حماية الأم الأجيرة من خلال مدونة الشغل المغربية
لم يميز المشرع المغربي في قانون الشغل بين المرأة والرجل في كثير من الحقوق الواجبات، لكنه ميز بين الجنسين في حالات محددة تعود أساسا لسبب فيزيولوجي ـ كالولادة والرضاع مثلا ـ، أو لأسباب أخلاقية، ـ كالشغل الليلي.. .
وباستقراء المقتضيات القانونية الواردة في مدونة الشغل، يتبين أن مظاهر الحماية التي خص بها المشرع المرأة الأجيرة تتم من خلال اعتبارين اثنين:
الأول: الحماية المادية التي تهدف إلى حماية المرأة الأجيرة والحيلولة بينها وبين تعاطي بعض الأشغال الشاقة، الخطرة وغير الصحية، والتي قد تؤثر على وضعيتها الإنجابية، كما أن هذا النوع من الحماية يرمي أيضا إلى تمتيع المرأة الأجيرة بمجموعة من الضمانات والامتيازات خلال فترة أمومتها حفاظا على سلامتها وسلامة مولودها.
الثاني: الحماية المعنوية/ الاعتبارية، وتشمل المحافظة على الأخلاق الحميدة داخل نطاق الشغل مع حماية المرأة من كل تمييز بينها وبين أخيها الرجل، يقوم على أساس الجنس، أو الوضع الزوجي.
وعليه، فإن معالجة هذا الفصل، تقتضي مني، وفق الاعتبارات السابقة، تقسيمه إلى فرعين:
الفرع الأول: الحماية المادية والمعنوية للمرأة الأجيرة بصفة عامة.
الفرع الثاني: الحقوق الاجتماعية والضمانات الحمائية للأم الأجيرة.
الفرع الأول: الحماية المادية والمعنوية للمرأة الأجيرة بصفة عامة
تدخل المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل لإقرار حماية خاصة للمرأة الأجيرة، نظرا لاختلاف ظروفها عن ظروف أخيها الرجل، فمنع عنها بعض الأشغال لما لها من خطورة، ليس فقط من الناحية المادية بالنظر لتأثيرها على صحتها (المبحث الأول)، بل كذلك من الناحية المعنوية، لما قد يكون لهذا النوع من الأشغال من مضاعفات على سلوكها وأخلاقها (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الحماية المادية للمرأة الأجيرة
لئن كان المشرع المغربي ـ على غرار التشريعات المقارنة ـ، قد أقر مبدأ المساواة بين الجنسين من حيث فرص الشغل وامتيازاته، فإن هذه المساواة لا تتعارض مع وضع تنظيم خاص لشغل المرأة يمنع عنها بعض الأشغال التي تفوق طاقتها أو تسبب لها الكثير من الإرهاق، بل ورما قد تؤثر على دورها الطبيعي في المجتمع والمتمثل في الإنجاب وتربية الأطفال.
من هذا المنطلق، تتجلى أهم مظاهر الحماية المادية للمرأة الأجيرة في مدونة الشغل المغربية في تنظيم الشغل الليلي (المطلب الأول)، وحظر بعض الأشغال الجوفية والشاقة على المرأة الأجيرة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: موقف المشرع المغربي من الشغل الليلي للمرأة الأجيرة
مما لاشك فيه، أن الشغل الليلي يخالف الطبيعة والفطرة البشرية، التي بموجبها يخصص النهار للعمل والكد، أما الليل فللنوم والراحة واسترجاع القوى.
إلا أن التطور الحاصل في ميدان الشغل بعد ظهور الصناعات المستمرة، وقيام المعامل التي لا تتوقف فيها عجلة الإنتاج، أدى إلى تكريس استمرار الشغل عن طريق تناوب أفواج الأجراء، مما جعل الشغل الليلي يتكرس واقعا مألوفا تحت تأثير التطور الحاصل في ميدان الإنتاج.
وأمام هذه الظاهر، تدخلت التشريعات الاجتماعية المختلف، قصد منع تشغيل النساء ليلا، لأن الشغل الليلي يتطلب جهدا أكثر من الشغل نهارا، مما يؤدي إلى الإضرار بهن صحيا وخلقيا.
ومن بين التشريعات التي كان لها سبق في تكريس حماية خاصة للمرأة الأجيرة في ميدان الشغل بما فيه الشغل الليلي، القانون الفرنسي، الذي أقر من حيث المبدأ عدم جواز تشغيل النساء في أي شغل ليلي، في المصانع، المناجم، المحاجر، الورشات وملاحقها مهما كانت طبيعتها عامة أو خاصة.
كما حدد المشرع الفرنسي الشغل الليلي في كل عمل يؤدى ما بين الساعة العاشرة ليلا والساعة الخامسة صباحا.
ويظهر أن هذا هو نفس الموقف المشرع الجزائري الذي منع بدوره تشغيل النساء ليلا، وحدد مفهوم الشغل الليلي في كل عمل ينفذ ما بين الساعة التاسعة ليلا والساعة الخامسة صباحا.
وبالرجوع إلى مدونة الشغل المغربية، فقد اعتبر المشرع المغربي كل شغل يؤدي فيما بين الساعة التاسعة ليلا والسادسة صباحا، شغلا ليليا في النشاطات غير الفلاحية، أما بالنسبة للنشاطات الفلاحية، فقد حدد الشغل الليلي في كل شغل يؤدى فيما بين الساعة الثامنة ليلا والخامسة صباحا.
غير أن الملاحظ، أن النصوص القانونية السابقة عن مدونة الشغل، كانت تمنع الشغل الليلي عن المرأة الأجيرة، وإن كان ذلك ليس بكيفية مطلقة، حيث كان بعض الاستثناءات تسمح بتشغيلها ليلا، وبصدور مدونة الشغل، غير المشرع المغربي موقفه كلية من الموضوع، حيث صار ينص صراحة بمقتضى المادة 172 من م.ش، على إمكانية تشغيل النساء ـ مع الأخذ بعين الاعتبار وضعهن الصحي والاجتماعي ـ في أي شغل ليلي، مع مراعاة الاستثناءات التي تحدد بنص تنظيمي، وبذلك يكون المشرع قد تراجع بمقتضى مدونة الشغل الملغى، والذي كان يضمن حماية أكبر للمرأة الأجيرة في هذا المجال، بل إن المشرع المغربي يسمح بتشغيل النساء ليلا، حتى بدون مراعاة الاستثناءات التي تحدد بنص تنظيمي في الحالات التالية:
• في المؤسسات التي تحتم الضرورة أن يكون النشاط فيها متواصلا أو موسميا، أو أن يكون الشغل فيها منصبا على مواد أولية أو مواد في طور الإعداد أو على استخدام محاصيل فلاحية سريعة التلف.
• في المؤسسة التي تعرضت لظروف استثنائية، وتعذر عليها، إما بسبب نشاطها، أو بسبب طبيعة شغلها، الاستفادة من الاستثناء السابق، شريطة الحصول على رخصة من العون المكلف بتفتيش الشغل.
