البيع القضائي للعقار


البيع القضائي للعقار

يعد مرحلة بيع العقار بالمزاد العلني من بين أهم المراحل التي تمر منها مسطرة الحجز التنفيذي العقاري وتأتي اهميته من ان بيع العقار بالمزاد العلني يجسد الغاية التي يريم إليها الحجز وعليه يتبادر إلى ذهنينا التساؤل التالي ما هي إجراءات بيع العقار بالمزاد العلني؟ وما هي الآثار التي يرتبها هذا البيع ؟

أولا : إجراءات بيع العقار المحجوز
بانتهاء مرحلة وضع العقار تحت يد القضاء وتبليغ الحجز للأطراف المعنية به وانصرام أجل شهر م 471 يقوم بشهر وإنذار المنفذ عليه بالأداء 440 و 469 وتبدأ مرحلة ثانية من مراحل التنفيذ على العقار ، وهي مرحلة إعداد العقار للبيع حيث يتم إنذار المنفذ عليه بالاداء المادة 440 و 469 ويتم تحرير دفتر التحملا [1] والذي ينبغ أن يكون مشتملا على كل البيانات التي تهم أصحاب ذوي الشأن في التنفيذ سواء تعلق الأمر بالحجز او المحجوز عليه. لهذا فهو يشتمل على الإشارة للسند التنفيذي وكذا تعيين العقار أو العقارات المبنية في التبليغ مع الإشارة إلى موقعه وحدوده ومساحته وكل ما يتعلق به ، وكذا ذكر البيانات المتضمنة في الرسم العقاري أو في رسم الملكية إذا كان العقار غير محفظ أضف على ذلك تحديد الثمن الافتتاحي للمزايدة .

ويجدر التذكري أن البيانات والملاحظات المضمنة بدفتر التحملات لا يمكن حذفها ولا تثير إلا مسؤولية واضعيها وهذا ما قضى به حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 10/4/2007[2].

أما إذا تعلق بالثمن الافتتاحي للمزايدة فإن كلا من الدائن والمدين الحائز والمتدخلين في الحجز حق المطالبة بتعديل الثمن المقترح زيادة أو نقصانا على النحو الذي يخدم مصالحه ، وهذا ما يستشف من خلال حكم صادر عن ابتدائية مراكش[3].

وبعد إيداع دفتر التحملات بقسم التنفيذ لكفالة علم العموم بإجراءات بيع العقار المحجوز يلزم القيام بعملية الإشهار المزمع إجراؤه على اعتبار يضمن حضور أكبر عدد ممكن من المتزايدين ليباع العقار المحجوز بأعلى ثمن [4].

وبناء عليه حدد المشرع المغربي في الفصل 474 ق م م الأماكن التي يلزم فيها تعليق الإعلان عن البيع وهي كالتالي:
باب المسكن المحجوز عليه
على كل واحد من العقارات المحجوزة
في الأسواق المجاورة لكل عقار من هذه العقارات
في اللوحة المخصصة للإعلانات القضائية بالمحكمة
بمكتب السلطة الإدارية
بكل وسائل الإشهار ” الصحافة والإذاعة”.
بعد عملية الإشهار يتم تبليغ الأطراف وإعلانهم بتاريخ المزايدة وهؤلاء الأطراف حسب الفصل 476 ق م م هم : المنفذ عليه المتزايدون الذي قدموا عروضهم بكتابة الضبط ، وقد حدد المشرع تاريخ الاستدعاء الواجب توجيهه للمحجوز عليه بحيث يجب إعلامه بالحضور بتاريخ السمسرة في العشرة أيام الأولى الموالية لتحديد تاريخ البيع وتنبيهه إلى وجوب الحضور في عملية السمسرة كما يلزم إعادة الإجراء في العشرة أيام الأخيرة السابقة لتاريخ السمسرة [5]

وحسب نفس الفصل فإن أجل السمسرة يجب أن يقع في الثلاثين يوما الموالية لتبليغ الحجز ونص بصفة استثنائية على انه يمكن تمديد الأجل إلى 90 يوما بمقتضى أمر معلل من رئيس المحكمة
لكن للأسف فما يلاحظ من واقع عمل كتابات الضبط أنه لا يتم احترام هذا الأجل بعلة أن المشرع المغربي لم يرتب أي إجراء على عدم احترام الآجال المذكورة، انطلاقا من قاعدة أنه لا جزاء إلا بنص .
وعند حلول يوم وساعة إجراء السمسرة فإن المزاد يرسو على قدم اعلى ثمن ما لم يعتبر رئيس المحكمة بصفته مشرفا على عملية التنفيذ أن العرض المقدم غير كاف ولا يعادل القيمة الحقيقية للعقار حيث يأمر بإعادة السمسرة على أن المشرع خول كل شخص داخل أجل 10 أيام من تاريخ السمسرة .
عرض بالزيادة عما رسى عليه المزاد بشرط أن يكون العرض يفوق السدس ثمن البيع الأصلي والمصاريف [6] وبعد ذلك يتم تحرير محضر المزايدة والذي يعتبر حسب الفصل 480 ق م م سنذ الملكية لصالح الراسي عليه المزاد .
البيع القضائي للعقارورغم وضوح الفعل فقد أفرز تحديد طبيعة محضر المزايدة وما إذا كان يعتبر حكما بالبيع أم عقدا به [7] مجموعة من الآراء المتابينة ، بحيث اعتبره عبد العزيز توفيق بمثابة عقد بيع تنتقل بمجرد تسليمه للراسي عليه المزاد بعد أدائه الثمن جميع حقوق المشتري في البيع الرضائي ويعتبر خلفا خاصا للمحجوز عليه .
وفي نفس الاتجاه اعتبر أدولف ريولط ” أن محضر إرساء المزاد العلني يعتبر سند ملكيته بالنسبة للشخص الذي رسى عليه المزاد .
أما محمد سلام فقد اعتبر أن محضر إرساء المزاد هو بيع قضائي

في حين اعتبره محمد خيري، أن محضر المزايدة لا يعد حكما بكل معاني الكلمة وإنما هو قرار يصدر من طرف القاضي ، بما له من سلطة ولائية فهو لا يفصل في هذه الحالة في خصومة معينة ، وإنما هو يتولى إيقاع البيع وفقا لإجراءات محددة وتنفيذ الحكم صادر في الموضوع [8].

أما بخصوص مواقف القضاء فقد اعتبره المجلس الاعلى في أحد قراراته أنه سند ملكية لفائدة المشتري ، ينقل إليه جميع حقوق البائع على العقار، وهو عقد كتابي تابت التاريخ [9]

ثانيا : أثار البيع بالمزاد العلني
يترتب عن البيع بالمزاد العلني انتقال العقار مطهرا من جميع التحملات المتقل بها ، بحيث يصبح الراسي عليه المزاد هو المالك للعقار وبالتالي يتمتع بجميع حقوق المشتري كما له أن يطالب بضمان المبيع ، وبالمقابل يلزمه أداء ثمن الشراء .

وعلاوة على ذلك فإنه يرتب مجموعة من الآثار في مواجهة باقي الأطراف بحيث تبرأ ذمة المدين في حدود ثمن المبيع وفي حالة عدم كفايته فإنه يحق للدائنين التنفيذ على باقي العقارات .

أما بالنسبة لشركاء المنفذ عليه فإن البيع لا يمس الحصة العائدة لهم ، وهكذا فإذا بيع العقار كان من حقهم أن يحصلوا على ثمن البيع الموازي لنسبة تملكهم للعقار وبالمقابل فإذا انصب الحجز على حصة الشريك لوحدها [10] فإنه يثار التساؤل في هذه الحالة حول أحقية باقي الشركاء في العقار محل التنفيذ في شفعة العقار المبيع ؟

أن مشروعية هذا التساؤل تأتي أساسا من ربط الشفعة في نظر البعض بالبيوع الاختيارية ، وكذا من كون المشرع عالج في بعض الحالات الخاصة ممارسة الشفعة في البيوع القضائية كما هو الشأن بالنسبة لحق الدولة في ممارسة الشفعة في حالة شراء بعض الأشخاص المحددين حصرا الأملاك فلاحية قروية ولو كان البيع قد تم بالمزاد العلني [11].
وخارج هذه الحالات فإن التساؤل يظل مطروحا في غياب نص يؤطر الموضوع عكس المشرع المصري الذي عالج المسألة بنص قانوني في المادة 939 من القانون المدني المصري
ولأجل سد هذا الفراغ التشريعي فقد انقسمت الآراء الفقهية إلى معالجة هذا الإشكال وانقسمت إلى ثلاثة اتجاهات :
الاتجاه الاول : فقد ذهب إلى أنه يحق للشريك أن يشفع الحصة التي بيعت على شريكه عن طريق المزايدة، ويسير القضاء المغرببي في هذا الاتجاه فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى [12].
متى كانت الشفعة هي الحق الثابت لكل من يملك مع آخرين على الشاع عقارات أو حقوقا عينية عقارية في أن يأخذ الحصة المبيعة بدلا من مشتريها فيكفي لممارستها ولصحة البث فيها توافر الشروط التي حددها القانون ومن بينها وجود الشراء دون استثناء ما ثم شراؤه بالمزاد العلني

