المرشدين في الاستثمار المالي على ضوء قانون بورصة القيم المغربي الجديد : دراسة مقارنة
تعد بورصة القيم سوقا استثمارية مهمة تتطلب الحنكة والمهارة في من يروم التعامل فيها من أجل معرفة أوضاع السوق الآنية والمستقبلية، وحركة أسعار الأدوات المالية، ومعرفة الجهة المصدرة لهذه الأدوات، مع القدرة على تحليل المعلومات التي تفصح عنها. وهذه الخبرة والدراية في الواقع لا تتوفر لدى الجميع، الأمر الذي يدفع من يروم خوض غمار التعامل في بورصة القيم إلى الاستعانة بمن تتوفر لديه القدرة على فهم أوضاع السوق لطلب مشورته، لهذا ظهرت الحاجة إلى إيجاد ما يعرف بالمرشدين في الاستثمار المالي.
وقبل دخول القانون رقم 19.14 حيز التنفيذ[1]، لم يكن هناك إطار قانوني ينظم نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي بشكل محكم[2]، فهذا القانون يشكل أول نص تشريعي بالمغرب يضع نظاما متجانسا ومتكاملا للمرشدين في الاستثمار المالي، وتنظم بموجبه هذه الفئة إلى قائمة الفاعلين الرئيسيين في السوق المالي المغربي.
و في التشريع الفرنسي، فقد تم تنظيم مهنة المرشدين في الاستثمار المالي أول الأمر بصدور القانون رقم 2003-706 بتاريخ 1 غشت 2003 الذي ارتقى بها إلى مصاف المهن المنظمة[3]، ثم في مرة ثانية بصدور الأمر رقم 2007-544 بتاريخ 12 أبريل 2007 المعدل للمدونة النقدية والمالية الفرنسية[4]، وأخيرا بموجب القانون رقم 2010/1249 الصادر بتاريخ 22 أكتوبر 2010 الذي أعاد هيكلة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي من داخل نفس المدونة ابتداء من الفصل L541-1.
ويعول على المرشدين في الاستثمار المالي للقيام بدور مهم في نشاط و دينامية السوق المالية المغربية من خلال توجيه اختيار عملائهم نحو استراتيجيات استثمارية مربحة، وحثهم على إدارة ممتلكاتهم بشكل يضمن زيادة مردوديتها وتنميتها.
ولعل تعدد الأنشطة التي خولهم القانون ممارستها لفائدة عملائهم سواء الأشخاص الطبيعيين أو المعنوين خير دليل على جسامة الدور المنوط بهم.
وعلى هذا الأساس، فقد حمل التنظيم القانوني للمرشدين في الاستثمار المالي بين طياته العديد من المقتضيات و الأحكام الجديدة التي سعى من خلالها المشرع المغربي إلى إيجاد تأطير قانوني متكامل لهذه الفئة من المهنيين داخل السوق المالي بشكل يضمن أداءها لمهمتها على أكمل وجه، وهو ما يتجلى من خلال القواعد الصارمة التي تحكم نشاطها سواء عند التأسيس أو خلال الشروع في تقديم خدمات الإرشاد للعملاء.
بناء على ما سبق، يمكن حصر الإشكالية المراد معالجتها في التساؤل الآتي:
- ما هي الملامح الكبرى لنظام المرشدين في الاستثمار المالي على ضوء قانون بورصة القيم المغربي[5]؟
للإجابة على هذا الإشكالية، سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين كالآتي:
- المبحث الأول : الارتقاء بالإرشاد في الاستثمار المالي كمهنة منظمة.
- المبحث الثاني : خضوع المرشدين في الاستثمار المالي لقواعد اشتغال صارمة.
المبحث الأول: الارتقاء بالإرشاد في الاستثمار المالي كمهنة منظمة
إن أهم نتيجة تترتب عن تنظيم نشاط المرشدين في الاستثمار المالي كمهنة منظمة هي تخصيصها بنظام قانوني متميز عن غيره من حيث المفاهيم القانونية المؤطرة، ومن حيث ضوابط التأسيس والاشتغال. وبعبارات أخرى فإن هذا التنظيم التشريعي قد جاء بالعديد من المقتضيات التي لم تكن موجودة من قبل، لعل أبرزها تحديد مفهوم المرشدين في الاستثمار المالي وحصر نطاق العمليات التي يحق لهم إجراؤها (المطلب الأول)، من جهة أخرى تعد شروط تأسيس المرشدين في الاستثمار المالي مناسبة للوقوف على فلسفة المشرع المغربي إزاء حماية مصالح السوق والعملاء والتي تتبلور في شكل رقابة قبلية -شكلية وموضوعية- للهيئة المغربية لسوق الرساميل، وتنصب بالأساس على مراقبة استيفاء الشخص المعني لشروط تسجيله كمرشد في الاستثمار المالي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإرشاد في الاستثمار المالي: مفهوم قديم جديد!
مر بنا آنفا أن الإرشاد في الاستثمار المالي ليس مفهوما جديدا ضمن منظومة السوق المالي المغربي، إنما تنظيمه بالمغرب كنشاط رئيسي ومستقل في إطار مهنة منظمة جعله يخرج من دائرة الظل التي بقي قابعا فيها، ومن الأدلة على هذا شح الدراسات الأكاديمية القانونية بالمغرب التي تناولت هذا النشاط إن لم نقل انعدامها، سواء في إطار الكتابات العامة حول الأسواق المالية أو في إطار الكتابات المتخصصة.
ومهما كان، فإن الإرشاد في الاستثمار المالي كمفهوم قديم-جديد يقتضي منا كخطوة أولى القيام بتعريفه (الفقرة الأولى)، وهي خطوة تستدعي أن يليها مباشرة تحديد النطاق الذي يغطيه هذا الأخير، ونقصد هنا بطبيعة الحال الأنشطة المحددة من قبل المشرع لتكون محل تقديم خدمات إرشاد في الاستثمار المالي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تعريف الإرشاد في الاستثمار المالي
الإرشاد لغة، من الرشد: ومن أسماء الله تعالى: الرشيد: أي الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم. والرشد نقيض الضلال، ورشد الإنسان: إذا أصاب وجه الأمر والطريق. والإرشاد: الهداية والدلالة[6].
أما اصطلاحا، فبالرجوع إلى القانون رقم 19.14 نجده لم يعرف الإرشاد في الاستثمار المالي، لكنه في المقابل وضع تعريفا وظيفيا للمرشدين في الاستثمار المالي يستند على طبيعة النشاط الذي يقومون به، حيث جاء في المادة 60 من هذا القانون : “يراد في مدلول هذا القانون بمرشد في الاستثمار المالي، كل شخص اعتباري يتواجد مقره الاجتماعي بالمغرب يزاول بصفة رئيسية واعتيادية واحدا أو أكثر من الأنشطة التالية: …”.
وهو نفس النهج الذي سلكه المشرع الفرنسي في المادة L541-1 من المدونة النقدية والمالية، وذلك باستناده على الوظيفة التي تقوم بها هذه الفئة، مع تعداد الأنشطة المسموح لهم بمزاولتها.
وقد عرف مشروع دورية الهيئة المغربية لسوق الرساميل المتعلق بالمرشدين في الاستثمار المالي[7] مفهوم “الإرشاد” في مادته الأولى بأنه: “توصيات موجهة لشخص ما بصفته مستثمرا أو مستثمرا محتملا. أو بصفته ممثلا لمستثمر أو مستثمر محتمل. ويجب أن تقدم تلك التوصيات باعتبارها مناسبة خصيصا لذلك الشخص أو بناء على فحص وضعيته الخاصة” (ترجمة شخصية).
وينتج عن هذا أنه لا تعتبر من قبيل الإرشاد قيام المرشد في الاستثمار المالي بتقديم نتائج دراسة في الاستثمار أو نتائج تحليل مالي إلى العميل ولو بطلب منه، أو أي معلومات أخرى ذات طابع عام تتعلق بإحدى الصفقات المنصبة على أدوات مالية[8].
في حين عرفه التوجيه رقم 2004/39/CE الصادر عن البرلمان الأوروبي بأنه: “التزويد بتوصيات شخصية (personnalisé) لأحد العملاء، سواء بطلب منه أو بمبادرة من مقاولة الاستثمار، فيما يخص واحدة أو أكثر من الصفقات المنصبة على أدوات مالية”[9].
وقد ورد في المادة 60 من القانون رقم 19.14 تعداد مجموعة من الأنشطة التي يحق للمرشدين في الاستثمار المالي مزاولتها، ويبلغ مجموعها سبعة أنشطة، ستة منها رئيسية، بالإضافة إلى نشاط سابع عبارة عن نشاط مرتبط (connexe) بالأنشطة السابقة.