وهنا يثور التساؤل، ما المقصود بعبارة “ظروف استثنائية”.؟
لاشك في أن هذه الصياغة الفضفاضة ستفسح المجال أكثر أمام المقاولات للاستفادة من تشغيل اليد العاملة النسوية ليلا.
• إمكانية تعويض أيام الشغل الضائعة في حالة بطالة ناتجة عن قوة قاهرة أو توقف عارض شرط عدم تجاوز اثنى عشرة ليلة إلا بإذن من مفتش الشغل.
وفي كافة الأحوال، فإن تشغيل النساء ليلا، رهين باحترام مجموعة من الشروط المحددة قانونا وهي:
• إتاحة فترة للراحة للنساء، بين كل يومين من الشغل الليلي لا تقل عن إحدى عشرة ساعة متوالية، غير أنه يمكن تخفيض هذه المدة إلى عشر ساعات في المؤسسات التي تحتم الضرورة أن يكون النشاط فيها متواصلا أو موسميا، أو أن يكون الشغل فيها منصبا على استعمال مواد أولية، أو مواد في طور الإعداد، أو على استخدام محاصيل فلاحية سريعة التلف.
• احترام الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من المرسوم المحدد للشروط الواجب توفيرها لتسهيل تشغيل النساء ليلا، وهي كالتالي:
– توفير المشغل وسائل النقل للنساء الأجيرات من محل إقامتهن، إلى مقرات الشغل ذهابا وإيابا.
– تمتيع الأجيرات براحة لا تقل مدتها عن نصف ساعة بعد كل أربع ساعات من العمل المتواصل، تدخل مدة هذه الاستراحة ضمن مدة الشغل الفعلي.
يظهر إذن من كل ما سبق، أن إمكانية تشغيل المرأة الأجيرة ليلا واسعة جدا في إطار مدونة الشغل، ويتعزز هذا التوسع، بضعف الجزاءات المقررة بهذا الخصوص، حيث يتراوح مبلغ الغرامة في حالة مخالفة المقتضيات السابقة ذكرها ما بين 300 درهم و500 درهم، دون أن تتعدى قيمتها 20.000 درهم.
المطلب الثاني: حظر الأشغال الجوفية، الخطرة والشاقة على المرأة الأجيرة.
تتميز المرأة عن الرجل ببعض الخصوصيات، منها ضعف بنيتها الجسدية ورقتها ورهافة حسها، مما يجعلها مؤهلة للقيام ببعض الأشغال دون أشغال أخرى، تتميز بالخطورة والإرهاف الشديد، كالأشغال الجوفية (الفقرة الأولى)، والأشغال الخطرة والشاقة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حظر الأشغال الجوفية على المرأة الأجيرة
إن الأساس القانوني الذي تعتمده مختلف التشريعات الاجتماعية في منع الأشغال الجوفية على النساء، هو النقص أو الضعف الجسدي النسبي الذي تتميزن به مقارنة بالرجال، وما يمكن أن تخلفه هذه الأشغال من تأثير سلبي على صحتهن.
لذلك تدخل المشرع المغربي بمقتضى المادة 179 من م.ش، لمنع تشغيل النساء كيفما كان سنهن في الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم.
ولقد سار في نفس الاتجاه، الفصل 21 من ظهير 24/12/1960 المتعلق بالنظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية والذي جاء فيه:
“لا يمكن أن يستخدم بقعر المنجم العملة الصغار البالغ سنهم أقل من 16 سنة وكذا النساء”.
ويقصد بعبارة “منجم” مجموع مراكز الاستغلال الموجودة فيها المعامل والمنشآت المشتركة لتقوية النسبة المعدنية مما يستخرج من المناجم.
ولعل حرص المشرع على حظر الأشغال الجوفية على المرأة الأجيرة، راجع بالأساس إلى إدراكه بأن المجتمع المغربي بتركيبته الحالية، بعاداته وتقاليده، لا يمكن للمرأة فيه أن تقتحم هذا المجال الشاق والخطر والمحتكر من قبل الرجال، إذ لا يعقل في الوقت الحالي أن تختار المرأة العمل في جوف الأرض، اللهم إلا من أرغمتها الظروف ولقمة العيش العمل فيه، فالأمر يفهم بداهة.
الفقرة الثانية: حظر الأشغال الخطرة والشاقة على المرأة الأجيرة.
تنص المادة 181 من مدونة الشغل على ما يلي:
“يمنع تشغيل الأحداث دون الثامنة عشرة، والنساء والأجراء المعاقين في الأشغال التي تشكل مخاطر بالغة عليهم، أو تفوق طاقتهم…”.
يتضح من خلال نص المادة أعلاه، أن الرغبة في تجنب الآثار الوخيمة للأشغال الشاقة والخطرة، هي التي حثت المشرع المغربي إلى التدخل بهدف منع هذا النوع من الأشغال عن المرأة الأجيرة، حماية لها وضمانا لصحتها.
غير أن التطور الكبير الذي تعرفه التكنولوجيا في العالم وتسهيلها لظروف الشغل، جعلت القانون الدولي يسير شيئا فشيئا نحو رفع بعض من الحماية التي كانت تكرسها محافظة على المرأة الأجيرة، وذلك إعمالا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الشغل، وبدعوى أن الأشغال إذا كانت خطيرة، فإنها تكون خطيرة على الجنسين، وإذا كانت شاقة، فإنها شاقة بالنسبة لكلا الجنسين، وبالرغم من هذا كله، فإن بعض الدول لازالت تتشبث بحمايتها للمرأة بخصوص هذا النوع من الأشغال، أو لوعيها بخطورة هذه الأشغال على النساء في كافة الأحوال، وأجد من بين هذه الدول فرنسا، فبالرغم من تقدمها وتطورها في الميدان الصناعي والتكنولوجي، لازالت تكفل حماية للمرأة في هذا المجال بصفة عامة وللأجيرة الحامل ـ المرضع بصفة خاصة، حيث حرص المشرع الفرنسي على إيجاد أنجع الحلول التي تتلاءم وظروف حملها، فخول لها إمكانية تقديم طلب للحصول على تغيير مدة عملها بالنهار بدل أدائه بالليل، وكذا تغيير نوعية شغلها إذا ثبت أنه يشكل خطرا على صحتها أو صحة جنينها، كما يمكن أن يقدم طلب تغيير الشغل من طرف طبيب الشغل، إذا رأى في ذلك تأثيرا على صحتها، كل هذا، دون أن يكون لهذا التغيير أي تأثير على الأجر.
وإذا لم يتمكن المشغل من أن يجد للأجيرة الحامل شغلا بديلا مؤقتا يليق بوضعها داخل نفس المقاولة، أمكن لها أن تستفيد من توقيف عقد شغلها إلى حين حلول إجازة الوضع، مع ضرورة تقديم تعويضات نقدية لها طيلة مدة التوقيف هاته، تقع على عبء المشغل مناصفة مع مؤسسة الضمان الاجتماعي.
