الحق في تأسيس الجمعيات بين النص القانوني
كثيرا ما يقال أن المجتمع بدون حرية يعني مجتمع الاستبداد، والحرية بدون ضوابط قانونية تساوي مجتمع الفوضى، ومهمة رجال السلطة هي التوفيق بين السلطة و ﺇكراهاتها والحرية و انزلاقاتها. ومن الحريات التي يجب أن يتمتع بها المواطن داخل المجتمع نجد حرية تأسيس الجمعيات المنظمة في المغرب بموجب الظهير الشريف رقم1.58.376 صادر في 15 نونبر 1958 يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات.1 ق … مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة و الجمعوية … يحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي من أجل تحقيق هذه الأهداف”.[5]
فمن خلال هذه المقتضيات يتضح أن المشرع المغربي لم يعتبر فقط أن حق تأسيس الجمعيات هو حق دستوري وإنما نص أيضا على إحداث مؤسسة دستورية تسمى”المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي”. وهي عبارة عن هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية.[6] تناط بها مهام دراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي، يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي ،وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة المسؤولة. فهذا المشروع الطموح الذي يعتبر صراحة اعترافا بمكانة الشباب المهمة داخل المجتمع، يعبر أيضا في صلبه عن تعاقد جديد يهدف إلى دعوة الشباب للعمل المؤسساتي والعمل على الإصلاح والتغيير من داخل المؤسسات وعلى رأسها الجمعيات[7]. فهو إذن يعد قوة اقتراحية في” ميادين حماية الشباب والنهوض وتطوير الحياة الجمعوية”.[8]
إن إحداث هذه المؤسسة الدستورية[9] يدل على الأهمية القصوى التي يحظى بها الحق في تأسيس الجمعيات في ظلال دستور الجديد والذي يراهن من خلاله على الدفع بالمجتمع المدني بالمغرب إلى التقدم والرقي نحو الأفضل وإشراك الشباب في النهوض به لتجاوز ما كان يوصف به من كونه مجتمعا فتيا. ولتحقيق ذلك نجد المشرع المغربي قد وضع مساطر مبسطة لتأسيس الجمعيات تعتبر من ابسط المساطر المعتمدة في غالبية الدول العربية الشقيقة. الهوامش: وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل النهائي وجوبا داخل أجل أقصاه 60 يوما وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها. ويتضمن التصريح ما يلي : – عدد ومقار ما أحدثته الجمعية من فروع ومؤسسات تابعة لها أو منفصلة عنها تعمل تحت إدارتها أو تربطها بها علائق مستمرة وترمي إلى القيام بعمل مشترك؛ ويمضي صاحب الطلب تصريحه وكذا الوثائق المضافة إليه ويشهد بصحتها وتفرض على كلمن القوانين الأساسية ولائحة الأعضاء المكلفين بإدارة الجمعية أو تسييرها حقوقا لتنبر المؤداة – بالنسبة للحجم ، باستثناء نظيرين. وكل تغيير يطرأ على التسيير أو الإدارة أو كل تعديل يدخل على القوانين الأساسية وكذا إحداث مؤسسات فرعية أو تابعة أو منفصلة، يجب أن تصرح به خلال الشهر الموالي وضمن نفس الشروط، ولا يمكن أن يحتج على الغير بهذه التغييرات والتعديلات إلا ابتداء من اليوم الذي يقع فيه التصريح بها. وفي حالة ما إذا لم يطرأ أي تغيير في أعضاء الإدارة يجب على المعنيين بالأمر أن يصرحوا بعدم وقوع التغيير المذكور وذلك في التاريخ المقرر له بموجب القوانين الأساسية.
تلك الحرية التي يستند الحق فيها إلى المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها المغرب[2] والتي تشكل قواعد نموذجية عالمية مستمدة أساسا من مجموعة من المواثيق يمكن تحديدها أساسا في الإعلان العالمي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعترف للأفراد بحق التجمع السلمي والحق في حرية المشاركة مع الآخرين بما في ذلك تشكيل النقابات. والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان التي أكدت في المادة 115 على أنه لكل شخص الحق في حرية الاجتماع السلمي و حرية تكوين الجمعيات، كما أكد الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب على حق كل إنسان أن يكون جمعيات مع الآخرين شريطة أن يلتزم بالأحكام التي حددها القانون.
والمغرب العضو الفعال في المجتمع الدولي والملتزم دستوريا باحترام المعاهدات والمواثيق الدولية التي هو طرفا فيها كان لا بد له أن يأخذ بعين الاعتبار القواعد النموذجية العالمية الخاصة بحرية تأسيس الجمعيات لذلك فقد عبر كباقي دول العالم عن رغبته في ترسيخ دولة الحريات مع مراعاة النصوص الدولية تجلى ذلك من خلال إقراره لظهير 1958 المتعلق بالحريات العامة الذي أقر في جزء منه مبدأ حق تأسيس الجمعيات بغير سابق إذن و لا تصريح ليعلن بذلك انخراطه ضمن الحق القانوني العالمي كدولة مستقلة و ذات سيادة. غير أن التطبيق العملي لهذا الحق أثار جملة من الإشكاليات ارتبطت أساسا بفهم المقتضيات القانونية المنظمة لحق تأسيس الجمعيات مما ساهم في تأويلها تأويلا خاطئا من قبل الإدارة ألحق ضررا بحرية الأشخاص مما استدعى تدخل القضاء لإرجاع الأمور لنصابها.
ومن أجل الإحاطة بماهية هذا الموضوع والإشكالات التي يطرحها وموقف الإدارة والقضاء منها لا بد من الحديث عن النظام القانوني الذي يؤطر حرية تأسيس الجمعيات في – المطلب الأول – ثم التطرق لأهم العراقيل التي تحد من هذه الحرية ودور القضاء في الحد منها – المطلب الثاني
المطلب الأول: نظام تأسيس الجمعيات في القانون المغربي
سوف نعالج نظام تأسيس الجمعيات من خلال فقرتين نتناول في – الفقرة الأولى- التـأصيل القانوني للحق في تأسيس الجمعيات ونخصص – الفقرة الثانية– لمسطرة تأسيس الجمعيات.
