ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﺍﻧﺨﺮﻁ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ [1] ﻓﻲ ﺇﺻﻼﺡ ﻭﺭﺵ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ
ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﺔ، ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻭﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺻﺪﺭ ﺃﻭﻝ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻟﻠﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 12 ﻏﺸﺖ
1913، ﺇﺑﺎﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻈﻬﻴﺮ
ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺭﻗﻢ 1.74.447 ، ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ 28 ﺷﺘﻨﺒﺮ 1974 ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺩﻗﺔ
ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ [2] ، ﺣﺪﺍ ﻟﻨﻔﺎﺫﻩ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻞ .
ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﻣﺴﻠﺴﻞ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻟﺴﻨﺔ 1992 ،
ﺑﺈﺩﺧﺎﻝ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ 10ﺷﺘﻨﺒﺮ 1993 ، ﺍﻧﺒﻨﺖ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻬﻢ
ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ، ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺗﻘﻮﻳﺔ ﺿﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ، ﻭﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻮ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ،
ﻭﺗﺄﻣﻴﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﺳﺮﻱ، ﻭﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ [3] .
ﻭﻗﺪ ﺣﻘﻖ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻣﺤﺎﻛﻢ
ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ، ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
[4]41.90 ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ [5]53.95، ﺗﺘﻮﻟﻰ
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ .
ﻭﻗﺪ ﺻﺎﺣﺐ ﺫﻟﻚ ﺳﺤﺐ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ [6] ، ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺇﻻ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ، ﺑﻞ ﻟﻌﻞ ﺃﺑﺮﺯ ﺣﺪﺙ ﻋﺮﻓﺘﻪ، ﻣﺎ ﺟﺎﺀ
ﻓﻲ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﺳﻨﺔ 2011 [7] ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺼﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﻜﻠﺘﻬﺎ
ﻭﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ . [8]
ﻭﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻗﺪ ﺭﺳﻢ ﻟﻜﻞ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﺗﻤﺎﺭﺳﻪ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﺳﻄﺮﻩ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ . ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺎﺷﺮ ﺭﺅﺳﺎﺅﻫﺎ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕ ﺃﻧﻴﻄﺖ ﺑﻬﻢ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻧﺼﻮﺹ ﺧﺎﺻﺔ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻓﺮﺯﺕ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻭﺿﻊ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﻓﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﻛﻞ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺍﺭﺗﺒﻄﺖ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺑﺘﻨﺎﺯﻉ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ
ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺗﺼﺮﻳﻒ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ .
ﻭﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻫﻨﺎ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ
ﻋﻨﺪ ﻣﺴﺄﻟﺘﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺘﻴﻦ، ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﺘﻨﺎﺯﻉ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .
ﺃﻭﻻ : ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺄﻧﻪ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ . ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ “: ﻭﻻﻳﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻣﻌﻴﻦ
ﻛﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺃﻭ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ . ﺃﻣﺎ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻓﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ
ﻟﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﻭﺗﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻘﺎﻝ : ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﺍﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻓﻴﺔ “.
ﻭﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ
ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ
ﻋﺪﺓ ﻏﺮﻑ ( ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ (… ﻭﺃﻗﺴﺎﻡ ( ﻗﺴﻢ ﻗﻀﺎﺀ
ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻗﺴﻢ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺏ ) ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﺪ
ﺗﻮﺯﻳﻌﺎ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺴﻢ
ﻣﺨﺘﺼﺎ ﻓﻲ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ . [12]
ﻭﻳﻨﻘﺴﻢ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﻴﻤﻲ، ﻭﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻧﻮﻋﻲ، ﻭﺁﺧﺮ
ﻣﺤﻠﻲ .
ﻭﻳﻌﺮﻑ “ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ [13] ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺢ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻋﻪ . ﺃﻣﺎ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ
ﺟﻐﺮﺍﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻘﺎ ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻭﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ ” [14] ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ [15]، ﻳﻔﻴﺪ
ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺣﺴﺐ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺃﻭ ﺣﺠﻤﻬﺎ
ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ . [16]
ﻭﻗﺪ ﺣﺪﺩ ﺍﻟﻔﺼﻼﻥ 18 ﻭ 19 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ
ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 35.10 ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻟﻲ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ 27 ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ . [17]
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﻮﻟﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ 5 ﻭ6 ﻭ 10 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.96 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺍﻟﻲ، ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ،
ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ . [18]
ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺿﺢ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺑﻤﻮﺟﺐ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 8 ﻣﻨﻪ . [19] ﺃﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﻓﻘﺪ ﻣﻴﺰ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ،
ﺇﺫ ﺗﻄﺒﻖ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻣﻦ 27 ﺇﻟﻰ 30 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ . [20]
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﺘﺺ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﻴﻦ ﺑﻈﻬﻴﺮ ﺷﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﻣﺮﺳﻮﻡ،
ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺮﺍﺟﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ
ﺧﺎﺭﺝ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﻣﻌﻨﻰ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﻘﻮﻡ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻧﺰﺍﻉ ﻭﺍﺣﺪ
ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻄﻌﻦ، ﻭﺻﺮﺣﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ، ﺃﻭ ﻋﺪﻡ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﻓﻴﻪ [21] .
ﻓﻘﺪ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺩﻋﻮﺍﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺨﺘﺼﺔ، ﺃﻭ
ﺃﻣﺎﻡ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﺎﻛﻢ، ﻭﺗﺼﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﺗﺼﺮﺡ ﻓﻴﻬﺎ
ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﺃﻭ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ . [22]
ﻭﻗﺪ ﻧﻈﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ [23] ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ
ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ 300 ، 301 ، 302، 353/4، 354 ، 362 ﻭﻣﺎ ﻳﻠﻴﻪ،
ﻭﺍﻟﻔﺼﻮﻝ 388، 389 ، ﻭ9 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ
ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 33.11، ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﺤﻞ ﺗﻨﺎﺯﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ، ﻭﺣﺘﻰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ [24] .
ﻭﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻗﺪ ﻣﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ
ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻣﺎﻟﻪ، ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺣﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻟﻌﻞ ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ
ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ .
ﻭﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﺩﻓﻮﻋﺎ [25] ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﻭﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺗﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ [26] ، ﻛﻤﺎ ﻳﺴﻮﻍ ﻟﻪ
ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﺑﻪ
ﻭﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﻻ ﺑﺎﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﻭﻻ ﺑﺎﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ [27] ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ
ﺑﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺩﻓﻌﺎ
ﺷﻜﻠﻴﺎ ﻳﻨﻜﺮ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ .
ﻭﻗﺪ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ
16 ﻭ 17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ [28] ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
33.11 ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ
[29] ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 8 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.95 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ
[30] .
ﻭﻟﻌﻞ ﻏﻤﻮﺽ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﻋﺪﻡ
ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﻬﺎ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﻀﺎﺭﺏ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ، ﻭﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ
ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ، ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻳﻀﺮ ﺑﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ
ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺑﻴﻦ ﺟﻬﺘﻴﻦ ﻗﻀﺎﺋﻴﺘﻴﻦ [31] .
ﻭﻳﺤﻖ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ ﺣﻮﻝ ﻣﺪﻯ ﺗﻮﻓﻖ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ
ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ، ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ
ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻣﻨﺴﺠﻤﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻓﻊ
ﺍﻟﻠﺒﺲ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ، ﻭﻳﻜﻔﻞ ﺣﻤﺎﻳﺔ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ ﻭﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ .
ﻭﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ، ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻋﻦ ﺍﻹﻃﺎﺭ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ؛ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻔﻬﻮﻣﻪ ﻭﻃﺒﻴﻌﺘﻪ .
ﻭﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﺑﺸﺄﻧﻪ؛ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ،
ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻴﻪ ﺛﻢ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻴﻪ .
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﻳﺜﻴﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺷﻜﺎﻻﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ
ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻻﺳﺘﻌﺠﺎﻟﻲ، ﻓﺈﻥ ﺩﺭﺍﺳﺘﻨﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻟﻦ
ﺗﺘﻨﺎﻭﻟﻪ، ﺭﻏﻢ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﺍﻟﺨﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻨﺘﺒﻌﻬﺎ ﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻣﻌﺘﻤﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻮﺻﻔﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻥ،
ﻣﺴﺘﺮﺷﺪﻳﻦ ﺑﺎﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻥ ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻨﺢ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ
ﺑﺬﻟﻚ .
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ” ﺣﻘﺎ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺎ ﺃﻭ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺇﺟﺮﺍﺋﻴﺔ ﻋﻤﻠﺖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ ﻟﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻭﻁ
ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻬﺎ، ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ .” [32] ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮﻑ ” ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻠﻄﺔ
ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻣﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ ﻟﻠﺸﺨﺺ، ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ،
ﻭﺇﺟﺒﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎﻉ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﺑﻪ، ﻭﻗﻮﻝ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ
ﺻﺤﺔ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ .” [33]
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺣﺘﻰ ﺣﻴﻦ، ﺇﻻ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ
ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺮﻙ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ . ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺎﻟﺪﻋﻮﻯ ﻫﻲ
ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻖ ﻟﻠﺨﺼﻢ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ . [34] ﻭﻳﺮﺟﺢ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ
ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ، ﻣﻜﺘﻮﻑ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺣﺮﺍﻙ، ﺑﻞ ﺇﻧﻪ ﻳﺴﺎﺭﻉ ﺇﻟﻰ ﺭﺩ
ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ، ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻴﻦ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ
ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻪ [35] .
