العــــــــــوائــــــق الأســــــاســــيــــة الــــتـــي تـــــحول دون تحقيق الفعالية بمناسبة تنفيذ الديون العمومية وبعض الحلول الميدانية لتجاوزها
أولا: على مستوى الموارد البشرية
كما تلاحظون فإن مكتب التنفيذ الزجري يفتقر للموارد البشرية اللازمة للقيام بالمهام التي أحدث من أجلها هذا المكتب داخل المحاكم الابتدائية. حيث يوجد موظف ونصف موظف فقط يقومون بجميع المهام الشاقة الناتجة عن العمل داخل هذا المكتب. وهذا الأمر يؤدي حتما إلى عرقلة عمل هذا المكتب بشكل أكثر فعالية.
ثانيا:على مستوى شعبة الانابات
– كثرة الانابات الصادرة إلى محاكم أخرى وتأخرها في تنفيذها،
نظرا لتواجد مدينة أصيلة في الطريق بين محور طنجة والرباط، فإنه توجد ملفات كثيرة لمخالفات السير لمعنيين بالأمر لا يقطنون داخل الدائرة القضائية لمدينة أصيلة بل يقطنون في دوائر محاكم أخرى ومن ثم يخرج أمر تنفيذ هذه المخالفات من اختصاص الدائرة القضائية لمدينة أصيلة حيث تجب ضرورة إرسال انابات التنفيذ الزجري لمحاكم أخرى. هذه الأخيرة تفيدنا بشكل اعتيادي عدم ضبط العناوين ومن ثم ترجع إلينا هذه الانابات دون ناتج.
– عدم ضبط العناوين للمعنيين بالأمر الملزمين بالأداء
وهذا الأمر ناتج عن عدم ضبط الضابطة القضائية لعناوين المعنيين بالأمر أثناء مساطر البحث التمهيدي، أو أثناء انجاز المحاضر، وهذا الأمر ينعكس سلبا على مكتب التنفيذ الزجري، فحين محاولة التنفيذ نصطدم دوما بإشكالية عناوين المعنيين بالأمر غير مضبوطة، أو ناقصة، وعليه يتعين علينا بذل المزيد من الجهد للبحث عن العنوان الصحيح للمعنيين بالأمر، وهذا يشكل عائقا حقيقيا أمام فعالية التنفيذ الزجري، كما أن هذا الأمر يؤدي عادة إلى تقادم الملفات دون القيام بالمتعين، ويضطرنا إلى سلوك مسطرة الإلغاء دون جدوى.
ثانيا: على مستوى التنفيذ المحلي
– عدم وجود موظفين متخصصين بالقانون في استخلاص الديون العمومية
ويتجلى ذلك من خلال عدم وجود موظفين قارين، لهم صفة مأموري إجراءات التنفيذ الزجري، يقومون بمهمة واحدة في المحكمة وهي مهمة التنفيذ خارج المحكمة وعلى مستوى الدائرة القضائية، وتمنح له كل الضمانات الضرورية لمباشرة هذه المهمة الخطيرة والصعبة، ومن بين الوسائل التي يفتقدها مأمورو الإجراءات تتمثل فيما يلي:
1 – عدم توفر مأمور الإجراءات على بطاقة مأمور الإجراءات
2 – عدم توفير وسائل العمل وتتمثل خصوصا في سيارة على غرار إدارة الجمارك أو إدارة المياه والغابات أو الضابطة القضائية بصفة عامة، وكذلك ضعف التنسق أو انعدامه مع السلطات المحلية بحكم خبرتهم في معرفة المعنيين بالأمر وعناوينهم.
– وجود فراغ تشريعي أو وجوده بشكل غير منظم
ويتمثل هذا الفراغ التشريعي في عدم ملائمة النصوص المتعلقة بالحجز مع الواقع العملي، الذي يتطلب نصوص متعلقة بالحجز أكثر فعالية وإنتاجية، وذلك من خلال:
1 – خلق صندوق ذا مؤونة لدى المحاكم لتمويل عمليات الحجز، عن طريق توفير مبالغ مالية لنقل المحجوز بدل نقله على نفقة الموظف.
2 – عدم وجود آليات مادية لتنفيذ البيوع بالمزاد العلني.
3 – انعدام ضمانات حماية الموظف العمومي المكلف بإجراءات الحجز، من الأخطار التي يمكن أن تحدق به عند قيامه بهذا الإجراء.
ثالثا: على مستوى شعبة الإكراه البدني
يلاحظ على مستوى شعبة الإكراه البدني تواجد العديد من الإشكالات أهمها:
– تكدس ملفات الإكراه البدني رغم نشر مذكرات البحث في حق المعنيين بالأمر مع بقائها دون الأداء مما يدل دلالة واضحة على عدم فعالية مسطرة الإكراه البدني في تحصيل الديون العمومية
– تأخر بعض المساطر من حيث طبيعتها في الإنجاز منها المسطرة التي يتم سلوكها من أجل تطبيق الإكراه البدني على مكره في السجن، وتعثر البعض من هذه المساطر بسبب عدم ضبط في المعلومات التي تزودنا بها السلطات العمومية من حيث تواجد المعني بالأمر في السجن أو خارجه.
– عدم فعالية مسطرة الإكراه البدني ضد الأجانب المكرهين، وعدم فعاليتها، وهذا الأمر يسبب في إهدار أموال كثيرة.
رابعا: على مستوى شعبة الإلغاءات والإسقاطات
– عدم وجود نصوص قانونية تنظم الفرق بين الإلغاءات والإسقاطات وكل ما نتوفر عليه إرسالية للخازن الرئيسي للمملكة الذي يضع لنا فروقا بين الإلغاء والإسقاط تحت طائلة رفض قوائم الإلغاءات المرسلة إليه، مع العلم أن المادة 126 من مدونة تحصيل الديون العمومية واضحة وتنص فقط على مسطرة الإلغاء.
– تعثر مسطرة الإلغاءات والإسقاطات لكون الخزينة العامة تستوجب مصادقة السلطة المحلية على بعض المحاضر داخل القوائم المرسلة إليها يترتب عليه إرجاع جميع القوائم.
خامسا: بعض الحلول المقترحة
بحكم التجربة الميدانية وعملنا داخل مكتب التنفيذ الزجري لمدة 3 سنوات ارتأينا أن نقترح بعض الحلول العملية لجعل مكتب التنفيذ الزجري أكثر فعالية في تحصيل الديون العمومية:
أولا: إحداث الوكالة الوطنية لتحصيل الديون العمومية، تسند لها تحصيل كافة الديون العمومية، وتمكينها من الوسائل اللازمة من محاسبيين وقانونيين، ومهندسين، وخبراء، و…. للقيام بمهام تحصيل كافة الديون العمومية، بدل أن يكون تنفيذ الديون من طرف كل وزارة على حدة، وهذا سيمكننا بالفعل من محاربة هدر المال العمومي بجميع وسائله.
ثانيا: حث ضباط الضابطة القضائية المحررين للمحاضر من العمل على ضبط هوية المعنيين بالأمر أثناء تحريرهم للمحاضر، وكذا إرفاق بطاقة التعريف الوطنية، أو على الأقل رقم بطاقة التعريف الوطنية بالمحضر، حتى يتسنى لموظف مكتب التنفيذ الزجري من القيام بالمتعين عليه قانونا بجودة، وفعالية ودون تكرار في الإجراءات.
ثالثا: إيجاد وسيلة قانونية مسطرية للتغلب على كثرة الانابات الصادرة منها، إعطاء الاختصاص في البث في مخالفات السير إلى محكمة سكنى المعني بالأمر بدل محكمة وقوع المخالفة. وهذه الوسيلة المسطرية ستساعد حتما في استخلاص الغرامات والصوائر القضائية دون بذل الكثير من المصاريف والوقت من أجل استخلاصها. وكذلك ستساعد على القضاء على تقادم الديون العمومية.
رابعا: تمكين مكتب التنفيذ الزجري من 6 موظفين على الأقل من أجل أن يقوم بمهامه بشكل فعال، ويجب أن يكون داخل هؤلاء الموظفين موظفات معينان للقيام بالتنفيذ خارج المحكمة، وعليه لا يكون من حق رئيس مصلحة كتابة الضبط عند وجود حاجة وخصاص للموظفين في شعب أخرى المنداة عليه، وذلك لأسبقية الديون العمومية في الاستخلاص، على كل المصالح الأخرى، ولتخصص ذلك الموظف في التنفيذ خارج المحكمة.
خامسا: إعادة صياغة القواعد القانونية المتعلقة بالحجز، وملائمتها للواقع العملي، بدل القواعد القانونية الحالية التي تبقى أمام كثرة الإشكالات الواقعية مجرد حبر على ورق.
سادسا: إلغاء مسطرة الإكراه البدني باعتبارها مسطرة لها عيوب كثيرة لا على المستوى الإنساني، ولا على المستوى الاجتماعي، ولا على مستوى تحريمها دوليا كوسيلة لإجبار المحكوم عليه بغرامة على الأداء.
سابعا: صياغة قواعد قانونية جديدة لتنظيم مسطرة الإلغاءات بدل الاقتصار على مادة فريدة تتميز بعيوب من حيث صياغتها، ومن حيث تطبيقها، ومن حيث عدم انسجامها مع منطق الخزينة العامة التي تضع فروقا بينها وبين مسطرة الإسقاط ، وهذا الأمر يضعنا أمام إشكالية مسطرية، هل يجب إرسال قوائم الديون التي تعذر تحصيلها على أساس أنها ديون يجب إلغائها، أم على أساس أنها ديون يتوجب إسقاطها.
وفي الأخير، إذا أطالب كما طالبت صراحة في الندوة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة التي انعقدت في يوليو الماضي بمحكمة الاستئناف بطنجة، على ضرورة إحداث الوكالة الوطنية لتحصيل الديون العمومية، التي ستمكننا من تجاوز كل الإشكالات السابق ذكرها، وكذلك سيساعد خلق هذه الوكالة على تقويم الاقتصاد الوطني.
إعداد:ذ/المصطفى الغشام الشعيبي _ مدير المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية