فوارق اجتماعية هائلة وراء ارتفاع معدّلات الجريمة
2.1 جريمة لكل 100 ألف نسمة، هو معدّل انتشار الجريمة في المغرب، حسب التقرير الأخير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وهو رقم يبيّن تصاعد الجرائم في المغرب، ما يطرح السؤال حول أسبابها.
رشيد المناصفي، الخبير المغربي في علم الإجرام وعلم النفس، يرى أن هناك أسبابا متعددة ومتقاطعة لارتفاع نسبة الجريمة في المغرب، تتعلق بالأساس بالهدر المدرسي، وفشل الحكومات المتعاقبة في توفير فرص الشغل للمواطنين، وخاصة الشباب، وتساهل السلطات مع مروجي المخدرات، وضعف الأجهزة الأمنية.
وبالرغم من أنّ الأسباب سالفة الذكر كلها تؤدي إلى ارتفاع نسبة الجريمة، فإن المناصفي يشدد على أنّ أكبر سبب يدفع الجانحين إلى ارتكاب أفعالهم هو البطالة، قائلا: “حين يكثر الإجرام فهذا مؤشر على غياب النمو الاقتصادي، وهذا ما يحصل اليوم في المغرب”.
وانتقد الخبير المغربي المقيم في السويد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، السياسات الحكومية المتبّعة في مجال تدبير الشأن العام في المملكة، حتى بعد الحَراك الاجتماعي الذي شهده المغرب سنة 2011، حيث اعتبر أن رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، “فشل، وباع الكلام الشعبوي للمغاربة، ورئيس الحكومة الحالية أيضا فاشل في الاستجابة لانتظارات المغاربة”.
وتساءل المناصفي “كيف يمكن للمواطن المغربي أن يعيش بالحد الأدنى من الأجور المعمول به حاليا، الذي لا يكفي حتى لاستئجار شقة صغيرة، فكيف لربّ أسرة يعمل بهذا الأجر أن يوفر أبسط الحاجيات الضرورية لأسرته”.
المناصفي ربط أيضا انتشار الجريمة بالفساد، الذي قال إنه مستشْر في المغرب، وهو ما يضر باقتصاد الدولة، ويحُول دون تحقيق النمو الاقتصادي، وكذا ارتفاع أجور الوزراء ومسؤولي الدولة، التي تفوق بأضعاف مضاعفة أجور الموظفين والمستخدمين، مبرزا أنّ هذه العوامل كلها تؤدّي إلى فوارق اجتماعية هائلة تفرز بدورها اختلالات في المجتمع، من أبرز تمظراتها انتشار الجريمة.
ثمّة عامل آخر يرى الخبير المغربي المتخصص في علم الإجرام أنه يساهم في ارتفاع الجريمة، وهو ضعف حكامة الأجهزة الأمنية، وضعف التكوين الذي يتلقاه أعوان الأمن، وكذا الظروف الاجتماعية التي يعيشونها، والتي تؤثر على نفسياتهم وتحدّ من فعاليتهم في الميدان، مضيفا أنّ مسؤولية انتشار الجريمة لا يمكن إلقاؤها على عاتق المؤسسة الأمنية وحدها، “لأن سببها هو فشل المؤسسات والأجهزة الأخرى”.
وجوابا على سؤال حول ما إذا كانت المقاربة الأمنية وحدها كفيلة بمحاربة الجريمة، قال المناصفي إن “الحد من انتشار الجريمة يتطلب سياسة شاملة، حيث يتعين على الحكومة ضمان التعليم الجيد للمواطنين، على الأقل إلى حدود الباكالوريا، وتوفير فرص العمل لهم، ورفع قدرتهم الشرائية إلى المستوى المطلوب، وتخفيض أجور المسؤولين المرتفعة، ومحاربة الفساد”.
وحذّر الخبير المغربي في علم الإجرام من العواقب الوخيمة لارتفاع نسبة الجريمة على مستقبل المغرب، قائلا إن “كثرة الجريمة تخلق الخوف لدى المواطنين، وهذا يؤدي إلى فوبيا في صفوف المجتمع، والمجتمع الذي يعاني من أمراض نفسية لا يمكن أن يتقدم”. hespress.com