التقادم الضريبي


التقادم الضريبي

مقدمة

تعتبر الضرائب في الدول المعاصرة من أهم مصادر تمويل الميزانية العامة لهاته الدول.
مما يجعلها تحرص على فرضها بطرق عادلة كما تعمل على استخلاصها بوسائل متعددة وتعمد إلى تجريم التملص الضريبي وفرض غرامات مالية على التأخير في الأداء.
لذلك فإن مسألة التقادم الضريبي قد تكون من المسائل التي لا ترغب الدولة في حدوثها إلا أنه نظرا لقواعد العدالة وتوفير الاستقرار في المجتمع وإشاعة الاطمئنان والثقة بين أفراده من جهة وبين هؤلاء الأفراد والدولة من جهة أخرى يعمد المشرعون إلى تحديد مدة معينة يتحتم على إدارة الضرائب خلالها فرض الضريبة وتحصيلها تحت طائلة سقوط هذا الحق بالتقادم .
والتقادم كما هو معلوم نوعان مسقط ومكسب، فالمسقط هو سبب لانقضاء الحقوق المتعلقة بالذمة المالية ولاسيما الالتزامات إذا توانى صاحبها في ممارستها أو أهمل المطالبة بها خلال مدة معينة يحددها القانون. أما المكسب فهو الذي يسمح لحائز الحق العيني أن يكسب هذا الحق إذا استمرت حيازته مدة من الزمن حددها القانون، وقد قيل في تفسير التقادم أنه يعتبر قرينة على النزول عن الحق. فمن يترك ملكه في يد الغير مدة معينة، ومن يسكت عن المطالبة بدينه مدة معينة، يفترض فيه أنه نزل عن حقه مع أن النزول لا يفترض، ولو صح هذا الافتراض لكان لمن يسري التقادم ضده أن يدحضه بالدليل العكسي، وهو أمر لا يجوز.
وقيل في تفسير التقادم المكسب أنه يعتبر قرينة على الحق، وقيل في تفسير التقادم المسقط أنه يعتبر قرينة على الوفاء، مع أن إثبات العكس في الحالتين لا يجوز، والواقع أن رد التقادم إلى اعتبارات فردية من هذا القبيل تفسير غير صحيح. ذلك أن التقادم يقوم على أساس اعتبارات عامة تتصل بالصالح غير صحيح، ذلك أن التقادم يقوم على أساس اعتبارات عامة تتصل بالصالح العام للمجتمع بأسره، فهو يستند إلى ضرورة اجتماعية تجعله إلزام ما يكون لنظام المجتمع، حيث يتعين أن يوضع حد للمنازعة في أمر معين، وبدون ذلك لا يمكن لأحد أن يطمئن إلى بقائه مالكا أو إلى براءته من دين كان عليه. فلو أن للشخص أن يطالب بحقه مهما مضى من زمن على قعوده عن هذه المطالبة لأدى ذلك إلى زعزع ة في المراكز القانونية واضطراب دائم في المعاملات، الأمر الذي يبعث الفوضى ويقوض النظام الاجتماعي.
وفضلا عن هذا الاعتبار الأساسي في نظام المجتمع، فإن التقادم يحل إشكالا كبيرا فيما يتعلق بالإثبات ولاسيما إثبات الملكية فيساعد بذلك على حماية الحق نفسه، إذ من المعروف أن إثبات الملكية كثيرا ما تكتنفه صعوبات جمة، ولولا نظام التقادم لتعذر على المسالك في كثير من الأحيان أن يقيم الدليل على ملكيته، أو لأمكن أن تكون ملكيته دائما محل نزاع. ذلك أن المسالك قد لا يتوافر لديه السند المثبت للملكية، كما أن الشخص لا يصبح مالكا إلا إذا كان قد تلقى الملكية من مالك، ويصدق هذا على جميع الحائزين المتعاقدين للشيء، فإذا كان أحد هؤلاء غير مالك فإن جميع من يخلفونه في الحيازة لا يكونون ملاكا كذلك. ومن ثم فلولا التقادم لتعين على من يدعي الملكية أن يثبت ملكيته وملكية أسلافه جميعا، وهذا عبء لا يمكن النهوض به. فالتقادم يكون من شأنه أن يزيل هذه الصعوبة التي تستعصي على الحل، حيث يكفي في مثل هذه الظروف أن يقيم الشخص الدليل على حيازة استمرت طول المدة التي يتطلبهما القانون لكسب الحق الذي يدعيه ويستند إلى التقادم المكسب للتدليل على أنه صاحب هذا الحق، فبعد مضي مدة معينة يتحتم أن يكون هناك توافق بين الواقع والحق، إذ يصبح الحائز صاحب حق. أما مدة السقوط أو الإسقاط Délais préfix فهي مدة يحددها المشرع للقيام بعمل معين أو لاستعمال رخصة منحها القانون وذلك تحت طائلة بطلان العمل الذي لم ينجز خلال الميعاد المضروب أو فقد الرخصة التي لم تمارس قبل انصرام هذا الميعاد أيا كان السبب الذي حال دون القيام بالعمل أو دون ممارسة الرخصة حتى ولو كان هذا السبب قوة قاهرة أو حادثا فجائيا.
ومحاولة لوضع أرضية للتفكير والنقاش سأتطرق بقدر ما تيسر لنا من المعرفة في هذا الميدان الذي يطبعه التعقيد والتقنية للتقادم في المادة الضريبية سواء أكان ذلك في إطار الوعاء الضريبي أو في إطار التحصيل أو فيهما معا محاولين إبراز بعض الجوانب المتعلقة بهذا الميدان ومستفسرين عن الإجابات المنصوص عليها في بعض القوانين الضريبية وما إذا كانت تعتبر آجالات تقادم أو آجالات سقوط وما يترتب عن ذلك من آثار.