الاتجاه الثاني: في حين ذهب أنصار الاتجاه الثاني [13] إلى أن الشفعة لا تثبت إذا كان العقار قد خرج من ملك المشفوع منه جبرا أي ببيع قضائي أو نحوه فالبيوع التي تجيز الشفعة هي البيوع الرضائية بدليل أن المشرع لم ينص لا في قانون الالتزامات والعقود ولا في ظهير 2 يونيو 1915 على جواز الشفعة في البيوع القضائية

أما الاتجاه الثالث: فقد تبنى موقفا وسطا بين الاتجاهين المذكورين [14] حيث ذهب إلى القول بإمكانية طلب الشفعة في البيع بالمزاد العلني مبدئيا لكن فقط في حالة غياب الشفيع عن مجلس انعقاد البيع وعدم علمه المسبق بتاريخ المزاد [15].
ونحن نساير الاتجاه الأول استنادا إلى قاعد أن ” الأصل في الأشياء الإباحة ، ولا يكون الخطر او الحد من ممارسة الحق إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة .

ونختم هذا المبحث ببعض الإجابات على بعض التساؤلات التي تم طرحها أثناء مناقشتنا لهذا الموضوع :
بالنسبة للتساؤل المتعلق بالإنذار العقاري يمكن القول بصدده ان الإنذار العقاري هو عبارة عن إشعار يوجهه الدائن المرتهن أو المؤسسة المالية إلى المدين بواسطة عون التبليغ يطلب فيه استرداد الدين المضمون من المدين تحت طائلة نزع ملكية العقار المرهون وبيعه قضائيا بالمزاد العلني لتسديد الدين وفوائده والضريبة على القيمة المضافة و المصاريف القضائية، وعليه يثار التساؤل حول طبيعة الانذار العقاري هل هو إجراء من إجراءات الحجز العقاري أم مقدمة من مقدمات التنفيذ؟ [16] إن معالجة هذا التساؤل أفرزت اتجاهين على مستوى الفقه المغربي

الأول يرى أن الانذار العقاري هو بمثابة تنبيه عادي بالأداء ومن ثم فهو لا يدخل ضمن إجراءات الحجز العقاري، ولا يتحول تلقائيا إلى حجز عقاري، بدليل أن إجراءات هذا الحجز منصوص عليها في الفصول 469 و 487 وهي من اختصاص عون التنفيذ، وما يؤكد ذلك أيضا أن الفصل 205 من ظهير 2 يونيه 1915 نص على أن إجراءات الحجز العقاري لا تباشر إلا بعد بقاء الانذار العقاري بدون جدوى .

أما الاتجاه الثاني: يذهب إلى اعتبار الانذار العقاري بمثابة إجراء من إجراءات التنفيذ مادام حجزا عقاريا ولي تنبيها وعلل أنصار هذا الاتجاه موقفهم بانه بمجرد تبليغ الانذار للمحافظ العقاري يمنع عليه إجراء أي تسجيل جديد بشأن العقار خلال مدة جريان مسطرة نزع الملكية ، إذن فالانذار العقاري ومحضر الحجز يشكلان عملا واحد لأن قانون المسطرة المدنية يخلو من الإشارة للإنذار العقاري ويعرف فقط محضر الحجز وهذا الاتجاه يسير عليه العمل القضائي [17].

ويذهب يونس الزهري، ويرى على أنه يجب أن نميز بين الإنذار العقاري المؤسس على مقتضيات المرسوم الملكي المؤرخ في 17 دجنبر 1968 بحيث يعتبر مجرد الإنذار بمثابة حجز تنفيذي عقاري لصراحة مقتضيات الفصلين 61 و 62 من المرسوم الملكي وبين الانذار العقاري الموجه للمدين في غير ذلك من الحالات إذ لا يتعتبر بمثابة حجز عقاري طالما أن الدائن يتعين عليه مباشرة إجراءات الحجز وتحرير محضر بذلك بعد بقاء الانذار العقاري بدون جدوى .