الفقرة الأولى: التـأصيل القانوني للحق في تأسيس الجمعيات
نظم المشرع المغربي تأسيس الجمعيات بموجب الظهير الشريف رقم 1.58.376الصادر في 15 نونبر 1958 حيث عرف الجمعية بكونها “اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم”[3].
فمن خلال هذه المادة يتضح أن الجمعية هي إطار للتعاون بين الأشخاص لتحقيق أهداف معينة مشروعة لا يندرج في إطارها جني الأرباح. وتخضع من حيث شروط صحتها للقواعد العامة للالتزامات والعقود.
ونظام تأسيس الجمعيات بالمغرب يعتبر نظاما حرا إذ يعتبر من أهم الحريات العامة التي تحدد مجموع الحقوق والحريات الفردية والجماعية المعترف بها من طرف الدولة، والتي تتحمل مسؤولية ضمان ممارستها. وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من ظهير 1958 الخاص بالجمعيات والذي ينص على أنه ” يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات الفصل5″.
ونظرا لأهمية هذا الحق فالمشرع المغربي قد سمى به إلى مصاف الحقوق الدستورية حيث كرسه في جميع الدساتير التي عرفتها الدولة المغربية ، وتم التأكيد عليه أيضا في الدستور الحالي (2011) الذي اعتبره من أهم الحقوق والحريات الواجب احترامها من طرف السلطات العمومية لفائدة المواطنين الذين يتفقون على التعاون فيما بينهم على استخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الأرباح فيما بينهم.
ولهذه الغاية نجد الفصل 29من الدستور ينص على أن:”حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي ،وتأسيس الجمعيات ، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات كما نص الفصل 33 من الدستور على أنه :”على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقي”.[4]
الفقرة الثانية :مسطرة تأسيس الجمعيات
ينص الفصل الثاني من ظهير 15 نونبر 1958 على أنه “يجوز تأسيس جمعيات الأشخاص بكل حرية ودون سابق إذن بشرط أن تراعى في ذلك مقتضيات الفصل 5″.
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل الخامس[10] نجده قد نص بصيغة الوجوب على أن تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال. و تنص الفقرة الثانية من هذا الفصل على ما يلي:”… وعند استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة اللاحقة يسلم الوصل وجوبا داخل اجل أقصاه 60 يوما وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها”.
وهذا يعني أن المشرع المغربي اعتمد في نظام تأسيس الجمعيات على نظام التصريح و هو نظام محمود بخلاف نظام الترخيص الذي يعتبر نظاما تسلطيا لا يتلاءم وطبيعة الحق في تأسيس الجمعيات، ونظام التصريح يعني أن تقدم الجمعية مباشرة أو بواسطة مفوض قضائي إلى السلطة المحلية ملف تأسيسها وفق الشروط المذكورة أعلاه، تسلم عنه فورا وصلا مختوما ومؤرخا في الحال، ووصلا نهائيا داخل اجل ستين يوما على الأكثر و إلاجاز للجمعية أن تمارس نشاطها.[11] إن نظام التصريح في هذه الحالة يقتضي من الناحية القانونية أن يقوم المصرح بإشعار السلطة أو الإدارة بنية تأسيس لجمعية وإخبارها ليس إلا دونما توقف نشاطه على قرار إيجابي أو سلبي صادر عن هذه الأخيرة[12].
وهذا يعني أن الجمعية تصبح قائمة الذات بمجرد استيفاء شكليات التصريح و أن الوصل المؤقت أو النهائي ليس واقعة منشئة للجمعية لكن غيابه يطرح عدة عراقيل تحول دون قيام الجمعية بنشاطها بشكل عادي.
المطلب الثاني: العراقيل التي تواجه بها حرية تأسيسا لجمعيات بالمغرب
من أهم العراقيل التي تواجه حرية تأسيس الجمعيات نجد امتناع السلطات المحلية الإدارية عن تسلم ملف الجمعية بصفة نهائية وفي حالة تسلمه الامتناع عن تسليم الوصل المؤقت أو النهائي مما يشكل عقبة حقيقية تحد من فعالية وحرية العمل الجمعوي. ومن أجل الإحاطة بالعراقيل التي تواجه حرية تأسيس الجمعيات بالمغرب سوف نعمل على إبراز هذه العراقيل في – الفقرة الأولى – ثم نعمل على البحث في السبل القانونية التي تمكن من تجاوزها في – الفقرة الثانية –
الفقرة الأولى: ماهية العراقيل التي تحد من حرية تأسيس الجمعيات بالمغرب
من أهم السمات المميزة لقانون تأسيس الجمعيات نجد ارتكازها على مبدأ الحرية في التأسيس واعتماد نظام التصريح عند الإيداع وهو تقدم وتطور ينسجم مع منطق الأشياء ومع مقتضيات حقوق الإنسان، لكن البعض يرى أن عدم التدقيق في الصياغة القانونية للفصول والطبيعة المخزنية التسلطية لرجال السلطة وأجهزتها أفرغا هذا المبدأ من محتواه وحولاه إلى نظام ترخيصي وقيدا مبدأ الحرية بحيث أصبح كل ذلك خاضعا لمزاج السلطة ولخصوصيات كلمرحلة وحسب موقف كل راغب في ممارسة الحرية من السلطة وموقف السلطة منه[13].
ومن خلال قراءة في جميع ما يتم تداوله في هذا الشأن يمكن القول بأن العراقيل التي تواجه بها حرية تأسيس الجمعيات في المغرب تنحصر في شكلين من التصرفات وهما:
1) امتناع السلطة الإدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية؛
2) امتناع السلطة الإدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية؛
ففي جميع هذه الحالات نسجل تصرفا سلبيا من جانب الإدارة يتجلى في الامتناع عن القيام بعمل منوط بها بموجب القانون. غير أن الأثر القانوني لهذا الامتناع يختلف حسب الحالة.
1- امتناع السلطة الإدارية المحلية المختصة عن تسلم الملف القانوني للجمعية: تحصل هذه الحالة غالبا لما يتعلق الأمر بجمعية ذات أهداف غير مرغوب فيها من طرف الدولة ، أو عندما يكون مكتب الجمعية يضم من بين أعضائه أشخاصا يتبنون أفكارا أو مبادئ تتنافى مع مقدسات الدولة. حيث غالبا ما توجه تعليمات للموظفين المكلفين بتسلم ملفات الجمعيات بعدم تسلم هذا النوع من الملفات. وفي هذه الحالة نجد المشرع المغربي قد ملأ الفراغ وتدخل لينص في الفصل 5 على أنه”يجب أن تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي”[14] حيث أنه فبالحالة التي يمتنع ممثل السلطة المحلية من تسلم ملف الجمعية تبقى الإمكانية مفتوحة أمام المعني بالأمر للجوء إلى تبليغ الملف عن طريق عون قضائي.[15]
فالمفوض القضائي مؤهل للقيام بعملية إيداع ملف الجمعية أمام السلطة الإدارية المحلية المختصة بناء على طلب من المعنيين بالأمر، ويقوم حسب الحالة بتحرير محضر تبليغ أو محضر امتناع عن التسلم يتم الرجوع إليه عند الاقتضاء. ويوفر في هذه الحالة للطرف المعني دليلا على امتناع الإدارة من القيام بواجبها ويمكنه بناء على ذلك تقديم الطعن أمام الجهة القضائية المختصة، وذلك على خلاف الحالة التي يكون فيها الرفض شفويا حيث يصعب على الطاعن إثباته أمام القضاء خصوصا في حالة عدم الاعتراف بذلك من طرف الإدارة. وللإشارة فإن غالبية المواطنين يلجئون في تطبيق هذه المسطرة إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات للحصول على أمر قضائي بالتبليغ في إطار مقتضيات الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالأوامر المبنية على طلب. والحال أن القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين يخولهم الحق في القيام بهذا الإجراء دون الرجوع لرئيس المحكمة وفي ذلك امتياز لطالب إجراء التبليغ يتجلى في ربح الوقت واقتصاد النفقات. لكن رغم ذلك فهذا الإجراء لا يخلو اللجوء إليه من صعوبات مادية تثقل كاهل المواطنين بنفقات إضافية هم في واقع الأمر معفون منها و قد تكون بداية لنفقات أخرى في حالة إحجام السلطة المحلية عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي وتفضيل المتضرر اللجوء إلى القضاء.
1) امتناع السلطة الإدارية المحلية المختصة عن تسليم الوصلين المؤقت والنهائي للجمعية:
نقرأ في العديد من الصحف والجرائد اليومية والمواقع الالكترونية معاناة بعض الجمعيات حول الحصول على وصل إيداع الجمعية سواء المؤقت أو النهائي. ويحصل ذلك لما يظهر بعد إيداع الملف والقيام بالأبحاث المخولة للسلطة المحلية المختصة بتسلم الملف بموجب الفصل الخامس كما تم تعديله [16] أن بعض أو كل أعضاء الجمعية لهم انتماءات سياسية أو دينية متطرفة أو اعتناقهم لأفكار من شأنها المس بمقدسات الدولة أو أن الجمعية تخفي وراء نشاطها المعلن أنشطة أخرى قد تحقق إضرارا بالمصالح العليا للدولة. فتمتنع عن تسليم الجمعية المعنية الوصل المؤقت أو النهائي حسب الحالة مما يجعلها في وضع بين المنزلتين، فهي من الناحية القانونية قد تأسست بمجرد استيفاء الشكلية المتعلقة بإيداع التصريح مكتملا طبقا لما نص عليه الفصل الخامس ويجب تمكينها من الوصل النهائي داخل أجل أقصاه ستون يوما ، وفي حالة الإخلال بهذا الواجب تصبح الجمعية قائمة الذات بصفة قانونية ويمكنها ممارسة أنشطتها وفقا للأهداف المسطرة في قوانينها.
لكن من الناحية العملية فهي لا يمكنها ممارسة أي نشاط بصفة قانونية ، حيث لا يمكنها استعمال القاعات العمومية في اجتماعاتها، ولا يمكنها تنظيم المظاهرات والمواكب والاستعراضات بالطرق العمومية ، و لا يمكنها فتح حساب بنكي لدى المؤسسات المصرفية ولا الحصول على دعم من إحدى المؤسسات أو المصالح التابعة للدولة لأنه عمليا يتطلب للقيام بكل ذلك تقديم الوصل النهائي للجمعية. وفي غيابه فالجمعية تضل معطلة عن أداء مهامها بل أكثر من ذلك فقد يتعرض أعضاؤها للمضايقات وربما المتابعات القضائية بتهمة الانتماء لجمعية غير معترف بها على الرغم من أن هذه التهمة لا وجود لها في القانون المغربي. إذن فالعديد من الجمعيات التي لا تتوفر على الوصل النهائي وتستمر في العمل، فإن الوضع القانوني غير المؤكيفقدها توازنها، ويحد من أنشطتها، ويخيف بعض أعضائها الحاليين والمحتملين.. [17]
لتجاوز ذلك نجد تقريرا صادرا عن منظمة هيومن رايتس ووتش سنة 2009 قد قام برصد مختلف الخروقات القانونية ودعا المغرب إلى وقف المناورات البيروقراطية المتفشية التي تقوض حرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك الامتناع عن تسجيل المنظمات المدنية في انتهاك للقوانين المغربية. معتبرا أن”حرية تكوين الجمعيات: نظام تصريحي بالاسم فقط”، وورد في التقرير أن الممثلين المحليين لوزارة الداخلية يرفض ونفي كثير من الأحيان قبول وثائق التسجيل عندما تكون أهداف أو أعضاء مجموعة ما لا تروق للسلطات.[18] وفي نفس السياق أكدت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أنه عندما يتعلق الأمر بحرية تكوين الجمعيات،كما هو الحال بالنسبة لعديد من قضايا حقوق الإنسان الأخرى، يسن المغرب تشريعات تقدمية، ولكن الإدارة تفعل بعد ذلك ما يحلو لها”.[19]
وبعدما كثر الحديث عن اتهام وزارة الداخلية بخرق القوانين المنظمة لحرية تأسيس الجمعيات ، تم طرح هذا الأمر في جلسة للأسئلة الشفوية بالبرلمان حيث أكد وزير الداخلية في معرض جوابه عن ذلك أن التعديلات التي أدخلت على القانون أصبح معها الوصل مجرد تأكيد على وضع الملف بشكل كامل بالإضافة إلى وجود عدة ضمانات منها العون القضائي وكذلك اللجوء إلى القضاء وحتى بعد مرور ستين يوما فالجمعية تعتبر قانونية، وعلى صعيد الأرقام أشار إلى انه منذ سنة 2010 إلى الآن تمت المصادقة على2000 جمعية منها 104فقط لم تتسلم الوصل، خاتما جوابه أن الدستور الجديد أصبح يفرض مراجعة القانون المنظم بما ينسجم والتوجه الجديد للدولة.[20] .
فكما سبقت الإشارة فإنه لا يكفي وضع نظام قانوني متطور و يتم تقويض دعائمه خلال الممارسة العملية لأن الاختبار الحقيقي لحكومة متنورة هو الطريقة التي تعامل بها الجمعيات والمنظمات الأكثر إثارة للجدل ، وحيث إن الإدارة ما هي إلا طرف في العملية ويبقى للقضاء الحق في مراقبة أعمالها وتصحيح هفواتها فإننا نتساءل عن أي دور لعبه القضاء المغربي في ضمان احترام حرية تأسيس الجمعيات؟
الفقرة الثانية : دور الاجتهاد القضائي في الحد من عرقلة حرية تأسيس الجمعيات
إن دمقرطة المؤسسات تقتضي بسط القضاء لمراقبته على أعمال الإدارة ، وكل سلوك يصدر عن هذه الأخيرة فيه مخالفة للقانون يجب أن يكون موضوعا للطعن أمام القضاء الذي يتوفر على كامل الصلاحية لتصحيح السلوكات المشوبة بعيب مخالفة القانون أو الشطط في استعمال السلطة. وفي هذا الإطار نجد العمل القضائي قد دأب على إلغاء مجموعة من القرارات الإدارية الصريحة أو الضمنية القاضية برفض تسلم ملف الجمعية أو تسليم الوصل المؤقت و النهائي عنه.
فقد قضت المحكمة الإدارية بالرباط حديثا بإلغاء القرار الضمني لممثل السلطة المحلية الذي رفض تسلم ملف جمعية مستندة في ذلك على أحكام الدستور الجديد ومقتضيات ظهير 1958 الخاص بالجمعيات. ومما ورد في هذا الحكم القضائي الهام ما يلي: “حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن قائد …… والقاضي برفض تسلم الملف القانوني للجمعية مع ترتيب جميع النتائج القانونية على ذلك، حيث تخلف المطلوب في الطعن عن الجواب رغم التوصل وحيث ينص الفصل 12 من الدستور على أنه “تؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ،وتمارس أنشطتها بكل حرية في نطاق احترام الدستور والقانون. لا يمكن حل هذه الجمعيات أو المنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية إلا بمقتضى مقرر قضائي” وحيث ينص الفصل 15 من الظهير الشريف رقم 1.58.376 صادر في 15 نونبر 1958 الضابط لحق تأسيس الجمعيات كما وقع تغييره وتتميمه بأنه ” تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه وصل مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به المشار إليها في الفقرة الثالثة بعده، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء”.
وحيث إن رفض قائد قيادة …. تسلم ملف الجمعية وتسليم الوصل المؤقت حسب الثابت من محضر المفوض القضائي لعدم الاختصاص رغم كونه مختص قانونا بتسلم الملف وتسليم التوصيل رغم توافر الملف على سائر الوثائق المتطلبة قانونا يشكل مخالفة دستورية لحرية تأسيس الجمعيات وللنظام التصريحي -وليس الترخيصي – الذي تقوم عليه والذي لا يمنح للإدارة أي صلاحية تقديرية بشأن التصريح مما يجعل القرار الإداري المطعون فيه يشكل اعتداء على صلاحية السلطة القضائية باعتبارها الجهة الوحيدة المخول لها دستوريا توقيف الجمعية أو حلها . وحيث إن صيرورة القرار الإداري المطعون فيه منعدما باعتباره يشكل اعتداء ماديا على حق تأسيس الجمعيات، بشكل يجرده من المشروعية يجعله مشوبا بعيبي مخالفة القانون وعدم الاختصاص وحليفه الإلغاء”.[21]
يتضح إذن من خلال حيثيات هذا الحكم أن القضاء استند على مقتضيات دستورية للقول بعدم شرعية القرار الإداري القاضي برفض تسلم الملف القانوني للجمعية نافيا أن يكون للإدارة أي دور في مراقبة مدى قانونية أو شرعية الجمعية بمناسبة تأسيسها حيث يقتصر دور السلطة المحلية على مراقبة توفر الوثائق المطلوبة في تكوين الملف ثم الإشهاد على هذه الواقعة من خلال تسليم وصل الإيداع.
وفي نازلة أخرى ألغى القضاء الإداري القرار الضمني لرئيس المنطقة الحضرية تطوان الأزهر القاضي برفض تمكين جمعية من وصل إيداع ملفها التأسيس وذلك لمخالفته لمقتضيات الفصل 5 من القانون المتعلق بحق تأسيس الجمعيات ومن حيثيات هذا الحكم[22]ورد ما يلي:” وحيث في نازلة الحال ، لا تنازع الإدارة في أن الطاعنة قد تقدمت بتصريح بالتأسيس في إطار الفصل المذكور منذ 04/01/2006 دون أن تمكنها لا من الوصل المؤقت رغم التنصيص على فورية تسليمه ولا من الوصل النهائي رغم مرور أجل 60 يوم على واقعة إيداع التصريح .
