قراءة قانونية في تقرير وسيط المملكة
بامتنان وشكر توصلت بتقرير مؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2017 المرفوع إلى جلالة الملك ، والذي تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 غشت 2018.
وكما هو معلوم فإن مؤسسة الوسيط مؤسسة دستورية بصريح الفصل 162 من الدستور الذي نص على أن ” الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة ، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين ، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية .
واستنادا إلى الظهير الشريف رقــم 1.11.25 بتاريخ 17 مارس 2011 بإحداث مؤسسة الوسيط ولاسيما المادة 37، يتعين على هذه المؤسسة أن ترفع إلى جلالة الملك تقريرا سنويا يتضمن على الخصوص حصيلة نشاطها وآفاق عملها وبيانا لأوجه الاختلالات والثغرات التي تشوب علاقة الإدارة بالمواطنين.
وبناء عليه يأتي التقرير أعلاه الذي يستخلص منه أن نسبة الشكايات والتظلمات خلال سنة 2017 عرفت ارتفاعا كبيرا قارب 10 في المئة مقارنة مع السنة التي قبلها ، حيث تم تسجيل ما قدره 9378 شكاية ، في الوقت الذي لا يدخل ضمن اختصاص مؤسسة الوسيط سوى 2713 شكاية .والباقي أي 6665 لا يدخل في مجال اختصاصها النوعي .
ويستشف من مما ذكر أن المواطنين يلتجئون لهذه المؤسسة بشكل مضطرد ، في الوقت الذي بإمكانهم اللجوء إلى القضاء الإداري أو حتى العادي من أجل رفع الضرر الذي يلحق بهم جراء تصرفات بعض أعوان الإدارة التعسفية .
وهذا راجع بالأساس لمجموعة من العوامل نتعرض إليها بعد التعريف بصلاحيات المؤسسة وأسباب إنشائها، وذلك بشكل مقتضب .
الكل يعلم بأن مؤسسة وسيط المملكة قامت على أنقاض مؤسسة والي المظالم ، وقد جاء في ديباجة القانون المنظم لها ، أن من أسباب إنشائها وإصدار هذا القانون. الرغبة الأكيدة لجلالة الملك في صيانة حريات المواطنين والجماعات والهيآت، وإحقاق الحقوق ورفع المظالم ،وتكريس سيادة القانون، وتحقيق العدل والإنصاف، وجبر الأضرار ورفع المظالم التي قد يعانيها المواطنون من جراء الاختلالات في سير بعض الإدارات، أو سوء تطبيقها للقانون، بما قد يصدر عن بعض المسؤولين الإداريين من تعسف أو شطط أو تجاوز في استعمال السلطة ؛ فضلا عن الاستجابة لما يتطلع إليه المواطنون من تقوية تطبيق مبادئ العدالة والإنصاف، في معاملاتهم مع الإدارة وسائر المرافق العمومية، بالنظر لما يطبع بعض القضايا المطروحة عليها من تعقيد، وما تتسم به من صعوبات، قد تحول دون تحقيق متطلبات العدالة واحترام حقوق الإنسان .
وقد خول هذا القانون صلاحيات مهمة لمؤسسة الوسيط تتمثل على الخصوص في:
_ النظر في تصرفات الإدارة المخالفة للقانون أو المنافية لمبادئ العدل والإنصاف ؛
_ تلقي الشكايات والتظلمات ومعالجتها وإجراء التحريات والبحث بشأنها ؛
_الوساطة والتوفيق بين المرتفقين والإدارة .
والملاحظ من خلال هذه الاختصاصات أن المشرع منح هذه المؤسسة سلطات واسعة من أجل العمل على المساهمة في إصلاح سلوك الإدارة والإداريين بما يضمن الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومي .ناهيك عن الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين السلطات العمومية والمواطنين.
وبناء عليه ، فتح الباب للمرتفقين، أي كانت مستوياتهم الطبقية أو الفئوية من أجل تقديم تظلماتهم وشكاياتهم لدى المؤسسة إما بصفة فردية أو جماعية سواء عن طريق البريد العادي أو المضمون،أو الإيداع المباشر بمقرات مؤسسة الوسيط ،أو أية وسيلة من وسائل الاتصالالمعمول بها قانونا.
وهذا ما تمتاز به المسطرة أمام مؤسسة وسيط المملكة ، بحيث الكل متساو أماها سواء من حيث الولوج أو الاستفادة من المجانية لا فرق بين غني أو فقير، عكس المسطرة القضائية التي تعتبر مسطرة معقدة تتمثل في وجوب الاستعانة بمحام من أجل تقديم مقال الدعوى ، وأداء المصاريف القضائية، ما لم يستفد المدعي من المساعدة القضائية، مما يجعل التمسك الحرفي بها إلى ضياع الحقوق.
غير أن هذا لا يعني بأنه يمكن قبول أي شكاية من طرف مؤسسة الوسيط، كيفما كان نوعها أو محتواها ، وإنما لا بد من مراعاة بعض الخصائص ، نذكر على سبيل المثال:
1_ أن تكون الشكاية مكتوبة وتحمل توقيع صاحبها أو وكيله القانوني ؛
2_ أن تتضمن معلومات وافية عن المشتكي سواء تعلق الأمر بهويته وعنوانه وصفته ؛
3 _ تحديد موضوع الشكاية والإدارة المشتكى بها ؛
4_ ألا تكون قضيته معروضة أمام القضاء ؛
5_ الإدلاء بالحجج المعززة لتظلمه ؛
6 _ خلو الشكاية من أي قذف أو سب أو إهانة .
وفي جميع الأحوال فإن المشتكي معفي من أية مصاريف أو صوائر كما أسلفنا.وذلك طبقا للمادة 55 من النظام الداخلي الصادر سنة 2012
ومما يجب التنويه إليه، أنه بإمكان هذه المؤسسة اعتماد تقنية التوجيه والإرشاد ، كلما تبين لها أن الشكاية لا تدخل في مجال اختصاصها أو أنها من البساطة ما يتطلب فقط الاستماع والنصح .
وقد ورد في الصفحة 20 من تقرير المؤسسة برسم سنة 2017 بأنه ” لن تتأفف المؤسسة من الشكايات الخارجة عن نطاق اختصاصها ، لأنها تعتبرها فرصة للإسهام في توجيه وإرشاد المواطنين وتمكينهم من المساعدة القانونية ليتمكنوا مما لهم من حقوق ، ويقصدون بصفة مباشرة الوجهة التي قد تساعدهم على حل مشاكلهم .”
وبخصوص تصنيف الشكايات حسب النوع ، فإن ثلاثة أرباع الشكايات الموجهة إلى مؤسسة الوسيط يتقدم بها الذكور ، بينما شكايات النساء لا تتعدى الربع ، ويمكن تبرير ذلك ظاهريا بأن نسبة الرجال المرتفقين أعلى من نسبة النساء، ولكن واقعيا يتعين العمل على هذه النقطة من أجل التأكد حقيقة من مبررات عدم اللجوء إلى تقديم الشكايات أمام مؤسسة الوسيط من طرف النساء ، ونحن نعلم تعسفات بعض رؤساء ورئيسات الإدارات تجاه زملائهم رجالا كانوا أو نساء ، وبنسبة أكبر ضد النساء الموظفات .
وهكذا فإن الشكايات المقدمة من الرجال تقدر ب1662 شكاية سنة 2017 ، بينما تقدمت النساء ب 500 شكاية فقط ، في جلها تتعلق بالانتفاع بالأراضي السلالية.
أما من حيث طبيعة القضايا فتأتي على رأسها القضايا العقارية ، إذ وصلت عدد الشكايات، 476 شكاية في الوقت الذي لم تتعد 407 شكاية في سنة 2016،وقد مثلت طلبات تسوية الوضعية القانونية لنزع الملكية الجبري ما يناهز 10 في المئة منها 5،5 في المئة تتعلق بالتعويض عن نزع الملكية والحقوق العقارية .
وقد تميزت السنة الفائتة بإصدار مؤسسة الوسيط ل510 توصية، تمت الاستجابة ل169 منها، والباقي موزع على الشكل التالي:
* 61 توصية لم تتم الاستجابة إليها؛
* 42 توصية في طور الدراسة؛
* 225 توصية لم تتوصل المؤسسة بأي جواب بشأنها؛
* 13 تم عرضها على القضاء.
وفي هذا الإطار لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة من قبيل، هل القانون المنظم لمؤسسة الوسيط يساعد هذه المؤسسة على القيام بدورها الدستوري ، ثم لماذا لا تتم الاستجابة لبعض التوصيات الصادرة عن المؤسسة والإدارات المعنية تعلم بأنها ستكون محل تقرير سنوي ينشر أمام الملأ بالجريدة الرسمية ويعرض على الجناب الشريف؟ ثم لماذا يلتجئ بعض المرتفقين إلى القضاء بعد أن يكونوا تقدموا بتظلماتهم أمام المؤسسة ؟
أولا بخصوص التساؤل المتعلق بهل القانون المنظم لمؤسسة الوسيط يساعد هذه المؤسسة على القيام بدورها الدستوري؟
نجيب بأنه عند دراسة الظهير المحدث لمؤسسة الوسيط ، يلاحظ أنه لم يأت بالقوة التي منحها الدستور للمؤسسة ، ذلك أن الفصل 162 من الدستور جاء ضمن الباب الثاني عشر تحت عنوان الحكامة الجيدة ، وحدد اختصاصها كالتالي :
_ الدفاع عن الحقوق ؛ وهذا يعني أن مهمة المؤسسة هي المرافعة بكل ما تعني كلمة المرافعة ضد الظلم ؛
_ الإسهام في ترسيخ سيادة القانون؛ والقانون بمفهوم الفصل 6 من الدستور هو أسمى تعبير عن إ رادة الأمة ، والجميع بما فيهم السلطات العمومية متساوون أماه وملزمون بالامتثال له ؛
_ إشاعة مبادئ العدل والإنصاف؛ ومن تم تكون المؤسسة جهازا مكملا للدور الذي تقوم به السلطة القضائية في مجال تحقيق الأمن القضائي إلى جوار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وذلك بكل استقلالية عن السلطتين القضائية والتنفيذية؛
_ إشاعة قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية؛ وقد جاء في الفصل 154 من الدستور أنه ” تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية ، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور .”
وقد تكفل الدستور في تصديره بالإشارة إلى أن المملكة المغربية تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسة دولة حديثة مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة وإرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.
وهذا يعني وبكل وضوح أن دور المؤسسة طبقا للدستور ليس النصح والموعظة والتوصيات فحسب ، وإنما اتخاذ القرارات الملزمة للإدارات العمومية حفاظا على التطبيق السليم للدستور.
إلا أنه عوضا أن يأتي القانون المنظم لمؤسسة الوسيط بحمولة قوية تفرض على المعنيين بالأمر الانضباط والاحتكام إلى الدستور باعتباره أسمى قانون ، جاء بشكل محتشم يجعل “فراعنة الإدارة ” في حل من كل التزام تجاه توصياته بل واعتبروها مجرد نصائح وإرشادات خالية من أي جزاء قانوني أو حتى سياسي، معتمدين في ذلك أن المشرع استعمل عبارات لطيفة تجاههم من قبيل “إذا تبين “، إذا اتضح “، “قام بجميع المساعي “قصد حثها “، “يمكنه توجيه توصياته واقتراحاته….”
وهكذا يظهر أن النص الحالي المنظم لمؤسسة الوسيط أسقط كل حمولة وثقل أتى به الدستور الذي جعل من هذه المؤسسة مؤسسة دستورية تعمل إلى جانب جلالة الملك من أجل إحقاق الحق وتصويب كل اعوجاج يتصل بالمرافق العمومي.
وهذا ما جعل محكمة النقض في قرارها رقم 1296 بتاريخ 23 نونبر 2017 في الملف الإداري عدد 469/4/3/2017 تعتبر توصيات مؤسسة الوسيط غير ملزمة، معتمدة في ذلك على النص المنظم للمؤسسة وعللت قرارها بأن الفصلين 30 و 31 من القانون المؤسس لمؤسسة الوسيط لا يتضمنان ما يفيد إلزام رئيس الحكومة باتخاذ إجراءات جزائية ضد الإدارة التي تمتنع عن تنفيذ توصيات هذه المؤسسة.”
وهذا التعليل في نظرنا لا يقلل من شأن مؤسسة الوسيط أو يحط من قيمتها الدستورية ، وإنما يثير انتباهها إلى التقصير والثغرات القانونية الموجود في النص القانوني المنظم لها .
ويدق الأمر أكثر، إذا علمنا أن القانون الداخلي للمؤسسة المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 26 مارس 2012 ، لا يسعف هذه المؤسسة كذلك في ضمان تنفيذ توصياتها وكل ما تمنحها المادة 81 هو رفع تقرير إلى رئيس الحكومة قصد اتخاذ الجزاءات التي يراها مناسبة ضد الإدارة “الظالمة”.
ونحن نعلم بأن بعض المسؤولين الإداريين يعتقدون بأنهم فوق مساءلة رئيس الحكومة لأنهم لا يعينهم ويخضعون لمسطرة التعيين في المناصب العليا بالموافقة السامية لجلالة الملك بالمجلس الوزاري وبظهير شريف، والقاعدة أن من يملك سلطة العقاب هو من يملك سلطة التعيين. وهذا يعني في نظر هؤلاء أن مكاتبة رئيس الحكومة بشأنهم تكون فقط من أجل الإخبار، ، متناسين أن جلالة الملك هو الذي يعين أعضاء الحكومة وعلى رأسهم رئيس الحكومة ، فضلا عن أن الدستور صريح في فصله 89 بأن الإدارة ككل موضوعة تحت تصرف السلطة التنفيذية .
ومهما يكون فإنه من الحزم إعادة صياغة النص المنظم لمؤسسة الوسيط لكي يوافق القانون التنظيمي رقم 02. 12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 17 يوليو 2012 كما وقع تعديله وتتميمه. لأن بعض المسؤولين الإداريين يعتقدون أنهم غير معنيين بتوصيات مؤسسة الوسيط، وهذا ما يفسر عدم احترام بعض الإدارات للمهلة القانونية المخصصة للأجوبة عن استفسارات مؤسسة الوسيط والتي حددها المشرع في 30 يوما ، قابلة للتمديد لمهلة إضافية تحددها المؤسسة ، على اعتبار أن بعض المسؤولين الإداريين فهموا بما أن المشرع في جميع الأحوال لم يخصص أي جزاء عن عدم احترام هذا الأجل بالنسبة للمسؤولين المعينين في المجلس الحكومي، فأحرى هم الذين عينوا في مجلس وزاري .
وهذا الاتجاه غير صحيح، لأن المشرع استعمل عبارة ” القيام بالإجراءات اللازمة للنظر في القضايا المحالة عليها ” ثم أعقب ذلك بأن تخبره الإدارة ” كتابة بالقرارات والإجراءات التي اتخذتها بشأن توصيات واقتراحات وسيط المملكة .
والمشرع عندما استعمل ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية وإخبار الوسيط بما تم القيام به ، فهذا ليس من باب الترف القانوني وإنما لكي يتمكن من تقييم هذا الإجراءات المنجزة من طرف جميع الإدارات أي كانت الوسيلة المعتمدة في تعيين رئيسها، حتى إذا كان غير مقتنع بما قدمت من توضيحات طلبها بالعدول عن موقفها لما فيه تحقيق المصلحة العامة ، بل ومن حق الوسيط إذا تبين أن سلوك أحد الموظفين المشتكى بهم متسما بالخطأ الجلي أن يطلب من رؤسائه( سواء كان إداريا أو سياسيا ) تحريك مسطرة المساءلة التأديبية وحتى المتابعة الجنائية تطبيقا للمادة 16 من القانون المنظم للمؤسسة ، وعلى العكس وإذا تبين له بأن موقف الإدارة سليما وجاء تطبيقا لنص قانوني صارم، وجب عليه بقوة القانون التدخل لدى رئيس الحكومة طبقا للمادة 15من نفس القانون من أجل مطالبته بترجيح روح النص على حرفيته تحقيقا للعدالة والإنصاف ، مع اقتراح إعداد مشروع قانون لتعديل النص الصارم.
ومما يجب التنويه إليه ، أن طاقم مؤسسة الوسيط واعون بهذا الوضع، مما دفعهم إلى التفكير في إعادة صياغة القانون الأساسي والداخلي للمؤسسة بما قد يحد بشكل بارز من هذه الوضعية الشاذة لبعض المسؤولين الإداريين الذين قال فيهم جلالة الملك بمناسبة الذكرى 18 لعيد العرش “أما الموظفون العموميون ، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة ،وعلى الطموح اللازم ،ولا تحركهم دائما روح المسؤولية ….إن من بين المشاكل التي تعيق تقدم المغرب ،هو ضعف الإدارة ، سواء من حيث الحكامة أو مستوى النجاعة أو جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين ..”
وبناء عليه تم إعداد مشروع قانون رقم 14.16 يتعلق بمؤسسة الوسيط ، الذي صادق عليه مجلس النواب في جلسته العامة بتاريخ 24 أبريل 2018، غير أن أهم ما تضمنه هذا المشروع هو قطع التقادم ومنح الوسيط ومندوبيه الحصانة القانونية دون أن يرقى المشروع إلى تطلعات الدستور على اعتبار أن مؤسسة الوسيط هي مؤسسة دستورية تعمل كما أسلفنا تحت أعين جلالة الملك ، من أجل إحقاق الحق والقطع مع السلوك المشين داخل المرفق العمومي ، وإذا كان من الواجب عليها رفع تقرير سنوي إلى جلالته فمن أجل تقويم سلوك الإدارة، وتخفيف حجم الدعاوى القضائية التي تكلف الدولة ميزانية فضيعة نتيجة الأحكام القضائية بالتعويض بسبب الشطط ،أو الضرر المادي والمعنوي الذي يتسبب فيه بعض “فراعنة الإدارة “، والتي من المفروض أن تقتطع من أموالهم الخاصة وما أكثرها ، عوض تحميلها لجيوب المواطنين الأبرياء بما يدفعونه من ضرائب ورسوم .
والمشروع المذكور معروض على غرفة مجلس المستشارين من أجل دراسته والتصويت عليه بشكل يجعله يساير تطلعات المشرع الدستوري وطموح المرتفقين ولاسيما بخصوص القطع مع شطط المسؤولين الإداريين ومنح سلطات واسعة لمؤسسة الوسيط من أجل المساهمة في معالجة الاعوجاج الذي تعرفه جل المرافق العمومية نتيجة غياب المساءلة المدنية والإدارية لمسؤوليها ، ناهيك عن العمل على مراجعة قانون الوظيفة العمومية والأنظمة الأساسية الخاصة ، بما يجعل عدم تنفيذ توصيات وسيط المملكة أو التلكؤ في الإجابة عن الملاحظات والاستفسارات الصادرة عنه، مخالفة مهنية تتطلب العقوبة الإدارية ، والجنائية إذا ارتقت المخالفة إلى فعل جرمي مشهود.
منقول