دعوى ثبوت الزوجية بين شروط الإبقاء ودواعي الإلغاء


   دعوى ثبوت الزوجية بين شروط الإبقاء ودواعي الإلغاء

وإذا كانت المدونة أتت بمشروع متكامل، يؤسس لثقافة مجتمعية جديدة، فإن مرور عشر سنوات على تطبيقها قد عرف عدة إشكالات أظهرت الحاجة إلى المزيد من الجهد من أجل رصد الحصيلة الكمية الكيفية لتطبيق مدونة الأسرة وتليين الصعوبات التي تكتنف عمل أقسام قضاء الأسرة، خصوصا تجاه قضية تعتبر من الأهمية بمكان، ويتعلق الأمر بموضوع ثبوت الزوجية، الذي يعتبر مدخلا من مداخل استقرار المراكز القانونية للأفراد داخل المجتمع.
وقد حددت الفقرة الأخيرة من المادة 16 سقفا زمنيا مداه عشر سنوات ابتداء من تاريخ دخول المدونة حيز التنفيذ بتاريخ 05 – 02 2004- للعمل بسماع دعوى الزوجية وتصحيح جميع الوضعيات العالقة. وحيادا عن النتائج المحصّلة نتيجة تطبيق مقتضيات هذه المادة، فإن انقضاء الفترة الانتقالية المحددة لسماع دعوى ثبوت الزوجية، قد جعل المشرع المغربي في مأزق سيناريوهات متعددة ما بين منطق الإبقاء وهاجس الإلغاء. ليبقى السؤال المطروح، ما مصير الزيجات غير الموثقة بعد انتهاء مدة العمل بمقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة ؟ هل سيتم إبقاء المادة على حالها، أم سيتم تقييدها بشروط ؟ أم سيتم إلغاء العمل بها نهائيا؟ 
لمقاربة هذا الموضوع، ارتأينا تتبع منهجية التحليل في هذا الموضوع وفق العناصر التالية:
المحور الأول: رصد لأهم شروط الإبقاء على مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة 
قبل الشروع في رصد أهم الشروط لإبقاء على مقتضيات المادة 16 من المدونة لابد أن نعطي تعريفا للإثبات كما عرفه الدكتورالسنهوري، بأنه: «إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي يحددها القانون على واقعة قانونية». والزواج كما عرفته مدونة الأسرة هو: «ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة»، وبرجوعنا إلى المادة 16 من مدونة الأسرة التي تعتبر أن وثيقة الزواج هي المقبولة قانونا لإثبات الزواج .
وعندما نتحدث عن الكتابة في الزواج ليس كالكتابة في باقي العقود، نظرا لتميزها بخصائص شكلية وموضوعية لأن الكتابة ليست فقط مجرد أداة لإثبات الزواج وإنما شرط لصحته. 
ومن بين الشروط التي يجب توفرها للإبقاء على مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة، نذكر منها :
-1 تبسيط المسطرة: عندما نتحدث عن إثبات دعوى الزوجية لابد من الإشارة إلى نوع المسطرة المتبعة وما هي خصائصها ؟ هل تتسم بالتعقيد أم بالبساطة ؟
يمكن أن نعتبر الأحكام التي جاءت بها مدونة الأسرة بأنها معقدة نوعا ما، حيث نلاحظ غياب الأرضية الملائمة لهذه الأحكام خاصة في بعض المناطق النائية التي تفتقر لأقرب مرفق قضائي مما يجعل سكانها يتكبدون عناء فوق طاقتهم للوصول إلى المراكز القضائية لتحقيق مصالحهم، لهذا يجب على السلطات المسؤولة أخذ هذا بعين الاعتبار ومحاولة تبسيط المسطرة، ولم لا تخويل هذه المهمة لضباط الحالة المدنية. 
وعلى خلاف ذلك يرى الدكتور أحمد الخمليشي «أن هذه الشكليات لا تكلف الراغب في الزواج وقتا غير عاد أو يؤثر على عمله المهني أو الوظيفي، ويؤكد ذلك أن أغلب المتزوجين بعقود غير موثقة لا يمارسون مهنة أو عملا منتظما. إن الزواج بالنسبة إلى أغلبية مرتفعة جدا يعقد مرة واحدة في العمر، وما يستغرقه توثيقه عقده لايتعدى بضع ساعات بين إنجاز وثائق الملف وإشهاد العدليين، وهو ما يجعل شكليات توثيقه بسيطة لا تشدد فيها من القانون ولا مبالغة».
2 – اعتماد مقاربة زجرية، وذلك من خلال ضرورة التنصيص على مقتضيات زجرية من شأنها الحد من استمرار الزيجات غير الموثقة، باعتبار هذا الموضوع يلحق ضررا محققا بالأطفال وهويتهم، وليس بالزوجين فقط، لهذا ينبغي إضفاء صفة النظام العام على توثيق العقد، وبالتالي تمكين النيابة العامة من إحالة المعنيين بالأمر على قاضي التوثيق لكتابة العقد، كلما بلغ إلى علمها زواج غير موثق، وذلك تحت طائلة إمكانية متابعتهما بالفساد ما دامت علاقة الزواج غير موثقة.

assabah.ma


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تلخيص مميز لمادة قانون الأسرة للفصل الثالث

       تلخيص مميز لمادة قانون الأسرة للفصل الثالث أقدم لكم اليوم إخواني أخواتي ...