حق التقاضي بين أداء الرسوم القضائية و الإعفاء منها و الإستفادة من المساعدة القضائية
إن حق التقاضي مكفول لجميع المواطنين، و هو من الحقوق الدستورية التي كفلها دستور فاتح يوليوز 2011 عند نص فصله 118 في فقرته الأولى أن ” حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه و عن مصالحه التي يحميها القانون ” .
و يعتبر القضاء حصنا منيعا لحماية حقوق الأشخاص و الجماعات و حرياتهم و السهر على التطبيق السليم للقانون، و هو ما جعل من الدستور قاعدة دستورية في فصله 117 الذي جاء فيه ” يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص و الجماعات و حرياتهم و أمنهم القضائي و تطبيق القانون “.
ومن المعلوم أن المحكمة لا تباشر ولايتها إلا عند تقديم طلب لها لأن الخصومة لا تبدأ أمام المحكمة إلا بالمطالبة القضائية التي يعتبر مفتاحها تقييد الدعوى بمقتضى مقال افتتاحي وفقا للقواعد و الأحكام التي وضعها المشرع بعد أداء الرسوم القضائية واجبة إلا ما تم استثناؤه بمقتضى نصوص خاصة أو كان المدعي مستفيدا من نظام المساعدة القضائية.
أولا : أداء الرسوم القضائية
الرسوم هي مجموعة من المصاريف يستلزمها رفع الدعوى و أتعاب الخبراء و مصاريف الشهود لسماع شهادتهم و مصاريف انتقال هيئة الحكم.
و الأصل في الملزم بأداء الرسوم القضائية هو ناشر الدعوى كما تنص على ذلك المادة 124 من قانون المسطرة المدنية، مع جواز الحكم بتقسيم المصاريف بين الأطراف كلا أو بعضا، حسب ظروف و ملابسات القضية، أو جعلها على عاتق المتنازل في حالة تنازله إلا إذا اتفق الخصوم على غير ذلك، غير أن عبء الأداء يقع على عاتق رب العمل في حالة تنازل الأجير عن دعواه بمناسبة حادثة شغل.
و تحدد الرسوم القضائية الأصلية المفروضة حسب نوعية المقال و الطلبات الواردة بكل قضية، و كل رسم قضائي يستلزم وصلا مقتطعا من دفتر ذي أرومة يسلم الأصل لصاحبه و يحتفظ بالنظير عالقا بالمقتطع من أجل اعتماده للأغراض المحاسبية و أيضا للمراقبة المالية .
و يتعين على كل شخص تقدم بدعوى أمام القضاء أو التقاضي لطلب حق أو إثبات حال مثلا أو الإستفادة من أي إجراء تقوم به كتابة الضبط أن يؤدي رسما قضائيا الذي يعتبر من بين الإجراءات الشكلية التي تتطلبها مساطر التقاضي أمام المحاكم، و يتم استيفاء الرسوم القضائية لفائدة الخزينة العامة، و تستحق بالدفع مقدما ما عدا الحالات المنصوص عليها في الملحق 1 من مدونة التسجيل و التنبر و هي :
ـ الرسم القضائي المستحق على الإجراءات المستفيدة من المساعدة القضائية؛
ـ الرسم القضائي في الأحوال التي يتعذر فيها تحديد مبلغه بكل دقة؛
ـ الرسم القضائي الواجب آداؤه على الإدارات العمومية في النزاعات المتعلقة بتطبيق قوانين الضرائب؛
ـ الرسم القضائي الواجب آداؤه على الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في النزاعات المتعلقة بتطبيق التشريع الخاص بالضمان الإجتماعي و غيرها.
و حدد الفصل 24 من الملحق المذكور أحكام الطلبات المحددة القيمة أي حالات المطالبة بمبلغ معين و حدد الأسعار المطبقة على هذه الطلبات بحسب مبلغ أو قيمة الطلب.
ـ فإذا كان مبلغ الطلب يتراوح من 100 إلى 5000 درهم يطبق عليه سعر 4% و أدنى ما يستوفى 50 درهما؛
ـ إذا كان مبلغ الطلب يتراوح بين 500 و 2000 درهم يطبق سعر 2.5% و أدى ما يستوفي 200 درهم؛
ـ إذا تجاوز مبلغ الطلب 20000 درهم، يطبق سعر 1% مع زيادة 300 درهم.
و ينص الفصل 25 من الملحق المذكور بالنسبة للطلبات غير محددة القيمة، و تميز بين حالتين :
1 ـ حالة الطلبات التي لا يمكن تحديد قيمتها؛
2 ـ حالة الطلبات التي يمكن تحديد قيمتها.
ففي الحالة الأولى يكون الرسم القضائي الواجب دفعه هو 150 درهما، فإن تم تحديد الطلب لاحقا أو أمكن تحديده من خلال الوثائق المدرجة بالملف كتقارير الخبرة و مستنتجات أطراف الدعوى و العقود المدلى بها أو إذا حدده الحكم سواء في منطوقه أو حيثياته، فإنه يتم استيفاء الرسم النسبي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 24 كما سبق أن رأينا على أن يتم خصم الرسم القار الذي سبق استخلاصه عندما كان الطلب غير محدد.
و لابد من الإشارة أن هناك مجموعة من القضايا تحكمها رسوما قارة مثلا كقضايا الحالة المدنية و الأوامر المنية على طلب يتم أداء رسما قارا قدره 500 درهما، و الأمر بالأداء يكون الرسم الواجب أداؤه هو 100 درهم، الشكاية المباشرة أمام رئيس المحكمة 150 درهم إضافة إلى 100 درهم كقسط جزافي لكي ينتصب المشتكي كمطالب بالحق المدني، أما الرسم المقدر لطلب المبلغ فهو 30 درهما، و التنفيذ محدد في 50 درهما.
و يجب على القضاة بسط رقابتهم على الطلبات الواردة بالمقالات المختلفة للتأكد من مدى أداء الرسوم القضائية المحددة قانونا لفائدة الخزينة العامة عند تحريرهم الأحكام.
مقتطف من موقع fsjes-agadir.info