كانت المقتضيات التي تضمنتها مدونة الشغل بخصوص تشغيل المرأة الأجيرة في الأشغال الليلية، ومنع الأشغال الجوفية الخطرة والشاقة عنها، تبدو براقة في شكلها وفي جوهرها، فإنها لا تشكل حماية حقيقية لها، على اعتبار أنها تبقى جد محدودة وعامة، ولا يمكن بالتالي أن تصلح كإطار قانوني للتدابير الحمائية ولسلامة المرأة الأجيرة، ومحدودية هذه الحماية ترجع بشكل أساسي إلى عدم إحالة المشرع المغربي على المقتضيات التطبيقية التي من شأنها أن تدقق التدابير بصورة خاصة، وفي هذا الصدد يمكن الاستئناس بالاتفاقية الدولية رقم 127 المتعلقة بالوزن الأقصى للأشغال الممكن حملها أو جرها من طرف الأجيرات، وسيكون هذا الاستئناس خطوة نحو التصديق على هذه الاتفاقية.
ومن جانب آخر، يؤخذ على مقتضيات مدونة الشغل في نفس الموضوع، أنها لم تستحضر وضعية المرأة الأجيرة كأم، فكيف يمكن أن تخصص نفس نوعية الأشغال لجميع الأجيرات، بدون الأخذ بعين الاعتبار، ظروف الأجيرة الحامل والمرضع؟
ولذلك، فأقل ما يمكن قوله هنا، إن المشرع المغربي قد تجاهل المخاطر التي يمكن أن تهدد صحة الأجيرة خلال فترة أمومتها، وهو ما يستوجب تدخل المشرع لملء هذا الفراغ التشريعي، وإقرار تدابير فعالة لحماية الأجيرة الحامل والمرضع من مخاطر ظروف الشغل، أسوة بالتشريع الفرنسي، الذي بلغ شوطا لا يستهان به في هذا المجال.
المبحث الثاني: الحماية المعنوية للمرأة الأجيرة.
تتجلى أهم مظاهر الحماية المعنوية للمرأة الأجيرة في درء كل تمييز ضدها في مجال الشغل (المطلب الأول)، وكذا حمايتها من الأشغال الماسة بالآداب والأخلاق الحميدة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: حماية المرأة الأجيرة من التمييز على أساس الجنس والوضع الزوجي
إن عرض هذا المطلب يتم بداية بالحديث عن الحماية المقررة للمرأة الأجيرة من التمييز على أساس الجنس (الفقرة الأولى)، لأنتقل بعدها إلى مناقشة حمايتها من التمييز على أساس الوضع الزوجي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حماية الأجيرة من التمييز على أساس الجنس
بالرجوع إلى مدونة الشغل، يتضح منذ الديباجة أن المشرع المغربي حاول سد ثغرات التشريع السابق المتجاهل لمبدأ المساواة، وكذا الاستجابة لاتفاقيات منظمة الشغل الدولية في الموضوع، فحاول التأكيد على هذا المبدأ، والاستثناءات الواردة عليه من خلال نصوص متفرقة، لعل أهمها المادة التاسعة التي نصتا على أنه: “يمنع كل تمييز بين الأجراء من حيث السلالة أو اللون أو الجنس أو الإعاقة أو الحالة الزوجية أو العقيدة أو الرأي السياسي أو الانتماء النقابي أو الأصل الوطني أو الأصل الاجتماعي يكون من شأنه خرق أو تحريف مبدأ تكافؤ الفرض، أو عدم المعاملة بالمثل في مجال التشغيل، أو تعاطي مهنة، لاسيما فيما يتعلق بالاستخدام وإدارة الشغل وتوزيعه والتكوين المهني والأجر والترقية والاستفادة من الامتيازات الاجتماعية والتدابير التأديبية والفصل من الشغل…”.
والواقع أن هذه الصياغة بشموليتها، تضمنت مختلف الجوانب التي يمكن أن تطال المرأة فيها التمييز.
ومع ذلك، فإن الفقرة الثانية من نفس المادة، حرصت على تفريد بعض الجوانب بالإبراز والتأكيد، حيث نصت على أنه يترتب على المبدأ المقرر في الفقرة الأولى بصفة خاصة ما يلي:
“1 ـ حق المرأة في إبرام عقد الشغل.
2 ـ منع كل إجراء تمييزي يقوم على الانتماء أو النشاط النقاب للأجراء.
3 ـ حق المرأة متزوجة كانت أو غير متزوجة في الانضمام إلى نقابة مهنية والمشاركة في إدارتها وتسييرها.”
وبالرغم من أهمية الصياغة الشمولية للمادة 9 من مدونة الشغل، فإن هذا لا يعني الاطمئنان لاحترام تطبيق مبدأ المساواة بين الجنسين، فذلك يتطلب تدابير وإجراءات منها ما يتجاوز الإطار القانوني إلى الإطار الاجتماعي والسياسي، ومنها ما يتوقف على مقتضيات قانونية تضمن الحيوية والفعالية لهذا المبدأ، من أجل ذلك، يرى أحد الباحثين، أن الاتجاه نحو خوصصة إدارة سوق التشغيل، سيشكل ضربة لكل الأدوات الممكنة لاحترام المساواة ومبدأ تكافؤ الفرص، ولذلك ستبقى مقتضيات المادة 9 من المدونة، بمثابة إعلان لمبادئ أخلاقية لا تضبط لها معايير السوق والحسابات الاقتصادية للمؤسسات، لذلك سيكون من الملائم، حسب نفس الاتجاه الفقهي، إصدار نصوص قانونية ترمي على الأقل إلى إقرار نسبة معينة من الوجود النسوي في مراكز التخصص والتسيير والإدارة.
ومن جهتي، أعتقد أن الحمل خصوصا والأمومة عموما، كانا دائما عاملين للتمييز في التشغيل بين الجنسين، نظرا لما يستوجبانه من انشغالات صحية واجتماعية تثقل كاهل المشغلين، مما يدفع بهؤلاء إلى تفضيل تشغيل الأجراء من الذكور والأجيرات العازبات عن الأجيرات المتزوجات.
فإذا كان الدخول إلى الشغل، يعد من أهم المراحل في حياة المرأة المهنية، فما هي الحماية المكفولة لها في هذا المجال، وهل هي كفيلة بدرء التمييز عنها؟. وما هو موقف المشرع المغربي من الموضوع؟
إن المشرع المغربي، وإن حاول من خلال قانون 99.65، منع أي تمييز أو تفرقة بين الرجل والمرأة، وإقرار مبدأ المساواة بينهما على كل المستويات، إلا أنه في المقابل، لم ينص على حماية الأجيرة الحامل من التمييز عن التشغيل، فأحكام مدونة الشغل بهذا الخصوص وردت بشكل عام ولم تفصل في الآليات الحمائية لفائدة الأجيرة الحامل تفصيلا دقيقا، كما فعل المشرع الفرنسي، وبالتالي يكون من العسير على المرأة الأجيرة في ظل غياب حماية فعالة، أن تثبت التمييز أو أن رفض تشغيلها كان لسبب الحمل.
