مشروع أرضية عمل حول الحركية وإعادة انتشار الموظفين
I – الإطار والأهداف :
يعتبر تثمين الموارد البشرية عاملا حاسما لنجاح برنامج إصلاح وتحديث القطاعات العمومية، فالحكومة عاقدة العزم على المضي في هذا الاتجاه ويتجلى ذلك من خلال المراسيم المصادق عليها أخيرا، والتي تهم الموارد البشرية وتنظيم الهياكل الإدارية واللاتركيز والتكوين المستمر وتقييم الموظفين.
وترمي سياسة تدبير الموارد البشرية إلى تحقيق 3 أهداف أساسية:
*مد البنيات الإدارية بالموارد البشرية حسب حاجاتها، سواء فيما يخص الكفاءات أو الأعداد، حتى تتمكن من إنجاز مهامها والاستجابة لمختلف متطلبات المواطنين والفاعلين ومجموع الشركاء؛
*التوفر على إطار عام لتدبير الموارد البشرية يمكن بالتحكم في الكلفة والأعداد، وفي ذات الوقت الاستجابة للحاجيات ذات الأولوية للدولة والتلاؤم مع مهامها الجديدة؛
*عرض مسارات مهنية مثمنة بالنسبة للأطر والأعوان.
إن سياسة الحركية، المعدة في إطار مدروس وتشاوري، تعتبر محور عمل أساسي لسياسة الموارد البشرية تمكن من الاستجابة في ذات الوقت لحاجيات الإدارة ولطموح ورغبات الأطر والأعوان.
إن سياسة الحركية ينبغي أن تستند على عمل يقوم على تبسيط وتيسير مختلف المقتضيات التنظيمية والنظامية المتعلقة بنقل الموظفين وترقيتهم وإعادة تعيينهم وإلحاقهم ووضعهم رهن الإشارة، وتسعى إلى تشجيع الحركية داخل الإدارة وبين الإدارة المركزية والمصالح اللاممركزة وبين مختلف القطاعات الوزارية، وبشكل عام، بين مختلف القطاعات العمومية: من إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العامة.
في إطار هذه السياسة الخاصة بالحركية التي يجب أن تصبح، تدريجيا، ممارسة طبيعية لتدبير الموارد البشرية معمولا بها بالنسبة للإدارة والموظف، يتعين القيام بعمليات إعادة الانتشار، مع الأخذ، بعين الاعتبار البعد الترابي والبعد المشترك بين القطاعات، لأجل تصحيح الاختلالات والفوارق الموجودة سواء فيما يخص الكفاءات والأعداد.
وهكذا، ترمي الحركية، وكذا العمليات الهادفة لإعادة الانتشار إلى تحقيق مجموعة من الأهداف:
*توسيع الآفاق المهنية للموظفين،وإغناء تجاربهم وتمكينهم من تحمل المسؤولية والرفع من كفاءتهم؛
*إذكاء دينامية داخل الإدارة من خلال ضخ دائم لدماء جديدة؛
*تقوية الشعور بالانتماء إلى الإدارة، بغض النظر عن الانتماء لهذا القطاع أو ذاك، وبالتالي تقوية روح المرفق العمومي؛
*تبادل الخبرات ونقل الكفاءات من إدارة إلى أخرى والرفع من المستوى العام لكفاءات الإدارة؛
*عقلنة استعمال الموارد البشرية من خلال التحكم في الأعداد وتحقيق التوازن في توزيع الموظفين وبالتالي القضاء على ظاهرة التضخم والخصاص.
وبشكل خاص ، فإن إعادة الانتشار تبدو كمكون أساسي لسياسة تدبير الموارد البشرية، إذ بدونها تظل التدابير المتخذة من طرف الحكومة بدون جدوى:
*عملية المغادرة الطوعية التي أدت إلى المغادرة المبكرة لما يقرب من 39.000 موظف وإلى التحكم في كتلة الأجور، تفرض اليوم عقلنة استعمال الموارد البشرية المتبقية وتمكينها من الاستفادة من هذه الفرصة الجديدة عبر تنويع تجاربها المهنية وتشجيعها على تحمل المسؤولية؛
*انحصار سياسة الدولة في التوظيفات النوعية لتلبية الحاجيات الأولوية، الأمر الذي يقتضي اللجوء المتزايد إلى التوظيف الداخلي؛
*تقوية المجهودات التي تقوم بها مختلف الإدارات في مجال التكوين المستمر طبقا للنصوص الجديدة المعتمدة من طرف الحكومة، وربط هذه المجهودات بالحركية وبإعادة التأهيل التي أصبحت ضرورية نظرا لتطور المهام؛
*المجهودات المبذولة في مجال اللاتركيز وتفويض الصلاحيات وتدبير الحاجيات على المستوى الترابي، والتي تقتضي دعم المصالح اللاممركزة بالموارد البشرية الكفأة.
II – محاور العمل والإجراءات المقترحة :
تجدر الإشارة إلى أن عددا من التجارب والعمليات قد تم اتخاذها لأجل تحقيق الأهداف المشار إليها أعلاه، نذكر منها:
*”السياسة” المالية المتبعة فيما يخص عدم التعويض التلقائي للمحالين على التقاعد للمناصب المالية الشاغرة جراء الإحالة على التقاعد، واللجوء إلى توظيفات محددة خصوصا في القطاعات الاجتماعية؛
*الاختيار المعمول به في بعض الإدارات بتخصيص التوظيفات الجديدة لتلبية حاجيات المصالح الترابية؛
*الحركة الانتقالية المنتظمة المعمول بها في بعض الإدارات لفائدة موظفيها في إطار التوافق والملاءمة بين إكراهات المصلحة ورغبات الأفراد؛
*تبني بعض الإدارات طرق التدبير التوقعي للمناصب والكفاءات من أجل ضبط حاجياتها المستقبلية ولضمان حسن تأطير مخططاتها الخاصة بالتوظيف والتكوين وإعادة الانتشار.
ومع ذلك تظل الإجراءات المذكورة أعلاه محدودة ومنغلقة وغير ممنهجة ومنحصرة في بعض القطاعات، مما يقتضي إدراجها في إطار سياسة شاملة ومؤطرة من ناحية الأهداف الاستراتيجية وعلى المستوى المنهجي، وبالتالي وضع القيادة المشتركة الضرورية.
ويتبين مما سبق عدة محاور للعمل:
دعم بعض مبادئ العمل الأساسية من بينها :
*التشاور على مستوى التحضير وإعمال تدابير إعادة الانتشار؛
*تطوع الموظفين؛
*الأخذ بالاعتبار حاجيات الإدارة؛
*التواصل والشفافية فيما يخص فرص إعادة الانتشار وكذا المعايير المعتمدة للتعيين.
إعداد إطار شمولي لإعادة الانتشار، يحدد المسارات المسموحة وغير المسموحة، على أساس المعرفة الجيدة للحاجيات، وكذا تكوين رؤية واضحة للمسالك بين الهيئات وبين الإدارات وبين مختلف القطاعات؛
قيادة عمل منهجي لضبط والقضاء على جميع المعيقات والمجازفات المرتبطة بإعادة الانتشار على جميع المستويات: الاجتماعية والقانونية والإدارية والمالية…
ويجب أن تتم عملية إعادة الانتشار ضمن مقاربة محدودة ونفعية ودقيقة وتدريجية، تسعى إلى تحديد الفرص، دون أن تنطلق من عملية كبيرة ذات بعد وطني، يستعصي إنجازها قد تتضمن مجازفات للإدارة والموظفين على السواء.
لذا، يتعين القيام بــ :
*تعميق المعرفة بالموارد البشرية المتوفرة من أجل إبراز جيوب الخصاص والفائض وتحديد المسالك والانتقالات الممكن مباشرتها، وذلك من خلال دراسات مختلفة:
-دراسة داخلية على مستوى كل قطاع بهدف تحقيق الانسجام بين المهام والبنيات والأعداد؛
-دراسة خاصة على مستوى الجماعات المحلية (حوالي 150.000 موظف)؛
-دراسة على مستوى كل جهة من أجل التوفر على صورة موحدة للموارد البشرية وخريطة لإعادة الانتشار بالنسبة لمجموع القطاعات العامة: إدارات الدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات العمومية.
*تنشيط سوق الشغل الداخلي من خلال إحداث بورصة للحركية وإعادة الانتشار، تمكن من إبراز حاجيات الإدارات والكشف عن المناصب الشاغرة، وذلك من خلال تجميع وتسجيل رغبات الموظفين.
*البحث عن الكفاءات النوعية الموجودة بمختلف القطاعات وتنظيمها داخل خلايا لصالح قطاعات أخرى.
وسيهم هذا النوع من إعادة الانتشار، على الخصوص، الكفاءات النوعية الدقيقة المتخصصة في المجالات الأفقية كالتسيير المالي والتخطيط والبرمجة وتدبير الموارد البشرية والمعلومات…
وفي إطار تشجيع العمل المشترك بين الوزارات وتقوية اللاتركيز الإداري فإن هذا النوع من إعادة الانتشار سيسمح بإقامة أقطاب للكفاءات الجهوية، بهدف تعيين أطر لمدة معينة (سنتين أو ثلاث) لدعم وتقوية قدرات المصالح اللاممركزة ومرافقتها وتقديم الدعم التقني الضروري لها.
*إحداث منظومة للتحفيز بأشكال متعددة، تتمثل في:
-تحفيزات مالية في شكل تعويض، تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الجغرافية وتثمن المسؤولية الميدانية؛
-المرافقة الاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل التي تتولد عن إعادة الانتشار والمتعلقة بالسكن وتمدرس الأبناء وإعادة ترتيب الأزواج؛
-العلاقة الوثيقة بين تدبير المسار المهني والترقيات لشغل مناصب المسؤولية والحركية.
*تفحص بدقة جمع معيقات إعادة الانتشار خصوصا على المستوى التنظيمي والمالي، وذلك من خلال:
-تعديل المساطر المالية المتعلقة بتدبير المناصب عبر تسهيل نقل هذه المناصب بين القطاعات وبالتالي النقل الفوري للموظفين المعاد انتشارهم ولمناصبهم المالية؛
-تبسيط مساطر الإلحاق؛
-التقليص من عدد الهيئات والأطر في أفق التجميع والانسجام وتبسيط التدبير؛
-التقليص من الفوارق في التعويضات بين القطاعات وكذا داخل نفس الدرجات النظامية.
*القيام بأنشطة التكوين على مستوى كل قطاع وبين الوزارات من أجل تشجيع الحركية وإعادة التأهيل؛
*القيام، على المدى القصير، بإجراءات إعادة الانتشار التي لا تطرح أية مشاكل من الناحية الاجتماعية والتنظيمية، ومن هذا المنظور يبدو ملائما خلق دينامية من شأنها تشجيع إعادة الانتشار بين الوزارات على الصعيد الجهوي، بحيث يمكن أن يستهدف بالأولوية الهيئات والأطر المشتركة بين الوزارات (حوالي 125.000 موظف أي 4/1 أعداد الموظفين المدنيين) الذين لهم إمكانية الحركية بين الوزارات من خلال مسطرة إعادة التعيين وفي إطار جهوي، ليتسع بعد ذلك، هذا النوع من إعادة الانتشار، نحو الجماعات المحلية والإدارات.
المصدر:الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية .csfp.ma