محاضر الشرطة القضائية في الإثبات
تقديم
تعد محاضر الشرطة القضائية من بين أهم وسائل الإثبات في المادة الجنائية لما تحتويه من اعترافات ومعاينات ووقائع وشهادات وتصريحات من شأنها أن ترفع اللبس وتكشف للقاضي الجنائي عن مجموعة من الحقائق حول القضية المعروضة عليه لتكوين قناعاته الشخصية التي يعتمد عليها لإصدار الأحكام المناسبة إما بالبراءة أو الإدانة[1] بناءا على سلطته التقديرية.
ولما كانت محاضر الضابطة القضائية ضرورية ووسيلة من وسائل الإثبات، فقد تناولها المشرع المغربي بتفصيل مستفيض أكثر من باقي الوسائل الأخرى حيث خصص لها حيزا تشريعيا هاما في قانون المسطرة الجنائية، ميز فيما بينها من حيث قوتها الثبوتية.
وبما أن هذه الأخيرة قد تتضمن تصريحات يمكن أن تنزل منزلة الاعتراف الجنائي والذي لم يعمل المشرع على تعريفه، فإن ذلك أدى بدوره إلى ظهور مجموعة من الاجتهادات القضائية والفقهية في شأن القوة الثبوتية للاعتراف المضمن بمحاضر الشرطة القضائية، وبما أن الأصل في الأشياء هو الايباحة فلقد عمل المشرع على فتح الباب للاحتجاج والطعن على كل خرق للشروط الشكلية الواجب توفرها في محاضر الشرطة القضائية، وعلى الإجراءات المضمنة بها عن طريق فتح مجال تقديم الدفوع الشكلية والتي تعد بدورها بمثابة موجه للرقابة القضائية على محاضر الشرطة القضائية.
وضمانا للقوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية فقد نص المشرع في قانون المسطرة الجنائية واستوجب احترام مجموعة من الشروط والشكليات أثناء إنجاز المحاضر من طرف ضباط الشرطة القضائية، كما تضمن هذا القانون الشروط والأحكام الواجب التقيد بها من طرف الضابط أثناء إنجازه للإجراءات الموكولة إليه وحثه على الإشارة إليهما بالمحضر، واعمال هذه الشروط يبقى رهين بتقرير جزاء قانوني على خرقها من طرف ضباط الشرطة القضائية.
وبناءا على ذلك فالمحضر الذي تتخلف فيه كل أو بعض شروط صحته أو تتخلف فيه إحدى شروط أو أحكام الإجراء الجنائي يترتب عنه عدم إنتاج هذا الإجراء لآثاره، وتعتبر الدفوع من الوسائل التي من خلالها يمكن دحض ما جاء في المحاضر للدفع بالبطلان[2].
وسوف نتناول هذا الموضوع في مبحثين وفق الخطة التالية:
المبحث الأول: القوة الثبوتية لمحاضر الشرطة القضائي
المبحث الثاني: الدفع ببطلان محاضر الشرطة القضائية
المبحث الأول: القوة الثبوتية لمحاضر الشرطة القضائية
تتميز محاضر الشرطة القضائية بمكانتها الهامة على مستوى قوتها الثبوتية، حيث عمل المشرع المغربي على الترجيح فيما بينها أمام القضاء الزجري، والتي نظمها المشرع بموجب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية القوانين الخاصة، والتي تتفاوت بخصوص قيمته الثبوتية، بين محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت ما يخالفها ومحاضر لا تعتبر إلا مجرد بيانات من جهة ( المطلب الأول)، ومحاضر لا يمطن الطعن فيها إلا بالزور ( المطلب الثاني)
المطلب الأول: محاضر يوثق بمضمونها إلى أن تثبت العكس ومحاضر لا يعتبر إلا مجرد بيانات
خصص المشرع لهذه المحاضر نصوص بمقتضى المواد 290 و 291 من قانون المسطرة الجنائية، وهذه المحاضر تتميز بمجموعة من الخصائص، بين محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت ما يخالفها وهذه تجد اساسها في محاضر الجنح والمخالفات ( الفقرة الأولى)، ومحاضر لا تعتبر إلا مجرد بيانات وعلى رأسها محاضر الجنايات (الفقرة الثانية)الفقرة الأولى : محاضر يوثق مضمونها إلى أن يثبت العكس
تتأسس القيمة الإثباتية النسبية لهذه المحررات على المادة 290 ق.م.ج التي جاء فيها بأن: ” المحاضر والتقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات”[3].
يتضح من خلال النص أعلاه بأن هذا النوع من المحاضر يقبل إثبات عكسه بأي وسيلة من وسائل الإثبات، وذلك تكريسا لما استقر عليه الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، على اعتبار أن هذه الوسائل كلها متساوية من حيث القيمة الثبوتية في الجنح والمخالفات، والتي تقيد القاضي في الحدود القانونية من حيث حجيتها، إذ يمكن لهذا الأخير، أو للكمة أن تستمع إلى الشهود أو تقرر إجراء خبرة أو اعتماد قرائن قوية كالتناقضات الواردة بالمحاضر في مختلف أجزائها أو في حالة وجود محاضر متعددة، إذا كان هناك تعارض في محتواها.[4]
إن المشرع من خلال المادة 290 من ق.م.ج وضع حدا للجد الذي كان قائما في ظل ق.م.ج الملغى حول نوعية الدليل الذي يجوز استعماله لإثبات خلاف ما يتضمنه محاضر الجنح والمخالفات، باعتباره أن جميع وسائل الإثبات متساوية من حيث القيمة الثبوتية لدى يمكن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشهود أو بالخبرة، أو اعتماد قرائن أخرى قوية كوجود محاضر تتعارض فيما بينها والتناقض الوارد بالمحضر بل يمكن استعمال الصورة الفوتوغرافية التي يأخذها ضابط الشرطة في مكان الجريمة إذا تبين منها خلاف ما ضمنه الضابط كتابة في المحضر وهذا ما استقر عليه المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) في إحدى قراراته إذ جاء ضمن حيثياته ” أن المحاضر المحرر بشأن الجنح التي يثبت فيها محررها وقائع معينة تفيد ارتكاب الجريمة ليست حجة بما ورد فيها إذا ثبت ما يخالف مضمونها”[5].
وايضا اخذ الاجتهاد القضائي بالصور الفوتوغرافية لإثبات عكس ما ورد بمحضر ضباط الشرطة القضائية، حيث جاء بأحد قرارات المجلس الأعلى ” لما كان الفصل 291 من ق.م.ج لم يحدد نوعية الحجج التي يكون من شأنها أن تعارض التنصيصات الواردة في محاضر ضباط الشرطة القضائية والتي يوثق بمضمنها ما لم يثبت ما يخالف ذلك، فإنه يصوغ لقضاء الموضوع من غير أن يكونوا قد خرقوا نص الفصل المذكور أن يعتمدوا سعيا وراء دحض ما جاء في المحضر على الصورة الفوتوغرافية التي التقطها رجال الدرك أنفسهم وأرفقوها بمحضرهم”.[6]
رغم أن المحاكم تعتمد على المحاضر في الإدانة أو البراءة[7] ، فقد اعتبرها أنها تهدر قرينة البراءة من حيث كونه يقلب عبء الإثبات ومن حيث إمكانية اعتباره حكما سابقا للأوان، خاصة إذا تضمن المحضر تصريحات واعترافات لم يدل بها المشتبه فيه بالمرة أو انتزعت منه أثناء استجوابه قهرا وقصرا ولم يستطع هذا الأخير إثبات عكسها أمام المحكمة.
وهذا ما يجرنا إلى الحديث عما يقع كثيرا في العلم من جنوح غالبية المتهمين في الجنح إلى إنكار ما نسبه محضر الضابطة القضائية إليهم من وقائع لعل أهمها الاعترافات التي صدرت عنهم أثناء عملية البحث التمهيدي بإدعاءات مختلفة أظهرها الإكراه المسلط عليهم في هذه المرحلة الذي غالبا ما يعجزون عن إثباته[8].
