جرائم النظام العام
يعرف النظام العام بأنه مجموعة من القواعد التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو إجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلوا على مصلحة الأفراد بحيث على الجميع مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها[1] وهناك عدة جرائم لها علاقة وطيدة بالنظام العام، بحيث إن تنظيم المشرع لها، يستهدف أساسا الحفاظ على المصالح العامة، وتحقيق الاستقرار والأمن.
وفي إطار المقتضيات الواردة بمجموعة القانون الجنائي،توجد عدة جرائم يضفى عليها طابع النظام العام ، يتم التمييز من خلالها بين جرائم ترتكب من طرف الموظفين[2] ضد النظام ، وأخرى يرتكبها الأفراد ضد النظام العام.
فبالنسبة للجرائم التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام ؛فتتجلى في تواطؤ الموظفين، في جرائم تجاوز السلطات الإدارية والقضائية اختصاصاتها ،جريمة إنكار العدالة ،جريمة الاختلاس، جريمة الرشوة، جريمة استغلال النفوذ، جريمة الشطط في استعمال للسلطة، جريمة مزاولة السلطة العامة قبل أوانها أو بعدا زوالها، جريمة الإخلال بالتصريح بالممتلكات.
أما بالنسبة للجرائم التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام فهي الأخرى متعددة؛ تتجلى في إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه، إهانة علم المملكة ورموزها، جرائم المقابر وانتهاك حرمة الموتى ..
وفي إطار هذه الجرائم ارتأينا في دراستنا هذه أن نتناول بعض جرائم التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام ،وأخرى يرتكبها الأفراد ضد النظام العام.
فما هي الأحكام القانونية لهذه الجرائم ؟
وهل فعلا نجح المشرع من خلالها على الحفاظ على النظام العام ؟
المبحث الأول : الجرائم التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام
مفهوم النظام العام هو مفهوم مرن يتغير بتغير الزمان والمكان ،واعتبارا لهذا المفهوم يعمل المشرع على العمل من أجل احتواء أسس النظام العام الخاصة بكل مرحلة من الزمن؛ عبر التعديلات التي يقوم بها ، وفي خضم هذا التطور تطورت الإدارة بالمغرب وأصبحت مرفقا حيويا يعمل من أجل المنفعة العامة؛ من خلال الأعضاء أو الموظفين الذين ينشطون فيها، وضمانا لاستمرار و نجاعة هذا المرفق، وتفاديا للإختلالات التي قد يرتكبها هؤلاء الموظفين ، عمل المشرع على تجريم أفعال قد تصدر منهم ، وكذلك من أجل حمايتهم وضمان عملهم في جو يطبعه الأمن والأمان جرم المشرع الجنائي بعض الأفعال المرتكبة ضدهم ،ومن أجل ضمان احترام رموز المملكة جرم المشرع الإساءة لهذا لعلم البلاد، ومن أجل عدم الإساءة لحرمة الموتى عاقب المشرع على أي فعل مسيء يطالهم في قبورهم
المطلب الأول : أركان قيام جريمة التواطؤ بين الموظفين وعقوبتها
تقوم جريمة التواطؤ على أركان وخصائص تميزها عن باقي الجرائم الأخرى، وقد خصها المشرع المغربي بتنظيم محكم في مجموعة القانون الجنائي فنظمها في الفصل 233 منه وأتبعها في
الفصول الموالية بعقوبات إضافية وظروف تشديد إن اقترفت بصفات أخرى،ومن أجل توضيح هذه الأمور ،سأتطرق لأركان جريمة التواطؤ في فقرة أولى على أن أقوم بتناول عقوبة جريمة التواطؤ وظروفها المشددة في فقرة ثانية
الفقرة الأولى : أركان قيام جريمة التواطؤ
لقيام جريمة التواطؤ لابد من توافر كافة أركانها الأساسية، والتي تتجلى في الركن القانوني والمادي والمعنوي
أولا : الركن القانوني
جريمة التواطؤ بين الموظفين ينظمها الفصل 233 من القانون الجنائي
ثانيا : الركن المادي :
الصفة : أن ترتكب الجريمة من أحد الأشخاص الذين حددهم القانون الجنائي وهم:
أفراد أو هيئات متولية للسلطة العامة
الفعل الجرمي : الاتفاق من أجل ارتكاب أعمال مخالفة القانون
وسائل المستعملة في حدوث الإتفاق :
اجتماع، رسل، مراسلات
النتيجة الإجرامية :
قيام أعمال مخالفة القانون
العلاقة السببية :
أن يكون الاتفاق الحاصل بين الأفراد أو الهيئات المتولية لجزء من السلطة العامة هو السبب في حصول الأعمال المخالفة للقانون
ثالثا : الركن المعنوي :
القصد الجنائي العام والذي يتجلى في العلم والإرادة بحيث يتعين أن تتجه إرادة الفاعل إلى إتيان النشاط الإجرامي المتجسد في الاتفاق عبر أحد الوسائل المشار إليها من أجل مخالفة القانون مع علمه بأن ذلك الفعل مجرم ومعاقب عليه
الفقرة الثانية : عقوبة جريمة التواطؤ وظروفها المشددة
إن العقوبة الخاصة بجريمة التواطؤ الواردة بالفصل 233 يمكن أن تضاف إليها عقوبات إضافية كما، يمكن أن تشدد في أحوال أخرى إن ارتكب الفعل من قبل أشخاص آخرين، واتخذ الفعل الجرمي مظهرا أخر.
أولا : العقوبة
عاقب المشرع على جريمة التواطؤ الحاصل بين الموظفين بمقتضى الفصل 233 بعقوبة جنحية تتراوح مدتها بين شهر واحد و ستة اشهر حبسا
ثانيا: العقوبات الإضافية
-يجوز للمحكمة علاوة على العقوبة الجنحية أن تحكم على الجاني بالحرمان من أحد أو أكثر من الحقوق الواردة في الفصل 26والتي يحيل إليها الفصل 40 وكذا الحرمان من تولي الوظائف أو الخدمات العامة لمدة أقصاها عشر سنوات
ثانيا :الظروف المشددة
-ترفع العقوبة بمقتضى الفصل 234 إلى الإقامة الإجبارية كعقوبة أصلية لمدة أقصاها عشر سنوات إذا حصل الاتفاق المنعقد بالاجتماع أو الرسل أو المراسلات ضد تنفيذ القوانين أو أوامر الحكومة
-وعندما يحصل الاتفاق على هذه الإجراءات بنفس الوسائل المشار إليها بين سلطات مدنية وهيئات عسكرية فإنه تتم معاقبة المحرضين علي ذلك بعقوبة سجنية تتراوح ما بين 5 سنوات و عشر سنوات
ويعاقب الجناة الآخرين بالإقامة الإجبارية كعقوبة أصلية لمدة أقصاها عشر سنوات
-و بمقتضى الفصل 235 ترفع العقوبة إلى الإعدام بالنسبة للمحرضين والى السجن المؤبد بالنسبة لباقي الجناة حينما يستهدف هذا الاتفاق الحاصل بين هؤلاء الأطراف المس بالأمن الداخلي للدولة
-وطبقا للفصل 236 يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية رجال القضاء والموظفون العموميون حينما يعمدون إلى التفاهم بينهم على تقديم الاستقالة من أجل توقيف سير العدالة أو مصلحة عمومية
المطلب الثاني : جرائم تجاوز السلطات الإدارية أو القضائية للاختصاصات الموكولة لها، وجريمة إنكار العدالة
من الجرائم ذات الأهمية التي قد يرتكبها الموظفون والتي قد تمس المواطنين أو المرتفقين بشكل كبير،هي جرائم تجاوز السلطات الإدارية والقضائية وجرائم إنكار العدالة ،باعتبار أن الأولى تمس في جوهر استقلالية القضاء، والثانية تمس في ثقة الأفراد إزاء القضاء
على هذا الأساس سأتناول جرائم تجاوز السلطات الإدارية أو القضائية للإختصاصاتها في فقرة أولى على أن نتطرق لجريمة إنكار العدالة في فقرة ثانية
الفقرة الأولى : جرائم تجاوز السلطات الإدارية أو القضائية اختصاصاتها
إن تفحص المقتضيات القانونية الخاصة بهذه الجرائم تجعلنا نمير بين جريمة تجاوز السلطة الإدارية طبقا للفصل 237 وطبقا للفصل 238 ومن أجل دلك سأقوم بالتمييز بين هاتين الجريمتين وفق لكل فصل
أولا : : جريمة تجاوز السلطة الإدارية طبقا للفصل 237
1 : الركن القانوني
الفصل 237 من القانون الجنائي
2 : الركن المادي
– الصفة :
رجال القضاء أو ضباط الشرطة
-النشاط الإجرامي :
القيام بفعل التدخل
يتخذ شكل التدخل أحد الفعلين التاليين :
إما التدخل في أعمال السلطة التشريعية
و إما التدخل في المسائل المخولة للسلطات الإدارية
– وسائل التدخل:
-بالنسبة لوسائل التدخل في أعمال السلطة التشريعية تتجلى في:
إصدار نظم تتضمن نصوص تشريعية أو تعطيل أو توقيف تنفيذ قانون أو أكثر
-أما بالنسبة لوسائل التدخل في المسائل المخولة للسلطات الإدارية تتجلى في :
إصدار نظم متعلقة بهذه المسائل أو منع تنفيذ أوامر الإدارة
3 : الركن المعنوي
4 : العقوبة
التجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة جنائية أصلية
وكملاحظة شخصية حول العقوبات المخصصة لجرائم تجاوز السلطات الإدارية أو القضائية، فإن العقوبات التي سنها المشرع في مواجهتها تعد مواتية وفي محلها، باعتبار أنها عقوبات جد مقنعة لتحقيق الردع على كل موظف خولت له نفسه القيام بهذه الجرائم وبالتالي فمن الناحية النظرية والقانونية يكون المشرع بهذه المقتضات موفقا في تحقيق الأمن القضائي لكن الإشكال يبقى من الناحية الواقعية أو العملية، حيث أنه قلما يتم تطبيق هده المقتضيات إما لقلة هذه الأفعال، وأما لعدم قيام المتابعات ضدهم.
ثانيا جريمة تجاوز السلطة الإدارية طبقا للفصل 238
1: الركن القانوني
الفصل 238 من القانون الجنائي
2 : الركن المادي
-الصفة :
عامل باشا قائد ممتاز قائد حاكم إداري
-الفعل الجرمي
التدخل في أمور مخالفة للقانون
صور التدخل :
التدخل في أعمال السلطة التشريعية
أو التدخل في عمل السلطة القضائية
وسائل التدخل
-بالنسبة التدخل في أعمال السلطة التشريعية فالوسائل هي :
إصدار نظم تحتوي نصوص تشريعية
أو تعطيل أو توقيف تنفيذ قانون أو أكثر
-وبالنسبة للتدخل في عمل السلطة القضائية فالوسيلة هي :
إصدار أمر، أو نهي إلى المحاكم
3 الركن المعنوي
يتجلى في القصد الجنائي العام دون الخاص
4 العقوبة
-كل من أتى هذه الجريمة و متى توافرت فيه كافة أركانها يعاقب بالتجريد من الحقوق الوطنية كعقوبة أصلية
-وتتحول العقوبة إلى عقوبة حبسية إذا قام أحد هؤلاء من ذوي الصفة بالفصل في مسالة تعود إلى اختصاص المحاكم بالرغم من كون القانون لا يخول له ذلك وبالرغم معارضة الخصوم أو احدهم
الفقرة الثانية : جريمة إنكار العدالة
تقوم جريمة إنكار العدالة على فعل ذوا طابع سلبي يتجلى في الامتناع ، فما هي العناصر المكونة لأركان هده الجريمة؟ وما هي العقوبة المخصصة لها؟
أولا : أركان جريمة إنكار العدالة
1 : الركن القانوني :
الفصل 240 من القانون الجنائي
2 : الركن المادي
-الصفة
القاضي الموظف العمومي
-الفعل الجرمي :
-إتيان فعل سبي يتجلى في الامتناع عن الفصل بين الخصوم
-الشروط المتطلبة بالفعل الصادر من الجاني في فعل الامتناع هي صدور امر على الشكل التالي :
فإما أن يتخذ الفعل السلبي شكل صدور طلب قانوني له بالفصل في النزاع و قيامه بالامتناع
أو صدور أمر له من طرف رؤساءه للبث في النزاع وتعنته عبر الامتناع
3 : الركن المعنوي
ثانيا : العقوبة
العقوبة هي عبارة عن غرامة تتراوح بين 250 و2500 درهم والحرمان من تولي الوظائف العمومية من ستة إلى عشر سنوات
وبالنسبة لهذه العقوبة فإنها تبقى غير مجدية سيما وأنها تتعلق بمبدأ مهم ألا وهو الأمن القضائي لذلك يتعين على المشرع التدخل من أجل رفع مدتها وغرامتها
أنظر تتمة الموضوع
—
سنتناول في هذا المبحث جريمة إهانة الموظف العمومي والاعتداء عليه مطلب أول، وجرائم إهانة علم المملكة ورموزها مطلب ثاني.
المطلب الاول: جريمة إهانة الموظف العمومي والاعتداء عليه
في هذا المطلب سنتطرق لجريمة إهانة الموظف العمومي في فقرة أولى، وجريمة الاعتداء عليه في فقرة ثانية.
الفقرة الاولى: جريمة إهانة موظف عمومي
جاء في الفصل263 من القانون الجنائي المغربي، ” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمس آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها، أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو شعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.”[3] وإذا وقعت الاهانة على واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في محكمة، أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنة إلى سنتين.
وفي جميع الأحوال، يجوز لمحكمة القضاء، علاوة على ذلك، أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه، بالطريقة التي تحددها، على نفقة المحكوم علي، بشرط ألا تتجاوز هذه النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى.
أولا: الركن المادي
يتحقق الركن المادي لجريمة إهانة موظف عمومي بإتيان أحد الافعال أو الاشكال المنصوص عليها في الفصل 263 من القانون الجنائي المشكلة لجريمة الاهانة وضرورة توفر الصفة في المجني عليه.
1 ـ تعريف الاهانة
وبخصوص تعريف مصطلح الاهانة فالمشرع المغربي لم يعرفه فقد عرفتها محكمة النقض المصرية[4] : بأنها هي كل قول أو فعل بحكم العرف فيه ازدراء وحطا من الكرامة في أعين الناس وإن لم يشمل قذفا أو سبا أو افتراء ولا عبرة في الجرائم القولية بالمداولة في الاسلوب مادامت العبارات مفيدة بسياقها معنى الاهانة .
إن جريمة الاهانة توجه إلى موظف عمومي أثناء تأدية وظيفته أو بسبب تأديتها، وقد تقع على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها أثناء انعقاد الجلسة كما تتحقق بالإشارة أو القول أو التهديد في مواجهة المعتدى عليه، وقد تحقق كذلك بواسطة التلغراف أو التليفون أو الكتابة و أو أي وسيلة أخرى.
والقول، أن الإهانة هي كل عبارة مهينة أو قذف موجه لممثل السلطة العامة أثناء قيامه بواجبه بشيء ينقصه الهيبة التي يتمتع بها ويكون مساس بالاحترام الواجب بوظيفة التي يمارسها وإنقاص للسلطة المعنوية للشخص المهان، ولقيام هذه الجريمة، لابد أن يكون الموظف ذاهب لممارسة وظيفته، أي خرج من أجل القيام بواجبه، فتعرض لتلك الإهانة لذلك السبب، لا في الحالة التي يكون فيها شخص عادي، وهذا ما ذهب إليه أغلب المشرعين، من بينهم المشرع المغربي.
2ـ وسائل الاهانة
وسائل الاهانة التي نص عليها المشرع المغربي هي:
ـ الاقوال: فكل قول أو كلام موجه إلى الموظف العمومي يحمل ألفاظ نابية تحط من قيمة وشرف الموظف أو التحيز أو غير ذلك من الأقوال المهينة للموظف العمومي.
ـ الاشارات: وهي كل حركة تعبر عن الاحتقار والاستخفاف بالموظف الموجهة إليه فالإهانة بالإشارة ليست لها إشارات محددة بل تكفي كل حركة أو وضع يدل على الاحتقار والاستخفاف بالموظف العمومي سواء كانت الاشارة معروفة أم غير معروفة متداولة أم غير متداولة سواء بالأصبع أو بالجسم.
ـ التهديدات: وهي كل وعد أو وعيد يوجه إلى الموظف سواء كان التهديد موجه له أو لاحد أفراد عائلته أو أحد أقاربه سواء كانت تهديدات باليد أو السلاح أو أية وسيلة أخرى.
ـ إرسال أو وضع أشياء معينة: فقد تشمل جميع الوسائل الاخرى التي تتحقق بها الاهانة كإرسال مجسم عبارة عن حيوان أو شيء يتحقق به الاهانة ويشترط أن تكون موجهة للموظف العمومي فتهينه وتسيء إليه[5].
ـ الكتابة: أو الرسوم غير العلنية الكتابة أو الرسوم التي تبلغ مباشرة إلى الموظف العمومي فتسيء إليه تعتبر إهانة غير أنه يشترط أن تكون الاهانة بالكتابة أو رسوم غير علنية ليطبق عليها الفصل وتكون مشكلة للجريمة أما ذا كانت الاهانة أو الرسوم غير علنية فيطبق عليها قانون الصحافة باعتبارها جريمة قذف
3 ـ توافر الصفة
يشترط الفصل 263 من القانون الجنائي لتحقق جريمة الاهانة أن يكون الشخص الموجهة اليه الاهانة إما
ـ أحد رجال القضاء
ـ الموظف العمومي وقد عرف الفصل 224 من القانون الجنائي الموظف العمومي بأنه ” يعد موظفا عموميا في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية والهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام.
وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”.
ـ رؤساء أو رجال القوة العمومية.
بالنسبة لاشتراط الصفة لوحدها لا يكفي لتحقق جريمة إهانة موظف عمومي، بل يجب أن تقع الاهانة أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها، وأن تكون في حضور الموظف العمومي وعلى مسمع منه.
بمعنى آخر تراعى في جريمة الاهانة صفة الموظف وحصولها أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها[6].
ثانيا: الركن المعنوي
يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى إتيان أحد وسائل ارتكاب فعل الاهانة المنصوص عليها في الفصل263 والمشكلة للجريمة، كما أنه يشترط في القصد الجنائي العام الارادة العلم، فجريمة إهانة موظف عمومي لا تتحقق إلا إذا أتى أحد هذه الافعال المشار اليها أعلاه عن عمد، ولا نبحث عما إذا قصد الجاني الاهانة أم لم يقصدها.
غير أنه يشترط حسب الفصل 263أن يعلم الفاعل صفة الشخص الموجهة إليه الاهانة إحدى الصفات المذكورة في الفصل 263 من القانون الجنائي، ولا يشترط البحث عن الباعث من توجيه الاهانة للموظف سواء صدرت في ظروف عادية أو لتوفر الأعصاب أو لخطورة الموقف أو لفقدان السيطرة على الارادة.
ثالثا: العقوبة
يعاقب على جريمة إهانة موظف عمومي بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى خمسة آلاف درهم، وفي حال توفر ظرف مشدد وهو إهانة واحد أو أكثر من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين في المحكمة، أثناء الجلسة، فإن العقوبة تكون من سنة الى سنتين.
وفي جميع الاحوال يجوز للمحكمة علاوة على ذلك، أن تأمر بنشر حكمها وإعلانه بالطريقة التي تحددها، على نفقة المحكوم عليه، بشرط ألا تتجاوز النفقات الحد الأقصى للغرامة المقررة في الفقرة الأولى من الفصل263
الفقرة الثانية: جريمة الاعتداء على موظف عمومي
ينص الفصل 267 من القانون الجنائي”
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنتين من ارتكب عنفا أو ايذاء ضد ا أحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها.
وإذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض أو إذا ارتكب مع سبق الاصرار أو الترصد، أو ارتكب ضد أحد من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنتين إلى خمس سنوات.
فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أية عاهة مستديمة، فان العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت، دون نية إحداثه، فإن العقوبة تكون السجن من عشرين الى ثلاثين سنة.
وعلاوة على ذلك يجوز بالنسبة للمحكوم عليه بعقوبة الحكم بالمنع من الاقامة من سنتين إلى خمس سنوات.
أولا: الركن المادي للجريمة
1 ـ نشاط اجرامي
يتحدد الركن المادي لجريمة الاعتداء على موظف عمومي في نشاط إجرامي يتجلى في أحد صور الايذاء والعنف:
ـ العنف: وهو من صور الايذاء واعتبر بعض الفقه أنه لا حاجة لإيراده الى جانب الايذاء على اعتبار أن هذه الأخيرة شاملة للعنف والضرح والجرح، والعنف في القانون المغربي ينطبق على كل حالة يقع فيها المساس بالضحية عن طريق القوة دون الجرح أو الضرب، ونحو ذلك نتف الشعر أو الأظافر، أو تقييد الضحية بحبل وما شاكله أو منعه من السير في اتجاه معين قسرا وبدون حق الى آخره[7].
ـ الايذاء: فهو يشمل كل ما يؤذي الانسان في جسمه أو صحته، بحيث ينضوي تحت لوائها الضرب والجرح والعنف ولذلك اكتفت بهذه اللفظة بعض القوانين المقارنة، ومن امثلة الايذاء اعطاء مواد ضارة بالصحة للموظف العمومي فتؤذيه في صحته[8].
2-توافر الصفة
فلا يكفي القول بتحقق أركان جريمة الاعتداء على أي شخص كان أن يكون هناك عنف أو ايذاء، بل لابد من توفر صفة الموظف العمومي في المجني عليه، ولا فستكون هناك جريمة الضرب أو الجرح حسب الأحوال.
كما أنه يشترط لاكتمال شروط الجريمة أن يقع العنف أو الايذاء أثناء قيام الموظف بعمله أو بسببه.
ثانيا: الركن المعنوي
يتحقق الركن المعنوي لجريمة الاعتداء على الموظف العمومي إذا انصرفت إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة وفق ما هو محدد قانونا، وذلك عن طريق المساس بسلامة جسم أو صحة الموظف العمومي، وتنتفي مسؤولية الفاعل إذا لم يقصد ارتكاب الفعل المجرم أو ارتكب الفعل عن طريق الخطأ.
ثالثا: العقوبة
يعاقب على جريمة الاعتداء على الموظف العمومي بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين باعتبارها جنحة.
وإذا ترتب عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض أو اذا ارتكب مع سبق الاصرار أو الترصد، أو ارتكب ضد أحد من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنتين الى خمس سنوات.
وتتحول جريمة الاعتداء على موظف عمومي من جنحة إلى جناية إذا توفرت أحد ظروف التشديد في الجريمة:
فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أي عاهة مستديمة، فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة.
وإذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه، فإن العقوبة تكون الإعدام.
وتجدر الإشارة أنه يجوز للمحكمة الحكم بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات إذا كانت العقوبة حبسا.
المطلب الثاني: جرائم إهانة علم المملكة ورموزها
سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين الأولى نتناول فيها جريمة إهانة علم المملكة ورموزها فقرة أولى، وجرائم الإشادة بإهانة علم المملكة ورموزها واستعمال علم المملكة بدون ترخيص فقرة ثانية.
الفقرة الأولى : جريمة إهانة علم ورموزها[9]
جاء في الفصل 1ـ267 من القانون الجنائي على أنه:
يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 000.10 إلى 000. 100 درهم كل من أهان بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل263 أو بأي وسيلة أخرى، علم المملكة ورموزها كما هو منصوص عليها في الفصل 4ـ 267 أدناه.
وإذا ارتكبت الإهانة خلال اجتماع أو تجمع، فإن العقوبة تكون الحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 000.10 إلى 000. 100 درهم.
تطبق نفس العقوبات على محاولة ارتكاب الجريمة المذكورة.
أولا: الركن المادي
تتحقق جريمة إهانة علم المملكة ورموزها بالقيام بفعل الإهانة عن طريق أحد الوسائل المنصوص عليها في الفصل 263وهي الإشارات أو التهديدات أو بإرسال أشياء أو وضعها، أو بكتابة أو رسوم غير علنية، وقد سبق شرح هاته الوسائل عند تناولنا لجريمة إهانة الموظف العمومي.
ويراد بعلم المملكة ورموزها ما يلي:
ـ شعار المملكة المنصوص عليه في الفصل الرابع من الدستور المغربي، [10] وجاء في الفصل الرابع من الدستور ما يلي:
علم المملكة هو اللواء الأحمر الذي تتوسطه نجمة خضراء خماسية الفروع.
شعار المملكة: الله، الوطن، الملك.
ـ لواء المملكة والنشيد الوطني كما هما محددان بظهير شريف 9
ـ رمز المملكة كما تم تعريفه في ظهير شريف رقم 284 .00.1 بتاريخ 19من رجب 1421 17 أكتوبر2000
ـ أوسمة المملكة كما تم تعريفها في ظهير شريف رقم 218.00.1 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 5 يونيو 2000
ثانيا: الركن المعنوي
يتطلب في جريمة إهانة علم المملكة ورموزها قصدا جنائيا عاما، يتمثل في الإرادة والعلم، فيجب أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة وكذلك علم الجاني من الناحية الواقعية بالفعل الذي ارتكبه، ولا يشترط توفر القصد الجنائي الخاص في هذه الجريمة.
ثالثا : العقوبة
يعاقب على جريمة إهانة علم المملكة ورموزها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 000.10 إلى 000. 100 درهم ، وإذا ارتكبت الإهانة خلال اجتماع او تجمع، فإن العقوبة تكون الحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 000.10 إلى 000. 100 درهم.
تطبق نفس العقوبات على محاولة ارتكاب الجريمة.
الفقرة الثانية: جرائم الإشادة بإهانة علم المملكة ورموزها واستعمال علم المملكة بدون ترخيص
ينص الفصل 3ـ 267 من القانون الجنائي
يعاقب بغرامة من 000.50 إلى 000 .500 درهم كل استعمال لعلم المملكة في أية علامة مسجلة أو غير مسجلة دون ترخيص من الإدارة وكذا حيازة منتوجات كيفما كانت طبيعتها بهدف تجاري او صناعي، أو عرضها للبيع إذا كانت تحمل كعلامة صناعية او تجارية أو خدماتية صورة تمثل علم المملكة دون أن يكون استعمالها مرخصا به.
وفي حالة العود، يرفع مبلغ الغرامة إلى الضعف.
يعتبر في حالة عود كل شخص يرتكب مخالفة ذات تكييف مماثل داخل أجل الخمس سنوات التي تلي التاريخ الذي صار فيه الحكم الأول بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به.
كما ورد في الفصل 2 ـ267 من القانون الجنائي
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 000 .20 إلى 000.200 درهم كل من أشاد بإهانة علم المملكة ورموزها أو حرض على ارتكاب مثل تلك الأفعال بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن العمومية أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية
أولا: الركن المادي للجريمتين
ـ الاشادة بجريمة إهانة علم المملكة ورموزها:
يقصد بالإشادة بجريمة إهانة علم المملكة ورموزها مدح وتأييد ودعم وتقدير وشكر من قام بهذه الجريمة، كذلك تحريض أي شخص على ارتكاب هذه الأفعال وذلك بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع في الأماكن العمومية أو الموزعة أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية.
ـ جريمة استعمال علم المملكة دون ترخيص
يتحقق الركن المادي للجريمة في استعمال لعلم المملكة في أية علامة مسجلة أو غير مسجلة دون ترخيص من الإدارة وكذا حيازة منتوجات كيفما كانت طبيعتها بهدف تجاري او صناعي، أو عرضها للبيع إذا كانت تحمل كعلامة صناعية او تجارية أو خدماتية صورة تمثل علم المملكة دون أن يكون استعمالها مرخصا به.
ثانيا: الركن المعنوي للجريمتين
يتحدد الركن المعنوي للجريمتين في وجود القصد العام، بالنسبة لجريمة الإشادة بجريمة إهانة علم المملكة ورموزها ، يتجسد الركن المعنوي في توفر القصد الجنائي العام بنوعيه الارادة والعلم، فينبغي أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المجرم ولا يشترط توفر قصد جنائي خاص.
أما بخصوص الركن المعنوي في جريمة استعمال علم المملكة دون ترخيص، فيتوجب لذلك توفر القصد الجنائي العام والخاص، فالقصد الجنائي الخاص في هذه الجريمة يتمثل الباعث والهدف من استعمال العلم، فقد تكون بواعث اقتصادية أو أمنية.
ثالثا: العقوبة
يعاقب على جريمة الإشادة بإهانة علم المملكة ورموزها بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 000.20 إلى 000.200 درهم
أم بخصوص عقاب جريمة استعمال علم المملكة دون ترخيص
يعاقب بغرامة من 000.50 إلى 000 .500 درهم كل استعمال لعلم المملكة في أية علامة مسجلة أو غير مسجلة
لائحة المراجع
1 عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني نظرية العقد بوجه عام منشورات محمد الداية المجلد 1 طبعة 1981
2 إدريس الحياني، دروس مختصرة في القانون الجنائي الخاص المغربي، الطبعة الثانية، السنة الجامعية: 2010ـ 2011
3 عبد الواحد العلمي، القانون الجنائي المغربي الخاص، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة 2003،
[1] عبد الرزاق أحمد السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني نظرية العقد بوجه عام منشورات محمد الداية المجلد 1 طبعة 1981 الصفحة 228
الموظف العمومي حسب الفصل 224 من القانون الجنائي : [2]
” يعد موظفا عموميا، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة باجر او بدون اجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام .
وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فان هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها.”
[3] ونشير إلى وجود جريمة أخرى هي جريمة إهانة السلطات العمومية ، وقد نص عليها المشرع في الفصل 264 ق .ج على أنه يعتبر إهانة، ويعاقب بهذه الصفة، قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العامة عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها أو بتقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطة القضائية بارتكابه جريمة لم يرتكبها ولم يساهم في ارتكابها”.
نقض مصري 27-2-1993 مجموعة القواعد القانونية الجزء 3 رقم 96 ص 14 [4]
[5] إدريس الحياني، دروس مختصرة في القانون الجنائي الخاص المغربي، الطبعة الثانية، السنة الجامعية: 2010ـ 2011 ص: 41 .
[6]إدريس الحياني، مرجع سابق، ص 41.
[7] عبد الواحد العلمي،القانون الجنائي المغربي الخاص ،مطبعة النجاح الجديدة،الطبعة الثالثة2003 الصفحة 260
عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص161. [8]
9 تمت إضافة هذا الفرع إلى الباب الرابع من الجزء الأول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 05.17 يتعلق بزجر إهانة علم المملكة ورموزها، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 185.05.1 بتاريخ 18 من ذي القعدة 1426 20) ديسمبر (2005؛ الجريدة الرسمية عدد 5380 بتاريخ 20 ذو القعدة 22 )1426 ديسمبر (2005، ص 3535.[9]
10 ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432( 29 يوليوز 2011 )بتنفيذ نص الدستور ،الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 ( 30 يوليوز 2011 )ص 3600 [10]
إعداد: ذ/ رشيد بوهدي _باحث في ماستر القانون المدني ،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة ابن زهر أكادير