الفقرة الثانية: نطاق الإرشاد في الاستثمار المالي
يغطي نطاق الإرشاد في الاستثمار المالي سبعة أنشطة مالية، ويمكن تقسيم هذه الأنشطة إلى مجموعتين رئيسيتين بالإضافة إلى نشاط مرتبط بالمجموعتين، حيث تضم المجموعة الأولى أنشطة موجهة لأشخاص ذاتية ومعنوية على حد سواء (أولا)، بينما تضم المجموعة الثانية أنشطة موجهة لأشخاص معنوية فقط (ثانيا)، كما يوجد هناك نشاط[10] آخر مرتبط بالأنشطة السابقة ويتعلق باستقبال وإرسال الأوامر لحساب الغير (ثالثا).
أولا : أنشطة موجهة لفائدة أشخاص ذاتية ومعنوية على حد سواء
وتنقسم إلى ثلاثة أنشطة هي:
1-الإرشاد في مجال تسيير محافظ الأدوات المالية :
يعرف تسيير محافظ الأدوات المالية، بأنه ذلك “النشاط الذي يقوم على التدبير الفردي أو الجماعي لمحفظة تضم واحدة أو أكثر من الأدوات المالية، بطريقة حريصة في إطار وكالة تربط بين صاحب المحفظة و الطرف المسير لها”[11]، وقد عهد المشرع بالتدبير الفردي إلى هيئات متعددة كمؤسسات الائتمان، وشركات البورصة، أما بخصوص التدبير الجماعي فهو موكول لهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة المنظمة في الظهير الشريف رقم 1.93.213 الصادر بتاريخ 21 شتنبر 1993[12].
وعرف أحد الفقه محفظة الأدوات المالية بأنها: “تشكيلة من الأوراق المالية المتنوعة، يتم اختيارها بعناية ودقة فائقتين، يديرها المستثمر بنفسه، أو ينوب عنه غيره؛ بحيث يتحقق أكبر عائد ممكن، وأقل خطر محتمل”[13].
ويعمل مدير المحفظة على إدارة أصولها، ومراجعتها، ومراقبتها بصفة دورية، وتقديم تقرير عن المحفظة للمستثمر بصفة دورية، وتبذل تلك الجهة في إدارتها للمحفظة عناية الرجل الحريص، وتعمل على حماية مصالح المستثمر، واتخاذ الاحتياطات لأخطار السوق، وتنويع أوجه الاستثمار[14]. وكما هو معلوم، فإن بلوغ هذه الغاية من طرف مدير المحفظة يكون أكثر قابلية للتحقق في ظل الاستعانة بخدمات مرشد في الاستثمار المالي، ذلك أن إدارة محافظ الأدوات المالية واتخاذ قرار الاستثمار بشأنها نشاط معقد يحتاج إلى خبرة ودراية كبيرتين لا تتوفر سوى لدى المحترفين العارفين بتقنيات التعامل في البورصة، كما أنه من الأنشطة التي تخضع مزاولتها للتأهيل من طرف الهيئة المغربية لسوق الرساميل[15].
وتنبغي الإشارة إلى أن مالك محفظة الأدوات المالية قد يتولى تدبيرها بنفسه (أسلوب الإدارة الحرة) وفي هذه الحالة فإنه توصيات المرشد في الاستثمار المالي توجه إليه شخصيا، وقد يعهد بتدبير محفظته إلى شخص آخر (أسلوب التدبير المفوض) وفي هذه الفرضية يكون مدير المحفظة هو المعني بتوصيات المرشد في الاستثمار المالي.
2-الإرشاد والمساعدة في مجال تدبير الممتلكات:
يقصد بالممتلكات في مدلول القانون رقم 19.14، وبالتحديد البند الثامن عشر من المادة الأولى، كل من الأدوات و التوظيفات المالية، وعادة ما يلجأ المستثمرون غير المحترفون إلى هذه الخدمة نظرا لافتقارهم إلى الخبرة الكافية في مجال تدبير هذا النوع من الأموال الذي يتسم بتعقيده وطبيعته الخاصة ودقة المعاملات التي ترد عليه. ويعد الإرشاد في تدبير الممتلكات مهنة منظمة في القانون الفرنسي، مما يدل على أهمية هذا الجانب من الخدمات التي يقدمها المرشدون في الاستثمار المالي[16]. وما يعضد قولنا هذا أن المشرع المغربي لم يقيد المرشدين في الاستثمار المالي في هذا الجانب بمهمة الإرشاد فقط، بل تعداها إلى تخويلهم إمكانية التدخل كمساعد في تدبير تلك الممتلكات، وهي مكنة غير مخولة في باقي فروع أنشطة الإرشاد المالي إلا بالنسبة للتدبير المالي والهندسة المالية للهيئات أو الأشخاص الاعتبارية التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها وسنداتها فقط. لكن رغم هذا، فإن مفهوم مصطلح “المساعدة” الذي استعمله المشرع يبقى في نظرنا المتواضع غامضا نوعا ما، فهل يقتصر على مجرد تقديم توصيات للعميل أم يتعداه إلى التدخل الفعلي (المادي) المساعد في تدبير الممتلكات.
3-إرشاد العملاء قصد اقتناء أو تفويت أدوات مالية:
لا يعد هذا الفرع من الأنشطة حكرا على المرشدين في الاستثمار المالي فقط، بل سمح المشرع المغربي بممارسته كنشاط مرتبط بالنسبة لأشخاص أخرى كشركات البورصة[17] و مؤسسات الائتمان[18]، وهو من أكثر خدمات الإرشاد في الاستثمار المالي شيوعا في الواقع العملي.
ثانيا: أنشطة موجهة حصريا لفائدة أشخاص معنوية
وتنقسم هي الأخرى إلى ثلاثة أنشطة كالتالي:
1-الإرشاد والمساعدة في مجال التدبير المالي والهندسة المالية لحساب الهيئات أو الأشخاص الاعتبارية التي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها وسنداتها:
لا وجود لتعريف للهندسة المالية سواء في التشريع المغربي أو التشريع الفرنسي، كما أن الفقه يقر بصعوبة الأمر نظرا لارتباطه بأحد المفاهيم المعقدة، لكن رغم ذلك يمكن القول بأن الهندسة المالية في لغة الممارسين تنصرف إلى:”مجموع التركيبات المصممة من أجل السماح للشركات بإعادة هيكلة ميزانيتها” وهي أيضا “علم الأدوات والأساليب الموضوعة رهن إشارة الشركات لتمكينها من ضمان تمويل نموها “[19].
وعلى العموم، فإن حاجة الشركات إلى التمويل تدفعها إلى مصادر عدة كالاقتراض البنكي وإصدار سندات الدين وغيرها، لكن مثل هذا المصادر تؤثر سلبا على استقلالية الشركة ونتائجها، لذلك فهي تحاول ما أمكن اللجوء إلى مختلف مصادر التمويل المتاحة دون فقدان السيطرة على استقلالية قرارها. كما أن المستثمرين من جهتهم يبحثون عن الفرص الاستثمارية التي تتيحها هذه الشركات للظفر بالربح وتجنب كل خسارة ممكنة، لهذا تعمل الهندسة المالية على التوفيق بين هذه المصالح المتعارضة من خلال خلق الوسائل والأدوات الكفيلة بإرضاء تطلعات المتدخلين في هذه السوق[20].
2- الإرشاد أثناء عمليات دعوة الجمهور إلى الاكتتاب في الأسهم والسندات:
ويقصد بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب في الأسهم والسندات حسب المادة الأولى من القانون رقم 44.12، إدراج قيمة منقولة كما هي معرفة في المادة 2 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.93.211 بتاريخ 4 ربيع الآخر 1414 (21 سبتمبر 1993) المتعلق ببورصة القيم[21]، أو حصص صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد وهيئات توظيف الأموال بالمجازفة في بورصة القيم أو في أي سوق منظمة أخرى. وإصدار أو تفويت السندات المذكورة أعلاه إلى الجمهور مع اللجوء بصفة مباشرة أو غير مباشرة إلى السعي أو الإشهار أو بواسطة وسيط مالي.
وتعد دعوة الجمهور للاكتتاب عملية معقدة تتطلب اتباع مجموعة من الشكليات، ويؤدي عدم احترامها إلى توقيع جزاءات جنائية، مع تمكين المدخرين من طلب استرجاع المبالغ المكتتبة[22]. لذلك يعد دور المرشد في الاستثمار المالي مهما من أجل تقديم التوصيات اللازمة للشخص المعنوي من أجل إعداد الوثائق واتباع الإجراءات القانونية اللازمة لإنجاح العملية.
3-إرشاد الشركات في مجال الإدراج في البورصة و مرافقتها بعد هذا الإدراج:
إن الإدراج في البورصة يعد مسألة مفصلية في حياة الشركة، ويتطلب الإعداد له بعناية وتفكير عميق[23]، فهو يمكن المقاولة من تقوية أصولها و الحصول على رؤوس أموال هامة تضمن تنمية نشاطها و تنفيذ مشاريعها على المدى المتوسط والبعيد[24]. ويعد اللجوء إلى خدمات مرشد في الاستثمار المالي في مثل هذه الحالة خيارا مثاليا وسبيلا أنجع لإنجاح عملية الإدراج التي تتسم بالتعقيد وتفرض على الشركة المصدرة التزامات ثقيلة تجاه الجمهور،خاصة في ما يتعلق بتقديم معلومات صحيحة ودقيقة بين يدي السلطات المالية والمستثمرين.
ثالثا: تلقي وإرسال الأوامر لحساب الغير (نشاط مرتبط)
ويقصد بالأوامر في مدلول هذه المادة “أوامر البورصة”، وأمر البورصة حسب تعريف بعض الفقه[25] هو تلك “التعليمة المرسلة إلى وسيط مالي من طرف عميله بغية إبرام صفقة شراء أو بيع أدوات مالية على مستوى السوق المالي”، أما “الغير” فيقصد به مصدر أمر البورصة، وقد ورد تعريفه في البند 11 من المادة الأولى من القانون 19.14 بأنه “كل شخص ذاتي أو اعتباري يصدر أمر شراء أدوات مالية أو بيعها”.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تعداد الأنشطة أعلاه لا يعني بالضرورة السماح للمرشد في الاستثمار المالي بمزاولتها كلها، حيث تنص المادة 65 من القانون رقم 19.14 في فقرتها الثانية على أن نطاق الأنشطة المخول مزاولتها لكل مرشد في الاستثمار المالي يشمل فقط تلك المحددة في قرار التسجيل الذي تتخذه الهيئة المغربية لسوق الرساميل[26].
كما أن هناك أنشطة يشملها الحظر المطلق، حيث نصت المادة 67 من نفس القانون على أنه: “لا يجوز للمرشدين في الاستثمار المالي أن يتلقو في شكل ودائع الأموال أو الأدوات المالية من طرف عملائهم”.
ونشير في نهاية هذه الفقرة إلى أن مشروع دورية الهيئة المغربية لسوق الرساميل المشار إليه سابقا قد ميز بين صنفين من المرشدين في الاستثمار المالي، الصنف الأول يشمل مرشدين ذوي نشاط ضيق يقوم على وجود وكالة تربط المرشد مع مصدر أداة مالية أو مؤسسة لتسويق الأدوات المالية بهدف التزويد بإرشادات تخص تلك الأداة، وينقسم المرشد ذي النشاط الضيق هو الآخر إلى نوعين من المرشدين: مرشد ضيق بصلة واحدة، ومرشد ضيق بصلات متعددة، فالأول يقدم إرشادات لفائدة هيئة مصدرة واحدة، بينما يقدم الثاني إرشادات لمجموعة من الهيئات، والصنف الثاني يشنل ما أسماه المشروع المرشدين في الاستثمار المالي المستقلين الذين لا ينحصر نشاطهم على مصدر أو مجموعة مصدرين بعينهم[27]. وفي حقيقة الأمر فإن هذه التقسيمات المتعددة تضعنا كباحثين في متاهة، كما أن فهمها من الناحية النظرية فقط يبقى أمرا صعبا للغاية.
المطلب الثاني: شروط مزاولة الإرشاد في الاستثمار المالي
تعكس الشروط القانونية المتطلبة للحصول على الاعتماد لمزاولة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي، مظهرا من مظاهر الرقابة القبلية التي تفرضها السلطات العامة على الوضعية القانونية للأشخاص الراغبة في الاشتغال داخل السوق المالي كمهنيين، وذلك ضمانا لاستقرار وسلامة هذه السوق وحسن سيرها[28]. وهذه الشروط تجمع بين الطابع الشكلي (الفقرة الأولى)، والطابع الموضوعي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية
إن حصول الشخص الاعتباري على صفة مرشد في الاستثمار المالي يتطلب اتباع إجراءات قانونية محددة بدقة أمام الهيئة المغربية لسوق الرساميل، وتتوزع الإجراءات المتطلبة في هذا الصدد بين تلك الخاصة بالأشخاص الاعتبارية التي تقرر مزاولة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي في الحالة العادية، دون أن تكون قد مارست أي نشاط آخر من قبل (أولا)، و تلك التي تهم شركات البورصة التي تقرر الانتقال من تنفيذ المعاملات المتعلقة بالأدوات المالية كتشاط أساسي إلى ممارسة مهنة الإرشاد في الاستثمار المالي كنشاط رئيسي واعتيادي (ثانيا).
أولا: الإجراءات في الحالة العادية
يقتضي الحصول على صفة مرشد في الاستثمار المالي في الحالات العادية إعداد طلب بذلك يسمى طلب التسجيل، وتوجيهه إلى الهيئة المغربية لسوق الرساميل مصحوبا بملف يحدد مضمونه بدورية تعدها هذه الأخيرة.
وبعد تلقي طلب التسجيل من طرف الهيئة المغربية لسوق الرساميل تقوم بالبت فيه وتبلغ مقررها إلى الشخص المعني داخل أجل أقصاه شهران ابتداء من تاريخ إيداع الملف الكامل المرفق بطلب التسجيل.
وقد نصت المادة 65 من القانون 19.14 على أن كل رفض لطلب التسجيل يكون معللا، ويمكن أن يكون هذا الرفض محل طعن بسبب الشطط في استعمال السلطة استنادا إلى المادة 56 من القانون رقم 43.12 المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل التي تنص على ما يلي:” يمكن الطعن لأجل الشطط في استعمال السلطة في القرارات الصادرة عن الهيئة المغربية لسوق الرساميل في إطار مزاولة مهامها أمام المحكمة الإدارية بالرباط”.
ثانيا: مزاولة الإرشاد في الاستثمار المالي كنشاط رئيسي من طرف شركات البورصة
سمح المشرع المغربي لشركات البورصة بمزاولة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي بشكل رئيسي واعتيادي، لكنه قرنه بشروط محددة ورتب عليه آثار في غاية الأهمية تمس الوضعية القانونية لهذه الشركات بشكل جذري.
وعليه، فإن كل شركة بورصة اختارت مزاولة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي كما تم تعريفه في المادة 60 من هذا القانون19.14، تكون ملزمة بإيداع طلب للتسجيل لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل، مع إرفاقه بملف يحدد مضمونه من طرف نفس الهيئة[29]. وما يلاحظ في هذا الإطار أن البت في طلب التسجيل يتم في أجل لا يتجاوز 30 يوم، بخلاف أجل شهرين المقرر للبت في الطلب في الحالات العادية، وهذا راجع بلا شك إلى المعرفة المسبقة التي تكونت لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل بوضعية شركة البورصة المعنية و إمكاناتها المالية والتقنية والبشرية.
وتتخذ الهيئة المغربية لسوق الرساميل قرارها في الأجل المحدد، إما بالرفض المعلل لطلب التسجيل[30]، أو بمنح الموافقة المؤقتة للتسجيل. ويطرح التساؤل في هذا الصدد عن الغاية من منح الموافقة المؤقتة على طلب التسجيل دون الموافقة النهائية؟
في هذا الصدد تجيبنا المادة 72 من نفس القانون التي نصت على أن شركة البورصة التي حصلت على الموافقة المؤقتة تمتنع عن القيام بأية عملية غير العمليات اللازمة لتحويلها كمرشد في الاستثمار المالي ولتصفية التزاماتها بصفتها شركة بورصة، ولا يجوز تسجيلها نهائيا لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل كمرشد في الاستثمار المالي إلا بعد إثباتها للهيئة تصفية الالتزامات المرتبطة بأنشطتها كشركة بورصة، وتتم تصفية هذه الالتزامات داخل أجل لا يتعدى سنة واحدة تحت طائلة إلغاء الموافقة المؤقتة.
ويثور التساؤل كذلك حول النظام القانوني المطبق على عملية تحويل شركة البورصة إلى مرشد في الاستثمار المالي؟
في هذا الإطار وأمام سكوت القانون 19.14 عن توضيح هذه النقطة، يتعين الرجوع إلى النظام القانوني للتحويل المطبق على شركات المساهمة[31] والمنصوص عليه في المواد من 216 إلى 221 من القانون رقم 17.95[32].
ويترتب عن التسجيل النهائي لشركة البورصة المعنية كمرشد في الاستثمار المالي آثار مهمة تتمثل في سحب الاعتماد الممنوح لها كشركة بورصة، والتشطيب عليها من قائمة شركات البورصة المشار إليها في المادة 44 من هذا القانون[33]. ويتضح من خلال هذا المقتضى الأخير مدى جسامة الالتزامات التي يرتبها اكتساب صفة مرشد في الاستثمار المالي، والتي تقتضي عدم الجمع بينها وبين التزامات أخرى قد توازيها أو تفوقها من حيث الأهمية[34].
الفقرة الثانية: الشروط الموضوعية
بعد وضع طلب التسجيل لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل، تتأكد هذه الأخيرة من تقديم ضمانات كافية من طرف الشخص الذي يعتزم مزاولة نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي، وهي ضمانات لا تتعلق بالشخص الاعتباري فقط، بل حتى بمسيريه الذين يجب أن تتوفر فيهم صفات الكفاءة والنزاهة و الخبرة في المجالين القانوني والمالي بما يجعلهم جديرين بالثقة التي يضعها العملاء في المرشد في الاستثمار المالي.
وفيما يخص التشريع الفرنسي، فإن المرشد في الاستثمار المالي يجب علاوة على شروط السن والنزاهة أن يثبت توفره على شهادة وطنية للسلك الأول من التعليم العالي في المجال القانوني أو الاقتصادي أو ما يعادلها، أو يثبت توفره على تكوين مهني أو تجربة مهنية في الميدان لا تقل عن سنتين متحصل عليها في غضون الخمس سنوات التي تسبق شروعه في الاشتغال[35]، وإذا كان المرشد في الاستثمار المالي شخصا معنويا فإن هذه الشروط يجب أن تتوفر في الأشخاص الذين يكلفون بإدارته أو تسييره[36].
ونصت المادة 15 من مشروع د.ه.م.س.ر على أن مسيري المرشد في الاستثمار المالي يجب أن يثبتو توفرهم على شهادة للدراسات العليا، وتجربة مهنية لا تقل عن خمس سنوات. و نصت المادة الأولى من قرار وزير المالية[37] عدد 1756-17 في بندها السادس على أن الأشخاص (الذاتيين) الذين يمارسون واحدة أو أكثر من أنشطة الإرشاد المشار إليها في المادة 60 من القانون 19.14 يخضعون وجوبا للتأهيل من طرف الهيئة المغربية لسوق الرساميل .
وقد نظم المشرع مسطرة التأهيل في المادة 31 من القانون 43.12، التي نصت على أنه “تؤهل الهيئة المغربية لسوق الرساميل الأشخاص الذاتيين لمزاولة بعض المهام داخل الأشخاص الخاضعة لمراقبتها والمشار إليها في المادة 4″، ومن بين هؤلاء الأشخاص كما أشرنا إليه سابقا نجد المرشدين في الاستثمار المالي. وتضيف نفس المادة بأنه “لهذا الغرض يجب على الأشخاص الذاتيين المذكورين أن يثبتوا عن تكوين مقنع وملائم حسب كيفيات وشروط تحدد في النظام العام للهيئة”[38].
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المشرع الفرنسي ألزم المرشدين في الاستثمار المالي بأن يثبتوا في كل وقت وحين توفرهم على تأمين يغطي النتائج المالية الناتجة عن قيام مسؤوليتهم المدنية، بخلاف المشرع المغربي الذي لم ينص على مقتضى من هذا القبيل[39].
ومن جهة أخرى، يتعين على المرشدين في الاستثمار المالي أن يتخذو وجوبا شكل شخص اعتباري يتواجد مقره الاجتماعي بالمغرب[40]، ولم يحدد المشرع طبيعة هذا الشخص الاعتباري، على خلاف ما فعل بالنسبة لباقي الأشخاص المشتغلين في القطاع المالي عموما، وفي السوق المالي على الخصوص، كشركات البورصة، ومؤسسات الائتمان، ومقاولات التأمين، والتي استلزم أن تتخذ وجوبا شكل شركة مساهمة، لما يوفره هذا النوع من الشركات من إطار قانوني وتنظيمي قادر على تعبئة الأموال اللازمة من أجل النهوض بالأعباء والالتزامات التي يفرضها القطاع المالي و من أجل حماية الاقتصاد الوطني و المصالح الخاصة لعملاء هذه المقاولات.
بناء على هذا يحق لنا أن نتساءل هل المشرع المغربي يعتبر نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي أقل أهمية من القطاعات المالية السالفة الذكر؟ أم أن الأمر راجع إلى ضعف الطلب على سوق الإرشاد في الاستثمار المالي؟ أم أنه مجرد نوع من المرونة اللازمة لتشجيع مزاولة هذا النوع من الأنشطة التي تساهم في تجويد الأداء المالي والاستثماري للعملاء والشركات المدرجة، وبالتالي عدم اشتراط شكل معين يتخذه المرشد في الاستثمار المالي[41]؟
على العموم، فما يمكن قوله في هذا الشأن هو أن المشرع المغربي ظل وفيا للتوجه الذي تبناه منذ الإصلاحات الشاملة والعميقة للسوق المالي بداية التسعينيات، حيث سمح فقط لأشخاص اعتبارية بتقديم الخدمات المالية للعملاء داخل هذه السوق بما فيها خدمات الإرشاد في الاستثمار المالي، بخلاف المشرع الفرنسي الذي وسع من دائرة الأشخاص المسموح لهم بذلك، حيث فتح المجال أمام الأشخاص الذاتيين المؤهلين لتقديم خدمات الإرشاد في الاستثمار المالي، وهو ما يستشف من خلال قراءة المادة L541-2 من المدونة النقدية والمالية الفرنسية[42].
إضافة لما سبق، ينبغي على كل مرشد في الاستثمار المالي يعتزم مزاولة نشاط تلقي وإرسال الأوامر لحساب الغير تقديم ضمانات كافية خصوصا فيما يتعلق بتنظيمه ووسائله التقنية[43]، ومرد هذا في نظرنا راجع إلى ثقل المسؤولية المترتبة عن مزاولة هذا النشاط، خاصة أن أغلبية العملاء في الوقت الراهن يفضلون إرسال أوامر البورصة عن طريق الأنترنيت أو الهاتف، مما يستدعي تهيئ الوسائل التقنية الكفيلة بممارسة هذا النشاط بشكل جيد لتفادي الوقوع في وضعيات خلل وظيفي لنظام تلقي وإرسال الأوامر، والتي قد تترتب عليها خسارات فادحة للمستثمرين تتجلى في تفويت فرصة عقد صفقة بيع أو شراء أدوات مالية، مما يستدعي جبر الأضرار اللاحقة بهم نتيجة ذلك[44].
المبحث الثاني: خضوع المرشدين في الاستثمار المالي لقواعد اشتغال صارم
نص المشرع المغربي على جملة من القواعد والالتزامات التي تحكم اشتغال المرشدين في الاستثمار المالي، وفي المقابل أعفى بعض الأشخاص من الخضوع لهذه القواعد بالنظر إلى خضوعها لأنظمة قانونية معينة تتضمن قواعد وأحكام خاصة بها[45].
وتجد الالتزامات المفروضة على المرشدين في الاستثمار المالي مصدرها في العقد الرابط بين المرشد والعميل، أو في القانون (المطلب الأول)، ويترتب عن اكتساب صفة مرشد في الاستثمار المالي التصنيف في قائمة الأشخاص المعنوية التي يشملها اختصاص المراقبة المسند إلى الهيئة المغربية لسوق الرساميل، التي تتأكد من احترام الأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التزامات المرشدين في الاستثمار المالي
سيتمحور موضوع هذا المطلب حول بيان طبيعة ومضمون الالتزامات المفروضة على المرشدين في الاستثمار المالي، سواء تلك النابعة من نص القانون (الفقرة الأولى)، أو من نص الاتفاق (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الالتزامات القانونية
يلتزم كل مرشد في الاستثمار المالي باحترام قواعد حسن السلوك التي تعكس تكريس البعد الأخلاقي في قانون السوق المالية[46] (أولا)، كما يلتزم بالانضمام إلى جمعية مهنية خولها القانون مجموعة من الصلاحيات، لكنها في المقابل تعكس تغليب مصلحة المهنيين على مصلحة المستثمرين الصغار (ثانيا).
أولا: الالتزام باحترام قواعد حسن السلوك
قبل الحديث عن تفعيل الالتزام باحترام قواعد حسن السلوك -2-، لابد أولا من تحديد مفهوم هذه القواعد -1-
1 : مفهوم قواعد حسن السلوك
لم يعرف المشرع المغربي قواعد حسن السلوك، لكنه بالمقابل أورد بعض الالتزامات التي تدل على محتوى وطبيعة هذا المفهوم وذلك في المادتين 68 و 84 من القانون رقم 19.14، حيث جاء في المادة 68 بأنه: “يجب على المرشدين في الاستثمار المالي التقيد بالقواعد الأخلاقية الصادرة عن الهيئة المغربية لسوق الرساميل، وكذا قواعد حسن السلوك المنصوص عليها في المادة 84 من هذا القانون”.
وجاء في المادة 84: “يجب على شركات البورصة و المرشدين في الاستثمار المالي وضع التدابير الكفيلة للوقاية من تعارض المصالح واحترام مبادئ الانصاف والشفافية ونزاهة السوق وأولوية مصلحة العميل.
تحدد الهيئة المغربية لسوق الرساميل كيفيات تطبيق هذه المادة”.
وقد انبرى بعض الفقه لتحديد مفهوم قواعد حسن السلوك les régles de bonne conduite وعرفها بأنها: “قيام المهني الفاعل في السوق المالي بنشاطه بالكفاءة والعناية اللازمتين، مع امتثاله للأنظمة والقوانين المطبقة على النشاط الذي يمارسه، بطريقة تخدم مصلحة العميل و سلامة السوق”[47].
وعلى العموم فقواعد حسن السلوك أو قواعد السلوك الجيد هي مجموعة من القواعد القانونية والأخلاقية واجبة الاتباع من طرف المهنيين في السوق المالي، وتقوم على مبادئ رئيسية قوامها الشفافية والإنصاف والنزاهة و تجنب تعارض المصالح، والتي تصبو إلى الحفاظ على مصلحة السوق والعملاء على حد سواء، وتجنب كل تصرف من شأنه أن يؤدي إلى إهدار أو انتقاص هذه المصلحة.
كما يقتضي الأمر بأن لا يكون للأشخاص الذين يشكلون طاقم إدارة المرشد في الاستثمار المالي مصالح شخصية تتعارض مع مصلحة هذا الأخير بشكل قد يؤدي بهؤلاء الأشخاص إلى ترجيح كفة مصالحهم الشخصية على كفة مصلحة المؤسسة التي يشرفون على إدارتها ، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلبا على الوضعية المالية للشخص الاعتباري، وبالتالي على حقوق العملاء.
2- تفعيل الالتزام باحترام قواعد حسن السلوك
لأجل تفعيل الالتزام باحترام قواعد حسن السلوك، فإن المرشد في الاستثمار المالي ملزم بالتوفر على نظام داخلي للمراقبة يضمن الشفافية في خدمات الإرشاد المقدمة للعملاء وضبط الأخطار المحدقة بالأنشطة التي يمارسها، بالإضافة إلى التأكد من مطابقة نشاطه للقوانين الجاري بها العمل، ويتم وضع هذا النظام تحت مسؤولية مسيري المرشد في الاستثمار المالي[48].
كما يجب أن يتوفر المرشد في الاستثمار المالي أيضا على مدونة أخلاقيات، تتضمن القواعد الكفيلة برصد حالات تنازع المصالح، وتضمن احترام مبادئ المساواة والشفافية ومراعاة سلامة السوق ومصلحة العملاء. كما يعمل على إخبار الطاقم المشتغل لديه بهذه المدونة وضرورة احترامهم لها، كما يعمل على تحيينها باستمرار[49].
ومن جهة أخرى، يلتزم المرشد في الاستثمار المالي بممارسة الأنشطة المرخص له بها بكفاءة وتفان، وبكيفية حريصة تراعي احتياجات وأهداف كل عميل[50].
وبخصوص نشاط استقبال وإرسال الأوامر لحساب الغير، فإن الاجتهاد القضائي الفرنسي يستند في العديد من الأحيان على قواعد حسن السلوك كأساس لقيام المسؤولية المدنية في مادة أمر البورصة استنادا على الفصل L533-4 من المدونة النقدية والمالية الفرنسية، حيث إن مقدم خدمات الاستثمار الذي يسمح لعميله بإرسال أوامر بورصة رغم عدم كفاية التغطية أو الرصيد، وفي ظل غياب نظام الترشيح الأوتوماتيكي الخاص بإرسال الأوامر عبر الأنترنيت يعتبر مسؤولا لعدم احترامه قواعد السلوك الجيد المنصوص عليها في الفصل L533-11 من المدونة النقدية والمالية الفرنسية، مما تسبب لعميله غير المحترف في خسارة فادحة[51]، وبالتالي يمكن القول بمسؤولية المرشدين في الاستثمار المالي في هذا الصدد قياسا على مسؤولية مقدمي خدمات الاستثمار.
ثانيا: الانضمام إلى جمعية مهنية
تنص المادة 91 من القانون رقم 19.14 على أنه: “يجب على كل مرشد في الاستثمار المالي المسجل بصورة قانونية أن ينضم إلى جمعية مهنية تسمى الجمعية المهنية للمرشدين في الاستثمار المالي خاضعة لأحكام الظهير الشريف رقم 1.58.376 الصادر في 3 جمادى الأولى (15 نوفمبر 1958) بتنظيم حق تأسيس الجمعيات.”
تضيف نفس المادة بأن الجمعية المهنية للمرشدين في الاستثمار المالي تخضع لأحكام المواد من 92 إلى 96 من هذا القانون والمطبقة على الجمعية المهنية لشركات البورصة.
وقد وجدت الجمعية المهنية للمرشدين في الاستثمار المالي من أجل تحقيق أهداف محددة في خدمة مصلحة السوق والعملاء من جهة، حيث تسعى على أن يتقيد أعضاؤها بأحكام هذا القانون والنصوص الصادرة بتطبيقه. وفي خدمة المهنة من جهة أخرى، حيث تنظر في القضايا التي تهم مزاولة مهنة الإرشاد في الاستثمار المالي لا سيما تحسين تقنيات البورصة و إحداث خدمات مشتركة وإدخال تكنولوجيات جديدة وتكوين المستخدمين[52] .من ناحية أخرى، فالجمعية المهنية للمرشدين في الاستثمار المالي تعتبر الوسيط الوحيد بين أعضائها وبين السلطات العمومية أو أي هيئة وطنية أو أجنبية باستثناء تجمع آخر أو جمعية أو نقابة فيما يخص القضايا التي تهم المهنة[53]. كما منح لها القانون حق إقامة الدعاوى القضائية إذا تبين لها أن مصالح المهنة مهددة[54].
وفي حقيقة الأمر فإن تنظيم الجمعيات المهنية المتعلقة بشركات البورصة و بالمرشدين في الاستثمار المالي كان يجب أن يوازيه تنظيم آخر يهم جمعيات الدفاع عن المستثمرين في البورصة، هذه الفئة التي تفتقر للأسف إلى حدود اللحظة لإطار قانوني خاص يسمح لها بالتكتل للدفاع عن مصالحها المشروعة و التعبير عن همومها وانشغالاتها كما هو الحال مثلا بالنسبة للتشريع الفرنسي الذي نظم بشكل محكم ودقيق جمعيات الدفاع عن المستثمرين في البورصة.
وقد نصت المادة D.452-1 من المدونة النقدية والمالية الفرنسية على ضوابط تأسيس مثل هذه الجمعيات، حيث حددت المسطرة المتبعة في التأسيس، والحد الأدنى للأعضاء المنخرطين الذي لا يقل عن مئتي عضو، والشروط الواجب توفرها في الأعضاء المسيرين لهذه الجمعيات[55]. ولا غرابة في ذلك، فقد ورد تنظيم هذه الجمعيات تحت الفصل الأول من الباب الخامس المعنونين على التوالي بشفافية السوق و حماية المستثمرين، وهذا يدل على أن ترسيخ الشفافية في السوق المالي المغربي يحتاج تدخلا تشريعيا من أجل تكريسه عبر مدخل حماية المستثمرين خاصة الصغار منهم الذين يشكلون قاعدة عريضة لا يستهان بها، وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى تعزيز الثقة التي تعد إحدى الركائز الأساسية للأسواق المالية العصرية والحديثة.
الفقرة الثانية: الالتزامات العقدية
سنعالج هذه الفقرة من خلال الحديث بداية عن التزام المرشد في الاستثمار المالي (أولا)، قبل الحديث عن إبرام عقد الإرشاد في الاستثمار المالي (ثانيا).
أولا: الالتزام بإعلام العميل
يلزم المرشد في الاستثمار المالي قبل إبرام العقد بتزويد العميل بكافة المعلومات التي تتعلق بطريقة تقديم خدماته، وبالأخص الوسائل و الطريقة المعدتان لذلك[56]. ويمتد هذا الواجب ليشمل حتى مرحلة ما بعد إبرام العقد، حيث يلزم المرشد في الاستثمار المالي بإخبار العميل بمعلومات كاملة عن كل الوقائع المهمة التي تؤثر على تقديمه لخدماته، كما يخبره بكل تغيير يطرأ على التوصيات التي زوده بها أو يطرأ على المعلومات التي قام بنشرها، ويجب أن تكون جميع المعلومات المقدمة للعميل دقيقة، واضحة وغير مضللة.
وبخصوص المرشد في الاستثمار المالي المستقل، فإنه ملزم بأن يشرح لعميله بكيفية واضحة و دقيقة الشروط التي تبرهن على استجابة خدماته المقدمة لطبيعة مهامه كمرشد في الاستثمار المالي مستقل[57].
ثانيا: إبرام عقد الإرشاد في الاستثمار المالي
يجب على كل مرشد في الاستثمار المالي قبل الدخول في علاقة مع العميل أن يبرم معه عقدا مكتوبا يتضمن على الأقل: الخدمات المقدمة من طرفه ومضمونها وطريقة تقديمها والأجل المحدد لذلك، نوع الأدوات المالية موضوع تلك الخدمات، التزام المرشد بتحيين التوصيات المقدمة للعميل، مدة العقد وطريقة تجديده، مسطرة تعديل العقد. ويجب أن يتضمن العقد كذلك تسمية المرشد في الاستثمار المالي، وعنوانه أو مقره الاجتماعي، ورقم تسجيله لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل، والأنشطة المسموح له بمزاولتها[58].
ويجب أن تكون المعلومات المضمنة بالعقد دقيقة، واضحة وغير مضللة. والملاحظ أن البيانات أعلاه الواجب إدراجها في العقد تشكل فقط الحد الأدنى الواجب التقيد به، مما يعني أن الطرفين بإمكانهما الاتفاق على إدراج بنود أخرى في العقد مثل شرط التحكيم، و تحديد العمولات التي سيتقاضاها المرشد وغيرها من البنود أو الشروط الأخرى.
ويخضع العقد في تنفيذه للقاعدة العامة “العقد شريعة المتعاقدين”، كما يلزم أطرافه بتنفيذه بحسن نية، وفي هذا الإطار يعتبر تزويد العميل بالإرشادات مجرد التزام ببذل عناية، حيث إن المرشد في الاستثمار المالي ملزم بتهيئة كافة الوسائل الضرورية للوفاء بالتزامه بما يتطابق مع الوضعية المالية للعميل وأهدافه الاستثمارية، لكنه غير مطالب بضمان الأرباح التي قد تنتج عن الاستثمار في أداة مالية[59].
ويقع على عاتق المرشد في الاستثمار المالي كل أربعة أشهر التزام بإرسال كشف بمجموع خدمات الإرشاد المقدمة إلى العميل خلال أجل لا يتجاوز 15 يوم من انقضاء أربعة أشهر المشار إليها. وفيما يتعلق بنشاط استقبال وإرسال الأوامر لحساب الغير فإنه يبعث للعميل إشعار بالتأكيد عقب كل عملية منجزة لحسابه وفق الكيفيات المتفق عليها في العقد[60]. ويعتد الكشوف والإشعارات بالتأكيد في الإثبات بخصوص النزاعات التي قد تنشأ بين العميل والمرشد في الاستثمار المالي.
المطلب الثاني: رقابة الهيئة المغربية لسوق الرساميل على المرشدين في الاستثمار المالي
عهد المشرع للهيئة المغربية لسوق الرساميل بصلاحيات رقابة مهمة في مواجهة المرشدين في الاستثمار المالي، وسنتناول هذه الصلاحيات من خلال إبراز دور هذه الهيئة في السهر على احترام المرشدين في الاستثمار المالي للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل (الفقرة الأولى)، وكذا دورها في التشطيب على كل كل مرشد في الاستثمار المالي كلما توفرت شروط ذلك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: السهر على احترام المرشدين في الاستثمار المالي للقوانين والأنظمة
باعتبارها هيئة تنظيم سوق الرساميل، أنشأت الهيئة المغربية لسوق الرساميل بموجب القانون رقم 12-43 السابق الذكر[61]، ومن أبرز المهام المسندة إليها نجد:
- التأكد من حماية الادخار الموظف في الأدوات المالية ؛
- السهر على المساواة في التعامل مع المكتتبين و الشفافية و نزاهة سوق الرساميل و على إخبار المستثمرين ؛
- التأكد من حسن سير سوق الرساميل و السهر على تطبيق الأحكام التشريعية و التنظيمية؛
- السهر على مراقبة نشاط مختلف الهيئات و الأشخاص الخاضعين لمراقبتها والتأكد من احترامهم للأحكام التشريعية والتنظيمية[62].
وتجد الرقابة المفروضة على المرشدين في الاستثمار المالي أساسها في المادة 69 من القانون 19.14 التي نصت على أنه: “يخضع المرشدون في الاستثمار المالي المسجلون لدى الهيئة المغربية لسوق الرساميل لمراقبتها”.
وتمارس الهيئة المغربية لسوق الرساميل رقابتها بالتنسيق مع بنك المغرب[63] وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي[64] كلما تعلق الأمر بأنشطة الإرشاد في الاستثمار المالي التي تزاولها مؤسسات الائتمان ومقاولات التأمين وإعادة التأمين بموجب النصوص المطبقة عليها[65].
ويلزم المرشدين في الاستثمار المالي بموافاة الهيئة المغربية لسوق الرساميل بالوثائق التي تحدد قائمتها ومضمونها ودعامتها ودوريتها[66]. وتعد هذه الوثائق وسيلة ضرورية لتمكين الهيئة من المعلومات والمعطيات اللازمة لتفعيل رقابتها، حتى تكون هذه الأخيرة مبنية على اطلاع واسع وشامل بوضعية ونشاط المرشد في الاستثمار المالي.
وتحقيقا لفعالية هذه الرقابة ونجاعتها، فقد منح المشرع المغربي للهيئة المغربية لسوق الرساميل سلطة تأديبية في مواجهة المرشدين في الاستثمار، حيث جاء في المادة 112 من القانون 19.14 ما يلي: ” يجوز للهيئة المغربية لسوق الرساميل أن تصدر عقوبات تأديبية (تحذير أو توبيخ أو إنذار) أو عقوبة مالية بين 50.000 و 200.000 درهم أو هما معا في حق كل مرشد في الاستثمار المالي لا يتقيد بالشروط التي تم على أساسها تسجيله أو لا يمتثل لأحكام المواد 67 و 68 و 69 (الفقرة الثانية) من هذا القانون”.
وتتعلق المواد 67 و 68 و 69 المشار إليها في هذه المادة على التوالي بمنع المرشدين في الاستثمار المالي من تلقي ودائع على شكل أموال او أدوات مالية من طرف عملائهم، وباحترام قواعد حسن السلوك، وبموافاة الهيئة المغربية لسوق الرساميل بالوثائق التي تطلبها لممارسة مراقبتها.
ويترتب عن عدم تصحيح الوضع الذي على أساسه صدرت العقوبة التأديبية أعلاه في الآجال المحددة آثار وخيمة، قد تصل إلى توقيف واحد أو أكثر من أعضاء أجهزة إدارة وتدبير وتسيير المرشد في الاستثمار المالي المعني أو مجلس رقابتها. كما يجوز للهيئة المغربية لسوق الرساميل علاوة على ذلك، إما منع المرشد في الاستثمار المالي من مزاولة الأنشطة أو حصر مزاولته في بعضها، أو التشطيب عليه من قائمة المرشدين في الاستثمار المالي[67]، ويعتبر هذا الأخير أشد وأخطر جزاء تأديبي قد يطال المرشدين في الاستثمار المالي، ويعبر في الآن ذاته وبجلاء عن المدى الذي قد يصل إليه تدخل الهيئة المغربية لسوق الرساميل من أجل ردع الممارسات المنافية لقواعد السير الجيد للسوق ولمصالح العملاء.
الفقرة الثانية: التشطيب على المرشدين في الاستثمار المالي
حسب المادة 70 من القانون 19.14 فإن الهيئة المغربية لسوق الرساميل تتولى التشطيب على مرشد في الاستثمار المالي من القائة المنصوص عليها في المادة 66 من نفس القانون إما بطلب من المرشد في الاستثمار المالي، وإما في الحالات التالية:
- إذا لم يعد المرشد في الاستثمار المالي يستوفي الشروط التي تم تسجيله على أساسها؛
- إذا انقطع المرشد في الاستثمار المالي عن مزاولة نشاطه الأساسي منذ ما لا يقل عن ستة أشهر؛
- على سبيل عقوبة تأديبية طبقا لأحكام المادة 112 من هذا القانون.
وإذا كان التشطيب على المرشد في الاستثمار المالي بناء على طلبه يكتسي طابعا إراديا[68]، فإن التشطيب عليه في الحالات الثلاث السابقة يكتسي طابعا إلزاميا لا يدع له مجالا للاختيار، ذلك أن توفر إحدى الحالات السابقة يحتم على الهيئة المغربية لسوق الرساميل التدخل من أجل ممارسة سلطة التشطيب، إما تحقيقا لفعالية سلطتها التأديبية ونجاعتها عندما يتعلق الأمر بالتشطيب على سبيل عقوبة تأديبية؛ أو عندما يصبح المرشد في الاستثمار المالي في وضعية قانونية لا تسمح له بمزاولة مهامه بالشكل المطلوب الذي يضمن الحفاظ على سلامة السوق ومصالح العملاء، كأن يعجز المرشد في الاستثمار المالي عن توفير الوسائل التقنية و البشرية اللازمة جراء تعرضه لصعوبات مالية واقتصادية، أو لمجرد تقاعسه عن توفير هذه الوسائل والضمانات وغير ذلك من الحالات.
ونشير في الختام إلى أن التشطيب على مرشد في الاستثمار المالي يفرض على الهيئة المغربية لسوق الرساميل التزاما بتحيين قائمة المرشدين في الاستثمار المالي المسجلين لديها، وذلك حفاظا على صورة حقيقية وصادقة لوضعية تلك القائمة.
الهوامش :
[1] -القانون رقم 19.14 يتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة و المرشدين في الاستثمار المالي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.151 صادر في 21 ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6501،بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 ( 19 سبتمبر 2016)، ص. 6681.
[2] -حيث إن خدمات الإرشاد في الاستثمار المالي قبل هذا التاريخ كانت تزاول في إطار ضيق باعتبارها نشاطا ثانويا مرتبطا بالأنشطة الرئيسية التي تزاولها بعض الأشخاص المعنوية الفاعلة في المجال المالي، كشركات البورصة و مؤسسات الائتمان.
[3] – La loi n° 2003/706 du 1 août 2003, (la loi du sécurité financière), notamment les articles 55 à 57.
[4] – ordonance n° 2007-544 du 12/04/2006 relative aux marchés d’instrument financiers et modifiant le code monétaire et financier, publié au J.O. du 16/05/2007.
– انظر بخصوص التطور التشريعي لنشاط الإرشاد في الاستثمار المالي بفرنسا :
– Philippe ARESTAN, Démarchage bancaire et financier & conseillers en investissements financiers-aspects juridiques et pratiques, 6ème éd., Revue Banque édition, 2017, p.179 et suiv.
– Philippe ARESTAN, Le conseil en investissement nouveau service d’investissement organisé par la directive MIF, Revue banque et droit, n°113, 2007, p.3.
[5] -ينبغي التأكيد منذ البداية، أننا نقصد باصطلاح قانون بورصة القيم في هذه الدراسة مجموع القواعد القانونية التي تنظم ما له علاقة بسوق بورصة القيم بالمغرب، وأن هذه القواعد القانونية ذات طابع تشتتي A caractère fragmentaire ولا توجد مدونة تجمع كل مكوناتها. علاوة على هذا، فإن حقيقة وجود قانون يتعلق بسوق بورصة القيم مستقل وقائم بذاته مازالت محل نقاش فقهي. انظر:
– محمد الهادي المكنوزي، التصرف باتفاق بين قانون البورصة وقانون شركات المساهمة، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد المزدوج 16-17، دجنبر 2014، ص.176.
[6] -ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثالث، دار صادر، بيروت، 2003، ص. 176,175.
[7] – مشروع دورية الهيئة المغربية لسوق الرساميل يتعلق بالمرشدين في الاستثمار المالي، بتاريخ يناير 2019، منشور بالموقع الإلكتروني للهيئة: www.ammc.com
[8] – Anne-Dominique MERVILLE, Droit financier, 5ème édition, Gualino éditeur, 2018, p.135.
[9] – Définition cité par: ARESTAN (PH.), démarchage bancaire ou financier & conseillers en investissements financiers, ouvrage précité, p. 180.
[10] ات
[11] – Hervé LE NABASQUE, Alain COURET, et autres, Droit financier, (ouvrage collectif), 2ème édition, Dalloz, 2012, p. 99 et 100.
– للتوسع بخصوص تدبير محافظ الأدوات المالية، راجع:
– يوسف طباش، إدارة محافظ القيم المنقولة المتداولة بسوق الأوراق المالية المغربية: الجوانب القانونية والقضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق السويسي، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2012-2013.
[12]– الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.93.213 الصادر بتاريخ 1 سبتمبر 1993 المتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4223 بتاريخ 1993-10-06 ص. 1895، المغير والمتمم بالقانون رقم 53.01.
[13] -وليد محمد علي كرسون، أحكام محافظ الأوراق المالية الاستثمارية – دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2012، ص.63.
[14] -وليد محمد علي كرسون، م.س، ص.219.
[15] -انظر المادة الأولى من قرار وزير الاقتصاد والمالية عدد 1756-17 بتحديد لائحة المهام التي تخضع مزاولتها للتأهيل من قبل الهيئة المغربية لسوق الرساميل، الجريدة الرسمية عدد 6652، بتاريخ 1 مارس 2018، ص.1254.
[16] – ويقول أحد الفقه في هذا المعنى:
– “La gestion de patrimoine est un art : l’art de gérer le patrimoine d’un client , ses droits et obligations évaluables en argent, pour optimiser ses satisfactions économiques et personnelles”.
– Frédéric FRANÇOIS-MARSAL, Le métier de conseiller en patrimoine dans les banques, Les études de l’observatoire des métiers, Paris, Septembre 2012, p. 7.
[17] – المادة 36 من القانون رقم 19.14.
[18] – المادة 8 من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[19] – “L’ingénierie financière renvoie à l’ensemble des montages conçus pour permettre aux sociètés de restructurer leur bilan (…), l’ingénierie financière peut présentée comme la science de l’ensemble des outils et méthodes mises en services des socièté pour leur permettre d’assurer le financement de leur croissance externe, de leur transmition à titre onéreux”. Voir dans ce sens:
– Jean-Marc MOULIN, Le droit de l’ingénierie financière, 5ème édition, Gualino éditeur, 2015, p. 15.
[20] – Ibid, p. 16 et 17.
[21] – تم نسخ مقتضيات هذا الظهير بموجب القانون رقم 19.14 المشار إليه آنفا، وقد استعاض القانون الجديد عن مصطلح القيم المنقولة بمصطلح جديد هو الأدوات المالية.
[22] – Paris 28 mars 1988: D.,1989, 116, note Decoopman; Rev.soc., 1988, somm.443, cité par yves Guyon, Droit des affaires, Tom.1, droit commercial et sociétés, 12ème éd., Economica, 2003, p.287.
[23] – MERVILLE (A.-D.), op.cit, p. 286.
[24] – Sandy CAMPART, Jean-Marc MOULIN, L’introduction en bourse, Afnor éditions, 2015, p. 19.
[25] – Luc BERNET-ROLLANDE, Philippe CHANOINE, Pratique des marchés de capitaux, Dunod, Paris, 2010, p. 53.
[26] – جاء في الفقرة الثانية من المادة 65 من القانون رقم 19.14: “…يحدد مقرر التسجيل الأنشطة التي يرخص للمرشد في الاستثمار المالي بمزاولتها…”.
[27] – يرجى الرجوع بهذا الشأن إلى المادة 3 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[28] – تنص المادة 3 من القانون 43.12 المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل في فقرتها الثالثة على ما يلي: ” تسهر الهيئة المغربية لسوق الرساميل على مراقبة نشاط مختلف الهيئات و الأشخاص الخاضعين لمراقبتها والمشار إليهم في المادة 4 من هذا القانون…”، وبالرجوع للمادة 4 من نفس القانون نجدها أوردت تعداد لمجموعة من الهيئات والأشخاص الخاضعة لرقابة الهيئة المغربية لسوق الرساميل، دون أن نجد ضمنهم المرشدين في الاستثمار المالي، وهذا لا يعني أنهم خارج نطاق تلك الرقابة، فهم بدون شك يخضعون لها على غرار باقي الهيئات والأشخاص الآخرين، وهو ما أكدته المادة 126 من القانون رقم 19.14 التي عدلت المادة 4 من القانون 43.12، حيث أضافت المرشدين في الاستثمار المالي إلى تلك القائمة. يرجى الرجوع للقانون 43.12 المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل، صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.21 صادر في فاتح جمادى الأولى 1434 ( 13 مارس 2013 )، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6142 بتاريخ 30 جمادى الأولى ( 11 أبريل 2013 )، ص. 3157.
[29] – المادة 71 من القانون رقم 19.14.
[30] – يقبل رفض طلب التسجيل في هذه الحالة هو الآخر الطعن للشطط في استعمال السلطة أمام المحكمة الإدارية بالرباط طبقا للمادة 56 من القانون 43.12 المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل.
[31] – من المعلوم أن شركات البورصة لا يمكن أن تتخذ كشكل قانوني سوى شكل شركة مساهمة، وذلك بصريح المادة 39 من القانون 19.14، التي جاء في فقرتها الأخيرة: “…ولا تعتمد باعتبارها شركة بورصة إلا الشركات المحدثة في شكل شركات مساهمة…”.
[32] – القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة كما وقع تغييره وتتميمه، صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 14 ربيع الآخر 1417 (30 أغسطس 1996)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 4 جمادى الآخرة (17 أكتوبر 1996)، ص. 2320.
[33] – المادة 73 من القانون رقم 19.14.
[34] – قد يعتقد البعض أن شركات البورصة في الواقع تجمع بين نشاط تنفيذ المعاملات المتعلقة بالأدوات المالية و نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي دون أن يشكل ذلك عائقا أمام الوفيق بين الالتزامات التي يفرضها كلا النشاطين، وذلك استنادا إلى المادة 36 من القانون رقم 19.14، بيد أن حقيقة الأمر بخلاف ذلك، حيث إن هذه الشركات استنادا إلى نفس المادة 36 تمارس بعض أنشطة الإرشاد المالي فقط وليس كل الأنشطة المحددة في المادة 60 من نفس القانون، علاوة على ذلك فهي تزاولها بشكل ثانوي و مرتبط فقط بالنشاط الرئيسي الذي يبقى هو تنفيذ المعاملات المتعلقة بالأدوات المالية. وكما هو معلوم هناك فرق كبير بين ممارسة نشاط قائم الذات بكافة عناصره وفروعه بشكل رئيسي واعتيادي، وبين ممارسته بشكل ثانوي وفي نطاق ضيق.
[35] – الفصل 1-325 من النظام العام لهيئة الأسواق المالية االفرنسية (l’autorité des marchés financiers).
[36] – MERVILLE (A.-D.), op.cit, p. 181.
[37] -قرار وزير المالية عدد 1756-17 بتاريخ 7 فبراير 2018، بتحديد لائحة المهام التي تخضع مزاولتها للتأهيل من قبل الهيئة المغربية لسوق الرساميل، الجريدة الرسمية عدد 6652، بتاريخ 1 مارس 2018، ص.1254.
[38] – تنص المادة 72 من النظام العام للهيئة المغربية لسوق الرساميل على ما يلي: “يكتسب التأهيل كل شخص يتوفر على:
– شهادة تكوين عالي؛
– خبرة مهنية لا تقل عن سنتين في المجال المالي؛
– مهمة بدوام كامل لدى فاعل في السوق”.
[39] – – في هذا الصدد سبق لفريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أن تقدم بمقترح لتعديل المادة 73 من مشروع القانون رقم 19.14، وجاء في هذا المقترح ما يلي: “يلتزم المرشد في الاستثمار المالي باكتتاب تأمين لدى مؤسسات التأمين المختصة ضد الأخطار التي تلحق بزبنائه بسبب الأخطاء التي قد يرتكبها” وذلك حسب قول الفريق المذكور حماية للزبناء وإجبار المرشدين في الاستثمار المالي على تحمل تداعيات أخطائهم المهنية. لكن تم رفض هذا التعديل من قبل الحكومة بعلة أن الهيئة المغربية لسوق الرساميل مؤهلة لتلقي شكاوى العملاء و تأطير العلاقات بين الأطراف. يرجى الرجوع إلى : تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول مشروع القانون رقم 19.14 يتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في الاستثمار المالي، دورة أبريل 2016، السنة التشريعية الخامسة، الولاية التشريعية التاسعة، ص 69.
[40] – الفقرة الأولى من المادة 60 من القانون 19.14.
[41] – قد يبدو للوهلة أن استعمال المشرع لمصطلح ” كل شخص اعتباري” جاء ضروريا ليستوعب باقي الأشخاص الأخرى التي قد تزاول نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي ولا يمكنها أن تتخذ شكل شركة مساهمة بحكم طبيعتها الخاصة، والمنصوص عليها في المادة 61 من القانون رقم 19.14 و هي: بنك المغرب ، الخزينة العامة للمملكة، صندوق الإيداع والتدبير وكذا كل شخص يزاول نشاط مهني منظم بموجب نص خاص؛ لكن هذا الرأي سرعان ما يتبدد إذا علمنا أن شرط “الشخص الاعتباري” جاء ملازما لشرط آخر هو ممارسة نشاط الإرشاد المالي بصفة رئيسية واعتيادية، وهو ما لا يتوفر لدى هذه الهيئات التي متعها القانون بمهام واختصاصات أخرى أكثر أهمية، كما أن نفس المادة 61 نصت على أن هذه الهيئات لا تخضع للالتزامات المفروضة على المرشدين في الاستثمار المالي المنصوص عليها في هذا الباب.
[42]– L’article L541-2 de code monétaire et financier dispose que : « Les consseillers en ivestissements financiers personne physique, ainsi que les personnes physique ayant le droit de gérer les personnes morales habilités en tant que consseillers en investissements financiers répondant à des conditions d’âge et d’honorabilités fixées par decret… ».
[43] – المادة 64 من القانون 19.14.
[44] – كثيرة هي الحالات التي تقوم فيها المسؤولية المدنية جراء مزاولة خدمة تلقي أوامر البورصة عبر الخط، وذلك بسبب الخلل الوظيفي الذي يصيب الأنظمة المعدة لاستقبال الأوامر المرسلة عبر الهاتف أو الأنترنيت ، مما يجعل المسؤولية قائمة بخصوص تعويض العميل المتضرر نتيجة هذا الخلل. والقرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الفرنسية عديدة في هذا الصدد، انظر كمثال:
– CA Paris, pôle 5, chambre 6, 10 sept. 2010, in chronique financière et boursière, Revue Banque et Droit, n° 134, 2010, p. 28.
– CA Paris 23 juin 2006, in chronique financière et boursière, Revue Banque et Droit, n° 110, 2006, p. 31.
[45]– تنص المادة 61 من القانون رقم 19.14 على ما يلي: ” لا تخضع للالتزامات الواجبة على المرشدين في الاستثمار المالي والمنصوص عليها في هذا الباب عندما تزاول الهيئات بعده نشاط الإرشاد في الاستثمار المالي:
-1 بنك المغرب؛
-2ا لخزينة العامة للملكة؛
-3صندوق الإيداع والتدبير.
لا يخضع أيضا لأحكام هذا القسم الأشخاص الذين يقدمون خدمات الإرشاد في الاستثنار المالي في إطار نشاط مهني خاضع لنص تشريعي”.
[46] -يس أوداود، تكريس البعد الأخلاقي في قانون السوق المالية، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق السويسي، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2015-2016.
[47] – Hubert DE VAUPLANE, Jean-Jacque DAIGRE, et autres, Chronique financière et boursière, in Revue Banque et Droit, n° 133, 2010, p. 45.
[48] -المادة 15 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[49] -المادة 18 من مشروع دورية ه.م.س.ر. ؛ من أجل التوسع بخصوص مدونات حسن السلوك في ما يتعلق بأنشطة البورصة، راجع:
– Nikolina APOSTOLOVA, codes de bonne conduite et responsabilité dans le droit des marchés financiers, D.E.A en droit des affaires, université Robert Scumann, 2033-2004.
[50] -المادة 19 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[51] – Cass. Com 26 Fév. 2008, in chronique financière et boursière, Revue Banque et Droit, n°118, 2008, p. 24.
– Cass. Com 4 Nov. 2009, in chronique financière et boursière, Revue Banque et Droit, n°123, 2009, p. 26.
[52] -الفقرة الأولى من المادة 95 من القانون رقم 19.14.
[53] -المادة 94 من القانون رقم 19.14.
[54] -الفقرة الثانية من المادة 95 من القانون رقم 19.14.
[55] – ويتعلق الأمر بإثبات الأعضاء المسيرين لهذه الجمعيات توفرهم على خبرة لا تقل عن سنتين أو تكوين في المجال القانوني أو الاقتصادي أو المالي، وعدم الحكم عليهم بسبب أفعال مخلة بالشرف والأمانة (المادةD.452-2 من المدونة النقدية والمالية الفرنسية).
[56] – المادة 23 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[57] – المادة 20 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[58] – المادة 23 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[59] – MERVILLE (A.-D.), op.cit, p.181.
[60] – المادة 25 من مشروع دورية ه.م.س.ر.
[61] – الهيئة المغربية لسوق الرساميل عبارة عن شخص معنوي عمومي تتمتع بالاستقلال المالي، وقد حلت محل مجلس القيم المنقولة. (المادة 1 من القانون 43.12).
[62] -المادة 3 من القانون 43.12.
[63] – القانون رقم 76.03 المتعلق بالقانون الأساسي لبنك المغرب، صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.38 صادر في 20 شوال 1426 (23 نوفمبر 2005)، الجريدة الرسمية عدد 5397 بتاريخ 21 محرم 1427 (20 فبراير 2006)، ص. 427. ومن بين مهام بنك المغرب نجد حسب ما نصت عليه المادة 9 من هذا القانون،التحقق من حسن سير النظام البنكي والسهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بنشاط ومراقبة مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[64] – هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي شخص اعتباري عام يتمتع بالاستقلال المالي، وتمارس رقابتها على الأشخاص الخاضعين للقانون العام أو الخاص باستثناء الدولة الذين يقومون بممارسة عمليات التأمين وإعادة التأمين وعمليات التقاعد والإيرادات والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وغيرها من العمليات والأشخاص المنصوص عليهم في المادة 2 من القانون رقم 64.12 القاضي بإحداث بهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.10، صادر في 4 جمادى الأولى 1435 (20 مارس 2014)، ص. 3199.
[65] -الفقرة الأولئ من المادة 69 من القانون 19.14.
[66] -الفقرة الثانية من المادة 69 من القانون 19.14.
[67] – الفقرة الثانية والفقرة الثالثة من المادة 112 من القانون 19.14.
[68] -حسب المادة 29 من مشروع دورية ه.م.س.ر. فإن طلب التشطيب لا يقدم إلا بواسطة الممثل القانوني للمرشد في الاستثمار المالي، وتعالج الهيئة المغربية لسوق الرساميل الطلب داخل أجل لا يتعدى 60 يوم.
.maroclaw.com