منهجية الإجابة على الأسئلة في الإمتحان الماستر تمهيد:
إن اجتهاد موهبة تمنح لبعض الطلبة ولا تمنح للآخرين، فالإجتهاد خلق وإبداع، وتلك قدرة خاصة تبرز أو تتألق لدى بعض الأفراد، وتتضاءل أو تنعدم عند آخرين، وموهبة البحث عندما توجد يمكن تنميتها بالمعرفة لتجعل من الرحيق عسلا شهيا ، فالغرض من إجراء امتحان الماستر هو اختيار قدرات الطلبة ، ومن أكثرهم حذرا وقدرة على التحليل والتنظيم وحب المعرفة بإجادة البحث عن أجوبة لها بأسلوب منظّم، والوقوف عما إذا كان الطالب يستطيع أن يُخرِج شيئا مما يقرأ، والتحقق من إمكانياته في الاستفادة من المعلومات التي تلقاها في سلك الإجازة بأسلوب منهجي وعلمي ومدى استيعابه للدروس النظرية التي تلقاها أثناء تكوينه، فإن كان يستطيع فهو جدير بأن يتابع سلم الدراسات العليا.
فالباحث الجيّد يبدأ بفكرة غامضة وغير محددة، وعن طريق الفرضيات والمسلمات التي يضعها،وعن طريق المحاولة والخطأ تتبلور له المشكلة التي يريد دراستها وبذلك تتضح له الإشكالية التي تنطوي عليها تلك الفكرة التي يدور حولها الموضوع محل البحث ثم يقوم بتجميع ما لديه من معلومات حولها وتنظيمها وفحصها لاختيار الأفكار المناسبة التي تساعده على حل الإشكالية بعيدا عن التحيّز والجمود مع احترام الرأي الآخر والاعتقاد أن الحقائق التي وصل إليها ليست مطلقة وأنها تخضع للمراجعة والتصحيح.
ومن بين أهداف فتح سلك الماستر هو التكوين في ما بعد التدرج هو تنمية جيل من الباحثين المتميزين بالمعرفة وتدريبهم على إلقاء البحوث ذات المستوى الرفيع والارتقاء بمستوى التعليم الجامعي والدراسات العليا، باستعمال أساليب البحث العلمي الذي يعتمد على الأسس العلمية المتعارف عليها للتعمق في معرفة أي موضوع وتحليله ، بهدف تكوين المعرفي أي أن الماستر نجاح في امتحانا يعطي تكوينا وتأطيرا لطالب والذي تمنحه صلاحية للولوج للدكتوراه.
منهجية الإجابة على الأسئلة في الإمتحان الماستر :
عناصر الإجابة:
المقدمة:
لا يختلف اثنان بأن المقدمة هي الباب الرئيسي الذي ندخل منه لصلب الموضوع، فهي تحفِّز الهمة لقراءة الورقة ، أو تحملها على وضعه جانبا، ونظرا لأهمية المقدمة، فإن الكثير يأخد النظر الأولى من خلالها ، وفي جميع الحالات لابد أن تكون المقدمة مختصرة وغير مُثقلة بأفكار تجيب عن الإشكالية السؤال، وتُفْقِد المقدمة وظيفتها كمدخل للإجابة، وتتضمن المقدمة بعض النقاط الرئيسية في أي دراسة وهي:
عناصر المقدمة:
توضيح أهمية الموضوع : بدأ بالإطار القانونيللموضوع يتم تحديد في المقدمة عن أهمية الموضوع المطروح للنقاش والتعريف به .
الإشكالية: صيغة السؤال في امتحان قد تأتي بأحد الأسلوبين التاليين:
الصيغة الاستفهامية أو صيغة السؤال: وتتم صياغة الإشكاليات بهذه الصيغة على النحو التالي:
ما مدى …؟. كيف عالج المشرع…؟ ومختلف صيغ الاستفهام الأخرى (ما هي؟ هل؟…)
وسواء جاء سؤال امتحان بالصيغة الأولى أو الثانية فعلى الطالب إعادة صياغته بشكل آخر استفهامي، لأن صياغة المشكلة في صورة سؤال تعني أن غرض الجواب هو البحث عن حل للإشكالية.
