التعديل الجوهري لعقد الشغل
الطالب الباحث
عبد الغني الربح
الأصل في العقود عامة ، أن العقد شريعة المتعاقدين ، وهو ما نص عليه المشرع في الفصل 230 من ق ل ع ، فطرفا العقد ملزمان باحترام ما اتفقا عليه ، وهذا المبدأ هو ما يسبغ على الرابطة العقدية قوتها القانونية ، وشرعيتها الواقعية ، ومن ثم فإن إظهار أية نية لتعديل هذه المقتضيات لا يكون له أثر إلا عن طريق التراضي المزدوج بين الطرفين .
لكن الواقع العملي وما تفرضه أحيانا ضرورة حسن سير العمل والظروف الاقتصادية أو كفاءة العامل ، أو ارتكابه لأخطاء غير جسيمة ، قد تجعل المشغل و بإرادته المنفردة يتدخل لتعديل أحد المقتضيات المتفق عليها في عقد الشغل .
ذﻟك ، وﻛﻣﺎ اﻗرت اﻏﻠب اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻌﻣﺎﻟﯾﺔ ، أن ﻣن ﺳﻠطﺔ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﺗﻧظﯾم ﻣﻧﺷﺂﺗﻪ وﻓﻘﺎً ﻟﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻣل، ﻓﻠﺟﻬﺔ اﻟﻌﻣل ﻧﻘل اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ أي وﻗت طﺎﻟﻣﺎ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﻣل ﺗﻘﺗﺿﻲ ذﻟك، وﻟﯾس ﻟﻠﻌﺎﻣل أن ﯾﺗﺷﺑث ﺑﺎﻟﺑﻘﺎء ﻓﻲ وظﯾﻔﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ أو ﺑﺎﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﻌﯾن ﺣرﺻﺎً ﻣﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺣﻘﻘﻪ ذﻟك ﻣن ﻣزاﯾﺎ ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻣﻌﻧوﯾﺔ أو أدﺑﯾﺔ ﻧﺎﺷﺋﺔ ﻋن ظروف ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟوظﯾﻔﯾﺔ ﻟﯾﺣول دون ﻧﻘﻠﻪ إﻟﻰ وظﯾﻔﺔ ﺗﻌﺎدﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ والأجر ﻟﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻣن ﺷل ﯾد ﺳﻠطﺔ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻧﻘل ﻣوظﻔﯾﻪ ﻧﻘﻼً ﻣﻛﺎﻧﯾﺎً أو ﻣن وظﯾﻔﺔ إﻟﻰ أﺧرى وﺗﻐﻠﯾب اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟذاﺗﯾﺔ ﻟﻠﻌﻣﺎل ﻋﻠﻰ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻣل، إّذ ﻟﯾس ﻟﻠﻌﺎﻣل ﻣن ﺣﻘوق أﻛﺛر ﻣن أﻻ ﯾﻣس اﻟﻧﻘل وظﯾﻔﺗﻪ ﻓﻲ ﻧوﻋﻬﺎ أو درﺟﺗﻬﺎ أو ارﺗﺑﻬﺎ ، ﻓﺈذا ﺗم اﻟﻧﻘل ﻓﻲ اﻟﺣدود واﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﻣل ﻟم ﯾﻛن ﻟﻠﻌﺎﻣل ﺣق ﻓﻲ اﻟﺗﺿرر ﻣن اﻟﻧﻘل، وﻟﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل أن ﯾﻧﻬﻲ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻌﻣل إذا رﻓض اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻧﻘل ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ، دون ان ﯾﻛون اجرائه ﻫذا ﻣوﺻوﻓﺎ ﺑﺎﻟﺗﻌﺳف ، او ﺳوء اﻟﻘﺻد.
وتتجلى أهم التعديلات التي يمكن للمشغل القيام بها تبعا لتأثيرات هذه الأسباب ، في تغييره لطبيعة ونوع العمل المسند للأجير أو تخفيضه للأجر المؤدى لهذا الأخير كمقابل لأدائه هذا العمل ( المبحث الأول ) ، أو تغييره لمكان و زمان تنفيذ الشغل ( المبحث الثاني ).