وبالرجوع إلى القانون الفرنسي ـ باعتباره من أرقى التشريعات الاجتماعية ـ، فقد ذهب تطبيقا لمبدأ المساواة بين الجنسين، إلى حماية الأجيرة الحامل التي تطلب عملا من تعسف المشغل، من خلال فرض التزامات على هذا الأخير ومنح حقوق للمرأة الأجيرة بالمقابل، كيف ذلك؟
تجنبا لأي رفض قد تبرره حالة المرأة الصحية والجسدية ومنها احتمال أن تكون حاملا، منع المشرع الفرنسي على المشغل أن يبحث عن معلومات حول وضعيتها الصحية والجسدية ومنها احتمال أن تكون حاملا، منع المشرع الفرنسي على المشرع أن يبحث عن معلومات حول وضعيتها الصحية، أو أن يوجه أسئلة أو استفسارات للأجيرة حول الحمل، لما قد يكون للإجابة عن هذه الأسئلة، من آثار مباشرة في احتمال رفض تشغيلها.
لذا، فإن بطاقة الأسئلة « questionnaire d’embauche » والفحص الطبي يجب أن لا يتضمن معلومات غير التي يوردها طبيب الشغل حول مقدرة المرأة وأهليتها على العمل من الناحية الصحية أو عدمها.
من جهة أخرى، فإن المرأة في القانون الفرنسي، غير ملزمة عند تشغيلها بالإفصاح عن حالة حملها، ما لم تكن ترغب في الاستفادة من المقتضيات التشريعية الخاصة بحماية الأمومة. ولم يقف المشرع الفرنسي عند هذا الحد، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما عمد إلى قلب وسائل الإثبات، وذلك في اتجاه تقوية الآليات الحمائية للأجيرة الحامل، فجعل على عاتق المشغل، إثبات الأسباب التي دفعته إلى رفض تشغيلها، وأن ذلك راجع لأسباب لا علاقة لها بوضعتها، وفي حالة مخالفته لهذه المقتضيات، فإنه يكون مطالبا بتعويض الأجيرة الحامل المرفوض طلب تشغيلها.
وعموما، من باب الإنصاف أقول إنه آن الأوان ليتدخل المشرع المغربي، وينص صراحة على آليات حمائية قانونية أكثر دقة ونجاعة، يحمي من خلالها المرأة الأجيرة والحامل خصوصا، من كل تمييز يمكن أن يطالها عند دخولها عالم الشغل.
الفقرة الثانية: حماية الأجيرة من التمييز على أساس الحالة الزوجية.
راعت مدونة الشغل من خلال المادة التاسعة الحالة الزوجية، ويبدو أن المشرع قد استحضر العمل القضائي بتبنيه لهذا المعيار، ذلك أن المشغل بما يتمتع به من سلكة تأديبية وما يفرضه القانون من ضرورة التبعية التي تميز عقد الشغل عن باقي العقود الأخرى المشابهة، قد يفرض بعض الشروط في عقد الشغل التي تمس الحقوق الشخصية للأجير وحالته الزوجية.
وهكذا، قضت محكمة النقض الفرنسية على أنه “يعتبر غير مشروع تسريح الأجير لابنه بسبب رفضه التخلي عن زوجته”، كما قضت بأن “طرد أجيرة لكون زوجها عضوا نشيطا في إحدى النقابات المهنية يعد طردا تعسفيا”.
ولعل لأهم ما يمس الحالة الزوجية، هو ما يعرف بـ “شرط العزوبة” « la clause célibat » الذي تفرضه بعض الشركات على الأجيرات، وقد تصدى القضاء الفرنسي لهذه الحالة بموجب قرار صادر عن محكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 03/04/1963 واعتبر شرط العزوبة اعتداء على حق من الحقوق الشخصية للإنسان واعتبره باطلا بطلانا مطلقا، مؤكدا على حق الأجيرات في الزواج، وأن كل إنهاء لعقد الشغل بسب زواج الأجيرة يعتبر إنهاء تعسفيا.
وقد عرضت على القضاء المغربي نفس الحالة، في القضية الشهيرة المعروفة بقضية “بطيستا هيلينا” التي ارتبطت بعقد شغل كمضيفة جوية مع شركة الخطوط الملكية، فحدث أن تزوجت المسماة “بطيستا هيلينا” فتم فصلها لهذا السبب عن الشغل، وعرض الأمر على القضاء المغربي، فقضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، أن الطرد كان تعسفيا لكون الشرط الذي تتمسك به الشركة مخالف للنظام العام وبمبادئ الشريعة الإسلامية ولأحكام الفصل 109 من ق.ل.ع، وتم تأييد هذا الحكم استئنافيا وكذا على مستوى المجلس الأعلى بتاريخ 21/7/1983.
ومن الناحية العملية، يظل تحقيق عدم التمييز بسبب الحالة الزوجية، أمر صعب المنال، ذلك أن تكاليف تشغيل الأجيرات المتزوجات تختلف عن غيرهن من الأجيرات العازبات، من حيث التعويضات والإجازات المحتملة خاصة في حالتي الحمل والوضع.
المطلب الثاني: حماية المرأة الأجيرة من الأشغال الماسة بالآداب العامة والأخلاق الحميدة
مما لا ينكره أحد أن الاختلاط بين الجنسين في مختلف الأشغال، تكون له سلبيات من المنظور الأخلاقي، على السلوك البشري، ولأجل ذلك، فإن الحماية المادية التي سبق عرضها، قد لا يكون لها أثر يذكر، ما لم تكون مقترنة بتدابير أخرى تستهدف حماية الجانب الأخلاقي للأجراء، والحفاظ على مقومات الإنسان الروحية والمعنوية.
ولعل هذا الاعتبار الجوهري، هو الذي حدا بالمشرع المغربي إلى تكريس حماية خاصة تستهدف الجانب الأخلاقي للأجير والأجيرة على حد سواء.
لذا، ورغبة منه في تجنب الآثار الوخيمة التي يمكن أن تترتب عن الأشغال الماسة بالآداب العامة والأخلاق الحميدة، فإن المشرع المغربي لم يكتف بحظر هذه الأشغال عن المرأة الأجيرة فحسب، وإنما جعل المحافظة على الأخلاق والآداب العامة من بين الالتزامات الملقاة على عاتق المشغل بقوة القانون.
تنص المادة 24 م.ش على ما يلي:
“يجب على المشغل… أن يسهم على مراعاة حسن السلوك والأخلاق الحميدة، وعلى استتباب الآداب العامة داخل المقاولة..”.
حقيقة أن المقتضى التشريعي الوارد أعلاه، وإن جاء عاما ومطلقا في صياغته، إلا أن تطبيقه من الناحية العملية، يكون أكثر فائدة وأشد إلحاحا بالنسبة للمقاولات التي تشغل الأجراء من كلا الجنسين، ذلك أن احترام المشغل بالمحافظة على الآداب العامة والأخلاق الحميدة داخل المقاولة، غير مقيد بأية طريقة أو وسيلة معينة على سبيل الحصر، مما يكون معه لهذا الأخير في نطاق خضوعه لالتزاماته القانونية، وممارسته لسلطته التأديبية، أن يتدخل في أي ظرف لاتخاذ الإجراءات اللازمة، كلما تراءت له مظنة وجود ما من شأنه المساس بالنظام العام والأخلاق الحميدة.
