شكلية الكتابة في البيوع العقارية دراسة على ضوء القانون الوضعي المغربي
مقدمة
إن المعاملات العقارية بكل أنواعها بيع أو شراء أو هبة أو وصية أو غير ذلك هي من المعاملات التي تلعب دورا أساسيا ومن الأهمية بما كان في حياة الأفراد والجماعات، فهي تعمل على نقل الأموال والحقوق بين الأفراد داخل المجتمع.
واعتبارا لهذه الأهمية في هذا النوع من المعاملات ظهرت الحاجة إلى قواعد وأحكام قانونية تعمل على ضبط انتقالها في جو تسوده الثقة والأمان، تحقيقا للتوازن والاستمرار الاقتصادي والاجتماعي.
هذا وتعتبر الكتابة من أهم الوسائل لإثبات التعاملات على العقارات منذ القديم حيث أنها تعتبر الوسيلة الفعالة والمأمونة، أمام ضعف الثقة في شهادة الشهود، وتطور العلاقات وتشابكها، فالكتابة تضمن وجود الدليل لإثبات الحق عند شوب النزاع حوله، وبذلك تكون سر نجاعة التصرفات العقارية وإيجاد جميع المشاكل التي يمكن أن تحصل بين أطراف التعاقد.
وإذا كانت التصرفات القانونية كأصل عام تخضع لمبدأ الرضائية، فإن التي يكون محلها عقارا تخضع لشكلية الكتابة بهدف حماية الإدارة من الأخطار اللميقة بنوع معين من العمليات التعاقدية.
وتطبيقا لذلك، نص الفصل 489 من قانون العود والالتزامات على ضرورة كتابة البيوعات العقارية، حيث جاء فيه “إن كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا، وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة، الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون”.
وإذا كان المشرع قد اشترط كتابة التصرفات العقارية، فإنه لم يضع أي قيد على نوعية العقود والوثائق التي ينبغي تقديما دليلا للإثبات، وبهذا ترك للمتعاقدين حرية التعاقد حول العقارات بالشكل الذي يرتأونه ولم يقيدهم إلا بشكيلة الكتابة.
وهنا يظهر أن المشروع اتخذ موقفا مرنا تجاه التصرفات العقارية حيث تزك للمتعاقدين حول عقار بالكتابة وترك لهم حرية الاختيار بين الورقة الرسمية أو العرفية أو الالكترونية رغم أهمية المعاملات الواردة على العقار بوجه عام، وبالتالي فنظام تحرير العقد هنا يقوم على أساس اختيار بين أنواع العقود، وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام انتشار العقود العرفية المعيبة، والتي تنعكس سلبا على العديد من مصالح الأشخاص أمام تجاهل الضمانات التي توفرها العقود الرسمية.
فالورقة الرسمية جاء تعريفها في الفصل 418 من ق ل ع وذلك في فقرته الأولى “الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان التحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون”.
وهي تمتاز بالثقة وضمان الحقوق وجلب نوع من الثقة للمتعاقدين، وللمحافظات العقارية، وتخفيف العبء على المحاكم، نظر لحسن صباغتها، والكفاءة الحقوقية التي تتوفر عليها من لهم صلاحية تحرير هذه العقود.
في المقابل نجد العقود العرفية التي لم يعرفها المشرع في ق.ل.ع تنعت بضعف صياغتها وكثرة مشاكلها، نظرا لكونها تصدر عن أشخاص غير مختصين، ولا يتقنون أحكام القانون العقاري وضوابطه، وهو ما يفرز مشاكل للمتعاقدين، وللمحافظات العقارية. وللمحاكم وقد ظهر مع تطور التكنولوجيا، وانتشاره على سطح المعمورة، مايسمى بالعقد الالكتروني الذي يتميز بأنه عقد يتم عبر الشبكة العنكبوتية وعقد يتم عن بعد ويرد على المواد الاستهلاكية، ولكن هذا لم يمنع من التعامل به في الميدان العقاري.
وعليه فإن الأهمية التي تشكلها المعاملات العقارية تزداد يوما بعد يوم ويزداد أثرها على الاقتصاد الوطني والعالمي، وتماشيا مع هذه الأهمية كان من المحفز لي أن أختار عنوان بحثي الآتي:شكلية الكتابة في البيوع العقارية: دراسة على ضوء القانون الوضعي المغربي.
1- أهمية الموضوع:
عملية تحرير العقود في الميدان العقاري لها بالغ الأهمية قانونيا واقتصاديا واجتماعيا فمن الناحية القانونية، فهي تعد من المواضيع الهامة التي تشغل الفكر الفقهي والتشريعي والقضائي والتي تحظى باهتمام الباحثين والممارسين، ذلك أن توثيق العقود العقارية قواعد يعمل المشرع على تنظيم أحكامها. وخصوصا تلك المنظمة في قانون العقود والالتزامات والقانون المتعلق بخطة العدالة، وكذا ظهير 4 ماي 1925 الخاص بالموثقين العصريين، والقوانين 18.00 و44.00 و51.00 و05.53 .
كما أن لهذه العملية ناحية اقتصادية واجتماعية حيث توثق وتضبط المعاملات الاقتصادية والعقارية على الخصوص، تماشيا مع أصبحت تستدعيه الظروف والأوضاع الحالية من وجود نظام لتحرير العقود، قادر على مسايرة الركب، والقيام بمهامه على شاكلة الدول المتقدمة، فهو وسيط فعال بين المعاملات العقارية والمصالح الضريبية. وبالتالي فالرهان موضوع على عملية تحرير العقود حتى يساير متطلبات الأفراد والمجتمع وفقا للتغيرات الداخلية والخارجية.
2- إشكالية البحث:
يتعرض هذا البحت إلى الكتابة كشكلية في العقد المنصب على العقار، وتناثرها بين العرفية والرسمية والالكترونية المنظمة بالقواعد العامة وبالضبط الفصل 489 من ق ل ع، والتشريعات العقارية الخاصة ومنها القانون 44.00، والقانون 18.00 والقانون 51.00 المتعلقة بالعقارات في خضم التطور الذي عرفه المجال العقاري في تشكل عمارات وإقامات ومجمعات سكنية، وذلك من خلال مجموعة من التساؤلات التي يمكن تلخيص بعض منها في:
– هل البيع العقاري بخلاف البيع التجاري لا يقوم إلا على عقد مكتوب؟
– هل العقد العقاري تتوقف صحته على قيام جهة معينة بكتابة؟
– هل البيع في إطار التعاقد الالكتروني يوازي البيع العقاري المعروف؟
– ما مدى حجية العقد العقاري المكتوب سواء كان مكتوب بصيغة رسميه أو عرفيه؟
– ما هي طرق الطعن في هذه الصيغة من البيوع؟
3- منهج البحت:
في محاولة للإحاطة بالموضوع، فإننا سنقوم بإتباع المنهج الوصفي التحليلي الذي يهدف إلى وصف وتحليل الموضوع في مختلف جوانبه وأبعاده وذلك من خلال العمل على حصر الدراسة في القواعد العامة والتشريعات العقارية الخاصة. وفي ذات الوقت إمكانية الاستدلال ببعض الاجتهادات الفقهية والقضائية في الموضوع
4- خطة البحت:
سنقوم ببناء هذا البحت وفق تصميم ثنائي مع التفاوت في فقراته حسب ما سيتطلبه العمل.
– الفصل الأول : الأحكام العامة لشكلية الكتابة في البيوع العقارية
– الفصل الثاني: التكيف القانوني لشكلية الكتابة في البيوع العقارية.
الفصل الأول: الأحكام العامة لشكلية الكتابة في البيوع العقارية
عندما نتحدث عن الأحكام العامة فإنه من البديهي أن نخوض في التعريف والشروط والمرجيحة القانونية أو التشريعية لهذه الكتابة، وعليه سوف أناقش في المبحث الأول الأحكام العامة لشكلية الكتابة من خلال قانون العقود والالتزامات والجهات المرخص لها ببناء هذه الشكلية، على أن أناقش في المبحث الثاني أحكاما عامة لشكلية الكتابة في القواعد العقارية الخاصة وكذلك من خلال القانون 05-53 المتعلق بتبادل المعطيات الالكترونية.
المبحث الأول: أحكام شكلية الكتابة في القواعد العامة
المرجعية القانونية لأحكام العقد العقاري في القواعد العامة هي الفصل 489 من ق ل ع. والتفصيل في هذه الأحكام ينقسم إلى الجانب الخاص بالكتابة في هذا الفصل في المطلب الأول، ثم المرخص لهم بتحرير هذا النوع من البيوع في المطلب الثاني.
المطلب الأول: الأحكام العامة للكتابة في ق ل ع.
الفقرة الأول: تعريف العقد
أولا: مفهوم العقد في اللغة والاصطلاح .
العقد نقيض الحل، يقال عقدت الحبل وعقدت النكاح ومنه قوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح) ، فمعنى العقد، الشد والربط ويطلق العقد على العهد كما يطلق على الميثاق قال ابن العربي:”وسميت وثائق من الوثيقة، وهي ربط الشيء لئلا ينفلت ويذهب، وسميت عقودا لأنها ربطت كتبة، كما ربطت قولا”.
ويقصد به عند الفقهاء والموثقين تحرير الوثائق بطريقة معينة من أجل الاعتماد عليها فيما بعد .
ثانيا: مفهوم العقد في قانون الالتزامات والعقود:
ذهب المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود. ولا سيما في فصله 478 إلى تعريف عقد البيع: “البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للأخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه” وكذلك في الفصل 484 : “يكون البيع تاما، بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والأخر بالشراء وباتفاقها على المبيع والثمن ، وشروط العقد الأخرى”.
ومن ثم يشرط في تمام عقد البيع وجود متعاقدين أو أكثر حيث لا يمكن أن يقتصر على متعاقد واحد وإلا كان ضربا من الخيال لا أساس له ولا قاعدة له وحيث لا يمكن أن يصدر الإيجاب والقبول من شخص واحد إذا لابد إذن من شخصين أو أكتر يصدر عن أحدهما الإيجاب فيسمى موجبا، ويصدر عن الأخر القبول فيسمى قابلا، إذا يلتزم الأول بتسليم المبيع ويلتزم الثاني بأداء الثمن…. والمبيع والثمن إذا لبنتان أساسيتان لا بد من توافرهما في عقد البيع، وإلا فقد هذه الصبغة وأصبح نوعا أخر من العقود كالإيجار والوديعة والمقاولة والهبة، وغيرها الكثير .
وعقد البيع عقد رضائي ومسمى لأنه يتميز باسم معين كعقد الوكالة وعقد الإيجار وعقد الهبة .
هذا عن العقد بصفة عامة، مما يدفعنا إلى التساؤل حول عقد البيع العقاري وأحكامه في قانون الالتزامات والعقود.
الفقرة الثانية: تعريف عقد البيع العقاري:
اعتمادا على ما ذكر في الفقرة أعلاه، يمكن القول بأن عقد البيع العقاري هو عقد بيع منصب على عقار أو على حقوق عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رسميا، وهذا انطلاقا من نص المادة 489 من ق.ل. ع أيضا حيث نصت المادة المذكورة على أنه”إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء يمكن رهنها رهنا رسميا، وجب أن يجرى البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون” .
ومنه يمكن القول أن أي محرر واقع على ما جاء به الفصل 489 من ق.ل ع هو عقد عقاري، والمحرر الذي يثبت نقل ملكية عقار أو حق عقاري هو عقد بيع عقاري.
والملاحظ أن المشرع المغربي لم يعط تعريفا مدققا لعقد البيع العقاري أكتر مما جاء به الفصل 489 ق ل ع. فإنه بمقابل ذلك لم يلزم الأطراف المتعاقدة بإفراغ اتفاقهم في محرر معين. الأمر الذي يحتم دراسة الشكلين معا .
الفقرة الثالثة: خصائص عقد البيع العقاري
الملاحظ أن خصائص عقد البيع العقاري لا تختلف كثيرا عن باقي العقود المسماة.وهي :
عقد مسمى- رضائي- ملزم للجانبين – ناقل للملكية – أحد عوضيه ثمن نقدي .
أولا: عقد مسمى
هو العقد الكثير التداول في الحياة إلى أن أعرف باسمه الخاص، فالبيع والمقايضة والهبة والصلح مسماة شهدتها وكثرة تدوالها .
ثانيا: الرضائية في عقد البيع
الأصل في انعقاد البيع هو الرضائية، حيت يقوم العقد بمجرد توافق إرادة عاقديه واتفاقهما على الشيء المبيع والثمن وجميع الشروط الأخرى التي ينبني عليها ، وهو ما أقره الفصل 488 من ق.ل ع الذي جاء فيه “يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه أحدهما بالبيع والأخر بالشراء، واتفاقهما على البيع والثمن، وشروط العقد الأخرى، ألا أنه ونظرا لحضوره بعض التصرفات، وأهمية الحقوق المترتبة عنها أورد المشرع بعض الاستثناءات على القاعدة أعلاه، ومن أهما إفراغ الإرادة في محرر متى كان البيع عقارا.أو حقوقا عقارية أو أي شيء يمكن رهنه، رهنا رسميا وذلك تنفيذا لمقتضيات الفصل 489 من ق ل ع.
ثالثا: عقد البيع عقد ملزم للجانبين
ذلك أنه ينشىء التزامات متبادلة ومتقابلة بين الطرفين، البائع يلتزم ينقل الملكية والمشتري يلتزم بأداء الثمن .
رابعا: ناقل للملكية
يستفاد من نص المادة 478 من ق ل ع الذي جاء فيه” البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للأخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم به هذا الأخر” .
