هذه أهم تعديلات مشروع القانون الجنائي المغربي .
كشـفت وزارة العدل والحريات ، يومه الأربعاء 1 أبـريل ، عن مسودة مشروع التعديلات التي ستشمل بعض مواد القانون الجنائي المغربي ، وإقترح المُشَرعْ إضـافة جـرائم وعقوبات جديدة مع حذف بعض الفقـرات المعمول بها حـاليا لاسيما تلك المتعلقة بالتدابير التنظيمية التي أصبحت من إختصاص المؤسسات السجنية ، ويمثل إقـرار العقوبات البديلة في هذا المشروع ، أهم تعديل سيعرفه التشريع الجنائي منذ الإستقلال ، فضـلا عن تغييرات أُخرى شملت مُدَدْ العقوبات الحبسية و الغرامات المالية ، وقد أبقى المشروع على عقوبة الإعدام التي سبق وطالبت بعض الأحزاب السياسية بإلغائها ، كما رفع من الغرامة المالية لمن يهين شخص الملك أو ولي العهد أو الأسرة الملكية ، ويصل الحد الأقصى للغرامة ضد مرتكبي هذاه الأفعال لـ 50 ألف درهم ، كما تم الرفع أيضـا من الغرامة المالية ضد المسلمين الذين يفطرون علنا في شهر رمضان مع الإحتفاظ بنفس العقوبة الحبسية السابقة .
عقوبات بديلة عوض سلب الحرية .
وبخصوص العقوبات البديلة التي أقـرها مشروع تعديل القانون الجنائي المعمول به حاليا ، هي العمل لأجل المنفعة العامة ، والغرامة اليومية و تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية . ولن يستفيد من هذا التخفيف مرتكبوا جرائم الإختلاس والغدر والرشوة وإستغلال النفوذ و الإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية و الأعضاء البشرية والإستغلال الجنسي للقاصرين . و تؤكد مسودة القانون ” عندما تقرر المحكمة إستبدال العقوبة السالبة للحرية بالعقوبة البديلة يجب عليها أن تحكم بالعقوبة الحبسية الأصلية ، و أن تقرر إستبدال هذه الأخيرة بعقوبة بديلة وتحدد الإلتزامات الناتجة عنها ، ويفرض أيضـا على المحكمة إشعار المحكوم عليه بأنه في حالة عدم تنفيذه للإلتزامات المفروضة عليه ، فإنه سيتم تنفيذ العقوبة الأصلية ضده ، ولا يجوز الحكم بالعقوبة البديلة إلا بحضور المحكوم عليه في الجلسة و بموافقته ، بعد إشعاره بحقه في الرفض ”
وعرف المشرع العمل لأجل المنفعة العامة ، على أنه عمل يكون لأجل المنفعة العامة وغير مؤدى عنه ، وينجز لفائدة شخص إعتباري عام او جمعية ذات منفعة عامة لمدة تتراوح بين 40 و 600 ساعة ، وتعتبر المحكمة لتحديد عدد ساعات العمل لهذا الغرض موازاة كل يوم من مدة العقوبة الحبسية المنطوق بها لساعتين من العمل ، مع مراعاة الحد الأقصى لعدد ساعات العمل المنصوص عليه . ويلتزم المحكوم عليه بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة داخل أجل لا يتجاوز إثني عشر شهرا من تاريخ صدور المقرر التنفيذي ، مع إمكانية تمديد هذا الأجل ، بناء على طلب من الأخير .
وبخصوص الغرامة اليومية المشار إليها في هذا المشروع ، فيمكن للمحكمة ان تحكم بها بدلا من العقوبة الحبسية ـ وهي مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكومة بها والتي لا يتجاوز منطقوها في المقرر القضائي سنتين حبسا ، ولا تطبق هذه العقوبة على الأحداث ، ويتم تحديد مبلغ الغرامة اليومية بين 100 و 2000 درهم عن كل يوم ، حيث تراعي المحكمة في تحديدها الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتكبة .
وطريقة التطبيق ، تتمثل في إلتزام المحكوم عليه بأداء المبلغ المحدد له في أجل أٌقصار آخر يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها والواجبة التنفيذ فور صدور الحكم بها ، مع إمكانية تمديد هذا الأجل بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات بناء على طلب من المحكوم عليه .
ويمكن أيضا تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية ، كبديل للعقوبات السالبة للحرية التي لا يتجاوز منطوقها في المقرر القضائي سنتين حبسا ، وتستهدف هذه العقوبات إختبار المحكوم عليه والتأكد من إستعداده لتقويم سلوكه وإستجابته لإعادة الإدماج ، داخل أجل لا يتجاوز خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم ، ويمكن الحكم بواحدة او أكثر من هذه العقوبات البديل التي تتضمن تقييدا لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية .
وتتضمن هذه العقوبات ، مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا مهنيا محددا ، أو إقامة المحكوم عليه بمكان محدد وإلتزامه بعد مغادرته أو بعدم مغادرته في أوقات معنية ، أو فرض رقابة يلزم بموجبها المحكومة علي ، من قبل قاضي تطبيق العقوبات أو قاضي الاحداث ، إذا تعلق الامر بحدث بالتقدم في مواعيد محددة ، وحسب الحالات ، إما إلى المؤسسة السجنية أو مقر الشرطة أو الدرك الملكي أو مكتب الموظف المكلف المساعدة الإجتماعية بالمحكمة ، فضـلا عن إمكانية إخضاع المحكوم عليه لعلاج نفسي أو علاج ضد الإدمان ، أو إلزامه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة .
تشديد الخناق على التطرف والإرهاب .
وقد وسع المشرع في تعديلاته من وعـاء العقوبات والتهم لزجر كل الأفعال التي من شأنها إستهداف أمن الدولة ، حيث نص مشروع القانون السالف ذكره صراحة على الأفعال التي تعتبر جرائم إرهابية ، والمتمثلة في الإلتحاق أو محاولة الإلتحاق بشكل فردي أو جماعي في إطار منظم أو غير منظم ، بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان وجودها ، ولو كانت الأفعال الإرهابية لا تستهدف الإضرار بالمملكة المغربية أو بمصالحها ، وتلقي تدريب أو تكوين ، كيفما كان شكله أو نوعه أو مدته داخل أو خارج أرض الوطن او محاولة ذلك بقصد إرتكاب أحد الأفعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها ، سواء وقع الفعل المذكور أو لم يقع .
ويعتبر فعلا إرهابيا ، كل تجنيد بأي وسيلة كانت او تدريب أو تكوين شخص أو أكثر من أجل الإلتحاق بكيانات او تنظيمات أو عصابات أو جماعات ، إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها ، أو محاولة إرتكاب هذه الأفعال .
يعاقب على الأفعال المذكورة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وتتضاعف العقوبات إذا تعلق الأمر بتجنيد أو تدريب أو تكوين قاصر ، او إذا تم إستغلال الإشراف على المدارس أو المعاهد أو مراكز التربية أو التكوين كيفما كان نوعها للقيام بذلك .
ويعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة أشخاص أو كيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية .وإذا كان الواقف وراء هذه الجرائم شخصا إعتباريا ، فالعقوبة هي الغرامة من مليون إلى 10 ملايين درهم مع الحكم بحله .
جرائم إزدراء الأديـان
من بين التعديلات الجديدة التي سيعرفها القانون الجنائي المغربي ، تحديد الأفعال التي من شأنها المساس بالدين الإسلامي ، ويؤكد المشرع في هذا الشأن ، أن العقوبة الحبسية ستتراوح من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 20 ألف درهم إلى 200 ألف درهم ، ضد كل من قام عمدا بالسب أو القذف أو الاستهزاء أو الإساءة إلى الله أو الأنبياء والرسل بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية ، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات ، أو بواسطة مختلف وسال الإتصال السمعية البصرية والإلكترونية ، سواء كان ذلك بالقول أو الكتابة أو الرسم التعبيري أو الكاريكاتوري أو التصوير أو الغناء أو التمثيل أو الإيماء أو أي وسيلة أخرى .
علاوة على إمكانية الحكم بالمنع من ممارسة النشاط المهني او الصناعي ، أكـد المشـرع على إلزامية الحكم بمصادرة المطبوعات والملصقات والتسجيلات والبيانات الإلكترونية والأشياء والأدوات التي لها علاقة بهذه الجرائم .
زجر إنتهاكات حقوق الإنسان .
أضـاف مشروع القانون الجنائي ، مواد جديدة للترسانة القانونية التي تروم حماية حقوق الإنسان بالمغرب ، حيث جرم صراحة الاختفاء القسري الذي عرفه مشروع هذا القانون ، على أنه ” كل إعتقال أو إحتجاز أو إختطاف او أي شكل من الأشكال السالبة للحرية يرتكبه موظفون عموميون أو أشخاص يتصرفون بموافقة الدولة أو بإذنها أو بدعم منها ، ويتبعه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي او مكان وجوده ، مما يحرمه من الحماية التي يكفلها القانون ، ويعاقب عنه بالسجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم “.
وترتفع العقوبة من عشرين إلى ثلاثين سنة إذا إرتكب الاختفاء القسري ضد قاصر دون الثامنة عشر أو ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب مرض أو إعاقة أو بسبب نقص بدني أو نفسي على أن تكون هذه الوضعية ظاهرة أو معروفة لدى الفاعل و ضد إمرأة حامل إذا كان حملها بينا أو معروفا لدى الفاعل . أو في حق الأطفال ، أو كان الاختفاء مسبوقا بتعذيب أو بإعتداء جنسي أو مقترنا به أو تلاه ، وإذا نتج عن الإختفاء وفاة دون نية إحداثه مع إختلاف في قدر الغرامة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى 500 ألف درهم . وتحدثت فقرات المادة 231 بتفصيل عن جميع العقوبات المرتبطة بإرتكاب جريمة الاختفاء القسري .
الزجر للحد من الهجرة السرية .
أضـافت مسودة مشروع القانون الجنائي جريمة تهريب المهاجرين إلى قـائمة الجرائم المعاقب عليها ، وقصد المشرع بتهريب ” القيام عمدا بتنظيم او تسهيل الدخول إلى التراب المغربي أو مغادرته بطريقة غير مشروعة لشخص أو عدة أشخاص من أجل الحصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مالية أو أي منفعة مادية أخرى ، وذلك بإستعمال وسيلة إحتيالية أثناء إجتياز أحد مراكز الحدود للتملص من تقديم الوثائق الرسمية اللازمة أو من القيام بالإجراءات التي توجبها القوانين والأنظمة الجاري بها العمل ، أو بإستعمال وثيقة سفر مزورة ، أو بإنتحال هوية مستعارة أو بالدخول إلى التراب الوطني أو مغادرته عبر منافذ غير مراكز الحدود المعتمدة ” .
العقوبة المقترحة ضد تهريب المهاجرين ، هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مليون إلى 10 ملايين سنتيم . وترتفع العقوبة من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم ، إذا كان بين المهاجرين قاصر دون سن الثامن عشرة أو شخص ذو إعاقة ، او إمرأة حامل ، كما تطبق نفس العقوبة المضاعفة في حالة إذا كان مرتكب الجريمة موظفا عموميا أو مستخدما في مجال النقل أو تم ذلك في إطار منظمة إجرامية .
تجـريم الإتجار بالأعضـاء البشرية.
جريمة أخرى ، إقترحت وزارة العدل إضـافتها إلى القانون الجنائي المغربي ،تتمثل في الإتجار بالأعضاء البشرية ، وإقترح المشرع تنفيذ الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 5 ملايين سنتيم إلى 50 مليون ، ضد كل من عرض تنظيم أو إجراء معاملة تجارية بشأن أخذ أعضاء بشرية بأي وسيلة كانت ، ومن توسط من أجل تسهيل الحصول على عضو من جسم إنسان ، أو من حصل من شخص على عضو من أعضائه مقابل منفعة مالية او منفعة أخرى . وتشمل العقوبة أيضـا من أخذ عضو بشري أو إستفاد من عملية زرع أعضاء بشرية في مكان غير المستشفيات العمومية المعتمدة أو قام بعملية زرع قرنية العين أو أعضاء قابلة للخلقة بشكل طبيعي داخل مراكز إستشفائية خاصة غير معتمدة .و تتضاعف العقوبة إذا كانت هذه الأفعال إرتكبت ضد قاصر أو فاقد للأهلية ولا يعتد بموافقة الشخص المعني أو نائبه الشرعي .
وأضيفت إلى قائمة الأفعال المجرمة ، جريمة الإتجار بالبشر ، والتي يقصد بها ، حسب تعريف المشرع ، إستقطاب أو إستدراج أو تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو إستقباله أو الوساطة في ذلك ، عن طريق التهديد بالقوة او إستعمالها ، أو بإستعمال مختلف أشكال القسر أو الإختطاف أو الإحتيال أو الخداع ، أو إساءة إستعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو إستغلال حالة الضعف أو الحاجة ، أو بإعطاء أو بتلقي مبالغ مالية أو منافع أو مزايا للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر بقصد الإستغلال .
إلى ذلك ، أوضح المشرع ، أنه لا يشترط إستعمال أي وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في الفقرة أعلاه ، لقيام جريمة الإتجار بالبشر إتجاه الأطفال الذين يقل عمرهم عن 18 سنة ، بمجرد تحقق قصد الإستغلال . ويشمل الإستغلال جميع أشكال الإستغلال الجنسي لاسيما إستغلال دعارة الغير أو الإستغلال في المواد الإباحية بما في ذلك وسائل الإتصال والتواصل المعلوماتي ، أو الإستغلال في العمل القسري ، أو السخرة أو التسول أو الإسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو لنزع الأعضاء أو الأنسجة البشرية أو بيعها ، أو الإستغلال لإجراء التجارب الطبية على الأحياء ، أو إستغلال الشخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة ، وسائر أشكال الإستغلال الأخرى المعاقب عليها قانونا . وحددت لهذه الجرائم عقوبة حبسية من 5 إلى 10 سنوات ، و غرامة من 10 ألاف درهم إلى 500 ألف درهم . ويمكن أن تتضاعف العقوبة لتصل 30 سنة سجنا و 200 مليون سنتيم ، إذا إرتكبت الجريمة ضد قاصر أو إمرأة حامل أو مصاب بنقص بدني او إعاقة ، أو في حالة إرتكاب الجريمة من لدن زوج الضحية أو أحد أقـاربها من الأصول والفروع أو كانت له سلطة عليها .
التحرش الجنسي جريمة وإن كان عبر وسائل الإتصال .
إعتبرت مسودة مشروع القانون الجنائي ، مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية ، وكل من وجه رسائل مكتوب أو هاتفية او إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية ، ويعاقب مرتكبو هذه الأفعال بعقوبة تتراوح من شهر واحد إلى ستة أشهر وغرامة من 2000 إلى 10 ألاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين ،
وتضاعف العقوبة إذا كان مرتكب الفعل زميلا في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والامن في الفضاءات العمومية أو غيرها ، ويعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألأف درهم ، إذا إرتكب التحرش الجنسي من طرف أحد الأصول أو المحار أو من له ولاية أو سلطة على الضحية أو مكلفا برعايتها او كافلا لها ، أو إذا كان الضحية قاصرا دون الثامنة عشر من عمره … تضيف المسودة .
إشـراك المجلس الوطني لحقوق الإنسان .
أكد وزير العدل والحريات ، مصطفى الرميد ، أن مسودة مشروع القانون الجنائي ، ستسلك طريقها نحو المناقشة والمصادقة ، بعد إبداء الرأي من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ما يفيد بأن جميع التعديلات قـابلة للتغييـر ، خـاصة تلك التي لها صـلة بتوصيات المؤسسة الحقوقية الرسمية بالمغرب لا سيما توصيات هيأة الإنصـاف والمصـالحة .