدائيا وانتهائي في أي نزاع لا يتعدى 2000 درهم في حين أن المادة 19 من قانون المسطرة المدنية حددت اختصاص نظر المحاكم الابتدائية ، ابتدائيا وانتهائي في النزاعات التي لا تتعدى مبلغ 3000 درهم (19)، ادن فنظريا تبدو المادة 8 من ق.م.ت واضحة لكن عمليا أثارت صعوبات وإشكالات سنتطرق إليها في الفقرة الثانية

(15) الطالب عبد الكريم، التنظيم القضائي المغربي ، ص4

(16) المحجوبي الإدريسي ، عمل المحاكم التجارية ،ص90/91

(17) نفسه ، ص 41/42

(18) توفيق عبد العزيز،سلسة النصوص التشريعية ،ص5/6

(19) توفيق عبد العزيز،سلسة النصوص التشريعية ، ص6

الفقرة الثانية: إشكاليات الاختصاص النوعي

لقد حدد المشرع المغربي القواعد المحددة لتنظيم كل محكمة والمسطرة المتبعة ، إلى جانب ما سبق ذكره بين اختصاص محكمة التجارية حتى لا يقع التنازع من الاختصاص بين المكونة لتنظيم القضائي المغربي لكن الممارسة تكشف عن التقارب وتداخل كبيرين بين اختصاصات هذه المحكمة أو تلك ومن اجل تسليط الضوء على هدا الإشكال نسوق المثال التالي :

– نزاع الشركاء في شركة تجارية

يحدث من حين لأخر أن يكلف احد الشركاء بإدارة الشركة وقد يخصص كل وقته لهده الإدارة يوم يجعل فيه الشركاء حدا لهده الإدارة ويعفى المدير ـ الشريك من مهامه وقد لا يرضى المعني بالأمر يهدا الإعفاء فيعزم على المطالبة بحقوقه كأجير لدى الشركة التي هو مساهم فيها ،فيطالب مثلا بالأجر أو التعويض عن الإعفاء التعسفي أو هما معا ، فضلا عن نصيبه في أرباح الشركة فهذا الخلاف الواقع بين ذلك الشريك وبين باقي الشركاء هو نزاع تجاري وتختص به المحكمة التجارية(20) ؟أم هو خلاف اجتماعي الفردية تنظر فيه قاضى المنازعات بالمحكمة الابتدائية

1- في حالة رفع النزاع أمام القاضي الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية

يطبق القاضي الاجتماعي بطبيعة الحال قواعد قانون العمل وقواعد المسطرة المدنية (21) لكن طلب المدعي أو الأجير مخضر ما بمعنى انه يخضع لبعض قواعد مدونة التجارة إلى جانب قانون العمل كان يطلب المدعي بنصيبه في أرباح الشركة أو بحقه في العمولة المنصوص عليها في مدونة التجارة (22) ويطالب في نفس الوقت بالتعويض عن الإعفاء التعسفي المنظم لموجب قواعد العمل ، فهل يدفع للقاضي الاجتماعي يده استنادا إلى المادة 9 من قانون المحاكم التجارية التي تنص على انه ” تختص المحكمة التجارية بالنظر في مجموع النزاع التجاري الذي يتضمن جانبا مدنيا ” فقضايا تبعا لذلك بعدم الاختصاص الكلى ام انه سيقضي بعدم الاختصاص الجزئي .