خامسا: أحد عوضيه ثمن نقدي
هذه الخاصية هي التي تميز العقد عن غيره من العقود خاصة المقايضة والهبة، لا وجود للنقود في الفصل 418 ق ل ع .
سادسا: حول المتعاقدين
يحتاج البيع كغيره من العقود الرضائية إلى توافق الإرادتين، ، وتجدر الإشارة إلى أن هناك شروط متعلقة بإرادة طرفي العقد، وتحكم صحة هذا التراضي، ويمكن التركيز في هذا على أهلية المتعاقدين وما يعترضه من عوائق، كالمريض مرض الموت في عقد البيع وعوائق مرتبطة بعوامل وظيفية لمنع استغلال بعض عناصر العقد. وقد عرض المشرع لذلك في الفصول 480 و 481 و 482 من ق ل ع .
الفقرة الرابعة: البيع العقاري في نطاق الفصل 489 من ق ل ع.
إذا كان الأصل في انعقاد البيع هو الرضائية حيث يقوم العقد بمجرد توافق إرادة عاقديه واتفاقهما على الشيء المبيع والثمن وجميع الشروط الأخرى التي ينبني عليها العقد ، وهو ما أقره الفصل 488 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه” يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه، أحدهما بالبيع والآخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى” .
لكن يأتي الفصل 489 من ق ل ع بصراحة القول أنه” إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رسميا، وجب أن يجرى البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ” ومن ثم، فإن المشرع المغربي كما استثنى بيع العقار من أصل الرضائية، استثنى معاوضة هذا العقار كذلك بمقتضى الفصل 620 من ق. ل.ع، وهكذا فطبقا لمقتضيات الفصل 489 من ق. ل. ع فإن مجرد التراضي والاتفاق على الثمن لا يقيم للعقد قائمة مالم تتم كتابة، ويعتبر البيع في حالة عدم كتابته هو والعدم سواء .
وذهب أغلب الشراح للفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود إلى أن إثبات انعقاد البيع على العقارات أو حقوق عقارية يكون بالحجة الكتابية كلما زادت قيمتها عن مائتين وخمسين درهما .
ويبين هذا الفصل أنه إذا كان البيع مبرما على عقار أي على شقة أودار أو منزل أو أرض على سبيل المثال، أو على حق من الحقوق العقارية مثل حق الملكية أو على الانتفاع أو على السطحية أو الكراء الطويل الأمد أو حق الزينة أو الجلسة، وهي الحقوق الواردة في الفصل8 من ظهير 19 رجب 1333 المتعلق بالحقوق العينية، يستوي في ذلك أن يكون العقار محفظا أو غير محفظ، فلا بد من تحرير البيع وكتابته في محرر ثابت التاريخ .
والفصل 489 من ق ل ع يورد مايلي: ولا يكون له أثر في مواجهة الغير ألا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون طبقا للفصل 489 ق ل ع .
وقد قضى المجلس الأعلى بهذا الصدد: “أن يبع العقار يجب أن يكون كتابة في محرر ثابت التاريخ…..” كما قضي المجلس الأعلى بأنه” إذا كان المبيع عقارا محفظا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ وإذا أختل هذا الركن الشكلي فإن البيع لا يقوم” .
ومن هنا يظهر واضحا أن الكتابة هي شرط متعلق بالبيع العقاري سواء كان المبيع عقارا محفظا أو غير محفظ. والمشرع في الفصل 489 لم يحدد نوع المحرر الواجب في هذه الكتابة وطبيعته، ولم يلزم المتعاقدين بإفراغ اتفاقهم في محرر معين، الأمر الذي يحتم علينا الخوض في هذه الأنواع من خلال الحديث عن الجهات المرخص لها بتحرير هذه العقود، في المطلب الموالي.
المطلب الثاني: المتدخلون في تحرير البيوع العقارية
لقد عرفت عملية التوثيق العقاري بالمغرب عدة تحولات وتطورات ساهمت بشكل مباشر في ظهور نظامين مزدوجين للتوثيق العقاري متقاربين في طبيعة المهام مختلفين في طرق الإنجاز، فقد كان القانون المغربي لا يعرف سوى التوثيق العدلي الذي اعتمد المرجعية الإسلامية…، ولكنه في الوقت الحاضر يعرف التعامل على هامش آخر هو مؤسسة التوثيق العصري التي ظهرت إبان المرحلة الاستعمارية، حيث شرعت سلطات الحماية الفرنسية في القيام بإصلاحات عديدة على مستوى عدة قطاعات، ومنها القطاع الفلاحي حيث أحدثت مؤسستين لأول مرة بالمغرب هما: مسطرة التحفيظ العقاري، ونظام التوثيق العصري.
وذلك بموجب قانون 4 ماي 1925، والذي يستمد أصوله من القانون الفرنسي ل16 مارس 1803 دون أن ننسى وجود شق آخر من المحررات الشائعة في المجتمع المغربي، وهي المحررات العرفية التي شكلت إلى جانب المحررات العدلية المجال الوحيد لتوثيق المعاملات التعاقدية، ومباشرة بعد ظهور النظام الجديد هذا، بدأ التوثيق بالمغرب يعرف نوعين من المحررات أحدهما رسمي والآخر عرفي.
وعليه فإن هناك مجموعة من المتدخلين في تحرير هذه العقود في البيع العقاري كل حسب اختصاصه النوعي.
الفقرة الأولى: المحررات الرسمية
أولا: مفهوم الورقة الرسمية وشروطها
نظم المشرع المغربي المحرر الرسمي بمقتضى الفصول 418 إلى 423 من ق ل ع، فقد نص في الفصل 418 من نفس القانون على أن الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العمومين الذي لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقود، وذلك وفق الشكل الذي يحدده القانون، وتكون رسمية أيضا:
* الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.
* الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى صيرورتها واجبة أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها .
ويضيف المشرع أيضا في الفصل 419 من ق ل ع بأن “الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والإنفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور” .
وبالرجوع إلى هذه المقتضيات نجد المشرع المغربي يعتبر الوثيقة رسمية إذا توافرت على ثلاثة شروط جوهرية وهي أن يقوم بتحريرها موظف عمومي. وأن يكون هذا الموظف العمومي مختصا في توثيقها، وأن يحررها في الشكل المحدد قانونا .
كما أن المادة 10 من قانون الإثبات المصري، تنص على أن المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام شخص مكلف بخدمة عامة ما ثم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإذا لم تكتسب هذه المحررات صفة الرسمية، فلا يكون لها إلا قوة عرفية…” .
فالورقة الرسمية يقصد بها إفراغ العقد في الشكل الذي حدده القانون ورسمه له، وتحرر من طرف موظفين عموميين لهم صلاحية التوثيق، وهم العدول بعد خطاب قاضي التوثيق عليها، وأيضا تلك العقود المنجزة من قبل الموثقين العصريين حسب ظهير 4 ماي 1925 المنظم للتوثيق العصري، أو الموثقين العبريين بالنسبة لليهود المغاربة .
وقد درج الفقه القانوني على تقسيم المحررات إلى عدة أنواع: فهي إما محررات سياسية أو إدارية أو قضائية أو مدنية….وما يهمنا في هذا البحث هو المحررات المدنية نظرا لوقوعها على البيع العقاري.
حيث ارتبط توثيق المحررات الرسمية بنظام التوثيق العدلي ذو الطابع الإسلامي المؤطر بقانون رقم 03-16 المتعلق بخطة العدالة، ونظام التوثيق الذي ينطه ظهير 4 ماي 1925 المأخوذ من القانون الأساسي لنظام التوثيق الفرنسي الصادر في 16 مارس 1803 .
فعقد البيع التوثيقي يصدر عن الموثق الذي بوقعه وحده دون الأطراف المتعاقدة كما هو الشأن بالنسبة للعقود العرفية، ودون مراقبة أحد كما مثلما هو الحال في العقود العدلية التي يراقبها القاضي، ناهيك عن مراقبة عن مراقبة مكتب الموثق من طرف أعوان مصلحة التسجيل وكذلك من طرف وكلاء الدولة والعقد التوثيقي هو وثيقة رسمية بنص القانون ولا يطعن فيها إلا بالزور .
وللعقود الرسمية الصادرة عن الموثقين عدة مزايا نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- العقد التوثيقي وثيقة رسمية لها حجية مطلقة بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير.
2- الموثق فيها يقوم بكل الأعمال والإجراءات من توثيق وتسجيل وتحفيظ.
3- الموثق عارف بالنصوص القانونية المختلفة التي تلتقي بمهنة التوثيق، ومن ثم فهو بعمل على تفادي كل الأخطاء والأخطار.
4- الموثق قبل كتابة العقد، يطلع على الوضعية القانونية والهندسية للعقار، ويتأكد من هوية الأطراف وفي هذا ضمانة كبرى للمتعاقدين، ومساهمة مجانية في تيسير مصلحة المحافظ العقاري.
5- العقد التوثيقي سند تنفيذي ورسمي ولا يطعن فيه إلا بالزور .
كما أن التوثيق العدلي يتميز بمجموعة من الخصائص تجعله مختلفا عن غيره من النظم التوثيقية الأخرى منها:
– التوثيق العدلي نظام قانوني وضعي مرجعيته دينية.
– التوثيق العدلي يتم بواسطة عدلين كأصل عام.
– التوثيق العدلي يجمع بين أحكام الشهادة وأحكام الكتابة.
– التوثيق العدلي يخضع لرقابة القضاء.
والمشرع المغربي وحماية منه لحقوق الأطراف المتعاقدة، سعى إلى إحكام بناء الوثيقة العدلية بمجموعة من الضوابط أهمها وجوب كتابة الوثيقة في الصك المعد لذلك، بعد تلقيها وحفظها في دفتر الجيب مع ضرورة خلوها من أي نقص أو عيب .
ومن هنا وجب علينا أن نخوض في الحديث عن محرري العقود الرسمية في البيع العقاري على النحو الذي يعرف بهم ويميز اختصاصاتهم.
ثانيا: المرخص لهم بتحرير العقود الرسمية
1- فئة الموثقين:
هم موظفون عموميون يعهد إليهم بتحرير العقود الرسمية ويلاحظ بأن بعض الفقه أقر للموثق العصري بصفة الموظف العمومي، ويمثل هذا الرأي أغلب فقهاء الحماية، بينما ذهب البعض الآخر إلى اعتبار مهنة التوثيق العصري مهنة حرة .
والموثق يعتبر ممارسا لمهنة حرة بالنظر إلى خضوعه للضريبة المهنية، وللضريبة على القيمة المضافة زيادة على أدائه للضريبة على الدخل، كما أنه لا يتقاضى راتبه من الخزينة العمومية التابعة للدولة، بل يأخذ أتعابه من الزبناء، ولا يخضع عند تعيينه لإحدى الرتب الإدارية المعمول بها في أسلاك الإدارة العمومية .
وقد صدر أول قانون للتوثيق بالمغرب في ظل سلطات الحماية الفرنسية، كما هو الشأن في قانون التحفيظ العقاري، وقد صدر في هذا الشأن ظهيران أحدهما ظهير 10 شوال 1343 (4 مايو 1925) بشأن تنظيم محرري الوثائق الفرنسيين، وهو ظهير مأخوذ من قانون التوثيق الفرنسي الصادر بتاريخ 16 ماي 1803م ويعرف بقانون 25 فانتوز لسنة الحادية عشرة، وقد نقلت منه فصول إلى هذا الظهير كما نص على ذلك الفصل العشرون من الظهير المذكور (4 ماي 1925)، ونص الفصل السادس من هذا الظهير على أن الموثقين يتم تعيينهم بظهير، ومعنى ذلك أن الموثق لا يتمتع بأهلية تحرير العقود إلا بتعيينه، وتعيينه لا يتم إلا بظهير ونص الفصل السابع منه على الشروط الواجب توافرها فيمن أراد الحصول على وظيفة “موثق” وأولها أن يكون فرنسيا .
وقد نظم هذا الظهير اختصاصات الموثق العصري في مجال توثيق المعاملات التعاقدية بشكل دقيق ومحكم، ولا سيما تلك التي تتعلق بتحرير بيع العقار المحفظ والذي في طور التحفيظ، وهذا ما ينص عليه الفصل 5 منه فيما يشير إلى أنه: “يختص الموثقون….تحرير، وقف الحالات المشار إليها في الفصل الثالث أعلاه، جميع العقود المشتملة على إقرار بالملكية العقارية أو على تفويتها أو حقوق عقارية…. وكذا جميع العقود المنشأة أو المعدلة أو المنقضية للالتزامات المضمونة بضمانات عينية شريطة أن يكون العقار موضوع تلك العقود واقعا بالمغرب، ومحفظا طبقا للظهير الشريف المؤرخ في 9 رمضان 1331 موافق 12 غشت 1912، أو في طور التحفيظ….ويمكن للموثقين أن يحرروا رسم الصداق والهبات في عقود النكاح، وجميع الوصايا المتعلقة بالعقارات غير المحفظة، ويمكنهم أيضا أن يحرروا جميع عقود الأكرية والقسمة والتصفية المتعلقة بتلك العقارات…” .
