قراءة في القانون – الإطار رقم 51.17 باي باي مجانية التعليم
في موضوع التمويل، ينص القانون – الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتعليموالتكوين والبحث العلمي في المادة 43 منه على ما يلي : “تضمن الدولة مجانية التعليم الإلزامي …”. مع العلم أن التعليم الإلزامي حسب القانون – الإطار يشمل التعليم الأولي والابتدائي والإعدادي. هذه الفقرة من المادة 43 تثير عدة قضايا ومنها المجانية وإجبارية أو إلزامية التعليم وكذا إدراج التعليم الأولي ضمن التعليم الإجباري الواجب ضمان مجانيته من طرف الدولة التي يجب عليها ضمان مجانية التعليم الابتدائي والإعدادي أيضا.
ومن جهة أخرى، تنص المادة 45 منه على ما يلي : “تعمل الدولة طبقا لمبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص على إقرار مبدأ المساهمة في تمويل التعليم العالي بصفة تدريجية، من خلال إقرار رسوم للتسجيل بمؤسسات التعليم العالي في مرحلة أولى وبمؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي في مرحلة ثانية، وذلك وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى الدخل والقدرة على الأداء”. أمر المساهمة في التمويل سيبث فيه من خلال نص تنظيمي … وفي المادة 42 ، يتحدث القانون – الإطار عن “تفعيل التضامن الوطني والقطاعي” ويحدد من المساهمين “خصوصا منهم الأسر الميسورة”.
ونظرا لما يتضمنه القانون – الإطار من مغالطات، وجب الكشف عن بعض القضايا الغامضة المتعلقة بمساهمة الأسر في تمويل التعليم وفضح انعكاساتها المضرة بالنظام التعليمي المغربي.
1 – هل التعليم المغربي مجاني وإجباري؟
فيما يتعلق بمجانية التعليم العمومي المغربي، كلنا يعلم أن آباء وأولياء التلاميذ هم الذين يتحملون مسؤولية شراء مستلزمات الدراسة لبناتهم وأبنائهم عند كل دخول مدرسي وكلما دعت الضرورة إلى ذلك. وفي هذا المجال، فإنهم لا يتوصلون بأي دعم من الدولة لمساعدتهم على الوفاء بالتزاماتهم تجاه فلذات أكبادهم خصوصا بالنسبة للأسر الفقيرة المتعددة الأفراد مما يضاعف من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم ويؤدي بأعداد كبيرة من التلاميذ إلى مغادرة الدراسة أو الانتحار حتى بسبب عدم القدرة على شراء الأدوات المدرسية. وعليه، فإن الأسر المغربية تتحمل قسطا وافرا من المجهودات التمويلية لقطاع التربية. وبناء عليه، يمكن الجزم أن التعليم العمومي المغربي لم يكن أبدا مجانيا. صحيح أن الدولة تخصص ميزانيات مهمة لتسيير والاستثمار في القطاع ولكنها لم تكن تعير أية أهمية لتوفير الأدوات المدرسية للتلميذات والتلاميذ في أي سلك من الأسلاك التعليمية. ولم يتم العمل بتجربة توزيع المحفظات والمال العيني المعمول به حاليا في برنامج “تيسير” إلا في السنين الأخيرة مع العلم أن هذه المساعدات ليست معممة على الجميع.
أما فيما يخص الإجبارية أو الإلزامية، يكفي أن نذكر بكون ظهير الإجبارية قد صدر بتاريخ 13 نونبر 1963 ونص في الفصل الأول منه على ما يلي : “التعليم الأساسي حق وواجب لجميع الأطفال المغاربة ذكورا وإناثا البالغين 7 سنوات. تلتزم الدولة بتوفيره لهم مجانا في اقرب مؤسسة تعليمية عمومية لمكان إقامتهم ويلتزم الآباء والأولياء بتنفيذه إلى غاية بلوغهم تمام الثالثة عشرة من عمرهم”. إلا أن هذا الظهير قد بقي حبرا على ورق ولم يفعل مما حرم أعدادا كبيرة من الأطفال البالغين سن التمدرس من الانخراط في النظام التعليمي. ولم يفعل الظهير الصادر بتاريخ 19 ماي 2000 سوى أن ذكر بمحتويات ظهير 1963 وحدد مدة الإجبارية من 7 سنوات إلى 15 سنة وحمل كالعادة مسؤولية تفعيله وتنفيذه لآباء وأولياء التلاميذ. ومن الناحية العملية، تم التعامل مع الإجبارية كأنها مرادفة لقضاء 9 سنوات داخل النظام التعليمي أي ما يشكل ضمنيا الطور الأول والطور الثاني من التعليم الأساسي كما كان ينعث سابقا. ومن الممكن أن يفصل التلاميذ قبل إتمام التعليم الإعدادي.
