تنفيـــذ الأحكام (قانون المسطرة المدنية )
يستوجب المشرع من أجل تنفيذ الحكم توفر المحكوم على حكم قابل للتنفيذ ، ثم قيامه بتبليغ المحكوم و إعذاره ، و إلا ترتب عن مخالفة هذه الشروط بطلان التنفيذ إضافة إلى ذلك هناك مجموعة من الخصوصية يتميز بها تنفيذ الأحكام و منها ما يعرف بالتنفيذ المعجل للأحكام و كيفية إيقافه ، و أخيرا الأحكام الأجنبية بالمغرب .
أولا : الحكــم القابل للتنفيذ
يُشترط في الحكم القابل للتنفيذ مجموعة من القواعد هي أن لا يكون قد سقط بالتقادم ، و يجب أن يكون حكما إلزاميا ، و أن يكون حائزا على قوة الأمر المقضي ما لم يكن مشمولا بالنفاذ المعجل .
عدم سقوط الحكم بالتقادم : وقد نص على هذا المقتضى الفصل 428 من ق. م.م حيث تكون الأحكام قابلة للتنفيذ خلال ثلاثين سنة من اليوم التي صدرت فيه و تسقط بانصرام هذا الآجال ، حيث إن فوات أجل تقادم الأحكام و تهاون المحكوم في مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري ضد المحكوم عليه يجعل حقه متقادما .
أن يكون الحكم إلزاميا : و يقصد بالأحكام الملزمة في هذا النطاق هي التي تقضي على المحكوم عليه بأداء معين لصالح المحكوم له ، و من أمثلتها ما ورد في الفصول 446 و447 و 448 من ق. م. م ، إذا كان المنفذ عليه ملزما بتسليم منقول أو كمية من منقولات معينة ، أو أشياء قابلة للاستهلاك سُلمت للدائن ، أو إذا كان ملزما بتسليم عقار أو نقل ملكيته أو التنازل عنه نقلت حيازته إلى الدائن ، و يجب أن ترد الأشياء المنقولة التي لا يشملوها هذا التنفيذ إلى المنفذ عليه ، أو أن توضع تحت تصرفه خلال أجل ثمانية أيام فإذا رفض تسلمها بيعت بالمزاد و أودع الثمن الصافي في كتابة الضبط .
الحصول على النسخة التنفيذية : بالرجوع إلى الفصل 428 من ق. م. م التي تنص على أنه لكل محكوم له يرغب في تنفيذ الحكم حق الحصول على نسخة تنفيذية منه ، و نسخ عادية بعدد المحكوم عليم ، تسلم النسخة التنفيذية مختومة و موقعة من طرف كاتب ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم ، حاملة العبارة التالية ” سُلمت طبقا للأصل و لأجل التنفيذ “.
وبالتالي فإن أي طرف محكوم له يرغب في التنفيذ عليه الحصول على نسخة تنفيذية من الحكم ، و يتعلق الأمر بالأحكام النهائية و الأحكام الابتدائية المشمولة بالنفاذ المعجل ، أما الأحكام الابتدائية غير المشمولة بالنفاذ المعجل لا تصبح قابلة للتنفيذ من قبل الغير أو بينهم و لو بعد أجل التعرض أو الاستئناف إلا بعد تقديم شهادة من كتابة ضبط المحكمة التي أصدرته ، تحتوي على تاريخ تبليغه للطرف المحكوم عليه ، وتشهد بأنه لم يقع أي تعرض أو استيناف ضده ( الفصل 437 ق.م.م ).
ومن جهة أخرى فإن هناك بعض الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به و لا تكن قابلة للتنفيذ و هي التي حدت مرحلة النقض من فعالياتها و جعل تنفيذها مؤجلا إلى أن يصبح الحكم فيها باتا و هي الأحكام الصادرة في القضايا المنصوص عليها في الفصل 361 من ق.م.م المتعلقة بالأحوال الشخصية و الزور الفرعي و التحفيظ العقاري .
ثانيا : التبليغ و إعذار المحكوم عليه
ألزم المشرع في الفصول 433 و 440 من ق. م.م المحكوم أو من ينوب عنه الذي يرغب في تنفيذ الحكم القابل للتنفيذ أن يقوم بتبليغ هذا الحكم للمحكوم عليه عن طريق عون التنفيذ الحكم المكلف بتنفيذه و يعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا أو بتعريفيه بنواياه و ذلك خلال اجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ . إذا طلب المدين آجلا أخبر العون الرئيس الذي يأذن بأمر بحجز أموال المدين تحظيا إذا بدا ذالك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم . إذا رفض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ
و للإشارة ن التبليغ المنصوص عليه في الفصل 433 من ق.م.م يختلف عن التبليغ الوارد بشأنه النص في الفصل 54 من ق.م.م لأنه لا يرمي مثل هذا الأخير ، إلى احتساب آجل الطعن ، بل إلى إعذار المحكوم عليه معرفة نواياه ، كطلب آجل مثلا ، و يتم هذا التبليغ بواسطة نسخة الحكم الحاملة للصيغة التنفيذية و مع ذلك فإن بعض المحاكم لا تزال تخلط بين التبليغين رغم اختلاف هدف كل واحــد .
ثالثا : التنفيذ المعجل للأحكام
أشار المشرع المغربي لموضوع التنفيذ المعجل في الفصل 147 من ق.م.م حيث نص على ما يلي ” يجب أن يُأمر بالتنفيذ المعجل رغم التعرض أو الاستئناف دون كفالة إذا كان هناك سند رسم أو تعهد معترف به ، أو حكم سابق غير مستأنف” .
يتضح منن خلال هذا النص و نصوص أخر أن المشرع المغربي يميز بين نوعين من النفاذ العجل ، نفاذ قانوني مقرر بإرادة القانون ، و نفاذ معجل قضائي يرجع لإرادة و سلطة القاضي التقديرية.
1- النفاذ المعجل القانوني
وهو الذي يستمد فيه الحكم قوته التنفيذية من نص قانوني مباشرة ، فلا يلزم أن تصرح به المحكمة و لا يلزم للمحكوم له طلبه أو التماسه من القاضي .
ولعل حالات النفاذ المعجل القانوني جاءت متفرقة في قانون المسطرة المدنية و في قوانين أخرى ، و الحالات التي نص عليها المشرع للنفاذ المعجل القانوني هي كالتالي :
الأوامر الاستعجالية : فقد نص الفصل 153 من ق.م.م على أن تكون الأوامر الاستعجالية مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون ويمكن للقاضي مع ذلك أن يقيد التنفيذ بتقديم كفالة .
الأحكام الصادرة في مادة النفقة و التطليق : وقد نص عيها الفصل 179 مكرر من ق.م.م الذي جاء فيه ” يبث في طلبات النفقة باستعجال و تنفذ الأوامر و الأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن . ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب و الحجج التي يمكن الاعتماد عليها . و ينفذ هذا الحكم قبل التسجيل و بمجرد الإدلاء بنسخة منه .”
الأحكام الصادرة في مادة مسطرة صعوبات المقاولة : حيث نصت المادة 728 من م.ت على أن الأحكام الصادرة في مادة مسطرة معالجة صعوبات المقاولة تكون مشمولة بالنفاذ المعجل ، و تدخل في هذه الأحكام الصادرة عن رئيس المحكمة التجارية ، في مسطرة الوقاية الخارجية و التسوية الودية ، أو بتوقيف نشاط المقاولة لغرض تصفيتها ، مراقبة مخطط الاستمرارية ، إقرار التصفية القضائية للمقاولة .
و لا تستثنى من الأحكام الصادرة في هذا الموضوع سوى تلك المتعلقة بالعقوبات المتخذة ضد مسير المقاولة طبقا لما نصت عليه المادة 728 من م.ت .
الأحكام الصادرة في المادة الاجتماعية : قد نص الفصل 285 من ق.م.م على أنه :” يكون الحكم مشمولا بالتنفيذ المعجل بحكم القانون في قضايا المتعلقة بحوادث الشغل و الأمراض المهنية ، و في قضايا الضمان الاجتماعي ، و قضايا عقود الشغل و التدريب المهني رغم كل تعرض أو استئناف .
2- النفاذ المعجل القضائي
يقصد بالنفاذ المعجل القضائي هو الذي يصدره القاضي بناء على سلطته التقديرية و إرادته و اقتناعاته .
و قد ميز المشرع المغربي بين نوعن من النفاذ المجل القانوني ، نفاذ معجل وجوبي و نفاذ معجل جوازي .
– النفاذ المعجل الوجوبي : نص الفصل 147 من ق.م.م على حالات النفاذ المعجل الوجوبي و التي جاء فيه” يجب أن يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم التعرض أو الاستئناف دون كفالة إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به ، أو حكم سابق غير مستأنف”.
و بناء عليه فإن حالات التنفيذ العجل الجوازي تقتضي ما يلي :
السند الرسمي : ويكون السند رسميا إذا انطبقت عليه مواصفات الفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود الذي عرف الورقة الرسمية بأنها تلك التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون ، و تكون رسمية أيضا :
– الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم
_ الأحكام الصادرة من المحاكم الغربية الأجنبية
إذا كان الحكم مبنيا على تعهد معترف به: المقصود إذا اعترف المدعى عليه بصحة السند الذي قدمه في الدعوى و أقر بصحة توقيعه ، و طلب المدعي الحكم له بالنفاذ المعجل ،وجب على المحكمة أن تستجيب إلى طلبه .
الحكم السابق الغير المستأنف: إذا استند المدعي في دعواه على حكم سابق صادر لمصلحته لم يقع استئنافه ، و أصبح بالتالي حائزا لقوة الأمر المقضي به تعين على المحكمة أن تشمل الحكم الثاني بالنفاذ المعجل .
– النفاذ المعجل ألجوازي : ويجد سنده في الفقرة الثانية من الفصل 147 من ق.م.م الذي جاء فيه ” يجوز دائما الأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة أو غيرها حسب ظروف القضية التي يجب توضيحها “.
حيث يتضح من خلال هذه الفقرة أن المشرع المغربي منح القاضي سلطة تقديرية مهمة ليبثث بحرية تامة في كل حالة على حدة بقبول الاستجابة لطلب النفاذ المعجل أو عدم قبوله ، و هو غير مقيد في ذلك إلا بتوضيح ظروف النازلة التي استوجبت إشمال الحكم بالنفاذ المعجل ، بشرط أن لا يتناقض حكمه بنص آمر يمنعه من الحكم بالنفاذ المعجل كالفصل 72 من قانون 12-67 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري و المكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني الذي نص صراحة على أنه ” باستثناء مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 27 و الفقرة الأخيرة من المادة 55 و الأحكام القاضية بالأداء ، لا تكون الأحكام الصادرة عن المحكمة تطبيقا لهذا القانون ممولة بالنفاذ المعجل. “
رابعا : إيقاف النفاذ المعجل
– وقف التنفيذ من طرف محكمة المعارضة أو محكمة الاستئناف : منح المشرع للمحكوم عليه المهدد بالتنفيذ العجل إمكانية المطالبة بإيقاف التنفيذ المعجل بمقال مستقل عن الدعوى الأصلية ـــ دعوى التعرض أو الاستئناف ـــ أمام نفس المحكمة التي تنظر في التعرض أو الاستئناف حيث تنظر المحكمة في هذا الطلب في غرفة المشورة بعد استدعاء الأطراف و الاستماع إليهم و تبث فيه داخل آجل 30 يوما .
غير أن النفاذ المعجل الذي يمكن إيقافه هو النفاذ المعجل القضائي ، أما القانوني أو المستند إلى قوة القانون ،فإنه لا يقبل أي مسطرة لإيقافه طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق.م.م و يبقى للمحكمة السلطة التقديرية في مدى الاستجابة لطلب الإيقاف .
– إلزام المحكوم له بتقديم كفالة : وقد نص عليها الفصل 147 من ق.م.م في فقرته الخامسة ،حينما أجاز إمكانية إيقاف التنفيذ المعجل لمدة معينة أو تعليق متابعة التنفيذ كليا أو جزئيا على تقديم كفالة من طالبه .
على أن تعليق النفاذ المعجل على تقديم كفالة ، يكون في النفاذ المعجل و القضائي ألجوازي و ليس النفاذ المعجل القضائي الو جوبي الذي منع المشرع القاضي صراحة وقف نفاذه في الفقرة الأولى من الفصل 147 من ق.م.م حيث جاء فيه ” يجب أن يأمر بالتنفيذ المعجل رغم التعرض أو الاستئناف دون كفالة إذا كان هناك سند رسمي أو تعهد معترف به ، أو حكم سابق غير مستأنف .
أما بالنسبة للنفاذ المعجل القانوني فلا يجوز للمحكمة نهائيا أن تقوم بتعليق هذا النفاذ على تقديم كفالة ، إلا بوجود نص صريح يجوز الحكم بها كما هو الحال بالنسبة للأوامر الاستعجالية (الفصل 153 من ق.م.م )
خامسا : تنفيذ الأحكام الأجنبية
تطرق المشرع المغربي لكيفية تنفيذ الأحكام الأجنبية في الفصلين 430 و 431 من ق.م.م ، حيث أقر على انه لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو مكان التنفيذ في حالة عدم وجودهما .
يتضح من خلال الفقرة أعلاه بأن المحكمة الابتدائية هي المختصة للنظر في طلب تذيل الأحكام الأجنبية .
بالنسبة للإجراءات و الوثائق التي يجب على طالب التنفيذ الإدلاء بها فقد حددها الفصل 431 من ق.م.م عندما نص على ما يلي :
يقدم الطلب ـ إلا إذا نصت مقتضيات مخالفة في الاتفاقيات الدبلوماسية على غير ذالك بمقال يرفق بما يلي :
1- نسخة رسمية من الحكم
2- أصل التبليغ أو كل وثيقة أخرى تقوم مقامه
3- شهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض و الاستئناف و الطعن و النقض
4- ترجمة تامة إلى اللغة العربية عند الاقتضاء للمستندات المشار إليها أعلاه مصادق على صحتها من طرف ترجمان محلف
يصدر الحكم بإعطاء الصيغة التنفيذية في جلست علنية
يكون الحكم القاضي بمنح الصيغة التنفيذية في قضايا انحلال ميثاق الزوجية غير قابل للطعن ، ما عادا من لدن النيابة العامة .
majalat-al9anon.blogspot.com