ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﺛﺮ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻔﺎﺟﺊ:


ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﺛﺮ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻔﺎﺟﺊ

 

ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺃﻭ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﺒﺮﺭﺍً ﻹﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻭﻻ ﻣﺎﻧﻌﺎً ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﻤﺎ ﺃﺛﺮ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺗﻌﺰﻳﺮﺍً ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺣﺪﺍً ﻓﻼ ﺃﺛﺮ
ﻟﻠﻐﻀﺐ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﺒﺼﺮﺓ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ”ﺇﻋﻔﺎﺀ ﻗﺎﺗﻞ ﺍﻟﺰﺍﻧﻲ ﻏﻴﺮ
ﺍﻟﻤﺤﺼﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻠﺒﺲ ﻋﻠﻲ
ﺃﺳﺎﺱ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻭﺗﻬﻴﺞ”(1)
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﺮﺍﺋﻖ”ﺃﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻫﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ
ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ، ﻭﺃﻥ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺍﻥ ﻳﺆﺩﻱ ﻭﺍﺟﺒﺎً ﻋﻠﻴﻪ
ﻓﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﺒﺎﺣﺎً ﻟﻪ”(2)
ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺰﻳﻠﻌﻲ ﻋﻠﻲ ﻣﺘﻦ ﺍﻟﻜﻨﺰ”ﻣﻔﺎﺟﺄﺓ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺯﺍﻧﻴﺎً ﺑﺄﻫﻠﻪ ﻭﻫﻮ ﻣﺤﺼﻦ ﻓﺈﻥ ﻗﺘﻞ ﻳﻌﺰﺭ
ﺑﺎﻟﺤﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﻆ، ﻭﻣﻌﻨﻲ ﺍﻟﻌﺰﺭ ﺑﺎﻟﺤﻤﻴﺔ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﻊ
ﻋﻤﺎ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻤﻴﺎﺗﻪ”(3)
ﻳﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ”ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻗﺘﻼً ﺷﺒﻪ
ﻋﻤﺪ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ
ﻧﻔﺴﻪ ﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻔﺎﺟﺊ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺳﺘﻔﺰﻩ
ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ ﺧﻄﺄ.”
ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻫﻮ ﻗﺘﻞ ﻣﻘﺘﺮﻥ
ﺑﻌﺰﺭ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻭﺟﻮﺑﻴﺎً، ﻭﺗﺮﺟﻊ
ﻋﻠﺔ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺇﻟﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ
ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻲ
ﺃﻥ ﻓﺎﻋﻠﻪ ﺧﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﺮﻡ ﺑﺎﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺃﻭ
ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ
ﻓﻬﻮ ﺃﻗﻞ ﺧﻄﺮﺍً ﺃﻭ ﺇﺟﺮﺍﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺮﻡ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﺃﻭ
ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻑ، ﻓﺎﻟﻘﺘﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺮﺍﻙ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﺠﺄﺓ.ﺗﻄﺒﻴﻘﺎً ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﻥ ﺿﺪ ﺃﻡ ﺳﻼﻣﺔ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻤﻮﻟﻲ(4)”ﺃﻥ
ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺸﺎﺟﺮﺓ ﺃﻭ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ
ﻻ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺎ
ﺯﻭﺟﻴﻦ ﻳﻌﻴﺸﺎﻥ ﻣﻌﺎً ﻑ ﻣﻨﺰﻝ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﺠﻤﻌﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ
ﺯﻭﺟﻴﺔ، ﻓﺎﻟﻌﺮﺍﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ
ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺪﺓ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﺠﺄﺓ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻫﻨﺎﻙ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﺍﻭ ﺳﺒﻖ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻙ، ﻓﺎﻟﺠﺎﻧﻲ ﻳﺼﻤﻢ ﺃﻭ ﻳﺪﺑﺮ ﺍﻣﺮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ،
ﻣﻘﺮﺭﺍً ﺑﺄﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺇﺷﺘﺒﻚ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﺮﺍﻙ ﻓﺄﻧﻪ
ﺳﻮﻑ ﻳﻘﺘﻠﻪ، ﻭﺇﻻ ﻟﻤﺎ ﺇﻧﻄﺒﻖ ﺍﻹﺳﺘﺜﻨﺎﺀ.
ﻓﺎﻟﺠﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﻴﺎﺝ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻲ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻤﺘﻌﺎً
ﺑﺎﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﻳﺴﺘﻮﻱ ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ
ﺃﻭ ﺩﻧﻴﺌﺔ، ﻓﻤﻦ ﺩﻓﻌﻪ ﺣﺐ ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻡ ﺃﻭ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ
ﻟﻘﺘﻞ ﺷﺨﺺ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺌﻮﻝ ﻋﻦ ﻗﺘﻠﻪ، ﻭﻣﻦ ﺩﻓﻌﻪ ﺍﻟﺤﺐ
ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻘﺘﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺨﻠﺼﻪ ﻣﻦ ﺁﻻﻣﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻓﻬﻮ
ﻣﺴﺌﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﻋﻦ ﻗﺘﻠﻪ، ﻓﺎﻟﻌﻮﺍﻃﻒ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ
ﻗﻮﺗﻬﺎ ﻻ ﺃﺛﺮ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ
ﻟﻬﺎ ﺃﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺗﻌﺰﻳﺮﺍً، ﺍﻣﺎ ﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪﺍً ﻓﻼ ﺃﺛﺮ ﻟﻠﻌﺎﻃﻔﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﻭﻻ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ.
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺃﻥ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻗﺪ ﻳﺼﻠﺢ ﻋﺰﺭﺍً ﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺇﺫﺍ
ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﺣﺘﻲ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ:
·ﺍﻧﻪ ﺳﺒﺐ ﻣﻮﺕ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺳﺘﻔﺬﻩ ﺃﻭ ﻣﻮﺕ
ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ ﺧﻄﺄ ﺍﻭ ﻣﺼﺎﺩﻓﺔ.
·ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ.
·ﺃﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﺒﺒﻪ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ
ﺗﺴﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﻮﺕ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺪﻓﻮﻉ ﺷﻴﻮﻋﺎً ﻓﻲ
ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﻘﺘﻞ، ﻣﻤﺎ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺛﻮﺭﺓ ﻗﻀﺎﺋﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ
ﺣﻮﻝ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺸﺘﺮﻁ
ﻓﻲ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺼﺎﻡ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﺇﺫ ﻟﻬﺎ ﺍﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﺮﻱ
ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮﺓ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻬﺪﻭﺀ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻭﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ.
ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻜﺒﺢ ﺟﻤﺎﺡ
ﺍﻟﻐﻀﺐ.
ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺣﺴﺐ ﻧﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ:(1)
.1ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺑﻤﻌﻨﻲ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ
ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺳﺘﻬﺪﻓﻪ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻗﺪ ﺇﺳﺘﻔﺰ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻲ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ.
.2ﻻ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺠﺎﻧﻲ ﻗﺼﺪﺍً ﺍﻭ ﻳﺴﻌﻲ
ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻌﺬﺭ ﻹﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ.
ﺃﻭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺩﻓﻊ ﻳﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﺇﻃﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻭ ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻒ ﻋﺎﻡ ﻋﻨﺪ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻪ ﺳﻠﻄﺎﺗﻪ
ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﻻً ﻣﺸﺮﻭﻋﺎً ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ ﺑﺤﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ
ﻳﺘﺴﺒﺐ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺃﻭ ﻳﺴﻌﻲ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﻌﻄﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻌﻞ
ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻊ ﺩﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً ﻓﺈﺫﺍ ﺇﻋﺘﺪﻱ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ
ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﺇﺿﻄﺮ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻟﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺩﻓﺎﻋﺎً ﻋﻦ
ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ
ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺪﻓﻊ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﻪ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ
ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﺒﻪ ﺿﺮﺏ
ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻟﻪ.ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﺴﺒﺐ ﻟﻪ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯﺍً
ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً ﺇﺫ ﺃﻧﻪ ﻭﺟﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﻮﻗﻌﺔ ﺃﻱ ﺷﺨﺺ ﻣﻌﻘﻮﻝ ﻓﻲ
ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﻭﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ
ﻣﻮﺳﻲ ﺃﻭﻫﺎﺝ(1)”ﻧﺸﺄﺕ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻴﻦ ﻣﻦ
ﺍﻟﻬﺪﻧﺪﻭﺓ ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻌﻨﻒ،
ﺑﺈﻥ ﺟﺮﺡ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺟﺮﺣﺎً ﺧﻄﻴﺮ ﺑﺴﻴﻔﻪ، ﻭﻫﻨﺎ ﻫﺎﺟﻢ
ﺇﺑﻦ ﻋﻢ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ، ﺑﺴﻴﻔﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ
ﻗﺬﻓﻪ ﺑﺨﻨﺠﺮﻩ ﻓﺠﺮﺣﻪ ﺟﺮﺣﺎً ﻗﺎﺗﻼً، ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻳﺔ ﺑﻦ ﻋﻤﻪ
ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺇﺳﺘﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻏﻀﺒﻪ ﻭﻫﺠﻢ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﺍﻟﻌﻤﺪﺓ ﻭﻫﻮ ﺷﺨﺺ ﻣﺤﺘﺮﻡ ﻭﻣﺤﺎﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ
ﺃﻣﺴﻜﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﺘﻬﻢ ﻭﻣﻨﻌﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ
ﻫﻨﺎ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺧﻠﺺ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ
)ﺍﻟﺤﺎﺟﺰﻳﻦ(ﻭﺃﻋﻄﺎﻩ ﺳﻴﻔﻪ ﻫﻮ ﻟﻴﻮﺍﺻﻞ ﻫﺠﻮﻣﻪ ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﻭﻓﻌﻼً ﻫﺠﻢ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ
ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺇﻧﺴﺤﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﺘﺄﺛﺮﺍً ﺑﺠﺮﺍﺣﻪ
ﻭﻛﺎﻥ ﺷﺒﻪ ﻋﺎﺟﺰ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ.
ﺃﺩﺍﻧﺖ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻌﻤﺪ، ﻭﺃﺩﺍﻧﺖ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻞ ﻳﺎﻟﻘﺘﻞ.
ﻋﻨﺪ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻗﺎﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ
ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺍﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻗﺪ ﻓﻘﺪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻷﻧﻪ
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺍﻟﺠﺮﻭﺡ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺗﻪ
ﺑﺈﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺍﻟﻼﺣﻘﺔ.
ﺗﻀﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ(1)ﺷﺮﻃﻴﻦ ﻣﺘﻌﻠﻘﻴﻦ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻛﻤﺎ
ﺗﻀﻊ ﺷﺮﻃﻴﻦ ﻣﺘﻌﻠﻘﻴﻦ ﺑﺮﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﻭﻝ
ﺍﻹﻧﺘﻔﺎﻉ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻭﻻً:
·ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﻣﻔﺎﺟﺌﺎً ﻣﻦ ﺟﻬﺔ.
·ﻛﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻭﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻠﻪ
ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺎً ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﺍﻭ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺧﺮﻱ.
ﺗﻄﺒﻴﻘﺎً ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ
ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻛﺮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺝ(2)”ﺃﻥ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻻ
ﺗﺘﻘﻴﺪ ﺑﺎﻹﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺮﺭ ﺍﻟﺴﻮﺍﺑﻖ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻥ ﺗﺸﻜﻞ
ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯﺍً ﺷﺪﻳﺪﺍً، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ
ﺇﻋﺘﺮﺍﻓﺎً ﺑﺎﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﺍﻭ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻟﺸﻜﻮﻙ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺑﺬﻟﻚ
ﻛﻤﺎ ﺗﻜﻔﻲ ﺍﻹﻫﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻠﻔﻈﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﺪ ﺑﺴﻴﻂ ﻛﺄﻥ
ﺗﺴﺒﺐ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻭﺗﺼﻔﻌﺔ ﻭﺗﺪﻓﻌﻪ
ﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺇﺫﺍ ﻗﺘﻞ
ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ.”
ﻗﻀﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺍﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ
ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ(3)ﻋﻠﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺇﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺷﺪﺓ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ.
ﻳﺸﺘﺮﻁ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ(4)
ﺍﻥ ﻳﺤﺪﺙ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻷﺳﺒﺎﺏ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﺑﻤﻌﻴﺎﺭ
ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ ﻭﺃﺧﻼﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻭﻫﺬﺍ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﺍﻭ ﺍﻹﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺛﺎﺑﺘﻪ ﺍﻭ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﻗﻞ ﻭﻗﺎﺋﻊ
ﺭﺍﺟﺤﺔ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻌﻨﺎﻥ ﻟﺨﻴﺎﻟﻪ
ﻭﻳﺘﺼﻮﺭ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻭﻫﺎﻡ ﺛﻢ ﻳﺪﻋﻲ ﺍﻧﻪ ﺍﺛﻴﺮ ﻟﺪﺭﺟﺔ
ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﺬﻫﻖ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺘﻴﻞ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﺍﺳﺒﺎﺑﺎً
ﺍﻟﺤﺴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﺤﺎﺩ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻘﺪ ﺃﻋﺼﺎﺑﻪ ﻷﺗﻔﻪ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺍﻗﻊ ﺗﺤﺖ
ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻋﻨﻴﻒ ﻭﻣﻔﺎﺟﺊ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺇﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻥ ﻳﺜﺒﺖ
ﺍﻥ ﻣﺎ ﺩﻓﻌﻪ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺃﻋﺼﺎﺑﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺃﻱ
ﺷﺨﺺ ﻋﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﻇﺮﻭﻓﻪ ﻟﺘﺼﺮﻑ ﻣﻤﺎﺛﻞ.
ﺍﻟﺮﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻋﻠﻲ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ:
ﺃﻣﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺷﺪﺓ ﻗﻮﺓ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ
ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺍﺗﺮﺕ ﺍﻟﺴﻮﺍﺑﻖ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﻪ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻪ ﻋﻠﻲ ﺃﻥ
ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺴﻼﺡ ﻗﺎﺗﻞ(
ﻓﻲ ﻗﻘﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ ﻋﻮﺽ ﺍﺩﻡ ﻋﻤﺮ(1)
))ﺍﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺷﺪﻳﺪﻩ ﻭﻣﻔﺎﺟﺊ ﻳﺠﺐ ﺍﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ
ﺑﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻊ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ، ﻓﻤﻦ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﺍﻥ ﻧﻘﺮﺭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻣﺎﻟﻢ ﺗﻌﺘﺒﺮ
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ.
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺳﻜﻮﻥ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻦ
ﺍﻟﺘﻨﺼﻴﺺ ﻋﻠﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻲ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻥ
ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﺪﻓﻊ.
ﻗﺎﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻥ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻥ
ﻳﻨﺠﺢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻣﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ
ﻣﺘﻨﺎﺳﺒﺎً ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻌﻘﻮﻟﻪ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮﻱ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ
ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ.
ﻫﺬﺍ ﻭﻗﺪ ﺇﺗﺠﻪ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺮﺿﻲ ﺑﺮﻳﻤﻪ: (2)ﺍﻟﻲ
ﺭﻓﺾ ﺗﻨﻲ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ، ﻓﺤﺴﺐ ﻗﻮﻝ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ
ﺍﻹﺛﺎﺭﻩ ﺑﺴﻴﻄﻪ ﺟﺪﺍ ﺍﻭ ﺗﺎﻓﻬﻪ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻋﻨﻴﻔﻪ ﺍﻭ
ﺷﺪﻳﺪﻩ ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻠﺘﺨﻔﻴﻒ ، ﻭﺃﺿﺎﻑ ﻗﻮﻟﻪ
ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻩ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻘﺪ
ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﻩ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺛﺎﺭﻩ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﻪ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺌﻪ
ﻭﻟﻮ ﺍﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻥ ﻳﻀﻴﻒ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ
ﻟﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ.((
ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﻲ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﺸﺪﺓ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻹﺛﺎﺭﻩ ﺑﺴﻴﻄﻪ ﻭﺗﺎﻓﻬﻪ ﻭﻓﻲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﻪ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻨﻴﻔﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ
ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺀ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻧﻮﻉ ﻭﻃﺒﻴﻌﺔ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻪ ﻋﻠﻲ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻐﺜﺎﺭﻩ ، ﻭﻗﺪ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻘﻮﻝ(3)ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً
ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺇﺷﻄﺮﻁ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻟﺸﺪﺓ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻠﻘﺎﻩ(4)
ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻟﻺﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻭﻗﻮﻉ
ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺃﻭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯﺍﺕ
ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺣﺘﻲ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻔﺎﻋﻠﺖ ﻟﺘﺨﺮﺝ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻃﻮﺭﻩ ﻟﻠﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﻘﺪﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ
ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ.(1)
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻷﺧﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺘﺼﺮﻑ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ
ﺍﺛﻨﺎﺀ ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻥ ﻳﻔﻌﻞ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻮﺭ ﺗﻌﺮﺿﻪ ﻟﻺﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﺗﺮﻭﻱ
ﺍﻭ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻫﺎﺩﺉ.(2)
ﻭﺗﺄﺧﺬ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ﻛﻞ ﻇﺮﻭﻑ ﻭﻣﻼﺑﺴﺎﺕ
ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻗﺪ ﺗﺼﺮﻑ ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻡ ﻻ.
ﻓﻔﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ ﻣﻜﻮﺍﺝ ﻛﻮﺍﺕ ﺍﻭﻗﻮ
(3)ﺷﺮﺣﺖ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﻛﺎﻵﺗﻲ:
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﻣﻔﺎﺟﺌﺎً ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻠﻤﺘﻬﻢ ﺇﻧﻔﻌﺎﻻً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻳﻔﻘﺪﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻗﺪ ﺇﺭﺗﻜﺐ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺩﻱ ﺇﻟﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻱ ﻭﻛﺎﻥ ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﻟﻜﻦ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺃﺣﺠﻢ ﺍﻭ ﺗﺮﺩﺩ ﺍﻭ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ
ﻣﻨﻀﺮﺏ ﺍﻭ ﻃﻌﻦ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻳﺘﺠﻪ ﺇﻟﻲ
ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻭﺃﺛﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻷﻥ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺪﺙ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ، ﻓﺈﺫﺍ
ﻇﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻣﻨﻔﻌﻼً ﺇﻧﻔﻌﺎﻻً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻭﻓﺎﻗﺪﺍً ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ
ﻋﻠﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﻣﻨﺬ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺇﻟﻲ ﻭﻗﺖ ﺇﺭﺗﻜﺎﺏ
ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻓﺈﻥ ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﻔﺠﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺯﺍﻝ ﻣﻬﻤﺎ
ﻃﺎﻟﺖ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﻮﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ
ﺍﻟﺰﻣﺎﻧﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺫﻫﻨﻪ ﻋﻦ
ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻳﺔ ﻟﺜﻮﺍﻧﻲ ﻣﻌﺪﻭﺩﺍﺕ ﺍﻭ ﻳﺨﻠﻮ ﻟﻨﻔﺴﻪ
ﺍﻭ ﻳﺠﻮﻝ ﺫﻫﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻡ ﻋﻠﻲ
ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺼﺮ ﺍﻟﻔﺠﺎﺋﻴﺔ ﻗﺪ ﺇﻧﺘﻔﻲ، ﻭﺍﻧﻪ ﺇﺫﺍ
ﺍﻗﺪﻡ ﻋﻠﻲ ﺇﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﻓﻌﻪ
ﺍﻹﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺤﻘﺪ.(4)
ﺇﻥ ﺷﺮﻁ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺍﻹﺛﺎﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺭﺩ ﻋﻠﻲ
ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻔﻘﺮﻩ)ﻭ(ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ(131)ﻣﻦ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻟﺴﻨﺔ1991ﻡ ﻟﺴﺒﺐ ﺑﺴﻴﻂ
ﻫﻮ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻗﺪ ﺗﻌﻤﺪ ﺇﺳﻘﺎﻁ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻨﺪ ﺍﻟﻤﺰﻛﻮﺭ ﻷﻥ ﺍﻹﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ
ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ ﻻ ﺗﺘﺮﻙ ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻤﺮﺍﻋﺎﺓ ﺃﻱ ﺷﺮﻁ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻔﺎﺟﺌﺎً ﻭﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺍﺛﻨﺎﺀ ﻓﻘﺪﺍﻧﻪ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ
ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ.
ﻓﺎﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻓﻊ ﻳﺤﺪﺙ ﻣﺎ ﻳﺴﺒﺐ
ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺗﻔﺎﺟﺊ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﻓﻴﻨﺪﻓﻊ ﻓﻲ
ﺍﻟﺮﺩ ﻭﻳﻮﺟﻪ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﺠﺎﻩ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻭﺍﻥ ﺃﺧﻄﺄ.
ﻭﺣﺴﺐ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩ ﻓﻲ ﻗﻀﻴﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺿﺪ
ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ(1)”ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻲ
ﻣﻔﺎﺟﺊ ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻓﺠﺄﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺑﺪﻭﻥ
ﺗﺄﺧﻴﺮ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﻭﻓﻮﺭﻳﺎً ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺪﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﻄﻂ ﻟﻔﻌﻠﻪ، ﻭﻳﻨﻔﺬ ﺧﻄﺘﻪ
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﺑﺘﻔﻜﻴﺮ ﻣﺴﺒﻖ ﻭﺗﻌﻤﺪ ﻓﻼ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ
ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ.”
ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻥ ﺗﻘﺪﺭ ﺷﺪﺓ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻦ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ ﺭﺩ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ
ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻭﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻥ ﺗﺄﺧﺬ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ
ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺍﻻﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻭﺗﻄﻮﺭ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ
ﺑﺎﻟﻀﺤﻴﺔ ﻭﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺃﻓﻘﺪﺗﻪ
ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ
ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺇﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻸﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
ﺍﻟﻤﺆﺩﻳﺔ ﻟﻠﺤﺎﺩﺙ.
ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ
ﻗﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺇﺫ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ
ﺗﺼﻌﻴﺪ ﻟﻺﺳﺘﻔﺰﺍﺯ،(2) ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﺃﻻ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ
ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻌﻞ
ﺇﺳﺘﻔﺰﺍﺯﻱ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﻕ ﺇﻟﻲ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﺪﺓ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ
ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ.
ﺃﺧﻴﺮﺍً ﺃﺭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ
ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻹﺳﺘﻔﺰﺍﺯ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ، ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﺨﻔﻒ
ﻋﻨﻪ ﺗﺒﻌﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻀﺒﻂ
ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻧﺴﻴﺎﻕ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻛﻤﺎ
ﺍﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺗﺮﻙ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻋﻘﺎﺏ ﺇﺳﺘﺮﺳﻞ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺇﺣﺴﺎﺳﻪ
ﺑﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺇﻋﺘﺪﻱ ﻋﻮﻗﺐ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻲ ﺿﺒﻂ ﻧﻔﺴﻪ
ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺇﺳﺘﺮﺳﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺇﻧﻔﻌﺎﻟﻪ، ﻷﻧﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﺘﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻔﻮﺿﻲ، ﺇﺫﺍ ﻛﻞ ﻣﺠﺮﻡ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ
ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺎﺩﻳﺔ ﻭﻗﺖ ﺇﺭﺗﻜﺎﺑﻪ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ ﺇﺫ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ
ﻋﻮﻗﺐ ﺟﺎﻧﻲ ﻭﻻ ﻛﺎﻥ ﺍﻹﻧﺰﻋﺎﺝ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺍﻧﻪ ﻻ ﺣﺪ
ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﺍﻟﺠﺎﻣﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﺺ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ
ﺍﻟﺠﺎﻣﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻨﻘﺼﻬﺎ.                                                                                                                       منقول


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الدفاع الشرعى ومفهومه فى القانون الدولى والشريعة الاسلامية

                 الدفاع الشرعى ومفهومه فى القانون الدولى والشريعة الاسلامية ...