- المبحث الأول : تعديل طبيعة الشغل والأجر المؤدى للأجير
هناك قاعدة أساسية في قانون الشغل تقتضي بأن الأجر هو مقابل للعمل المؤدى من طرف الأجير والملزم به بمقتضى عقد الشغل ، لذلك ونظرا للظروف التي أشرنا إليها سابقا يمكن للمشغل أن يقوم بتعديل طبيعة شغل الأجير ( المطلب الأول ) ، كما يمكن له أن يقوم بتعديل الأجر المؤدى له ( المطلب الثاني ).
- المطلب الأول : تعديل طبيعة الشغل
إن الأجير أثناء قيامه بالمهام المنوطة به قد يرتكب خطأ غير جسيم ، مما يجعل المشغل وفي إطار سلطته التأديبية يلجأ إلى تعديل طبيعة شغله ، غير أن تعديل طبيعة الشغل لا يرتبط دائما بخطأ الأجير ، فقد يتم هذا التعديل في إطار السلطة التنظيمية المخولة للمشغل.
وما تجدر الإشارة إليه أن إعمال المشغل لسلطتيه – التأديبية والتنظيمية – رهين بإحترام مجموعة من الضوابط والمعايير التي تختلف بحسب ما إذا كان محلها أجيرا عاديا ( الفقرة الأولى ) ، أو أجيرا محميا ( الفقرة الأولى ).
- الفقرة الأولى : تعديل طبيعة شغل أجير عادي
في إطار إبرام عقد الشغل وبحسب الأصل ، فإن الأجير يلتزم بأداء العمل المتفق عليه وذلك مقابل أجر يتفق عليه بين طرفي العلاقة التعاقدية ، غير أن المشغل ولمصلحة المقاولة وما تفرضه ضرورة حسن سير العمل ، قد يقوم بإجراء تعديلات معينة في العمل أو الاختصاص المسند للأجير ، لذلك فهذه التعديلات ستتعلق إما بطبيعة العمل أو بحجمه سواء كان ذلك بالزيادة أو النقصان .[1]
إن المادة 37 من مدونة الشغل [2] خولت للمشغل سلطة تأديبية عند ارتكاب الأجير لخطأ غير جسيم ، وسمحت له في إطار هذه السلطة أن يقوم بنقل الأجير إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى ، مما قد يؤدي إلى تغيير طبيعة شغل الأجير ، وهنا تنعدم إرادة الأجير في الرفض وإلا اعتبر في حكم المستقيل.
وقد يتم تغيير طبيعة شغل الأجير بإعمال المشغل لسلطته التنظيمية حسب ما جاء في المادة 21 من مدونة الشغل[3]، وهنا لا بد من التمييز فيما إذا كان التعديل جوهريا أو ثانويا.
إن المشغل كقاعدة عامة بمقدوره تعديل عقد الشغل بإرادته المنفردة ، طالما كان هذا التعديل منصبا على عناصر ثانوية غير جوهرية ، وتستند هذه القاعدة إلى حق المشغل في تسيير وإدارة منشآته أو مؤسسته وتنظيمها ، ولا يمكن للأجير في هذا الصدد رفض الشغل الذي يسند إليه من طرف المشغل ، وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته[4] حيث ذهب إلى أنه يحق للمشغل اتخاذ جميع التدابير التنظيمية التي تهدف إلى تحسين مردودية الشغل شريطة ألا يتضرر الأجير من ذلك ويدخل ضمن هذه التدابير تغيير طبيعة شغل الأجير من ممثل تجاري إلى العمل بالمحاسبة .
هذا فيما يخص التعديل الثانوي ، أما إذا تعلق الأمر بالتعديل الجوهري في طبيعة الشغل المتفق عليه أي يختلف اختلافا كليا عن طبيعة العمل السابق ، فإنه يحق للأجير رفضه ولا يعد هذا الرفض ارتكابا لخطأ جسيم من طرف الأجير ، وهو ما أكده قرار المجلس الأعلى[5] الذي جاء فيه ما يلي : ” لما كان الإخطار بالفصل قد علل برفض الأجير القيام بالعمل المنوط به ، فإن المحكمة كانت على صواب لما اقتصرت في بحثها على السبب المذكور دون أن تلتفت إلى بقية الأسباب المثارة في جواب المشغلة ، ويعتبر خرقا لمقتضيات ظهير 23/10/1948 المشغلة التي عملت على نقل الأجير من عمله المعتاد إلى العمل بمخزن التبريد دون أن يكون متخصصا في هذا العمل ، ودون أن تمنحه امتيازات فرفض الأجير القيام به لا يشكل خطأ جسيما يخول للمشغل إعفاؤه من عمله.
- الفقرة الثانية : تعديل طبيعة شغل أجير محمي
حسب المادة 432 من مدونة الشغل فإن مهمة مندوبي الأجراء تتمثل في تقديم جميع الشكايات الفردية، المتعلقة بظروف الشغل الناتجة عن تطبيق تشريع الشغل أو عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي، إلى المشغل، إذا لم تقع الاستجابة لها مباشرة؛ فإن المندوب يحيل تلك الشكايات إلى العون المكلف بتفتيش الشغل، إذا استمر الخلاف بشأنها.
وهكذا فإن مهمة مندوبي الأجراء تتمثل في تحسين ظروف العمل من خلال دفع المشغل إلى تطبيق المقتضيات القانونية أو الاتفاقية المتعلقة بهذا الشأن ، وهو ما قد لا يقبله المشغل ، فيعمل غلى الحد من نشاطهم ، وذلك بالضغط عليهم بعدة وسائل ، قد يكون من بينها تغيير نوع أو طبيعة عملهم ، وهذا التغيير قد يكون في إطار السلطة التنظيمية للمشغل ، وفي هذا الصدد لم يتدخل المشرع لحماية مندوبي الأجراء بأية مقتضيات قانونية ، لكن المشغل يجب أن يراعي عدم الإضرار بالمندوب سواء من الناحية المادية أو المعنوية.[6]
أما الحالة الثانية التي بموجبها يمكن تغيير طبيعة عمل مندوب الأجراء فهي تتمثل في إعمال المشغل لسلطته التأديبية ، وفي هذا الصدد تدخل المشرع وفرض حسب المادة 457 من مدونة الشغل[7] أن يكون كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء ، مرهون بموافقة العون المكلف بتفتيش الشغل.
- المطلب الثاني : تعديل أجر الأجير
عرف الأستاذ عبد اللطيف خالفي[8] الأجر بأنه كل ما يدخل في الذمة المالية للأجير نظير قيامه بالعمل وبمناسبته ، سواء أداه المشغل شخصيا ، أو أداه غيره من المتعاملين مع المحل الذي يشتغل فيه ، وذلك أيا كان نوعه ، وأيا كانت التسمية التي تطلق عليه ، وأيا كانت الطريقة التي يتحدد بها ، وكيفما كان شكل وطبيعة عقد الشغل.
ونظرا لأهمية الأجر فقد تدخل المشرع المغربي بمقتضى مدونة الشغل ونظم كيفية تحديد الأجر وأدائه ، حيث نص على أن الأجر يحدد بحرية ، باتفاق الطرفين مباشرة ، أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية ، مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالحد الأدنى القانوني للأجر[9]. كما أن مدونة الشغل نصت على أنه لا يمكن أن يقل الحد الأدنى القانوني للأجر، في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية ، عن المبالغ التي تحدد بنص تنظيمي، بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا.[10]
وكذلك نجد المادة 358 من نفس المدونة التي بموجبها تم تحديد الحد الأدنى القانوني للأجر[11].
ومن خلال المواد أعلاه يتضح أن المشرع رغم منحه الحرية للأفراد في الاتفاق على مبلغ الأجر ، إلا أنه وضع حد أدنى لا يمكن النزول عنه ، وذلك حماية للأجير من تعسف المشغلين بالنظر إلى الوضعية التي أصبحت تعرفها الطبقة العاملة.
فالتعديل الذي قد يمس الأجر غالبا ما يكون بالنقصان ، إذ الزيادة لا تطرح إشكالا ، ويعتبر والحالة هذه تعديلا غير جوهري نظرا لعدم إمكانية رفض الأجير لهذه الزيادة.[12]
- المبحث الثاني : تغيير مكان وزمان تنفيذ الشغل
إن المشغل وأثناء سريان عقد الشغل قد يعمد إلى تغيير مكان أو زمان الشغل وذلك لأسباب معينة ، وهو ما يدفعنا إلى تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين على أن نتناول في المطلب الأول تعديل مكان شغل الأجير ، على أن نتطرق في المطلب الثاني إلى تعديل زمان الشغل.
- المطلب الأول : تعديل مكان شغل الأجير
إن طبيعة الشغل تعتبر من إحدى أهم الأسباب التي تضطر المشغل إلى تعديل مكان شغل الأجير ، وفي هذا الصدد تعتبر موافقة الأجير هلى الشغل بهذا النوع من الأعمال موافقة ضمنية منه على قبوله لتعديل المشغل لمكان شغله.
وكما هو معلوم فإن المشغل في إطار سلطته التنظيمية يجوز له تنظيم الشغل داخل المؤسسة ، وذلك كلما رأى داعي لذلك ، ويقوم المشغل بهذا التغيير مع الاحتفاظ بكل الامتيازات الممنوحة للأجير في أول أمر ، ولكن رغم ذلك فإن الأجير يرى في هذا التغيير تعديلا جوهريا في عقده ، والهدف من هذا التعديل هو الضغط على الأجير من أجل تقديم استقالته حتى يكون الاعفاء مقنعا ولا يؤدي عنه المشغل أي تعويض.[13]
وتغيير مكان الشغل قد يكون مؤقتا وقد يكون دائما ، فبالنسبة للحالة الأولى يرى المجلس الأعلى في قراره [14] الصادر بتاريخ 26 شتنبر 1995 أن الصبغة المؤقتة للمهمة والتي تقضي بانتقال أجير إلى مدينة أخرى ، قصد القيام بمهمة لا يشكل من حيث المبدأ عقوبة النقل من ورش إلى اخر ، ولا يدخل ضمن التدابير التأديبية المنصوص عليها في الفصل السادس من النظام النموذجي المؤرخ في 23 أكتوبر 1948 ما لم يثبت أن القصد من هذا الاجراء هو الإضرار بالأجير.
ويطرح إشكال في هذا الصدد يتعلق بالموافقة المسبقة لأجير على تعديل مكان شغله بصفة مؤقتة ، ففي هذا الاطار صدر قرار عن المجلس الأعلى [15] جاء فيه ” حيث أن العقد كان صريحا في تشغيل الطاعن نائبا لمدير فندق حسان بالرباط ، ولا يوجد بالعقد بند يسمح للمشغلة بنقل الطاعن لمدينة أخرى ، وقيام المشغلة بإعفاء الطاعن لعدم استجابته لقرارها بنقله إلى زاكورة بمثابة خرق للفصل 230 من ق ل ع “.
ومن القرار يتضح أنه لا يمكن تعديل مكان العمل إلا بعد اتفاق الأطراف ، و كل تعديل بغير رضى يوجب المسؤولية .
هذا فيما يخص التغيير المؤقت لمكان العمل ، أما التغيير الدائم لمكان العمل فقد أضفى عليه القضاء رقابة خاصة ، وهو ما أكده القرار رقم 2208 الصادر عن المجلس الأعلى والذي اعتبر نقل الأجير إلى مدينة أخرى دون استفادته من هذا النقل بمثابة نقل تعسفي ، أسقط صفة الشرعية عن إعفاء الأجير خاصة وأن العقد لا يسمح بهذا النقل.