وهنا لابد أن نشير إلى أنه إذا كانت هذه المحاضر يوثق بمضمنها إلى أن يثبت ما يخالفها فهذا لا يعني أن المحكمة تكون ملزمة بالأخذ بمضمنها في حالة ما لم يثبت عكسها، بلا لها أن تأخذ به أو تستبعده وذلك بناء على ما لها من حرية في تقدير قيمة الأدلة المطروحة أمامها، فإن هي اقتنعت بها بنت حكمها عليها، وإن لم تقتنع بها فلها أن تصرف النظر عنها.
وهنا نتساءل حول طبيعة المحضر الذي يوثق به هل الأمر يقتصر على ما ضمنه الضابط في المحضر بما عاينه او شاهده بنفسه، أم أنه يتجاوز ذلك ليشمل البيانات التي وصلت إلى علم الضابط من قبيل تصريحات الشهود؟.
” إن القوة الثبوتية للمحاضر المقامة في شأن الجنح والمخالفات من لدن ضابط الشرطة القضائية وجنود الدرك والموظفين الموكول لهم ذلك قانونا لا يعول فيها إلا على ما شاهده أو سمعه أو قام به محررو تلك المحاضر بأنفسهم وليس على ما تضمنته تصريحات تلقوها من غيرهم شأنها أن تحمل الصدق والكذب وعليه إذا كان المحضر متضمنا لإقرار المتهم أمام ضابط الشرطة القضائية المحرر له، ثم رجع المتهم عن إقراره أمام المحكمة فإنه يعود إلى هذه بما من سلطة تقديرية مطلقة بخصوص النازلة أن تقبل ذلك الرجوع ، وتعتبر أن ما صرح به المتهم لدى الشرطة غير مطابق للواقع.[9]
وهنا أيضا نطرح التساؤل حول المقصود بما عاينه وشهاده الضابط؟ هل التصديق بكون المحضر قد صدر فعلا عن ضابط الشرطة القضائية، أم التصديق بمطابقة مضمون المحضر للحقيقة الواقعية؟
اتجاه من الفقه يذهب على أنه إذا كان المحضر لا يتضمن إلا إقرار من طرف المتهم، دون أن كون الضابط المحرر له قد شاهد بنفس الوقائع المروية في الإقرار ثم رجع المتهم عن هذا الإقرار أمام المحكمة، فإن هذه ليست ملزمة بالأخذ بمضمون المحضر، لأنها تكون إذاك أمام روايتين للوقائع متباينين صادرتين عن المتهم، الواحدة أمام ضابط الشرطة القضائية والأخرى أمامها ولا يوجد أي نص قانوني ولا أي منطق، يلزمها بأن ترجح بكيفية حتمية إحدى الروايتين على الأخرى، ولذلك من حقها أن تستعمل سلطتها التقديرية بشأن الوقائع، لتختار بين الروايتين ما يظهر لها مطابق للواقع، فإن تبين أن الرواية المدلى بها صحيحة أخذت بها، دون أن تخالف بذلك قاعدة القوة الإثباتية للمحاضر[10].
وفي اعتقادنا أن هذا الإتجاه هو الصواب، وبالتالي ما ورد في الفصل 292 من ق.م.ج حول حجية محاضر الضابطة، من حيث امتدادها إلى كون المحضر صادر عن ضابط الشرطة القضائية، أم إلى مطابقة ما ورد فيه للواقع لنقول أن هذه الحجية، تنحصر في تصديق ينصرف إلى الثقة في كون ما هو مسطر بالمحضر قد صدر فعلا عن محرره، أما مطابقة ذلك للحقيقة الواقعية، فهو من شأن قاضي الموضوع بما له من حرية في تقدير الدليل.
لكن من المؤسف أن نلاحظ أن بعض المحاكم الدنيا، ما تزال تعلل أحكامها كلما أرادت إصدار حكم بالإدانة، اعتمادا على ما هو وارد بالمحاضر رغم انكار المتهم أمام المحكمة، وهو ما ذهبت إل المحكمة الابتدائية بالحسيمة حيث جاء فيه “….. حيث توبع الظنين من أجل ما هو مسطر في حقه أعلاه، وحيث أنكر أمام المحكمة المنسوب إليه، لكن حيث اعترف تمهيديا بزراعة القنب الهندي في القطعة الكائنة بجبل برنص، وحيث أن محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمونها إلى أن يثبت ما يخالفها وحيث أنه اعتبارا للعلل المبينة أعلاه قد اقتنعت المحكمة بثبوت المنسوب إلى الظنين في حقه ثبوتا يقينيا يستوجب مؤاخذته وعقابه عنه”[11].
وهنا قد تجد المحكمة نفسها أمام محضرين متناقضين، يتعلقان بنفس الوقائع ونفس الأشخاص الماثلين أمامها، كأن يتضمن المحضر الأول اعتراف المتهم، والمحضر الثاني إنكاره، ففي مثل هذه الوضعية فالمحضرين يخضعان للسلطة التقديرية للقاضي الزجري، حيث تدرس المحكمة كلا المحضرين وباقي وسائل الإثبات التي تمت مناقشتها أمامها ثم تأخذها بالمحضر الذي يوافق ويتطابق مع وسائل الاثبات المعززة لما ضمن له، وفي المقابل استبعاد المحضر الأخر بعلة أنه ثم إثبات خلاف ما ضمن به بوسائل قانونية طبقا للمادة 290 من ق.م.ج.
ختاما يمكن القول على أن القوة الثبوتية لمحاضر الضابطة القضائية في الجنح والمخالفات تخضع للسلطة التقديرية للقاضي، حيث يمكن له أن يأخذ به أو يستبعده أو اخذ جزء منه واستبعاد الجزء الأخر، شريطة التعليل تطبيقا للفقرة 8 من المادة 365 من ق.م.ج.
ونشير إلى أن المشرع الجزائري على عكس ما جاء به المشرع المغربي فقد حصر الأدلة التي بواسطتها يمكن إثبات عكس ما جاء بالمحضر وهذا الدليل يجب أن يكون إما شهادة الشهود أو دليلا مكتوبا[12].
الفقرة الثانية: المحاضر التي تعتبر مجرد بيانات
تنص المادة 291 من ق.م.ج على أنه ” لا يعتبر ما عاد ذلك من المحاضر أو التقارير إلا مجرد معلومات”.
إن أول ملاحظة تثير الإنتباه مقارنة مع النص الملغى[13]، هو استعمال مصطلح ” معلومات” عوض مصطلح ” بيان”، والمقصود بهذا الأخير هو ما تتبين به الشيء من الدلالة، وتبين الشيء اتضح الشيء وأوضحه، وهو الدليل والحجة، ومن ثمة فإن كلمة ” بيان ” تعتبر أكثر حجة وبرهان ودليلا على ثبوت وقائع معينة، أما كلمة ” معلومات” فتعني فقط معطيات تتعلق بوقائع معينة.[14]
استنادا إلى مضمون المادة أعلاه، نقف على أنه باستثناء المحاضر التي نص عليها المشرع ضمن المادتين 290 و 292 من ق.م.ج، فإن باقي المحاضر لا تعتبر سوى مجرد معلومات يمكن للمحكمة أن تستند إليها كوسيلة للإستئناس حتى تساهم في تكون قناعتها، وليس لها أي قوة ملزمة.
وعلى رأس هذه المحاضر نجد محاضر البحث التمهيدي الخاصة بالجنايات والتي يعتبر محتواها مجرد معلوما تخضع للسلطة التقديرية للقاضي[15]، هذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) ” أن المحاضر التي لا تعتبر إلا مجرد بيانات، فيما يخص الجنايات هي محاضر ضباط الشرطة القضائية وجنود الدرك ، أما الاستنطاقات أمام النيابة العامة فليست كذلك”[16].
وما يعب في هذا الحكم ومجانب للصواب، كيف يعقل أن نمنح لمحاضر الاستنطاق أمام النيابة العامة قوة ملزمة، علما أن هذه الأخيرة تعتبر طرفا رئيسا في الخصومة الجنائية ، مما يمس بمبدأ المساواة بين الأطراف أمام القضاء.