ومن التطبيقات العملية لمبدأ المحافظة على الآداب العامة داخل المقاولة، تفعيلا للمادة 24 من م.ش الواردة أعلاه، عدم إتاحة الفرصة للرجال للإطلاع على موطن حرمة الأجيرات، من ذلك مثلا تفتيش الأجيرة قبل مغادرتها لمكان الشغل، فعملية التفتيش يجب أن يكون من اختصاص امرأة، وأن لا يسمح إطلاقا أن تتم هذه العملية على يد رجل.
بالإضافة إلى ما سبق، ألزم المشرع المغربي المقاولات التي تتولى النساء فيها نقل البضائع والأشياء أو عرضها على الجمهور أن توفر في كل قاعدة من قاعات المقاولة، عددا من المقاعد للاستراحة، يساوي عدد النساء الأجيرات بها، وليس هذا فقط، وإنما يجب أن تكون هذه المقاعد متميزة عن تلك التي توضع رهن إشارة الزبناء، ذلك أن النص على ضرورة فصل المقاعد المعدة لجلوس الأجيرات عن تلك المعدة للعموم، يعتبر في حد ذاته إجراء وقائيا، من شأنه أن يحول دون اختلاط الأجيرات بالزبناء.
بقي أن أشير في ختام هذه الفقرة، إلى أن المشرع المغربي وتأكيدا منه على ما سبق، رتب على مخالفة المقتضى التشريعي الوارد أعلاه، غرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين 2000 إلى 5000 درهم.
كانت هذه إذن، رؤية مختزلة عن نوعية الآليات الحمائية التشريعية التي تبناها المشرع المغربي من خلال مدونة الشغل بهدف حماية الجانبين المادي والمعنوي للمرأة الأجيرة في مجال الشغل، وهي رؤية ـ رغم القصور التي يعتريها ـ، تستجيب إلى حد ما، لعمق وجوهر الشخصية الإنسانية للأجيرة، غير أنها من جهة أخرى، لا تتوافق وطبعة وظيفة الأمومة، بالرغم مما تشكله هذه الأخيرة، من ارتباط وثيق بعملية الإنتاج الرمزي، المتمثل في العمل البيتي وتنشئة الأطفال، الشيء الذي يقتضي بالضرورة من المشرع المغربي استحضار الدور الهام الذي تضطلع به الأجيرة الحامل، الأم والمربية، وهو يهم بإنتاج نصوص قانونية فعالة، تهدف إلى حمايتها ماديا وأخلاقيا خلال فترة أمومتها.
الفرع الثاني: الحقوق الاجتماعية والضمانات الحمائية للأم الأجيرة
من النادر جدا أن تكون المرأة مجرد أجيرة، بل هي في غالب الأحيان، قد تكون أما وزوجة، وربة بيت، وربما اجتمعت فيها هذه الصفات جميعها، كما أنها تلعب دورا مزدوجا بين الحياة المهنية، وأعبائها الأسرية والمهمات العائلية والاجتماعية لا حصر له، مما يحتم في حقيقة الأمر، أن تحظى قانونا وعملا بوضعية تشريعية متميزة، ويراعى في نفس الوقت ضمان استمرارها في القيام بوظائفها الفطرية النبيلة، المتمثلة في الحمل والوضع والرضاعة والتربية.
وبناءا على هذه الاعتبارات المهمة، لم يكن المشرع المغربي ليتجاهل هذا الدور الوظيفي السامي للأجيرة كأم، مما دفعه إلى سن مقتضيات خاصة بأحكام الأمومة، ضم بها جميع الحقوق التي ترتبط بطبيعة الوظيفة الإيجابية من حمل ونفاس ورضاع وتربية (المبحث الأول)، كما لم يغفل المشرع ضرورة تدعيم هذه الحقوق بضمانات قانونية تحول دون المساس بها (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الحقوق الاجتماعية للأم الأجيرة في مدونة الأسرة
إن من أبسط مظاهر حماية الأمومة، أن تمنح الأجيرة الحامل إجازة وضع في الأسابيع الأخيرة من مدة الحمل، وخلال الأسابيع التي تليه مباشرة، لأن الشغل خلال هذه المدة، غير ملائم لصحة المرأة، وقد يؤدي إلى مرضها أو وفاتها.
من هذا المنطلق، أعطى المشرع المغربي المرأة الأجيرة أثناء فترة الأمومة، الحق في إجازة الوضع (المطلب الأول)، كما منحها الحق في إرضاع طفلها خلال فترات حددها المشرع سلفا، دون أن يتجاهل الحق في تربيته (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الحق في إجازة الوضع
إن إجازة الوضع، يمكن أن تكون إجازة عادية لا تتجاوز مدتها أربعة عشر أسبوعا (الفقرة الأولى)، ويمكن أن تفوق هذه المدة في أحوال استثنائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إجازة الوضع العادية
إذا كانت كل الدول متفقة على منح الأجيرة إجازة وضع، فإنها مختلفة في الأسلوب التي تنتهجه لمنح واحتساب مدة هذه الإجازة ، فبعض التشريعات تمنح الأجيرة مدة معينة بكيفية إجمالية، دون تمييز بين الإجازة التي تسبق الوضع وتلك التي تليه، ومنها من تفضل التفرقة بين الإجازة التي تسبق الوضع “le congé prénatal” وتجعلها اختيارية، وبين الإجازة التي تلي الوضع “le congé postnatal” وجعلها إجبارية.
وهكذا، بالنسبة لتشريعات بعض دول المغرب العربي، منح المشرع الجزائري للمرأة الأجيرة إجازة وضع تصل مدتها إلى 14 أسبوعا، لها أن تخرج اختياريا 6 أسابيع قبل التاريخ المفترض للوضع.
أما التشريع التونسي، فإنه ينفرد بموقف مخالف لبقية التشريعات، حيث حدد مدة إجازة الوضع في 30 يوما، قابلة للتمديد في كل مرة بما قدره 15 يوما، إذا وقع تبرير ذلك بشهادة طبية، وبذلك تمنح تونس أقل مدة إجازة وضع مقارنة بباقي الدول.
وبدوره سلك المشرع المغربي، نهج التشريعات التي تميز في إجازة الوضع بين الفترة التي تسبق الوضع، وتلك التي تليه:
تنص المادة 152 من م.ش على ما يلي:
“تتمتع الأجيرة التي ثبت حملها بشهادة طبية، بإجازة ولادة مدتها أربعة عشر أسبوعا، ما لم تكن هناك مقتضيات أفيد في عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي”.
وكذلك المادة 153 من م.ش التي جاء فيها:
“لا يمكن تشغيل الأجيرات النوافس أثناء فترة الأسابيع السبعة المتصلة التي تلي الوضع..”.
بقراءة متأنية في المقتضيات الواردة أعلاه، يمكنني أن أسجل بخصوصها مجموعة من الملاحظات، أجملها فيما يلي:
ـ الملاحظة الأولى: من خلال المادتين 152 و153 من م.ش، يتضح أن المشرع المغربي، قد وزع إجازة الوضع بين مستويين:
*المستوى الأول: جعل المشرع المغربي السبعة أسابيع الأولى التي تسبق الوضع، إجازة اختيارية للأجيرة الحامل، ليس للمشغل أن يرفض منحها إياها إذا طلبتها، كما أنه ليس له أن يجبرها عليها إذا لم تطلبها، مفضلة المضي في الحمل إلى حين الوضع.