فإذن، التعليم العمومي المغربي ليس مجانيا بالمطلق وليس إجباريا فعليا.
2 – حول ضمان مجانية التعليم الأولي
كلنا يعلم أن التعليم الماقبل مدرسي في المغرب قد تم التخلي عنه من طرف النظام لفائدة القطاع الخاص منذ بداية الاستقلال. وبالتالي، فإن هذا القطاع بما يشمله من رياض الأطفال والكتاتيب القرآنية حتى ليس مجانيا ويلجه الأطفال بعد أداء واجبات الدراسة. إذا كانت الدولة قد بدأت تلتفت مؤخرا لهذا السلك التعليمي وتخلق بعض الأقسام في مؤسسات عمومية محدودة، فليس من اللائق أخلاقيا القول بمجانية التعليم الأولي ما دام الأمر ليس كذلك في الواقع. بل يمكن القول على أن النظام التعليمي العمومي لم يستكمل هيكلته بعد نظرا لكون التعليم الأولي لا يزال لم يدمج فعليا في المنظومة التربوية. وهذه هي المهمة المستعجلة وذات الأولوية المطروحة على الوزارة إن هي أرادت استرجاع جزء كبير من التعليم الأولي إلى أحضان التعليم العمومي. أما الحديث عن مجانية هذا السلك، فهو مجانب للصواب لأن التعليم الماقبل مدرسي هو بصفة عامة إلى حدود الآن ملك خاص للقطاع الخاص. وكما هو معروف، فإن القطاع الخاص يسوق خدماته بالمقابل ولا مجال لديه للحديث عن المجانية في التعليم الأولي.
3 – حول الإعفاء الآلي للمعوزين من رسوم التسجيل في التعليم الثانوي والعالي
الملاحظة الأولى هي أن المصطلحات المستعملة مطروحة للنقاش ككل باعتبار أنه ليس هناك إعفاء كما سبق توضيح ذلك بالنظر إلى النفقات المكلفة للأسر لتمدرس أبنائهم وبناتهم. وعليه، فإن هذا الإعفاء لا يمكن أن يتسم بالآلي كونه غير موجود أصلا.
الملاحظة الثانية لها علاقة بمعرفة ماذا تعنيه رسوم التسجيل لسبب بسيط هو أن التلاميذ والطلبة متعودون دوما على أداء بعض الرسوم كلما تمت إعادة تسجيلهم في مؤسساتهم. يبدو أن هذه الرسوم الجديدة تتجاوز ما كان يؤديه المتمدرسون سابقا وهي ما يسمى بالفرنسية Les frais de scolarité أي أن التلميذ أو الطالب يمول دراسته ولا يكتفي بأداء بعض الرسوم غير المكلفة مثل التأمين وجمعية آباء وأولياء التلاميذ … المسألة تتعلق في هذه الحالة بالمساهمة في ميزانية التعليم الثانوي والعالي بشقيها المرتبطين بالتسيير والاستثمار …
الملاحظة الثالثة لها صلة بما سماهم القانون – الإطار ب”المعوزين”. هؤلاء هم المعروفون لدينا بمطالبتهم دائما بالإدلاء بشهادة الاحتياج لقضاء أغراضهم. أما في معجم المعاني الجامع، القول بأنه “هو من أعوز أهل الحي : من أفقرهم، أي من فقراء الحي الذين لا يملكون شيئا”. المعوزون، إذن، هم فقراء الفقراء أو الفئة الدنيا من الفقراء. وحتى في هذه الحالة، فإنهم يؤدون حاليا رسوم التسجيل المعمول بها في المؤسسات التعليمية. يبقى التساؤل حول ما إذا سيتم إعفاؤهم من هذه الرسوم أم لا مستقبلا. ويظهر – حسب هذا التدقيق الدقيق جدا – أن “الفئات العليا” من الفقراء ليسوا معنيين بالإعفاء الآلي المذكور في البيان.
