مناهج البحث وتقنياته
إن أي موضوع لا يمكن دراسته يشكل منطقي, ومعقول, في غياب تصور, أو رؤية معينة.وأنه كلما اختلفت هذه التصورات, بين الباحثين. كلما كانت النتائج مختلفة، حتى وإن كانت الفرضيات, والمنطلقات, أو المعطيات الأولية, واحدة وهذا لا يعود إلى سوء استخدام المنهج أو الجهل بتقنيات ووسائل البحث من قبل بعض الباحثين وإنما إلى اختلاف الرؤية والتصور.
فالتصور إذن هو حجر الزاوية في أي بحث حتى وإن كان خفيا غير معلن عنه ,وحتى إن لم يخضع للتجربة العلمية الدقيقة.أما تقنيات البحث الأخرى, ووسائله,وأدواته ,وطرقه فهي عوامل ضرورية, مساعدة, يستغلها الباحث لإنجاز بحثه وتوجيهه الوجهة الموضوعية السليمة ,فهي إذا بمثابة معالم يهتدي بها الباحث حتى لا يخرج عن التصور الذي انطلق منه.
هناك عدة طرق, وتقنيات علمية, لجمع المعلومات الضرورية لكل بحث, ارتأيت أن أشير إلى بعضها, نضرا لقلة المراجع في هذا المجال,وعدم اكتراث الباحثين بالتقنيات العلمية ,عند القيام بأي بحث علمي . ولقد لاحظت كثيرا من البحوث,-خصوصا الميدانية منها- التي كتبها بعض الطلبة في السنة النهائية ,أو الأساتذة عند إقرارهم في المناصب الإدارية, على الرغم من أهميتها . لا تستند على منهجية علمية أو تقنية واضحة, الشيء الذي يفقدها الصبغة العلمية. لأن تقنيات البحث, هي التي تعصم الباحث من الوقوع في الزلل, والأخطاء (كما ذكرت) وتعطي للبحث الأهمية العلمية.وإلا تحول البحث إلى مجرد وجهة نظر وعند ذلك يضيع كل مجهود الباحث.
لا بد من الإشارة في البداية إلى أن كل البحوث تشترك على الأقل في مرحلتين هما:
(1)المرحلة الافتتاحية, وهي بدورها تشتمل على مرحلتين ضروريتين هما : مرحلة التحضير الفكري ,ومرحلة التحضير المادي.
(2)تحديد مجال البحث, وفي هذه المرحلة لابد (1) من اختيار, وتحديد الموضوع بعناية(2) ضرورة صياغة الفرضيات (3)تحديد خصائص العينة لمجتمع الدراسة, أو ميدان الدراسة.
تحديد الموضوع:
إن العملية الأولى لتحديد الموضوع, تتطلب منا تحديد إشكالية البحث, و وصفها بوضوح, كخطوة أساسية, باعتبارها القضية التي تشغلنا, والتي نريد معالجتها.لأنه لا يمكن أن نتصور بحث بدون إشكالية. على شرط أن تكون صالحة للبحث, والدراسة .وتضيف إلى معارفنا شيئا جديدا, ومفيدا . دون أن ننسى تعريف المصطلحات, والمفاهيم الواردة في صياغة الإشكالية . يقول بول باسكون عن الإشكالية : [ يمكن تلخيصها في مرحلتين متلاحقتين:(1) التساؤل: وهو العملية التي يتحول بها موضوع البحث إلى جملة من الأسئلة الدقيقة الواضحة. تبدأ من السؤال العام الذي يطرحه البحث, ثم تتدرج بعد ذلك إلى الأسئلة الفرعية. (2)اختيار المؤثرات, وهي المؤشرات, أو الدلالات والوقائع, التي يمك ملاحظتها, وتحديدها ,أو قياسها بخصوص كل المتغيرات التي برزت في تساؤلنا] (بول باسكون إرشادات عملية لإعداد الرسائل والأطروحات الجامعية ترجمة أحمد عارف 1981)
(2)الفرضيات: يمكن اعتبار هذه المرحلة ,من أهم مراحل خطوات البحث العلمي .لأنها عبارة عن حل مبدئي يتخيله الباحث لكشف العلاقة الموجودة بين عناصر, ومتغيرات الظاهرة, موضوع الدراسة. كما أنها تقدم لنا كثيرا من المعطيات, والمعلومات التي قد تتحقق في نهاية الدراسة, أو لا تتحقق.إن وضع الفرضية هو من صنع الباحث, وهي عملية ذات قيمة إبداعية, تدل على فطنة وخبرة الباحث, ومدى استيعابه وفهمه للإشكالية التي يدرسها, وللواقع الذي تنتمي إليه. حتى يتجنب إضاعة الوقت, في فرضيات عقلية, بعيدة عن الواقع. وهناك ملاحظات لا بد من الإشارة إليها وهي: (1) يجب مراعاة العناصر, والمتغيرات والعلاقات الموجودة بينها في الظاهرة, عند صياغة الفرضية (2) أن تكون الفرضية قابلة للتأكد من صحتها ,أو عدم صحتها .[أي قابلة للدراسة, والاختبار, والتجريب .على خلاف الفرضيات الميتافيزيقية ,والأخلاقية ,الغير قابلة للتحقق.](3) لابد أن تكون الفرضية مرتبطة ,ومنسجمة مع النظريات العلمية السابقة ,التي أكدها العلم, و أصبحت بمثابة بديهة,. حتى لا يضيع الوقت في أمر, قال فيه العلم كلمته الأخيرة, وحتى يستفيد من الحقائق المكتسبة . (4) من الخطأ الشائع أن توضع الفرضية في شكل سؤال. بينما الصحيح, أن تكون الفرضية مثبتة, ومنفية, في نفس الوقت. لأنها ستصبح قانونا, إذا تأكدت صحتها. مثال ذلك {تراكم المواد, وضغط تاريخ الامتحان, يؤدي إلى الانقطاع المبكر عن الدراسة} .{تراكم المواد وضغط تاريخ الامتحان, لا يؤدي إلى الانقطاع المبكر عن الدراسة ..}وبعد ذلك فالدراسة هي التي ستؤكد صحة الفرضية أو نقيضها. .oujdacity.net