ولكي تتضح لنا الإسهامات التي قدمها لنا رواد هذه المدرسة دعونا نتعرف معن على أبرز علماء هذه المدرسة و أكثرهم شهرة في الأوساط الإقتصادية ألا وهو :-
🔴 “أدم سميث” أبي الإقتصاد الحديث ” وصاحب النظرة المتفائلة للعالم
على الرغم من أن علم الإقتصاد وجد منذ القدم ولكن هناك إجماع على أنه بدأ في العام 1779م وذلك عندما تم نشر كتاب أدم سميث الشهير ” بحث في طبيعة ثروة الأمم و أسبابها ..
حيث أن هذا الكتاب يعتبر أول من قدم تركيبة متكاملة عن الإقتصاد و فسر السبب الذي يجعل الدول تقييم معاملات تجارية مع بعضها البعض مع الإستفادة التامة لكل منهما ، كما أن هذا الكتاب أيد وبشدة فرض الحرية التجارية بين البلدان من دون أي قيود أو معوقات ، و أعطى توضيحا و تفسيرا للحد الأدنى من تدخل الحكومة في السوق الحرة داخل البلد .
وبواسطة هذا الطرح الإقتصادي العظيم الذي كتبه أدم سميث فإنه ومن خلاله عرض أفكاره التي ترفض الأفكار الإقتصادية التقليدية التي كانت سائدة في عصره مشيرا إلى أن التدخل الحكومي في الإقتصاد يكون مضرا في العموم و أن أفضل ما يخدم المصلحة العامة هو التنافس بين المشترين و البائعين دون عوائق داخل القطاع الخاص .
لقد خلق سميث إرثا كبيرا للإقتصاديين الذين أتوا من بعده و أغلبية المفكرون الإقتصاديون العظماء أقتبسوا نظرياتهم وأفكارهم من وحي أفكاره وحتى من عارض سميث في بعض الأراء أيده في كثير من أراءه الأخرى .
فمن هو ” آدم سميث ” بالتحديد وكيف أصبح أبا للإقتصاد الحديث دون منازع
هذا ما سألقي عليه الضوء في السطور القادمة .
● جانب من الحياة الشخصية وبعض النوادر التي قيلت عن ” أدم سميث ”
عاش هذا العالم الاسكتلندي الأصل في القرن الثامن عشر حيث ولد في مدينة كيركالدي سنه 1723م بعد بضعة أشهر من وفاة والدة الذي كان يعمل في منصب مأمور جمرك المدينة
– كان سميث رجلا غريب الشكل ذو أنف كبيرة و عينين بارزتين ذو شفه سفلية غليظة و أسنان كبيرة وكان يهتز دوما من العصبية و التوتر و يعاني من مشكلات في الحديث و كان يمتلك صوتا أجش كما أنه لم يكن متحدثا لبقا في الأساس كباقي المفكرين العظماء .
– لم يتزوج سميث أبدا مع أنه قد أشار بإستحسان الى جمال فتيات الليل الايرلنديات الموجودات في لندن ، وقد أقر بنفسة بأنه لا يصلح لأن ترسم له صورة ، كما قال بأنه ليس جميلا إلا في كتبه فقط.
– إن من كانت تمتدح عقل أدم سميث من النساء كان لا بد لها أن تتغاضى عن شكله البشع، و يذكر أن إحدى الروائيات الفرنسيات قد وصفته بأنه الشيطان القبيح
– أما عن مشاعره الخاصة فقد كتب عنها أنها سوف تخضع لتخمين الأخرين لذا أمر بأن يتم التخلص من كل أوراقة عند وفاته .
– درس سميث في جامعه إكسفورد ولكنه اختار موطنة اسكتلندا لإكمال حياته المهنية الجامعية كما يحكى أنه كان يبدأ محاضراته متلعثما ويستمر فيها لساعات و ينظر لسقف القاعه بدلا من النظر الى الطلاب .
– بالإضافه إلى تأليفه لكتابه “ثروة الأمم ” فهناك أيضا كتاب أخر قام سميث بتأليفه وهو كتاب ” نظرية المشاعر الأخلاقية “حيث أن هذا الكتاب كان قد سبق كتابه ثروة الأمم وتناول سميث فيه مدى إعتماد التواصل البشري على العاطفة والمشاعر .
– وعلى الرغم مما سبق فإن هذا العالم الشارد الذهن والذي كان يلقب أيضا ب ” سميث الأخرق ” قدم الكثير والكثير لعلم الإقتصاد ووضع أسسه و حتى بعد وفاته لا زالت أفكاره تطبق حتى الأن .
● نظريات أدم سميث وإسهاماته الإقتصادية
إذا ما تطرقنا لأعمال أدم سميث الإقتصادية الواردة في كتابه ثروة الأمم فإن هناك عدة محاور يجب معرفتها في هذا الخصوص وهي كالتالي :-
☆ تقسيم العمل :-
لقد استطاع سميث ومن خلال مثاله الشهير عن مصنع الدبابيس الإثبات بأن تقسيم العمل وتخصص كل عامل بشيء معين من شأنه أن يضاعف الإنتاجية بنسبة كبيرة جدا .