ويفهم من هذه القرارات ، أن المحضر المتعلقة بالجنايات، تعتمدها المحكمة على سبيل الاسترشاد والاستئناس، وليست لها حجية قانونية ملزمة[17].
وهنا سؤال يبادر إلى الدهن بخصوص محاضر المخالفات والجنح التي لا تتوفر على الشروط الشكلية اللازمة لصحتها، هل يمكن الأخذ بها من طرف القاضي على سبيل الإستئناس؟.
من خلال المادة 289 من قانون المسطرة الجنائية، يمكن اعتماد المحاضر التي لا تتوافر على الشروط اللازمة لصحتها على سبيل الإستئناف متى اقتنعت بها، كما أن المحاضر والتقارير التي ينجزها موظف عمومي لا ينتمي إلى الشرطة القضائية بخصوص الجرائم التي ترتكب داخل الإدارات فهذه المحاضر هي الأخرى لا تكون دليلا على ارتكاب الفعل المجرم ولكن للمحكمة أن تستأنس بها مع وجود وسائل الإثبات.
وتبعا لذلك فلغرفة الجنايات أن تركز على أي وسيلة من وسائل الإثبات في إبعاد محتويات هذه المحاضر حتى ولو تعلق الأمر بالإنكار المجرد للمتهم متى بدى لها أنه مقنع بها فيه الكفاية، فللمحكمة أن تستبعد تلقائيا مضمن هذه المحاضر وبدون تعليل.
لكن على العكس من ذلك فالمحكمة لا يمكن لها أن تبنى حكمها بالإدانة على هذه المحاضر وحدها لأنها لا تعتبر وسيلة من وسائل الإثبات الكافية فيما يتعلق بالجنايات.
وهنا تجدر الإشارة على أن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا)، ذهب إلى فتح المجال أمام محاكم الموضوع، وذلك بإباحته الاستناد إلى المحاضر في الجنايات لوحدها دونما تعزيزها بقرائن اخرى، وفي هذا الصدد نص المجلس الأعلى في احد قراراته على أن للمحكمة أن تكون قناعتها من جميع أدلة الإثبات بما في ذلك محضر الضابطة القضائية المعتبر مجرد بيان متى اطمأنت إليه، ولا تكون بذلك قد خرقت مقتضيات المادة 291 من ق.م.ج[18].
وفي اعتقادنا نرى أن هذا التوجه مجاب للصواب، لأن مقتضيات المادة 291 من ق.م.ج جاء صريحا بكون هذه المحاضر لا تعتبر إلا مجرد معلومات ولا يمكن الاعتماد عليها للإدانة أو البراءة.
المطلب الثاني: محاضر لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور والطعن فيها بالزور
هذا الصنف من المحاضر له حجية قوية إذ يصعب إثبات عكسه، فهو يتميز عن باقي المحار التي يحررها جهاز الشرطة القضائية، فالطعن فيها لا يتاح إلا عن طريق وسيلة منفردة والمتمثلة في الطعن بالزور، وقد نص المشرع المغربي على هذه المحاضر في المادة 292 من ق.م.ج.
وهذا ما سنحاول في هذا المطلب الوقوف عند محاضر لا يمكن الطعن فها إلا بالزور (الفقرة الأولى)، ومسطرة الطعن بالزور (الفقرة الثانية).الفقرة الأولى: محاضر لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور
تنص المادة 292 من ق.م.ج على أنه ” إذا نص قانون خاص على أنه لا يمكن الطعن في مضمون بعض المحاضر أو التقارير إلا بالزور فلا يمكن – تحت طائلة البطلان- إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة”
فالنص لا يقبل أي تأويل عند إعماله، بحيث يتعين وفقه امتناع إثبات ما يخالف ما تضمنه محرر معين، بغير وسيلة الطعن فيه الزور في كل حالة يقرر فيها القانون صراحة عدم إمكانية معارضته بغير إدعاء الزور فيه[19].
يتضح من خلال النص أعلاه أن هذا الصنف من المحاضر ينبني على حجية قوية قائمة على قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس بالطرق العادية، وإنما يطعن فيها بطريقة واحدة ، وهي دعوى الزور.
ومن النصوص الخاصة التي أشارت إلى الموظفين وأعوان الإدارات والمرافق العمومية الذين لا يمكن أن يطعن في محاضرهم إلا بالزور، نجد المادة 242 من مدونة الجمارك والتي أكدت على صحة المحاضر التي يحررها عونان أو أكثر بشأن مخالفة مقتضيات النظام الجمركي[20]، كما اصبغ المشرع نفس الحجية على محاضر أعوان إدارة المياه والغابات والتي اشترط فيها هي الأخرى ضرورة تحريرها من طرف عونين.
وقد منح المشرع حجية قاطعة لهذه المحاضر نظرا لما لها م صبغة مالية واقتصادية من شأنها المس بذمة الدولة المالية من جهة، ومن جهة أخرى كون أثر الجرائم المرتكبة في إطارها يندثر بمجرد القيام بها أو الإستحالة الحصول على شهادة لإثبات وقائعها.
إذ أنه الغاية من إضفاء هذا النوع من المحاضر الحجية القطعية يكمن بالإضافة إلى صعوبة الإثبات كما أشرنا إلى ذلك أعلاه، بالإضافة إلى أنه في الغالب لا يشهدها إلا الأعوان والموظفون المكلفون بإنجاز تلك المحاضر، كما أنها لا تترك أثرا يمكن معه أن يستدل على مرتكبيها.
وتجدر الإشارة على أن النوع من المحاضر تحدده نصوص خاصة تفيد بدورها كون هذه الاخيرة لا يطعن فيها إلا بالزور، كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من النصوص القانونية نذكر منها:
- الفقرة الثانية من الفصل 71 من قانون الدرك الملكي لسنة 1958 والتي جاء فيها ما يلي”… تكون المحاضر موضوع ثقة لدى المحاكم القضائية إن لم يثبت خلاف ما تضمنته من مخالفات أو بعض الجنح يعهد صراحة للدرك بمشاهدتها إن لم يدع الزور فيما يتعلق بالجمرك والصيد البحري…”.
وعموما فإن هذا النوع من المحاضر يشكل خروجا عن القاعدة العامة للإثبات في ظل نظام الإثبات الحر، بحيث تتساوى كل وسائل الإثبات في قوتها الثبوتية، وفي خضوعها لتقدير محكمة الموضوع، فهذه المحاضر تحظى بحجية خاصة قائمة على قرينة قانونية قاطعة لا تملك المحكمة إزاءها السلطة التقديرية المخولة لها بالنسبة لباقي وسائل الإثبات الاخرى.[21]
وفي رأينا المتواضع نجد على أن النوع من المحاضر يحد من سلطة القضاء في تقدير الأدلة، ويمس قرينة البراءة خصوصا أن الطعن بالزور ليس بالأمر السهل، وقد يصعب في بعض الأحيان إثباته.
الفقرة الثانية: مسطرة الطعن بالزور في المحاضر
يتم الطعن بالزور في محاضر الشرطة القضائية بسلوك المسطرة المنصوص عليها في المواد 584 و 585 و 586 من قانون المسطرة الجنائية، والأصل بالزور أنه يكون متاحا كلما كان موضوع وثيقة تم الإدلاء بها أثناء التحقيق أو خلال الدعوى، ويتم الزور طبقا للمواد السالف ذكرها إذا لم تكن هناك مقتضيات تحدد مسطرة معينة في قوانين خاصة بحيث تصبح المقتضيات الخاصة هي الواجبة التطبيق وذلك تطبيقا لقاعدة الخاص يقيد العام[22].
ويتم تسجيل التصريح يوم الجلسة بالمحضر، ويمنح الطاعن أجلا لا يقل عن ثلاثة أيام ولا يزيد عن ثمانية أيام غير قابلة للتمديد وذلك من أجل إحضر وسائل إحتجاجه ووضع أسماء شهوده وحرفة كل واحد منهم ومحل سكناهم بكتابة المحكمة، فإذا ثبت زورية المحضر يكون باطلا ويتم فتح مسطرة المتابعة من أجل التزوير ضد المرتكب له، أما إذا ثبت العكس وأن حجج المدعي باطلة فإن المحكمة ترفض وتصدر حكمها بعدم قبول الطعن بالزور ويعاقب المدعي بالزور وذلك بأدائه لغرامة مالية لفائدة الخزينة العامة يتراوح قدرها ما بين 500 و 1500 درهم[23].
نتيجة الطعن بالزور تعتبر نسبية ، تقتصر على صاحبه فقط، ذلك أن المحضر أو التقرير إذا كان صادرا من عدة أشخاص وطعن فيه بالزور من أحدهم أو بعضهم، فالاعتماد عليه يبقى متواصلا بالنسبة للآخرين ما عدا إذا كان المطعون فيه شيئا مشتركا بينهم جميعا وكان غير قابل للتجزئة.
المبحث الثاني: الدفع ببطلان محاضر الشرطة القضائية
من أهم الدفوع التي يمكن التمسك بها تجاه المحاضر المنجزة من قبل الشرطة القضائية نجد الدفع ببطلان هذه المحاضر كآلية يمكن إعمالها لكشف الخروقات والتجاوزات التي تطال إنجازها المحاضر.
وتأسيسا على ما تقدم ارتأينا في اطار هذا المبحث الإشارة الدفع بعدم توقيع المحضر ( المطلب الأول) على أن نخصص (المطلب الثاني) لدفع بالإخلال بشروط وشكليات الإجراءات المنجزة من طرف الشرطة القضائية
المطلب الأول: الدفع بعدم توقيع المحضر من طرف محرره والمصرح
لا جدال في أن المحضر المنجز من قبل ضباط الشرطة القضائية يتعين أن يحمل توقيع كل من الضابط المنجز له وكذلك توقيع أو بصمة المنجز في حقه، فمن ضمن ما نصت عليه المادة 24 من ق.م.ج التوقيع على المحضر، والتوقيع بمتابة المصادقة على فحوى هذا الأخير.
وبالتالي سنناقش في (الفقرة الأولى) على موقف المسطرة الجنائية من تخلف التوقيع، بينما في (الفقرة الثانية) وموقف الفقه والقضاء والقضاء من تخلف التوقيع
الفقرة الأولى : موقف قانون المسطرة الجنائية من تخلف التوقيع على المحضر
نظم المشرع المغربي عمل الشرطة القضائية بموجب المواد من 16 إلى 35 من القانون رقم 22.01 بمثابة المسطرة الجنائية إلى جانب نصوص متفرقة في نفس القانون ليكون بذلك سد الفراغ التشريعي الذي كان يعاب على النص الملغى الذي لم يؤطر عمل الضابطة القضائية بالمغرب بسياج تشريعي.
وقد ألزم القانون على ضباط وأعوان الشرطة القضائية من أجل التثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة تحرير محاضر تحترم فيها الشكليات المنصوص عليها في المادة 24 من قبيل ساعة وتاريخ ومكان إنجازه وصفة محرره وتوقيعه إلخ…إلا أن المشرع المغربي ومراعاة منه لمركز المصرح أتاح لهذا الأخير إمكانية رفض التوقيع وإعتبره صحيحا كلما بدا له أن ما هو مدون في المحضر لا يساير الواقع وإنما يدخل في باب تلقيف التهم والتدليس على القضاء (أولا) وكذلك تثار مسألة إمكانية الدفع بعدم توقيع المحضر من طرف المصرح والأثر المترتب عن هذا الدفع الشكلي (ثانيا).
أولا: بقاء المحضر صحيحا رغم عدم توقيع المصرح
ألزم المشرع المغربي بموجب المادة 24 من ق.م.ج على وجوب تضمين المحضر توقيع محرره و المصرح وإذا رفض هذا الأخير التوقيع أو الإبصام أو لم يستطع التوقيع أشار المحرر إلى ذلك في المحضر مع ذكر أسباب عدم التوقيع، وقد نصت المادة 289 من نفس القانون عن جزاء عدم إحترام شكليات المحضر بما فيها التوقيع إذ إعتبرت أن محاضر وتقارير ضباط وأعوان الشرطة القضائية لا يعتد بها إلا إذا كانت صحيحة في الشكل.
كما نضيف في هذا السياق أن المادة 751 رتبت على كل إجراء يأمر به قانون المسطرة الجنائية ولم ينجز على الوجه القانوني الصحيح كأنه لم ينجز قط الشيء الذي يفهم منه بطلان هذه المحاضر مع المعلومات المدونة فيها والتي تحتوي في الغالب إعترافات بإتيان الفعل الجرمي وشهادات تكون حاسمة لمعرفة مسار وقوع الجريمة.
والملاحظ أن قانون المسطرة الجنائية لم ينص بشكل صريح على مصير المحضر الذي لا يمل توقيع مرره[24].
وبعد قراءة متأنية في هذه المواد وغيرها نسجل بعض الملاحظات على النحو الآتي:
الملاحظة الأولى: نشير في هذا الصدد كون الصيغة التي جاءت بها هذه النصوص تشير إلى إجبارية التوقيع على المحضر من قبل محرره وإلى خلاف ذلك بالنسبة للمصرح، والذي يفيد عدم الإجبارية أنه عند تعذر التوقيع أو الإبصام أو رفض ذلك يشار إليه في المحضر، في حين أن اللفظ الذي استعمله المشرع بخصوص توقيع ضابط أو عون الشرطة القضائية يفيد الوجوب الشيء الذي يجعل الإغفال عن التوقيع يرتب بعض الجزاءات التي سنثيرها في الملاحظات الآتية.
الملاحظة الثانية: بالرجوع إلى مقتضيات المادة 24 من ق.م.ج نجدها تنص على إجراء تضمين المحضر ببعض البيانات الشكلية ومنها إسم المحرر وصفته وتاريخ وساعة ومكان ويوم إنجازه وتوقيع المحرر، وإذا إعتبرنا التوقيع على المحضر من قبيل تلك البيانات الشكلية فإنه سيخضع لأحكام المادة 289 من قانون المسطرة الجنائية التي تقضي بعدم الإعتداد بمحاضر الضابطة القضائية التي تكون غير صحيحة من حيث الشكل.
وبناءا على ذلك فإن عدم الإعتداد بهذه المحاضر يؤدي إلى تجريده من صبغته الرسمية وجعله وثيقة عادية خارج إطار وسائل الإثبات الجنائية، وهذا طرح غير صائب لكون المحضر يتضمن وقائع مهمة وإعترافات وأسماء وصفات المشتبه فيهم إذ بمجرد إغفال المحرر التوقيع فإن المحضر يكون غير صحيح، وهذا بالطبع فيه إهدار للحقوق وتستر على المجرمين وضرب للعدالة الشيء الذي تمخض عنه ممارسة عملية تتجلى في إستدعاء محرر المحضر بطلب من النيابة العامة أو بشكل تلقائي من المحكمة لإستفساره حول ما إذا كان مضمون المحضر يعود إليه أم لا، فإن صرح بكون المضمون من صنيعه إكتسب المحضر صبغته الرسمية.
الملاحظة الثالثة: يلاحظ أن المشرع في ق.م.ج أشار إلى آثار المحضر غير الموقع وهو عدم الإعتداد به خلاف باقي النصوص الخاصة كمدونة الجمارك وظهير زجر الغش في البضائع، وبالتبعية قد يفتح المجال للتساؤل حول مآل هذه المحاضر وفي مدى إكتسابها للحجة الثبوتية أمام القضاء.[25]
تأسيسا على الإشكال السابق يمكن الخلوص إلى أنه لما كان قانون المسطرة الجنائية هو النص الإجرائي العام وبإعتبار ضباط الدرك الملكي يحملون صفة ضابط الشرطة القضائية بصريح المادة 29 من نفس القانون فإن يمكن إسقاط مقتضيات المادة 289 على المحاضر التي ينجزنها وبالتالي ترتيب نفس الجزاء.