فماذا عن التقادم في الوعاء الضريبي و في مسطرة تحصيل هاته الضرائب ؟
و ماهي اهم الاشكاليات التي يثيرها التتقادم في القوانين التي تعطي لنفس الجهة صلاحية الفرض و التحصيل؟
وللاجابة عن هذه الاسئلة سوف نعتمد التصميم التالي :
المبحث الاول :التقادم في الوعاء الضريبي
المطلب الاول :طبيعة الاجل في التقادم الضريبي
المطلب الثاني :التقادم الضريبي بين القانون الخاص و النظام العام
المبحث الثاني : التقادم في مسطرة التحصيل
المطلب الاول: الاساس القانوني لتحصيل الضرائب
المطلب الثاني : البداية و الأجل في مسطرة التحصيل

المبحث الاول : التقادم في الوعاء الضريبي:
إنه من المعلوم في النظام المغربي أن مديرية الضرائب التي تعتبر إحدى المديريات التابعة لوزارة المالية طبقا للمرسوم عدد: 539-78-2 بتاريخ: 21 ذي الحجة 1398 (22 نونبر 1978) بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة المالية يعهد إليها وفق الفصل 8 من المرسوم المذكور بالسهر على تنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا الميدان وهي مكلفة تبعا لذلك بفرض الضرائب والتحقيق فيها وما يتبع ذلك من إجراءات تتبادلها مع الملزمين بهاته الضرائب إلى أن تصبح هذه الأخيرة قابلة للتحصيل، حيث تعمد أقسام هاته المديرية ومصالحها الجهوية إلى بعث قوائم التحصيل للخزينة العامة التي وإن كانت تعتبر بدورها تابعة لوزارة المالية طبقا لفصل 3 من المرسوم المذكور إلا أنها تتكلف بتحصيل الموارد العامة بما فيها جداول الضرائب ومسائل أخرى منصوص عليها في الفصل 7 من نفس المرسوم.
وعليه فإن مديرية الضر ائب حينما تقوم بفرض هاته الضرائب وفقا للنصوص القانونية المتعلقة بكل ضريبة إنما تقوم بذلك داخل أجل معين حدده المشرع في تلك النصوص وانه متى تقاعست عن فرض هاته الضرائب داخل المدة المذكورة يكون من حق الملزمين بها أن يدفعوا بعدم استحقاق الإدارة لهاته الضرائب إذا ما فرضت عليهم خارج الأجل المحدد قانونا.
المطلب الاول :طبيعة الأجل في التقادم الضريبي
لعله من الطبيعي أن يتساءل المهتم عن نوعية الأجل المحدد لفرض الضريبة وما إذا كان يعتبر أجل سقوط أو أجل تقادم، وهل يعتبر من النظام العام أي أن القاضي يثيره تلقائيا؟
إنه قبل الإجابة عن هذا التساؤل أرى بأن أذكر بأن الآثار القانونية تختلف كثيرا بين الأجلين مادام أن أجل التقادم تعتريه أسباب القطع والتوقف في حين لا تعتري آجال السقوط مثل هاته الأسباب إذ بانصرام هاته الآجال تسقط الحقوق المعلقة عليها مهما كانت الأسباب الداعية إلى عدم ممارسة هذا الحق داخل الأجل المذكور.
وعليه فهل تعتبر آجالات الضرائب أجالات تقادم أم آجالات سقوط؟
إنه باستقراء جل النصوص الضريبية يتبين أن المشرع المغربي يستعمل في عدة نصوص كلمة – تقادم – حينما يريد التعبير عن هاته الحالة وهو ما نجده مثلا في المادتين 48 و49 من مدونة التسجيل والمادة 27 من قانون التمبر والمادة 54 من قانون الضريبة على القيمة المضافة والمادة 19 و51 من قانون الضريبة على الشركات والمادة 113 من قانون الضريبة العامة على الدخل والمادة 9 من قانون الرسوم القضائية. والمادة 25 من القانون المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها والمادة 54 من ظهير 1958 المتعلق بالمحاسبة العمومية والذي أبقى عليها مرسوم 1967 المتعلق بهاته المحاسبة والفصل 16 من قانون الضريبة الحضرية والفصل 18 من ضريبة الباطنطا والفقرة 22 من الفصل 1 من قانون المالية لسنة 1980 المحدث لضريبة واجب التضامن الوطني والفصل 14 من الضريبة على الأسهم كما أن المشرع يشير في كثير من هاته النصوص إلى أسباب القطع والتوقف علما بأن السيد وزير الداخلية عندما تدخل بمقتضى منشور في الموضوع لإصدار تعليماته حول تطبيق القانون المتعلق بنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها نص في الصفحة 53 منه على أن التقادم ينقطع بواسطة التبليغ المنصوص عليه في الإجراءات المتعلقة بمسطرة التصحيح مما ينتج عنه احتساب أجل جديد للتقادم في حدود أربع سنوات يبدأ سريانها ابتداء من تاريخ تسليم التبليغ.
والقضاء المغربي سار في عدة أحكام إلى اعتبار هذا الأجل أجل تقادم ومن ذلك قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 65/22/12 وقرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الصادر بتاريخ 15/12/1982 وحكمك المحكمة الابتدائية بالرباط الصادر بتاريخ: 26/07/190. أما القضاء في مصر وتمشيا مع المشرع المصري فقد اعتبر في عدة أحكام له أن الأجل الذي يسقط فيه حق إدارة الضرائب في فرض هاته الضرائب على الملزمين هو أجل تقادم ومن ذلك الأحكام والقرارات المنشورة في كتاب المستحدث في القضاء الضريبي والذي جاء في إحداها ”إذا كان الثابت أن مصلحة الضرائب قد عملت بواقعة شراء الأطيان المتنازع على إيرادها بتاريخ 30/11/1958 وأخطرت المطعون ضدهم بالرباط التكميلي على إيراد هذه الأطيان في 14/07/1965 فإن الضريبة تكون قد
سقطت بالتقادم الخمسي”. كما أن المشرع الليبي اعتبر بدوره أن هذا الأجل هو أجل تقادم ونص في قانون الضرائب على سقوط حق الحكومة في المطالبة بما هو مستحق لها بمضي خمس سنوات. أما المشرع الفرنسي فقد اعتبر بدوره مثل هذا الأجل في الفصول 169 إلى 189 من كتاب المسطرة الضريبة Livre des procédures fiscales أجل تقادم وقد فرق الأستاذان: Lucien Meht et Pierre Beltrame بين أجل التقادم Les prescriptions الذي تتمتع به الإدارة في تصحيح الإغفالات المتعلقة بالوعاء الضريبي وبين أجل السقوط Les forclusions الذي يتعلق بممارسة مسطرة التظلم والدعوى.
هذا وأن وزارة المالية المغربية مديرية الضرائب حين تدخلت بمذكرتها المتعلقة بشرح الفصل 54 من قانون الضريبة على القيمة المضافة والفصل 51 من قانون الضريبة على الشركات والفصل 113 من قانون الضريبة العامة على الدخل اعتبرت أن الأمر يتعلق بأجل التقادم الذي ينقطع ويتوقف.
والمشرع المغربي نفسه يتدخل أحيانا بنصوص خاصة لإضفاء صفة التقادم المبكر Prescription enticipée على بعض المخالفات الضريبية قصد تشجيع الملزمين على أداء بعض هذه الضرائب كما هو الحال في المادة الثالثة من القانون رقم 90-44 المتعلق بتعديل القانون المالي لسنة 1990 عندما نص على أنه ”مع مراعاة أحكام البند 2 تتقادم قبل الميعاد ووفق الشروط المنصوص عليهما في هذه المادة المخالفات الضريبة المرتكبة قبل فاتح يناير 1990…”.
وعليه وبغض النظر عن بعض التساؤلات التي يمكن طرحها حول بعض المواد الضريبة التي لا تستعمل صراحة صيغة التقادم فإنه يمكن أن نقرر بأن آجال فرض الضرائب بصفة عامة هي آجال تقادم وليست آجال سقوط تبعا لجل النصوص الضريبية التي تنص صراحة على ذلك وحفاظا على الأموال العامة للدولة من الضياع مادام أن أجل التقادم يمكن تمديده ووقفه خلافا لآجالات السقوط التي لا تعتريها هاته الحالات.
المطلب الثاني : التقادم في المادة الضريبية بين القانون الخاص و النظام العام
إن التقادم في المادة المدنية لا يعتبر من النظام العام بدليل أن المشرع المغربي نص صراحة في المادة 382 من قانون الالتزامات والعقود على ”أن التقادم لا يسقط الدعوى بقوة القانون بل لا بد لمن له مصلحة فيه أن يحتج به وليس للقاضي أن يستند إلى التقادم من تلقاء نفسه” وقد اعتبر ذ. الكزيري أن التقادم ليس من الدفوع الشكلية بل هو دفع في الجوهر وعليه لا يستطيع المدعي الذي ردت دعواه على أساسه أن يحدد الدعوى ويجوز التمسك بالتقادم في أية مرحلة من مراحل الدعوى، فهل ينطبق ذلك على التقادم في المادة الضريبية؟ نعتقد أن قوانين الضرائب وإن كانت تعتبر عن القوانين العامة وأن مراقبة إجراءاتها تكون تلقائيا لتحقيق الشرعية والمشروعية إلا أنه في مادة التقادم يتعين الرجوع إلى القانون الخاص مادام أن المشرع نفسه باستعماله لكلمة التقادم وما يعتريه من انقطاع وتوقف يكون قد أحال على هذا القانون، على أن القضاء المصري يشترط صراحة لإثارة التقادم في المادة الضريبية أن يتمسك به صاحب المصلحة كما أن الدكتور عبد الحفيظ عبد الله عيد ذهب في بحثه حول حساب وربط ضريبة الدخل في بحثه حول حساب وربط ضريبة الدخل في الكويت إلى أن ”الدفع بمرور الزمن المانع من سماع الدعوى في مادة الضريبية على الدخل لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع بصيغة واضحة لا تحتمل التأويل”.
لكن متى كان القانون الضريبي ينص على أحكام خاصة بهذا التقادم كما هو الحال في بعض النصوص المتعلقة بالتقادم المبكر فإن هذا التقادم يكون من النظام العام ويتعين إثارته تلقائيا مادام أن المشرع نفسه يريد تحقيق هذا التقادم المبكر متى تحققت الشروط التي بني عليها التقادم وهو ما ذهبت إليه إدارية وجدة في أحد أحكامها عندما صرحت بأن التقادم المبكر يعتبر عن النظام العام متمشية في ذلك مع رأي المفوض الملكي بها الذي أثار هذا الدفع.
بداية مدة اجل التقادم في الوعاء الضريبي
إن مدة أجل التقادم في الوعاء الضريبي تتراوح حسب القوانين الضريبية بين ثلاث سنوات وأربع سنوات وأن الأصل في احتساب مدى التقادم أن تبدأ من يوم اكتساب الحق إلا أنه بالنسبة للمادة الضريبة فإن تحديد بداية هذا الآجال وإن كان في نظرنا يثير بعض الصعوبات نظرا لاختلاف النصوص الضريبية في الصيغ المتعلقة بهاته الحالة إلا أن الأصل العام في هذا الأجل أنه يبتدئ من اليوم من السنة التي تلي السنة المستحقة عنها الضريبة ولو كان الوعاء الموجب للضريبة قد ظهر في بدايتها مادام أن جل النصوص القانونية المتعلقة بالضرائب تشير إلى أحقية الإدارة في تصحيح أوجه النقصان والأخطاء والإغفالات الكلية أو الجزئية الملاحظة في تحديد الأسس المفروضة عليها الضريبة أو في حاب الضريبة ذاتها فيما يتعلق بفترة معينة إلى غاية انصرام السنة الثالثة أو الرابعة للسنة المستحقة عليها الضريبة إضافة إلى أن بعض النصوص الضريبية كالمادة الرابعة من قانون الضريبة العام على الدخل تنص على أن الضريبة تفرض كل سنة على مجموعة أنواع الدخل التي حصل عليها الخاضع للضريبة خلال السنة السابقة وعليه يمكن القول بأن مدة التقادم في الوعاء الضريبي تبتدئ من فاتح السنة الموالية للسنة المستحقة عنها الضريبة وتنتهي في نهاية السنة الثالثة والرابعة حسب الأحوال مع استثناء يتعلق ببعض الضرائب التي يمكن مراجعة السنوات الخمس أو الأربع الأخيرة المتقادمة إذا استنزلت من الحصيلة المتعلقة بتلك السنوات من الحصيلة الخاضعة للضريبة بالنسبة لفترة غير متقادمة. علما بأن القانون الليبي التالي لانتهاء الآجال المحدد لتقديم الإقرار متى تعلق الأمر بالحالات التي يلزم فيها الممول بتقديم هذا الإقرار أما في الحالات الأخرى فمن تاريخ استحقاق الضريبة في حين ينص القانون المصري على أن بدء سريان التقادم بالنسبة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية يبدأ من اليوم الموالي لانتهاء مدة شهرين من انتهاء السنة المالية المطالب بضريبتها ويبتدئ بالنسبة لضريبة الأرباح المهنية من اليوم التالي لانقضاء المهلة المحددة لتقديم الإقرار أما المشرع الكويتي وإن كان لم يتضمن في ضريبة الدخل نصا خاصا فإن بعض دراسي هذا القانون يرون بأن الواقعة المنشئة لضريبة الدخل هي حصول الممول على دخل صاف في نهاية السنة المالية التي تحتسب الضريبة عن أرباحها ومن هنا يبدأ في نظره سريان التقادم المسقط لحق الدولة في المطالبة بدين الضريبة أما في القانون الفرنسي فإن مدة التقادم تبدأ بالنسبة لضريبة الدخل والضريبة على الشركات والشركة المعنية، من بداية السنة الموالية للسنة المستحقة عنها الضريبة وتنتهي بنهاية السنة الثالثة الموالية في حيت تتقادم الضريبة على القيمة المضافة بنهاية السنة الثالثة التي تلي السنة التي أصبحت فيها الضريبة مستحقة وتخضع مدة التقادم في القوانين الضريبية وعلى غرار القانون المدني للتوقف ولانقطاعه فهي تتوقف طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إلى غاية انصرام الشهر الثالث التالي للشهر الذي صدر فيه المقرر النهائي الصادر عن اللجنة المذكورة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة متى تم الطعن أمامها في مقرر اللجنة المحلية. كما نرى أن أجل التقادم يتوقف أيضا طيلة مدة المسطرة القضائية التي تطلب بمقتضاها إدارة الضرائب إلغاء قررا اللجنة الوطنية التي قد تكون أصدرت قرارا بعدم أحقية الإدارة في تضريب أحد الملزمين كما ينقطع التقادم بكل تبليغ تقوم به الإدارة علما بأن بعض القوانين الضريبية المغربية وإن كانت قد عينت نوع التبليغ الذي يقطع مدة التقادم إلا أننا نرى أن هذا التحديد لم يكن على سبيل الحصر وإنما على سبيل المثال وإن كل تبليغ يتعلق بالمطالبة بأداء الضريبة المعنية يقطع التقادم شريطة أن يصل إلى علم الملزم وفق ما ذهب إليه المحكمة الابتدائية بالرباط في أحد أحكامها، وما ذهب إليه القضاء المصري في الحكم رقم 112 لسنة 39 ق عندما نص على أن الإجراء القاطع للتقادم يجب أن يعلم به الممول سواء بتسليمه إليه هو أو من ينوب عنه أو بإعلانه إليه أما القضاء الفرنسي فقد ذهب بدوره في نفس الاتجاه عندما اعتبر أن التبليغ القاطع للتقادم هو الذي يصل إلى عنوان الملزم المعروف من طرف الإدارة قبل نهاية اجل التقادم ومعلوم أن تحصيل مبالغ هاته الضرائب تقوم ببعث قوائمها إلى الخازن العام الذي يتولى مسطرة التحصيل والذي يحدد له المشرع كما سنرى لاحقا أجالا محددة للقيام بمسطرة التحصيل هاته.
لكن ما الحكم فيما إذا تم فرض الضريبة من طرف مديرية الضرائب داخل الآجل القانوني وتم تحرير قوائم هاته المديرية دون العمل على بعثها إلى مصالح الخزينة أو تم بعثها ولكن نشر الجداول تأخر لمدة فاقت المدة المحددة لفرض هاته الضرائب فهل يعتبر تحرير القوائم والتأشير عليها وبعثها إلى الخزينة العامة قصد الاستخلاص قاطعا لأجل التقادم مادام أنه يمكن القول بأن بعث هاته القوائم إلى الخزينة العامة تعتبر مطالبة بأداء هذا الدين مادام أن الفصل 381 من ق ل ع ينص على أن ”التقادم ينقطع بكل مطالبة قضائية أو غير قضائية يكون لها تاريخ ثابت ومن شأنها أن تجعل المدين في حالة مطل لتنفيذ التزامه ولو رفعت أمام قاض غير مختص أو قضى ببطلانها لعيب في الشكل،/ فهل تعتبر مثل هاته المطالبة الموجهة إلى الخزينة العامة قاطعة للتقادم؟
إن هذا التساؤل يبقى مطروحا لكن الاعتقاد أن هاته المطالبة على فرض تسميتها كذلك مادام أن مديرية الضرائب والخزينة العامة جهتان تابعتان لوزارة واحدة هي وزارة المالية لا يمكن أن تدخل في إطار المطالبة القضائية التي تقطع التقادم ولا تتوفر فيها شروط المطالبة غير القضائية مادام أن هاته الأخيرة تقتضي أن تصل إلى علم المدين وهو ما لم يحدث في هاته النازلة. ثم أن المطالبة الإدارية كما يقول ذ الكزبري لا تقوم مقام المطالبة القضائية ولا تقطع مستدلا بقرار صادر عن محكمة النقض بسوريا علما بأن القضاء المصري ذهب في أحد أحكامه إلى أنه لا يغني عن علم الممول بالإجراء القاطع للتقادم مجرد تحرير للنموذج وإرفاق صور منه بملف الموكل والتأشير عليه بمثل تاريخ ورقم الإرسال.
هذا وقبل أنم ننتقل إلى القسم الثاني أو أن أثير إشكالية بمدة التقادم متسائلا عن طبيعة هاته المدة القصيرة نسبيا والتي لا تتعدى أربع سنوات وما إذا كانتا تشمل جميع الملزمين قانونا بأداء الضريبة. أو فقط الملزمين الذين يصرحون طبقا للقانون بهذه الواجبات مادام أن البعض قد يعمد إلى التملص الضريبي عن طريق عدم التصريح، فهل حقوق الدولة تتقادم أيضا اتجاه هؤلاء بالمدة المذكورة أم أنه وقياسا على قانون مدونة التسجيل تحدد مدد أخرى لمن حاول إخفاء واجبه الضريبي بعدم تصريحه؟ وبمعنى آخر فهل يمكن القول بأن التقادم المحدد في النصوص القانونية المذكورة يشمل المصرحين وغيرهم مادام أن إدارة الضرائب ملزمة أيضا بمطالبة الممولين بوضع نص تصريحهم في حالة تخلفهم عن هذا التصريح وأن الجزاء الوحيد في هاته الحالة هو فرض غرامات عن التأخير في التصريح أم يمكن القول بأن إدارة الضرائب تبقى محقة في فرض هاته الضرائب حتى ولو مرت أكثر من المدة المحددة لفرض الضريبة مادام أن الممولين لم يقوموا بواجبهم في الإخبار بالواقعة المنشئة للضريبة؟
إن هذا التساؤل يبقى مطروحا مادام أن النصوص الضريبية في هذا المجال غير واضحة علما بأن إدارية فاس ذهبت في أحد أحكامها حول الضريبة على القيمة المضافة إلى أن: ”منطلق تعلق المادة 54 من قانون 85/35 لحالات تصحيح أوجه النقصان والأخطاء والإغفالات الكلية والجزئية الملاحظة في تحديد الأسس المفروضة عليها الضريبة فيما يتعلق بفترة معينة وليس بمجال وضع تلك الأسس وتحديد الواقعة المنشئة لها الدائرة حولها النزاع فإن إثارة ذلك التقادم الرباعي المرتبط بحق التصحيح المخول للإدارة والبعيد عن قواعد وضع الوعاء الضريبي يبقى عملا مجانيا للصواب” كما ذهب المفوض الملكي بها في إحدى مستنتجاته إلى أن ”احتساب أمد التقادم يتعلق بالأشخاص الذين يتوفرون لدى مصلحة الضرائب الذين يتوفرن لدى مصلحة الضرائب على ملف ضريبي والذين سبق أن قدموا إقرارا برقم معاملاتهم وفق الكيفية المحددة بالقانون رقم 85-35 وأن أجل التقادم في هاته الحالة يطبق فقط على الإدارة في حالة إقدامها على عملية تصحيح الإقرارات المذكورة أو تدارك النقصان الملاحظ في تحديد أساس الضريبة وأن فقراته المتعلقة بسلوك مسطرة اللجان الإدارية التي لا تتصور إلا في حالة المراجعة أو التصحيح لدليل على ذلك أما الحالة التي بين أيدي ”المحكمة” فهي غير معنية بتطبيق الفصل 54 أعلاه باعتبار أن تلك الضريبة فرضت في إطار مسطرة الفرض التلقائي وفي غيبا تقديم الإقرار المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة وفي غياب الملك الضريبي المعد لذلك مما بقي معه الدفع بمقتضيات الفصل 54 من القانون رقم 85-35 غير مؤسس”.
وفي إطار آخر اعتبرت مذكرة السيد وزير المالية – إدارة الضرائب- المتعلقة بشرح قانون المالية لسنة 1980 في جانبه المتعلق بالأرباح العقارية أن نقطة بداية التقادم بالنسبة لإمكانية المراجعة هي إما تاريخ العقد أو تاريخ التصريح لدى مصلحة التسجيل وإما تاريخ التصريح أمام إدارة الضرائب مما يعني أن إدارة الضرائب نفسها تميل إلى أنه حتى في حالة عدم وجود ملف ضريبي لديها يسري التقادم مادام أنها اعتبرت أن تاريخ عقد بيع العقار يعتد به في بداية أجل التقادم إضافة إلى أن إدارية مكناس أجابت في أحد أحكامها عن الدفع بعدم إعمال التقادم بأن الملف خال مما يفيد أن إدارة الضرائب قد قامت بتوجه تنبيه إلى الملزم بالضريبة تدعوه فيه إلى القيام بالتصريح طبقا للفقرة السابقة من الفصل الخامس من قانون الضريبة على الأرباح العقارية وما يستتبع ذلك من إجراءات لذلك فإن تدرع الإدارة بعدم تصريح الملزم بالضريبة بعملية البيع وأن عنوان المدعي كان مغلقا لا يكفي للقول بوجود استحالة واقعية قاطعة للتقادم إذ عليها أن تدلي بما يفيد أنها باشرت الإجراءات في مواجهة المدعي وفقا للعنوان المذكور مع رجوع هذه الإجراءات للعنوان المذكور مع رجوع هذه الإجراءات بالملاحظات أن المحل مغلق”.
لكنا نرى وكحل وسط وفي انتظار تدخل المشرع الضريبي لوضع نص واضح في هذا المجال تانم الأجل القصير يسري في حق الإدارة ولو لم يقم الملزم بالتصريح متى علمت الإدارة بالواقعة المنشئة للضريبة ويمكن إثبات ذلك بجميع الوسائل. أما في حالة عدم ثبوت علم الإدارة لهاته الواقعة فإنه يمكن الرجوع إلى القواعد العامة للتقادم.
المنصوص عليها في الفصل 387 من ق ل ع والتي تحدد أجل تقادم الدعوى الناشئة عن الالتزام في 15 سنة الذي وإن كان يعتبر أجلا طويلا ومتعلقا بقواعد القانون الخاص إلا أن ذلك قد يحفظ حقوق الإدارة من الضياع علما أن المشرع الفرنسي تدخل بمقتضى المادة 187 من كتاب المسطرة الضريبية وأعطى للإدارة أجلا إضافيا قدره سنتان تبتدئ من نهاية مدة التقادم العادية عندما تكتشف غشا ضريبيا لممارسة مسطرة التقويم.
المبحث الثاني : التقادم في مسطرة التحصيل
إن إدارة الضرائب وإن كانت تعتبر إحدى مديريات وزارة المالية طبقا للمرسوم المؤرخ في 22/11/1978 المتعلق بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة المالية والمشار إليه سابقا فإن مهمتها تختلف عن مهمة الخزينة العامة للمملكة التي تعتبر بدورها تابعة لوزارة المالية مادام أن الأولى تتكلف بالإضافة إلى مهام أخرى بتنفيذ النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بميدان فرض الضرائب بينما تتكلف الخزينة العامة بالإضافة أيضا إلى مهام أخرى بتحصيل الموارد العامة ومنها الضرائب المباشرة.
وعليه فإن الخزينة العلامة للمملكة تعتبر الطرف الرئيسي في مسطرة تحصيل الضرائب وأنه طبقا للفصل 515 من قانون المسطرة المدنية يقوم الخازن العام بتمثيل الدولة أمام القضاء في الدعاوي المتعلقة بتحصيل الضرائب وأن عدم إدخاله في مثل هاته الدعاوى يؤدي إلى عدم قبول الدعوى.
المطلب الأول : الأساس القانون لتحصيل الضرائب
إن تحصيل الضرائب يتم وفقا لظهير 21 غشت 1935 المتعلق بتنظيم المتابعات في مادة الضرائب المباشرة والرسوم المشابهة والديون الأخرى المستحقة من طرف أعوان الخزينة.
لكن هل يطبق الخازن العام ظهير 22/11/1924 المتعلق باستخلاص ديون الدولة على مسطرة التحصيل في المادة الضريبية؟
لقد ذهبت بعض الآراء الفقهية إلى أن هذا الظهير بعد أن وقع تعديله لم يعد قابلا للتطبيق بالنسبة للديون المستخلصة من طرف القباضات وبالتالي فإنه لم يبق العمل جاريا به إلا بالنسبة لديون الدولة القابلة للاستخلاص بطرق أخرى. ونحن إذ نتساءل بدورنا عن ميدان تطبيق كل من القانونين ونتمنى تدخلا تشريعيا لإصلاح ما قد يكون في مجال تطبيق هذين القانونيين من غموض نرى أن ظهير 22/11/1924 يطبق بدوره في ميدان لازال يعتمد بعض أحكامه في نصوص صدرت حديثا ومن ذلك المادة 114 من قانون الضريبة العامة على الدخل والمادة 47 من قانون الضريبة على القيمة المضافة والمادة 52 من قانون الضريبة على الشركات وغيرها من المواد التي لازالت تشير إلى أحكام هذا الهير علما بأنه وإن كان الفصل 70 من ظهير 21/08/1935 ينص على إلغاء مقتضيات ظهير 22/11/1924 المذكور في المقتضيات المتعلقة باستخلاص الضر ائب المعينة والأدوات التابعة لها ومحصولات الأملاك المخزنية والديون الأخرى التي للدولة والموكول استخلاصها لقباض الأداءات والضرائب فإنه استثنى في نفس الفصل المقتضيات المتعلقة باستخلاص غير ما ذكر من الضرائب أو من الديون التي للدولة والمقتاضيات المتعلقة بتحرير قائمة الضرائب المقررة… مما نرى أن هذا الاستثناء قد ترك الباب مفتوحا للمزج بين الظهيرين إضافة إلى أن الفصل الأول من ظهير 1924 هو الذي يحدد طريقة استخلاص الضرائب والأدوات المعنية وما أشبهها من الضرائب يتم بموجب جداول أسماء تحرر طبقا لنتائج الإحصاء أو بناء على تصريح الملزم بالأداء بعد تحقيق الإدارة له بمقتضى النصوص الأساسية الراجعة لكل أداء وأن الفصل الثاني منه ينص على أن تاريخ الشروع في استخلاص الجداول ينشر في الجريدة الرسمية كما أن القضاء المغربي ذهب في بعض قراراته إلى أن تحصيل الضرائب وديون الدولة يشتركان في مسطرة المتابعة المنصوص عليها في ظهير 21/08/1935 علما بأن ذ. السماحي اعتبر أن الظهيرين المذكورين يتوليان تنظيم مسطرة المتابعة واستخلاص ديون الدولة بصفة عامة ويدخل في زمرتها الضرائب والرسوم التي في حكمها مضيفا بأنه يجب حاليا إعمال النصين معا مع الأخذ في الاعتبار التعديلات الجزئية المدخلة عليهما من تاريخ صدورهما وخاصة منها تعديلات التنظيم القضائي والمسطرة المدنية وقانون المحاكم الإدارية.
ونحن نعتقد أن على المشرع المغربي التدخل عاجلا لتحديث المشرع المغربي التدخل عاجلا لتحديث هذين القانونين أي ظهيري 1924 و 1935 مادام أن التقادم كاد يلحقهما أيضا إن صح هذا التعبير إضافة إلى أن إحداث نصوص ضريبية جديدة كالتي صدرت في سنوات الثمانينات وبداية التسعينات تقتضي أن يواكب المشرع هذا التحديث وذلك بإصدار مدونة حديثة لتحصيل الضرائب وديون الدولة علما بأن المشرع المغربي وإن كان يعمد بين الفينة والأخرى إلى إصدار تعديلات على ظهير 24 و35 فإن ذلك لا يغني عن تحديث هذين القانونين، أما في الوضع الحالي فإننا نرى أن ظهير 22/11/1924 جاء بداية لاستخلاص جميع الديون المستحقة للدولة في حين جاء ظهير 1935 لوضع ضابط للمتابعات والمطالبات المتعلقة بالديون الضريبية وغيرها من الديون الأخرى المستحقة للدولة بدليل أن المشرع كثيرا ما يحيل على هذه الضوابط في نصوص خاصة كما هو الحال في الديون المتعلقة بالمكتب الوطني للبريد والصندوق المغربي للتقاعد والصندوق المركزي والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي … مما يعني أن هذين الظهيرين يكمل بعضهما الآخر وإن كلا منهما يصلح للتطبيق في المقتضيات المتعلقة به سواء في ميدان تحصيل الضر ائب أو في ميدان تحصيل الديون الأخرى التي للدولة.
وعليه نرى أن الأساس القانوني المعتمد حاليا من طرف الخازن العام في تحصيل الضرائب المستحقة للدولة هما الظهيران المذكوران.
لكن متى تبدأ مسطرة التحصيل لنعرف على ضوء ذلك بدء مدة سريان التقادم في هاته المسطرة؟
المطلب الثاني : بداية مسطرة التحصيل:
إن مسطرة التحصيل في الديون الضريبية التي لا تتولى مصلحة الوعاء تحصيلها تبدأ حيث تنتهي مسطرة فرض الوعاء الضريبي ذلك أن هاته المصلحة الأخيرة تحرر قوائم الضرائب المستحقة على الملزمين ثم تبعث بها إلى الخزينة العامة التي تتولى تحرير جداول بأمر بتنفيذها طبقا لأحكام الفصل الأول من ظهير 22/11/1924 لخازن العام وتودع في المكاتب المكلفة بمباشرة قبضها ثم ينشر تاريخ الشروع في استخلاصها بالجريدة الرسمية ويعتبر هذا التاريخ نقطة انطلاق مسطرة الاستخلاص وبداية حساب تقادم مسطرة التحصيل ويرى البعض أنه: ”أمام عدم الانتشار الواسع للجريدة الرسمية في بلادنا وأمام قلة اطلاع المواطنين والمكلفين منهم على وجه الخصوص عليها وأمام الإصدار المتأخر لها في بعض الأحيان كان أولى بالمشرع أن ينص على بداية احتساب الأجل من تاريخ توصل المكلف بالإشعار الضريبي” هذا وقد ذهبت إدارية وجدة في أحد أحكامها إلى أن المدعية شركة المغرب الشرقي كوماوور لم تدل بما يفيد تاريخ الشروع قانونا في تحصيل هاته الضريبة بل ولم تشر حتى إلى هذا التاريخ مما يجعل الدفع بالتقادم مجردا.
أما بالنسبة للضرائب والرسوم الجماعية فإن مسطرة التحصيل يشير إليها الفصل الثامن من القانون رقم 89-30 المحدث لنظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها عندما ينص على أن هاته الضرائب تحصل بناء على أوامر بالتحصيل في حين ينص الفصل 23 من مرسوم 30/09/1973 على أن: ”تحصيل جميع الديون غير المدرجة في جداول ضرائب الدولة يباشر وفقا للأوامر بالمداخيل الجماعية والفردية التي يضعها ويعمل على تنفيذها الأمر بالصرف الذين يسهرون على نشر التاريخ المحدد للشروع في تحصيلها” وهذه الأوامر تصدر عن رئيس الجماعة كما يمكن أن تصدر عن العامل باعتبارهما آمرين بالصرف إلى القابض البلدي قصد القيام بعملية الاستخلاص مما يعني أن بداية مسطرة التحصيل يحددها القرار الصادر عن الآمر بالصرف شريطة أن يصدر هذا القرار داخل الأربع سنوات التالية لسنة المستحقة عنها الضريبة وإلا أمكن الدفع بتقادم مسطرة الوعاء كما أننا نرى أن يحاط الملزمون علما بهذا التاريخ بجميع الوسائل الممكنة من نشر وتعليق مع الإشارة إلى هذا التاريخ في الأوامر بالاستخلاص ليتمكن الملزمون من معرفته وممارسة حقهم في الدفع بالتقادم إضافة إلى أن ذلك يؤدي بموظفي القباضات البلدية إلى الإسراع ما أمكن بالاستخلاص حتى لا يجابهوا بالتقادم ويؤدي بالتاي إلى تحسين ميزانيات الجماعات المحلية.
أجل التقادم في تحصيل الضرائب:
إن مسطرة تحصيل الضر ائب تجد سندها القانوني في ظهيري 1924 و1935 المشار إليهم أنفا وأنه بالرجوع إلى الفصل العاشر من الظهري الأول والفصل 66 من الظهير الثاني يتبين أن أجل التقادم هو أربع سنوات يبتدئ من التاريخ المعين للشروع في استخلاص الأدوات ومعلوم أن هذا التاريخ تبتدئ من تاريخ نشر الجداول في الجريدة الرسمية أو من التاريخ الذي يحدده الآمرون بالصرف بالنسبة للضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها وبالنسبة لفرنسا فإن مسطرة تحصيل الضرائب تبتدئ بدورها من تاريخ المصادقة على الجدول مكن طرف مفوض الحكومة هذا الجدول الذي قد يكون جماعيا أو فرديا علما بأن إدارة الضرائب تتولى اخبرا الملزم داخل أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ التصديق برسالة مصحوبة بالإعلان بالإدلاء ونسخة من الجدول.
لكن يتعين أيضا التساؤل عن طبيعة هذا الأجل وما إذا كان يعتبر بدوره أجل تقادم أو أجل سقوط ذلك أنه بالجوع إلى الفصل 10 مكن ظهير 1924 والفصل 66 من ظهير 1935 المشار إليهما أعلاه يتبين أنهما لم يستعملا صراحة كلمة التقادم في علاقة الملزم مع الإدارة وإنما جاء بصيغة عامة تفيد عدم أحقية المطالبة بالضرائب المفروضة إذا مرت أربع سنوات ابتداء من التاريخ المعين للشروع في استخلاص الأدوات دون أن يتابع الملزم مع تحصيل المسؤولية لقابض واتجاه الخزينة علما بأنه تمت الإشارة في حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط بتاريخ 26/12/1986 إلى أن المدعي في هذا الحكم دفع بواسطة محاميه بأن ظهير 21/08/1935 لا يقضي بالتقادم بل بسقوط الحق في المطالبة بالدين. وإن أحد الأحكام الصادرة عن محكمة الرباط أشار إلى أنه: ”في مادة رسم الترصيف على الخصوص الذي هو منظم بشكل ظاهر بموجب نفس قواعد رسم أول تشييد للرصيف فقد قرر القضاء بأن نقطة انطلاق أجل السقوط الرباعي الذي تتعرض له ديون الخزينة ليس هو فاتح يناير من سنة إصدار الجدول ولكنه فاتح يناير من سنة إنهاء الأشغال.
