أي حماية لمرضى السكري في القانون المغربي
قد حاول المغرب منذ استقلاله وضع آليات و ميكانيزمات لتحسين وضع في الميدان الصحي ، نظرا لتغير مستوى الاجتماعي والاقتصادي للفرد به ،وكذالك ظهور عادات وسلوكيات جديدة مست خاصة النمط المعيشي ، مما أدى إلى تزايد أمراض مزمنة لم تكن معروفة من قبل بكثرة مثل مرض القلب والشرايين وفشل الكلوي ومرض السكري
من شأنها تحديد أنواع الأمراض المزمنة التي تشملها التغطية الصحية أن تساهم في سياسات صحية ترمي إلى خلق ثقافة صحية تتبنى شمول نظام التغطية صحية لهذه الأمراض المزمنة وتوفير الحماية ألازمة للمصابين بها، .
ومن أخطر هذه الأمراض نجد “مرض السكري” الذي يعرف تزايد ملحوظا سنويا في عدد المصابين به والوفيات سواء على الصعيد الوطني أو الدولي ،هذا ما أدى بالبعض لتسميته بالقاتل الصامت.
والأمراض المزمنة في التعريف الفقهي القانوني هي شكل من الأمراض التي تظهر ببطء ويتطلب علاجها فترة طويلة من الزمن وهي عادة أمراض مستعصية في علاجها وهي أمراض تنقص من القدرة البدنية العقلية لدى المصاب بها مما يجعله يعاني عند قيامه بقضاء حاجاته اليومية.
و مرض السكري يدخل ضمن هذه الأمراض المزمنة التي شملها المشرع المغربي بالحماية القانونية من خلال قانون 65.00 بمثابة نظام تعميم التغطية الصحية بالمغرب
كونه حالة مرضية مزمنة تنتج عن الزيادة في مستوى السكر في الدم هذه الزيادة تودي إلى توقف أو نقص هرمون الأنسولين في الدم .
و قد شمل المشرع المغربي في إطار قانون 65.00 جميع أنواع مرض السكري بالحماية القانونية من خلال إدراجه في قائمة الأمراض المزمنة المشمولة بنظام التغطية الصحية عن الأمراض التي تمنحه الحق في استمرار في علاج مرضه من خلال الاستفادة من الامتيازات التي تمنحها له الدولة في هذا الباب من تخفيض كلفة علاجه وكذالك تحملها لبعض المصاريف الخاصة باستشفائه…
إن تحسين و تعميم نظام التغطية الصحية يعتبر أحد المكونات الأساسية لسياسة التنمية الاجتماعية التي تبنها المغرب. وفي هذا الإطار تم إحداث نظامين متكاملين للتغطية الصحية الأساسية سنة 2002 ويتعلق الأمر بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض و نظام المساعدة الطبية. الأول قائم على مبادئ و تقنيات التأمين الاجتماعي لفائدة الأشخاص المزاولين نشاطا يدر عليهم دخلا و المستفيدين من المعاشات و قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير و الطلبة، و الثاني قائم على مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة الفئة المعوزة.
كما يحدد قانون 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، القواعد التي يخضع لها نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، يهم 11 مليون مغربي أي حوالي ثلث المغاربة، الذين لا يستفيدون من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، ولا الصندوق الوطني لمنظمة الاحتياط الاجتماعي (CNOPS)، كما لا يستفيدون من نظام التغطية الصحية “راميد.”
سيمكن هذا النظام المنخرطين فيه من التعويض على جميع الأمراض حتى ولو كانت هذا الأمراض سابقة عن تاريخ الانخراط، وليس هناك سقف محدد للتعويض عن المرض بخلاف ما هو معمول به في وكالات التأمين الخاص، مع الاستفادة من نفس سلة العلاجات التي يكفلها التأمين الصحي الإجباري عن المرض AMO المحددة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS. كما سيستفيد المنخرطين من التقاعد، بحكم أن هذا القانون جاء في إطار الحماية الاجتماعية، حيث سيكون بكيفية متلازمة ومتزامنة مع صدور قانون 99.15 الذي يضمن استفادة هذه الفئات من التقاعد. علاوة على ذلك، ستكون مساهمة المستفيدين بمن هذا النظام بشكل جزافي، حسب الفئات والمهن والقدرة المادية للمستفيد. وكل هذه الأمور سيتم تحديدها في النصوص التطبيقية التي سيتم الاتفاق حولها بطريقة تشاركية مع غالبية الفئات المهنية المعنية بهذا المشروع .
فيما يلي بعض النصوص القانونية المتعلقة بتفعيل نظام التخطية الصحية على المرض:
- ظهير شريف رقم1-02-296 صادر في 25 من رجب 1423 بتنفيذ القانون رقم 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية.
- المرسوم رقم2-08-177 الصادر في 28 من رمضان 1429 (29 سبتمبر 2008), بتطبيق مقتضيات الكتاب الثالث من القانون رقم 65-00 المتعلق بنظام المساعدة كما تميمه و تعديله بالمرسوم رقم 2-11-199 الصادر في 07 شوال 1432 (06 سبتمبر 2011).
- قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزيرة الصحة ووزير الفلاحة والصيد البحري رقم11 صادر في 26 من جمادى الآخرة 1432 (30 ماي 2011) بتحديد نموذج استمارة طلب الاستفادة من نظام المساعدة الطبية.
- قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزيرة الصحة ووزير الفلاحة والصيد البحري رقم836-08 صادر في 28 من رمضان 1429 (29 سبتمبر 2008) بتحديد المتغيرات المرتبطة بالظروف المعيشة للأسرة ومعاملات موازنة الدخل المصرح به ومؤشرات حساب مجموع النقط المتعلقة بالممتلكات ، ومؤشرات حساب مجموع النقط المتعلقة بالظروف السوسيو اقتصادية وكذا بكيفية حسابها للاستفادة من نظام المساعدة الطبية.
- قرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية ووزيرة الصحة رقم5911 بتاريخ 24 يناير 2011 المتعلق بتعميم نظام المساعدة الطبية.
- باستقرائنا لنصوص القانون المغربي لا نجد نص صريح نص على حماية مرضى السكري بشكل خاص بشكل منفصل على حماية المقررة لباقي أمراض المزمنة أخرى، باستثناء إدراجه ضمن زمرة الأمراض المزمنة المشار إليها ضمن لوائح الأمراض المشمولة بنظام التغطية الصحية .
هذا يشكل فراغ تشريعيا خصوصا إذا علمنا أن الأمراض المزمنة ومنها مرض السكري تشكل تهديدا حقيقيا لصحة الفرد كما أنها لا تزال تشكل عبئ كاهل الدولة المتقدمة ناهيك عن الدول السائر في طريق النمو ، حيث أصبح التصدي لها يشكل أكبر تحديات التي تعيق التنمية في القرن الحالي ، لذا وضعت الأمم المتحدة إستراتيجية لمكافحة هذه الأمراض والوقاية منها تهدف إلى الحد من الوفيات المبكرة بسبب هذه الأمراض، والتي ترتكز على ثمانية عناصر من أهمها: تقديم الدعم للمرض في مجتمعاتهم/ تركيز الرعاية الصحية على المريض أسرته/ الاستفادة بمزيد من الفعالية من العاملين في مجال الرعاية الصحية/ بناء برنامج رعاية صحية متكامل بالمصابين بأمراض المزمنة.
حبذا لو كان تبنى المشرع المغربي في إطار نظام التغطية الصحية إجبارية على المرض أو نظام الراميد هذه المقتضيات الثمانية المقدمة من قبل الأمم المتحدة وحماية مرضى السكري من التلاعبات التي قد تطال استفادتهم من الخدمات الصحية المقدمة في إطار هذا النظام سواء في إطار عملية الاستشفاء أو الأدوية أو إرجاع مصاريف العلاج لتقوية ثقة المرضى في فعالية أنظم الصحية التي تضعها الدولة للاهتمام بهم ومساعدتهم في محاربة ومقاومة هذه الأمراض.
براء هلالي
باحث في القانون الخاص بكلية الحقوق أكدال.