قانون الاعمال والقانون التجاري
تـقــديـم
عرفت الولاية التشريعية لحكومة التناوب غزارة في إصدار القوانين نتيجة للتحولات الكبرى والأحداث المتسارعة التي يعرفها العالم .وقد استحوذت القوانين المنظمة للتجارة حيزا هاما منها لا لان التجارة تعد العصب الرئيسي للاقتصاد والمحرك الأساسي لعملية الإنتاج والتوزيع والدعامة الأساسية للحفاظ على السيادة الوطنية فقط بل إن الموجة العولمية للتجارة وتركيز الأموال أفرزت تحديات كبرى خصوصا بالنسبة للدول الفقيرة بشكل يهدد اقتصادياتها وسيادتها مع احتدام المنافسة على الأسواق وتنامي نفوذ الشركات المتعددة الجنسيات وغزوها لأسواق الدول النامية مع ما تعرفه هذه الأخيرة من هشاشة الهياكل الاقتصادية يسهل اكتساحها .
ووعيا من المشرع المغربي بجسامة هذه التحديات فقد عمد إلى إصدار مجموعة من النصوص القانونية تنظم الميدان التجاري وفق مقاربة يطغى عليها هاجس حماية النظام العام الاقتصادي وتأهيل البنيات الاقتصادية من جهة والاستجابة للضغوط المتزايدة لفتح السوق الوطني بناءا على اتفاقيات التي وقع عليها المغرب سواء منها اتفاقية الغات GAT واتفاقية التبادل الحر المبرمة من الولايات المتحدة الأمريكية واتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي .
كما تهدف هذه النصوص الجديدة إلى سد الفراغ القانوني الذي فرضتة التحولات والتطورات الاقتصادية ومواكبة منه لباقي التشريعات المقارنة وبالخصوص التشريع الفرنسي الذي يعد مصدرا تاريخيا للقانون المغربي .
وحرصا من المشرع على حسن تطبيق هذه النصوص واحاطتها بالدعم الزجري اللازم من نص ضمن هذه القوانين على عقوبات مدنية وأخرى جنائية ضد المخلين بها .مع اتسامها بالتساهل في بعض المقتضيات والتشدد في أخرى مما يطرح التساؤل حول مدى شمولية المقاربة التي طبعت إصدار هذه القوانين مما يستوجب تكوين تصور شامل ومقاربة متوازنة تستفيد من الاجتهادات التشريعية الأجنبية وتتلاءم مع البنيات الوطنية في توازن تام مع المصلحة الاقتصادية الوطنية من جهة ومصلحة الفاعلين الاقتصاديين من جهة ثانية ومصلحة المواطنين من جهة أخرى.
ونحن إذ نحاول في هذا البحث لم شتات هذه المقتضيات الجنائية نكون بصدد تشييد لبنة أولى في صرح القانون الجنائي للأعمال الذي أخد يعرف طريقه للتدريس بالمعاهد والكليات القانونية ببلادنا في انتظار سن قانون جنائي للأعمال بالمغرب في شكل قانون موحد ومستقل أسوة بالتشريعات المقارنة وذلك لتسهيل الرجوع الى هذه النصوص وخلق انسجام بينها وفق تصور شمولي يعكس الرغبة في تنظيم القطاع وتخليصه من كل الشوائب والعراقيل التي تعيق تطوره أو تهدد استقراره .
وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على مدونة التجارة لسنة 1996 ومجموعة من النصوص الأخرى التي صدرت متزامنة معها أو بعدها ( قانون الشركات –قانون الملكية الصناعية والتجارية –قانون المنافسة وحرية الأسعار ).
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام ندرة المراجع القانونية في هذا المجال وهذا راجع إلى حداثة سن هذه القوانين وندرة الأحكام القضائية بخصوصها وعدم تبلور رؤيا واضحة لمفهوم القانون الجنائي للأعمال في الوسط القانوني المغربي .
وتجنبا للإطالة نرجئ الحديث عن هذه النصوص إلى حينه مع إبراز أهمية كل منها والتدابير الجنائية المقررة لحمايتها .
وسنقسم البحث في موضوع الحماية الجنائية للأنشطة التجارية وفق الشكل التالي :
القسم الأول : الحماية الجنائية للأنشطة التجارية في ضل مدونة التجارة .
القسم الثاني : الحماية الجنائية للأنشطة التجارية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .
0 التعليقات :: رابط
مقدمة القسم الأول : الحماية الجنائية المقررة بمقتضى مدونة التجارة .
2006/11/26
القسم الأول : الحماية الجنائية المقررة بمقتضى مدونة التجارة .
يندرج القانون رقم 95-15 المتعلق بمدونة التجارة ،ضمن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والقانونية التي شهدها مؤخرا ،وما فتئ يشهدها إلى الآن .الوضع الاقتصادي المغربي ابتداءا من سنة 1983 تاريخ اعتماد السلطات المختصة في بلدنا برنامج التقويم الهيكلي ،الرامي إلى إعادة إقرار توازن مالية الدولة عن طريق الحد من عجز ميزان الاداءات ،وإلى إضفاء طابع تنافسي وتحريري على الاقتصاد الوطني وعلى التجارة الداخلية والخارجية بوجه خاص ،وإلى إعطاء المبادرة للقطاع الخاص ليقوم بالدور المنوط به في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد(1)
وقد حرصت جل التشريعات بمختلف مشاربها كل الحرص على أن تراعي قدر الامكان في صياغة المقتضيات القانونية التي تحكم التجارة والمعاملات التجارية كافة الاعتبارات والشروط التي من شأنها توفير الحماية الكافية لمختلف الأطراف الفاعلة في الحقل التجاري وتمكين السلطات العمومية من بسط مراقبتها على سائر الأنشطة الاستثمارية ولاسيما تلك التي تتسم بالحيوية
وقد رتب المشرع المغربي في مدونة التجارة لسنة 1996 ،عدة عقوبات جنائية كجزاء على الإخلال بهذه المقتضيات ،ولقد سمح تعدد الجرائم والعقوبات التي تضمنتها هذه المدونة بالإعفاء من الإحالات على ظهير 26 نونبر 1962 المتعلق بالقانون الجنائي المغربي ،خلافا لما كان عليه الأمر في ضل القانون التجاري الملغى لسنة 1913 .
ودراستا لهذه الجرائم والعقوبات الجنائية الواردة في مدونة التجارة تدخل في إطار ما يعرف بالقانون الجنائي للأعمال Droit pénal des affaires حيث وضع المشرع المغربي مقتضيات جنائية خاصة بالتجار سواء كانوا أشخاص طبعين أم إعتبارين .
وسوف نتناول مختلف حالات الجزاء الجنائي المتضمن في مدونة التجارة من خلال الفصول التالية :
الفصل الأول : جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار .
الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك كورقة تجارية .
الفصل الثالث : الجزاءات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة .
1-( امحمد) الفروجي * التاجر وقانون التجارة بالمغرب * الطبعة الثانية النجاح الجديدة – الدار البيضاء 1999
0 التعليقات :: رابط
الفصل الأول : جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار
2006/11/26
الفصل الأول : جزاء مخالفة الالتزامات المفروضة على التجار .
من أهم الآثار المترتبة على واقعة اكتساب صفة تاجر ،خضوع التاجر للواجبات المهنية المفروضة على التجار .
وهكذا يلتزم التاجر بالتسجيل في السجل التجاري ،لكي يتسنى للاغيار الإطلاع على مركزه القانوني والمالي ،ويلتزم كذلك بمسك محاسبة منتضمة وبالمحافظة على المراسلات التي يصدرها إلى مختلف عملائه وتلك التي ترد إليه منهم ،وبالتعامل بالشيك والفاتورة واحترام قواعد المنافسة ،وكذلك الالتزام باحترام القواعد المتعارف عليها لدى أوساط التجار وأرباب الحرف ،كما يلتزم التاجر بدفع الضرائب والالتزامات المنضمة بنصوص مدونة التجارة لسنة 1996 ويتعلق الأمر بالالتزام بالتسجيل التجاري . ( المبحث الأول ) والالتزام بمسك محاسبة منتضمة ( المبحث الثاني).
المبحث الأول : الجزاءات المقررة ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري .
نظرا لما يوفره السجل التجاري من خدمات لجمهور المتعاملين مع التجار ،هذه الخدمات التي تتجلى في تقديم المعلومات عن المركز القانوني والملي للتاجر (الشخص الطبيعي أم الاعتباري ) ،ودور ذلك في إشاعة الثقة والائتمان بين التجار والمتعاملين معهم . لهذه الاعتبارات وغيرها تدخل المشرع بفرض مجموعة من الجزاءات ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري في المواد من 62 إلى 68 من الكتاب الأول ،وتنقسم هذه الجزاءات إلى ما هو مقرر ضد مخالفة الالتزام بالتسجيل ( المطلب الأولى ) وماهو مترتب عن الإدلاء عند التسجيل ببيان غير صحيح ( المطلب الثانية ) .
وفيما يلي دراسة لهذه الجزاءات :
المطلب الأولى Û الجزاءات المترتبة عن مخالفة الالتزام بالتسجيل في السجل التجاري .
يعاقب بغرامة من 1000 إلى 5000 درهم ،كل تاجر أو مسير أو عضو من أعضاء أجهزة الإدارة أو التسيير لشركة تجارية وكل مدير لفرع أو وكالة أو مؤسسة أو لشركة تجارية ملزم بالتسجيل في السجل التجاري ،إن لم يطلب التقييدات الواجبة في الآجال المنصوص عليها ( المادة 62 مدونة التجارة ) . وتطبق نفس العقوبة في حالة عدم مراعاة مقتضيات المادة 39- أي عند قيام الملزم بالتسجيل بصفة رئيسية بالتسجيل في عدة سجلات محلية أو في سجل محلي واحد تحت عدة أرقام .
غير أن الفقرة الثانية من المادة 63 تعطي الملزم بالتسجيل أجل مقداره شهرين لاستدراك التقييد المغفل ،فإذا لم يتم ذلك تقضي المحكمة بغرامة جديدة ،وإذا تعلق الأمر بفرع أو وكالة أجنبية فالمحكمة تأمر بالإضافة إلى الغرامة بإغلاقه إلى أن ينصاع إلى الأمر .
وقد اكد القضاء أن تطبيق الغرامة على المخالفة لإجراء القيد يتوقف على توجيه إنذار من طرف الإدارة ،وبالتحديد من الوزير المكلف بالتجارة أو الشخص الذي يفوض إليه ذلك بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتسليم ،وانصرام شهر بعده . ( 1 )
وقد يثور السؤال حول ما إذا كانت هذه العقوبة تطبق فقط في حالة عدم القيام بالتقييد في السجل التجاري أم تشمل حتى تلك التقييدات اللاحقة الواجب إجراؤها ،أي التقيدات المعدلة ؟
يجمع الفقه على أن تطبيق العقوبة المقررة ضد الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري الذين لا يطلبون إجراء التسجيل داخل الآجال القانونية المحددة لذلك يشمل كذلك التقيدات اللاحقة الواجب إجراؤها . بل إن من الفقه من يذهب إلى أن العقوبة الواردة في المادة 62 تطبق أيضا عند عدم طلب تشطيب التسجيل من السجل التجاري .
ويصدر الحكم بالغرامة عن المحكمة الموجود بدائرتها المعني بالأمر وذلك بطلب من القاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري .بعد الاستماع إلى المعني بالأمر أو استدعائه بصفة قانونية . وإذا كانت مدونة التجارة لم تحدد بنص صريح المحكمة المختصة نوعيا بإصدار هذه الغرامة فإن منطق الأمور يقضي بأن المحكمة الابتدائية هي ذات الاختصاص النوعي ،لأن الأمر يتعلق بدعوى عمومية ،لا يتصور أن تكون من اختصاص المحكمة التجارية التي ليس لها الصلاحية للبث في الدعاوى العمومية . وما دام اختصاص هذه المحاكم وارد في المادة الخامسة من القانون رقم 95.53 المحدث للمحاكم التجارية على سبيل الحصر ( 2 )
1 – انظر فؤاد معلال – شرح القانون التجاري المغربي الجديد ( ط 2 . 2001 ) ص 119 ( إسم المطبعة غير وارد ) .
2 – انظر بهذا الخصوص : * أمحمد لغروبي – التاجر وقانون التجارة بالمغرب ص 304 .-م.ص.
* عبد الكريم الطالب – الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية ص 73 وما بعدها .
* محمد محجوبي – القانون القضائي الخاص – الجزء الأول ص 66 وما بعدها .
المطلب الثاني Û الجزاءات المترتبة عن الإدلاء ببيان غير صحيح لمصلحة السجل التجاري .
نصت مدونة التجارة لسنة 1996 على عقوبة مشددة شيئا ما جزاءا لمن يدلي بسوء نية ببيان غير صحيح قصد تقيده أو تسجيله بالسجل التجاري .
وذالك تداركا منها للنقص الحاصل في الرقابة القضائية على صحة البيانات المضمنة في تصريحات الملزمين بالتسجيل في السجل التجاري ،حيث عاقب المشرع بنص المادة 64 على هذا الفعل بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 1000 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتطبق نفس هذه العقوبات ضد من ضمن بسوء نية بيانا غير صحيح في إحدى الوثائق التجارية للتجار أو الشركات التجارية .
ويمكن أن تضاعف العقوبة أعلاه في حالة العود ،أي عند ارتكاب نفس الجنحة خلال خمس سنوات التي تلي الحكم بالإدانة ،بصرف النظر عن القواعد المقررة في القانون الجنائي بشأن العود .
ويعتبر مجرد الإدلاء ببيان غير صحيح لمصلحة السجل التجاري قرينة على أن هذا الإدلاء غير الصحيح أو تضمينه في إحدى الوثائق التجارية ،قد ثم بسوء نية وأن المعني بالأمر كان على علم بعدم صحة البيان المدلى به ،ويجوز للمعني بالأمر إثبات العكس بجميع الوسائل مادامت القرينة متعلقة بواقعة مادية ( 1)
ويجب أن يتضمن الحكم بالإدانة الأمر بإصلاح البيان الكاذب ،هذا مع العلم أن هذه المقتضيات لا تحول دون تطبيق مقتضيات القانون الجنائي عند الاقتضاء مثل المتابعة بجريمة النص والاحتيال .
المبحث الثاني : جزاء مخالفة الالتزام بمسك المحاسبة والمحافظة على المراسلات .
بالرجوع إلى القانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها ،نجده ينص على أنه * يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي له صفة تاجر بمدلول هذه الكلمة في قانون التجارة ،أن يمسك محاسبة وفق القواعد التي ينص عليها هذا القانون ،والبيانات الواردة في الجداول الملحقة به ،وعليه لهذه الغاية أن يسجل في محاسبة جميع الحركات المتعلقة بأصول وخصوم منشأته مرتبة تبعا لتسلسلها الزمني . عملية عملية ويوما بيوم … *
وتأتي هذه المقتضيات بناءا على رغبة المشرع في تدعيم الثقة بين التجار ،وعندما صدرت مدونة التجارة لسنة 1996 .لم تعمل سوى على الإحالة على القانون 9.88 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف 1.92.138 بتاريخ 30 جمادى الأولى1413 الموافق 25 دسنبر 1992
وقد أضافت المدونة الجديدة بعض المقتضيات الخاصة بوضعية الوثائق المحاسبية وأخرى خاصة بالجزاءات المقررة ضد من يغفل مسك محاسبة منتضمة أو يغفل مسكها على الإطلاق
1 – القرائن نوعان: – قرائن قضائية يستنبطها القاضي من ضر وف الدعوى .
– قرائن قانونية يستخلصها المشرع من حالات يغلب وقوعها وينص عليها.
والقرائن القضائية وكذلك القانونية تقوم على فكرة الاحتمال والترجيح ،وتنقسم القرائن القانونية بدورها إلى قسمين قرائن قانونية قاطعة وأخرى غير قاطعة وهي التي يجوز فيها إثبات العطس أنظر وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي : إدريس العلوي العبدلاوي ( ص 130 – 131 \ 137 ) .
وسنقتصر هنا على ذكر الجزاءات ذات الطابع الجنائي دون الجزاءات ذات الطابع المدني وإن كانت هذه الأخيرة لا تقل أهمية ( 1 ) ،وذلك نضرا لتركيزنا في هذا البحث على الحماية الجنائية والمتمثلة في فرض بعض الجزاءات الجنائية .
وفي هذا الإطار تنص المادة 386 من القانون رقم 17.95 المتعلق بالشركات المساهمة على أنه * يعاقب بغرامة من 40000 إلى 400000 ألف درهم أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين :
لم يعدوا برسم كل سنة ملية الجرد والقوائم التركيبية السنوية وتقرير التسيير .
لم يودعوا بكتابة ضبط المحكمة القوائم التركيبية وتقرير مراقبي الحسابات داخل الأجل المحدد .
كما يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 100000إلى مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير لشركة مساهمة الذين :
ورعوا عن قصد على المساهمين أرباحا وهمية في غياب أي جرد .أو بالاعتماد على جرد تدليسي .
قاموا عن قصد ولو في حالة عدم توزيع أرباح وبغية إخفاء وضع الشركة الحقيقي بنشر أو تقديم قوائم تركيبية سنوية للمساهمين لا تعطي صورة صادقة للنتائج المحققة برسم كل سنة مالية ،والوضع المالي للشركة وذمتها المالية عند انتهاء تلك الفترة . ( م .384 \ ق .17.95 )
وتقضي المادة 357 \1 من القانون الجنائي بخصوص الحالة التي يثبت فيها تزوير أو تحريف في الوثائق المحاسبية باعتبارها من أهم المحررات التجارية بأنه * من ارتكب بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل 354 ( 2 ) تزويرا في محرر تجاري أو بنكي أو حاول ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 250 إلى 20000 درهم .
والملاحظ أن الشيك يتميز عن باقي الأوراق التجارية ( الكمبيالة –السند لأمر –ووسائل الأداء الأخرى ) بالتنصيص على أحكام زجرية خاصة به تجعله أكثر ضمانا وجدارة بالثقة في التعامل عكس باقي الأوراق التجارية التي تفتقر لمثل هذه الحماية اللهم العقوبات المدنية التي تتخذ في الغالب إما شكل بطلان الورقة أو تعويض عن الضرر .
لهذه الأسباب كان لزاما علينا الحديث في إطار الحماية الجنائية للأنشطة التجارية داخل نصوص مدونة التجارة عن الشيك كورقة تجارية دون باقي الأوراق التجارية الأخرى الواردة في الكتاب الثالث من المدونة ،وسنتناول هذه الورقة التي تنزل منزلة النقود بالتحليل في مطلبين نخص الأول لدراسة شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية بينما نخصص المبحث الثاني لبيان مختلف الجرائم المرتبطة بالشيك
1 – من أهم الجزاءات المدنية .
• فرض الضريبة الواجبة على الملزم على أساس افتراضي جزافي ( م . 23 \ ق 9.88 )
• فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد كل من تبت مسكه لمحاسبة وهمية أو عمل على إخفاء وثائق محاسبة الشرعية ( م 706 \ ق 15.95 )
• الحكم بسقوط الأهلية التجارية .
• عدم إمكانية الاستناد على هذه الوثائق كوسيلة إثبات بين التجار .
2 – كخلق أشخاص وهمية واستبدال أشخاص بآخرين ،والحذف والتحريف في الكتابة والتوقيع والشطب والمحو والاضافة ومحو بيان أو إضافة بيان أو التمزيق وغيره من وسائل التزوير سواء كانت باليد أو بالآلة أو بمواد كيماوية .
1 – بخصوص جرائم الغش الضريبي التي تعتبر من الجرائم الاقتصادية والتي ثم إقرارها بموجب السنة المالية 1996 – 1997 .أنظر الجريدة الرسمية عدد 4391 بتاريخ 1 يوليو 1996 وكذلك مقال الاتحاد الاشتراكي 15 – 5 – 1996 تحت عنوان تجريم الغش الضريبي .
2 – أنظر عز الدين بن ستي – دراسات في القانون التجاري المغربي – الجزء الأول . ط الثانية 1998 ص 246 إسم المطبعة غير مشار إليه
0 التعليقات :: رابط
الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك كورقة تجارية .
2006/11/26
الفصل الثاني : الحماية الجنائية للشيك كورقة تجارية .