وحيث يقتصر دور السلطة الإدارية المحلية في إطار مقتضيات الفصل 5 المشار إليه على تلقي التصريح بتأسيس الجمعيات وتسليم الوصل المؤقت فورا ثم إحالة نسخة من التصريح على النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية لإبداء رأيها للانتقال إلى مرحلة تسليم الوصل النهائي إثر مرور60 يوم على الإيداع الأول ، مما حاصله أن الرقابة التي تجريها الإدارة على التصريحات المذكورة لا تستدعي مبادرتها إلى اتخاذ إجراءات انفرادية كسلطة إدارية من خلال الامتناع عن تسليم الوصلين المذكورين ، بقدر ما تسمح لها بتحريك طلب التصريح ببطلان الجمعية أو حلها لدى الجهة القضائية المختصة في إطار الفصل 7 من نفس القانون . وحيث بإحجامها عن تمكين الطاعنة من وصل التأسيس النهائي ، تكون الإدارة قد خالفت مقتضيات الفصل 5 من القانون المتعلق بحق تأسيس الجمعيات ، ويتعين الحكم بإلغاء قرارها المذكور .”[23]
وفي قرار آخر اعتبرت نفس المحكمة أن تسليم الوصل المؤقت والنهائي لا يعتبر قرارا إداريا منشئا لمراكز قانونية وإنما هو مجرد إشهاد على واقعة مادية ، حيث اعتبرت المحكمة أنه “طبقا لمقتضيات المادة 8 و20 من القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبهما محاكم إدارية ،فإن العمل الإداري الذي يقبل الطعن عن طريق دعوى الإلغاء، هو الذي ينطبق عليه وصف”القرار الإداري ، وهذا الأخير كما استقر على تعريفه الفقه والقضاء هو إفصاح الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة بقصد إحداث تأثير في المركز القانوني للمخاطب به أو تعديله أو تغييره . وهو بذلك يشترط فيه استيفاؤه لمجموعة من المقومات الجوهرية تتمثل في صدوره عن سلطة إدارية وطنية، ومؤثرا الوضع القانوني للطاعن ، وأن يكتسي صبغة نهائية . ويترتب على العنصر الثاني أن الإجراءات التي ينتفي عنها الطابع التقريري وتكتفي فقط بالإشهاد على واقعة معينة دون أن تكون منشئة لها ، لا تعتبر قرارات إدارية وتستبعد بالتالي من نطاق دعوى الإلغاء .
وحيث في نازلة الحال ، فإن الوصل النهائي المطعون فيه لا يخرج في مدلوله عن كونه مجرد إشهاد بواقعة مادية تتمثل في توصل السلطة المحلية بملف التصريح بتأسيس اتحاد الملاك المشتركين لإقامة “الزيتونة”، بصرف النظر عن سلامة وقانونية ذلك التأسيس من عدمها والتي يرجع أمر الحسم فيها إلى الجهة المختصة ، سيما و أن الطاعنين يقران بأن ذلك التصريح أخذ شكلا لتصريح بجمعية، وهو ما يجعل السلطة المذكورة ملزمة بتسلمه ومنح الوصلين المؤقت والنهائي بشأنه حتى ولو كان التأسيس المصرح به غير قانوني ، في ظل نظام تأسيس الجمعيات المعتمد من طرف المشرع المغربي القائم على التصريح فقط دون حاجة إلى ترخيص مسبق ، ويتوجب على المعني بالأمر اللجوء إلى مسطرة التصريح بحل الجمعية في حالة مخالفتها للقانون .
وحيث تبعا لذلك ، يكون الإجراء المطعون فيه يفتقد لمواصفات القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء ، ويتعين التصريح بعدم قبوله”.[24]
وهذا الاتجاه الذي كرسته المحكمة الإدارية يؤكد ما سبقت الإشارة إليه من كون السلطة الإدارية المحلية المختصة بتسلم ملف التصريح بتأسيس الجمعية لا حق لها بتاتا في مناقشة مشروعية أو عدم مشروعية الجمعية حيث يبقى ذلك من اختصاص القضاء ويقتصر دور السلطة المحلية على الإشهاد على واقعة إيداع ملف الجمعية.
إذن يتضح من خلال ما سبق أن القضاء الإداري قد ساهم بشكل فعال في تصحيح سلوك الإدارة وضمان احترام النصوص القانونية المعمول بها.
[1] -الجريدة الرسمية عدد 2404 مكرر بتاريخ 27 نونبر 1958 ص 2849. كما تم تغييره و تتميمه بموجب القوانين التالية:
– الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 283-73-1 بتاريخ 10 ابريل 1973 ج ر عدد 3154 بتاريخ 11 ابريل 1973 ص 1064.
– المرسوم رقم 719-92-2الصادر في 28 سبتمبر 1992 ج ر عدد 4169 مكرر مرتين بتاريخ 28 سبتمبر 1992 ص 1214.
– القانون رقم 93-34 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 260-94-1 بتاريخ14 يونيو 1994 ج ر عدد 4259 بتاريخ 15يونيو 1994 ص 906.
– القانون رقم 00-75 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 206-02-1بتاريخ 23 يوليو 2002 ج ر عدد 5046 بتاريخ10 أكتوبر 2002 ص 2892.
– القانون رقم 04-36 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 18-06-1 بتاريخ14 فبراير 2006 ج ر عدد 5397 بتاريخ 20فبراير 2006 ص 466.
– القانون رقم 09-07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 39-09-1 بتاريخ18 فبراير 2009 ج ر عدد 5712 بتاريخ 26فبراير 2009 ص 614.
– القانون رقم 11-29 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 166-11-1بتاريخ 22 أكتوبر 2011 ج ر عدد 5989 بتاريخ 24 أكتوبر 2011 ص 5172.
[2] – وذلك لأن عملية إعمال حقوق الإنسان هي عملية شاقة ومستمرة كما أكد على ذلك صاحب الجلالة بقوله:”…إن مسار النهوض بحقوق الإنسان يظل شاقا و طويلا ، ولا حد لكماله ، مما يتطلب انخراطا جماعيا ، بإرادة لا تعرف الكلل و بالتالي فإن حقوق الإنسان ليست أفقا محدودا ، وإنما هي حركية مستمرة ، و منظومة مترابطة في أبعادها الديموقراطية والتنموية. كما أنها تقتضي إيجاد مؤسسات وآليات ناجعة للنهوض بها وحمايتها. لذا فإننا مصممون على تدعيمها بفتح أوراش هيكلية كبرى، نتوخى منها صيانة كرامة مواطنينا وتحقيق العدالة بمفهومها الشامل ، القضائي و الاجتماعي والاقتصادي…”، مقتطف من الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس نصره الله بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 دجنبر 2008.
[3] – الفصل 2 من ظهير 1958 المتعلق بتأسيس الجمعيات
[4] – وهو أمر ينسجم مع جميع المقتضيات الدولية التي تنص على حرية تأسيس الجمعيات وتخول القانون وحده إمكانية الحد من هذه الحرية (أي بعمل المشرع دون سواه من الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية أو الإدارة)، ونورد المقتضيات التالية تعميما للفائدة:
المادة 22 (فقرة 2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: تنص على انه:” لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.”
المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية: تنص على أنه:”- تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة ما يلي:
أ – … ولا يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو النظام العام أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم؛
المادة 11 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية(1953) تنص على أنه “لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذه الحقوق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة، للوقاية من الاضطرابات و الجرائم، لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة أو موظفي الدولة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.”
المادة 16 من الاتفاقية الأميركية لحقوق الإنسان (1978) تنص بدورها على أنه:”لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذه الحقوق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخر ينوحرياتهم. راجع للمزيد من المعلومات: ذ غسان مخيبر : “حرية الجمعيات في القانون الدولي:بحثا عن معايير”، المجلة الالكترونية العدد 17.
[5] – وإلى جانب ذلك نص الفصل 170 من الباب الثاني عشر المتعلق باليات الحكامة الجيدة وخاصة فيما يخص الشأن الشبابي حيث جاء فيه أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المحدث بموجب الفصل الثالث الثلاثون من الدستور “يعتبر هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية وهو مكلف بدراسة و تتبع المسائل التي تهم هذه المسائل وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي وتنمية طاقاتهم الإبداعية وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية بروح المواطنة والمسؤولية ”
[6] – حيث أكد صاحب الجلالة نصره الله في خطابه بتاريخ 17 يونيو2011 أثناء تقديمه للمحاور الكبرى لمشروع الدستور متحدثا عن هذه الهيئة الشبابية “… وعملا على تمكين الشباب من فضاء مؤسسي للتعبير والنقاش فقد حرصنا على احداث مجلس للشباب والعمل الجمعوي يشكل قوة اقتراحيه لتمكينهم من المساهمة بروح الديمقراطية والمواطنة في بناء مغرب الوحدة والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
[7] – انظر مقال منشور بالموقع الالكتروني: hespress.com/opinions/64756.html للباحث هشام فحايلي. زيارة الموقع تمت بتاريخ15 ماي 2013. وللاطلاع على التحديات المطروحة على هذا المجلس المرجو الرجوع إلى نوفل البعمري :”وجهة نظر حول المجلسالاستشاري للشباب والعمل الجمعوي” مقال منشور على الموقع الالكتروني:hespress.com/opinions/63134.html زيارة الموقع تمت بتاريخ 02 ماي 2013
[8] – عبد الرحمن طه:”المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي…..والمهام المنتظرة “، مقال منشور على الموقع الالكتروني: jjdmaroc.ma/spip.php?article124زيارة الموقع تمت بتاريخ 20 ماي 2013.
[9] – ولتنزيل هذا المقتضى الدستوري تنزيلا صحيحا تم إحداث منتدى بدائل المغرب الذي عمل على تنظيم ورشة للمصادقة على دراسة و مقترح قانون تنظيمي حول المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يوم الجمعة 15 فبراير2013 بالرباط. تأتي هذه الورشة التي سيساهم فيها باحثون/ات ومختصون/ات وفاعلون/ات جمعويون/ات كتتويج للقاءات الجهوية والوطنية والورشات التي نظمها منتدى بدائل المغرب حول”المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي” ضمن مقاربة تشاركية تستند إلى تمكين الفاعلين من مختلف مواقع فعلهم الجمعوي والشبابي والأكاديمي من تقديم تصوراتهم، وآرائهم ومقترحاتهم في الموضوع في أفق تنظيم مسلسل للمرافعة عليها لدى مختلف مواقع القرار. وقد عرفت هذه اللقاءات تقديم وتدارس تجارب متعددة ومتنوعة دولية ووطنية ومحلية لمجالس الشباب والعمل الجمعوي، ودراسات مقارنة بين الدستور المغربي ودساتير دول أخرى حول مجالس الشباب و مجالس الحياة الجمعوية والقوانين المنظمة لهذه المجالس. شارك فيها860 مشاركة ومشارك ممثلين ل 380 جمعية وشبكة. وساهم في تأطيرها 32 أستاذ(ة) من الباحثين والمختصين، والفاعلات والفاعلين الجمعويين. وتمثل مسودة مقترح القانون التنظيمي للمجلس الاستشاري والعمل الجمعوي والدراسة المعدة حول التجار بالوطنية والدولية للمجالس الشباب ومجالس العمل الجمعوي، حصيلة النقاشات والمساهمات التي عرفتها هذه اللقاءات، والأبحاث والدراسة المقارنة التي قام بها الأستاذ نذير المومني حول المجالس الوطنية للشباب وكذا مجالس الشباب والعمل الجمعوي في دول أخرى، كما تقدم الدراسة بعض التحديات العملية والقانونية المطروحة أمام إنشاء المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. انظر حورية إسلامي رئيسة منتدى بدائل المغرب مقال منشور بالموقع الالكتروني: boudenib.com/?p=5348
[10] – ينص الفصل 5 على ما يلي:”يجب أن تقدم كل جمعية تصريحا إلى مقر السلطة الإدارية المحلية الكائن به مقر الجمعية مباشرة أو بواسطة عون قضائي يسلم عنه مؤقت مختوم ومؤرخ في الحال وتوجه السلطة المحلية المذكورة إلى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المختصة نسخة من التصريح المذكور وكذا نسخا من الوثائق المرفقة به المشار إليها في الفقرة الثالثة بعده، وذلك قصد تمكينها من إبداء رأيها في الطلب عند الاقتضاء.
– إسم الجمعية وأهدافها؛
– لائحة بالأسماء الشخصية والعائلية وجنسية وسن وتاريخ ومكان ازدياد ومهنة ومحل سكنى أعضاء المكتب المسير؛
– الصفة التي يمثلون بها الجمعية تحت أي اسم كان؛
– صورا من بطائقهم الوطنية أو بطائق الإقامة بالنسبة للأجانب ونسها من بطائق السجل العدلي؛
– مقر الجمعية؛
وتضاف إلى التصريح المشار إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل القوانين الأساسية و تقدم ثلاثة نظائر عن هذه الوثائق إلى مقر السلطة الإدارية المحلية التي توجه واحدة منها إلى الأمانة العامة للحكومة.
ويسلم وصل مختوم ومؤرخ في الحال عن كل تصريح بالتغيير أو بعدمه.
[11] – خالد الإدريسي: ” حرية تأسيس الجمعيات بالمغرب في النص القانوني “مقال منشور في جريدة التجديد ليوم 29 – 06 – 2012
[12] – نظر مقال منشور بالموقع الالكتروني : .startimes.com/f.aspx?t=20459533
تحت عنوان “النظام القانوني للعمل الجمعوي في المغرب من التأسيس الى الحل”زيارة الموقع تمت بتاريخ 30 ماي 2013.
[13] – أنظر عمر إحرشان الحريات العامة في المغرببين مبدأ التصريح وواقع الترخيص مقال منشور على الموقع الالكتروني .aljamaa.net/ar/document/2248.shtml زيارة الموقع تمت بتاريخ 15 ماي 2013.
[14] – وقد يفضل البعض توجيه ملف الجمعية إلى السلطة الإدارية المحلية المختصة عن طريق البريد المضمون فهل تقوم هذه الوسيلة حجة على إيداع الملف؟ في اعتقادنا المتواضع فالبريد المضمون ليس وسيلة لإيداع ملف الجمعية لدى السلطة المحلية المختصة لأن الفصل الخامس من القانون الخاص بتأسيس الجمعيات نص على وسيلتين على سبيل الحصر ولم يشر إلى إمكانية استعمال وسائل أخرى من جهة ولكون التبليغ بالبريد المضمون يتيح للإدارة الإمكانية للمجادلة في موضوع المراسلة الواردة بهذه الوسيلة لأنها تخص تبليغ الظرف ولا يمكنها إثبات محتواه.
[15] – تنص المادة 15 من الظهير الشريف رقم 23-06-1 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم03-81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين (الجريدة الرسمية رقم 5400 الصادرة يوم الخميس 2 مارس 2006). على أنه “يختص المفوض القضائي بصفته هاته ، مع مراعاة الفقرة الرابعة من هذه المادة ، بالقيام بعمليات التبليغ وبإجراءات تنفيذ الأوامر و الأحكام والقرارات وكذا كل العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية ، مع الرجوع إلى القضاء عند وجود أي صعوبة ، وذلك باستثناء إجراءات التنفيذ المتعلقة بإفراغ المحلات و البيوعات العقارية وبيع السفن والطائرات والأصول التجارية.
يتكلف المفوض القضائي بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية وغيرها من القوانين الخاصة ، وكذا استدعاءات الحضور المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية ،ويمكن له أن يقوم باستيفاء المبالغ المحكوم بها أو المستحقة بمقتضى سند تنفيذي وإن اقتضى الحال البيع بالمزاد العلني للمنقولات المادية.
يقوم المفوض القضائي بتبليغ الإنذارات بطلب من المعني بالأمر مباشرة ما لم ينص القانون على طريقة أخرى للتبليغ.
ينتدب المفوض القضائي من لدن القضاء للقيام بمعاينات مادية محضة مجردة من كل رأي ، ويمكن له أيضا القيام بمعاينات من نفس النوع مباشرة بطلب ممن يعنيه الأمر”.
[16] – حيث أضيفت إليه فقرة أخيرة تخول للسلطات العمومية التي تتلقى التصريح بتأسيس الجمعيات إمكانية إجراء الأبحاث والحصول على البطاقة رقم 2 من السجل العدلي للمعنيين بالأمر.
[17] – تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش سنة 2009 حول حرية تكوين الجمعيات بالمغرب
[18] – وقالت سارة ليا ويتسن: “إن نسبة تكرار رفض إصدار وصول الإيداع من طرف المسؤولين المحليين في جميع أنحاء البلاد يدل على أن هؤلاء المسؤولين على المستوى الوطني يتغاضون عن هذه الممارسة”، وأضافت: “إنهم بحاجة إلى تجسيد الإرادة السياسية على المستوى الوطني، ومطالبة المسؤولين المحليين بالانصياع للقانون”.
[19] – ويشمل التقرير أكثر من 10 دراسات حالة من الجمعيات التي كانت الحكومة قد حرمتها من “وصل الإيداع” كإقرار بالتسجيل، مما يعرقل أنشطتها. وتشمل هذه جمعيات محاربة الفساد و آخري معنية بتعزيز حقوق خريجي الجامعات العاطلين عن العمل،و الأمازيغ (البربر)، والصحراويين، و مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء. وتوجد هذه المجموعات بالمدن في أنحاء البلاد وبالصحراء المغربية. كما تقوض الإدارة مجموعات خيرية و تربوية كثيرة على ما يبدو لأن قياداتها تضم أعضاء من جمعية العدل والإحسان، واحدة من أنشط الحركات الإسلامية بالمغرب.
[20] – التصريح المنسوب للسيد وزير الداخلية قدمه خلال الجلسة المخصصة للأسئلة الشفوية بالبرلمان خلال جلسة يوم 7 ماي 2012 وهو منشور بالموقع الالكتروني :
gpi.ma/Questions%20orales/Questions%20du%207%20-5-12.html زيارة الموقع تمت بتاريخ 20 ماي 2013.
[22] – وقد قام ذ محمد أقديم النقيب السابق بهيئة الرباط بالتعليق على هذا الحكم ونورد ملخص هذا التعليق لتعميم الفائدة:” يتبين من واقع النازلة أن الحكم الصادر صادف الصواب فيما قضى به؛ اعتمادا على المقتضيات القانونية المطبقة، وخاصة الفصل الخامس من الظهير المؤسس للجمعيات، ورغم أن التعليل المعتمد يمكن الاختلاف معه؛ في الجزئية المتعلقة بإقرار الإدارة، إلا أن النتيجة المتوصل إليها منطقية، وتتماشى مع منطوق وهدف الفصل الخامس، فالحكم ينصفي فقرته الثانية المتعقة بالتعليل؛ على أن الإدارة لا تنازع الطاعنة؛ في أنها تقدمت بتصريح لها بالتأسيس في إطار الفصل المذكور منذ ,2006/1/4 دون أن تمكنها لامن الوصل المؤقت رغم التنصيص على فورية تسليمه، ولا من الوصل النهائي؛ رغم مرور أجل ستين يوما على واقعة إيداع التصريح. إن الإدارة حسب الحكم نفسه لم تحضر بجلسة البحث بتاريخ ,2007315 كما لم تحضر بأية جلسة من الجلسات المشار لها، وعدم حضورها يعني أنها تناقش، ولم تقدم أي مذكرة في الشكل أو الموضوع. و القول إنها أقرت بجدية التصريح، وبالتالي فالإقرار وفق ما هو منصوص عليه في المادة 405 من قانون الالتزامات و العقود؛ هو إقرار قضائي أو غير قضائي، فالقضائي هو الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك إذنا خاصا، والإقرار الحاصل أمام قاضي غير مختص، والصادر في دعوى أخرى، يكون له نفس أثر الإقرار القضائي. و تنص مقتضيات الفصل 406 على أن الإقرار القضائي يمكن أن ينتج عن سكوت الخصم، عندما يدعوه القاضي صراحة إلى الإجابة عن الدعوى الموجهة إليه، فيلوذ بالصمت، ولا يطلب أجلا للإجابة عنها. المجال لا يسمح بالحديث عن الإقرار بشكل مفصل، وهو منظم بمقتضيات قانون الالتزامات والعقود؛ من الفصول 405 إلى 415 مع إدخال الغاية. إن مقتضيات الظهير خاصة، ولا ضرورة للقول بعدم منازعة الإدارة وهي لم تحضر، ولا داعي للقول بإقرار الخصم بسكوته، بعد توصله وتخلفه، وأن المحكمة سيكون تعليلها مصادفا للصواب إذا اعتمدت مقتضيات الفصل الخامس من الظهير، وهي مقتضيات واضحة وصريحة، ولا تحتاج إلى اجتهاد وتأويل. وما يعاش في الواقع، رغم أن الفصل الخامس واضح، هو أن الإدارة المخول لها تسلم التصاريح، وتسليم الوصلات المؤقتة، والمؤرخة في الحال؛أنها تمتنع عن تسليم الوصل المؤقت، وتطلب من المودع الرجوع بعد فترة معينة لتبدأ فترة الذهاب والإياب بدون جدوى، وما لفائدته من التنصيص على كلمة مباشرة، إذا كانت إرادة الإدارة عدم الاستعداد لتسليم الوصل المؤقت عن أي ملف، ولماذا الاستغناء عن البريد المضمون، مع الإشعار بالتوصل؛ مادام يحقق نفس الغاية التي يمكن أن يحققها التسليم المباشر، أو دفتر التداول، إذا كانت الإدارة حسنة النية، ولا مجال للقول بالدراسة قبل تسليم الوصل. إن تقديم ملف التأسيس بواسطة العون القضائي؛ يتطلب استصدار أمر عن السيد رئيس المحكمة، خاصة وأن التصرفات القانونية المنشأة للحقوق؛يجب أن تحترم فيها المسطرة، علما أن الاستثناء الذي كان للمحكمة الابتدائية بالرباط؛ قد أزيل خلال الفترة الأخيرة-عرفت المحكمة الابتدائية بالرباط التبليغ والتنفيذ دون اللجوء إلى رئيس المحكمة، لمدة تجاوز الثلاثة عقود، لا ندري لماذا تم التراجع- إن مقتضيات الفصل السابع من الظهير؛ تعطي الاختصاص للمحكمة الابتدائية للنظر في طلب التصريح ببطلان الجمعية؛ إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون، وذلك سواء بطلب من كل من يعنيه الأمر، أو بمبادرة من النيابة العامة. وبما أن المشروع أجد الجزاء، فإن الجهات الإدارية عليها أن تتعسف في تطبيق مقتضيات الفصل الخامس،وأن تضع الوصل المؤقت رهن إشارة كل شخص أودع ملف التأسيس، وبشكل فوري، ودون إبطاء و مماطلة. لذا فالحكم الصادر أبان عن جرأة وشجاعة في التصدي للموضوع، لأن المحكمة كان بإمكانها أن تقول بعدم القبول، لأن الفصل ينص في فقرته الثانية؛ على أنه في حالة استيفاء التصريح للإجراءات المنصوص عليها؛ في الفقرة اللاحقة؛ يسلم الوصل النهائي وجوبا؛ داخل أجل أقصاه60 يوما. وفي حالة عدم تسليمه داخل هذا الأجل، جاز للجمعية أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها. لذا فالحكم في جزء من تعليله ونتيجته؛ قد أدى الغاية المتوخاة، وحمى الحق من التعسف والشطط، وبين للإدارة أن الفصول القانونية التي شرعت؛ يجب أن تتوفر الإرادة لتطبيقها، وأن لا تنحرف عن مسارها السليم، في أفق دولة الحق والقانون؛ التي تكرس عن طريق احترام التشريعات والقوانين؛ التي تشكل لبنات للمساواة بين أفراد المجتمع؛ كيفما كانت توقعاتهم و تمذهباتهم.
إعداد ذ /سعيد الوردي_دكتور في الحقوق