ﻭﻳﺘﻮﻓﺮ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺓ ﻭﺳﺎﺋﻞ [36] ، ﻟﻌﻞ
ﺃﺑﺮﺯﻫﺎ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ . ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ
ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ؟
ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ
ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺸﺄﻥ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ؛ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ؟ ﺗﺜﻴﺮﻩ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ، ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺩﺭﺟﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ؟ ﺃﻡ ﺃﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺩﻓﻌﺎ ﺷﻜﻠﻴﺎ ﻳﺠﺐ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻟﺪﻯ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻭﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ
ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ؟
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻨﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ، ﻧﺨﺼﺺ
( ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ ) ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻪ ﻓﻲ (ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ) .
ﻭﻧﺸﻴﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺳﺘﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺩﻭﻥ
ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ، ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺘﺸﺎﺑﻪ
ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺘﻢ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﻟﺨﻼﻑ، ﻛﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ .
ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ : ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻳﻄﻠﺐ ﻋﺒﺮﻫﺎ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ،
ﺇﻣﺎ ﺭﻓﺾ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺇﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺨﺼﻢ ﻟﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺇﻣﺎ
ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺿﻤﺎﻧﺔ، ﺃﻭ ﻣﺮﻭﺭ ﺃﺟﻞ ﻣﺤﺪﺩ . [37]
ﻭﻗﺪ ﻣﻴﺰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ، ﻭﻫﻮ -: ” ﺍﻹﺗﻴﺎﻥ
ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ، ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻬﺎ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ، ﺑﻘﺼﺪ ﺩﻓﻊ
ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻋﻨﻪ، ﺃﻭ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ .” [38] ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ
ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ، ﺃﻱ ” ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺨﺼـــــــﻢ ﺃﻥ ﻳﻠﺠﺄ
ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻮﻯ ﺧﺼﻤﻪ، ﺑﻘﺼﺪ ﺗﻔﺎﺩﻱ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻤﺎ
ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺩﻋﻮﺍﻩ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ، ﺃﻭ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺑﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺃﻭ ﻣﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺨﺼﻢ ﺃﻭ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ
ﺩﻋﻮﺍﻩ .” [39]
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 1631 ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ” ﻫﻮ
ﺍﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺪﻓﻊ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ .” ﻭﻻ
ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ
ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺑﺪﻓﻊ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﺃﺛﺒﺘﻪ ﻗﺒﻞ . [40]
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ، ﺣﻴﺚ
ﺍﺳﺘﺒﻌﺪ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ؛ ” ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺩﻋﻮﻯ ﻻ
ﺗﺴﻤﻊ ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﻣﻦ ﺇﺛﺒﺎﺗﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻳﻤﻴﻦ
ﻭﻫﻮ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺩﻋﻮﺍﻩ، ﻛﻘﻮﻟﻪ : ﻟﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺷﻲﺀ ﺃﻭ ﺃﻇﻦ
ﺃﻥ ﻟﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ . ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻻ ﺗﺴﻤﻊ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻘﻀﻲ
ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺑﻜﺬﺑﻬﺎ، ﻛﻤﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻟﺢ ﺃﻧﻪ ﻏﺼﺒﻪ .”… [41]
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ
ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻣﺨﻮﻝ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻧﻮﻋﻴﺎ ﻭﻣﻜﺎﻧﻴﺎ [42] . ﺣﻴﺚ ﻳﺜﻴﺮﻩ
ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ، ﺣﺴﺐ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 33.11 ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻳﺨﺮﺝ
ﻋﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ ) ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺨﻮﺽ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻩ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ
( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ) .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺃﻧﻮﺍﻋﻪ
ﻳﻠﺠﺄ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ – ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺜﻴﺮﻩ ﻋﻤﻮﻣﺎ – ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻣﺘﻰ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻌﻘﺪ ﻟﻬﺎ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ،
ﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻠﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ . ﻭﻫﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﺎﺯﻉ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺮﻭﻡ ﺗﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .[43]
ﻭﻟﻜﻲ ﻳﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺿﺒﻄﻪ ﺑﺸﺮﻭﻁ . ﻭﻣﺘﻰ ﺗﺨﻠﻔﺖ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﺃﻭ ﺃﺣﺪﻫﺎ، ﺟﻮﺑﻪ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ .
ﻭﺗﻈﻬﺮ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻩ ﻋﻦ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻪ (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ) ، ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ( ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﺸﺘﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻟﻐﺔ، ﻣﻦ ﺩﻓﻊ، ﻳﺪﻓﻊ، ﺩﻓﻌﺎ، ﻭﺩﻓﺎﻋﺎ ﻭﻣﺪﻓﻌﺎ .
ﻭﻳﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻌﻈﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﻭﺍﺣﺪ
ﻭﻫﻮ : ﺍﻟﺘﻨﺤﻴﺔ ﻭﺍﻹﺯﺍﻟﺔ ﺑﻘﻮﺓ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻓﻬﻮ ﻟﻐﺔ، ﺍﻻﻧﻔﺮﺍﺩ . ﻳﻘﺎﻝ : ﺧﺼﺼﻪ ﻭﺍﺧﺘﺼﻪ . ﺃﻓﺮﺩﻩ
ﺑﻪ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻳﻘﺎﻝ : ﺍﺧﺘﺺ ﻓﻼﻥ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻭﺗﺨﺼﺺ ﻟﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻔﺮﺩ .
[45] ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﻪ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎ، ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ ﻟﺠﻬﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ [46] ،
ﺃﻭ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ .
[47]
ﻭﻗﺪ ﺃﺣﺠﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻛﻨﻈﻴﺮﻳﻪ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻭﺍﻟﻤﺼﺮﻱ، ﻋﻦ
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ [48] ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 33.11 ،
ﺑﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺍﺗﺒﺎﻋﻬﺎ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻓﻊ .
ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ [49] ﺳﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻐﺮﺓ، ﺣﻴﺚ ﺍﻋﺘﺒﺮﻩ ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ
ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺑﺒﻄﻼﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ، ﻓﻬﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺩﻓﺎﻉ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ
ﺗﻤﻜﻦ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺔ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻖ، ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ
ﺗﺄﺧﻴﺮ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻧﻮﻋﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﻜﺎﻧﻴﺎ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺡ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ، ﻭﻫﻮ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻷﺻﻞ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺘﻌﺮﺽ
ﺑﺎﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻻﻟﺘﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ . [50]
ﻭﻳﺘﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﺃﻋﻼﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻗﺪ” ﺟﻌﻞ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺑﻘﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ، ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ
ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ [51] ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺜﺎﺭ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ . ﻭﺫﻟﻚ ﻗﻄﻌﺎ ﻟﻠﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﺴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻮﻟﻬﺎ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺇﻃﺎﻟﺔ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﺘﻬﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺣﻘﻮﻕ ﺧﺼﻮﻣﻬﻢ .” [52]
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺇﻣﺎ ﺩﻓﻌﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﺇﻣﺎ ﺩﻓﻌﺎ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻓﻌﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﺘﻘﺪﻡ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻳﻨﻜﺮ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ
ﺑﻨﻈﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻓﻬﻮ ﺩﻓﻊ ﺇﺟﺮﺍﺋﻲ ﻣﺒﻨﺎﻩ ﺗﺨﻠﻒ ﺷﺮﻁ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ
ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ، ﻟﻌﺪﻡ ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ، ﺑﻨﺎﺀ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻮﻉ . [54]
ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺇﻻ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻴﺔ . [55]
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻧﻔﻲ ﻣﻦ ﺭﻓﻌﺖ ﺇﻟﻴﻪ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺧﺮﻭﺟﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ
ﻟﻮﻻﻳﺘﻪ .
ﻭﻋﺮﻓﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﺑﺄﻧﻪ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ
ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻟﺨﺮﻭﺟﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﻭﻻﻳﺘﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺨﺼﺺ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ . [56]
ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ : …ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16
ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ .
ﻭﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ، ﻭﻣﺴﺘﻨﺘﺠﺎﺕ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺃﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻄﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ، ﻳﺘﺒﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﺍﻉ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ
16 ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺍﺏ، ﺑﻌﻠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﻧﻒ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺛﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻭﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻠﺨﺮﻕ ﺑﻪ .”
ﺛﺎﻟﺜﺎ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ
ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺼﺪ
ﻣﻨﻪ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻟﺨﺮﻭﺝ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻋﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ، ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻭﻧﺸﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ، ﻓﻘﺪ ﺣﺪﺩﻩ ﺍﻟﻔﺼﻞ
19 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ [58] . ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﻓﺈﻥ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ . ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻔﺼﻞ 10 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﺭﻗﻢ 42.10 ( ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬﻩ ﺍﻟﻈﻬﻴﺮ ﺭﻗﻢ 151.11.1 ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 16
ﺭﻣﻀﺎﻥ 1432 ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ ﻝ 19 ﻏﺸﺖ 2011 )، ﺃﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﻘﺮﺏ
ﻳﻤﺎﺭﺱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺠﺎﻭﺯﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ
5000 ﺩﺭﻫﻢ . ﺣﻴﺚ ﺃﻟﺰﻣﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺇﺫﺍ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﺮﺏ .
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻓﺘﺨﺘﺺ، ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ 6 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺇﺣﺪﺍﺙ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ
20000 ﺩﺭﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﺗﺨﺘﺺ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﺃﻭ ﻃﻠﺒﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ . ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻛﻠﻤﺎ ﻗﻠﺖ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ
ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻧﺎ ﻓﻴﻤﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ
ﻧﻔﺴﻪ، ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻞ 3 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺰﻡ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺘﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺷﺮﻭﻁ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺗﻤﻴﻴﺰﻩ ﻋﻦ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ.
ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ
16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﺇﻻ ﺑﺘﻮﻓﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﺗﻤﻴﺰﻩ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ . ﻭﺳﻨﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ :
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺷﺮﻭﻁ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ
ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 33.11، ﺃﻧﻪ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، [59] ﻭﺫﻟﻚ ﺩﺭﺀﺍ ﻟﺘﻤﺎﻃﻞ ﺍﻟﺨﺼﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ
ﻳﺜﻴﺮﻩ . ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻫﻲ :
ﺃﻭﻻ : ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ
ﻳﺠﺐ ﺇﺑﺪﺍﺀ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻛﻮﻧﻪ ﺩﻓﻌﺎ ﺷﻜﻠﻴﺎ، ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ
ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﺇﻻ ﺳﻘﻂ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ .
ﻭﻳﻌﺪ ﺳﻜﻮﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻋﻦ ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﺎ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺗﻨﺎﺯﻝ ﻋﻨﻪ .
ﻭﻳﻮﺍﻓﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ، ﺇﺫ ﻻ ﻳﺴﺘﺴﺎﻍ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻣﺜﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺪﻓﻊ
ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ .
[61]
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺳﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ، ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻨﻘﺾ : ” ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ
ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﻭﺃﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ .
ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺮﺡ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺜﺮﻩ .”
ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﺨﺼﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺩﻓﻊ ﺷﻜﻠﻲ، ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻋﻲ
ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺎﺯ ﺑﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ، ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ . [63]
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ
ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻓﻲ
ﻓﻘﺮﺗﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﻧﺠﺪﻩ ﻗﺪ ﺃﻟﺰﻡ ﻣﻦ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺮﻓﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﻄﻠﺐ . ﻭﻳﺴﺘﻮﻱ ﻓﻲ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ .
ﻭﻗﺪ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻣﺘﻰ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﻭﻛﺎﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﺤﻜﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ . [64]
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻝﺩﻓﻮﻉ
ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ
ﻗﺪ ﻳﺨﺘﻠﻂ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻪ
ﻟﺬﺍﻟﻚ ﻧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﻴﺪ ﺗﻤﻴﻴﺰﻩ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻧﺨﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﺆﺳﺴﺘﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ .
ﺃﻭﻻ : ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ . ﻓﻬﻮ ﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ
ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﻄﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ،
ﻛﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﻔﺔ، ﺃﻭ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺈﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ، ﺃﻭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ .
ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ، ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻭﺳﻴﻠﺔ ﺩﻓﺎﻉ ﺗﻤﻜﻦ
ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻄﻠﺐ،
ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻝ . [66]
ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻳﻠﺘﻘﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﺮﺿﺎﻥ ﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ . ﻭﻳﺨﺘﻠﻔﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻳﻌﻠﻖ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺒﺖ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺗﺐ ﺁﺛﺎﺭﺍ ﺷﺒﻴﻬﺔ
ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﺠﻬﺎ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺑﻔﻘﺪ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ . [67]
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ [68]ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ” ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﻭﺇﺣﺎﻟﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﻣﺎ
ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺇﻣﺎ ﻻﺭﺗﺒﺎﻁ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻳﻴﻦ “. [69]
ﻭﻳﺘﺨﺬ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﺻﻮﺭﺗﻴﻦ، ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ [70]
ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻟﻼﺭﺗﺒﺎﻁ ( ﺍﻟﻀﻢ ) .
ﻭﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻀﻢ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮﻩ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻃﻠﺒﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻝ، ﻛﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔــــــﺼﻞ
49 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴـــــﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤـــــﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌـﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘـــــﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ
33.11 . [71]
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ
ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠﻔﺎﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺷﺮﻭﻁ ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﻤﺎ
ﻭﺁﺛﺎﺭﻫﻤﺎ . [72] ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻋﻮﻳﻴﻦ، ﺣﻴﺚ
ﺇﻧﻪ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .
ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻟﻘﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﺴﻨﺔ 1974 ﻧﻘﻄﺔ
ﺗﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺭﺑﻄﻪ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺇﺫ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻇﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺗﺸﺮﻳﻌﺎ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻇﻬﻴﺮ 12 ﻏﺸﺖ 1913
ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺎ، ﻓﺈﻥ ﻓﻘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ
16 ﻣﻦ ﻇﻬﻴﺮ ﺷﺘﻨﺒﺮ 1974 ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﻭﻣﺎ ﻟﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ، ﺟﺎﺀﺕ ﻟﺘﻄﺮﺡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻡ
ﺣﻮﻝ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ
ﻇﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ .
ﻭﻟﻌﻞ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻋﻤﻮﻣﺎ، ﻭﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﺹ، ﺳﻴﻼﺣﻆ ﻣﺪﻯ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺟﻞ
ﺍﻟﺒﺎﺣﺜﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺆﻟﻔﻴﻦ ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻓﻜﺮﺓ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻭﺁﺛﺎﺭ . ﻭﻗﺪ ﺃﻓﺮﺯ
ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺳﻨﺘﻨﺎﻭﻝ ﻛﻼ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ( ﻣﻄﻠﺐ ﺃﻭﻝ ) ،
ﻭﻛﺬﺍ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ) .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﻣﻮﻗﻒ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻳﺸﺘﺮﻛﺎﻥ ﻓﻲ
ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﺑﺤﻜﻢ ﺧﺎﺹ، ﻣﺆﺩﺍﻩ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ
ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈــــﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ [74] ﺩﻭﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ . [75]
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 124 ﻣﻦ ﻇﻬﻴﺮ 1913 ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ
ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﻄﺮﺡ ﺃﻱ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ( ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ )، ﺇﺫ ﺍﻋﺘﺒﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺃﻱ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻼﺕ
ﺳﻨﺔ 1974 (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﻇﻬﻴﺮ 12 ﻏﺸﺖ
1913 ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻳﺜﻴﺮ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺇﺷﻜﺎﻻ ﻛﺒﻴﺮﺍ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭﺓ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻇﻬﻴﺮ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﺴﻨﺔ 1913 ، ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻗﻮﺍﻋﺪ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 124 ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻬﻴﺮ ﺍﻟﺴﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺨﺼﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ
ﺍﻟﻨﻮﻉ، ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻃﻮﺍﺭ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ، ﺇﻥ ﺍﻗﺘﻀﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺫﻟﻚ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ
ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻗﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ 20 ﺃﺑﺮﻳﻞ 1966 ، ﻭﻣﻤﺎ ﺟﺎﺀ
ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ “: ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻤﺎ ﺳﻠﻒ ﺃﻥ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﺍﺭﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﻈﻬﻴﺮ 28 ﺷﺘﻨﺒﺮ 1974 ﻭﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺤﻘﺘﻪ
ﺃﺩﻯ ﻋﺪﻡ ﻭﺿﻮﺡ ﺍﻟﻔﺼﻠﻴﻦ 16 ﻭ 17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ [78] ﺇﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ ﻻﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻭﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺗﺮﺟﻊ
ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺴﻄﺮﺓ، ﻗﺪ ﻇﻞ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ [79] ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﺇﺫ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻇﻬﻴﺮ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻟﻴﻄﺮﺡ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ . [80]
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺃﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺗﻴﺎﺭﻳﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ، ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻣﻨﺎﺻﺮ ﻟﺘﻌﻠﻖ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ (ﺛﺎﻧﻴﺎ ) ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻨﻜﺮ ﺗﻌﻠﻘﻪ
ﺑﺬﻟﻚ(ﺃﻭﻻ ) .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻟﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﻳﺮﻯ ﺭﻭﺍﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﺍﻫﻨﺔ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮﺗﻴﻦ 2 ﻭ 5
ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﺗﺜﻴﺮ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .
ﻟﻴﺴﺘﺨﻠﺼﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﻦ
ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ . [81]
ﻭﻳﺴﺘﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮﻩ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺎﺭﺍﺗﻪ ﻭﺃﻟﻔﺎﻇﻪ، ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻪ “:ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ .” ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﺒﺎﺭﺓ “ﻳﻤﻜﻦ ”
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯ، ﻻ ﺍﻹﻟﺰﺍﻡ .