من بين المشاكل التي كانت تطرحها البنية القانونية لجرائم الشيك مشكل الإحالات les reunois أي تعدد النصوص التشريعية القابلة للتطبيق ،مثل ظهير 1939 ،ظهير 26 نونبر 1962 – المدونة الجنائية – ،ثم ظهير 1 غشت 1996 – المدونة التجارية الجديدة . والملاحظ أن هذه الأخيرة وإن كانت قد تضمنت لأول مرة أحكاما تتعلق بالشيك بما فيها المقتضيات الزجرية ،فإنها لم تلغ بصورة صريحة ظهير 1939 ولا ظهير نونبر 1962 ،ولكن بما أنها تنظم نفس الموضوع ،وانطلاقا من أن المبدأ يقضي بأن النص الجديد يلغي النص القديم حكما في حدود تعارضهما ،فإنه يمكن الحديث عن إلغاء ضمني ( 1 )
فالمدونة الجديدة خصصت الباب الحادي عشر للأحكام العامة والزجرية المتعلقة بالشيك ،بحيث تضمنت مقتضيات وقائية وأخرى زجرية ضد مرتكبي جرائم الشيك كما أن لائحة هذه الجرائم أتت واسعة بالمقارنة مع الفصول من 543 – إلى 545 من القانون الجنائي ،كما هو الشأن بالنسبة لقبول تسليم شيك مزور أو مزيف أو تظهيره أو ضمانه ضمانا احتياطيا مع العلم بذلك – بينما كان النص الجنائي يجرم فقط قبول تسلم شيك يعلم أنه مزيف أو مزور .ومن جهة أخرى استحداث جريمة استعمال أو محاولة استعمال شيك مزيف أو مزور ( 2 )
كما أن المدونة الجديدة أعفتنا من مشكل الإحالات الداخلية ،سواء بالنسبة للتجريم أو الجزاء في مادة الشيك ،وهذا بخلاف ما نجده في المدونة الجنائية ،حيث تحيل الفصول 543 – 545 بالنسبة للعقوبات إلى الفصول 540 الخاص بالنص و 357 و 358 المتعلق بالتزوير من نفس المدونة الجنائية .وبهذا يمكن القول بأن المدونة التجارية الحالية قد ألغت ضمنيا الفصول 543 – 546 من المدونة الجنائية ( 3 )
ويأتي هذا الاهتمام البالغ من المشرع المغربي بالشيك عن طريق إحاطته بمجموعة من القواعد إن على مستوى الوقاية أو التجريم أو العقاب ،بالنظر إلى المساحة الكبيرة التي يشغلها الشيك كورقة تجارية في إطار المعاملات اليومية بين المتعاملين به عامة والتجار خاصة .
والملاحظ أن الشيك يتميز عن باقي الأوراق التجارية ( الكمبيالة –السند لأمر –ووسائل الأداء الأخرى ) بالتنصيص على أحكام زجرية خاصة به تجعله أكثر ضمانا وجدارة بالثقة في التعامل عكس باقي الأوراق التجارية التي تفتقر لمثل هذه الحماية اللهم العقوبات المدنية التي تتخذ في الغالب إما شكل بطلان الورقة أو تعويض عن الضرر .
لهذه الأسباب كان لزاما علينا الحديث في إطار الحماية الجنائية للأنشطة التجارية داخل نصوص مدونة التجارة عن الشيك كورقة تجارية دون باقي الأوراق التجارية الأخرى الواردة في الكتاب الثالث من المدونة ،وسنتناول هذه الورقة التي تنزل منزلة النقود بالتحليل في مبحتين نخص الأول لدراسة شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية بينما نخصص المبحث الثاني لبيان مختلف الجرائم المرتبطة بالشيك
1 – مبارك السعيد بن القايد : القانون الجنائي الخاص . ص 261 اسم المطبعة غير مشار إليه .
2 – نفس المرجع .
3 – نفس المرجع ونفس الصفحة .
المبحث الأول : شروط صحة الشيك من الناحية الجنائية : ( 1 )
لما كان محل المسؤولية الجنائية في جرائم الشيك هو الشيك نفسه ،فإن من اللازم التساؤل عما إذا كان من الضروري اشتمال الشيك على جميع مقوماته الشكلية والموضوعية حتى يتسنى حمايته جنائيا أم لا .
وفي هذا الصدد يذهب الأستاذ شكري السباعي إلى أنه : *من الصواب تسليط العقاب على من ارتكب جريمة إصدار شيك بدون رصيد سواء كان الشيك صحيحا أو باطلا ،لأن الشارع يهدف إلى حماية الوفاء . لا عملية إنشاء الشيك وتوفره على البيانات الإلزامية أي أن الزجر الجنائي للإصدار دون رصيد ،والبطلان للإخلال بقواعد الإنشاء ،وأن من شأن ذلك أن يقطع دابر التهرب من تطبيق قواعد القانون الجنائي بترك بعض البيانات الإلزامية * ( 2 )
وقد ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته إلى أن * الشيك يحتفظ بصفته هذه إزاء قانون العقوبات ولو فقد هذا الطابع إزاء القانون التجاري على إثر فساد لحقه في الشكل * ( 3 )
وبالرجوع إلى المواد 307 إلى 321 من مدونة التجارة نجدها لا تفرق بين الشيك الصحيح والشيك المعيب ،مما يدعو إلى القول أنه يكفي لتطبيق العقوبة أن يكون للورقة مظهر شيك مادام هدف المشروع من الحماية الجنائية للشيك هو حماية الثقة في التعامل به كورقة تجارية وتسهيل تداولها بين الأفراد باعتبارها أداة وفاء ثحل محل النقود ( 4 ) وعليه سنتحدث في هذا المبحث عن أثر تخلف شرط من الشروط الشكلية ( المطلب الأولى ) ثم أثر تخلف شرط من شروط الموضوعية ( المطلب الثاني )
المطلب الأول Û: أثر تخلف شرط من الشروط الشكلية :
حتى يمكن وصف الشيك بهذه الصفة يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط
الشكلية وهي :
شرط الكتابة
شرط الكفاية الذاتية
وجوب توفر البيانات الإلزامية
وسندرس كل شرط من هذه الشروط مع بيان مدى تأثير كل واحد منها على المسؤولية الجنائية .
أولا شرط الكتابة الكتابة شرط جوهري لإنشاء الشيك ،وبدونها يستحيل تداوله وبالتالي قيامه بوضيفته كأداة وفاء ،والحماية الجنائية تشمل الشيك متى كان محررا على النموذج المطبوع المسلم من طرف المؤسسة البنكية .
فالكتابة إذن شرط لازم لوجود الشيك وبدونها ينعدم الشيك وبالتالي تنعدم الجريمة التي تتحقق بها المسؤولية الجنائية .
1 – أنظر بهذا الخصوص : محمد أوغريس : المسؤولية الجنائية عن جرائم الشيك في التشريع الحديد . ط الثانية، دار القرويين – الدار البيضاء 2002 .
2 – شكري السباعي: الوسيط في القانون التجاري والمقارن – الجزء الثاني – ص 319
3 – قرار جنائي عدد 466 صادر بتاريخ 10 – 12 – 59 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 28 يوم 3 أبريل 1930 ص 239
4 – محمد أوغريس – المرجع السابق . ص 60
ثانيا : شرط الكفاية الذاتية :
ومعنى ذلك أن ورقة الشيك يجب أن تكون مستقلة بذاتها وأن تكون قيمتها مقدرة بصفة نهائية لا تدع أي مجال للشك وذلك بمجرد الإطلاع ،أي دون حاجة في تقديرها للرجوع إلى الوقائع أو الاتفاقيات الخارجة عنها ،كأن تعلق قيمة الشيك على قيام حامله أو المستفيد منه بأمر معين ،بل يجب أن يتضمن الشيك الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود .
ثالثا : البيانات الإلزامية :
يتطلب الشيك حتى يكون صحيحا مجموعة من البيانات ( 1 ) و إلا اعتبر باطلا ولم يكن له أي أثر من الناحية التجارية ،لكن ما مدى تأثير تخلف أحد هذه البيانات على المسؤولية الجنائية ؟ .
أ – التسمية : أوجب المشرع ذكر تسمية الشيك في السند ذاته وبنفس اللغة التي حرر بها ،بغية التعرف مباشرة وبسرعة على طبيعة هذه الورقة وتميزها عن الأوراق التجارية الأخرى .
ويترتب عن عدم ذكر تسمية الشيك ،فقدان صفته وخاصيته وتحوله إلى مجرد وثيقة عادية لإثبات الدين ( م. 214 .من مدونة التجارة ) .
ب – الأمر الناجز بدفع مبلغ معين من النقود : يؤدي غياب تضمين الشيك للأمر ويذهب بعض الفقه إلى ضرورة إحاطة الشيك بالحماية الجنائية رغم تخلف ذكر الناجز بالأداء أي الدفع بمجرد الإطلاع إلى فقدان الشيك خاصيته كوسيلة أداء ويصبح وسيلة ائتمان مما ينفي المسؤولية عن الساحب عند عدم توفيره مؤونة للأداء عند الطلب .
ج – إسم المسحوب عليه : لا يمكن مسائلة من أصدر شيكا دون توفير المؤونة اللازمة عند تقديمه ،إذا ما اتضح أن الشيك خال من إسم المسحوب عليه ،لأن ذكر إسم المسحوب عليه بيان جوهري يترتب عن تخلفه بطلان الشيك .
والمسحوب عليه يكون دائما مؤسسة بنكية أي مؤسسة قرض أو أية هيئة يخولها القانون صلاحية مسك حسابات ويمكن أن تسحب عليها شيكات .
د – مكان الأداء : عدم ذكر مكان الأداء لا يترتب عليه البطلان مادام يمكن اعتبار المكان المذكور بجانب المسحوب عليه هو مكان الأداء حسب المادة 240 من مدونة التجارة .
وبالتالي لا يعفي الساحب من المسؤولية الجنائية إذا ما قام بإصدار شيك دون توفير المؤونة اللازمة .
ه – تاريخ سحب الشيك : يجب أن يكون الشيك مؤرخا ،وذلك بالنظر إلى أهمية
التاريخ في تحديد أهمية الساحب وفي احتساب مواعيد تقديم الشيك للوفاء ( 2) وفي احتساب مدة التقادم .
ويعتبر هذا البيان إلزاميا يترتب على تخلفه بطلان الشيك ،لكن قد يعمد الساحب إلى توقيع الشيك وتضمينه باقي البيانات مع تركه مكان التاريخ فارغا ،فيقوم المستفيد بملأ الفراغ أو البياض وعندها يكون الشيك صحيحا ،وبالتالي يسأل الساحب جنائيا إذا مالم يوفر مؤو نته أو أغفل ذلك .
1 – المادة 239 من مدونة التجارة .