وحدد المشرع أيضا الاختصاص المحلي الذي يمارس فيه الموثق العصري مهامه، وذلك بمقتضى الفصل 2 من الظهير أعلاه حين ينص فيه على أنه: “يمكن للموثقين المقيمين بالرباط مباشرة خطتهم في كل الدائرة القضائية لاختصاص محكمة الاستئناف، أما الذين يقيمون بدائرة محكمة ابتدائية يباشرون خطتهم في نطاق اختصاص هذه المحكمة، في حين يباشر غيرهم من الموثقين خطتهم في نطاق دائرة اختصاص محكمة الصلح التي تتواجد فيها مقارهم وعند الاقتضاء في دوائر المحاكم الصلحية الأخرى التي لا تتوفر على موثق إذا ألحقت تلك الدوائر بدائرتهم التوثيقية بمقتضى ظهير شريف” .
ويندرج في اختصاصهم إبرام جميع التصرفات المتعلقة بملكية الشقق والطبقات وإبرام عقود العقارات في طور الإنجاز سيما وأن القوانين الجديدة تحدثت عن العقد الابتدائي والعقد النهائي، مما يتطلب من محرر هذه العقود انضباط في الإرادة، وحفظ الوثائق علاوة على التأهيل العام للتوثيق، ويتلقى الموثق الإشهاد بالبيع في دفتر الفهرسة دون انقطاع ولا بياض بصورة منتظمة متتابعة يوما بعد يوم عملا بالفصل 26 من ظهير 4 ماي 1925 ، ومما يلاحظ أن هذه الفئة هي الأكثر تأهيلا لإبرام عقود بيع العقارات في طور الإنجاز المتصفة بالتعقيد، يساعدهم على ذلك طبيعة التكوين المحصل عليه ومدته كما برهنت التجربة والممارسة العلمية على قلة المشاكل المطروحة بالنسبة لفئة العقود التي يحررها الموثقون العصريون ولعل هذا هو الذي جعل المشرع الفرنسي يستند إليهم في هذه المهمة دون غيرهم .
وأيضا: نص الفصل الأول من ظهير 4 ماي 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري على ما يلي: “ويرخص أيضا للموثقين الفرنسيين بالمغرب، أن يحرروا رسوم خطوط اليد المنبثقة فيها الأعمال المنعقدة في نفس الأحوال بين المتعاقدين…”، فهذا الفصل ينص صراحة بالترخيص للموثق بتحرير العقود العرفية، كما اشترط المشرع أن يقدم الأطراف للموثق طلبا كتابيا يبينوا من خلاله رغبتهم في تحرير اتفاقهم في محرر عرفي، كما يلزم الموثق وهو يقوم بتحرير العقود المتعلقة بالمعاملات العقارية أن يشير فيها إلى اسمه وصفته وعنوان مكتبه، وأن يحترم الالتزامات المتعلقة بتقديم النصائح للأطراف والقيام بالتحريات اللازمة لسلامة العمليات العقارية .
2- فئة العدول:
يخضع العدول للقانون رقم 03-16 بظهير رقم 56.06.1 بتاريخ 15 محرم 1927 (14-2-2006) الخاص بخطة العدالة، وإذا كان العدول بدورهم مؤهلون بامتياز لإبرام عقود بيع العقار غير المحفظ، نظرا لطبيعة تكوينهم المستندة إلى الشريعة الإسلامية، فإن تحريرهم للعقود المنصبة على العقارات يتطلب منهم استكمال تكوينهم بالاطلاع على المقتضيات الخاصة بالعقارات المحفظة، وبالقواعد لمنظمة لبيع العقارات في طور الانجاز .
وتعتبر خطة العدالة مهمة حرة وتحت مراقبة وزارة العدل، ويشترط في المنتصب لها شروط أهمها:
– أن يكون مسلما مغربيا مع مراعاة قيود الأهلية المشار إليها في قانون الجنسية.
– أن يبلغ من العمر 25 سنة ميلادية كاملة.
– أن يتمتع بحقوقه الوطنية، وأن يكون ذا مروءة وسلوك حسن.
أن لا يكون قد حكم عليه من أجل جناية مطلقا أو بحبس منفذ أو موقوف التنفيذ من أجل جنحة باستثناء الجنح غير العمدية، أو بغرامة ولو موقوفة التنفيذ من أجل جنحة تتعلق بالأموال.
ولابد أن يؤدي العدل بعد ترسميه وقبل الشروع في ممارسة مهمته أمام محكمة الاستئناف المعين في دائرة نفوذها يمينا .
ويرى الأستاذ محمد الحياني أن مهنة العدل تؤطرها نصوص قانونية كثيرة ذكر منها: الظهير الشريف المؤرخ في 23 يونيو 1938، منشور بتاريخ 4 فبرير 1936، الظهير المؤرخ في 23 يونيو 1957 منشور بتاريخ 22 مارس 1957، الظهير المؤرخ في 6 ماي 1982.
وعقد البيع بالنسبة لهذه الفئة يتلقاه عدلان اثنان يعملان تحت المراقبة المباشرة لقاضي التوثيق، وينصان على تاريخ الإشهاد، ويتحققان من هوية المتعاقدين، ومصدر تملكهم وكل هذا يدون في مذكرة الحفظ ( الفصل 13 من المرسوم المؤرخ في 18 أبريل 1983) وبعد الانتهاء يوجه العدلان نسختان من الشهادة إلى الجهة المكلفة باستخلاص رسوم التسجيل (الفصل 20 من مرسوم 18 أبريل 1983) .
فوظيفة العدول هي تلقي الشهادات، ويتلقى الشهادات عدلان منتصبان لذلك، وهذا منسجم مع الشريعة الإسلامية في اشتراط عدلين يتلقيان الشهادة في أن واحد. (الفصل24) غير أن هذا الفصل سوغ للعدلين أن يتلقيا الشهادة أحدهما في وقت ويتلقاها الآخر في وقت مختلف، مع اشتراط تعيين تاريخ تلقي شهادة كل منها، وبيان سبب ذلك .
وبالرجوع إلى الكتب الفقهية نلاحظ مدى الاهتمام الكبير الذي حظيت به هذه المؤسسة من طرف الفقهاء المسلمين.إلا أنه يجب الاعتراف أن هذه المؤسسة أصبحت تعاني من بعض المشاكل نتيجة بقائها مدة طويلة محافظة على شكلها التقليدي بالرغم من تغير الأوضاع الاجتماعية والثقافية والفكرية للمجتمع إلى درجة أن البعض أصبح يشكك في قدرة الوثيقة العدلية على تأطير عقود معينة، وكذا تأهيل العدول للقيام بهذه المهمة.
ومع ذلك فلا ينبغي أن يفهم مما سيق أن الوثيقة العدلية تخلو من كل ضمانة ذلك أنها تتمتع بضمانات مهمة تتعلق بأسلوب تحرير الوثيقة وشكلها وهو ما سوف نخوض فيه في محور لاحق.
3- الإدارات العمومية:
وضع المشرع المغربي هذه الفئة ضمن المرحض لهم بتحرير العقود الرسمية. اعتبارا لموقعها في المنظومة الاجتماعية والمؤسساتية والاقتصادية للدولة.
فاستنادا إلى ظهير 3 يناير 1916 المنظم لأملاك الدولة الخاصة كما وقع تغييره وتتميمه، وعندما يتعلق الأمر بتفويت ملك من أكلاك الدولة وفق عقود معاوضة أو تفويتات، تماشيا مع المسطرة المقررة في القوانين المشار إليها، فإن إدارة الأملاك المخزنية مؤهلة لتحرير هذه العقود بنفسها وقف نموذج معين، كما تحرص من جهتها على تطبيق المقتضيات المتعلقة بالعقود .
4- القضاء:
لقد نص الفصل 418 من ق.ل.ع على أنه “وتكون رسمية أيضا…الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية والأجنبية بمعنى أن هذه الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة أن نكون حجة على الوقائع التي تثبتها” .
ومنه فإن الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية هي بمثابة عقود رسمية، وطبقا لمقتضيات الفصول 469 إلى 487 من المسطرة المدنية، والفصل 211 من ظهير التحفيظ العقاري حيث تسبغ محاضر البيع بالمزاد العلني تنفيذا للأحكام النهائية بالبيع الجبري بصبغة الرسمية .
كما نصت الفقرة 19 من الفصل 618 من ق ل ع على اعتبار الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع بمثابة عقد البيع النهائي .
وبهذه المقتضيات أصبغ المشرع المغربي صفة الرسمية على الأحكام الصادرة عن القضاة مما يجعلهم جهة مؤهلة لتحرير العقود الرسمية.
الفقرة الثانية: المحررات العرفية
عندما نتحدث عن العقود العرفية فإننا نكون أمام شق من المحررات التي انتفت فيها أحد شروط العقد الرسمي لتصبح عقدا عرفيا، وللإحاطة بهذا النوع من المحررات ارتأينا أن نفصل فيها على الشكل التالي:
1- تعريف المحررات العرفية:
ينص الفصل 426 من قانون العقود والالتزامات على الكتابة باعتبارها أحد الشروط الضرورية لقيام المحررات العرفية، فلا يهم من يكتبها، فما دام الأمر يتعلق بورقة عرفية فهذا يتطلب وجود ورقة يكتب ويدون الأطراف اتفاقهم عليها سواء باليد أو بالآلة الكاتبة .
ويرى بعض الفقه أن الكتابة لا تعتبر من شروط المحرر العرفي إذ أن التوقيع هو الشرط الوحيد حتى يعتبر حجة على موقعه في حين يرى اتجاه آخر أن الكتابة شرط بديهي في المحرر العرفي لأن التوقيع هو بمثابة اعتماد لما هو مكتوب في المحرر، وبدون هذه الكتابة يبقى الاتفاق محصورا بين طرفيه ويكون إثباتا صعبا .
وهي ورقة غير محددة اللغة، ولا نجد في فصول قانون العقود والالتزامات ما يحدد شكل هذه الورقة ولا ما يتعلق بالكشط أو المحو أو الإضافات، بل إن الشرط الوحيد الذي ثم الحديث بشأنه هو التوقيع بخط اليد وذلك في الفصل 426 من ق ل ع. وقد ألزم المشرع المغربي بتصحيح هذه الإمضاء أن من طرف الجهات المختصة قانونا. كما يشترط أن يرد التوقيع في أسفل الورقة حسب نفس الفصل (426 ق ل ع) .
وهذه المحررات هي كل العقود التي لم يتدخل في إنجازها موثق أو عدل أو موظف رسمي له صلاحية إنجازها، وقد اعتبرها القانون المغربي منذ القدم، ومن ذلك ما ورد في المنشور رقم 17.516 بتاريخ 1952 في شأن العقود الممضاة بخط اليد: “نظرا لكون العقود التي يمضيها المتعاقدين بخط يديهما المعبر عنها بالكونطردة قد اعتبرها الفقهاء، فقد أمر مولانا خلد الله ملكه بموجب الحكم بمقتضاها إن كانت ممضاة بخط المتعاقدين أو أحدهما ولا زال على إقرارهما بما تضمنته، أما إذا أنكر أحدهما خط يده فيها فيحكم على الآخر بإثباته .
وفي الفصل 423 من القانون المدني المغربي: “الورقة التي لا تصلح لتكون رسمية بسبب عدم الاختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل تصلح لاعتبارها محررا عرفيا إذا كان موقعا عليها من الأطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة”.
وسميت محررات عرفية لأنها لا تخضع لطريقة معينة في تحريرها ولا لأي إجراء من تلك الإجراءات التي تخضع لها المحررات الرسمية، وإنما تتم كتابتها على ما جرى به العرف بين المتعاقدين .
2- تقسيم المحررات العرفية:
عمد أغلب فقهاء القانون إلى تقسيم المحررات العرفية إلى محررات معدة للإثبات ومحررات غير معدة للإثبات.
* المحررات المعدة للإثبات:
هي التي يقصد بها الأطراف المعنيون الإثبات عند المنازعة المتوقعة، ولا يشترط فيها إلا أن تحمل توقيع من يحتج بها عليه ومن يحتج بها عليه قد يكون طرفا واحدا، كما إذا كان المحرر يتعلق بتعهد بدين، فتوقيع المدين هو المطلوب، وقد يكون طرفين كما إذا كان العقد الذي يثبته المحرر ملزما للطرفين معا كعقد الإيجار أو الشركة، فيكون توقيعهما معا هو المطلوب .
* المحرر الغير المعدة للإثبات:
مثل شراح القانون بأربعة أمثلة للمحررات العرفية الغير معدة للإثبات، والتي أوردها القانون ضمن المحررات العرفية وجعل لها حجية في الإثبات، وهي: المراسلات البريدية والدفاتر التجارية والأوراق المنزلية، والتأشير على سند الدين .
والفئة الأولى من هذه المحررات التي هي المحررات المعدة للإثبات هي التي يتمحور حولها الحديث في هذه الفقرة من البحث.
ولعل الناظر في الأنظمة العقارية في العالم يجد أنها أوجبت رسمية العقود في الميدان العقاري لكن القانون المغربي سمح بالازدواجية في التعاقدات العقارية: رسمية وعرفية .
وإذا كان المشرع المغربي أعطى للورقة العرفية نفس الدليل ونفس القوة الثبوتية التي للورقة الرسمية في حالة الاعتراف بها من قبل المتعاقدين ولم ينكرها الشخص المسنوب إليه، فإنه لم يعمل على تحديد من له الصفة في تحرير هذه العقود الشيء الذي سمح لأشخاص ممارسة هذه المهمة دون توفرهم على شروط ومؤهلات تحرير العقود، مما أدى إلى نوع من التسيب والفوضى بحيث أصبح ميدان امتهان تحرير العقود مفتوحا على مصراعيه للعارف وغير العارف، وتمارس حتى من طرف الكتاب العموميين .
ولهذا يمتاز العقد العرفي عن غيره من العقود بالبساطة وبحرية التعاقد وبكونه يستمد قوته الثبوتية من مجرد التوقيع عليه ولا يحتاج إلى تصحيح الإمضاءات أمام الجماعات المحلية طالما أن الأطراف تعترف بالعقد الذي أبرمته ولا تخاذل فيه (هذا موقف المجلس الأعلى) ولأن العقد شريعة المتعاقدين (الفصل 230 ق ل ع)، لكن العقود العرفية تكون في بعض الأحيان مخيبة للأمال وتصيب المتعاقدين بالإحباط، ويقع ذلك عندما يبادر الأطراف إلى تحرير هذه العقود بأنفسهم أو يوكلوا أمر تحريرها إلى أحد من الغير، وقد لا تتوفر فيهم جميع شروط ومؤهلات تحرير العقد الذي يولد والحالة هذه مشوها ومحرفا لعدة حقائق، ولوضعية قانونية يصعب على المحافظ العقاري تسجيلها بالرسم العقاري ، وتتحول إلى عش لمشاكل ومنازعات قضائية طويلة الأمد .
3- محرروا العقود العرفية:
* الموثق:
ينص الفصل الأول من ظهير 4 ماي 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري على أن: ” يرخص أيضا للموثقين الفرنسيين بالمغرب بأن يحرروا رسوم خطوط اليد المثبتة فيها الاتفاقات المنعقدة في نفس الأحوال بين المتعاقدين…” .
ويقضي هذا الفصل صراحة بالترخيص لهذه الفئة من الموظفين بتحرير العقود العرفية واشترط المشرع أن يقدم الأطراف للموثق طلبا كتابيا يبينوا من خلاله رغبتهم في تحرير اتفاقهم في محرر عرفي .
حيث ينص الفصل الأول من قانون 4 ماي 1925 المتعلق بالموثقين العصريين على أنه: “…ويكون مطلب المتعاقدين صريحا وكتابة…” .
* وكلاء الأعمال:
نظم المشرع المغربي مهنة وكلاء الأعمال بمقتضى ظهير 12 يناير 1945 واعتبر الفصل الأول منه وكيل أعمال كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس بطريقة اعتيادية مهنة من المهن المنصوص عليها في هذا الفصل، ومن بينها مهنة تحرير العقود. والمشرع اشترط في الأشخاص المزاولين لمهنة وكيل الأعمال ألا تكون لهم سابقة من السوابق الجنائية والتجارية والإدارية المشار إليها في الظهير المنظم للمهنة، بالإضافة إلى حصولهم على ترخيص من وزارة المالية .
ودون الدخول في التفاصيل يمكن القول أن وكلاء الأعمال غير مؤهلين للقيام بمهمة تحرير عقود بيع العقارات في طور الإنجاز التي تتطلب تقنية معينة ووعيا بمضامين هذا البيع وأهدافه لتحقيق مصالح طرفيه .
* المحامون:
يمارس المحامي مهنة حرة مستقلة، حيث يوكل من قبل الأطراف للدفاع عن حقوقهم وتمثيلهم أمام المحاكم والمؤسسات التأديبية لإدارات الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية كما يقوم بإعطاء الاستشارات القانونية في مختلف المجالات .
وإذا كانت المادة 30 من ظهير 10 شتنبر 1993 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة تخول للمحاميين صلاحية تحرير العقود، فإن الفصل 3-618 من ق ل ع، بعث الحياة في تلك المادة، إلا انه ضيق- بالمقابل – من نطاقها عندما حصر تلك الإمكانيات في المحامين المقبولين منهم للترافع أمام المجلس الأعلى دون غيرهم .
وقد نصت المادة 30 من القانون المنظم لهذه المهنة على أنه “يمكن للمحامي تحرير كل عقد عرفي كيفما كان نوعه”، وبذلك يمكنه تحرير العقود العرفية التي تتضمن مختلف المعاملات المنصبة على العقارات، لأن عبارة كيفما كان نوعه وردت عامة لا يمكن تخصيصها بدون مخصص كما تقضي بذلك القاعدة الأصولية .
* باقي المحررين:
إن مهمة التحديد السنوي للائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير العقود العرفية تعود لوزير العدل طبقا لأحكام الفصل 3-618 من ق.ل.ع وينحصر حاليا الأشخاص الذين يمارسون حاليا مهنة تحرير العقود العرفية من وكلاء الأعمال، والمستشارون القانونيون، والإئتمانيون، المستشارون الجبائيون، الخبراء، المحاسبون، مراقبو الحسابات، خبراء الشؤون العقارية، المهندسون الطبوغرافيون، والكتاب العموميون، بالإضافة إلى المؤسسات العامة، والشركات العامة التابعة للدولة التي تتولى تحرير عقود بيع العقار في طور الإنجاز، وعلى رأسها المؤسسات الجهوية للبناء والتجهيز، والشركة العامة العقارية، والوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق، والشركة العامة العقارية .
ومن هذه الفقرات يظهر واضحا للعيان أن توثيق العقار في التشريع المغربي يعرف نوعا من التنوع سواء من حيث المحررات أو من حيث الجهات المتدخلة في تحرير هذه المحررات، وهو الأمر الذي سوف يظهر أثره من خلال مبحث لاحق للحديث عن الحجية وطرق الطعن.
وبما أننا نتحدث عن البيع المنصب على العقارات فلا ننسا أن هناك قوانين تحكم البيع العقاري، وبالتالي ما هي شكلية الكتابة في هذه القوانين الخاصة؟ وللتفصيل في هذا الموضوع نتطرق إلى المبحث التالي:
المبحث الثاني: الأحكام العامة للكتابة من خلال القواعد الخاصة
في هذا الموضوع نسلط الضوء على عقد البيع العقاري المنظم من خلال التشريعات العقارية ذات الأرقام 18,00 و 44,00 و 51,00 والمرتبطة بالعقارات المبنية في خضم التطور الذي عرفه مجال البناء في شكل عمارات وإقامات ومجمعات سكنية أو مهنية أو صناعية أو تجارية ثم نبحث شكلية عقد البيع العقاري من خلال القانون رقم 53.05 المتعلق تبادل المعطيات الالكترونية.
المطلب الأول: شكلية الكتابة من خلال التشريعات العقارية
الفقرة الأولى: شكلية الكتابة في القانون رقم 18.00
1- بيان أنواع العقارات المشمولة بالقانون رقم 18.00
يشمل القانون رقم 18.00 العقارات المبنية وكذلك الأشخاص المعنوية المديرة للعقارات تنص المادة الأولى من القانون على ما يلي:
” تسري أحكام هذا القانون على العقارات المبنية المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات والمشتركة ملكيتها بين عدة أشخاص والمقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها جزءا مفرزا وحصة في الأجزاء المشتركة، كما تسري هذه الأحكام على مجموعات العقارات المبنية وعلى مختلف الإقامات المؤلفة من بنايات متصلة أو منفصلة وبها أجزاء مشتركة مملوكة على الشياع لمجموع الملاك وتسري هذه الأحكام على العقارات سواء كانت محفظة أو في طور التحفيظ أو غير محفظة” .
فالمعيار المطبق في ظل القانون رقم: 18.00 أن يكون العقار المشتركة ملكيته عقارا مبنيا به أجزاء مفرزة تحت أحكام الملكية الخاصة، وبه أجزاء مشتركة وشائعة بين الملاك المشتركين، سيان في ذلك أن كانت العقارات محفظة أم في طور التحفيظ أم غير محفظة .
2- توثيق التصرفات في نطاق القانون رقم: 18.00:
بنص القانون رقم: 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية (ظهير 03 أكتوبر2002) والذي نصت المادة 12 منه على ما يلي:
“يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخول قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان” .
ومن الأمور المستجدة في المادة 12 من القانون الجديد ما يتعلق بواجب تحرير جميع التصرفات الهادفة إلى نقل الملكية أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها. وبهذه المادة تم الحسم في أمر تحرير العقود المبرمة على العقارات المبنية وأصبح هذا التحرير واجبا بقوة القانون .
3- محرروا العقود في القانون رقم:18.00:
المادة 12 بينت الجهة المناط بها تحرير العقود المبرمة على المحلات الخاضعة للقانون رقم: 18.00 وهي إما الموثقون العصريون أو العدول أو المهنيون أو المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى، فلو تم تحرير تلك العقود بواسطة غير الأشخاص المذكورين لكان هذا العمل باطلا، والعمل الباطل لا يعتد به كما هو معلوم ولا يعتبر حجة .
4- أنواع المحررات في التصرفات الخاضعة للقانون رقم:18.00:
طبقا للفصل 34 من الظهير الشريف رقم: 162-93-1 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414هـ (10 شتنبر1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة ، يمكن التمييز بين نوعين من الكتابة في خصوص توثيق المعاملات الواقعة على العقار المشمول بنظام الملكية المشتركة:
1- الكتابة الرسمية أو المحررات الرسمية: وهي التي يحررها إما الموثق العصري طبقا لأحكام ظهير 4 ماي1925م أو العدلان طبقـا لأحكـام القانون 03-16 المنظم لخطة العدالة مع وجوب توقيع الأطراف على العقد إلى جانب الموثق العصري العدلي كخروج عن الأصل .
2- الكتابة العرفية الثابتة التاريخ: رغم أن الكتابة العرفية يحررها أي شخص من غير الموثقين والعدول شرط توقيعها ممن هي حجة عليه طبقا لأحكام الفصل 426 من ق.ل.ع .
الفقرة الثانية: شكلية الكتابة في القانون رقم: 44.00
1- تعريف بيع العقار في القانون رقم: 44.00.
إن شيوع التعاقد بين المتعاملين في العقارات المبينة على وحدات لازالت على التصميم وحاجة الناس إلى ضمان مكان لهم يدفعون أقساطه على مراحل ساعد على انتشار معاملة عقارية جديدة هي بيع العقارات في طور الإنجاز التي تولى المشرع أفرادها بقانون خاص هو القانون 44.00 المتمم لقانون الالتزامات والعقود في باب البيوعات، وقد صاغ المشرع تعريفا لهذا التصرف في القانون ضمن في الفصل 1/618 من ق.ل.ع الذي جاء فيه:
“يعتبر بع العقار في طور لإنجاز كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال” .
2- توثيق التصرفات في نطاق القانون 44.00:
نص الفصل 3/618 ق.ل.ع على أنه: ” يجب عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت، التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونيا تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان” .
نستخلص من هذا النص التشريعي ما يلي:
– إن الفصل 3/618 قاطع دون لبس في أن بيع العقار في طور الإنجاز واجب التحرير لعقد البيع الابتدائي إما في محرر رسمي، بمعنى تحريره لدى موثق إما أن يكون موثقا عصريا خاضعا للنظام المؤرخ في سنة 1925 أو أن يكون موثقا عدلا، وهو واجب في فرضية ثانية من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة وتخول لها قانونيا تحرير العقود.
– قرر المشرع المغربي البطلان لكل عقد بيع ابتدائي لعقار في طور الإنجاز لم يتم تحريره بالكيفية والشروط الواردة في الفصل 3/618 من ق.ل.ع فالبطلان جزاء يرتد إلى عدم تحرير عقد البيع الابتدائي بالمرة، كما يرتد إلى حالة تحرير هذا العقد لكل بيع خارج عن الوصف المحدد في الفصل المذكور .
3- محرروا العقود في القانون رقم 00-44:
يتحدد المؤهلون لتوثيق معاملات بيع العقار في طور الإنجاز من ما يلي:
– بالنسبة للمحرر الرسمي نجد:
1- الموثقون العصريون طبقا لأحكام ظهير 4 ماي 1925 المنظم للتوثيق العصري.
2- العدول بمفهوم القانون03-16 المنظم لخطة العدالة والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 56/06/1 بتاريخ 15 محرم 1427 هـ الموافق 14 فبراير 2006.
3- الحكم النهائي الصادر عن القضاء بإتمام البيع النهائي للعقار في طور الإنجاز في حالة رفض أحد طرفيه إبرامه، طبقا لأحكام الفصل 19/618 والفصل 418 ق ل ع الذي يجعل أحكام المحاكم أوراقا رسمية .
– بالنسبة للمحرر العرفي ثابت التاريخ نجد:
1- المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى على أن يتم تصحيح إمضاءات ذوي الشأن أمام الجهات المختصة في الجماعات البلدية أو القروية أو باقي الجهات الأخرى المحددة قانونا، فيما يتم التصديق على توقيع المحامي أمام كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها.
2- الإدارات العمومية من مؤسسات عمومية وشركات تابعة للدولة أو لأي شخص معنوي خاضع للقانون العام ويشرف على إنشاء الأماكن المعدة للسكن أو للمهن وغيرها من الأغراض.
3- أما باقي المحامين غير المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى وباقي المهن المنظمة التي يخول لها قانونها صلاحية التوثيق فيلزمها انتظار القرار المشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة والوزير المنتدب في الإسكان والتعمير بتحديد لوائحهم .
4- أنواع المحررات في التصرفات الخاضعة للقانون رقم 00-44
بالعودة إلى نص الفقرة الأولى من الفصل 3/618 ق ل ع بأنه يجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي لعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب نائب التاريخ يتم تحريره من طرف مهني… .
1- المحرر الرسمي، طبقا للفصل 418 ق.ل.ع: هو الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون .
2- المحرر الثابت التاريخ: لقد أجازت مقتضيات قانون 00-44 وكذا باقي القوانين العقارية الجديدة للمتعاقدين للجوء إلى غير الموثقين أو العدلين لكتابة دليلهما على البيع، لكن هذا الجواز مقيد بأمرين هما: أن يكون الكاتب مهني مأذون له، وأن يخضع المحرر للإجراءات التي تثبت تاريخه .
الفقرة الثالثة: شكلية الكتابة في القانون رقم: 00-51.
1- بيان أنواع العقارات الخاضعة للقانون 00-51، المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار:
ينص المشرع في المادة 2 من القانون رقم 00-51 على ما يلي: يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار” .
فقد اعتبر القانون 51.00 الإيجار المفضي إلى تملك العقار عقد بيع أي أنه صنف من البيوع العقارية، والحال أن المشرع المغربي نفسه لم يدرج أحكام هذا العقد ضمن قواعد البيع المنظمة بظهير الالتزامات والعقود .
ويظهر من ذلك اجتماع البيع مع الكراء، وهو نظام تعاقدي يهدف إلى التمكين من امتلاك سكن وتنص مادة من القانون رقم: 51.00، المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على ما يلي: “تطبق أحكام هذا القانون المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار على العقارات المنجزة المعدة للسكنى كيفما كان نوعها سواء كانت محفظة أم غير محفظة وكذلك المادتان 5 و 6 من القانون ” .
ومن هنا يتضح لنا أن العقارات التي يحكمها القانون رقم: 51.00 هي المباني المنجزة أي الموجودة فعليا ولا بد أن تكون معدة للسكنى. ولا بد أن نقف عند المادة 1 من القانون من وجوب أن تكون العقارات منجزة وهي العقارات الموجودة .
2- توثيق لتصرفات في نطاق القانون رقم: 51.00.
لقد نص الفصل 489 ق.ل.ع على واجب تحرير العقد في محرر ثابت التاريخ، وهذا المقتضى لم يمنع المتعاقدين من اختيار المحرر المعتمد بكل حرية ولم يفرض رسمية عقود بيع العقار ولم يعين محررا معتمدا، وإزاء خلو هذا الفصل من أي جزاء صريح للعقود المخالفة فإن القضاء اعتبر مسألة كتابة عقد البيع شكلية واجبة وضرورية لصحة العقد، مثال ذلك ما قضي به المجلس الأعلى في قراره: “إذا كان المبيع عقارا محفظا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، وإذا اختل هذا الركن الشكلي فإن البيع لا يقوم، وأن المحكمة لما اعتمدت مجرد إقرار قضائي أمام المحكمة لإثبات بيع العقار المحفظ تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقص .
وأول ما يلفت النظر الاتجاه الذي يقرره المشرع هو ما تنص عليه القوانين الجديدة بأن كتابة العقود أصبحت لا نقاش فيها واجبة بقوة القانون في إبرام بيع العقارات في طور الإنجاز وكذلك في نقل الحقوق العينية في نظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية وفي الكراء المفضي إلى تملك العقار .
حيث تنص المادة 4 من القانون رقم: 51.00 على أنه ”يجب أن يحرر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ… وذلك تحت طائلة البطلان” .
فقد تطلبت المادة 40 من هذا القانون وجوبا تحرير عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار على وجه الاستثناء، ولأنه في نهاية الأمر يتعلق ببيع عقار فكان لا بد أن يتم تحرير العقد وفقا لما جاء في الفصل 489 ق.ل.ع .
3- المحررات والمؤهلون لتحريرها في نطاق القانون رقم: 51.00.
يحرر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار إما في محرر رسمي من قبل الموثق العصري أو العدلان أو الحكم النهائي الصادر بإتمام البيع المعتبر بمثابة عقد البيع النهائية وإما في محرر ثابت التاريخ من قبل المحامين المقبولين للترافع أمام المجلس الأعلى، أما باقي المحامين وباقي المهن القانونية المنظمة التي يصرح فيها بحق توثيق التصرفات، فعليها انتظار القرار المشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة المنتدب في الإسكان والتعمير المحدد للائحة المهن القانونية المقبولة لتوثيق الإيجار المفضي لتملك العقار .
وكخلاصة للقول يلاحظ أن المشرع المغربي أفرط في الشكلية سواء تعلق الأمر بالتصرفات الواقعة في نطاق الفصل 489 من ق.ل.ع أو تلك الواقعة في نطاق القوانين العقارية الحديثة التي هي القانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة والقانون رقم: 44.00 المتعلق بالعقار في طور الإنجاز ثم القانون رقم: 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار.
وبقي أن نتحدث عن هذه الشكلية من خلال ما جاء به تطور المجتمعات الإنسانية من تكنولوجيا ووسائل الاتصال.
المطلب الثاني: شكلية الكتابة من خلال القانون رقم: 53.05 المتعلق بتبادل المعطيات إلكترونيا.
لقد أفرزت وسائل الاتصال الحديثة أنماطا جديدة من العلاقات القانونية مستغلة ما وفرته من قدرات اتصالية للأشخاص المتباعدين مكانا، وقد أثارت هذه الوسائل العديد من الإشكاليات حول اعتراف القانون بحجيتها للتعبير عن الإيجاب والقبول وبناء أركان التعاقد، كما أثارت إشكالات في ميدان الإثبات لكون النظم القانونية التقليدية حددت الأدلة المقبولة وقواعد الاحتجاج بها .
وسوف نعرف في الفقرة الأولى المحرر الالكتروني، ثم في الفقرة الثانية نتحدث عن الشكلية في القانون 53.05، المنظم لتبادل هذه المحررات.
– الفقرة الأولى: طبيعة المحرر الالكتروني:
1- مدلول المحرر الالكتروني:
إذا كان المشرع المغربي لم يعرف المحرر الالكتروني ولا الوثيقة الالكترونية، فإن المشرع المصري عرف المحرر الالكتروني من خلال المادة الأولى من قانون تنظيم التوقيع الالكتروني بقوله: “رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئيا بوسيلة الكترونية أو ضوئية أو بأية وسيلة أخرى مشابهة .
أما اتفاقية الأمم المتحدة الموقعة في فيينا بشأن النقل الدولي للبضائع لسنة 1980، فقد جاء في مادتها 13 ما نصه:
“وفيما يخص اعتراض هذه الاتفاقية ينصرف مصطلح الكتابة أيضا إلى المراسلات الموجهة في شكل برقية أو تلسك” ومعنى ذلك أنه لا ضرورة على الإطلاق للربط بين فكرة الكتابة والورقة، فلا يشترط أن تكون الكتابة على ورق موقع بالمفهوم التقليدي ومعنى هذا أن فكرة المحرر التي ارتبطت بالورقة المكتوبة ينبغي إزالتها من أذهاننا، وبالتالي كلمة المحرر تشمل المحرر الكتابي كما تشمل المحرر الالكتروني الرقمي على السواء” .
2- شروط المحررات الالكترونية:
إن وصف الدليل يصدق على كل دعامة يمكن أن تدون عليها الكتابة بحيث يمكن قراءتها. وأن يكون هذا التدوين بشكل مستمر ودائم، وغير قابل للتعديل ولو كانت الكتابة غير ملموسة عند تدوينها على الدعامة. دون أن ننسى اشتراط سماح الوثيقة الالكترونية بالتحقق من هوية مصدرها .
3- تصنيف المحرر الالكتروني:
بغض النظر عن المفهوم المار بنا للوثيقة العرفية العادية فإن الوثيقة العرفية الالكترونية هي التي تستوفي الشروط المنصوص عليها تحديدا في الفصلين 1-417 و 2-417 من ق.ل.ع وهي الشروط التي ترتد في آخر المطاف إلى العناصر التالية:
* أن تعرف الوثيقة العرفية الالكترونية توقيع الشخص الذي صدره عنه.
* أن تكون الوثيقة العرفية الالكترونية معدة ومحفوظة ضمن شروط تضمن تماميتها.
* أن تحمل الوثيقة العرفية الالكترونية توقيعا مؤمنا.
* أن تحمل الوثيقة العرفية الالكترونية تاريخا ثابتا عن التوقيع الالكتروني المؤمن .
وعليه فإن توافر الشروط السالفة الذكر يمنح الوثيقة الالكترونية صفة وثيقة عرفية فكلما تجمعت هذه الشروط مجتمعة في الوثيقة العرفية الالكترونية الصادرة عن الموثق العصري في حدود اختصاصه المحدد في ظهير4 مارس 1925 إلا وتمتعت بحجيتها وقوتها الثبوتية .
كما نص الفصل 2-417 من ق.ل.ع في الفقرة الثانية منه أنه: “تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق” .
وحسب المادة20 من المرسوم الفرنسي الصادر بتاريخ 10/8/2005 يتم تلقي العقد خلافا للطريقة التقليدية في نفس الوقت في مكتبي موثقين مختلفين. .
الفقرة الثانية: الشكلية في التعاقد الالكتروني:
الأصل هو حرية أطراف التعاقد في اختيار شكل التعبير عن إرادتهم، أي أن الأصل في العقود هو الرضائية، وينطبق ذلك على العقد الالكتروني. غير أن القانون قد يتطلب إفراغ التراضي في شكل محدد، كأن يكون العقد مكتوب، فقد تكون الكتابة مطلوبة ليس لإثبات العقد، وإنما لانعقاده وإبرامه صحيحا بحيث لا يكون له وجود قانوني إلا إذا تم في الشكل الكتابي الذي اشترطه القانون، وعندئذ يكون العقد شكليا وتكون الكتابة عنصرا جوهريا في العقد لا يقوم بدونها .
والشكلية الالكترونية أمر أقرته غالبية التشريعات الحديثة بشأن العقود والمعاملات الالكترونية ومن ثم فإن إبرام العقود الالكترونية لا يقتصر على نوع معين من العقود، بل يجوز إبرام كافة العقود الالكترونية ولو كانت عقودا شكلية، لاسيما وقد ظهرت مهنة جديدة في مجال المعاملات الالكترونية، وهي مهنة الموثق الالكتروني .
وهكذا، فلن يمكن استثناء البيوعات العقارية من الخضوع لشكلية قواعد العقود الالكترونية.
فقد حسم المشرع المصري في هذه المسألة من خلال المادة 15 من القانون رقم: 15 لسنة 2004 عندما أقر مبدأ عاما مفاده أن الكتابة المطلوبة باعتبارها ركنا في العقد تتحقق مع الكتابة الالكترونية، كما أقر هذا المبدأ كل من القانون الأردني للمعاملات الالكترونية ، والمشرع المغربي في الفصل 1-417. من ق.ل.ع.
وهكذا وكخلاصة لما سبق، وبعد أن سوى المشرع بين الوثيقة المحررة على الورق والوثيقة الالكترونية من حيث الإثبات، شريطة أن تتوافر في هذه الأخيرة مجموعة من الشروط والتي سبقت الإشارة إليها، وبعد أن تم التوصل إلى أنه ليس هناك ما يمنع من إجراء البيوع العقارية من خلال المحررات الالكترونية ما دامت هذه الأخيرة ستمكننا من التعرف على الشخص الذي صدرت عنه، ومعدة ومحفوظة وفق شروط تضمن سلامتها، وتحمل توقيعا مؤمنا كما يمكن إضفاء صفة الرسمية عليها بإجرائها أمام الموثق المختص بتلقي العقود وهو في هذه الحالة السلطة الوطنية لاعتماد ومراقبة التصديق .
الفصل الثاني: الآثار القانونية لشكلية الكتابة في البيوع العقارية
إذا كان الأصل في انعقاد البيع هو الرضائية، حيث يقوم العقد بمجرد توافق إرادة عاقدية، واتفاقهما على الشيء المبيع والثمن وجميع الشروط الأخرى التي ينبني عليها العقد، فإن المشرع المغربي ونظرا لخطورة بعض التصرفات وأهمية الحقوق المترتبة عنها، وحماية منه للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، أورد بعض الاستثناءات على المبدأ أعلاه من أهمها إقرار الكتابة كشرط انعقاد وصحة متى كان البيع عقارا، أو حقوقا عقارية، أو أي أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا، وذلك بمقتضى الفصل 489 من ق.ل.ع.
ومن ثم وجب أن يجري البيع كتابة في محرر رسمي أو ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد قانونا.
غير أن اعتبار كتابة البيوع العقارية من الشكليات الجوهرية لوجود عقد البيع وصحته لم يكن محط تأييد أو تسليم من كافة الفقهاء، وبالتالي فإن دراسته هذا الفصل لا تخرج عن نقطتين أساسيتين هما: التكييف القانوني لشكلية الكتابة في البيوع العقارية (المبحث الأول)، وحجية المحررات التي تفرغ فيها البيوع العقارية في الإثبات (المبحث الثاني).
المبحث الأول: التكييف القانوني لشكلية الكتابة من البيوع العقارية
اختلف الفقهاء في تحديد طبيعة الكتابة المنصوص عليها في الفصل 489 من ق.ل.ع، منهم من يرى بكونها مجرد شكلية للإثبات (مطلب أول) في حين يرى الاتجاه الثاني بكونها شكلية للانعقاد (المطلب الثاني) .
المطلب الأول: الرأي القائل بشكلية الإثبات.
يؤكد هذا الاتجاه على رضائية عقود بيع العقار وأن صيغة الوجوب التي جاء بها الفصل 489 من ق ل ع تعني أنه لا سبيل لإثبات البيوع العقارية بغير الكتابة الرسمية أو العرفية. دون أن يعني ذلك أن مبدأ رضائية العقود قد دخل عليه ركن الشكلية في التعاقد وإنما دخلت عليه أحكام الإثبات لحمايته وتنظيمه وذلك فيه ضمان لاستقرار المعاملات .
إن التفسير الصحيح للفصل 489 من ق.ل.ع يقضي الاعتماد على وجه الاستثناء على بداية الحجة بالكتابة المعززة بوسائل الإثبات المقبولة شرعا شريطة أن يقتنع القاضي بمبررات هذا الاستثناء أي أن يثبت لديه حصول البيع بالوسائل المقنعة بل ذهب إلى البيع الواقع على عقارات أو حقوق عقارية، وإذا كان هذا الاتجاه يقر بأن النص يشترط الكتابة فعلا فإنه يؤكد في نفس الوقت على أن النص المذكور لم يرتب صراحة عن عدم توفرها أي جزاء، وبالخصوص بطلان العقد بين الطرفين ، بل إن من الفقه من ارتأى إمكانية الاعتماد على مجرد الإقرار القضائي لإثبات البيع الواقع على العقار أو الحقوق العقارية .
و قد سار العمل القضائي المغربي في أغلبه ومنذ عهد الحماية وحتى الآن على تأويل الفصل 489 من ق ل ع. وفق توجه الرأي الفقهي أعلاه أي أعلى أن هناك بعض القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى ما وقع التمسك فيها برضائية عقد البيع المنصوص عليها في 488 من ق ل ع بما يفهم منه أن تخلف شكلية الفصل 489 من ق ل ع لا يؤدي إلى بطلان البيع في آخر المطاف.
من هذه الأحكام، يأتي القرار الصادر بتاريخ 02/04/1986 الذي جاء فيه “وحيث يطعن الطاعن على القرار خرقه لمقتضيات الفصول 418 و 488 و 489 من ق ل ع حينما ذهب إلى أن وثيقة البيع التي بنيت عليها الدعوى لا تنسجم مع أحكام الفصل 418 من القانون المذكور في حين أن البيع يتم بمجرد اقتران الإيجاب بالقبول ومحكمة الاستئناف عندما اشترطت أن يكون البيع محررا في وثيقة رسمية تكون قد خرقت صراحة مقتضيات الفصل 418 من القانون المذكور….كما أنه لا يترتب على مخالفة الفصل 489 من نفس القانون إبطال البيع بين البائع والمشتري وإنما تنعدم آثاره في مواجهة الغير الأجنبي لا أكثر. وهذا الأخير الوحيد الذي يحق له الاعتراض على العقد والتمسك بمقتضيات الفصل 489. وذلك لكي لا يحتج به في مواجهته إذا لم يتم إثباته في محرر ثابت التاريخ وتسجيله في السجل العقاري. ولأجل ذلك بكون القرار الصادر في المحكمة الاستئنافية قد خالف النصوص القانونية السابقة وعرض نفسه للطعن أمام المجلس الأعلى”
ونفس الاتجاه ثم تأييده في قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 25/07/1990 والذي جاء فيه “لما كان موضوع عقد البيع المبرم بين الطرفين هو 25 دقيقة من الماء التابع لعقار غير محفظ…فإن شهادة الشهود مع اليمين المتممة تكون كافية في الإثبات…ولا محل لتطبيق الفصل 443 من ق. ل.ع .
هكذا، وفي ختام دراسة هذه الرأي، يمكننا القول أن عدم إخضاع عقود اقتناء السكن لشكلية الكتابة من شأنه أن يقلل من الضمانات الحمائية للمتعاقد وخصوصا المشتري. وهو ما آمن به الاتجاه الداعي إلى إخضاع البيع العقاري لشكلية الكتابة والوقوف عند حرفية الفصل 489 من ق ل ع.
المطلب الثاني: الرأي القائل بشكلية الانعقاد.
يذهب أنصار هذا الرأي إلى اعتبار الكتابة المنصوص عليها في الفصل 489 من ق.ل.ع، شكلية انعقاد لا يقوم العقد إلا بقيامها .
ويبررون رأيهم هذا بوضوح دلالة الفصل 489 من ق ل ع، الذي لا يحتمل في نظرهم أي تفسير آخر إلا من باب التعسف . بل إن من أنصار هذا الرأي من يرى بتعميم إلزامية شكلية الكتابة سواء تعلق الأمر بالعقار المحفظ أو غير المحفظ . .
وبالرجوع إلى الأحكام القضائية، نجد كثيرا من قرارات المجلس الأعلى التي كرست هذا الرأي، من جملتها القرار الصادر عن الغرفة المدنية للمجلس الأعلى بتاريخ17-04-1983 الذي جاء فيه “إذا كان المبيع عقارا محفظا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت تاريخ، وإذا اختل هذا الركن فإن البيع لا يقوم” .
وفي قرار آخر قضى المجلس بكتابة البيع في محرر ثابت التاريخ، إذا كان المبيع عقارا .
كما ذهب من خلال قرار آخر إلى اشتراط علاوة على تراضي المتعاقدين إجراء البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، وهذا النص لا يمكن تأويله أو الاجتهاد فيه لصراحته ووضوحه .
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن المجلس الأعلى ذهب في قرار له بتاريخ 14/12/1978 إلى استبعاد شهادة اللفيف كوسيلة إثبات شراء العقار معللا ذلك بكون الفصل 489 من ق.ل.ع هو الواجب التطبيق .
وختاما، يمكن القول أن الكتابة المنصوص عليها في الفصل 489 من ق.ل.ع هي شكلية انعقاد، مبررين ذلك بكون كل من النظام القانوني لمصلحة الضرائب ومصلحة المحافظة العقارية يشترط لتسجيل عقود البيع العقاري سواء وقعت على عقار محفظ أو غير محفظ، أن تكون عقود البيع محررة في محررات كتابية.
ومن ثم، لا يمكن قيام البيع العقاري إلا إذا تم أفراغه في محرر رسمي أو ثابت التاريخ.
المبحث الثاني: حجية كل من الورقتين الرسمية والعرفية في الإثبات وطرق الطعن فيها
انطلاقا من حالة التعدد على مستوى المشهدين العقاري والتوثيقي، سواء من حيث الواقع أو التنظيم القانوني على الخصوص تترتب مجموعة من الآثار القانونية المرتبطة بالأساس بحجية كل من الورقتين الرسمية والعرفية في الإثبات (المطلب الأول) أو بطرق الطعن في هذه المحررات (المطلب الثاني).
المطلب الأول: حجية كل من الورقتين الرسمية والعرفية
الفقرة الأولى: حجية الورقة الرسمية
يشمل نظام تحرير عقود البيع الواردة على العقارات المحفظة في المغرب محررات ذات طابع رسمي، وهي الأكثر نظامية ودقة من أي ورقة من نظيراتها، فقد أخضعها المشرع المغربي لعديد من الشروط والضوابط القانونية التي تقيد تحريرها. وذلك لم يأت من فراغ وإنما لما تتمتع به تلك المحررات من حجية قوية في الإثبات سواء بين أطراف العلاقة التعاقدية، أو في مواجهة الغير. فالمحررات الرسمية انطلاقا من مقتضيات الفصل 419 ف.ل.ع تصبح حجة بذاتها دون حاجة إلى الإقرار بها، بل أكثر من ذلك تكتسب الصفة الرسمية التي تجعلها قرينة قاطعة لا يجوز إثبات عكسها إلا بتحريك دعوى الزور .
1- مدى حجية المحررات الرسمية:
نصت المادة 419 من القانون المدني المغربي على أن : “الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوثائق والاتفاقات التي يشهد بها الموظف العمومي الذي حررها لحصولها في محضره، وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور…” .
فإذا تم تحرير الوثيقة حسبما جاء في المادة 418 (ق.ل.ع)، وكانت الوثيقة سليمة من أي كشط أو محو أو تحشير أو غير ذلك من العيوب المادية، أصبح كل ما جاء فيها من بيانات حجة على الناس جميعا.
والحجية التي يكتسبها المحرر الذي تم على هذه الصورة لا يوهنها إلا الطعن بالتزوير، ولذلك قالت المادة 11 (قانون الإثبات المصري): “ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا”.
وقال الفصل 419 (ق.ل.ع) إلى أن يطعن فيها بالزور. ومعنى هذا: أن عبئ الإثبات يقع على مدعي التزوير، ولا يطالب المحتج بالمحرر بإقامة الدليل على صحتها .
2- حجية المحررات الموثقة عصريا:
انطلاقا من نص الفصل 419 من قانون الالتزامات والعقود يميز بخصوص حجية المحرر العصري بين:
* بيانات ذات حجية قاطعة في الإثبات حتى يطعن فيها بالزور ، وهي تلك التي يدونها المختص بناء على مشاهدته أو سماعه شخصيا كتاريخ الوثيقة ومكان توثيقها وأسماء المتعاقدين، وحضور الشهود والتوقيعات، فهذه بيانات يوكل إثباتها إلى الثقة التي وضعتها السلطات في الموثق، ولذلك لا يسمح لأحد أن يخرم هذه الثقة إلا أن يدعي أن المحرر من أصله مزور على لسان الموثق .
* وأيضا تلك البيانات التي وقعت من أصحاب الشأن بحضوره، وتتعلق بموضوع أو مضمون المحرر، بمعنى أن الأمر يتعلق بالبيانات الخاصة بهذه الورقة ذاتها ، وننظر إليها من ناحيتين:
– الناحية الأولى: تتعلق بالإدلاء بالبيانات أمام سمع وبصر الموثق، وهذه الناحية لا يسمح فيها بالطعن إلا بالتزوير، لأن إنكار الإدلاء بها إخلال بصدق وأمانة الموثق.
– الناحية الثانية: تتعلق بصدق البيانات في نفس الأمر، فرغم صحة الإدلاء بالبيانات أمام الموثق يمكن الادعاء بعدم صدقها في نفسها، ويتم هذا الإدعاء بإثبات عكس تلك البيانات بكل الطرق الممكنة، ولا مساس في ذلك بأمانة الموثق، وقد صرح بذلك الفصل 419 ق.ل.ع في فقرته الثانية فأتاح الطعن بالإكراه أو بالاحتيال أو بالتدليس أو يكون العقد الذي تم بين الأطراف أمام الموثق عقدا صوريا، أو بغير ذلك من العيوب التي تشوب التصرفات القانونية وأجاز إثبات ذلك بالشهادة وبالقرائن القوية دون الحاجة إلى الطعن بالتزوير ، وهي بيانات يمكن الطعن فيها بجميع وسائل الطعن، وإثباتها بجميع وسائل الإثبات ويتعلق الأمر بما صرح به الأطراف دون أن يتم بحضور الموثق خاصة ما يتعلق بموضوع العقد، كحدود العقار المبيع ونوعه ومساحته، وهل تم دفع الثمن أم لا إذا لم يكن قد تم بحضوره .
3- حجية المحررات الموثقة من طرف العدول.
لا يخفى علينا أن المحررات الرسمية التي يوثقها العدل قسمين أوبالا حرى ثلاثة أقسام مهمة، وهي المحررات الرسمية الأصلية، والمحررات الاسترعائية، وكذا المحررات العرفية .
– الشهادة الأصلية أو الوثيقة الأصلية:
انطلاقا من نص الفصل 418 ق.ل.ع أجمعت الآراء على أن الوثيقة الأصلية تعتبر حجة قاطعة، ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور نظرا لما توفره من ضمانات وهو الذي يكتبه العدول اعتمادا على ما يمليه عليهم المتعاقدون كأن يقول البائع “أشهد على أني بعت عقاري الفلاحي الموجود بالمكان الفلاني لهذا المشتري” فهو إذن الاتفاق الذي يميله الأطراف على العدول لكي يحصلوا على حجة كتابية تبقى شاهدا عليهم، وتحول دون وقوع نزاع بينهم في المستقبل، وإذا كان الإملاء المحرر الأصلي فتعابيره اللفظية من توظيف العدول .
إلا أنه يجب التمييز بين:
* بيانات صادرة عن العدول تنفيذا لضوابط وقوانين التوثيق ويتعلق الأمر بتلك الوقائع والتصرفات التي حدثت أمامهم، وهي بيانات حسب الفصل 418 ق.ل.ع تحوز حجية قاطعة ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور.
* بيانات يقوم العدلان بتدوينها في الرسوم بناء على قرارات وتصريحات الأطراف دون البحث عن مدى صحتها في الواقع، وهذه البيانات لا تكتسي الحجية القاطعة بل يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات العادية دون حاجة للجوء إلى دعوى الزور .
– المحرر الاسترعائي العدلي:
وهو شهادة العدلين بما في عملهما من خلال المجاورة والمخالطة والاطلاع على أحوال الناس، وهذه الشهادة يقوم بها عدلان ويسمى حينها المحرر استرعاء عدليا أما البيانات القانونية الواجب توفرها في المحررات العدلية فهي بيانات متعلقة بهوية الأطراف المتعاقدة، وقد نصت عليها الفقرة الأولى من الفصل الأول من المنشور الوزاري رقم: 14714،… وبيانات خاصة بالمشهود فيه أي محل التعاقد كالعقار مثلا.
وما هي إلا وثيقة يثبت في مضمونها ما حفظه الشهود وحصل لهم العلم به قبل التوثيق أي أنها تحرر استنادا إلى مرة العدل لقبلية الأشخاص المعنيين بها وليس بأخبارهم المسبق له، ويطبق عليها الشهادة العلمية.
وقد نادى بعض الفقهاء بنزع الحجية الإثباتية عن هذه الشهادة مرتكزا في ذلك على التغيير الحاصل بالنسبة لمفهوم العدل منذ صدور الظهير الجديد رقم: 03-16 المنظم لخطة العدالة .