إلا أننا نعتقد أن المشرع وإن كان لم يستعمل كلمة تقادم صراحة فإنه لم يكن يريد تطبيق أجل السقوط وإنما جاء بهذه الصيغة لإجبار القابض على القيام بواجبهم أحسن قيام وتحميلهم المسؤولية عهن كل تهاون يقع في جباية الأموال المستحقة للدولة وقد تفهم القضاء المغربي هذا الوضع واعتبر أن صيغة الفصل 66 المشار إليه أعلاه تعني أجل التقادم وهو ما عبرت عنه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في أحد أحكامها عندما اعتبرت أن الدين المطالب به قد تقادم بناء على مقتضيات الفصل 66 من ظهير 1935.
كما نصت المحكمة الابتدائية بالرباط في أحد أحكامها على أنم مرور مدة أربع سنوات بدون أية متابعة بشأن استخلاص الضريبة على قدر المعاملات يجعل المطالبة بأداء هاته الضريبة قد اعتراها التقادم المسقط طبقا للفصل 66 من نفس الظهير المذكور وفي إطار ظهير 1924.
صرحت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ 20/04/1987 بأنه عملا بمقتضيات الفصلين 10 من ظهير 22/11/1927 و99 مكرر من ظهير 09/10/1977 المكون لمدونة الجمارك فإن الحقوق والرسوم التي تتكلف إدارة الجمارك باستخلاصها تتقادم بمرور أجل قدره أربع سنوات ابتداء من تاريخ إصدار الأمر بالاستخلاص.
وعليه بكون أجل استخلاص الضرائب هو أجل تقادم وأن هذا الأجل تعتريه أسباب قطع التقادم طبقا لما هو منصوص عليه في الفصلين 381 و382 من ق ل ع هذه الأسباب التي قد تكون مطالبة قضائية برفع دعوة أمام المحكمة خاصة إذا ما تعلف الأمر ببيع أصل تجاري مادام أن الخزينة العامة يمكنها أن تلجأ إلى حجز هذا الأصل ثم بيعه طبقا للفصل 31 وما بعده والفصل 45 من ظهير 21/08/1935.
كما ينقطع التقادم بحجز أموال المكلف أو بإقرار بأحقية الخزينة في استخلاص الضريبة موضوع المتابعة ويمكن أن تعتريه أيضا أسباب وقف التقادم التي يمكن أن تنطبق على الخزينة العامة بصفتها شخصا عاما يملك امتياز التنفيذ المباشر كالحالة التي يستحيل عليها المطالبة بحقوقها خلال الأجل المقرر للتقادم ”الفقر ة الأخيرة من الفصل 380 من ق ل ع” وهي حالات يرجع فيها المانع من ممارسة الحق إلى ظرف مادي اضطراري يترتب عن القوة القاهرة كما يقول ذ. الكزبوري مثل انقطاع المواصلات بسبب الفيضانات أو نشوب حرب مفاجئة أو حدوث اضطرابات أو قيام فتنة في البلاد أو احتلال جزء من البلاد من طرف العدو، على أن تقدير وجود مثل هاته الظروف التي تقود معها حالات وقف التقادم متروك لسلطة القاضي الذي له أن يعتبرها سببا موقف للتقادم وله أن لا يرى ذلك.
هذا وقد اعتبرت محكمة الاستئناف بالرباط في أحد أحكامها ”أن ما تم تسجيله بسجلات جداول تحصيل الضريبة يعتبر صحيحا لكنه لا يقوم مقام تبليغ الإنذارات القانونية طبقا للفصل 30 من ظهير 1935 وبالتالي فالتسجيل لا يقوم مقام التبليغ، ولما لم يتم تبليغ الإنذارات القانونية طبقا للفصل 30 المذكور فإنه ينتفي أي قطع للتقادم المحدد في أربع سنوات بمقتضى الفصل 66 من الظهير أعلاه ومادامت مدة التقادم قد مرت دون أية متابعة فان استخلاص الضرائب محل النزاع تعتبر قد سقطت بالتقادم في مواجهة الملزم”. وفي القانون المقارن نجد أن المشرع الفرنسي اعتبر أن عدم قيام محاسبي الخزينة أو الإدارة بأية متابعة خلال أربع سنوات متتابعة ابتداء من يوم وضع الجدول موضوع التنفيذ أو من تاريخ تبليغ الإعلان بالتحصيل تسقط جميع الحقوق والمطالبات اتجاه الملزم. وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن هذا الأجل أجل تقادم.
خاتمة
لقد رأينا أن بعض المصالح الضريبية لا تتولى تحصيل الضرائب المفروضة من طرفها وإنما تبعثها إلى الخزينة العامة لتحصيلها مادام الأصل أن يكون كل ما يتعلق بوعاء الضريبة وتحديد قيمتها والتحقيق فيها من اختصاص إدارة الوعاء والمراقبة. في حين تتولى مصلحة أخرى مستقلة طبقا لمبدأ الفصل بين الوظائف مسطرة التحصيل إلا أن المشرع المغربي أسند في بعض النصوص القانونية صلاحية الفرض والتحصيل لبعض الإدارات وهو ما عليه الأمر في كثير من ديون الدولة والمكاتب العمومية. والتقادم في مثل هاته الحالات يقره القانون المحال عليه للاستخلاص ما لم تكن هناك نصوص خاصة.

                                                                                                                           منقول


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جرائم مخالفة قواعد التسيير للشركات

            جرائم مخالفة قواعد التسيير للشركات ﺗﻤﻬﻴﺪ : ﻳﻨﺪﺭﺝ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ...