“خصوصيات المسطرة في المادة الأسرية”
نظرا للخصاص الذي كانت تعانيه المكتبات الوطنية في المجال الإجرائي الأسري، و من أجل سد الحاجة بنشر كتاب في الموضوع وتعميم مضامينه إلى المنشغليـن، علميـا وممارسة، صدر كتاب الباحث محمد السلواني كتاب «خصوصيات المسطرة في المادة الأسرية ..دعاوى انحلال ميثاق الزوجية نموذجا» في طبعة أنيقة عن مطبعة الداوديات بمراكش، وبتقديم للدكتور محمد الشرقاني.
جاء الكتاب على خمسة فصول، وكانت عناوينها كالتالي: الاختصاص في دعاوى الطلاق والتطليق، أطراف الدعوى، الخصوصيات المرتبطة بشكليات الدعوى، الطعن في مقررات الطلاق وأحكام التطليق، تنفيذ مقررات الطلاق وأحكام التطليق .
وأبرز المؤلف في الكتاب، أن النزاعات الأسرية تهم انحلال ميثاق الزوجية وآثاره سواء على مستوى العلاقة بين أطراف النزاع أو على مستوى الأطفال، وكيف عمد المؤلف إلى إبراز آليات تدبير المشرع للنزاع ورغبته في فض النزاع الأسري في أقرب الآجال وأقل التكاليف والخسائر، وكيف عمل على إحداث القضاء الأسري وسن قواعد مسطرية خاصة بالمنازعات الأسرية تراعي مرامي إنسانية متمثلة أساسا في محاولات تفادي قرار الطلاق والحكم بالتطليق ، لكن بالرجوع إلى هذه النصوص التشريعية التي تقرر خصوصيات مسطرية لدعاوى الطلاق والتطليق، ومقارنتها مع القواعد المسطرية العامة والتشريعات المقارنة في الموضوع تبرز العديد من الإشكاليات يمكن صياغة أبرزها على شكل التساؤلات التالية: ما المقصود من هذه الخصوصيات المسطرية الممنوحة لدعوى الطلاق والتطليق، وماهي خلفيات تقريرها ؟ وهل تتضمن هذه الخصوصيات حماية أكثر للأسرة وللمتقاضين في مقابل الحماية التي تضمنها القواعد المسطرية العامة؟ وإلى أي مدى يتفاعل القضاء الأسري مع هذه الخصوصيات المسطرية المتعلق بدعوى الطلاق والتطليق وكيف يمارس المتقاضون هذه القواعد المسطرية الخاصة؟
والمؤلف وهو يجيب عن هذه التساؤلات الإشكالية لم يقف عند حد استعراض الخصوصيات المسطرية للمادة الأسرية قياسا للقواعد العامة المسطرية سواء بخصوص الاختصاص النوعي والمحلي للمحكمة أو ما يتعلق بأطراف الدعوى أو شكلياتها أو طرق الطعن في الأحكام القاضية بالتطليق أو ما يهم تنفيذ تلك الأحكام، بل راح يوجه كثيرا من المآخذ على مواقف المشرع المرتبطة بالموضوع، ويطرح المقترحات الكفيلة بتجاوز بعض مظاهر الفـراغ والغموض والتناقض الذي تطبع بعض المقتضيات المنظمة لمسطرة التطليق ،وذلك بالاستئناس بكثير من الأحكام والقرارات القضائية والمواقف المتعددة للفقه المغربي إلى جانب التجارب التشريعية المقارنة المتعلقة بالقانون المسطري في المادة الأسرية عموما.وقد كانت خلفيات طرح تلك المقترحات محاولة لتحديث المقتضيات المطبقة على مرحلة انحلال ميثاق الزوجية، أمام القضاء بغايات تكريس مبادئ الإنصاف والعدالة بين أطراف العلاقة الزوجية بارتباط مع مصالح الأطفال من منظور الأسرة كوحدة اجتماعية من جهة والسرعة في البث في مثل تلك الدعاوى بما يضمن تحقيق الاستقرار والأمن بين الطرفين في المرحلة ما بعد الطلاق والتطليق من جهة أخرى. كما دعا الباحث في خاتمة إلى تفعيل المؤسسات الموازية لمساعدة أقسام قضاء الأسرة من قبيل «صندوق التكافل العائلي»، تكوين قضاة متخصصين في قضايا الطلاق والتطليق ، يجمعون بين القواعد القانونية والمسطرية، والتكوين في العلوم الاجتماعية والنفسية، حتى يتسنى لهم التدخل بسلاسة لحل منازعات الطلاق والتطليق، إحداث قانون مسطري أسري مستقل يتناول بالتفصيل والوضوح كل الإجراءات المسطرية المتعلقة بالأسرة وخصوصا دعوى الطلاق والتطليق، سواء على مستوى الاختصاص أو المسطرة أو الأحكام أو طرق الطعن، وذلك لتدعم التدخل القضائي، فالقضاء في قانون الأسرة يمارس قضاء اجتماعيا يحمي من خلاله مصالح موضوعية وجماعية، فالمسطرة هنا تؤطر نزاعا متميزا، ومن ثم فهو بحاجة إلى قانون مسطري يعمل بآليات ومفاهيم مستقلة في هذا المجال.إحداث محاكم ابتدائية واستئنافية للأسرة متخصصة على غرار المحاكم الإدارية والتجارية، وعلى غرار تجارب الدول ذات السبق في الموضوع من قبيل التجربة المصرية الرائد في العالم العربي، وإحداث أقسام للطلاق والتطليق داخل هذه المحاكم المتخصصة، والعمل على توفير موارد بشرية متخصصة وكافية لتدبيرها.
هذه المقترحات وغيرها يجب تنزيلها مع استحضار مصلحة الأسرة المغربية وخصوصياتها الثقافية والاجتماعية العريقة، في كل منازعة أسرية قضائية، وكذلك تفعيل الدور القضائي الجديد المنوط بقضاء الأسرة خصوصا، والقضاء عموما في إطار المفهوم الجديد للقضاء المواطن.