ويجب أن لا ننسى بان اختصاص الغرفة الاجتماعية من المحكمة الابتدائية من النظام العام لأنه يتعين لن يشارك في تأليف وبدائيا مستشارون يمثلون الأجراء وأصحاب العمل إلى جانب القضاة المهنيين (23) ،وهؤلاء المستشارين لا يمكن أن يتواجدوا بالمحكمة التجارية ، إذن كيف يعقل أن يصرح القاضي الاجتماعي بعدم اختصاصه كليا استنادا إلى المادة 5 من ق.م.ت

2- في حالة رفع النزاع أمام المحكمة التجارية :
من الممكن رفع النزاع إمام المحكمة لتجارية من طرف الأجير في إطار طلب أصلي أو طلب مضاد يلتمس فيه بنفسه الطلبات المذكورة أعلاه وفي حالة ما ادا أثير أمامها بدفع بعدم الاختصاص النوعي ، فان قانون المحاكم التجارية ينص على انه :
<يجب على المحكمة التجارية أن تبت بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها وذلك داخل اجل 8 أيام (24) أما إذا كان للنزاع جانبان احدهما تجاري والأخر مدني فإنها تضل مختصة (25) لكن هل مفهوم الجانب المدني يسرى وينطبق حتى على قضايا منازعات العمل ام ينسحب إلى القضايا المدنية بمفهومها الضيق ؟ دون القضايا الاجتماعية التي يحكمها قانون مستقل عن القانون المدني ألا وهو قانون العمل ، وهو ما يمثل إليه بالنظر إلى الخصوصية التي تتسم بها القواعد المسطرة والموضوعية لمنازعات العمل

(20) الفصل 20 من قانون المسطرة المدنية

(21) الفصل 269 ق.م.م

(22) المادة 399 ق.م.ت

(23) المادة270 ق.م.م

(24) المادة 8 ق.م.ت

(25) المادة 9 ق.م.ت

3- مدى نجاعة وملائمة قواعد الاختصاص النوعي في قانون المحاكم التجارية:

لعل المشرع أساق مع الرغبة الجامعة للتجار ورجال الأعمال في إصدار المحاكم التجارية بأسرع وقت ممكن (26)وهو الشيء مستحب ، إلا أن ما يلاحظ على هذه المقتضيات هو طغيان جانب القضاء التجاري بشان إصدار الحكم المستقل البات في الدفع بعدم الاختصاص النوعي ، إذ أن الحكم المذكور يصدر عن محكمة الدرجة الأولى و الثانية التجاريتين ، ولم يسند المشرع أي دور لقضاة المنازعات المدنية والاجتماعية للمساهمة في إصدار الأحكام الباتة في الاختصاص النوعي وبعبارة أوضح نفضل أن تكون هناك محكمة أو عرفة للمنازعات ، تتولي الفصل في الاختصاص النوعي بين المحاكم التجارية وبين باقي المحاكم ، وتتألف تلك المحكمة أو الغرفة من القضاء المدني والتجاري والاجتماعي

ومن البديهي أن تتألف غرفة المنازعات على هدا النحو يكون في صالح حسن سير العدالة ومن تم هناك تفكير أو اتجاه أحادي في تفسير قواعد الاختصاص النوعي .

خاتمة :

إن الدارس للتنظيم القضائي المغربي يلاحظ أن تطوره خضع لتوجهات سياسية بدا بإقرار قانون المغربة والتوحيد والتعريب وانتهاء بالاستجابة لمتطلبات وتفاعلات الحقل الاقتصادي الدولي ، هدا التطور افرز خريطة قضائية متنوعة وغير متجانسة من المحاكم العادية و استئنافي ، المدنية والجنائية والإدارية والتجارية ، موزعة على الرقعة الترابية للمملكة بشكل غير معقلنا ( بعض الجهات دون الأخرى ) ومن تم السؤال حول ما هي إمكانية إعادة هيكلة التنظيم القضائي ؟ كي تستجيب لحاجيات الحقيقية والمشروعة للمواطنين وبالتالي تحقيق العدالة وحماية الأنشطة الاقتصادية على العموم والتجارة على الخصوص رغم الصعوبات القانونية والإشكالات العملية.

مقتطف من موقع منتديات ستار تايمز

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

 أمين البقالي: ماهية الحريات العامة 

ماهية الحريات العامة   أمين البقالي طالب باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق اكدال مقدمـــــة: موضوع ...