مطالب حقوقية بعدم إلغاء مؤسسة قاضي التحقيق
قدمت عدة طعون من طرف هيآت الدفاع ضد قرارات قضاة التحقيق في المحاكم الابتدائية بعلة تعارضها مع القيم الإنسانية.
وحسب الجهات الحقوقية، فإن هناك نقاشا، منذ إدخال تعديلات على المسطرة الجنائية، حول مدى انسجام الالتزامات المنصوص عليها في المادة 152 من قانون المسطرة الجنائية مع مبادئ حقوق الإنسان. ويؤكد الحقوقيون المغاربة أن فلسفة حقوق الإنسان تعتبر من ركائز الثقافتين القانونية والجنائية، وأن إحداث مؤسسة قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية، جاء ليكرس الثقافة القانونية والحقوقية، ومنح ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين اعتمادا على قرينة البراءة.
وبرأي الجهات الحقوقية، فإن بعض قرارات قاضي التحقيق تحمل جملة من القيود مثل المنع من التنقل والحق في العمل والحق في سرية الحياة الخاصة والحق في الاتصال والتواصل والحق في ممارسة هويات بينها الصيد أو القنص.
وحسب مصادر تحدثت إلى «الصباح»، فإن إصدار قاضي التحقيق في المحاكم الابتدائية لقرارات من قبيل إغلاق الحدود وسحب وثائق السفر، يمس إلى حد ما بالالتزامات لتكريس مبادئ حقوق الإنسان.
ومن الحقوق التي تصادرها قرارات قاضي التحقيق لدى المحاكم الابتدائية أوامره بعدم مزاولة الموضوعين تحت المراقبة القضائية للأنشطة ذات الطبيعة المهنية أو الاجتماعية، إلا بمقتضى إشعار يوجه إلى قاضي التحقيق.
ومن قرارات قاضي التحقيق التي تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان المنع من الاتصال بأشخاص يحددهم مسبقا، وذلك سعيا من القضاء إلى منع تواصله بشركائه والمساهمين معه في الجريمة المفترضة.
وبرأي الجمعيات الحقوقية، فإن المطلوب ليس إلغاء العمل بمؤسسة قضاء التحقيق في المحاكم الابتدائية، بل السعي إلى تطويرها وتحديثها بما يتناسب مع مبادئ حقوق الإنسان، وضمان محاكمة عادلة للمتهمين تماشيا مع العهد الدولي لحقوق الإنسان والتزامات المملكة دوليا بخصوص مواثيق ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمواطنيها.
ويرى مجموعة من الحقوقيين المغاربة أن الضامن لحقوق المتهمين حين عرض ملفاتهم على قضاء التحقيق هو قاضي التحقيق نفسه بصفته الأخلاقية وضميره.
وتشير المادة 52 من قانون المسطرة الجنائيى إلى اختصاصات قضاة التحقيق في المحاكم الابتدائية، إذ نصت على أنه «يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في المحاكم الابتدائية من بين قضاة الحكم فيها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل، بناء على اقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية، بينما يعين القضاة المكلفون بالتحقيق في محاكم الاستئناف من بين مستشاريها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل بناء على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف».
وتؤكد الجمعيات الحقوقية أن وجود مؤسسات قضاء التحقيق في المحاكم الابتدائية والاستئنافية يعد من المكتسبات الحقوقية بحكم ما توفره من ضمانات قانونية للمتهمين والمجتمع بصفة عامة، إذ أن التحقيقات التي يباشرها قاضي التحقيق تمكن من استجلاء الحقائق، بخلاف الأبحاث التمهيدية التي تسند إلى الضابطة القضائية والتي لا يتيح الحيز الزمني الذي لا يتجاوز 48 ساعة لضباط الشرطة القضائية إمكانية جمع الأدلة والمعطيات للوصول إلى الحقيقة.
وفي مقابل المطالب الحقوقية هناك أصوات تطالب بعدم الابقاء على مؤسسة قاضي التحقيق بالمحاكم الابتدائية، على اعتبار أنها في كثير من الأحيان تكتفي فقط بالاعتماد على محاضر الشرطة القضائية على اعتبار أنها تكتسي في المرحلة الابتدائية القوة الثبوتية ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور، مما يجعل عمل قاضي التحقيق تكرارا لما قامت به الشرطة القضائية، بخلاف القضاء الاستئنافي حيث المحاضر هي على سبيل الاستئناس ويمكن لقاضي التحقيق إجراء معاينات وطلب وثائق وأن يقوم بانتدابات لكشف الحقيقة.
ومن بين المؤاخذات على مؤسسة قاضي التحقيق في المحاكم الابتدائية عدم متابعتها لقرارات الترخيص بتسجيل المكالمات الهاتفية، على اعتبار أن المسطرة الجنائية منحت لقضاة التحقيق صلاحية الأمر بالتسجيل والتقاط المكالمات الهاتفية.
https://www.maghress.com/assabah/16417