مما يعني أن كل هذه التدقيقات حول “الإعفاء الآلي للمعوزين” ليست إلا عبارة عن مزايدات لا أقل ولا أكثر نظرا لأن احتمال وصول أبناء وبنات المعوزين إلى التعليم الثانوي وبالأحرى للتعليم العالي سيكون ضعيفا جدا. ويمكن القول أن الدولة هي المعفية من تمويل تعليمهم لأنهم سيكونون هم الضحايا الأولين للآلة التصفوية للنظام التعليمي. وهذه الخلاصة تنسحب كذلك على الفقراء في هذا البلد العزيز.
4 – عن أي ميسورين يتحدثون؟
تحدث القانون – الإطار عن الميسورين مع العلم أن الميسورين درجات. إذا كان القصد هم البورجوازيون المليونيرات الذي يعدون بالآلاف، فإن هؤلاء قد هاجروا التعليم العمومي منذ البداية ولا يرضون بغير تسجيل أبنائهم في مؤسسات البعثة الفرنسية بدءا من الروض وانتهاء بالمدارس العليا والكليات الفرنسية … وبالتالي، كل من يعزف على هذا الوتر غير الواقعي فهو منافق وبالأحرى كاذب.
وخلافا لهذا، فالأمر يتعلق بالطبقة الوسطى التي قال عنها الحليمي منذوب التخطيط أنها تمثل نسبة 55.8 في المائة من مجموع السكان مقابل 39.4 في المائة بالنسبة للفئات الإجتماعية المتواضعة (الفقراء والفقراء نسبيا) بينما تشكل الطبقات الغنية والغنية نسبيا 3.2 في المائة. هذا مع العلم أن الفئات الدنيا من الطبقة المتوسطة تتشكل من 26.1 في المائة من المستخدمين والحرفيين والعمال المؤهلين في المهن الحرفية و 26.7 في المائة من المتقاعدين وغير النشيطيين و12.6 في المائة من الأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين و4.4 في المائة من العمال الفلاحيين وغير الفلاحيين و4.4 في المائة من الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة حسب مندوب للتخطيط دائما.
على ضوء هذه الإحصائيات، يستفاد أن الأغنياء البورجوازيين الذي طلقوا التعليم العمومي نهائيا لا يمثلون إلا 3.2 في المائة. أما الفقراء، فيمثلون نسبة 39.4 في المائة من الشعب المغربي وهم سيستفيدون من المجانية نظريا ولكن أغلبهم سيكونون عمليا قد غادروا النظام التعليمي قبل الوصول إلى التعليم الثانوي. مما يعني أن القول بإعفاء الفقراء هو نفاق ما بعده نفاق ما دام القائمون على شؤون التعليم يعرفون حق المعرفة أن الفقراء مقصيون من التعليم بالتدريج. وعليه، فإن الفئات المفروض عليها الأداء لمتابعة دراستها في التعليمين الثانوي والعالي تمثل 57.4 في المائة من المغاربة. هذه هي الفئات التي يراد لها أن تتحمل مسؤولية تمويل التعليم العمومي مستقبلا ولا تستثنى حتى الشرائح الدنيا منها. وربما تم اللجوء إلى الفئات “العليا” من الفقراء لاستخلاص واجبات التمدرس. وبهذا الصدد، علينا ألا ننسى أن أعدادا كبيرة من الطلبة قد حرمت من المنح بمبرر أن مدخول أوليائهم يساوي 3000 درهم لكون هؤلاء الآباء يعدون ضمن الميسورين. فإذن، من الممكن أن يحدد مدخول معين بشكل تعسفي للفصل بين من سيؤدي وبين من هو معفي من الأداء كما كان الشأن بالنسبة للمنح في ثمانينات القرن الماضي إبان تطبيق برنامج التقويم الهيكلي المملى من طرف المؤسسات المالية الدولية. المهم هو أن الدولة ستلجأ حاليا إلى هذا الإجراء للتقليص من النفقات في التعليم من جهة وتعميق وتيرة التصفية ضد بنات وأبناء الطبقة المتوسطة والحيلولة دون متابعة دراستهم من جهة ثانية.