– الشهادة أو المحرر اللفيفي:
فهي تعني شهادة عدد كبير من الناس لا تتوفر فيهم شروط العدالة المقررة التي يحصل بها العلم على وجه التواتر، وسميت باللفيف لاجتماع من يصلح للشهادة فيها ومن لا يصلح ، وقد جرى العمل بالاكتفاء بإثني عشر شاهدا في اللفيف، ويرى الفقيه الشيخ عبد القادر الفاسي أن اللفيف غير منظور فيه إلى العدالة وتحقيقها، بل هو مبني على التساهل، والتسامح ولكن لا بد فيه من توسم السلامة، مما يمنع الركون إلى شهادته، وقال عبد الله ابن الحاج، قاضي شفشاون على عهده: “شهادة من كان مستورا من العوام على طريق اللفيف عامله، جرى عمل القضاة بها، واقل ما يكتفي به العقد من ذلك اثنا عشر رجلا، إن لم يكن عند المشهود عليه مطعن فيهم بتجريح فإن كان عنده فيهم أو في بعضهم بشرب الخمر أو ترك الصلاة، كما ذكرتم وثبت ذلك فلا عبرة لشهادتهم ولو بلغ عددهم مئة. والله أعلم” .
ومن الصعب القول باعتبار شهادة اللفيف شهادة مطلقة، والمشرع المغربي لم يتعرض لقيمتها الإثباتية كما فعل بالنسبة للمحرر الرسمي، لذلك فبالرجوع إلى أحد قرارات المجلس الأعلى نجد أنه اعتبر اللفيف من حيث الشكل ورقه، رسمية ومن حيث المضمون مجرد شهادة، ويقصد بالشكل ما يتعلق بتوقيع العدول وخطاب قاضي التوثيق وتاريخ الشهادة، وبالتالي فهذه البيانات ترقى حجيتها إلى القطعية طبقا للفصل 419 ق.ل.ع .
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع قد نص في الفصل 423 من ق.ل.ع بخصوص القاعدة التي تقضي بمنح المحرر الباطل كمحرر رسمي قيمة المحرر العرفي إذ تضمن توقيعات الأطراف، فقد بين في ذات الوقت الحالات التي تطبق فيها هذه القاعدة وهي الحالة التي يفقد فيها المحرر الرسمي صفته الرسمية إما لعدم أهلية الموثق، وإما العدم اختصاصه أو عندما يشوب المحرر عيب في الشكل وهو ما يدفعنا إلى التساؤل حول حجية المحرر العرفي.
الفقرة الثانية : حجية المحررات العرفية:
ينص الفصل 424 من ق.ل.ع أن “الورقة العرفية المعترف بها ممن وقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و 420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد” .
فالأوراق العرفية تدخل في نظام التوثيق المغربي بقوة الورقة العرفية التي نص عليها الفصل 424 من ق.ل.ع الذي اعتبر قوة حجيتها نفس حجية الورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها مادام قد اعترف بها أطرافها . والمحررات العرفية لا تستمد حجيتها إلا من التوقيع، وصورها تخلو من هذا التوقيع، وينتج عن ذلك انعدام أية قيمة إثباتية لصور المحررات العرفية .
ويضاف إلى ذلك الفصل 425 من نفس القانون والذي نص على أن: “الأوراق العرفية دليل على تاريخها وبين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه…” .
ومن نص الفصل 424 يستفاد أن المشرع المغربي تناول حجية المحرر العرفي في شطرين، شطر خاص بحجية المضمون، وشطر خاص بحجية التاريخ المثبت في المحرر في مواجهة كل من المتعاقدين، والأغيار، والخلف عام وخاص، وكذلك الدائنين.
1- حجية الورقة العرفية في مواجهة المتعاقدين:
يتوقف اكتساب المحرر العرفي الحجية القانونية تجاه المتعاقدين على إقرارهم الصريح بما تضمنته من توقيعات وبيانات قد تكون بخط أيديهم، فإذا ما وقع نزاع قضائي بين الأطراف دون أن يشكك أحدهم في صحة التوقيع أو الخط المثبت في المحرر العرفي، فمجرد مناقشة مضمون الوثيقة بكل تفاصيله يعد اعترافا منهم بها، وإقرار صحيحا بوجودها .
يكون تاريخ المحرر العرفي المعترف به والذي استدل على صحته عقب إنجاز حجة إزاء العاقدين، فهو يضاهي بالنسبة لهما في قوته سائل البيانات الأخرى المضمنة في المحرر. ومن ثم إذا شكك أحد الطرفين في هذا التاريخ كان له أن ينقضه طبقا للقواعد العامة، حيث لا يسوغ إثبات ما يخالف حجة مكتوبة إلا بحجة مكتوبة. هذا ما لم يتعلق الأمر بالاحتيال حيث يسوغ هنا اللجوء إلى كافة وسائل الإثبات المتاحة .
وقد جاء في إحدى قرارات المجلس الأعلى أن: “للورقة العرفية قوة إثباتيه بين عاقديها، ما لم يتم إنكارها بصفة صريحة ووفق المقتضيات القانونية، ولا يعتبر عدم المصادقة على الإمضاء المثبت عليها موجبا لإبعادها، والقرار المستند على ذلك بكون فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه، وبالتالي فهو معرض للنقض” .
2- حجية الورقة العرفية في مواجهة الخلف.
جعل المشرع المغربي للمحرر العرفي حجية تجاه خلف المتعاقدين سواء منهم الخلف العام أو الخاص .
يفيد الخلف العام في العادة الوارث والموصى له بحصة من التركة شائعة (مثلا الثمن أو السدس…) أو مفرزة (متجر معين أو عقار بعينه)، ويقصد بالخلف الخاص من يكتسب من سلفه ملكية شيء معين بذاته أو أي حق عيني آخر على ذلك الشيء ,وأيضا من يؤول إليه حق عيني آخر على ذلك الشيء، وأيضا من يؤول إليه حق شخصي كان سلفه دائنا به من قبل .
فالخلف امتداد للسلف، ويعتبر ممثلا من جانب سلفه في كل العقود التي يبرمها، وسريان تاريخ المحرر العرفي على الخف العام أمر بديهي ومتوقع ، أما بخصوص نفاذ تاريخ التصرف الوارد في المحرر إزاء الخلف الخاص، فلا يخلو من فريضتين:
الأولى: أن يعلم الخلف الخاص بالقيد، وهنا ينفذ هذا القيد في مواجهته حتى عند عدم ثبوت تاريخ التصرف، وذلك مع العلم أن المبدأ هو عدم علم الخلف بهذا التاريخ، وعلى من يدعي العلم أن يبرهن على ما يدعيه وفقا للأحكام العامة.
الثانية: ألا يعلم الخلف الخاص بتاريخ المحرر العرفي المشتمل على القيد ، ولم يتمكن من يدعي عكس ذلك أن يبرهن على ما يدعيه، وفي هذه الفرضية لا يعتبر التاريخ نافذا في مواجهته إلا إذا كان ثابتا .
3- حجية الورقة العرفية في مواجهة الدائنين:
رغم أن الدائن لا يعتبر خلفا عاما أو خلفا خاصا لمدينه، فهو يتأثر بطريقة غير مباشرة بشتى التصرفات التي يبرمها هذا الأخير، فعند شراء المدين عقارا يتقوى الضمان العام لدائنه، وإذا باع عقارا ضعف ذلك الضمان وهكذا في بقية العقود التي تزيد في ذمته المالية أو تنقص منها. وجاء في الفصل 1241 من ق.ل.ع: “أموال المدين ضمان عام لدائنيه ويوزع ثمنها، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة كل واحد منهم، ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية” . ولكن ثبوت هذا الضمان طبقا للفصل السالف لا يسوغ أبدا للدائن حق الحجر على مدينه وذلك بمنعه من مباشرة التصرفات القانونية في أمواله بالطريقة التي يفضلها. لأجل هذا يسري التاريخ المضمن في الورقة العرفية إزاء الدائنين العاديين حتى فرض عدم ثبوته .
وقد استمد المشرع هذا المقتضى القانوني تحسبا من أي ضرر قد يقع فيع الدائن من جراء ما يقدم عليه مدينه من تصرفات قانونية قد تؤدي في أسوأ الحالات إلى ضياع حقه كاملا. ومن هنا أجاز المشرع لكل دائن إثبات حقه بجميع وسائل الإثبات، وقد يكون من ضمنها المحرر العرفي المعد للإثبات، لهذا فمن المنطق أن يواجه الدائن بالتاريخ المثبت في المحرر العرفي وحتى وإن لم يكن هذا الأخير ثابتا .
وللإشارة يشمل الغير بالنسبة لثبوت تاريخ الورقة العرفية: “الدائن الحاجز سواء كان المال المحجوز عليه منقولا أو عقار أو دينا لمدينه في ذمة الغير، إذ أن القانون يرتب على الحاجز حبس المال المحجوز ووضعه تحت يد القضاء على ذمة الدائنين الحاجزين حتى يستوفوا من ثمنه حقوقهم، أي أنه يرتب للدائن حقا خاصا على المال المحجوز فيعارض مع حق المتصرف إليه بالمحرر العرفي، ويجعل الدائن بذلك في مثل مركز الخلف الخاص فلا يحتج عليه بتاريخ ذلك المحرر العرفي ما لم يكن ثابتا بوجه رسمي .
وعليه فإنه يعتبر دائنا غير ساري في حقه تاريخ الوثيقة العرفية إلا إذا كان ثابتا ما يلي من الأفراد:
– الدائن العادي الذي تعلق حقه بالمال موضوع التصرف الذي أعد المحرر لإثباته، ويدخل في هذا القبيل الدائن، الحاجز والذي يتدخل في إجراءات التنفيذ.
– الدائنون المقيدون التالون في المرتبة للدائن الذي حل محله من قام بالوفاء له بالنسبة لتاريخ الاتفاق على الوفاء مع الحلول.
– الدائن المرتهن وصاحب الحقوق المقيدة الأخرى من وقت تسجيل نزع الملكية بالنسبة للمحررات العرفية المثبتة لتصرفات تتعلق باستغلال العقار الذي سجل نزع ملكيته.
4- حجية الورقة العرفية في مواجهة الأغيار:
الغير في هذا المقام هو كل شخص سوى العاقدين وخلفهما ودائنيهما، واللذين يحتج عليهم بتاريخ الورقة العرفية وفق ما سبق توضيحه .
وانطلاقا من الفصل 425 من ق.ل.ع فإن تاريخ الورقة العرفية لا يسري في حق الغير، إلا إذا كان ثابتا إمعانا من المشرع في حمايته، فإذا لم يكن للورقة العرفية تاريخ ثابت فلا يكون له حجة على الغير والذي يعتبر ذلك التاريخ غير موجود بالنسبة إليه من أساسه .
وطبقا للفصل 425 من ق.ل.ع. يثبت تاريخ الورقة العرفية من خلال الوقائع الآتية:
أ- من يوم تسجيل الورقة العرفية سواء في المغرب أو الخارج.
ب- من يوم إبداع الورقة العرفية بين يدي موظف عمومي.
ج- من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت إذا كان من وقع الورقة بصفته متعاقدا أو شاهدا قد توفي.
د- من يوم التأشير على الورقة من قبل موظف مأذون له بذلك أو من قبل خاص سواء في المغرب أو خارجه .
هـ – ثبوت الورقة العرفية الناتج عن أدلة أخرى قاطعة .
وكخلاصة يمكن القول أن هذه الأوراق العرفية تدخل في نظام التوثيق المغربي بقوة الورقة العرفية التي أقرها الفصل 424 من ق.م.ل. الذي اعتبر قوة حجيتها نفس حجية الورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها مادام قد اعترف بها أطرافها، ومن بين الامتيازات التي تحظى بها هذه الورقة على حساب الورقة الرسمية رغم سلبيتها سرعة الإنجاز وبساطة التكلفة، وسهولة الإجراءات…ولكن هذه الامتيازات لا تحمل دائما الراحة والاطمئنان للمتعاقدين، وإنما تكون في أغلب الأحيان أوراق خالية من أي إثبات خاصة أمام القضاء الذين يبين عيوبها ومكامن خللها وعلى الخصوص عندما يقع النزاع بشأنها حيث يتم استبعادها إذا كان أطرافها أو أحدهم لا يعرف الكتابة والقراءة، وهذا ما يؤثر سلبا على تصرفات المواطنين العقارية التي غالبا ما تكون خارجة على نطاق القانون وتساهم في انتشار ظاهرة السكن العشوائي والبناء غير الصحي، فهي بهذا الاعتبار تعتبر وثيقة مهزوزة .
المطلب الثاني: طرق الطعن في الأدلة الكتابية:
سبق العلم في هذا البحث أن المحرر الرسمي لا يطعن فيه إلا بالزور، وأن المحرر العرفي يطعن فيه بالتزوير وإنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو بصمة الأصبع، ومنه فإن دعوى التزوير يلجأ إليها في المحررات الرسمية والعرفية، أما دعوى الإنكار فإنها لا تتعلق إلا بالمحررات العرفية.
– الفقرة الأولى: دعوى التزوير في المحررات الرسمية والعرفية:
التزوير هو: “تغيير الحقيقة عمدا في الكتابة تغييرا مضرا بالغير والتزوير قد لا يحتاج فيه إلى إقامة دعوى، وقد يحتاج فيه إلى إقامتها، فإما أن يدعي من يحتج عليه بالمحرر أنه مزور، وإما أن تقتنع المحكمة نفسها بأن المحرر مزور دون أن يدعى أحد إمامها أنه مزور، والحالتان معا تناولتهما…الفصول من 89 إلى 102 من المسطرة المدينة . والذي يدعي تزوير المحرر هو الذي يتحمل عبئ إثبات التزوير، وليس المتمسك بالمحرر. والتزوير مسألة خطيرة قد تنقلب على مدعيه إذ لم يستطع إثباته بخلاف الورقة العرفية التي يكفي لاستبعادها من قبل القضاء أن ينكر من يحتج بها ضده أن تكون قد صدرت منه أو أن يكون قد وقع عليها في حالة كتابتها من طرف الغير .