ونقف كذلك على أشكال أو تساؤل آخر المتعلق بوجود دائنون آخرون للمنقذ عليه يطالبون بدورهم بمبلغ دينهم ومطالبتهم هذه لا تعطيهم حق حجز العقار من جديد بل أن ضرورة الاقتصاد في الإجراءات والوقت قد جعلت المشرع يخول لهم التدخل في الحجز على سبيل التعرض لتوزيع حصيلة التنفيذ عند عدم كفايتها وفق مسطرة التوزيع بالمحاصة ، وهو ما يطرح أكثر من إشكال حول العلاقة بين الحجز الاول والتدخل في الحجز وأثر بطلان الأول على صحة التدخل ، والطرق التي يملكها الدائن الممتاز لدفع التعرض على منتوج البيع ومسطرة التوزيع بالمحاصة وما تستلزمه من شروط وما يثيره ترتيب حقوق الدائنين من تزاحم وتعارض أحيانا ؟
إذن فما هي العوارض التي تحل دون إتمام مسطرة الحجز التنفيذي ؟
الحجز التنفيذي في قانون المسطرة المدنية
_____________________________________
[1] -مهمة تحرير دفتر التحملات هي مهمة مسندة لعون التنفيذ في القانون المغربي ، وذلك خلافا لما عليه الوضع في القانون المقارن ، كالتشريع المصري والفرنسي اللذين جعلا الدائن هو الطرف الملزم بهذه المهمة م 414 من قانون المرافقات المصري والفصل 688 ق م م الفرنسي .
[2] – ملف عدد 280/ 9 / 2006 أورده يونس الزهري مرجع سابق،
[3] – حكم صادر بتاريخ 30/5/2006 في الملفين المضمومين عدد 462/9/2005 و 1054 /1/2005 أورده كذلك يونس الزهري
[4] – يونس الزهري ، الحجز التنفيذي على العقار في القانون المغربي سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ، عدد 13 الجزء الثاني، طبعة 2007 ص 202.
[5] – وهذا ما زكاه قرار المجلس الأعلى حيث جاء في حيثياته أن إشعار المنفذ عليهم بإجراء في نطاق البيع بالمزاد العلني ، هو إجراء ضروري قرار عدد 1240 بتاريخ 24 فبراير 1998 منشور في النشرة الإخبارية للمجلس الاعلى عدد 7/ 2000 ص 8
[6] – قرار مجلس الأعلى 1021 صادر بتاريخ 22/ 09 / 2004 في ملف عدد 883/ 3/ 2003 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 152 ص 171.
[7] – لقد حسم المشرع المصري طبيعة البيع الجبري فاعتبره حكما ، فقد نص في المادة 446 من قانون المرافعات على أنه يصدر حكم إيقاع البيع بديباجة الأحكام ، ويشتمل على صورة من كافة شروط البيع وبيان الإجراءات التي اتبعت في تحديد يوم البيع والإعلان عنه وصورة من محضر الجلسة ويشمل منطوقه على أمر المدين أو الكفيل العيني تسليم العقار المتحكم بإيقاع البيع عليه “.
[8] – يونس الزهري ، مرجع سابق، ص 230.
[9] – قرار المجلس الأعلى ، عدد 2709 بتاريخ 27 / 12/ 1990 في الملف المدني عدد 1678 /81 أورده يونس الزهري ، ص 231.
[10] – يونس الزهري ؟، مرجع سابق، ص 231.
[11] – جاء في الفصل 5 من ظهير 288/ 63/ 1 الصادر بتاريخ 7 جمادى الأول ، 1383 الموافق 26 ديسمبر 196 بشأن مراقبة العمليات الواجب إنجازها منه طرف بعض الأشخاص المتعاقبة بالأملاك الفلاحية القروية ما يلي :” تخول الدولة التي يمثلها وزير المالية الحق في أن تقتني عن طريق الشفعة الأملاك الآلية مع مراعاة مقتضيات المقطع من هذا الفصل :
– الأملاك التي يتوقف توفيتها على سابق رخصة
– الأملاك المبيعة بالمزاد العلني والنازلة سمسرتها على شخص ذاتي غير مغربي أو على شخص معنوي .
[12] – قرار المجلس الأعلى عدد 22 بتاريخ 24 – 1 – 1981 في الملف المدني عدد 77021 منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 35 – ص 74 اورده يونس الزهري ، مرجع سابق.
[13] – محي الدين اسماعيل ، علم الجدين مأمون الكزبري
[14] – محمد خيري، محمد محجوبي ، محمد سالم
[15] – يونس الزهري ،م س ، ص 253 – 254.
[16] – يونس الزهري ،م س ، ص 83
[17] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ، قرار عدد 38 -29 / 2004 عدد 484 /2004 أورده يونس الزهري مرجع سابق،

مقتطف من موقع blog.saeeed.com

 


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

 أمين البقالي: ماهية الحريات العامة 

ماهية الحريات العامة   أمين البقالي طالب باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق اكدال مقدمـــــة: موضوع ...