كما أن نظرية تقسيم العمل الخاصه بسميث لا تقتصر فقط على العمال أو داخل المدن فحسب بل انها تمتد إلى تقسيم العمل بين البلدان ، ووفقا لذلك فإن التجارة الحرة بين البلدان وتخصص كل مدينة في إنتاج شيء معين من شأنه أن يعمل على إتساع الأسواق وبالتالي تزايد ثروات الأمم
وفي خضم مسأله التجارة الدولية وتقسيم العمل بين البلدان جاء أدم سميث بنظرية أطلق عليها نظرية الميزة المطلقة والتي تنص على أن الدول يجب أن تستورد فقط المنتجات التي تمتلك فيها الدول الأخرى الميزة المطلقة في إنتاجها بمعنى أن من المفترض على الدوله أن تقوم بشراء البضائع من الدول التي تنتج هذه البضائع بتكلفة أقل وبكميات أكبر من إنتاجها في الدوله المستوردة .”
وهذه النظرية لم تكن موفقه الى حد ما فهناك اقتصادي أخر أثبت عدم صوابها وهو ديفيد ريكاردو ” والذي أعطى نظرية أخرى مناهظه لها سنتحدث عنها بشكل مفصل عندما نتطرق لإسهامات ريكاردو .
بالعودة إلى أفكار سميث هناك أيضا
☆ اليد الخفية لأدم سميث
وهو مصطلح أثير الكثير من الجدل حوله حيث أن البعض خمن أن أدم سميث كان يقصد بأن اليد الخفية هي يدالله في الاقتصاد أي أنها ذات مغزى ديني ولكن ومن خلال اقوال أدم سميث يتضح لنا تماما مالمقصود بها ومن أقواله عنها
” عندما نحصل على طعام العشاء من الجزار أو الخباز لا ينبع ذلك من الخير الموجود بداخلهم ولكنة ينبع من اهتمامهم بمصلحتهم الشخصية فنحن لا نتعامل مع إنسانيتهم و لكن مع حبهم لذاتهم .”
كما وقال ” عندما يوظف كل فرد مقدارا من المال و يعمل بجهد فإنه لا يفعل ذلك للمنفعة الجماعية ولا يدري مدى تطويره للجماعه عند القيام بذلك ولكنه يتصرف تبعا ليد خفية لم تكن جزءا من نواياه و بعد إتباع مصلحته الشخصية فهو ينمي و يطور مصلحة المجتمع .”
إن الكلام أعلاه إذا مادل عن شيء فإنه يدل على شيء واحد فقط وهو أن اليد الخفية لأدم سميث قصد بها الألية التي تعمل بها الأسواق أي أن السوق لديها القدرة الكامله على حمايه نفسها بنفسها من الأزمات و لها القدرة على إعاده حاله التوازن بين العرض والطلب مع مرور الوقت .
أيضا هناك مبدأ أخر من المبادئ التي أمن بها سميث وهو:-
☆ مبدأ الحرية الإقتصادية
هذا المبدأ الذي يقوم عليه النظام الرأسمالي والذي يعد سميث مؤسسة وبانيه ، وإليكم هذا الاقتباس الذي يشرح لنا هذه الفكرة بالتفصيل
” إن الحرية الإقتصادية توفر لنا أفضل العوامل الممكنة عن طريق عمل اليد الخفية ، أما محاولة التدخل في هذه الحرية بفرض القيود و السماح للإحتكار بالتدخل فسيؤدي ذلك إلى أن نصبح أكثر فقرا مما يجب ، أما الحكومات وبحسن نية فسينتهي بها الأمر الى زياده الحالة سوءا ولكن هذا لا يعني إمكانية الإستغناء عن وجود حكومات ولكن يعني تحديد دور لها بطريقة صحيحة .”
ويقصد هنا عدم تدخل الحكومات بالأنشطة الاقتصادية للأفراد و تحديد دورها فقط في توفير الخدمات العامه للمواطنين ، وهذا هو المقصود بالحرية الإقتصادية.
أيضا وبغرض عرض أفكار أدم سميث بصورة شامله يمكننا التطرق إلى النظرة التي كان ينظربها للثروة فوفقا لأدم سميث فإن الثروة الحقيقية ينبغي أن تقاس بمعايير مستوى معيشة المواطنين وليس استنادا الى حجم العملات و المعادن النفيسة ، فليس من الضروري أن تترجم حقائب الذهب الى حقائب من طعام
كما قال سميث بأن الثروات يجب أن تقاس من وجهه نظر المستهلكين في الدوله ، كما أدرك بأن الحافز الفردي والإختراع والإبتكار كلها تتسم في إيجاد اقتصاد أكثر رخاء.
أي أن على الدول أن تقوم بتقييم ثرواتها من خلال مستويات الإنتاج والتجارة وليس بناءا على قيمة ودائعها من الذهب والفضة ، وبهذا أعطى أدم سميث فكرة جديدة للإقتصاد وهي مفهوم أو مبدأ “الناتج المحلي الإجمالي .”
ومن هذه الأفكار التي خطها أدم سميث في كتبه إنطلق الفكر الاقتصادي الحديث أو ما يعرف بالتحديد ” بالإقتصاد الكلاسيكي .”rqiim.com