2– إذا كان هذا الشيك منشأ في المغرب فإن أجل تقديم الشيك للوفاء يتحدد في 20 يوما . أما إذا كان صادرا خارج المغرب ولكنه مستحق الوفاء فيه فيتحدد هذا الموعد
في 60 يوما ( م 268 )
ر – مكان السحب : قد تتعدد فروع المؤسسة البنكية المسحوب عليها وعندها يجب تحديد مكان السحب وإلا اعتبر هو مكان المؤسسة الأصلي ،وتبعا لذلك لا يترتب على عدم ذكر هذا البيان انتفاء مسؤولية الساحب الجنائية .
ز – توقيع الساحب : توقيع الساحب على سند الشيك يعتبر من أهم البيانات الإلزامية ،إذ يعبر عن رضا الساحب . وقد يكون التوقيع من طرف الساحب شخصا أو من طرف وكيل ،ويترتب على عدم التوقيع بطلان الشيك وانتفاء المسؤولية الجنائية للساحب .
و – إسم المستفيد : لم ينص المشرع على وجوب تعيين إسم المستفيد ،إذ من الممكن أن يترك على بياض فيكون الشيك للحامل ،وعليه لا يمنع عدم ذكر اسم المستفيد من تمام المسؤولية الجنائية للساحب .
وخلاصة القول أن تخلف أي شرط من الشروط الإلزامية التي بإمكانها أن تفقد الشيك خاصيته كوسيلة أداء ناجزة يعفي الساحب من المسؤولية الجنائية متى قام بإصدار شيك دون توفير مؤونة أو إغفال ذلك .
المطلب الثانية : أثر تخلف شرط من الشروط الموضوعية :
يشترط لصحة الشيك إلى جانب الشروط الشكلية التي سبق ذكرها توافر شروط أخرى موضوعية وهي الشروط المتطلبة عموما لصحة التصرفات القانونية والرضى والأهلية والمحل والسبب ويضاف شرط خاص وهو وجوب توافر المؤونة ولما كان تخلف أحد هذه الشروط قد يترتب عنه البطلان فمن اللازم التساؤل عن أثر هذا البطلان على المسؤولية الجنائية .
أولا : تخلف شرط الأهلية :
يذهب بعض الفقه ( 1) إلى * أن بطلان الالتزام من الناحية المدنية لا يؤثر إطلاقا
على صحة الشيك ،كونه ورقة متضمنة أمرا بالدفع بمجرد الإطلاع وقد حوت من البيانات ما يجعلها تقوم مقام النقود أي أنها تتجرد عن الالتزام الناشئة عنه فيستوي أن يكون صحيحا أو باطلا * .
والأصل في التشريع المغربي أن كل شخص أهل للالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية بخلاف ذلك .
وأهلية الالتزام بالشيك تثبت للشخص بلوغ سن الرشد القانوني الذي يتحدد في 18 سنة شمسية دون أن يكون مصابا بعارض من عوارض الأهلية(2)
ثانيا : تخلف شرط الرضا :
يشترط لإلزام الساحب بالشيك أن يكون صادرا عنه بإرادة واختيار ،أي خاليا من عيوب الرضاء ( الإكراه ،الغلط ،التدليس ،الغبن المقرون بالتدليس ) فالمسؤولية الجنائية تنتفي بانتفاء الإرادة الحرة ،وكذلك الأمر بالنسبة للساحب الذي يقع في غلط مادي عند تحريم لشيك نتيجة معلمات خاطئة تلقاها عن المسحوب عليه بخصوص المؤونة.(3 )
ثالثا : تخلف شرط المحل :
يعتبر محل الشيك هو المبلغ النقدي المذكور فيه ،فإذا تخلف هذا المحل بان تضمن شيء آخر النقود فقد الشيك صفته واعتبر باطلا ،وسقطت عنه الحماية الجنائية ( 3 )
رابعا : تخلف شرط السبب :
السبب في الشيك هو أساس العلاقة القانونية التي سحب من اجلها الساحب الشيك لفائدة المستفيد .لكن إذا كان السبب يجب أن يكون مشروعا وحقيقيا حتى يكمل بنيانه فما اثر هذه المشروعية على قيام المسؤولية الجنائية .
للإجابة عن هذا السؤال يجب الرجوع إلى الغاية من وضع هذه المؤيدات القانونية لحماية الشيك ،فإذا علمنا انه ما وضعت إلا لحماية الثقة في التعامل بالشيك كأداة وفاء تقوم مقام النقود ،فإن عدم مشروعية السبب الدافع إلى إصدار الشيك لا يحول دون مسائل الساحب جنائيا متى أصدر شيكا واتضح انه لم يوفر له مؤونة كافية أو اغفل ذلك .
1 – دالوز الأسبوعي سنة 1926 صفحة . 229
2 – لمزيد من التوسع في موضوع الأهلية القانونية للساحب : راجع :
– امحمد لفروجي – العقود البنكية بين مدونة التجارة والقانون البنكي – مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء – 1998 – ص 158 ومايايها .
3– محمد أوغريس : المرجع السابق .
4– محمد اوغريس : نفس المرجع.
المبحث الثاني :أنواع جرائم الشيك :
يمكن تقسيم أنواع جرائم الشيك إلى جرائم ترتكب من طرف الساحب وأخرى ترتكب من طرف المستفيد أو الحامل إلى جانب الجرائم التي يمكن أن يرتكبها المسحوب عليه ( 1 ) ،كما يمكن تقسيمها إلى جرائم مرتبطة بمؤونة الشيك( المطلب الأول ) وجرائم مرتبطة بتغيير حقيقة الشيك ( المطلب الثاني ) وأخرى مرتكبة من طرف المسحوب عليه ( المطلب الثالث ) .
المطلب الأولى : الجرائم المرتكبة بمؤونة الشيك :
ويتعلق الأمر بكل من جريمة انعدام أو إغفال توفير مؤونة الشيك ( أولا ) وجريمة التعرض بصفة غير صحيحة على الوفاء بالشيك ( ثانيا ) وجريمة قبول أن تظهير شيكات الضمان ( ثالثا ) ثم جريمة إصدار الساحب أو موكله شيكات رغم الأمر الموجه إليه من البنك أو خرق للمنع القضائي ( رابعا )
أولا : انعدام أو إغفال توفير مؤونة الشيك :
حلت هذه الجريمة محل جريمة إصدار الشيك بدون رصيد ( 2 ) حيث يستنتج من مقتضيات م .316 تجاري أن فعل إصدار شيك في حد ذاته ولو بدون مؤونة ،لم يشكل جريمة كما كان الشأن في السابق ،فلكي تقوم جريمة إصدار شيك بدون رصيد في نطاق الفصل 543 جنائي كان لابد وأن ينعدم في اللحظة التي أصدر فيها الشيك رصيد موجود مسبقا أي سابق على فعل الإصدار ( 3 ) .أما في إطار المادة 316 من مدونة التجارة لسنة 1996 فقد تغيرت النظرة ولم تعد قائمة عكس السابق علة عدم وجود مؤونة عند الإصدار بل أصبحت هذه الجريمة تقوم متى انعدمت المؤونة عند بلوغ الأجل وتقديم الشيك للأداء من كرف المستفيد للبنك المسحوب عليه .
ويترتب على ذلك نتيجة هامة نفاذها ،أن القضاء لم يعد يعتد بتاريخ الإصدار بل بتاريخ الاستحقاق ،وما دام أن إصدار الشيك بدون رصيد لم يعد مجرما إلا من وقت عدم الأداء عند حلول الأجل ،فإن المستفيد أيضا لم يعد يعاقب على قبول شيك يعلم أنه بدون رصيد عند إصداره .
وترتبط هذه الجريمة بالساحب ،كما يرتبط قيامها بإصدار الشيك كسند من جهة
وبإغفال الحفاظ على المؤونة أو تكوينها لأداء الشيك عند الكلب من جهة ثانية وذلك دون اشتراط توفر القصد الجنائي ،باعتبارها جريمة مادية ،وذلك ما يستفاد من عبارة * أغفل * الواردة في المادة 316 .عوض عبارة * بسوء نية * الواردة في الفصل 543 جنائي .
وعليه لا تقوم مسؤولية الساحب عن هذه الجريمة إلا بتوافر شرطين أساسيين :
1 – يتبنى هذا التفسير الدكتور محمد أوغريس . المرجع السابق .
2 – الملاحظ أن إصدار شيك بدون رصيد لم يعد معاقبا عنه في فرنسا منذ تشريع 30 ديسمبر 1991 الهامش السابق رقم 1 ص 263 – مبارك السعيد بن القائد – المرجع السابق .
3 – نفس المرجع ،ونفس الصفح
وجوب إصدار شيك :
والمقصود بفعل الإصدار ليس هو التحرير والإنشاء للشيك فقط ،بل إخراجه من حيازة الساحب القانونية إلى حيازة الغير ( 1 ) ،فإصدار الشيك هو العملية التي يتم بها إطلاق الشيك وطرحه للتداول .ويكون التسليم إما مباشرة وإما برسالة إلة المستفيد عن طريق البنك أو بواسطة شخص آخر بعد كتابة البيانات الإلزامية أو الاكتفاء بالإمضاء عليه ،على ان يضيف المستفيد باقي البيانات الأخرى .
وعليه لا يتحقق الركن المادي للجريمة بمجرد تحرير الشيك بل لابد من تسليمه للمستفيد أو لمن يقوم مقامه ،والسليم يجب أن يكون نهائيا فلو كان على سبيل وديعة مثلا لم يكن نهائيا وبالتالي فإن فعل الإصدار لا يتحقق ،كما يجب أن يكون التسليم إداريا أي صادر عن إدارة حرة غير مشوبة بعيب من عيوب الرضاء ( 2 )
1. عدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها وقت تقديم الشيك للأداء :
فقد قيد المشرع تحقق الجريمة برفض المسحوب عليه الوفاء بقيمة الشيك عند التقديم بسبب عدم وجود مؤونة كافية ( 3 ) وليس لسبب آخر كعدم إدلاء المستفيد بجميع الوثائق التي يطلبها المسحوب عليه .