وقد انتقد جانب من الفقه هذا المقتضى التشريعي، ودعا إلى ضرورة تمتيع الأجيرة بفترة توقف إجبارية قبيل الوضع، حماية لصحتها ولسلامة صحة المولود المرتقب، ذلك أن الأجيرة الحامل ـ دائما حسب نفس الاتجاه الفقهي ـ ، قد لا تعي المخاطر التي يمكن أن تتهددها وتهدد صحة جنينها في الفترة السابقة عن الوضع، أو قد تفضل الشغل، وتحمل مخاطره للحصول على ما قد يوفر لها موارد إضافية.
وبالرغم من الحماية التي يحاول هذا الجانب من الفقه إضفاءها على الأجيرة، من خلال منحها فترة إجازة إجبارية قبل الوضع، إلا أنه ـ وفي رأيي المتواضع ـ أعتقد أن مسألة كهذه ينبغي الحسم فيها من لدن طبيب الشغل، فهو الأنسب لتقرير ما إذا كانت الإجازة التي تسبق الوضع إجبارية تقتضي ضرورة حصول الأجيرة عليها، حفاظا على صحتها وصحة جنينها، أم أنها تظل اختيارية، إذا ثبت للطبيب أن الشغل لا يؤثر على صحتها.
ودائما في إطار المحافظة على صحة الأجيرة الحامل، التي قد تحتاج بين الفينة والأخرى، طيلة فترة حملها، إلى زيارة طبيبها من أجل المتابعة الطبية للحمل والاطمئنان على صحتها وصحة جنينها.
وهنا يثور التساؤل، هل من حق الأجيرة الحامل التغيب خلال فترات الشغل من أجل إجراء فحوصات طبية ذات علاقة بحملها؟
يبدو أن المشرع المغربي قد أغفل تنظيم مسألة هامة كهذه، لكن القانون الفرنسي لم تفته الإشارة إلى هذا الموضوع، إذ منح الأجيرة الحامل، الحق في التغيب من أجل الذهاب لإجراء الفحوصات الطبية الضرورية، وهذه الغيابات لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تنقص من قيمة الأجر الممنوح لها.
*المستوى الثاني: يمنع على الأجيرة بعد الوضع منعا مطلقا، الالتحاق بالشغل، إذن فالإجازة التي تلي الوضع تعد إجبارية، ليس للأجيرة النفساء فحسب، وإنما حتى بالنسبة لمشغلها الذي يمنع عليه تشغيلها خلال هذه الفترة، التي تعتبر في نظر المشرع أدنى مدة معقولة للراحة من الوضع ورعاية المولود في مستهل حياته.
ـ الملاحظة الثانية: إجازة الوضع في التشريع المغربي غير مقيدة بشروط معينة، فالأجيرة تستحق الإجازة ولو مضى على شغلها مع المشغل بضعة أيام، كما أنها إجازة غير محددة من حيث العدد بخلاف بعض التشريعات الاجتماعية التي فرضت قيودا على هذا الحق، كما أن المشرع المغربي لم يقيد تمتيع الأجيرة بإجازة الوضع طوال مدة خدمتها بعدد الولادات، مما يجعلها تستفيد دائما من الإجازة مهما تكررت أحمالها، بخلاف التشريع المصري، الذي حدد عدد الولادات في 3 مرات تستفيد خلالها الأمر الأجيرة من إجازة الوضع.
وإذا كان بإمكان الأجيرة الاستفادة من إجازة وضع دون قيد أو شرط، فإن توقف عقد شغلها رهين بإثبات الحمل، بواسطة شهادة طبية، يكون على الأجيرة عب إثباتها وإيصال العلم بها إلى المشغل وفق القواعد العامة المعمول بها، أي يدا بيد، أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو بأية وسيلة أخرى يسمح بها القانون في مجال الإثبات.
ـ الملاحظة الثالثة: وأتناولها في شكل مجموعة من التساؤلات: هل أحكام الأمومة السابقة الذكر والمنصوص عليها في مدونة الشغل، قابلة للتطبيق على حالة الأجيرة المتبنية، والمجهضة؟ وماذا عن الأجيرة التي تضع مولودين فأكثر؟
إن ما يبرر طرح لهذه التساؤلات، هو أوجه التشابه الموجودة بين وضعية المرأة خلال فترة الأمومة، وبين هذه الحالات موضوع التساؤل.
بالرجوع إلى القانون المقارن، وبالضبط إلى التشريع الفرنسي، على خلاف نظيره المغربي، قد تصدى لهذه الحالات بشيء من الدقة والتفصيل، كيف ذلك؟
حدد المشرع الفرنسي إجازة الوضع كأصل عام في 16 أسبوعا، 6 منها تكون قبل الوضع، و10 أسابيع بعده، غير أنه يمكن أن يقع تمديد هذه المدة في حالة الولادة المتعددة “naissance multiple” طفلين بـ 34 أسبوعا، 12 منها قبل الوضع، أما إذا كان الوضع قد ترتب عنه إنجاب 3 أطفال فأكثر، فإن مدة إجازة الوضع المقررة في هذه الحالة هي 46 أسبوعا، 24 منها قبل الوضع، كل هذا مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار عدد الأطفال الموجودين أصلا تحت رعاية الأجيرة وزوجها والمتحمل بهم.
وعلى العموم، يمكن أن أختصر نوعية إجازة الوضع في القانون الفرنسي والت تختلف باختلاف وضع الأجيرة المستفيدة، من خلال الجدول التالي:
أنواع الأجيرات الحوامل عدد المواليد الجدد عدد الأطفال المتحمل بهم (قبل الوضع) العدد الإجمالي للأطفال مدة إجازة ما قبل الوضع مدة إجازة ما بعد الوضع المدة الإجمالية لإجازة الوضع
الحمل العادي 1 0 أو 1 1 أو 2 6 أسابيع 10 أسابيع 16 أسبوعا
1 2 أو أكثر 3 أو أكثر 8 أسابيع 18 أسبوعا 26 أسبوعا
الحمل بتوأمين 2 0 أو أكثر 2 أو أكثر 12 أسبوعا 22 أسبوعا 34 أسبوعا
الحمل بثلاثة توائم (فأكثر) 3 أو أكثر 0 أو أكثر 3 أو أكثر 24 أسبوعا 22 أسبوعا 46 أسبوعا
هذا الجدول يبين مدد إجازة الوضع حسب حالة الأجيرة الحامل في قانون الشغل الفرنسي.
كما أن القانون الفرنسي لا يميز من حيث المبدأ، بين الأم الطبيعية والأم المتبنية، إذ يرتب لهذه الأخيرة نفس الحقوق، وإن كانت تختلف بعض الشيء عن الأولى، فمثلا عقد شغل الأجيرة المتبنية يتوقف لمدة 10 أسابيع، ابتداء من تاريخ تبني الطفل الأول، وقد تصل هذه المدة22 أسبوعا، عندما يكون عدد الأطفال المتبنين يتجاوز 2 فأكثر.
أما بالنسبة للتشريع المغربي، وعلى غرار باقي تشريعات الدول العربية، فإن لم يتطرق سوى إلى الحالات العادية المتعلقة بالأمومة، وبمعنى آخر، فإن المقتضيات المتعلقة بحماية الأمومة المنصوص عليها في مدونة الشغل في المواد من 152 إلى 165، تطبق فقط على الأجيرة الحامل والنفساء، ولا تنسحب إلى غيرها من الأجيرات المتبنيات، وسندي في ذلك، استعمال المشرع المغربي في مدون الشغل لمصطلحات من قبيل “الحمل” و”الوضع” كدلالة على الأمومة الطبيعية.
لذلك، أتمنى أن يعمل المشرع المغربي، أسوة بنظيره الفرنسي، على تمديد قواعد حماية الأمومة لتشمل الأم المتبنية من أجل رعاية طفلها المتبني وكذا مراعاة لشعورها.
بقي أن أشير في الأخير، إلى حالة الأجيرة المجهضة، فبالرغم من أن أغلب التشريعات الاجتماعية، بما فيها التشريع المغربي، لم تتعرض لهذه المسألة ، فإنني أشاطر الرأي القائل بضرورة عدم التمييز بين حالتي الولادة والإجهاض، نظرا لأن التزام المشغل مقرر بمجرد الحمل، دون الاهتمام بمصيره ، كما أنه لا يهمه في شيء ، أن يولد الجنين حيا أو ميتا، على اعتبار أن الهدف الذي يتوخاه المشرع من وراء إجازة الوضع، هو المحافظة على صحة الأم أولا، وتربية المولود ثانيا.
هذا فيما يتعلق بإجازة الوضع العادية، حيث تكون الأحوال الصحية للأجيرة عادية وطبيعية، لكن قد يحدث أن تسوء هذه الأحوال، كما قد تنتج بعض الأمراض الناجمة عن الحمل أو النفاس، مما يستوجب تمديد مدة هذه الإجازة حفاظا على صحة الأم والوليد.
الفقرة الثانية: إجازة الوضع الاستثنائية
بتفحص المواد 154، 155 و156 من م.ش، يتضح أن للمرأة الأجيرة الحق في تمديد فترة توقف عقد الشغل بسبب الحمل أو الوضع في ثلاث حالات:
ـ الحالة الأولى: تنص الفقرة الثالثة من المادة 154 من م.ش على ما يلي:
“…إذا وضعت الأجيرة حملها قبل تاريخه المتوقع، أمكن لها تمديد فترة توقف عقد الشغل إلى أن تستكمل الأربعة عشر أسبوعا التي تستغرقها مدة التوقيف المستحقة لها”.
يفهم من المقتضى التشريعي الوارد أعلاه، أن هذه الحالة متعلقة بالخطأ في تقدير تاريخ الوضع الفعلي، غير أنه لا يعقل في الوقت الراهن، أن يفوق الخطأ في التقدير الطبي مدة أسبوعين في أغلب الحالات، خاصة مع تطور التكنولوجيا في الميدان الطبي، وللمزيد من التوضيح أسوق المثال التالي:
لو افترضت مثلا أن الأجيرة الحامل، خرجت في إجازة وضع 4 أسابيع قبل التاريخ المفترض للولادة، وأنها وضعت حملها أسبوعيين قبل التاريخ، فإن المدة التي استغرقتها هي أسبوعان فقط، ويبقى لها بعد ذلك 12 أسبوعا تكملة 14 أسبوعا المحددة قانونا.
وعلى العموم، فإن وضع الأجيرة لحملها قبل تاريخه المتوقع، يوجب عليها أن توجه إلى المشغل رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل ل، تبرز فيها سبب غيابها، والتاريخ التي تنوي فيه استئناف الشغل من جديد، وفي ذلك فائدة للمشغل الذي بإمكانه أن يشغل مكانها أجيرة أخرى في إطار العقد المحدد المدة، إذا رغب في ذلك.
ـ الحالة الثانية: وهي الخاصة بالحالة المرضية التي يمكن أن تصب الحامل أو النفساء التي تخول لها إطالة فترة توقف العقد، وذلك بالزيادة في فترة إجازة الوضع مدة استمرار تلك الحالة المرضية، على أن لا تتعدى فترة التوقيف 8 أسابع قبل تاريخ توقع الوضع و14 أسبوعا بعده، أي أن مدة إجازة الوضع في هذه الحالة قد تصل إلى 22 أسبوعا كحد أقصى.
ولي بخصوص هذا المقتضى التشريعي مأخذين اثنين:
*المأخذ الأول: تعتبر إجازة الوضع في حالة نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس منتهية بمجرد انصرام 22 أسبوعا كحد أقصى، حتى لو استمر مرض الأجيرة النفساء واستفحل، وكان ناشئا عن الحمل أو الوضع، معنى هذا أن كل فترات المرض التي تتجاوز 22 أسبوعا، تدخل في إطار القواعد العامة الخاصة بالمرض، وهي أقل حماية من إجازة الولادة.
أعتقد أن هذا الموقف التشريعي لا ينسجم مع الغاية المقررة أصلا من إجازة الوضع، والمتمثلة في تمتيع المرأة الأجيرة بفترة من النقاهة بعد تعب الوضع وما قد يترتب عنه من حالات مرضية، لذا أرى من الأنسب تمديد إجازة الوضع تلقائيا بامتداد مدة المرض على الأقل في الحالات التي يثبت فيها بشهادة طبية أن المرض ناشئ فعلا عن الحمل أو الوضع.
*المأخذ الثاني: الواقع أن الحماية التي أقرها المشرع بعد تاريخ الوضع في حالة نشوء حالة مرضية عن الحمل أو النفاس، لفائدة الأجيرة النفساء، تظل أفضل من الفترة السابقة للوضع، ذلك أن فترة التوقيف في هذه الحالة ينبغي أن لا يتعدى 8 أسابيع قبل تاريخ توقف الوضع، إذن فالتمديد هنا ينحصر في أسبوع إضافي على اعتبار أن الحق المخول لها كأصل عام هو 7 أسابيع قبل تاريخ توقف الوضع، في حين أن المشرع ذهب إلى مدة 14 أسبوعا بعد تاريخ الولادة، أي أن الحالة المرضية قد تمتد إلى 7 أسابيع أخرى، وبالطبع قد تتجاوز الحالة المرضية مدة 14 أسبوعا بعد الوضع، ليحتسب بعد ذلك الغياب في إطار إجازة المرض طبقا للقواعد العامة.
ـ الحالة الثالثة: للأم الأجيرة إمكانية الاستفادة من عطلة استثنائية بسبب الولادة، وهي لا ترتبط بنشوء حالة مرضية ناتجة عن الحمل أو النفاس، ولكن رغبة في تربية المولود الجديد وذلك في حدود 90 يوما، أو تجاوزها إلى فترة السنة.