ومنه فإن محددات النقل تقوم على مجموعة من الأسس منها أن يكون هناك بند في العقد يسمح بالنقل أو تعويض الأجير عن هذا النقل.[16]
- المطلب الثاني : تغيير زمان عمل الأجير
أخذت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 20 أكتوبر 1998 أن زمن الشغل كما هو منصوص عليه في عقد الشغل ، مبدئيا يعتبر عنصرا أساسيا في عقد الشغل لا يمكن تعديل هذا العنصر إلا باتفاق الطرفين وخاصة الأجراء.[17]
ويتضح من القرار أعلاه أنه لا يمكن للمشغل أن يتدخل لتغيير زمان العمل إلا بعد اتفاقه مع الأجير وقبول هذا الأخير للتغيير.
وتعديل زمن شغل الأجير يتخذ مجموعة من الصور أهمها : التغيير في ساعات العمل بالزيادة أو النقصان ، ثم إعادة تنظيم مواعيد الشغل بغير المساس بقدرها زيادة أو نقصانا . وفي هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى[18] أن ” تخفيض ساعات العمل إلى أربع أو ست ساعات في الأسبوع يعتبر طردا تعسفيا مقنعا ، وإخلالا بأهم عنصر في عقد العمل وهو الأجر ولا ضرورة لإجراء بحث لكفاية وثائق الملف “.
ومنه فالمشغل في إطار تغيير وإعادة تنظيم مواعيد الشغل ، رهين باحترام الحد الأدنى من ساعات العمل ، وأي تخفيض دون ذلك يترتب عنه اعتبار التعديل غير قانوني.
وجاء في حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء رقم 3569 بتاريخ 30 شتنبر 1987 في الملف الاجتماعي عدد 466/87 : ” حيث أنه بالإضافة إلى ما ذكر ، وبناء على الفصل 8 من ظهير 18 يونيو 1936 المتعلق بتنظيم مدة الشغل ، لا يجوز على الإطلاق لأي مشغل أن يخفض من ساعات الشغل إذا كان من شأن هذا التخفيض أن يمس بالأجور المتفق عليها أو المقررة بنص القانون “.
ومن خلال هذا الحكم ، فالمدعى عليها لما أقدمت على تخفيض ساعات العمل إلى حدود النصف ، فإنها تبعا لذلك قررت في نفس الوقت التخفيض من الأجرة إلى حدود النصف ، وبالطبع فإنه من شأن هذا التخفيض أن يمس مباشرة بالحد الأدنى للأجر القانوني المعين من قبل المشرع حفاظا على الدور المعيشي للأجرة ، ومن أجل صيانة الدور المعيشي للأجرة ، ومن أجل صيانة القوة الشرائية للأجير.[19]
خاتمة :
إن تعديل عقد الشغل كمفهوم لازال غائبا في إطار النصوص القانونية لمدونة الشغل ، وهو ما يثير جدلا فقهيا و قضائيا على المستوى العملي ، كما أنه في غياب مفهوم محدد ودقيق لتعديل عقد الشغل وبيان حدوده ، يبقى للمشغل سلطة تقديرية نظمت من الناحية التأديبية ، غير أنها لم تنظم من الناحية التنظيمية ، وهو ما يجعل المشغل متعسفا في إعمال سلطته التنظيمية ضد الأجراء.
لائحة المراجع :
- القوانين :
- مدونة الشغل المغربية
- الكتب :
- عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء الأول ،علاقات الشغل الفردية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة الأولى 2004
- الأطروحات والرسائل :
- الأطروحات
- عصام الوراري : تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي ، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية – السويسي الرباط ، السنة الجامعية 2007/2008
- الرسائل
- طامو الشعراني : سلطة المشغل في تعديل عقد الشغل ، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش ،السنة الجامعية 2009/2010
- ميمون الوكيلي : الاثار القانونية للإعفاء الجماعي لأسباب اقتصادية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء ، السنة الجامعية 1998/1999
- المجلات القانونية
- مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 52 ، يوليوز 1998
- مجلة المرافعة عدد 6 ، يونيو 1994
[1])- ميمون الوكيلي : الاثار القانونية للإعفاء الجماعي لأسباب اقتصادية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، جامعة الحسن الثاني عين الشق كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء ، السنة الجامعية 1998/1999 ص 83.
[2])- جاء في المادة 37 من م ش : ” يمكن للمشغل اتخاذ إحدى العقوبات التأديبية التالية في حق الأجير لارتكابه خطأ غير جسيم:
1 – الإنذار؛
2 – التوبيخ؛
3 – التوبيخ الثاني، أو التوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام؛
4 – التوبيخ الثالث، أو النقل إلى مصلحة، أو مؤسسة أخرى عند الاقتضاء، مع مراعاة مكان سكنى الأجير.
تطبق على العقوبتين الواردتين في الفقرتين 3 و4 من هذه المادة مقتضيات المادة 62 أدناه.
[3] )- جاء في المادة 21 من م ش :يمتثل الأجير لأوامر المشغل، في نطاق المقتضيات القانونية أو التنظيمية، أو عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي.
يمتثل الأجير أيضا للنصوص المنظمة لأخلاقيات المهنة.
[4] )- قرار رقم 1446 صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى ، ملف اجتماعي عدد 8415/92 بتاريخ 28/11/1995 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 52 ، يوليوز 1998 ص 195- 197
[5] )- قرار رقم 380 صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى ، ملف اجتماعي عدد 8798/91 بتاريخ 14/04/1994 منشور بمجلة المرافعة عدد 6 ، يونيو 1994 ، ص 160-163
[6] )- طامو الشعراني : سلطة المشغل في تعديل عقد الشغل ، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش ،السنة الجامعية 2009/2010 ص 28-29
[7] )- جاء في المادة 457 من م ش : ” يجب أن يكون كل إجراء تأديبي، يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء، أصليا كان أو نائبا، موضوع مقرر، يوافق عليه العون المكلف بتفتيش الشغل، إذا كان هذا الإجراء يرمي إلى نقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى أخرى، أو من شغل إلى آخر، أو إلى توقيفه عن شغله، أو فصله عنه”.
[8] )- عبد اللطيف خالفي : الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء الأول ،علاقات الشغل الفردية ،المطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة الأولى 2004 ، ص 290 .
[9] )- جاء في الفقرة الأولى من المادة 345 من م ش : ” يحدد الأجر بحرية، باتفاق الطرفين مباشرة، أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية، مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالحد الأدنى القانوني للأجر”.
[10] )- المادة 356 من مدونة الشغل
[11] )- جاء في المادة 358 من م ش : ” يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر القيمة الدنيا المستحقة للأجير ، والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير المقاولة.
يحتسب الحد الأدنى القانوني للأجر:
– في النشاطات غير الفلاحية، على أساس أجر ساعة شغل.
– في النشاطات الفلاحية، الأجر المؤدى عن يوم شغل.”
[12] )-عصام الوراري : تعديل عقد الشغل على ضوء العمل القضائي ، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانون والاقتصادية والاجتماعية – السويسي الرباط ، السنة الجامعية 2007/2008 ص 98-99
[13] )- عصام الوراري : مرجع سابق ، ص 107
[14] )-قرار المجلس الأعلى رقم 1108 صادر بتاريخ 26 شتنبر 1995 .
[15] )- )-قرار المجلس الأعلى رقم 511 صادر بتاريخ 05 مارس 1990 في الملف الاجتماعي عدد 9853/88 . أورده عصام الوراري : م س، ص 110
[16] )- عصام الوراري : م س، ص 113
[17])- Cass. soc 20 october 1998 .J.S.L n 24/98 .P18
أورده عصام الوراري : م س، ص 122
[18])- قرار رقم 640 في الملف الاجتماعي رقم 8761/93 مؤرخ في 6 يونيو 1995
[19] )- حكم منشور بمجلة المحاكم المغربية ، العدد 53 ، 1998 ص 140