إن البحث الذي يخلو من إشكالية محددة، هو بحث غير جدير بصفة العلمية، فنقطة الارتكاز الأساسية التي تدور حولها الإجابة هي “مشكلة” محددة تتطلب حلا ، كما أن طرح الإشكالية هو الذي يبرز أهمية الموضوع من الناحية العلمية والنظرية، وعن طريقها يمكن تحديد الموضوع وتحديد نوعية المعلومات والبيانات والأساليب العلمية المستعملة لمعالجة هذا الموضوع محل البحث وهذا ما يسهل عملية وضع منهجية علمية معينة للإجابة عن الإشكالية.
ويجب صياغة اللإشكالية في عبارات واضحة ومفهومة ومحددة بدقة، بحيث لا تكون موسعة متعددة الجوانب كثيرة التفاصيل أو ضيقة محددة للغاية ويصعب فهم المقصود منها بدقة ووضوح. وقد تتطلب الإجابة على الإشكالية الرئيسية طرح إشكاليات فرعية مرتبطة بها .
منهجية الإجابة:
التفكير في وضع خطة البحث يسبقه التفكير في صيغة الإشكالية أو الطرح الذي يتبناه الطالب للإجابة على السؤال بشكل مناسب وجدير بالاهتمام
فالخطة هي تقسيم للإجابة وهيكل البناء الذي تقوم عليه، وعن طريقها يمكن للمصحح ومن الوهلة الأولى أخذ فكرة عن الإجابة وصاحب الإجابة، فهي واجهة البناء الفكري للإجابة على السؤال المطروح وفهرسا للأفكار التي تتضمنها تلك الإجابة، ولذلك ينبغي الاهتمام بالتقسيم اهتماما كبيرا، لأن أغلب المصححين يعتبرون الإجابة وفق خطة منهجية متكاملة عاملا هاما في تقييم الطالب وبنسبة كبيرة لأنه كما سبقت الإشارة في التمهيد، الوسيلة الفعالة للتمييز بين مختلف المرشحين لإجتياز الإمتحان و اختيار أكفأهم وأذكاهم هي الوقوف على مدى قدرة الطالب على الاستفادة من مختلف المعلومات المتوفرة لديه عن طريق مجهوده الفكري وتقنياته في وضع تقسيم للسيطرة على أبعاد موضوع السؤال وترتيب الأفكار المتواجدة لديه بشكل متسلسل ومنظم ومترابط ( فالمواد الأولية هي نفسها المتوفرة لدى كل مرشح بحكم مراجعتهم لنفس المقاييس لكن البناء سيكون مختلفا من طالب لآخر حسب ذكاءه ومنهجيته وعمق تكوينه وتذكّره للمعلومات…
وتوجد طرق متعددة للتقسيم عموما، تتحكم فيها طبيعة الموضوع محل السؤال وحجمه ومحتواه، لكن من الأفضل انتهاج التقسيم الثنائي(مبحثين، مطلبين، وهكذا..
الخاتمة :
تأتي الخاتمة في النهاية لكي تقدم للمصحح الإجابة عن الإشكالية الأساسية والإشكاليات الفرعية، بل وما يثيره الموضوع من إشكاليات جديدة وأسئلة غير مسبوقة.
وما دامت الأعمال بخواتيمها فليحرص الطالب على أن تكون خاتمته جيدة تترك انطباعا حسنا لدى المصححين باعتبارها آخر ما يقرؤونه.
مميزات الخاتمة: تتميز الخاتمة عن بقية أجزاء الإجابة، بأنها حصيلة الجواب بأكمله، إذ أنها تجسيد للنتائج النهائية التي توصل إليها الطالب ، والخاتمة مرتبطة إلى حد ما بالمقدمة في أول البحث، لأن الطالب يحاول أن يجيب على بعض الفرضيات والتساؤلات التي تطرح في المقدمة ، وفي العادة تستخدم الخاتمة لإبراز أهم النتائج التي استخلصها ، ولهذا فهي ليست بالضرورة ترديدا وتكرارا لما جاء في المتن، وإنما تستعمل لربط عناصر الموضوع بعضها ببعض، واستخلاص النتائج مما سبق ذكره في المتن.
الفرق بين الخاتمة والخلاصة: من مميزات الخاتمة نلاحظ أن الخاتمة مختلفة عن الخلاصة، التي هي عبارة عن تلخيص حرفي لما ورد في المتن ، والخلاصة تستعمل لأغراض أخرى، غير أغراض الخاتمة.
الاهتمام بمظهر الورقة والحرص على مراجعتها:
على الطالب التوقف عن التحرير لمدة وجيزة ثم يعود للقراءة بعين جديدة لتصحيح الأخطاء و حذف المكررات، ووضع علامات الترقيم ، و ترك فواصل بين المقدمة و المضمون ، ويمكن للطالب من خلال مراجعته لورقة الإجابة التحقق من كتابتها بشكل جيّد ومنظم .
إذا كانت طريقة إجابة الطالب صحيحة يكسب ثقة المصحح ويطمئنه على قدراته من الوهلة الأولى، مما يجعله يتساهل أحيانا عن بعض الأخطاء الغير مقصودة (كالخطأ الإملائي البسيط مثلا …).
إن تصحيح الورقة يبعث في المصحح روح النقد لذا ينبغي استدراجه بحسن الصياغة و اختيار الكلمات، خاصة عند بداية الجواب، و عند كتابة خاتمة الإجابة ينبغي الحرص على عدم القيام بأية أخطاء نحوية أو إملائية، لأن المصحح سيحتفظ بالخاتمة في ذاكرته عند القيام بعملية التنقيط، ولكن الاهتمام بنوعية الكتابة ينبغي ألا يؤدي إلى تضييع وقت الامتحان في البحث عن التعابير الملائمة و الجمل المفيدة، على حساب محتوى الورقة، فينبغي عدم التضحية بالمضمون لصالح الشكل أو العكس ، فالاهتمام يكون أولا بالمضمون والمحتوى لأنه الأهم، ثم يتساءل الطالب إذا ما كان بإمكانه تحسين علامته عن طريق الكتابة بأسلوب أفضل.
عوامل أخرى تساعد على النجاح :
التحضير الجيد للامتحان:
يتزامن الإعلان عن إجراء امتحان الماستر تحديد المقاييس المعنية بالتحضير والمراجعة، وعادة ما تكون هذه المقاييس هي تلك التي تلقى فيها الطالب تكوينا نظريا أثناء دراسته في الإجازة حتى إن كان التخصص سيكون في موضوع آخر تشمله الدراسة النظرية أثناء التكوين في الإجازة ..
تقسيم الوقت بطريقة جيدة و مفيدة (السيطرة على الوقت المخصص للإجابة):
على الطالب قراءة الأسئلة الإمتحان أكثر من مرة واحدة ، و عند استذكار أية معلومة أثناء قراءة الأسئلة عليه تدوينها على المسودة في الحين، و لا يؤجل كتابتها لوقت لاحق حتى لا ينساها، ويستحسن استعمال ألوان مختلفة للفت الانتباه لدرجة أهمية هذه المعلومات، ثم على الطالب إعادة قراءة كل هذه الأفكار المدونة على المسودة و التأكد من ملائمتها مع ما طلب منه، حتى لا يخرج عن الموضوع، ثم يقوم بترتيبها و يحرص على عدم الخروج عن الموضوع، و ذلك بشطب الأفكار المتعارضة و التي في غير محلها ، فلا داع أبدا لكتابة أي شئ إن لم تكن له علاقة بالسؤال فقط من أجل إعطاء وجهة نظر في السؤال، أو إعلام المصحح بأنه يحمل معلومات في غير موضوع السؤال فهذا سيحسب على الطالب و يؤثر على النقطة المحصلة ، لأنه بذلك يكون قد خرج عن الموضوع، فالسؤال يتعلق بموضوع محدد، و ليس المطلوب هو إعطاء ملخص يقوم فيه الطالب بحشو المعلومات وحشرها في غير محلها.
وبعد فهم السؤال بقراءته بتمعن لثلاث مرات، من دون قلق ودون التركيز على جزء أو كلمة منه فقط، ومحاولة تجميع الأفكار تحضيرا لتركيبها وبناءها بالاعتماد على أسلوب الاستنتاج من المعلومات المتوفرة، مع الأخذ بعين الاعتبار كما سبقت الإشارة ضرورة تدوين الطالب كل ما يخطر بباله مما يصلح للإجابة على السؤال في المسودة حتى إن كان ذلك بشكل غير منظم لأن هذه المرحلة هي مرحلة تجميع الأفكار المرتبطة بموضوع السؤال تمهيدا لتوظيفها في الإجابة بأسلوب منهجي ، فهي التي تساهم في بناء تصور معين لمنهجية الإجابة فكلما كانت هذه الأفكار كثيرة وملمة بكل جوانب الموضوع كلما كانت الخطة مناسبة منطقية ومتسلسلة وعميقة.
وعلى الطالب أثناء كل ذلك أن يسأل نفسه كم من الوقت يلزمه للقراءة الأولى ؟، والإجالة في المسودة؟، ونقل الأفكار من المسودة لورقة الإجابة؟
و من أجل تمكن الطالب من السيطرة على الوقت المخصص للامتحان، عليه ألا يغادر القاعة إلا بعد مضي المدة المقررة للامتحان، لأن الوقت من معطيات الامتحان و مغادرة الطالب قبل الأوان يعد استخفافا بعامل الزمن، والطالب الذي يتخلص من وقته بسرعة من أجل استعادة حريته خارج المدرج، متأثرا بخروج طلبة آخرين قبل انتهاء الوقت المخصص لظروف معينة تخصهم، كقلة الفهم أو ارتباطهم بظروف لا تمت للطلبة الآخرين بأية صلة يجعله يفقد الكثير من تركيزه و يؤثر على علامته.
الثقة بالنفس يوم الامتحان:
لأن الالتحاق بالدراسات العليا يفتح آفاقا مستقبلية كبيرة تضاعف عدد المقبلين على المبارياة ، وبِغَض النظر عن نسبة المقبولين في سلك الماستر ينبغي على الطالب أن يثق في نفسه لأن الثقة بالنفس تضاعف من حظوظ النجاح، فالارتياح النفسي و الطمأنينة تجعله أكثر قوة، وتبعده عن الارتباك و تجنبه القلق الذي يؤثر على قدراته الجسدية و الفكرية، و على الطالب إبعاد الأفكار السلبية عن ذهنه و الابتعاد عن الشعور بالإحباط و فقدان الأمل في النجاح خاصة إذا قارنا عدد المشاركين بعدد المناصب المتوفرة.
وفي الأخير تذكّر قول الله تعالى:” ومَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلُ لَهُ مَخْرَجاً ويَرْزُقُهُ مِنْ حَيثُ لا يَحتَسِبُ ومَنْ يَتَوَكَّلُ على الله فهو حَسْبُهُ ، إن الله بالِغُ أمرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيءٍ قَدرًا” وقال أيضا:” ومن يتّقِ الله يَجْعَل لهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْرًا ” الآيات 03،04 من سورة الطلاق.