ﻛﻤﺎ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻨﻔﻲ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ . ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺭ
ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﻣﻊ ﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺻﺪﺭ
ﻏﻴﺎﺑﻴﺎ ﻹﺛﺎﺭﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ، ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ
ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ . [82]
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 92 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ، ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﻊ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﻣﻦ
ﺗﻠﻘﺎﺀ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﻏﻴﺎﺑﻴﺎ، ﻭﻻ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﺫﺍﺕ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ [83] ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﺾ، ﺇﻻ
ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ . [84]
ﻭﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﻟﺪﻯ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺭﺩ
ﻓﻴﻪ “: ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ .ﻡ .ﻡ ﺍﻟﻤﻮﻣﺈ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻋﻼﻩ،
ﺻﺮﻳﺤﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ
ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ … ، ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻄﻌﻮﻥ ﺿﺪﻩ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﺃﻥ
ﺗﻤﺴﻚ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ … ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻢ
ﻳﺼﺮﺡ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﻧﻮﻋﻴﺎ ﻟﻠﺒﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ …
ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻗﻀﺎﺓ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺑﺘﺼﺮﻳﺤﻬﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻗﺪ ﺧﺮﻗﻮﺍ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ . ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺮﺿﻮﺍ ﻗﻀﺎﺀﻫﻢ ﻟﻠﻨﻘﺾ .” [85]
ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺆﻳﺪ ﻭﺟﻬﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻫﺬﻩ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
* ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻹﺑﻘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻟﻤﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻱ ﺩﻓﻊ
ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ .
* ﺇﻥ ﻋﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻋﻼﻩ ﻓﻲ ﻃﻮﺭ
ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ، ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴـــﺒﺔ ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻴﺔ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﺭﺗﺒﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ . [86]
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪ ﻟﺘﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﻳﺬﻫﺐ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻣﺴﺘﻨﺪﺍ
ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺞ ﻭﺃﺳﺎﻧﻴﺪ، ﺃﺳﺲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ
ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ . [87]
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻟﻔﻆ “ﻫﺬﺍ ” ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ، ﺍﺳﻢ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﺳﻢ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺍﺳﻢ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻮﻕ
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻫﻮ ﻟﻔﻆ ” ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ” ﺩﻭﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ . [88]
ﺃﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺴﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﻓﻴﺮﻯ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻗﺼﺪ ﺑﻠﻔﻆ “ﻳﻤﻜﻦ ” ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻬﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯ، ﻣﺆﻛﺪﺍ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻛﺜﻴﺮﺍ
ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺃﻭ ﻋﻜﺴﻪ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ .
ﻭﺧﻼﺻﺔ ﻣﺎ ﺳﻠﻒ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻐﻴﺮ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﺑﻞ ﺍﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ
ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ . ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ
ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺃﻭ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺗﻴﻦ 2 ﻭ 5 ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ، ﺃﻭ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﺃﻱ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻜﻤﻞ
ﺍﻷﺧﺮﻯ . [89]
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪﻩ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻣﻔﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ . [90]
ﻭﺗﺠﺪﺭ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ
ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﺃﺛﺎﺭ ﺟﺪﺍﻻ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻧﻈﺮﺍ
ﻟﻐﻤﻮﺽ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﺮﺗﻴﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ
ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪﻳﻠﻪ ﻭﺗﺘﻤﻴﻤﻪ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ
03.70[91] .
ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺹ ﻧﻮﻋﻲ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﺧﺎﺹ
ﺑﻘﺴﻢ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻷﺳﺮﺓ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ
ﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، ﺑﻞ ﻭﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﻣﻦ
ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﺣﻴﺎﺩﺍ ﻋﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻢ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 33.11 . ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺃﻥ
ﻳﻀﻊ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺗﺴﻤﺢ ﻷﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺃﻥ ﺗﻘﻀﻲ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﻀﺎﺀ
ﺍﻷﺳﺮﺓ . [92]
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻌﺪ ﺇﺣﺪﺍﺙ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
ﺣﻘﻖ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍ ﻣﻬﻤﺎ ﻓﻲ 10 ﺷﺘﻨﺒﺮ 1993 ، ﻳﺘﺠﺴﺪ ﻓﻲ
ﺗﺨﻮﻳﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺃﻋﻤﺎﻝ
ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻋﺎﺕ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 41.90 ﻭﻳﺘﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ . [93]
ﻛﻤﺎ ﺗﻮﺝ ﻣﺴﻠﺴﻞ ﺗﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺑﺈﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 95.53 . ﺃﻧﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﺃﻣﺮ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻭﻓﻌﺎﻟﺔ . [94]
ﻭﻫﻲ ﺑﺤﻖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺭﺍﺋﺪﺓ ﻃﺒﻌﺖ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ، ﺳﺘﺴﺎﻫﻢ ﺑﻼ
ﺷﻚ، ﻓﻀﻼ ﻋﻤﺎ ﻗﻴﻞ، ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻭﺛﻴﺮﺓ ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻹﻧﻌﺎﺵ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻱ . [95]
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ، ﻛﻤﺎ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺗﻘﺮﻳﺒﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ،
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ( ﻓﻘﺮﺓ ﺃﻭﻟﻰ ) ، ﻭ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.95 ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ( ﻓﻘﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90
ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ
ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ 41-90 ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺈﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ ” ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ
ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ [96] ، ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ .”
ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ
33.11 ، ﺟﻌﻞ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﺢ ﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺑﺈﺛﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ
ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻛﻤﺎ ﺃﻟﺰﻡ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ، ﻭﻟﻢ
ﻳﻜﺘﻒ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﺑﻞ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻔﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﺰﺍﻡ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺛﻴﺮ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻗﺎﺑﻞ
ﻟﻠﻄﻌﻦ ﺑﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻬﺎ ﺿﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
ﻭﻗﺪ ﻭﺳﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ
ﻗﺎﻧﻮﻥ 41-90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻟﺘﺸﻤﻞ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ
ﺍﻹﺳﺘﺌﻨﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ -03 08 ، ﻓﻨﺠﺪﻩ ﻳﻨﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
12 ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ : “ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 90.41 ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺳﺎﺭﻳﺔ
ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﻳﺤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .”
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻖ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ
ﻳﺜﺮﻩ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ
ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻓﻴﺔ، ﺑﻞ ﺇﻥ ﻧﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻛﺎﻥ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻓﻲ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﺣﺘﻰ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺤﻜﻢ
ﻣﺴﺘﻘﻞ . [99] ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺗﻀﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ،
ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺧﻴﺮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺖ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻭﺍﻟﻀﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ . [100]
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻋﺪﻡ ﺗﻘﻴﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
41.90 ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻳﺜﻴﺮ ﻣﺴﺄﻟﺔ
ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺍﻹﺧﻼﻝ ﺑﻬﺎ . ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺘﺼﺪﻯ ﻟﻬﺎ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺿﻤﻦ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ
ﻋﺪﻡ ﺍﻛﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻨﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮ،
ﺣﻴﺚ ﺻﺮﺣﺖ ﺑﺄﻥ “:ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺐ ﺃﻱ ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺗﻘﻴﺪ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ .
[101]
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﺃﻋﻼﻩ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺫﻟﻚ
ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻭﻳﺠﺐ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻞ
16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺮﺍﺗﻪ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 14 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ . [102]
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.95
ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ
ﻧﻼﺣﻆ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 95.53 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻃﺒﻴﻌﺔ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ، ﻓﺒﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 5 ﻣﻦ
ﻗﺎﻧﻮﻥ 95.53 ، ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ
ﺧﻼﻑ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﺑﻌﺮﺿﻬﻢ ﻟﻨﺰﺍﻉ ﺗﺠﺎﺭﻱ
ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻜﺲ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻔﻲ ﺻﺒﻐﺔ
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﻓﻘﻂ ﺑﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ
ﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﻭﻧﺔ ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻗﺪ ﺭﺧﺺ ﻟﻠﺘﺎﺟﺮ
ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.95 ، ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ،
ﺃﻭ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻟﺘﻔﺼﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺸﺄ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻧﺰﺍﻉ
ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﺟﺮ .
ﻭﻳﺘﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻳﻨﻌﻘﺪ ﺇﻣﺎ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ
ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ
ﻣﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﻣﻘﺎﺿﺎﺗﻪ ﺃﻣﺎﻡ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﺠﺎﺭﻳﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻠﻠﻤﺪﻋﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ
ﺑﻴﻦ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺇﻣﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ . [105]
ﻭﻣﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﻫﺬﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻧﻪ ﺳﻤﺢ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺑﻌﺮﺽ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺘﺤﻜﻴﻢ
ﻭﻓﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﻣﻦ 306 ﺇﻟﻰ 327 ﻣﻦ
ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ .
ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﻣﻦ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 53.95 ﻋﺪﻡ
ﺗﻌﻠﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﺃﺗﺎﺣﺖ ﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﺤﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺇﺛﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ،
ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻟﻪ . [107]
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺑﺨﺼﻮﺹ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻳﻜﺘﻨﻔﻪ ﺍﻟﻐﻤﻮﺽ ﻭﻋﺪﻡ
ﺍﻟﺪﻗﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻹﺯﺍﻟﺘﻪ .
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻳﻨﺼﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻲ ﻻ ﻳﻘﻞ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻋﻨﻪ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺣﻘﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ
ﺍﻟﻤﻜﻔﻮﻝ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ، ﻓﺈﻥ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ،
ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺼﺐ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﺖ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ .
ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺃﻭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ
ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﺑﺤﻜﻢ ﻳﺮﺗﺐ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ . ﻭﻫﻮ ﺣﻜﻢ ﻳﻘﺒﻞ
ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻓﻲ
ﻣﺒﺤﺜﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ .
ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺇﻥ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺭﻫﻴﻦ ﺑﺘﻮﺍﻓﺮ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻭﺟﻮﺏ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻤﻦ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻴﻪ ( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ
ﺍﻷﻭﻝ ) ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺑﺎﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩﺓ ﻟﺬﻟﻚ ( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ) ،
ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻟﻪ .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺪ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻷﻭﻟﻰ ) ، ﻛﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺜﻴﺮﻩ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻮ
ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ (ﺃﻭﻻ ) ﺃﻭ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ
( ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﻭﺗﺠﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻳﺸﻤﻞ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ، ﻓﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻳﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺳﻴﻦ ﻫﻤﺎ :
ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭﺓ ﻓﻲ
ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻴﻦ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎﺕ . [108]
ﺃﻭﻻ : ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ، ﺑﺄﻧﻪ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻳﺨﺮﺝ
ﻋﻦ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ .
ﻭﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﺑﻤﻔﻬﻮﻡ
ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺃﻛﺜﺮ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﻭﻭﺿﻮﺣﺎ، ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﺸﺮ
ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ . [109]
ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺃﻳﺔ
ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ، ﺳﻮﻯ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ، ﺣﻴﺚ ﻧﺠﺪ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 11 ﻣﻨﻪ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ “: ﺗﺨﺘﺺ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻁ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ ﻟﻸﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﻴﻦ
ﺑﻈﻬﻴﺮ ﺷﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﻣﺮﺳﻮﻡ ﺑﺎﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺮﺍﺟﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﺧﺎﺭﺝ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ “.
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ،
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺼﻔﺘﻬﺎ ﺍﻵﻣﺮﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻻ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، [110] ﻭﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ . [111]
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ، ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﻔﺼﻴﻠﻪ، ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺮﻳﺢ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺑﻞ ﺃﺣﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺳﻠﻄﺔ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ
ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ .
ﻭﺗﺠﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ، ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻲ، ﻗﺪ
ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ 31.08 ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴــﺘﻬﻠﻚ،
[112] ﻭﺃﻗﺮ ﻣﻘﺘـــــﻀﻴﺎﺕ ﻣﻬﻤﺔ ﺑﺨﺼـــﻮﺹ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﻟﻨﺎﺷﺊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ . [113]
ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 202 ﻣﻨﻪ،
[114] ﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ
ﺍﻟﻨﺎﺷﺊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ
ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ
ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﺠﺰﻡ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺍﻟﺤﺴﻢ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠﺰﻡ ﺑﺈﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ،
ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ، ﻷﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺣﺴﺐ ﻧﻮﻉ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻉ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ .
ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻨﺰﺍﻉ ﻣﻌﺮﻭﺽ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
12 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﺣﺴﻤﺖ ﻓﻲ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺛﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ .
[115]
ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 53.95 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻭ ﺇﻥ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﺈﻧﻪ
ﻳﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺼﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻟﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﺟﻌﻞ
ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ . [116]
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻳﻠﺰﻣﻪ
ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺳﻠﻄﺔ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ
ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﻳﻦ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ . ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻭﻳﻞ
ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
33.11 .
ﻭﻣﺎﺩﺍﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻓﻘﻬﺎ ﻭﻗﻀﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺈﺛﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ،
ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻜﻨﺔ ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ
16 ﺍﻟﺴﺎﻟﻒ ﺍﻟﺬﻛﺮ .
ﻭﺗﺠﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ [117] ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ
ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ ﺣﻴﺚ ﻗﺼﺮ
ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ . ﻭﻳﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀ
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ
ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ .
[118]
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﺪﻯ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺳﺒﺒﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼ
ﻟﻠﻨﻘﺾ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﻜﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ، ﺷﺮﻳﻄﺔ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺳﺒﻘﺖ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ
ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺨﺘﺼﺔ . [119]
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ
ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ
ﻧﻤﻴﺰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ( ﺃﻭﻻ )،
ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ( ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺃﻭﻻ : ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ
ﺗﻨﺺ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ “: ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ”…
ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ،
ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ، ﻭﻳﻠﺰﻣﻬﻢ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ . ﺇﻻ ﺃﻥ
ﺍﻷﻣﺮ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻗﺒﻞ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺇﺣﺪﺍﺛﻬﺎ .
ﺃ – ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
33.11 ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻗﺒﻞ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ .
ﻓﻴﺜﺒﺖ ﺍﻟﺤﻖ ﻟﻜﻞ ﺫﻱ ﻣﺼﻠﺤﺔ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﺃﻭ ﻣﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ،
ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﺪﻯ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ
ﺍﻷﻭﻟﻰ .
ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺜﻨﻰ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺃﻋﻼﻩ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻴﺔ،
ﺣﻴﺚ ﻳﺤﻖ ﻟﻤﻦ ﺻﺪﺭﺕ ﺿﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻟﺪﻯ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ .
ﻭﺳﺎﺭ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻮﺍﻝ، ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ
ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺃﻧﻪ ” ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻸﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻴﺔ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺎﻋﻦ ﻗﺪ ﺗﻮﺻﻞ ﺷﺨﺼﻴﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﺪﻋﺎﺀ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺪﻡ ﺟﻮﺍﺑﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺣﻀﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻞ 47 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺩﻓﻌﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﻲ ﺃﻣﺎﻡ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻝ .” [120]
ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﻔﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻟﺘﻘﺪﻳﻤﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮﺭ ﺃﻥ
ﻻ ﺑﻄﻼﻥ ﺑﺪﻭﻥ ﺿﺮﺭ، ﻓﻼﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻃﺒﻘﺎ
ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 49 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ .
ﺏ – ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻌﺪ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
ﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 41.90
ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻌﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ
ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻭﺳﻴﺮﺍ ﻣﻊ ﺍﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﺭﻗﻢ 41.90 ، ﻗﺪ ﺃﻟﻐﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 33.11 . ﻓﻘﺪ ﺃﺿﺤﻰ ﻣﻦ ﺣﻖ
ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ، ﺑﻞ ﻓﻲ
ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺩﻭﻥ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ .
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺮﻯ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺁﺧﺮ، ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 53.95
ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﻻﺣﻖ ﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺑﻪ ﺃﻱ ﺑﻨﺪ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺍﻟﺸﻲﺀ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺧﺎﺿﻌﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ
ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ .
ﻭﻧﺴﺘﻨﺘﺞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺃﻥ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ،
ﺗﺒﻘﻰ ﻣﺘﺄﺭﺟﺤﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻮﺳﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ
ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﻘﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ، ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻘﺘﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻜﺲ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺣﺴﺐ
ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ .
ﺃ – ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 9 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻢ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ
100.12 ﺑﺄﻧﻪ : ” ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﺒﻠﻎ ﻟﻠﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﺍﻵﺗﻴﺔ :
-1 ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ”…
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻛﻞ ﺩﻋﻮﻯ ﺃﻭ ﻗﻀﻴﺔ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥ ﺗﺤﻴﻞ ﻣﻠﻔﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺑﺜﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ، ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻀﺒﻂ، ﻣﻊ ﺗﺤﺪﻳﺪ
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ
ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﺴﺘﻨﺘﺠﺎﺗﻬﺎ ﻛﺘﺎﺑﻴﺎ ﺃﻭ ﺷﻔﻮﻳﺎ .
ﻭﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ، ﺣﺘﻰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻓﺎ
ﻣﻨﻀﻤﺎ، ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮ ﺃﻣﺮ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﻟﻠﻤﻔﻮﺽ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺃﻥ ﻳﺜﻴﺮﻩ، ﻷﻥ ﻣﺮﻛﺰﻩ ﻣﺨﺘﻠﻒ
ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ
ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﻃﺮﻓﺎ ﻣﺤﺎﻳﺪﺍ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺭﺃﻳﻪ ﺑﻜﻞ
ﺣﺮﻳﺔ ﻭﺗﺠﺮﺩ، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻓﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺣﻖ ﺍﻟﻄﻌﻦ
ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ .
ﺏ – ﻋﺪﻡ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺗﺘﺄﺛﺮ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻫﺬﻩ،
ﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻓﺎ ﺭﺋﻴﺴﺎ [123] ﺃﻭ ﻣﻨﻀﻤﺎ .
* ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻃﺮﻑ ﺭﺋﻴﺴﻲ
ﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻓﺎ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﺪﻋﻴﺔ ﺃﻭ
ﻣﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻣﺮﻛﺰﺍ ﻣﺸﺎﺑﻬﺎ ﻟﻠﺨﺼﻮﻡ، ﻓﻴﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺇﺛﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
ﻭﺗﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻛﻄﺮﻑ ﺭﺋﻴﺴﻲ،
ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎﺕ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﺗﺼﺤﻴﺢ ﻭﺛﺎﺋﻘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 217 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻢ، ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﻭﻯ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻺﺭﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 267 ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ،
ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺣﻞ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 7 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ،
ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ، ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ 3 ﻣﻦ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﺍﻷﺳﺮﺓ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﺮﻓﺎ ﺭﺋﻴﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻟﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺳﻘﻮﻁ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . [124]
*ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻃﺮﻑ ﻣﻨﻀﻢ
ﺗﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﻄﺮﻑ ﻣﻨﻀﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺄﻣﺮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺑﺘﺒﻠﻴﻐﻬﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺬﺍ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﺐ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ،
ﺑﻌﺪ ﺍﻃﻼﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻒ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ . ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺜﻴﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻭﻗﺖ ﻭﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻓﺮﺽ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻓﻲ
ﻭﻗﺖ ﻣﺤﺪﺩ (ﺃﻭﻻ )، ﻭﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ (ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻭﻗﺖ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺃﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺃﺣﺪ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﺧﺼﻮﺻﺎ
ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ، ﻣﻬﺪﺩﺍ ﺑﺎﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ،
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣﻬﺪﺩﺍ ﺑﺒﻄﻼﻥ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻧﻈﺮ
ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭﻟﺘﻔﺎﺩﻱ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﺑﻐﺮﺽ ﺗﻤﺪﻳﺪ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﻭﺗﻌﻄﻴﻞ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﻓﺄﻭﺟﺒﺖ
ﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺇﻻ ﺳﻘﻂ
ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻹﺩﻻﺀ ﺑﻬﺎ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺒﺖ ﺃﻭﻻ ﻓﻲ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﺤﺚ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ .
ﻭﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ، ﺃﻭﺟﺐ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 33.11 ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﺩﻭﻥ
ﺗﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ، ﺑﻞ ﺳﻮﻯ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺧﻀﻊ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻮﻗﺖ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺴﺮﻱ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ، ﻣﻊ ﺍﻟﺨﺎﺻﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ
ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪﺓ ﻗﺒﻞ ﻛﺎﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﻗﺒﻮﻟﻪ،
ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﺎ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻗﺒﻞ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ .
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ، ﻳﻤﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ
ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ، ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺻﺪﺭ
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻏﻴﺎﺑﻴﺔ .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﺨﻀﻊ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﺠﻮﺍﺑﻲ . ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺇﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺬﻛﺮﺓ
ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ، ﻣﻮﻗﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻤﻮﻣﺎ، ﺃﻭ ﻭﻛﻴﻠﻪ، ﺃﻭ
ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ ﺷﻔﻮﻱ ﻳﺪﻟﻲ ﺑﻪ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﺃﻭ ﻭﻛﻴﻠﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ، ﻣﻊ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻷﺳﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ .
ﻫﺬﺍ، ﻭﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ
[129] ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ
ﻻ ﻳﺜﻴﺮ ﺃﻱ ﺇﺷﻜﺎﻝ، ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ
ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺒﻌﺪ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﻛﺘﺎﺑﻴﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﺃﺩﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ” ﺧﻼﺻﺎﺕ ” . ﻭﺣﺘﻰ ﺭﻏﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻼﺻﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﻓﺈﻥ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﺒﻘﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ [130] .
ﻭﻳﺮﺩ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻌﺔ . ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺁﺧﺮ ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﻗﺪ ﻗﺪﻣﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺘﺞ ﺃﻱ ﺃﺛﺮ ﺇﻻ
ﻣﻦ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻌﺔ . ﻭﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﻠﺒﻴﺔ، ﻣﺜﻼ ﺃﻥ ﺇﻳﺪﺍﻉ
ﺍﻟﺨﻼﺻﺎﺕ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ . [131]
ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﺸﻔﻮﻳﺔ ﺃﻧﻪ “: ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ،
ﻭﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﻳﺔ ” [132] ﻭﺍﺷﺘﺮﻃﺖ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ
ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻱ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﺻﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ .
ﺍﻟﻤﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ، ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻞ 2 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﺃﻥ ﻳﺒﺖ
ﻓﻲ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ، ﻭﺇﻻ ﺗﻮﺑﻊ ﺑﺠﻨﺤﺔ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ .
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻠﺰﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﻳﺼﺪﺭ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻜﻤﻪ ﺑﺎﻟﺮﻓﺾ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻭﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺒﺖ
ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺃﻭ ﻣﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ، ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﺣﺎﻝ
ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ ) .
ﻭﻻ ﻳﻜﺘﺴﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺮﻓﺾ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻤﻘﻀﻲ
ﺑﻪ . ﻭﺗﻜﺮﻳﺴﺎ ﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺘﻴﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻮﻍ ﻟﻸﻃﺮﺍﻑ
ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ . ﻭﺭﻏﻢ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻻ ﺗﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺑﻞ ﺗﺤﻴﻞ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻋﻠﻰ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ( ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ) .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻒ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺣﻜﻤﻪ ( ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ )،
ﻭﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ( ﺃﻭﻻ ) ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
( ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺃﻭﻻ : ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﻳﻨﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ 17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ “: ﻳﺠﺐ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺛﻴﺮ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺃﻥ ﺗﺒﺚ ﻓﻴﻪ
ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺃﻭ ﺑﺈﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .”
ﻓﺎﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻫﻨﺎ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺃﻣﺎﻡ
ﺧﻴﺎﺭﻳﻦ :
– ﺇﻣﺎ ﺇﻥ ﺗﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ . [133]
– ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻀﻢ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭﺽ (ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ) ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻭﺗﺒﺖ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﻭﺍﺣﺪ . [134]
ﻭﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺼﻞ17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻗﺪ ﻭﺳﻊ ﻣﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺇﺫ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺎ
ﻳﻔﺮﺽ ﺇﺗﺒﺎﻉ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﺧﺮﻯ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻗﺪ ﺍﺷﺘﺮﻁ ﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻀﻢ [135] ،
ﻭﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺑﺤﻜﻢ ﻭﺍﺣﺪ، ﺷﺮﻃﻴﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﻴﻦ :
-1 ﻭﺟﻮﺏ ﺗﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﺎ ﺣﻜﻤﺖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﻠﻲ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻭﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
-2 ﺃﻻ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻀﻢ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻟﻄﺮﻓﻲ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻗﺪ ﺃﺑﺪﻭﺍ ﺩﻓﺎﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺃﻭ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻗﺪ ﻧﺒﻬﺘﻬﻢ ﻟﻠﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ
ﻣﻌﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻃﻼ ﻹﺧﻼﻟﻪ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ . [136]
ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻣﺎ ﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻀﻢ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﻭﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺗﻬﺎ، ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻳﻄﻴﻞ ﺃﻣﺪ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﻭﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﻬﺪﺭ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﻭﺍﻟﺠﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻐﺎﺕ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻋﺎﺀ، ﻭﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﻤﺬﻛﺮﺍﺕ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ
ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻨﻔﺬﺕ ﺟﻬﺪﺍ ﺟﻬﻴﺪﺍ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ
ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 90.41 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﺑﻤﻮﺟﺒﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 53.95 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ .
ﻓﻤﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ 90.41، ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻗﺪ
ﺃﻭﺟﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ
ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ، ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺑﺤﻜﻢ
ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺩﻭﻥ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﺠﻮﻫﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺗﺠﺎﻭﺯ
ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺇﺷﻜﺎﻝ ﺿﻢ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﺍﻟﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﻋﺰﺯ ﺑﻪ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ .
ﻭﺭﻏﻢ ﺻﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ 90.41 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ
ﺍﻻﺧﻴﺮﺓ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻻ ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻭﺗﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻮﺍﺯﺍﺓ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﺃﻱ ﺟﺰﺍﺀ
ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ .
ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺮﺽ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻋﺪﺓ
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺕ، ﻣﺮﻏﻤﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﺄﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ
13 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ 41.90 ، ﻭﻋﺪﻡ ﺿﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ . ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺻﺪﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﻋﻦ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺛﻴﺮ ﺩﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻣﺎﻡ ﺟﻬﺔ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ
ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻬﺎ ﺿﻤﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
ﻭﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﺃﺧﺮ “: ﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ –
41/90 – ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺛﻴﺮ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻹﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻣﺎﻡ ﺟﻬﺔ
ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ” .
ﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺗﺜﺎﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﺗﻌﺴﻔﻲ، ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻨﻪ
ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﺑﻞ ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺩﻭﻥ ﺗﺒﻴﺎﻥ ﺃﺳﺒﺎﺑﻪ ﻭﺗﻌﻠﻴﻼﺗﻪ،
ﺩﻓﻊ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ، ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺐ ﺃﻱ
ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ، ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ
ﺻﺪﺭ ﺣﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻣﻔﺎﺩﻩ، ﺃﻧﻪ ﻭﺇﻥ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻳﻨﺺ
ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺒﺖ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺩﻭﻥ
ﺿﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻫﺰﺓ ﺩﻭﻥ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺃﻱ ﺃﺛﺮ ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ” ، ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﺻﺎﺩﺭ
ﻋﻨﻪ ﺳﻨﺔ 2008 ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ :
“ﻟﻜﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﺐ ﺃﻱ ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺣﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺻﻨﻴﻊ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ
ﺟﺎﺀ ﻣﻌﻠﻼ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻏﻴﺮ
ﻋﺎﻣﻠﺔ ” .