5 – هل تشكل الرسوم المقابل المالي لتكاليف الدراسة أم لا؟
بدأت تلوح بعض المؤشرات حول المقادير المالية المفترض أدائها لمتابعة الدراسات الجامعية من خلال ما فرضته عدة كليات على طلبة الماستر الموظفين وظهر أن “رسوم التسجيل” حسب قول البيان تقدر بالملايين. إّذا كانت هذه المقادير هي نمادج من الأسعار المعتمدة في الكليات، بكم ستقدر هذه الأثمنة في مدارس المهندسين أو بالنسبة للدكتورة وغيرها مثلا … كل ما هنالك هو أن الدراسة في الكليات والمدارس العليا تتطلب من الطلبة تخصيص ميزانيات ضخمة لتحقيق رغباتهم في متابعتها. وسواء أقر المجلس الأعلى بذلك أو نفاه، فإن هذه المبالغ المستخلصة من الطلبة ستغطي جزءا غير يسير من تكاليف الدراسة أو مجموعها.
على مستوى الثانويات، يمكن الاستئناس بالأثمنة المؤداة في التعليم الخاص لقياس مدى مساهمة هذه المبالغ في تغطية تكاليف الدراسة كليا أو جزئيا في التعليم الثانوي.
في كل الأحوال، فإن التلاميذ والطلبة الذين سيدفعون الأموال لمتابعة دراستهم سيساهمون في تمويل النظام التعليمي قليلا أو كثيرا لكن لا يليق التبخيس من مساهماتهم من طرف المجلس وتصنيفها كالتالي : “إن رسوم التسجيل هي مجرد شكل من أشكال التضامن الوطني”. الملايين التي سيؤديها كل من يرغب في متابعة دراسته في الجامعة على سبيل المثال لا تعدو أن تكون سوى “مجرد” رسم لا قيمة تمويلية لها في عرف القائمين على شؤون المجلس. أعتقد أنه يصعب تمرير هذه الكلام بسهولة بالنسبة للمواطنين المغاربة.
والمشكل الخطير من جهة ثانية هو الحرص على تغليف كل إجراء يريد النظام فرضه بطابع الواجب الوطني بدءا من الزيادة في السكر عقب فيضانات واد زيز في ستينات القرن الماضي إلى الزيادة في ساعات العمل بالنسبة لنساء ورجال التعليم والضريبة على التلفزيون … ولا تزال خزينة الدولة تتوصل بهذه “الواجبات الوطنية” ولم تتراجع عنها قط إلى حدود الساعة. اعتماد هذا الخيار هو بمثابة اللجوء إلى الأساليب الاستبدادية لفرض إملاءات المؤسسات المالية الدولية قسرا في قضية التعليم العمومي.
خلاصات
لقد طرح إلغاء مجانية التعليم منذ أن استطاع البنك العالمي وصندوق النقد الدولي إرغام النظام على تنفيذ برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983. ولم تتح فرصة التنفيذ إلا في الظرف الراهن المتسم باختلال موازين القوى لصالحه بعد تراجع حركة 20 فبراير في تقدير النظام. وبداية من سنة 2012، لجأ إلى اعتماد “الوسائل الكبيرة” كما انتقل إلى “السرعة القصوى” لئلا يفوت هذه الفرص المتاحة له لتمرير ما عجز عنه في ظروف سابقة مغايرة على المستويات السياسية والنقابية. وهكذا تمكن من تفكيك صندوق المقاصة وتمرير قانون التقاعد وقانون الإضراب والتوظيف بالعقدة وفصل التكوين عن التوظيف بالإضافة إلى الزيادة في أثمان المحروقات وتجميد التوظيف والترقية والأجور … بعبارة أخرى، استطاع أن يفرض ما لم يكن بمقدوره إنجازه في فترات سابقة أي أنه تقدم كثيرا في تنفيذ إملاءات المؤسسات المالية الدولية الداعية إلى خوصصة القطاعات الاجتماعية على غرار ما تم في القطاعات الاقتصادية الأخرى.
وها قد حان دور خوصصة التعليم العمومي في نظر النظام المستعين بخدمات الإسلامويين والأحزاب “الوطنية” والإدارية والمسخر للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ليصبغ على قراراته طابع “الديمقراطية”. كل الشروط متوفرة – إذن – لتبضيع وتسليع قطاع التعليم العمومي من خلال إلغاء مجانية التعليم الثانوي والتعليم العالي تحت مبررات غير مقنعة تدعي استهداف الميسورين بهذا الإجراء بينما تدل الوقائع أن المستهدفين هم بنات وأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة بحكم أن البورجوازيين المغاربة يدرسون في مؤسسات البعثة الفرنسية بصفة خاصة. الغاية من اتخاذ هذا الإجراء هو خوصصة التعليم العمومي أولا وتعميق وتيرة التصفية ضد الفقراء والفئات المتوسطة ثانيا ليتم الفرز الساطع بين المتمدرسين حسب وسطهم الاجتماعي الطبقي وبناء “صور برلين” بين مسلكين deux filières يكتسيان طابعا طبقيا فجا وساطعا : مسلك التعليم الابتدائي والإعدادي المخصص لأبناء وبنات الطبقات الفقيرة والمتوسطة ومسلك التعليم الثانوي والعالي المخصص لأبناء الرأسماليين المغاربة. زيادة على تخريب قطاع التعليم العمومي، هذا ما يصبو إليه النظام والبيادق الذين يساندونه من أجل إلغاء مجانية التعليم.
هذا هو التوجه النيوليبرالي المتوحش والمفترس الذي اختار النظام السير على خطاه بمساعدة أحزابه “الكبيرة” وامتداداتها النقابية. وقد أعلن عن أهدافه منذ زمان ويتحين الفرص دوما لتنفيذ نقطه البرنامجية المملاة عليه من طرف المؤسسات المالية الدولية. وعبر بالملموس طوال عقود من الزمن أنه لن يحيد عنها وأنه عازم على تنفيذها حرفيا كيفما كانت أحجام آلامها وجراحها بالنسبة للشعب المغربي وردود الفعل المنتظرة من المواطنين. وقد انحاز مؤخرا كليا إلى سياسة العصا الغليظة بسبب انتفاء ظروف الاعتماد على الجزرة في مواجهة الفئات الفقيرة والمتوسطة بفعل سن سياسة التقشف مقابل السخاء المفرط تجاه “خدام الدولة” المساندين له الذين يعتمد عليهم لتمرير إملاءات أسياده الإمبرياليين.
بكلمة، موقف النظام والتابعين له واضح وضوح الشمس في إطار الصراع الدائر على الساحة الوطنية لخوصصة القطاعات الاجتماعية وتمرير إملاءات المؤسسات المالية الدولية بالقوة إن اقتضى الأمر ذلك. المطلوب في هذه الحالة هو موقف موازي وواضح أيضا من طرف كل الفئات المجتمعية المتضررة من سياسة التقشف والتفقير الممنهج وتوزيع ممتلكات الشعب المغربي وتخريبها والإجهاز على مكتسبات وحقوق المواطنين لمصلحة خدام الأوليغارشية المالية في الداخل والخارج . ليس هناك بديل عن اندماج مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي لبناء جبهة يسارية مناضلة موسعة مكونة من الأحزاب والنقابات والجمعيات والمناضلات والمناضلين اليساريين المخلصين من أجل التصدي القوي والموحد من طرف كل الديمقراطيات والديمقراطيين المغاربة لهذه المخططات التخريبية لإفشالها ووضع حد لها خدمة لمصالح وطننا العزيز ومصالح الشعب المغربي.