ولا يشترط لقيام الجريمة تقديم الشيك للمسحوب عليه داخل أجل التقديم ،بل إنها تتحقق حتى ولو ثم التقديم في تاريخ لاحق ما دام الشيك فد استوفى شكله القانوني ولأن الحماية الجنائية التي قررها المشرع له تقتضي وجود المؤونة وقت التقديم ( 4 ) كما أن حق الحامل في مطالبة المسحوب عليه بالوفاء لا يسقط بانقضاء أجل التقديم بل يبقى قائما طوال مدة سنة ابتداء من تاريخ انقضاء أجل التقديم ( المادة 271 ،م. ت )
وفي حالة نقصان المؤونة فإن الجريمة تتحقق أيا كانت نسبة النقص ولو كانت
ضئيلة ،وهي تتحقق ولو قام الساحب بعد تقديم الشيك للمسحوب عليه بتكملة النقصان الحاصل في المؤونة ،لأن العبرة بوجودها هي لوقت التقديم ،غير انه يجوز للمحكمة تخفيف عقوبة السجن في مثل هذه الحادثة أو إسقاطها إدا قام الساحب تكملة النقص وتوفير المؤونة الكافية خلال أجل عشرين يوما من تاريخ التقديم ( المادة 325 م.ت )
ثانيا :التعرض بصفة غير صحيحة على وفاء الشيك :
استنادا إلى القاعدة التي تقضي بأن إصدار الشيك لا رجعة فيه ،فإن تعرض الساحب على وفاء الشيك لا يكون مقبولا إلا في حالات استثنائية محددة بنص القانون .وقد جاء تعداد هذه الحالات في المادة 271 من مدونة التجارة على سبيل الحصر :* لا يقبل تعرض الساحب على وفاء الشيك إلا في حالة * :
فقدانه أو سرقته أو الاستعمال التدليسي للشيك أو تزويره .
<>
0 التعليقاترابط
الفصل الثالث : العقوبات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة .
الفصل الثالث : العقوبات الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة افتتاح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة .
أعطى المشرع للمحكمة ( 1 ) دورا فعالا في نظام معالجة صعوبات المقاولة ،سواء في مرحلة الوقاية أو في مرحلة المعالجة أو عند التسوية أو التصفية القضائية . وذلك من خلال توسيع اختصاصاتها وإعطاء القاضي سلطة تقديرية واسعة ،ففي مرحلة الوقاية والتي لا تكون فيها المقاولة قد توقفت عن دفع ديونها بعد ،يتدخل رئيس المحكمة بطلب من رئيس المقاولة ( 2 ) للمصادقة على الاتفاق المبرم بين المدين والدائنين قصد منح آجال جديدة للأداء ،وكل ذلك بهدف تفادي التوقف عن دفع الديون المستحقة على المقاولة .
أما إذا توقفت المقاولة عن أداء الديون المستحقة عليها فإن تدخل الحكمة يصبح إجباريا لدراسة ما إذا كان من الممكن تسوية وضعيتها أو الحكم عليها بالتصفية القضائية ( 3 )
وبرجوعنا للقسم الخامس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة نجد المشرع قد نص على نضام عقابي في حق المسيرين الذين لا ينجزون مهامهم بنزاهة وإخلاص كافيين وهذه العقوبات إما مدنية أو جنائية أو مهنية .
فبالإضافة إلى العقوبات المالية المنضمة بمقتضى الباب الأول من القسم الخامس المتعلق بالعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة ،نص المشرع على عقوبات جنائية ،وذلك رغبة منه في حماية الائتمان والثقة المتبادلة بين التجار ،والضرب على أيدي المتلاعبين وسيئي النية من المسيرين للمقاولة الفردية التجارية أو الحرفية أو للشركة التجارية .
ونقسم الحديث عن هذه الجرائم والعقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة في حالة فتح مسطرة المعالجة إلى مبحتين نخصص الأول لجريمة التفالس والجرائم الأخرى والعقوبات المقررة لها ثم نتناول في المبحت الثاني أحكام سقوط الأهلية التجارية باعتبارها عقوبة إضافية في حالة فنح المسطرة .
المبحث الأول : في التفالس والجرائم الأخرى
الفقرة 1 * جريمة التفالس Banqueroute
التفالس هو الجزاء الجنائي لبعض التصرفات التدليسية التي يقوم بها مسيرو مقاولة خاصة لمسطرة المعالجة أو مسطرة التصفية القضائية ،ويقع تحت طائلة التفالس في حالة افتتاح مسطرة المعالجة كل مسير سواء كانت فردية أو اتخذت شكل شركة ،وسواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين يتقاضون عن عملهم أجرا أم لا ( 4 )
1 – أي المحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية
2 – رئيس المقاولة في مدلول صعوبات المقاولة هو الشخص الطبيعي المدين أو الممثل القانوني للشخص المعنوي المدين ،طبقا لمادة 545 من المدونة .
3 – عزيز جبروني * التسوية والتصفية القضائية للمقاولة * الطبعة الأولى ،دار القلم الرباط 200 ،ص من 2 إلى 5
4 – نفس المرجع ،ص 65
وقد جنح المشرع المغربي في مدونة التجارة لسنة 1996 إلى التخفيظ من عدد الجرائم التي يقوم بها مسيرو مقاولة خاضعة لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية والتخفيف من شدة العقوبات المقررة لها ،ويتجلى ذلك في :
أ- إلغاء تقسيم التفالس إلى تفالس بسيط أو بالتقصير وتفالس بالتدليس أو الاحتيالي فوضع جريمة واحدة ،وعقوبة واحدة لنظام جديد ووحيد هو * التفالس * ( 1 )
ب- التخفيظ من الحد الأدنى لعقوبة التفالس : فبعد أن كانت هذه العقوبة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات للفصل 561 من القانون الجنائي ،أضحت هذه العقوبة من سنتين إلى خمس سنوات ،طبقا للمادة 722 من مدونة التجارة .
ت- اقتران العقوبة الحبسية بالغرامة في المدونة الجديدة ،خلافا لما كان عليه الأمر في القانون الجنائي ،وإعطاء الحق أو السلطة التقديرية لقضاء الموضوع لاختيار العقوبة الملائمة التي قد يكون الحبس والغرامة وقد تكون الحبس وحده أو الغرامة وحدها .
ث- لم يعد التوقف عن الدفع هو الأساس القانوني لتحريك الدعوى العمومية بالتفالس ضد المدين بل أضحى من الواجب صدور حكم من المحكمة التجارية أولا بفتح مسطرة من مساطر المعالجة ( 2 )
وفيما يلي عرض للأفعال المبررة للإدانة بالتفالس ( أولا ) والأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس ( ثانيا ) ثم العقوبات المطبقة على المتفالس ( ثالثا )
أولا : الأفعال المبررة للإدانة بالتفالس :
يشترط أولا للإدانة بجريمة التفالس عن الأفعال أو الحالات التي سيأتي ذكرها، أن تكون المسطرة المفتوحة ضد المقاولة المتوقفة عن الدفع تتمثل في مسطرة المعالجة أي التسوية القضائية ،كما تنص الفقرة 721 من مدونة التجارة . وخلافا لذلك ،فإذا كانت المسطرة المفتوحة تتمثل في التصفية القضائية فلا تتم المتابعة من اجل التفالس ،وإنما يتابع الشخص المعني بالأمر بإحدى الجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 724 من المدونة شريطة أن يتم ارتكاب أحد الأفعال المبررة للمتابعة ( 3 ) . كما لا يكون هناك مجال للإدانة بالتفالس ،إذا كان الأمر يتعلق بمسطرة التسوية الودية التي تفتح في إطار عملية الوقاية الخارجية من صعوبات المقاولة ( 4 )
1 – وبذلك يمكن الحديث عن الالغاء الضمني للفصول من 556 إلى 569 من القانون الجنائي ( ظهير 26 نونبر 1962 )
2 – راجع بهذا الخصوص ،شكري السباعي ،* الوسيك في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها * الطبعة الثانية الجزء الاول مطبعة المعارف الرباط 1998 – ص 441 وما بعدها .
3 – امحمد لفروجي * صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها * مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء ص 440 .
4 – نفس المرجع ونفس الصفحة ،الهامش رقم 2 .
وبالعودة إلى المادة 721 من المدونة نجدها تنص على انه يدان بالتفالس في حال إجراء المعالجة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702 الذين تبين أنهم ارتكبوا احد الأفعال التالية :
أ- قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن اقل من السعر الجاري أو لجؤا إلى وساءل مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة
ب- اختلسوا أو اخفوا كلا أو جزءا من أصول المدين
ت- قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك
ث- قاموا تدليسيا بالزيادة في خصوم المدين
ثانيا : الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس :
كما مر بنا في المادة 721 من المدونة فإن الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس هم المشار إليهم في المادة 702 من ذات المدونة وهم :
أ- كل تاجر وكل حرفي مسير لمقاولة فردية كانت أو جماعية مملوكة على الشياع ( تتخذ شكل شركة تجارية ) .
ب- كل مسير لشركة تجارية ،سواء كان مسير قانوني أو فعلي ،وسواء كان يتقاضى أجرا أم لا يتقاضى أجر مزاولته مهام التسيير .
ت- كل شخص طبيعي ممثل لشركة تجارية تولى غدارة أو تسير شركة أخرى .
ويطال أيضا العقاب ،المشاركين في الأفعال المبررة للتفالس ،كالمؤسسات البنكية التي تقوم بتقديم قروض لأحدى المقاولات وهي تعلم بأنها تروم تفادي أو تأخير فتح المسطرة ليس إلا .
ثالثا : العقوبة المقررة لجريمة التفالس :
نظرا لخطورة الأفعال المكونة لجريمة التفالس وما تلحقه من ضرر على الدائنين والمصالح الاقتصادية بوجه عام ،فقد وضع المشرع عقوبات تتراوح بين الشدة واللين . بين الحبس والغرامة أو احدهما فقط ،وترك للقاضي سلطة تقديرية لتعيين العقوبات الأنسب حسب قناعته وتكوينه وحسب حجم الصرر الذي يمكن أن يلحق الدائنين
وفي ذلك تنص المادة 722 من المدونة على انه يعاقب المتفالس بالحبس من سنة إلى
خمس سنوات ،وبغرامة من 10000 إلى 100000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
وتضاعف هذه العقوبة ‘إذا كان المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات اسم مسعرة ببورصة القيم ،أي تصبح العقوبة من سنتين إلى عشر سنوات وغرامة من 20000 إلى 200000 درهم ،وبإحدى هاتين العقوبتين فقط طبقا للفقرة الثالثة من المادة 722 المذكورة .
1 – شكري السباعي : * الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها * مرجع سابق ، ص 460 – 461 .
ويتعرض المشاركون لنفس العقوبات وإن لم تكن لهم صفة مسيرين لمقاولة فردية أو لمقاولة في شكل شركة تجارية ( 1 ) أو في شكل مجموعة ذات النفع الاقتصادي لها غرض تجاري .
المطلب الثانية : في الجرائم الأخرى المعاقب عليها في مادة صعوبات المقاولة :
تتميز هذه الجرائم بكونها تقع من الأشخاص الطبيعيين فقط سواء كانوا تجارا أو حرفيين ،مسيرين أم لا ،متقاضين أجرا ام لا ،وسواء أكان المحكوم عليه بمسطرة المعالجة أم لا ،كما يدخل في دائرة الأشخاص الممكن إدانتهم بهذه الجرائم الوارد تعدادها في المادة 724 ،الأشخاص الدين يقومون بإحدى الأفعال المبررة لثبوت جريمة التفالس حسب المادة 721 من المدونة ،إدا كانت المسطرة المفتوحة تتمثل في التصفية القضائية وليس التسوية القضائية .
وإن كان الأمر لا يختلف كثيرا ، لأن الأفعال المعاقب عليها بمقتضى المادتين 721 و 724 تتم المعاقبة عليها بنفس العقوبات المقررة في المادة 722 كجزاء لجريمة التفالس .
وقد حددت المادة 724 من مدونة التجارة الأفعال المبررة لقيام هذه الجرائم والمعاتبة عليها وفي ذلك تنص هذه المادة على أنه يعاقب بنفس عقوبة التفالس :
أ- الأشخاص الذين صرحوا تدليسا أو كتموا كلا أو جزءا من الأموال المنقولة أو العقارية لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702
ب- الأشخاص الذين صرحوا تدليسا بديون وهمية أثناء المسطرة سواء بأسمائهم أو بواسطة الغير.
ويعاقب أيضا بنفس العقوبة كل شريك اقترف أحد الأفعال الآتية :
أ- الإضرار عمدا وبسوء نية بمصالح الدائنين ،إما لاستعماله لأغراض شخصية أموال تلقاها بمناسبة قيامه بمهمته ،وإما بإعطائه منافع غير مستحقة للغير .
ب- الاستعمال اللامشروع للسلطة المخولة له قانونيا في غبر ما أعدت له وبشكل معاكس لمصالح المدين أو الدائن .
ت- استعمال السلطة المخولة له من أجل استعمال أو اقتناء بعض أموال المدين لنفسه سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة الغير .
ويعاقب بنفس العقوبة ،الدائن الذي يقوم بعد صدور الحكم القضائي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،بإبرام عقد أو عدة عقود تخوله امتيازا خاصا على حساب الدائنين الآخرين .
ومن الناحية الإجرائية ،يكون النظر في الدعوى العمومية المتعلقة بالتفالس والجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 724 من مدونة التجارة من اختصاص المحكمة الابتدائية وليس من اختصاص المحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية ،ويتم تحريك هذه الدعوى إما بمتابعة من النيابة العامة أو من طرف السنديك بصفته طرفا مدنيا . طبقا لأحكام المادة 726 من المدونة ( 2 )
ولا يسري تقادم الدعوى العمومية الممكن إثارتها تطبيقا للمقتضيات المتعلقة بالتفالس والجرائم الأخرى إلا من تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة وذلك حينما تكون الأفعال المجرمة قد ظهرت قبل هذا التاريخ ،حسب المادة 725 من المدونة ( 3 )
1 – كما هو الحالة بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحددة بالشريك الوحيد
2 – انظر محمد لفروجي : * صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها * مرجع سابق ، ص 447
3– انظر رأي الدكتور لفروجي في التعليق على هذه المادة ،المرجع السابق ، ص 443
المبحث الثاني : الحكم بسقوط الأهلية التجارية :
من بين المستجدات التي تتضمنها مدونة التجارة لسنة 1996 ،تنظيم مسألة سقوط الأهلية التجارية la déchéance commerciale حيث أفردت لها بابا بكامله في القسم الخامس من كتابها الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة .
وطبقا لمقتضيات المادة 702 من المدونة تطبق هذه العقوبة على مسيري المقاولة الفردية أو ذات شكل شركة والتي كانت موضوع فتح المسطرة سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين يتقاضون أجرا أم لا .
وفيما يلي بيان للأفعال المبررة للحكم بسقوط الأهلية التجارية ( أولا ) ثم الآثار المترتبة على هذا الحكم ( ثاني ) .
المطلب الأولى : الأفعال المبررة للحكم بسقوط الأهلية التجارية :
هناك حالات خاصة بالتاجر الشخص الطبيعي ( أولا ) وأخرى خاصة بمسيري الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاريا ( ثانيا ) وهناك حالات مشتركة بين الشخص الطبيعي وهؤلاء المسيرين ( ثالثا ) وهناك الحالة التي تكون فيها هذه العقوبة نتيجة الإدانة بجريمة التفالس ( رابعا ) وأخيرا حالة المسير الذي لم يبرئ ذمته من الدين المتمثل في الخصوم التي ثم تحميلها له كعقوبة مالية ( خامسا ) .
أولا : الوضع بالنسبة للتاجر الشخص الطبيعي :
أوجب المشرع على المحكمة ( 1 ) أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء بسقوط الأهلية التجارية عن كل شخص طبيعي تاجر أو عن كل حرفي ثنت في حقه الأفعال التالية :
1 – مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية من شأنه أن يؤدي إلى التوقف عن الدفع .
2 – إغفال مسك محاسبته وفقا للمقتضيات القانونية أو العمل على إخفاء كل الوثائق المحاسبة أو البعض منها .
3 – اختلاس أو إخفاء كل الأصول أو جزء منها أو الزيادة في الخصوم بكيفية تدليسية .
ثانيا : الوضع بالنسبة لمسيري الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون غرضها تجاريا :
يلاحظ أن المادة 713 من مدونة التجارة قد أوجبت على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء ،بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول في شركة تجارية اقترف أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 706 .
1 – يقصد بالمحكمة هنا ،المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة ،ما عدا الحالة التي يكون فيها الحكم بسقوط الأهلية التجارية كعقوبة إضافية عن الإدانة بجريمة التفالس .
وبالرجوع إلى المادة 706 نجدها تضم مجموعة من الحالات أو الوقائع هي :
1 – التصرف في أموال المقاولة كما ولو كانت أحواله الخاصة .
2 – إبرام عقود تجارية لأجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته .
3 – استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها لأغراض شخصية أو لتفضيل مقاولة أخرى له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة .
4 – مواصلة استغلال به عجز بصفة تعسفية لمصلحة خاصة من شأنه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع .
5 – مسك محاسبة وهمية او العمل على إخفاء وثائق محاسبة الشركة أو الامتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد القانونية .
6 – اختلاس أو إخفاء كل الأصول ،أو جزء منها ،أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسة .
7 – المسك بكيفية واضحة ،لمحاسبة غير كاملة أو غبر صحيحة .
وبناءا على ذلك ،فإن كلن الأمر يتعلق بالشركات التي يكتسب فيها صفة تاجر ،فإن المسئول الصادر ضده الحكم بسقوط الأهلية التجارية تزول عنه صفة تاجر ويمنع علاوة على ذلك ،كالمسئول غير الشريك والمسئول الشريك في الشركة التي لا يكتسب فيها الشريك صفة تاجر من إدارة أو تدبير أو تسير أو مراقبة أي مقاولة تجارية أو حرفية أو شركة تجارية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي ،سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة .
ثالثا : الحالات المشتركة بين الشخص الطبيعي والمسيرين :
تحدد المادة 714 من مدونة التجارة الوقائع التي يتم من أجلها النطق بسقوط الأهلية التجارية ،سواء تبثث في حق تاجر شخص طبيعي أو في حق مسيري الشركات أو المجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري .
وتنص هذه المادة على أنه : * يجب على المحكمة أن تضع يديها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم ،عند الاقتضاء ،بسقوط الأهلية التجارية عن كل مسؤول بمقاولة ( مسير ) ثبت في حقه أحد الأفعال التالية :
1 – ممارسة نشاط تجاري أو حرفي أو مهنة تسيير أو إدارة شركة خلافا لمنع نص عليه القانون .
2 – القيام بشراء قصد البيع بثمن أقل من السعر التجاري أو استخدام وسائل مجحفة لأجل الحصول على أموال وذلك بغية اجتناب فتح المسطرة أو تأخيرها .
3 – القيام لحساب الغير ،ودون مقابل ،بالتزامات اكتسبت أهمية كبرى أثناء عقدها باعتبار وضعية المقاولة .
4 – إغفال القيام داخل أجل خمسة عشر يوما بالتصريح بالتوقف عن الدفع .
5 – القيام بسوء نية بأداء ديون دائن على حساب الدائنين الآخرين خلال فترة الريبة.
رابعا : حالة الشخص المدان من أجل جريمة التفالس :
تنص المادة 723 من مدونة التجارة على أنه * يتعرض كذلك لسقوط الأهلية التجارية المنصوص عليها في الباب الثاني من هذا القسم ،كعقوبة إضافية للأشخاص المدانون من أجل الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل * وهذه الجرائم المحال إليها بمقتضى المادة 723 هي جرائم التفالس كما ثم بيانه .
غير أن ما يميز الحكم بسقوط الأهلية التجارية هنا ،هو كونها عقوبة زجرية إضافية وليست عقوبة شخصية أصلية ،ويترتب على ذلك الاعتبارات التالية :
أن المحكمة المختصة بإصدار العقوبة الإضافية المذكورة ليست هي المحكمة التجارية ،وإنما تختص بذلك المحكمة الابتدائية التي تنر في جريمة التفالس ،لأن في القوانين المنظمة للتجارة والشركات ( 1 )
إن الأمر لا يتعلق والحال هذا بسقوط الأهلية التجارية كعقوبة إضافية زجرية جوازية facultative
0 التعليقات :: رابط
مقدمة القسم الثاني: الحماية الجنائية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .
2006/11/26
القسم الثاني : الحماية الجنائية المقررة خارج نصوص مدونة التجارة .
بعد أن تناولنا القسم الأول من هذا البحث الجانب الجنائي من مدونة وما يوفره من حماية وضمان الاستقرار للمعاملات التجارية ،ننتقل في هذه المحطة لتسليط الضوء على أهم القوانين الأخرى التي تشكل دعامة قوية لتنشيط التجارة بالمغرب وتنظيمها ويتعلق الأمر بكل من قانون الشركات التجارية – قانون 95 . 17 ( 1 ) المتعلق بشركات المساهمة ،وقانون 96 . 5 ( 2 ) المتعلق بباقي الشركات التجارية – وكذلك القانون رقم 97 . 17 ( 3 ) المتعلق بالملكية الصناعية والتجارية ثم القانون رقم 99 . 6 ( 4 ) المتعلق بالمنافسة و حرية الأسعار .
وسنقتصر في هذه الدراسة على المقتضيات الجنائية التي دعمت بها هذه النصوص بهدف حماية التجار الشركاء أو المنتجين والمتعاملين معهم وحماية الميدان التجاري بصفة عامة وضبطه ،هذا مع التقديم لكل قانون على حدة لرصد أهميته وإطار تطبيقه
وعليه يمكن دراسة وتحليل الحماية الجنائية للأنشطة التجارية خارج مدونة التجارة لسنة 1996 في ثلاث فصول نخصص ( الأول ) للمؤيدات الجنائية في قانون الشركات التجارية ،ونخصص ( الثاني ) لقانون الملكية الصناعية والتجارية وما نص عليه من مخالفات جنائية ،بينما نخصص الفصل ( الثالث ) لدراسة المخالفات الجنائية في قانون المنافسة وحرية الأسعار وما نص عليه من عقوبات .
الفصل الأول : الحماية الجنائية للشركات التجارية .
الفصل الثاني : الحماية الجنائية لحقوق الملكية الصناعية والتجارية .
الفصل الثالث : الحماية الجنائية للمنافسة وحرية الأسعار .
1 – القانون رقم 95 -17 المنفذ بالظهير رقم 124 -96-1 الصادر في 30 أغسطس 1996 – الجريدة الرسمية عدد 4422 المؤرخة في 17 أكتوبر 1996 والمتعلق بشركات المساهمة .
2 – القانون رقم 96 -5 المنفذ بالظهير 49 -97-1 الصادر في 13 فبراير 1997 –ج./. عدد 4478 المؤرخة في تاريخ ماي 1997 ،المتعلق بشركات التوصية البسيطة ،وشركة التوصية بالأسهم ،والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحامة .
3 – القانون رقم 97-17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 19-00-1 المؤرخ في 9 ذي القعدة 1420 ( 15 فبراير 2000 ) والمتعلق بحماية الملكية الصناعية .
4 – القانون رقم 99 – 06 المنفذ بالظهير رقم 225 – 00 – 1 الصادر في 5 يونيو 2000 – ج ./. عدد 4810 المؤرخة في 6 يوليو 2000
0 التعليقات :: رابط
الفصل الأول : الحماية الجنائية للشركات التجارية
2006/11/26
الفصل الأول : الحماية الجنائية للشركات التجارية :
يندرج القانون الجديد للشركات في إطار الإصلاح الهيكلي الذي اعتمده المغرب لإصلاح الوضع الاقتصادي من كل جوانبه وخاصة إصلاح المنظومة القانونية المنضمة للأنشطة التجارية باعتبارها عصب الاقتصاد في كل بلد .
وأهم ما يميز قانون الشركات الجديدة سواء المتعلقة بشركة المساهمة – ق .رقم 95 .17- أو المتعلق بباقي الشركات التجارية – ق .رقم 96 .5- هو توسيعه لدائرة التجريم وإحاطة هذه الشركات إن على مستوى التأسيس أو الإدارة و التسيير أو عند حل الشركة وتصفيتها بعدة نصوص زجرية قصد حمايتها من تلاعبات المسيرين وكذلك حماية الشركاء في الشركة وحماية الاغيار المتعاملين معها ،وهو يهدف في نهاية المطاف إلى حماية الادخار العام ،وتشجيع الاستثمارات الداخلية منها والخارجية .ونحن إذ نحاول في هذا الإطار ‘إبراز أهم جوانب الحماية الجانبية للأنشطة التجارية وخاصة تلك التي تجري على مستوى عال أي من طرف الشركات التجارية . فإننا لا نجد كثير عناء في رصد جل المخالفات والعقوبات إن لم نقل كلها ،نتيجة حصرها وتنضيمها في أبواب وفصول محكمة ،مما دفع البعض إلى القول أننا أمام قانون جنائي للشركات ( 1 ) يمهد بدوره لوضع قانون جنائي للأعمال ،كما هو الحال في بعض الدول مثل فرنسا التي تعتبر قوانينها المصدر الأساسي للتشريع المغربي .
وتبرز أهم مظاهر هذه الحماية للشركات في الجوانب التالية : ( 2 )
1 – دعم وسائل إخبار العموم حول وضعية وحياة الشركة وخاصة شركات المساهمة التي تدعوا الجمهور للاكتتاب العام .
2 – دعم العقوبات الزجرية الموقعة على أعضاء أجهزة الإدارة والتسيير وعلى غيرهم من مخالفي مقتضيات التأسيس أو التسيير أو التصفية .
3 – النص على المسؤولية الشخصية والتضامنية للمؤسسين وأعضاء أجهزة الإدارة والتسيير ،وتبرز أهمية هذا المعطى على الخصوص بالنسبة لشركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة .
4 – إمكانية افتتاح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد المسيرين في حالة قيام مسؤوليتهم عن وجود نقص في أصول الشركة .
1 – انظر بهذا الخصوص . الدكتور لحسن بيهي * الشكلية في قانون الشركات * … ص 272 وما بعدها
2 – انظر بهذا الخصوص . الدكتور فؤاد معلال * م .س .ص …*
ويبدو أن هذه المظاهر من الحماية تبعث الطمأنينة في نفوس المستثمرين وتدفعهم لضخ مدخرات هامة نحو الاستثمار في إطار تكثلات اقتصادية قوية تسمح بمواجهة تحديات المنافسة والاكراهات التي أصبحت تفرضها العولمة .
غير أن ما يعاقب على قانون الشركات التجارية الجديد هو صدوره في نصين متفرقين حيث نضم المشرع بمقتضى القانون رقم 95 .17 الشركات المساهمة في حين أرجأ تنضيم باقي الشركات الأخرى ،شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات المحاصة بمقتضى نص آخر وهو قانون 96 .5 مما اضطر معه المشرع والحالة هذه في كثير من الأحيان الإحالة على مواد القانون الأول وفي أحيان أخرى يعيد صياغة هذه المواد حرفيا .
لذلك يجدر بالمشرع تنضيم الشركات التجارية قاطبة ضمن قانوني واحد تلافيا لأي إحالات أو تكرار ،وتفاديا لكل تأويل غير صحيح أو تعارض في الأحكام .
وقبل الشروع في تحليل الجرائم والعقوبات المرتبطة بأنشطة الشركات التجارية لا بأس أن نشير إلى أن تصنيف الشركات التجارية إلى عدة أنواع لا يمنع من اشتراك بعضها ببعض في أغلبية الجرائم المنصوص عليها في قانون الشركات . غير أن هناك جرائم أخرى خاصة ببعض أنواع الشركات دون غيرها ،ففي الغالب تبقى انشغالات المشرع هي نفسها لكن الشكل الخاص للشركة يفرض خضوعها لقواعد خاصة بها ( 1 )
وسنتوقف في هذه المحطة من البحث لدراسة وتحليل وسائل الحماية التي يمكن توفيرها للشركات والشركاء فيها أو الاغيار المتعاملين معها ،وذلك في جميع مراحل حياة الشركة التجارية ،أي خلال مرحلة التأسيس و الاشتغال وعند حل الشركة وتصفيتها .
وتأسيسا على ذلك يمكن معالجة موضوع الحماية الجنائية للشركات التجارية من خلال ثلاث مباحث ،وهي كالتالي :
المبحث الأول : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات تأسيس الشركة .
المبحث الثاني : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات التسيير .
المبحث الثالث : الجرائم المرتبكة بحل وتصفية الشركة .
1 Droit pennal des affaires .Dallez Paris 2001 . P 301 Armand colin
المبحث الأول : الجرائم المرتبطة بعدم احترام شكليات تأسيس الشركة .
إذا كان المشرع المغربي ،قد تخلى عن المطالبة بالترخيص المسبق لإنشاء الشركات التجارية ،وقلص حالات بطلان الشركات ،بفتح باب إصلاح العيوب الموجبة للبطلان وجعل تأسيس الشركة أكثر حرية ،تماشيا مع التوجه الاقتصادي اللبرالي ،فإنه بالمقابل تشدد في الجزاء الجنائي عند الإخلال بالشكلية القانونية ،المتطلبة في تأسيس الشركة التجارية ( 1 ) قصد توفير حماية فعالة للادخار العمومي عن طريق الردع والعقاب ( 2 ) .
ويمكن التميز في ما يخص المخالفات المرتكبة أثناء تأسيس الشركة إلى قسمين أولا مشترك بين كافة الشركات التجارية ( المطلب الأول ) والثاني خاص بالشركات المساهمة ( المطلب الثاني ) .
المطلب الأول : المخالفات المشتركة بين كافة الشركات التجارية :
بالإضافة إلى وجوب إفراغ النظام الأساسي للشركة في مستند مكتوب ،فإن المشرع استلزم شهر ذلك النظام .وتتم عملية الشهر عن طريق إيداع النظام الأساسي ونشره بسعي م الممثلين القانونيين للشركة ،وتحت مسؤوليتهم . ( المادتين 93 -94 من القانون 96 -5 ) ولما كان المشرع يهدف من فرض الشهر على الشركة تمكين الاغيار من التعرف على وجود شخص معنوي جديد في الميدان التجاري والإطلاع على نظامه الأساسي حتى يكون نافذا في مواجهتهم ،رتب بطلان عقد الشركة نتيجة لتخلف هذا الركن الشكلي الخاص بالشركة ،كما رتب ذلك عقوبات جنائية أهمها :
1 – غرامة مالية من 10000 إلى 50000 درهم ضد المسيرين الذين لا يقومون داخل الآجال القانونية بإجراء أو إجراءات الشهر المنصوص عليها في قانون الشركات .
2 – غرامة من 1000 إلى 5000 درهم ،ضد المسيرين الذين يغفلون الإشارة إلى التسمية التجارية للشركة في كل المحررات والوثائق الصادرة عن الشركة والموجهة للاغيار مسبوقة أو متبوعة مباشرة بالعبارة الدالة على شكلها القانوني أو أحرفها الأولى وبيان رأسمال الشركة ،ومقرها الاجتماعي ( المادة 419 من ق .ش .م /المادة 112 من قانون 96 -5 ) .
وتجدر الإشارة إلى أن الإشهار يتم عن طريق إيداع نسختين من النظام الأساسي للشركة إذا كان موثقا أو نظيرين منه إذا كان عرفيا بكتابة ضبط المحكمة
1 – لحسن بيهي * الشكلية في ضوء قانون الشركات المغربي * مطبعة دار السلم – الرباط -2005 ،ص 282
2 – فؤاد معلال * شرح القانون التجاري المغربي الجديد * الطبعة الثانية 2001 ،ص 339
3 – نفس المرجع ،ص
الموجود بها المقر الاجتماعي ،في أجل 30 يوم من تاريخ التأسيس مع قيد ملخص منه في السجل التجاري ،وبالإضافة إلى ذلك يجب نشر إشعار أو إعلان في جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية وذلك في أجل ثلاثين يوما من تاريخ التأسيس مما يعني أن عمليتي الإيداع والنشر يجب أن تكونا متزامنتين .
المطلب الثاني : المخالفات المتعلقة بشركات المساهمة :
لم يكتف المشرع بفتح المجال لتدارك الاختلالات الواقعة في تأسيس الشركة وبإقرار المسؤولية المدنية سواء للمؤسسين أو المتصرفين والمسيرين ،بل نص على جزاءات جنائية ضد هؤلاء عند قيامهم ببعض الأفعال في مرحلة تأسيس شركة المساهمة ،وذلك بغية توفير حماية فعالة للادخار العمومي .
وتتمثل المخالفات المتعلقة بتأسيس شركات المساهمة في :
1 – إصدار أسهم قبل قيد الشركة في السجل التجاري أو إذا ثم قيدها عن طريق الغش أو دون التقييد بالنصوص القانونية عند القيام بإجراءات التأسيس حيث يعاقب على ضلك بغرامة من 4000 إلى 20000 درهم ( المادة 378 /1 م ش .م )
وإذا ثم إصدار الأسهم ،دون أن يتم تحرير الأسهم النقدية عند الاكتتاب ،بمقدار الربع على الأقل ،أو دون أن يتم تحرير أسهم الحصص العينية تحريرا كاملا ،قبل تقييد الشركة بالسجل التجاري ،فإنه فضلا عن الغرامة ،يمكن الحكم بعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين شهر و ستة اشهر . ويمكن أن تضاعف العقوبات المنصوص عليها في المادة 378 المشار إليها ،إذا تعلق الأمر بشركات مساهمة تدعوا الجمهور إلى الاكتتاب .
2 – إصدار شهادات أو تصريحات غير صحيحة بشأن الاكتتابات والدفوعات وقوائم المكتتبين والعمل على الحصول على اكتتابات أو دفوعات صورية أو عن طريق نشر وقائع أسماء كاذبة والتقييم المغشوش للحصص العينية ،حيث يعاقب على ذلك بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 8000 إلى 40000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 379 ش .م ) .
3 – التصريح بوقائع كاذبة أو إغفال سرد كافة العمليات المنجزة لتأسيس الشركة من قبل المؤسسين وغيرهم من المسيرين أو أعضاء أجهزة الإدارة والتدبير ،في التصريح المقدم لكتابة الضبط من أجل قيد الشركة في السجل التجاري . حيث يعاقب على ذلك بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 6000 إلى 30000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 380 ش .م )
4 – تداول أسهم لا قيمة لها أو أسهم نقدية لم يحافظ على أسميتها إلى حين تحريرها بالكامل . أو قبل دفع ربع قيمتها على الأقل ،أو أسهم عينية قبل انصرام الأجل الذي تصبح فيه قابلة لتداول . حيث يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 6000 إلى 30000 درهم . أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ( المادة 381 من قانون شركات المساهمة ) ويلاحظ أن كافة المخالفات المشار إليها أعلاه فيها المشرع القصد ،وقد أحسن بذلك صنعا ،حيث استثنى بذلك المسيرين حسني النية من العقوبات الصارمة المسلطة على أعناقهم .
المبحث الثاني : الجرائم المرتبكة بعدم احترام شكليات التسيير :
نص المشرع المغربي على المسؤولية الجنائية للمسيرين في قانون الشركات وأفردت لها عقوبات جنائية وصفت من قبل العديد بأنها شديدة وقاسية واعتبر البعض الآخر أن المشرع تعامل مع المسيرين كمجرمين وهذا من شأنه شل عمل أجهزة التسيير والإدارة ،إذ أن الخوف من السقوط في المخالفات ومن العقاب عنها سيؤدي إلى إفقاد المسيرين روح المبادرة وبذلك فعوض تفعيل أجهزة التسيير سيؤدي القانون الجديد إلى شلها والحكم عليها بالجمود ( 1 )
غير أنه إذا كان تسيير الشركة يقتضي نظريا ،الحرص على حماية حقوق ومصالح الشركاء ،فإن الواقع العملي ،كشف عن وجود مسيرين قلما يأخذون بعين الاعتبار مصالح الشركاء ،لهذا السبب أقر قانون الشركات التجارية ،جملة من المقتضيات الجنائية غايتها معاقبة المخالفات المحتملة لشكليات إدارة الشركات التجارية ( 2 )
وسوف نحاول تحليل المقتضيات الجنائية الرامية إلى حماية المساهمين والاغيار والاقتصاد الوطني بصفة عامة ،والمطبقة على المسيرين ،من خلال دراسة المخالفات الجنائية المرتبطة بالجمعيات العمومية وشكلية أنشطتها ( المطلب الاول ) ثم المخالفات المرتبطة بحق الشركاء في الإعلام ( المطلب الثاني ) ثم المخالفات المرتبطة بمحاسبة الشركة ( المطلب الثالث ) وأخيرا المخالفات المرتبطة بشكلية تعديل رأس مال الشركة ( المطلب الرابع )
المطلب الاول : المخالفات المتعلقة باستدعاء وانعقاد الجمعية العامة ومسك وتنظيم محاضر اجتماعاتها.
حرص المشرع على حماية حقوق الشركاء بوضع مجموعة من المقتضيات الواجب على المسيرين وأعضاء أجهزة الإدارة والتسيير احترامها،سواء من حيث استدعاء المساهمين والشركاء ( فقرة الأولى ) ومن حيث انعقاد الجمعية العامة ( فقرة الثانية ) وكذلك مسك محاضر اجتماعاتها وتنظيمها ( فقرة الثالثة ) .
فقرة الأولى : المخالفات المرتبكة باستدعاء الجمعية العامة :
على الرغم من أن معظم المساهمين او الشركاء ،لا يحضرون واقعيا الجمعيات العمومية فإن المشرع حرص على تنظيم هذه الاستدعاءات ،وهكذا نصت المادة 389 من قانون 95 -17 على أنه * يعاقب بغرامة من 8000 إلى 40000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة الذين لم يدعوا داخل الآجال القانونية لحضور كل جمعية المساهمين المالكين لسندات اسمية منذ ثلاثين يوما على الأقل وفق الشكليات أو حسن نية مرتكبيها ( 1 ) .
1 – فؤاد معلال، م. س، ص 371 و 372.
2 – لحسن بيهي ، م. س، ص 285. –
1 – لحسن بيهي ،م ،س . ص 286
فقرة الثانية : المخالفات المرتبطة بانعقاد الجمعية العامة :
هذه المخالفات ،تخص فقط شركات الأسهم ( شركات المساهمة ،وشركات التوصية بالأسهم ) استنادا إلى المادة 118 من القانون 96 -5 المتعلق بباقي الشركات .
وتتمثل أهم هذه المخالفات حسب المادة 393 من القانون 95 -17 المتعلق بشركات المساهمة في :
1 – عدم القيام خلال كل اجتماع لجمعية المساهمين، بمسك ورقة حضور موقعة من طرف المساهمين الحاضرين والوكلاء ،مشهود على صحتها من قبل مكتب الجمعية ،وتتضمن هذه الورقة :
أ- الاسم الشخصي والعائلي وعنوان كل مساهم حاضر وعدد الأسهم التي يملكها وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها
ب- الاسم الشخصي والعائلي وعنوان كل وكيل وعدد الأسهم التي يملكها موكله وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها
ت- الاسم الشخصي والعائلي لكل ممثل وعنوانه وعدد الأسهم التي يملكها وكذا عدد الأصوات المرتبطة بها ،أو عند غياب هذه البيانات ،عدد التوكيلات الممنوحة لكل وكيل .
2 – عدم القيام بإلحاق التوكيلات الممنوحة لكل وكيل بورقة الحضور .
3 – عدم القيام بإثبات قرارات كل جمعية للمساهمين في محضر موقع من طرف أعضاء المكتب ومحتفظ به بالمقر الاجتماعي للشركة في سجل خاص يشير إلى تاريخ ومكان انعقاد الجمعية وكيفية الدعوة إليها وجدول أعمالها وتشكيلة مكتبها وعدد الأسهم المشاركة في التصويت والنصاب الذي ثم بلوغه والوثائق والتقارير المعروضة على أنظار الجمعية وملخص النقاشات ونص التوصيات المعروضة للتصويت ونتيجة التصويت .
ويعاقب على ذلك بغرامة من 6000 إلى 30000 درهم أعضاء أجهزة الإدارة أو التدبير أو التسيير لشركة مساهمة .
وعلى نقيض المخالفات المرتبطة باستدعاء الشركات والمساهمين لحضور الجمعية العامة فإن المخالفات المعاقب عليها بمقتضى المادة 393 تتطلب عنصر العمد لقيام المسؤولية الجنائية عنها وذلك ما يستفاد من عبارة * لم يقوموا عن قصد * الواردة في ذات المادة .
فقرة الثالثة : المخالفات المرتبطة بمسك وتنظيم محاضر اجتماعات الجمعية العامة
على خلاف المخالفات السابقة ،فإن مخافة مسك وتنظيم محاضر اجتماعات الجمعية العمومية تخص مجموع الشركات التجارية ،وهكذا عاقبت المادة 112 من قانون 96 -5 بغرامة من 1000 إلى 5000 درهم المسيرين الذين لم يعملوا على إثبات قرارات جمعية الشركاء في المحضر المتطلب ،وتضمينه البيانات المشار إليها في المادتين 10 و 73 حسب شكل الشركة ،ولم يعمل كذلك على تدوين المحضر المذكور في السجل الخاص بمحاضر الجمعيات الممسوكة بمقر الشركة . وذلك ما نصت عليه أيضا المادة 393 من قانون 95 -17 .
ويعتبر تحرير محضر اجتماع جمعية عمومية لم تجتمع فعليا ، يشكل جريمة تزوير ( 1 ) وهذا ما قررته محكمة الاستئناف بباريس في قرارها الصادر بتاريخ 9 نونبر 1994
وهذه المخالفات أيضا اشترط فيها المشرع العمد .