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻧﺠﺪ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺼﻞ 17
ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﻀﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺭﺩ ﻫﻨﺎ . ﻓﻴﻜﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺞ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺒﻌﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﺘﺸﺒﺜﺔ ﺑﺎﻟﺘﻄﺒﻴﻖ
ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﺭﺍﻓﻀﺔ ﻟﻠﺤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﺘﻪ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻠﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺣﻴﺚ
ﺃﻟﺰﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺤﻜﻢ
ﻣﺴﺘﻘﻞ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﺟﻞ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻳﺎﻡ . .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻒ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺇﻣﺎ ﺑﺮﻓﻀﻪ ﺃﻭ ﻗﺒﻮﻟﻪ ( ﺃﻭﻻ ) ،
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺿﻴﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﺘﻢ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ( ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺮﻓﺾ ﺃﻭ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺃﻋﻄﻰ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ، ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺒﺖ
ﻓﻴﻪ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺭ ﺿﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ . ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﺼﺪﺭ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺗﺤﻴﻞ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻣﺴﺒﻘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻠﺐ
ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺭ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﻭﺗﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪﻡ
ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻭﺗﺘﺼﺪﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺗﺒﺖ ﻓﻴﻪ .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ” ﺇﺫﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﻠﻒ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺻﺎﺋﺮ “.
ﻭﻳﻘﺼﺪ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﺭﻓﻊ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ
ﻓﻴﻪ ﻟﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ، ﻭﺇﺣﺎﻟﺘﻪ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﺇﺫﺍ ﺻﺮﺣﺖ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﺇﻣﺎ
ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ، ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﻤﺴﻚ ﺑﻪ، ﻓﻬﻞ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﺬﻟﻚ
ﺩﻭﻥ ﺇﺣﺎﻟﺔ؟ ﺃﻡ ﻳﻠﺰﻣﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﻴﻞ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ؟ ﻭﻓﻲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻤﻠﻒ؟
ﺑﺨﺼﻮﺹ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩ
ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ 16 ﻣﻦ ﻕ . ﻡ . ﻡ ﻫﻮ ﻭﺟﻮﺏ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺻﺎﺋﺮ .
ﻭ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ،
ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 53.95 ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻻ ﻧﻜﺎﺩ ﻧﺠﺪ ﺃﻱ
ﻣﻘﺘﻀﻰ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺼﺪﺩ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻓﻼ ﻣﻨﺎﺹ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻓﺈﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﻗﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ . [145]
ﺃﻣﺎ ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﺮﺍﻏﺎ
ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﻟﺰﺍﻣﻴﺔ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻭﺍﻧﻌﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻭﺍﺣﺖ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻪ ﺑﻴﻦ
ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻗﺮﺍﺭ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﺑﺘﺠﺎﻭﺯ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻭﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ [146] ، ﻭﺑﻴﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﻯ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻒ، ﻓﺈﻥ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﻧﻔﺴﻬﺎ
ﻣﺨﺘﺼﺔ ﺑﺘﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭﺇﻻ ﻗﻀﺖ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ . [147]
ﻭﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻷﻣﺮ، ﺗﻄﺒﻴﻘﺎ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ، ﻭﺗﻜﺮﻳﺴﺎ
ﻻﺳﺘﺜﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﻭﺗﻴﺴﻴﺮ ﻭﻟﻮﺟﻪ، ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﺍﺭ
ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻣﻠﺰﻣﺎ ﺗﻔﺎﺩﻳﺎ ﻹﺛﻘﺎﻝ ﻛﺎﻫﻞ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻲ، ﻭﺍﻹﺳﺮﺍﻉ ﺑﺎﻟﺒﺖ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ .
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺍﻟﻄﻌﻦ
ﻓﻴﻪ
ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﺛﻨﺎﻥ، ﻭﻧﺰﻭﻻ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺠﻴﺪﺓ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺔ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ، ﺗﻌﺪ ﻣﻦ
ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻀﻤﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻲ . [148]
ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺼﻠﻴﻦ 16 ﻭ 17 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻢ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 33.11، ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ
ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻣﻤﺎ ﻳﺘﻌﻴﻦ
ﻣﻌﻪ ﺍﻻﺣﺘﻜﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻄﻌﻦ .
ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ
ﻧﺠﺪﻩ ﻗﺪ ﺃﺭﺳﻰ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ .
ﻭﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ (ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ) ، ﻗﺒﻞ
ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ( ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) .
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ (ﺃﻭﻻ ) ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻌﺮﺽ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ
ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺳﺘﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺳﻠﻄﺔ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ (ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺃﻭﻻ : ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻻ ﻳﻤﺲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺤﻖ،
ﻭﻻ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ
ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻳﺠﻮﺯ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﺑﻤﺮﺍﻋﺎﺓ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﻗﺪ ﺳﻘﻂ ﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ( ﻛﺎﻟﺘﻘﺎﺩﻡ
ﻣﺜﻼ ) . [149]
ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻻ ﻳﺤﻮﺯ
ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻤﻘﻀﻲ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ
ﺑﻌﺪ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺗﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺃﻭ
ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﻢ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻻ ﻳﺤﻮﺯ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﻤﻘﻀﻲ ﺑﻪ ﺇﻻ
ﺑﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻓﻘﻂ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺪﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﺑﺎﻗﻲ
ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﺲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻨﻪ ﺇﻧﻬﺎﺀ
ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻓﻠﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺛﺎﺭ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﻭﺟﺪﺕ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻧﻪ ﻣﺤﻖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻋﻴﻪ ﻭﻗﺮﺭﺕ ﺭﺩ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻟﻌﺪﻡ
ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﻘﻴﻢ ﺩﻋﻮﺍﻩ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻭﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻧﻬﺎﺀ
ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ ﺑﻪ، ﻭﻳﺤﻮﺯ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﺠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ
ﺑﻪ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺴﺒﺐ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺨﺼﻮﻡ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ . [151]
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺳﻠﻄﺔ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ
ﻻ ﻳﺴﺘﻨﻔﺬ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﻠﻲ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺴﺘﻨﻔﺬ ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻜﻤﺖ ﻓﻴﻪ؛ ﻭﻣﻔﺎﺩ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﺣﻜﻤﺎ ﺑﻘﺒﻮﻝ
ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﻜﻠﻲ، ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻻ ﻳﺠﻴﺰ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﺑﻞ ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻭﻻﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﺩ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻟﻐﺖ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻓﻴﺘﻌﻴﻦ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻬﺎ .
[152]
ﻭﻋﻠﻴﻪ، ﺇﺫﺍ ﺗﻢ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﻭ ﺭﻓﻀﻪ ﻓﺈﻥ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻄﺮﺡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ،
ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺇﻥ
ﻫﻲ ﺃﻟﻐﺖ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻄﻌﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ
ﺗﻔﻮﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻲ .
ﻭ ﺇﺫﺍ ﺗﻢ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻴﻪ
ﺇﻻ ﻣﻊ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺫﺍﺗﻬﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺣﻜﻢ ﻓﻴﻪ، ﻭﺫﻟﻚ
ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪﺭ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻭﻻ ﺗﻨﺘﻬﻲ
ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ، ﻳﺤﻈﺮ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻨﻬﻲ
ﻟﻠﻨﺰﺍﻉ . [153]
ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺳﻨﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻭﺃﺟﻠﻪ (ﺃﻭﻻ )، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﻧﻌﺮﺽ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻵﺛﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ( ﺛﺎﻧﻴﺎ ) .
ﺃﻭﻻ : ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻭﺃﺟﻠﻪ
ﺳﻨﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﺮﺽ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻊﻥ ﻭﺃﺟﻠﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺗﺒﺎﻋﺎ ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ :
ﺃ – ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.97 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻥ
ﻳﺘﺪﺍﺭﻙ ﻣﺎ ﻓﺎﺗﻪ ﺗﻨﻈﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ
ﺑﺎﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .
ﻭﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﻧﺠﺪﻫﺎ ﺗﻨﺺ
ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ “: ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺄﻧﻔﻮﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺟﻞ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻳﻮﻣﺎ ﻳﺒﺘﺪﺉ ﻣﻦ
ﺗﺴﻠﻢ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻀﺒﻂ ﻟﻤﻠﻒ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ .” ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
08.03 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺺ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ
ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺳﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﺃﻣﺎﻡ
ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﻳﺤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻭﺑﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮ
ﻗﺪ ﺣﺪﺩ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ،
ﻭﺣﺼﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺣﺎﻟﻴﺎ .
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﻧﺼﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.97 ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ “: ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺧﻼﻝ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ
ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻭﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻥ
ﺗﻮﺟﻪ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻲ ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﻘﺎﻝ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ
ﺃﻥ ﺗﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺟﻞ 10 ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﻮﺻﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻀﺒﻂ
ﻟﺪﻳﻬﺎ” ، ﻭﺃﺭﺩﻓﺖ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ” ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻱ ﻃﻌﻦ ﻋﺎﺩﻱ
ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻱ .”