الملاحظة الرابعة: أن القراءة الحرفية لنص للمادة 289من ق.م.ج يفهم منها أن المحضر الذي لا يأخذ كوسيلة للإثبات هو الذي لا تكون بياناته صحيحة كمخالفة الإسم المدون في الوثيقة أو تضمين تاريخ مخالف للتاريخ الحقيقي إلخ…
إلا أن القراءة المتأنية والجيدة تجرننا للمثول أمام فرضيتين :
الفرضية الأولى: أنا المحاضر والتقارير الصحيحة من حيث الشكل هي التي تحمل كل البيانات الموضوعية والشكلية .
الفرضية الثانية: أن المحاضر والتقارير الصحيحة من حيث الشكل تقتضي عدم إغفال أي شكلية بما فيها توقيع المحرر.
من خلال هذه الملاحظات نستنتج أن المشرع لم يرتب على تخلف توقيع المصرح بطلان المحضر بل هو جزاء التوقيع المقابل – أي للمحرر – وهكذا فكلما إمتنع المصرح عن التوقيع أو الإبصام فإن المحضر يبقى صحيحا وينتج كافة آثاره القانونية.
وعموما فإن الواقع المعلي يؤكد بأن الدفع المتعلق بعدم توقيع المحضر لا يطرح إلا نادرا، نظرا لحرص ضابط الشرطة القضائية على توقيع محاضرهم، علاوة على المادة 23 من ق.م.ج تستلزم التوقيع عند المصادقة على النسخ الموجهة إلى النيابة العامة.[26]
ثانيا: مآل الدفع بعدم توقيع المحضر من طرف المصرح
يقصد بالدفوع الشكلية أو المسطرية جميع الدفوع المتعلقة بخرق إجراء من الإجراءات الشكلية سواء في البحث أو التحقيق أو المحاكمة وتجد هذه الدفوع أساسها القانون ضمن مقتضيات المادتين 323 و324 من ق.م.ج إلى جانب بعض المواد المتفرقة.
وفي هذا الإطار نص المشرع في المادة 751 من ق.م.ج على أنه ” كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز، وذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 442 المتعلقة بجلسات غرفة الجنايات”. وبناءا على هذه المادة فالمحضر الذي تنقصه بعض شروط صحته يترتب عنه عدم إنتاج هذا الإجراء لآثاره نظرا لكون ضباط الشرطة القضائية لم يتقيدوا بالإجرءات كما هي منصوص عليها قانونا.
ويعد الدفع بعدم توقيع المصرح على المحضر من بين أهم الدفوعات التي يتمسك بموجبها ببطلان محاضر الشرطة القضائية، وهنا يطرح التساؤل التالي هل يعد المحضر صحيحا ولو لم يحمل توقيع المصرح متهما كان أو مشتبها فيه؟.
في هذا الصدد نجد المجلس الأعلى – محكمة النقض حاليا – ذهب في أحد قراراته إلى أن ” عدم إمضاء المشتبه فيه على محضر إستجوابه لا يعتبر من الشروط الشكلية التي تؤثر على قانونية المحضر وعلى قوته الإثباتية”[27]، ونفس هذا الحكم يسري على محاضر وتقارير موظفي المياه والغابات حيث لا تقف صحتها على توقيع المخالف، إلا أن القانون المتعلق بالجمارك وفي المادة 243 منه ينص على بطلان المحضر الذي لم يوقع عليه المخالف.
وقد أتاح المشرع المغربي بموجب المادة 24 من ق.م.ج لمحرر محضر الشرطة القضائية الإشارة إلى رفض أو عدم إستطاعة التوقيع أو الإبصام حسب الأحول لكن مع ذكر سبب ذلك، فمن هنا يتجلى أن الدفع بعدم التوقيع على المحضر من جانب المصرح لا يرتب بطلان المحضر على إعتبار أن الغاية من التوقيع ليست هي إضفاء القوة الثبوتية له وإنما تيقن المصرح أن ما هو مضمن في المحضر يوافق أفعاله وأقواله وشهاداته أما عند إمتناعه عن ذلك فإن الأمر لا يخلوا من فرضية تضخيم الظروف المحيطة بالجريمة وتلقيف تهم مخالفة للواقع، الأمر الذي جعل المجلس الأعلى يؤسس لهذه القاعدة في أحد قراراته “إذا تضمن محضر الشرطة إعتراف المتهم فإن لقضاة الموضوع سلطة كاملة ليقدروا قيمة ذلك الإعتراف حسب الظروف التي أحاطت به”[28]. وتبعا لذلك فالقضاء المغربي لا يأخذ بالمفهوم المطلق لتوقيع المصرح وإنما بالمفهوم الضيق الذي يتيح للقاضي تقدير ذلك التوقيع والبحث ما إذا كانت هناك شبهة أو شك تحيط بالمحضر إذ الدفع بعدم التوقيع يرتبط بطبيعة التوقيع والظروف المحيطة به.
الفقرة الثانية: موقف القضاء والفقه من تخلف التوقيع على المحضر
تحظى محاضر الشرطة القضائية بأهمية بالغة وقصوى في الساحة القضائية الشيء الذي دفع بمعظم التشريعات بتنظيمها والإشارة إلى ما يجب أن تتضمنه من شكليات وبيانات كتوقيع محرر المحضر وتوقيع الشخص الذي إستمع إليه أو تم ضبطه وكل ذلك مع ترتيب جزاء البطلان عند تخلف أحد تلك الشكليات.
وقد حدد المشرع المغربي جزاء المحضر المنجز دون توقيع المصرح هو بطلانه بموجب المادة 751 من قانون المسطرة الجنائية وعدم إعتباره صحيحا من زاوية تخلف توقيع المحرر وفق أحكام المادة 289 من نفس القانون، هذا بالنسبة لموقف القانون المغربي لكن ماذا عن القضاء وما هو الإتجاه الذي سلكه عند الوقوف على محضر منجز بدون توقيع المصرح (أولا) وما موقف الفقه القانوني في هذا الشأن (ثانيا).
أولا: إجماع القضاء على صحة المحضر المنجز دون توقيع المصرح
ينص الفصل 1-110 من دستور 2011 على أن قضاة الأحكام لا يلزمون إلا بالتطبيق العادل للقانون، ومن هنا يظهر أن القاضي يلزم بتطبيق القاعدة القانونية على النحو الذي يحقق الغاية المتوخاة من ذلكم التشريع فإن كان بإسناد الملكية إلى مستحقها أسندها الحكم له وإن كان بإيقاع العقوبة على المخالف للنص الجنائي أوقعه عليه وقس ما قيل على ما لم يقل.
وإنسياقا مع التوجهات الجديدة لحقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية والتي وقع عليها المغرب، ومسايرة للتوجهات السامية لصاحب الجلالة وما ذهب إليه المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان فإن القضاء المغربي قد رفض أكثر من مرة بالدفوعات الشكلية المثارة والمتعلقة بتوقيع المتهم وإن كان اتجاه قضائي آخر يأخذ بهذه الدفوع ويعتبر توقيع المتهم أو الظنين من الشكليات الضرورية لقيام المحضر صحيحا.
في هذا المضمار قضت محكمة الإستئناف بالرباط[29]“ ببراءة المتهم من مجموعة من المخالفات التي لها علاقة بقانون السير والتي كان قد توبع على أساسها، مرتكزة على عدم توقيع المخالف على المحضر الذي أنجزه القائد، وهو نفس المنحى الذي سلكته كل من محكمة الإستئناف ببني ملال والمحكمة الإبتدائية بوزان.
كما ذهب المجلس الأعلى – سابقا محكمة النقض حاليا – إلى أن “عدم توقيع إمضاء المشتبه فيه على محضر البحث التمهيدي لا يؤثر على القوة الثبوتية التي يحوزها، وبمفهوم المخالفة صحة المحضر ولو لم يتضمن توقيع المتهم أو بصمته“[30]، وهذا الاتجاه نراه في مصف الصواب لكونه لم يأخذ بالمفهوم المطلق لتوقيع المتهم بل سلم بالمفهوم الضيق والذي يقضي بأن التوقيع يجب ألا يقاس بباقي البيانات الجوهرية للمحضر من قبيل ساعة وتاريخ إنجازه وتصريحات الأطراف وما تمت معاينته من وقائع وحالات تلبس إلخ… والتي بتخلفها إلا وترتب على ذلك بطلان المحضر اللهم إذا إقتنع القاضي ببعض مضمونه وبدا له موافقا للواقع فإنه قد يأخذ به لكون هذا الأخير يحكم وفق إقتناعه الصميم.
ويلاحظ على هذا القرار إستثنائه توقيع المتهمين من دائرة الشكليات الضرورية لمحضر الشرطة القضائية وإعتبر ما دونه من بيانات تكسبه حجة إثباتية أمام القضاء الجنائي إن قامت هي الأخرى صحيحة، وأن ما يتمخض عنه دحض المحضر ليس عدم التوقيع أو الإبصام وإنما ما يقابلها من حجج ودلائل كمحضر الإستماع إلى المشتكى به أو محضر الإنتقال إلى عين المكان، وهنا يقوم دور القاضي الجنائي بالترجيح بين الوثائق بناءا على سلطته التقديرية ثم الركون للحجة التي ثبت عنده إحتوائها للدليل القاطع المقنع.
وعلى هذا المستوى اتجه المجلس الأعلى في أحد قراراته الصادر بتاريخ 12 يوليوز 1973 أن “عدم إمضاء المشبوه فيه على محضر استجوابه لا يعتبر من الشروط الشكلية التي تؤثر على قانونية المحضر وعلى قوته الثبوتية” وبالتالي لم يرتب البطلان كجزاء على تخلف هذه الشكلية رغم أهميتها في نسبة فحوى المحضر للمشتبه فيه.
تأسيسا على ما سبق يتجلى لنا موقف القضاء الرافض للقول ببطلان المحضر الذي ينقصه توقيع أو إبصام المصرح لأنه إذا خلصنا إلى البطلان فسيطلق سراح المتهم الذي يثبت أن له صلة بالجريمة لا لشيء إلا لعدم إحترام ضباط وأعوان الشرطة القضائية لشكليات المحضر كما هي منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.
ثانيا: تأييد الفقه لموقف القضاء في صحة المحضر المنجز دون توقيع المصرح
إن محاضر الضابطة القضائية تعد نقطة البداية في سبيل إيقاع الجزاء الجنائي، بإعتباره وثيقة يحررها ضابط الشرطة القضائية بمناسبة قيامه بعمله من أجل الثتبت من وقوع الجريمة وإيقاف الشخص المشتبه فيه وجمع الأدلة والتي من خلالها إما سيقتنع القاضي به أو يغض الطرف عنها أو يركن لبعض أو كل مضمونه.
في هذا السياق نجد بعض الفقه المغربي من ميز بين توقيع المشتبه فيه وتوقيع محرر المحضر كالأستاذ الإدريسي العلمي المشيشي، فبالنسبة للحالة الأول يوضح أن الغاية من توقيع المشتبه فيه أو المتهم ليست هي إضفاء الصبغة الرسمية حتى يقوم المحضر وسيلة إثبات أما القضاء، وإنما الغاية من ذلك كون ما جاء في المحضر من مخالفات وأفعال يكون موافقا للواقع ودلالة على إتيان المتهم تلكم المخالفات والجرائم المنسوبة إليه.
أما بالنسبة للحالة الثانية فإن إمضاء ضابط الشرطة القضائية أو العون المكلف بذلك بعد التثبت من وقوع الجريمة يكسب المحضر صبغته الرسمية لأن قيمة أي محضر لا تثبت إلا بتوقيع الشخص الذي يصدره.
والملاحظ على هذا الإستنتاج أن الأستاذ العلمي المشيشي ذهب مع رغبة المشرع وحرفية نص المادة 23 و 24 من ق.م.ج، حيث يستشف وبمفهوم المخالفة لهاتين المادتين أن المشرع حتى وإن لم ينص فعلا على ضرورة توقيع المحرر للمحضر، إلا أن بعض الإجراءات التي يقوم بها تجره إلى التوقيع مثلا حينما يشير الضابط لصفته في المحضر فهنا لا جرم أنه سيضع توقيعه إلى جانب صفته، وكذلك مصادقته على التشطيبات والإحالات فهي في كل الأحوال تأخذ شكل توقيع المحرر.
كما ذهب جانب اخر من الفقه كالحسن البوعيسى الذي إعتبر امتناع المشتبه فيه عن التوقيع إنما يكون نتيجة وجود تصريحات إضافية لم يفضي بها إذ من العدل اعتبار التصريح غير الموقع عليه كأن لم يصدر عن الشخص المشتبه فيه، وهو نفس المسار الذي سلكه المجلس الأعلى – سابقا – محكمة النقض – حاليا – حين اعتبر أن عدم إمضاء المشتبه فيه على محضر البحث التمهيدي لا يؤثر على القوة الإثباتية التي يحوزها[31].
ومن وجهة نظرنا نرى أن المتهم أو المشتبه فيه لا يرفض التوقيع كلما كان مضمون المحضر مطابق لما تلاه عليه المحرر اللهم إذا ظهر له أن ما هو مدون مخالف للواقع كتضمين الإعتراف بالجريمة المنتزع بالإكراه والتهديد، وخيرا فعل المشرع المغربي حينما نص على إمكانية المحرر الإشارة إلى واقعة رفض التوقيع أو الإبصام على اعتبار هذا الرفض في الغالب ما يؤسس تبعا لتلقيف تهم غير واقعة أو إقحام بعض التصرفات التي تشكل ظرف تشديد في نظر القانون.[32]
المطلب الثاني: الدفع بالإخلال بشروط وشكليات الإجراءات المنجزة من طرف الشرطة القضائية.
يناط بضباط الشرطة القضائية العديد من المهام أثناء القيام بالتثبت من وقوع الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع الأدلة عنها، حيث يتم إنجاز مجموعة من الإجراءات التي قد تمس بكرامة وحرية الأفراد لذلك أحاطها المشرع بعدة أحكام وشروط حتى تتماشى وحقوق الإنسان فكان من الضروري تقرير جزاء على غياب أحد الشروط المتطلبة في هذه الإجراءات.
وسنحاول الحديث عن دفعين كنموذج للدفوع المثارة أمام المحكمة بخصوص المحضر لكون الدفوع في هذا الخصوص كثيرة ومتعددة، وبالتالي تحدثنا عن الدفع بعدم شرعية الأساليب والإجراءات المتبعة لإنجاز المحضر ( الفقرة الأولى)، على نخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن الدفع بتناقض المحضر.
الفقرة الأولى: الدفع بعدم شرعية الأساليب والإجراءات المتعبة لإنجاز المحضر
إذا كانت العبرة في المحاكمات الجنائية كامنة في اقتناع القاضي بناءا على الأدلة المطروحة أمامه، فإنه في المقابل لا يجوز للقاضي أن يبني إدانته صحيحة على دليل باطل بمقتضى القانون، مثل بناء حكم على اعتراف منتزع تحت طائلة الإكراه، وهو أسلوب مخالف ل ق.م.ج وللمواثيق الدولية.
ويعد الحق في السلامة الجسدية أحد الحقوق الأساسية، التي يجب على القضاء حمايتها، خلال كل مراحل الدعوى، وقد اتضح لنا فيما سبق، التعامل السيئ للنيابة العامة في حق الظنين في الفحص الطبي.
ويعتبر التعذيب والإكراه من الوسائل التي غالبا ما يتم اللجوء إليه من طرف ضباط الشرطة القضائية ليس في انتزاع الإعتراف فحسب، بل أيضا لإرغام المتهم على توقيع محضر الإعتراف ووضع بصمته بالقوة، وهذا ما يجعلنا نضع غالبية محاضر الضابطة القضائية محل شك في مدى مطابقة هذه الإعترافات للواقع، وما يزيدنا شكا هو حجم الدفوع المثارة أمام المحكمة المتعلقة ببطلان المحضر لعدم شرعية أساليب انتزاع الاعتراف من المتهم[33].
أنه على المستور العملي تطرح إشكالية صعوبة إثبات تعرض المتهم للإكراه، وخاصة الإكراه المعنوي الذ لا يمكن ملاحظة آثاره على جسمه، مما دفع مجموعة من الباحثيت إلى المناداة بوضع كامرات في مخافر الشرطة خصوصا عند تحرير المحضر.
وهو ما استجاب إليه المشرع في مسودة مشروع المسطرة الجنائية في الفقرة الأولى من المادة 67/1 جاء فيها ” يقوم ض.ش.ق بتسجيل سمعي بصري لاستجوابات الموضوعين تحت الحراسة النظرية المشتبه في ارتكابهم لجنايات أو جنح”.
وبالتالي يمكن للمتهم عند مثوله أمام المحكمة الدفع ببطلان المحضر والمطالب بإجراء خبرة طبية، إلا ان ما يثير الإنتباء على أن المحكمة قد تستجيب إليه ايجابا أو سلبا[34].
وحتى لا يتم الإخلال بمشروعية الدليل فإن الاعتراف الصادر عن المشتبه فيه بسبب التعذيب والاكراه يون بطلا ذلك أن المادة 293 من ق.م.ج أقرت على أنه لا يعتد بكل اعتراف ثبت انتزاعه بالعنف أو الإكراه، وتأسيسا على القاعدة الفقهية القائلة ” ما بني على باطل فهو باطل”، فإن المضر المتضمن للإعتراف مثلا المنتزع بالإكراه والتعديب يكون بدوره باطلا.
والمشرع المصري أقر هو الأخر في المادة 32 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1950 بطلان الدليل الناتج عن التعذيب والإكراه.
وختاما فبطلان المحضر لوجود التعذيب والإكراه يتماشى وروح القانون ذلك أن شروط صحة المحضر أن يكون ناتج عن إرادة حرة من طرف المشبه فيه، وثتبات العنف والتعذيب متاحا إذا كان ماديين عن طريق إجراء فحص طبي إلا أن ضباط الشرطة القضائية أصبحوا يتفننون في ايجاد أساليب للضغط والإكراه على المشتبه فيه دون ترك علامات خارجية عليهم، وغالبا والأسوء من ذلك أن القضاة يتغاضون عن تمسك الأفراد بالتعذيب الإكراه وأن ما صدر عنهم من اعتراف كان من أجل الخلاص فقط
الفقرة الثانية: الدفع بتناقض المحضر
تحتوي محاضر الشرطة القضائية على مجموعة من المعطيات التي تتصل بالجريمة المرتكبة، ككيفية ووقت ارتكابها والأسباب الدافعة إليها، وهل تتواجد ظروف مخففة أو مشددة وغيرها من التفاصيل، وبما أن القاضي قد يبني حكمه على هذه المعطيات لذلك كان من الضروري أن يكون المحضر خاليا من التناقضات التي من شأنها أن توقع القاضي في اللبس والغموض، مما قد يؤثر سلبا على نتيجة الحكم.
والمحضر يتضمن وقائع الجريمة أو الإجراء المنجز وتفاصيلها، إذ قد يكون من بين مشتملاته أدلة كالإعتراف الطوعي أو تصريحات بعض الشهود أو وجود محجوزات تواجه بها المحكمة المتهم في حالة انكاره.
فالمقصود إذن بتناقض المحضر المنجز من قبل الشرطة القضائية أن تكون أجزاؤه غير متناسقة ومنسجمة فيما بينها، مما يخلق نوعا من الغموض واللبس لدى القاضي بشكل يؤثر على تكوين قناعته، ذلك أ عدم انسجام المعلومات التي يحتويها المحضر ، تجعله مبهما يصعب الإستناد عله كدليل إثبات في الحكم[35].
والتناقض الذي يطال محتوى المحضر يشكل خطورة كبيرة على المشتبه فيه وهذا راجع إل قصور عمل ضباط الشرطة القضائية، وعدم اتمامهم للأبحاث بطريقة دقيقة حتى يتم الوصول إلى حقيقة الأمر، مما قد يترتب عنه ضياع الحقوق والمساس بالحريات، والأخطر من ذلك أن هذا التقصير في أداء المهام قد يكون متعمدا، عندما تنسب إلى المشتبه فيه أقوال وأفعال لم يصرح بها.
وقد يكون التناقض بين أدلة الإثبات المضمنة بالمحضر، ذلك أن الأدلة المطروحة أمام القضاء قد تكون غير منسجمة ولا تسير في نفس الاتجاه رغم تعلقها بنفس الواقعة، مما يخلق نوعا من الريبة وعدم الإطمئنان في نفس القاضي، وهو ما جاء في احد قرارات المجلس الاعلى ” لما اعتبرت المحكمة أن محاضر الدرك الملكي فقدت صبغتها التدليلية لتناقض بعضها، ولم تطمئن إليها وأبعدتها، تكون قد استعملت ما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن”.[36]
فالمحكمة تعمل سلطتها التقديرية في الأخذ بمضمون المحضر من عدمه فلها متى ثبت لها أن هناك أدلة متناقضة أو مخالفة لما جاء في المحضر أن تبعد هذا الأخير نظرا لتناقض أدلة الإثبات.
وختاما فإذا كان استبعاد المحضر المتناقض والحكم ببطلانه في صالح المتهم إلا أنه قد يؤثر على حقوق أطراف أخرى في الخصومة الجنائية، ومع ذلك يبقى بطلانه خير وسيلة للحفاظ على حقوق الأفراد وإقامة العدل خاصة إذا كان إصدار الحكم قد جاء بعد الإستماع إلى كافة الأطراف، ودراسة جميع الأدلة وتقدير مدى حجيتها، لذلك فمن الأولى ترتيب بطلان محاضر ضباط الشرطة القضائية التي يشبها التناقض.
خاتمة
كخلاصة لهذا العرض نرى أن الاتجاه الذي يستحق التأييد هو ذاك القائل بأن محاضر الضابطة القضائية يجب أن تبقى مجرد بيان ومعلومات تستأنس بها المحكمة وهي تبث في القضايا الجنائية، وذلك للخطورة التي يكتسيها هذا النوع من القضايا والتي بها قد يحكم على المرئ بفقدان حياته، أو حريته للأبد أو لسنوات طوال جدا، وقد تصادر أمواله وممتلكاته؛ وهو الأمر الذي يفرض على المحكمة أن تأخذ بالمعنى الواضح لمقتضيات المادتين 291 و 287 من قانون المسطرة الجنائية في هذا الصدد، و أن يكون مبدأ المحاكم القائم نصا وممارسة هو بناء الأحكام والمقررات على اليقين وفق المناقشات القائمة شفاهيا وحضوريا أمامها.
إن القول بالأخذ المطلق بما يدون في محاضر البحث التمهيدي، وأخذ القرار بإدانة المتهمين بناء على اعترافاتهم المسجلة في هذه المرحلة دون تعزيز ذلك بأية وسيلة إثبات أو قرائن أخرى قوية كافية لتعضيدها، ليطرح السؤال الهام عن دور المحكمة الزجرية وما مصير السلطة المطلقة لها على محاضر الضابطة القضائية.
لائحة المراجع
الكتب
محمد العلمي، شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الطبعة الخامسة 2017.
الحبيب بيهي، حقوق الانسان والحريات العامة، محاضرات لفائدة عمداء الشرطة المتدربين سنة 2001، 2002.
الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 56، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2004.
عمر بحبو، محاضر الضابطة القضائية واشكالية التوقيع، مجلة القضاء الجنائي، العدد ¾ خريف 2016.
هشام بنعلي، بطلان الإجراءات الجنائية، مكتبة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى 2017، ص 329 و 330.
الرسائل
بديعة الداودي، القوة الثبوتية لمحاضر الشرطة القضائية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2009-2010.
محسن سرحان، الرقابة القضائية على محاضر الشرطة القضائية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2011-2012.
هشام بنعلي، المحاضر والتقارير في التشريع الجنائي المغربي والاشكالات المطروحة، رسالة لنيل الماستر في القانون الجنائي والعلوم الجنائية، جامعة محمد الاول، السنة الجامعية 2008-2009.
المقالات
عمر بحبو، محاضر الضابطة القضائية وإشكالية التوقيع،مجلة القضاء الجنائي، العدد الثالث 2016.
حميد الوالي، المنازعات الجمركية بين القواعد الجزائية العامة ومدونة الجمارك، مجلة المعيار العدد 33، بفاس، 2005
حكيم وردي، إشكالية الطعن بالزور الفرعي في محاضر الشرطة القضائية أمام المحاكم الزجرية، العدد الثاني 2010
[1] : عمبر بحبو، محاضر الضابطة القضائية وإشكالية التوقيع،مجلة القضاء الجنائي، العدد الثالث 2016، ص 31.
[2] : بديعة الداودي، القوة الثبوتية لمحاضر الشرطة القضائية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2009-2010، ص 54.
[3] : يلاحظ أن القانون المتعلق بزجر الغش الصادر بظهير 21/6/82 ( الفصل 5 منه)، قد ساوى من حيث القيمة الإثباتية، لمحاضر التي ينجزها المحتسب في مخالفات زجر الغش والأثمان بتلك التي يحررها ضباط الشرطة والدرك. اورده محمد العلمي، شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الطبعة الخامسة 2017، ص 404.
[4] : محسن سرحان، الرقابة القضائية على محاضر الشرطة القضائية، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2011-2012، ص 71.
[5] : قرار المجلس الاعلى عدد 104/’ بتاريخ 11/02/2004 ملف جنحي عدد 8483/01، اورده هشام بنعلي، المحاضر والتقارير في التشريع الجنائي المغربي والاشكالات المطروحة، رسالة لنيل الماستر في القانون الجنائي والعلوم الجنائية، جامعة محمد الاول، السنة الجامعية 2008-2009، ص 35.
[6] : قرار المجلس الأعلى رقم 287 بتاريخ 13/1/1973 ملف جنحي عدد 24123، اوردته بديعة الداودي، مرجع سابق ص 85.
[7] : “أن المحكمة استندت في ادانتها للمتهم الأول بجريمة السرقة واستهلاك المخدرات، وبراءة المتهم الثاني من تهمة اخفاء الشيء المسروق على محضر الضابطة القضائية….” حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالحسيمة، عدد 56 بتاريخ 29/0/2009، أورده بديعة الداودي، مرجع سابق ص 36.
[8] : عبد الواحد العلمي، م.س، ص 405.
[9] : قرار المجلس الأعلى عدد 650 صدر بتاريخ 7 يوليوز 1990 في الملف عدد 8705، الحبيب بيهي، حقوق الانسان والحريات العامة، سنة 2001، 2002، ص122.
[10] : جاء في احد الأحكام بالمحكمة الإبتدائية بالقنيطرة ” … وحيث أن محاضر الضابطة القضائية يوثق بمضمونها في الجنح والمخالفات ما لم يثبت ما يخالفها، وحث أن تصريحات الشاهدين أمام المحكمة جاءت وقائعها مخالفة للوقائع المضمنة بمحضر الضابطة القضائية، وحيث أن المحكمة اطمأنت لشهادة الشاهدين الملقاة أمامها واقتنعت بها، مما يتعين معه استبعاد محضر الضابطة وبالتالي عدم مؤاخدة الضنينين من أجل التهديد بالسلاح ومحاولة السرقة والتصريح ببراءتها من أجل ذلك”. حكم عدد 4061/97 بتاريخ 28/08/1997، أورده هشام بنعلي ، م.س ص37.
[11] : حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالحسيمة، تحت رقم 62، بتاريخ 10/02/2009، ملف جنحي، أورده هشام بنعلي، م.س، ص 41.
[12] : المادة 216 من قانون الإجراءات الجزائري.
[13] : تنص المادة 293 من ق.م.ج الملغى بأنه” ما عدا ذلك من المحاضر والتقارير لا يعتبر إلا مجرد بيان”
[14] : هشام بنعلي،م.س، ص 43.
[15] : جاء في احد قرارات المجلس الأعلى ” أنه بمقتضى الفصلين 291 و 293 من المسطرة الجنائية، فإن المحاضر في الجنايات لا تعتبر إلا مجرد بيانات، لقضاة الموضوع أن يبعدوها أو يعتمدوها حسب اقتناعهم. اوردته بديعة الداودي، م.س، ص 89.
[16] : قرار عدد 935 بتاريخ 31 يناير 1985، أورده محسن سرحان، م.س، ص 75.
[17] : الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 56، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2004، ص 303.
[18] : قرار عدد 362 بتاريخ 15/01/1987 في الملف 13259/86، أشار إليه محسن سرحان، م.س، ص 77.
[19] : عبد الواحد العلمي، م.س، ص 403.
[20] : جاء في قرار للمجلس الأعلى : ” المحاضر التي تحرر من طرف شخصن من رجال الجمارك في المسائل المالية يوثق بها إلى أن يدعي فيها بالزور، ولهذا الغرض يتعرض للنقض الحكم الذي اعتبر محضرا من هذا النوع باطلا استنادا إلى إثبات ما يخالفه بشهادة الشهود أو القرائن” القرار عدد 1801 بتاريخ 24 بونبر 1977 ملف جنحي عدد 48256، اشار إليه محسن سرحان، م.س، ص 71.
[21] :محسن سرحان، م.س، ص 73.
[22] : وهذا ما نجده في ك من الفصل 244 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة
[23] حميد الوالي، المنازعات الجمركية بين القواعد الجزائية العامة ومدونة الجمارك، مجلة المعيار العدد 33، بفاس، 2005 ص 94
[24] : بديعة الداودي، م.س ، ص 54.
[25] : عمر بحبو، محاضر الضابطة القضائية واشكالية التوقيع، مجلة القضاء الجنائي، العدد ¾ خريف 2016، ص 31.
[26] : محسن سرحان، م.س، ص 93.
[27] : قرار عدد 1042 بتاريخ 12 يوليوز 1973، أشارت إليه بديعة الداودي م.س، ص 108.
[28] : قرار منشور بمجلة القضاء والقانون أشارت إليه بديعة الداودي ، م.س ، ص 58.
[29] : أورده حكيم وردي، إشكالية الطعن بالزور الفرعي في محاضر الشرطة القضائية أمام المحاكم الزجرية، العدد الثاني 2010، ص 48.
[30] : قرار المجلي الاعلى قرار عدد 306 بتاريخ 5 فبراير 1962، أورده عمر بحبو، م.س، ص 34.
[31] : قرار عدد 306 بتاريخ 5 فبراير 1962.
[32] عمر بحبو، م.س، ص 37.
[33] : هشام بنعلي، بطلان الإجراءات الجنائية، مكتبة دار السلام الرباط، الطبعة الأولى 2017، ص 329 و 330.
[34] : قرار لمحكمة الإستئناف ببني ملال جاء فيه ” أن ما تمسك به المتهمون عن كون اعترافهم خلال البحث التمهيدي كانت تحت التعديب والإكراه، لم يستدلوا عليه بأي دليل وكان فقط مجرد ادعاء، خصوصا وأن المحكمة لم تشاهد عليهم أي اثر لذلك، ولم يتقدموا للنيابة العامة بأي طلب كي تحيلهم على الطبيب للتأكد من ذلك”. حكم عدد 5/83 بتاريخ 11 يناير 1983، أشار إليه هشام بنعلي، م.س، ص 332.
[35] :بديعة الداودي، م.س، ص 69.
[36] : قرار عدد 95/793 بتاريخ 10 يوليوز 1980 ملف جنحي عدد 48242، اشارت إليه بديعة الدودي، م.س، ص 72.