وعليه فتزوير المحرر، يعني قيام أحد الأشخاص، مثلا، بتقليد توقيع شخص آخر مما يعني أن التوقيع ذاته مختلف عن التوقيع الخاص بصاحبه وذلك لأن التوقيع المقلد لا يمكن أن يكون بنفس خصائص التوقيع الأصلي وبالتالي لا يمكن أن يكون مماثلا معه .
وإجراءات الدعوى تتم بكتابة تقرير في كتابة الضبط يبين فيه مواضع التزوير المدعى بها، ويعلم خصمه في ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة فيها شواهد الزور وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها. فإن لم يفعل جاز للمحكمة أن تحكم بسقوط دعواه، وعلى المدعي تسليم المحرر المدعى بتزويره إن كان تحت يديه أو صورته المعلنة إليه إلى كتابة الضبط، فإن كان المحرر في حوزة المحكمة أو بيد الكاتب وجب إيداعه بكتابة الضبط، وكذا إن كان بيد الخصم، فإن امتنع الخصم عن تسليمه وتعذر ضبطه اعتبر عدما. وإذا صدر الحكم بالتحقيق توقفت صلاحية المحرر للتنفيذ دون إخلال بالإجراءات المبنية على هذا المحرر لاحتمال صدور الحكم بصحته. وإذا تنازل المدعى عليه بالتزوير عن التمسك بالمحرر المطعون فيه، وجب وقف المرافعة في التزوير وحينئذ تأمر المحكمة بضبط المحرر أو بحفظه إذا طلب مدعي التزوير ذلك لمصلحة مشروعة.
أما إذا لم يدع أحد تزوير المحرر، ولكن والمحكمة قد تقتنع بأنه مزور فملخصها أنه يجوز للمحكمة أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا تجلى لها من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور، ولكن يجب عليها حينئذ أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك .
الفقرة الثانية: دعوى الإنكار في المحررات العرفية:
إذا أنكر من احتج عليه بمحرر عرفي خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه أو حلف وارثه أو خلفه على أنه لا يعلم بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لموروثه، وكان المحرر منتجا في النزاع وتبين للمحكمة صحة الورقة أو تزويرها، حكمت بما تبين لها من الصحة أو عدمها دون أن تأمر بالتحقيق. والمحكمة غير ملزمة بالتحقيق بل لها سلطة تقديرية كاملة في إجراء التحقيق أو عدمه، وإذا لم تكف المستندات في تكوين عقيدة المحكمة… أمرت حينئذ بالتحقيق، وهذا كله مأخوذ من الفصل 89 مسطرة وإذا أصدرت المحكمة حكما بإجراء التحقيق، فالتحقيق يتم بالمضاهات أو بسماع الشهود أو بكليهما .
1- التحقيق بالمضاهات: إذا أمرت المحكمة بالمضاهاة فإن كتابة الضبط تضاهي الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع التي حصل إنكارها على ما هو ثابت لمن يشهد عليه المحرر من خط أو إمضاء أو بصمة أصبع (الفصل 90 مسطرة) .
2- التحقيق بسماع الشهود: وسماع شهادة الشهود هنا محصور في الواقعات التي تثبت حصول الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة ممن نسبت إليه على المحرر الجاري تحقيقه، ولا يقبل سماع الشهود على ما تضمنه المحرر من الحقوق والالتزامات .
وإذا حكم بصحة المحرر كله. حكم على منكرة بغرامة من مائة إلى ثلاثمائة درهم (الفصل 91 مسطرة) .
الخاتمة:
وفي الختام يمكن لنا أن نخلص إلى أن الرهان الأكبر في ظل الثغرات والإشكالات التي يطرحها تعدد أنظمة التوثيق من توثيق عصري وتوثيق عدلي وآخر عرفي يبقى هو التكامل المنشود فيما بينها خصوصا وأن المشرع المغربي دشن لمرحلة جديدة حتمت عليه اعتماد مبدأ تكريس حماية المتعامل على العقارات بشكل معمق وذلك عن طريق تدرجه نحو ترسيم التصرفات العقارية سواء تعلق الأمر بالعقارات المحفظة أو غير المحفظة أو من خلال مسألة تحديث وعصرنة هذه القوانين وخلق الانسجام والتناسق بينها وبين التشريعات العقارية الحديثة ولعل التنوع الحاصل في المحررات التي توثق التعاملات الواقعة على العقارات التي هي من صميم النظام العام، لها من الإيجابيات ما يفيد المتعاقدين بالقدر الكافي، ولكن المتعاقدين كثيرا يجنحون إلى ما هو أبخس ثمنا، وهو ما يجعل الوثائق المتعامل بها وخصوصا العرفية منها مهزوزة، والحقوق التي تتضمنها في مهب الريح.
وما يمكن استخلاصه من ثنايا هذا البحث هو ما يلي:
– أن قانون الالتزامات والعقود فرض الشكلية في البيوع العقارية ونفس الشيء جاءت به القوانين العقارية الخاصة، وكذلك القانون رقم: 05-53 المتعلق بتبادل المعطيات الالكترونية.
– أن المشرع حدد المرخص لهم بتحرير العقود العقارية، ومع ذلك فإن هناك جهة غير مرخص بكتابة نوع من العقود العقارية التي هي العقود العرفية وهذه الجهة هم الكتاب العموميون.
– أن فئة العدول تدخل ضمن فئة محرري العقود الرسمية ولكنها تحتاج إلى تكوين في الميدان القانوني حتى يكون عملها متصفا بالكمال.
– أن الاختلاف حول كتابة أو عدم كتابة البيوع العقارية تحسمه مصلحة الضرائب، ومصلحة تسجيل العقود حيث يستحيل تسجيل عقد شفوي.
– أن عدم كتابة البيع العقاري لا يبطل البيع في حد ذاته، وإنما لا يمكن الاحتجاج به ضد الأغيار.
– أن المحرر الرسمي له حجية قاطعة على المتعاقدين والأغيار ولا يوهن ذلك إلا الطعن بالزور.
– أن المحرر الرسمي عند انتفائه لشرط من الشروط التي تجعله رسميا، يتحول إلى محرر عرفي.
– أن المحرر العرفي له نفس القوة القانونية للمحرر الرسمي عند تحقيقه الشروط المحدد قانونا.
– أن هذه المحررات تمارس ضدها طريقتان للطعن حيث يطعن بالزور في المحررات الرسمية والعرفية ويطعن بالإنكار في المحررات العرفية فقط.
وعليه، فإن هذا الموضوع المتناول في هذا البحث المتواضع هو موضوع فضفاض وشاسع ويطرح مجموعة من الإشكاليات التي لا يسع المجال لاحتوائها في بحث من هذا الحجم.
قائمة المراجع
1- التوثيق والإثبات بالكتابة في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، محمد جميل ابن مبارك مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء المطبعة الأولى 2000م.
2- عقد البيع وقانون التحفيظ العقاري بالمغرب، محمد الحياني، مطبعة ووراقة الكتاب فاس الطبعة الأولى يناير 1994.
3- محمد لشقار، الحماية القانونية للمشتري في عقود اقتناء السكن، رسالة لنيل دبلوم الماستر كلية الحقوق طنجة 2010/2009.
4- جميلة العماري، الوجيز في عقد البيع، مطبعة سليكي إخوان طنجة، دجنبر 2009.
5- محمد الكشبور، بيع المريض مرض الموت، قراءة في قرار المجلس الأعلى الطبعة الأولى 2002.
6- رضوان مفتاح، قراءة لمفهوم الكتابة والتسجيل من خلال الفصل 489 ق.ل.ع. ندوة جهوية بسطات أبريل 2007.
7- عبد السلام العسري، توثيق التصرفات العقارية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد23 الطبعة الثانية.
8- محمد ابن أحمد بونبات العقود على العقارات، سلسلة آفاق القانون عدد رقم:14 سنة 2006.
9- عبد المجيد بوكير، التوثيق المغربي واقع وآفاق، أشغال ندوة وطنية بتازة بكلية الحقوق، نشر وتوزيع دار السلام الرباط، الطبعة الأولى 2010.
10- محمد ووفلوسن. النظام القانون للتسجيل العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر كلية الحقوق طنجة سنة 2009/2008.
11- عبد العزيز كيان، حماية المستهلك في بيع العقار في طور الإنجاز رسالة لنيل دبلوم الماستر، جامعة سيدي محمد ابن عبد الله سنة 2006/2005.
12- غزلان الشفاعي، المعاملات العقارية بين ظاهرة انتشار المحررات العرفية وضمان المحررات الرسمية، رسالة لنيل دبلوم الماستر كلية الحقوق، طنجة سنة 2011/2010.
13- عبد القادر لشقر، التوثيق المغربي واقع وآفاق، أشغال ندوة وطنية بتازة أبريل 2008 الطبعة الأولى 2010.
14- محمد بونبات، تحرير العقود العقارية في نطاق التشريعات 18.00و 44.00 و 51.00 سلسلة آفاق القانون رقم:15 سنة 2007. الطبعة الأولى.
15- فدوى العماري، الضمانات القانونية في بيع العقارات في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الحقوق، وجدة السنة الجامعية 2005/2004.
16- سعيد الوجدي الحماية القانونية لمشتري العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص…
17- نور الدين الناصري، المعاملات والإثبات في مجال الاتصالات الحديثة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة عدد 12 سنة 2007.
18- د.حسن المسؤول، الوثيقة العدلية بين الاستمرارية والزوال، مقال منشور في التوثيق المغربي واقع وآفاق، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2010.
19- محمد زعاج، أثر تعدد التنظيمات العقارية والتوثيقية على الوضعية العقارية بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الماستر، كلية الحقوق طنجة السنة الجامعية 2009/2008.
20- إدريس فجر، فعالية نظام توثيق التصرفات العقارية بين التوحيد والتنوع، مقال منشور ضمن مجلة الأملاك، العدد الثاني 2007.
21- محمد كبوري، توثيق المعاملات الواردة على العقار المحفظ في المحررات العرفية لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، السنة الجامعية 04/2003.
22- عبد الحفيظ مشمي، توثيق التصرفات العقارية في ظل القوانين الخاصة، أشغال ندوة جهوية بولاية الشاوية ورديغة، أبريل 2007.
23- محمد الخضراوي، إشكالية توثيق التصرفات العقارية ومتطلبات التنمية، مقال ضمن مجلة البحوث القانونية العدد 7 السنة الرابعة 2007.
24- عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مكتبة دار السلام، الرباط، الطبعة الثانية 2010.
25- بشرى عويمر، انظمة التوثيق ومدى كفايتها لحماية التصرفات العقارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر، كلية الحقوق طنجة 2008/2007.
26- خالد ممدوح إبراهيم. إبرام العقد الالكتروني، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية الطبعة الأولى 2008.
27- علي الرام، بيع العقار في طور البناء على ضوء أحكام القانون المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في قانون الأعمال، كلية وجدة، السنة الجمعية 2004.
28- محمد الكشبور، محررات الموثقين وحجيتها في الإثبات في التشريع المغربي، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية عدد 19 سنة 1989.
29- عبد الله الشرقاوي (صحافي) شهادة اللفيف عند العدول على الموقع:
ATTP: cherkaoui2006.maktooblog.com
30- محمد الكشبور، بيع العقار بين الرضائية والشكلية دراسة في أحكام الفقه الإسلامي وفي القانون الوضعي، وفي مواقف القضاء. مطبعة النجاح الجديد 1997.
31- عبد السلام البوريني، ضمانات الوثيقة العدلية في توثيق التصرفات العقارية، مقال ضمن سلسلة توثيق التصرفات العقارية. العدد 23 الطبعة الثانية.
32- محمد محروك، مظاهر التقاطع والتكامل بين المحررات العادية والمحررات الالكترونية وفق القواعد العامة والقانون 05/53. مقالة ضمن مجلة الأملاك العدد رقم:6 السنة 2006.
33- عبد الحق صافي، العقد الكتاب الأول، تكوين العقد.
34- حنان انتيفي، حجية التوقيع الالكتروني في الإثبات، رسالة لنيل دبلوم الماستر كلية الحقوق، طنجة السنة الجامعية 2008/2009.
35- عبد الرحمن بلعكيد، وثيقة البيع بين النظرية والعمل، طبعة 2001.
36- ذة. سعاد الزروالي، مبدأ تخصيص الرهن الرسمي في التشريع العقاري المغربي، مقاربة قانونية وقضائية، منشورات سلسلة الدراسات والأبحاث، دار الآفاق المغربية، الدار البيضاء، العدد الأول2009.
37- محمد الرايسي، الإيجار المفضي إلى تملك العقار، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية الحقوق الرباط، السنة الجامعية 2006/2005.
38- الدكتور محمد الربيعي، محاضرات في مادة التوثيق، الأحكام الخاصة بالموثق وبالمحررات الصادرة عنه، السنة الجامعية 2006/2005.
39- جيلالي بوحبص، قراءات في القانون العقاري وقانون البناء، دار الآفاق المغربية، 2009.
40- مجلة الأملاك، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، العدد المزدوج السادس 2009.
blogspot.com