بالنسبة للإمكانية الأولى، تستفيد الأم الأجيرة من توقف عقد شغلها لفترة لا تتجاوز 90 يوما، تضاف إلى إجازة الولادة المسموح بها قانونا، ولا يشترط في ذلك، إلا إشعار المشغل في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من انتهاء إجازة الأمومة، وبالطبع، فإن الأجيرة في هذه الحالة، لا تتقاضى أي أجر أو تعويض، إلا إذا كانت هناك استثناءات من منطلق الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي أو العقد الفردي.
أما الإمكانية الثانية، فهي تخول للأم الأجيرة الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة، شريطة الاتفاق مع المشغل، أي أن الاستفادة من العطلة الاستثنائية بسبب الولادة من أجل تربية المولود، ليست بيد الأم الأجيرة إلا في حدود 90 يوما، أما تجاوزها إلى فترة السنة، فالأمر مرتبط بموافقة المشغل، لهذا السبب، أميل إلى الرأي القائل بإلزامية كتابة الاتفاق حتى لا تسقط الأجيرة في مطب عدم الإثبات، ويكون مآلها الطرد بسبب التغيب بدون مبرر.
وفي الحالتين معا، بعد انتهاء فترة التوقيف واستئناف الأجيرة لشغلها، فإنها تستفيد من جميع الفوائد التي اكتسبتها قبل توقف عقدها، أي أنها تستمر في الاستفادة من جميع الفوائد المادية والعينية، ولا يمكن حذف الامتيازات المخولة لها نتيجة توقف عقد الشغل من منطلق الحالتين المشار إليهما أعلاه.
ومن تمام بحث هذا الموضوع أن أشير إلى أن المشرع المغربي اعتبر كل اتفاق ينافي المقتضيات الخاصة بإجازة الوضع اتفاقا باطلا، وتبعا لذلك، فإن المرأة الأجيرة لا يمكنها أن تتنازل عن حق الإجازة في الولادة، وبالرغم من ذلك، فإن التساؤل يبقى مطروحا حول الجدية التي تجعل إجازة الوضع ملزمة للمشغل، ومبعث التخوف هو أن المشرع قد تخلى من خلال قانون 99.65 عن العقوبة الحبسية التي كانت مقررة في ظل الأوضاع القانونية السابقة عن مدونة الشغل، واكتفى في حالة الإخلال بإلزامية إجازة الوضع بغرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين 10.000 درهم و20.000 درهم.
المطلب الثاني: حق الأجيرة في إرضاع المولود وتربيته
منح المشرع المغربي ـ على غرار التشريعات المقارنة ـ الأم الأجيرة حق إرضاع المولود (الفقرة الأولى) وتربيته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: استراحة الرضاعة
من الآثار الطبيعية للولادة، أن ترضع الأم وليدها، باعتبار الرضاعة من الأساسيات التي يحتاج إليها المولود الجديد لبقائه حيا، وتمتعه بصحة جيدة واكتمال نموه بصورة طبيعية، الشيء الذي يقتضي ضرورة عدم حرمانه من هذه الحاجة الضرورية له طوال ساعات الشغل التي تقضيها الأم الأجيرة في عملها اليومي.
من هذا المنطلق، ومراعاة منه لهذه الوضعية، حرص المشرع المغربي على تنظيم حق الأم الأجيرة في إرضاع وليدها بمقتضى المادتين 161 و162 من م.ش، تناول فيهما مدة الاستراحة الخاصة بالرضاعة وتاريخ احتسابها، والأجر المخصص لها، وهي النقاط التي سأتناولها تباعا، لكن قبل ذلك، من المفيد طرح التساؤل التالي:
من الغاية من اعتراف المشرع المغربي للأم الأجيرة بالحق في إرضاع مولودها خلال فترات معينة من أوقات الشغل؟
إن منح الأجيرة الحق في استراحة للرضاعة، تقوم في نظري على أساس اعتبارين اثنين:
ـ الاعتبار الأول: إن التقليل من ظاهرة التغيب عند النساء من جهة وضمان عودتهن إلى الشغل بعد إجازة الوضع من جهة أخرى، ربما تكون من ضمن الأسباب التي حثت بالقانون الدولي للشغل، ومختلف التشريعات المقارنة ومعها التشريع المغربي، إلى تكريس حق المرأة في الاستفادة من فترات راحة لإرضاع مولودها.
ـ الاعتبار الثاني: المحافظة على الارتباط الفطري القوي للغاية بين الأم ووليدها، وحاجة هذا الأخير لرعاتها، خاصة في الأشهر الأولى التي تعقب الولادة، ومن شأن هذا العامل النفسي الهام أن يساهم من جهة، في تركيز الأم الأجيرة أكثر أثناء تأديتها لعملها وهي مطمئنة البال على وليدها وإحساسها بقربه منها، ومن جهة أخرى، قد تكون له انعكاسات إيجابية على المقاولة، من خلال ارتفاع مردودية الأم الأجيرة، وبالتالي الزيادة في معدل الإنتاج.
وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة الشغل بهذا الخصوص، أجد أنها قد منحت الأم الأجيرة الحق في التوقف عن الشغل لمدة نصف ساعة في الصباح، ونصف ساعة في المساء لإرضاع طفلها، غير أن هذه القاعدة ليست من النظام العام، بمعنى يمكن مخالفتها باتفاق الطرفين، وعادة ما يتم ذلك عمليا، بمنح الأم الأجيرة ساعة كاملة إما صباحا أو بعد الظهر، ولقد تم التأكيد على أن هذه الساعة مستقلة عن فترات الراحة المعمول بها في المقاولة، لأن هذه الأخيرة قد تعتمد التوقيت المستمر لتمنح أجراءها فترة استراحة مثلا وسط وقت الشغل، ولهذا فإن مدة الاستراحة الخاصة امتياز للأم الأجيرة، ولا ينبغي خلطها بأي راحة أخرى تمنح للأجراء بصفة عامة.
وعلاوة على ما سبق، فإن الأم الأجيرة تتمتع باستراحة للرضاعة على مدى اثني عشر شهرا، أي لمدة سنة كاملة، وفي هذا الإطار، ذهب بعض الفقه إلى القول بضرورة تمتيع الأم الأجيرة بهذا الحق لمدة تتجاوز السنة المحددة قانونا، سيرا على نهج بعض التشريعات المقارنة، كالتشريع المصري الذي خول للأم الأجيرة الحق في إرضاع وليدها على مدى أربعة وعشرين شهرا من تاريخ استئنافها لشغلها.
ومن جهتي، أعتقد أنه من الأولى حث المقاولات على الالتزام بمدة 12 شهرا المنصوص عليها قانونا، كخطوة أولى نحو ترسيخ مفهوم احترام أحد الحقوق الاجتماعية المخولة للمرأة الأجيرة، في إطار تدعيم وحماية وظيفة الأمومة، خاصة في ظل غياب مراقبة ومتابعة تفتيشية فعالة، وأمام هزالة الجزاءات المالية المقررة في حالة الإخلال بهذه المقتضيات.
وبإطلاعي على القانون الجزائري، اتضح لي أن أحكامه في هذا الإطار، أكثر نفعا للمرأة بل وأفضل من المقاييس الدولية zidni3ilma.arabepro.com