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻗﺪ ﺣﺪﺩﺕ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ،
ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻓﺈﻥ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
41.90 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺗﻤﻨﺢ ﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ .
ﻭﻗﺪ ﻛﺮﺱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺑﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭ ﻟﻬﺎ [154] ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ
ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻉ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺿﺪ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺎﻟﺪﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ . [155]
ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻄﻌﻦ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻔﺼﻮﻝ ﻣﻦ 134 ﺇﻟﻰ
146 ، ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻢ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
33.11 .
ﺏ – ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﺨﻀﻊ ﺁﺟﺎﻝ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻵﺟﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ
ﺑﺎﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﻌﻦ
ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺟﻞ 30 ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ 134 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ . ﻭﻧﻔﺲ ﺍﻵﺟﺎﻝ ﺗﺴﺮﻱ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ .
ﻭﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺸﻴﺮ ﺃﻥ ﺁﺟﺎﻝ ﺍﻟﻄﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ
ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪﻫﺎ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ
ﺃﺟﻞ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻷﺣﻚﺍﻡ ﺍﻟﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ . [156]
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻓﻴﺠﺐ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺟﻞ
10 ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻤﺎ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 8 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.97 .
ﺛﺎﻧﻴﺎ : ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺁﺛﺎﺭ، ﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺪﻯ
ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻭﻗﻒ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ، ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻭﻣﻦ
ﺟﻬﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﺃ – ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻒ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺗﺨﺘﺺ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻋﺔ ﻟﻬﺎ
ﺿﺪ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻭﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﻒ
ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻄﻌﻮﻥ ﻓﻴﻪ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ .
ﻭﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻻ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺸﺄﻧﻪ، ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ
ﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺩﻭﻥ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ .
ﺃﻣﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 8 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
53.97 ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻷﻱ ﺃﺛﺮ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻹﻃﺎﺭ .
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺗﺘﻮﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ
ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ
ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 41.90 ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻻ ﺗﻨﺺ
ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺃﺛﺮ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﺑﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ .
ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﺇﺧﻀﺎﻋﻪ ﻟﻠﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ
ﺑﻮﻗﻒ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺗﻔﺎﺩﻳﺎ ﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻀﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻭﻣﺎ
ﺳﺘﺤﻜﻢ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ . [157]
ﺏ – ﺇﺣﺎﻟﺔ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
ﻟﻢ ﻳﺘﻄﺮﻕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ
ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺿﻤﻦ ﻓﺼﻮﻝ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ،
ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻴﺒﻘﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻋﻤﻮﻣﺎ
ﻫﻮ ﺍﻟﻜﻔﻴﻞ ﺑﺴﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ .
ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻓﺈﻧﻬﺎ
ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺪﺭﺕ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﺑﻘﺒﻮﻝ ﺍﻟﻄﻌﻦ، ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﻥ ﻗﺮﺍﺭﻫﺎ ﻫﺬﺍ
ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﺑﺤﺎﻟﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﻨﻈﺮ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ . [158]
ﻭﻳﺘﻀﺢ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 12 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 13 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﻗﻢ 41.90
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺗﺒﻘﻰ ﺳﺎﺭﻳﺔ
ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﻳﺤﻴﻞ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻷﻋﻠﻰ – ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺾ
ﺣﺎﻟﻴﺎ – ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .
ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﻧﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 8 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﺃﻥ
ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ، ﻣﺘﻰ ﻗﻀﺖ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﺗﻜﻮﻥ
ﻣﻠﺰﻣﺔ ﺑﺈﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻒ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ . ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﺕ
ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻏﻴﺮ ﻭﺟﻴﻪ ﺃﻳﺪﺕ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﻧﻒ، ﻭﺃﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺻﺪﺭﺗﻪ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺃﺻﻼ .
[159]
ﻭﻧﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻠﺰﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺑﺎﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ
ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺩﺭﺀﺍ ﻟﻺﺷﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺜﻴﺮﻫﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ
ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ . ﻭﺃﻥ ﻳﻘﺘﺼﺮ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﺇﻟﻰ ﺣﺴﻦ
ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺩﻭﻥ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ
ﺇﻥ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺳﺘﻈﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ
ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺑﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺕﺣﺴﻢ ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺼﻔﺔ
ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻣﺪﻯ ﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ .
ﻭﻗﺪ ﺧﻠﺼﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
* ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺩﻓﻊ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺧﺎﺹ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻃﺮﺍﻑ
ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ، ﻣﻦ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﺳﻮﺍﺀ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ
ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﻤﻲ .
* ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺍﻟﺸﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ
ﺇﺛﺎﺭﺗﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺩﻓﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ .
* ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ
ﺗﻠﻘﺎﺀ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺍﺗﺼﻞ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ .
* ﻭﺟﻮﺏ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ،
ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺮﻓﺎ ﺃﺻﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﺃﻭ ﻣﻨﻀﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﻠﻖ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
* ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﻀﻊ ﺃﺟﻼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺁﺟﺎﻟﻪ ﺣﺴﺐ ﻧﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ
ﻭﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ .
* ﺗﻀﺎﺭﺏ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ،
ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ .
* ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻢ ﻓﻲ ﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺔ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﺪﺩ ﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻭﻟﻴﺲ ﻗﺮﺍﺭ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ .
* ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺑﺄﻧﻮﺍﻋﻪ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻟﻪ ﺃﺻﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻓﻘﺪ ﺃﻗﺮ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﺗﺐ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ .
* ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ 16 ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻌﺪﻝ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 11.33 ، ﻭﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 53.93 ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻟﻠﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ .
ﻭﺑﻌﺪ ﺭﺻﺪ ﺃﻫﻢ ﺧﺼﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﻧﺴﺠﻞ
ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﺎﺕ ﺍﻵﺗﻴﺔ :
* ﺗﻮﺣﻴﺪ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ
ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﺘﻼﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﻏﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺠﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ
ﺇﺷﻜﺎﻻﺕ ﻭﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻳﺘﻀﺎﻋﻒ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻬﺪ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻝ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭ ﻣﺮﺍﻣﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ
ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﻳﺔ . ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ
ﻭﺟﻌﻞ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻠﺤﺔ ﻹﻋﻄﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺣﺴﻦ ﺳﻴﺮ
ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ .
* ﺗﺴﺮﻳﻊ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ،
ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﻮﻝ
ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺼﻞ 34 ﻣﻨﻪ ﻗﺪ
ﺟﻌﻞ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ . ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ “:
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ،
ﻭﻟﻸﻃﺮﺍﻑ ﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺇﺟﺮﺍﺀﺍﺕ
ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺇﺛﺎﺭﺗﻪ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎ “. ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻗﺪ
ﻭﺿﻊ ﺃﺟﻼ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻭﺣﺪﺩﻩ ﻓﻲ ﺃﺟﻞ 8 ﺃﻳﺎﻡ .
* ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻨﻮﻋﻲ، ﻭﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻠﻄﺮﻑ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺪﻳﺔ، ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ
ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ، ﺩﺭﺀﺍ ﻹﻗﺮﺍﺭ ﺷﺮﻭﻁ ﻧﺎﻗﻠﺔ ﻻﺧﺘﺼﺎﺹ
ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﻃﺮﻓﺎ ﻓﻴﻬﺎ . ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪﻩ
ﻣﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ 202 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ 31.08 ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺪﺍﺑﻴﺮ ﺣﻤﺎﻳﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ “: ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻧﺰﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺭﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ،
ﻭﺭﻏﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻱ ﺷﺮﻁ ﻣﺨﺎﻟﻒ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻫﻲ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﻣﻮﻃﻦ ﺃﻭ ﻣﺤﻞ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ، ﺃﻭ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ .”
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻧﺰﻉ ﻃﺎﺑﻊ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻋﻦ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺃﻥ
ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺟﻐﺮﺍﻓﻲ . ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﺐﺀ
ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﺩﻝ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺐﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻜﻤﺔ
ﻣﺎ، ﻭﻳﺰﻭﻝ ﻋﻦ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺎﺿﻴﻦ .
* ﺇﻗﺮﺍﺭ ﻣﺴﻄﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﺪﻓﻊ ﺑﻌﺪﻡ
ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ، ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺬﻱ
ﻳﻠﺤﻖ ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺹ .
* ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺫﺍﺕ ﺃﻫﻤﻴﺔ
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺘﺴﺮﻳﻊ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﺓ ﻭﺍﺧﺘﺼﺎﺭ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻹﺟﺮﺍﺋﻴﺔ . ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ
ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻠﺤﺔ ﻟﻠﺤﺴﻢ ﻓﻲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻹﺣﺎﻟﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺮﻓﻊ
ﺍﻟﻠﺒﺲ ﻭﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺜﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ .
ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ، ﻭﺇﻟﻰ ﺣﻴﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻹﻗﺮﺍﺭ
ﻣﺴﺎﻃﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺒﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻣﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺎﻭﺯ
ﺣﺮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺇﻟﻰ ﺗﻜﻴﻴﻒ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﻤﺴﻄﺮﻳﺔ
ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺓ ﻣﻊ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺣﺴﻦ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻀﻤﻦ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻵﺟﺎﻝ . منقول