التحديد القانوني لمعايير التعويض عن إنهاء عقد الكراء التجاري .


التحديد القانوني لمعايير التعويض عن إنهاء عقد الكراء التجاري .

تقديم

يعتبر التعويض عن إنهاء عقد الكراء التجاري من أهم النقط التي أعطى لها المشرع
اهتماما كبيرا أثناء سنه للقانون ،49.16 بحيث خصص له حيزا مهما لتوضيح أي لبس كان
يشوب ظهير 24ماي1955، إن الغاية من التعويض هي إصلاح الضرر الذي أصاب
المكتري الذي رفض المالك تجديد كرائه بدون سبب مشروع وخطير، ودون تحقق الحالات
التي توجب رفض التجديد و ما يترتب على ذلك من أضرار أهمها بعثرة عناصر أصله
التجاري، و الأصل أن التعويض لا يمكن النيل منه، و لا يحرم منه المكتري إلا إذا أثبت
المكري قيام حالة من الحالات المنصوص عليها في   المادة8   وقد عمل القانون الجديد رقم
49.16 على التحديد القانوني لمعايير التعويض المستحقة للمكتري عن إنهاء عقد الكراء
التجاري، بخلاف ظهير 24ماي ،1955 وكذا تم التنصيص في المادة 8 على حالات عدم
استحقاق المكتري للتعويض بالرغم من إفراغه.[1][1]

أولا : كيفية تحديد التعويض عن إنهاء عقد الكراء.

إذا كان المكري حر في تجديد عقد الكراء أو رفضه احتراما لحقه في ملكيته للمحل ، فإنه من الأخلاق التعاقدية أن يتم المكتري عما قد لحقه من أضرار إثر خروجه من الحل، الذي صرف فيه وقته و أمواله سعيا لتطوير مشروعه التجاري،أخد بالاعتبار مقدر الخسارة  اللاحقة به و الربح الضائع.[1][2]

الفقرة الأولى: التدخل التشريعي في تحديد معايير التعويض.

بخلاف مقتضيات ظهير 24ماي 1955 عمل القانون 49.16 على تحديد المعايير المعتمدة للحصول على التعويض المستحق للمكتري من إنهاء عقد الكراء.

أ معايير تحديد التعويض في ظل ظهير 1955.

إن المشرع المغربي و على غرار التشريعات المقارنة نص على حق المكتري في التعويض في حالة طلب التجديد حيث نص في الفصل العاشر من ظهير 24 ماي 1955 على مايلي:

“يحق للمكري أن يرفض تجديد العقد غير أنه إذا استعمل هذا الحق وجب عليه أن يؤدي للمكتري الذي نزعت حيازته تعويضا عن نزع اليد يعادل ما لحقه من ضرر بسبب عدم التجديد وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 و ما يليه من الفصول ويكون هذا التعويض مساويا على الأقل لقيمة الأصل التجاري اللهم إذا أثبت المكري أن الضرر أخف من القيمة المذكورة.”

انطلاقا منة مقتضيات ظهير 1955 و التطبيقات القضائية له، فإن التعويض يكون خاضعا للتقدير المحكمة و التي تستند في تحديدها إلى العناصر التي يتضمنها الخبرة المأمور بها.[2][3]

و في ذلك قضت محكمة النقض بأنه { لكن لما الفصل 10 من ظهير سنة 1955 ينص على أنه يحق للمكري رفض تجديد العقد إلا أنه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه أن يؤدي للمكتري المطلوب منه الإفراغ تعويضا عن هذا الإفراغ يعادل ما لحقه من ضرر عن عدم تجديد العقدة[و لما كان التسبيب في ظهير 55/05/24 هو تبرير حرمان المكتري  من التعويض كليا أو جزئيا و ليس تبرير الإفراغ أو رفض تجديد العقد.}،[3][4] أما للفصل الثامن من مرسوم 1953 الفرنسي فقد نص على أن التعويض يجب أن يكون مساويا أو موازيا للضرر الذي أصاب المكتري من جراء عدم التجديد،و هو يشمل القيمة التجارية للأصل التجاري المحددة وفقا للأعراف المهنة مع إضافة الصوائر العادية للانتقال و الاستقرار في مكان أخر و كذلك مصاريف و حقوق نقل الملكية من أجل اقتناء أصل تجاري أخر له نفس القيمة، اللهم إذا أثبت المكري أن الضرر اللاحق بالمكتري أقل.[4][5]

ولا يمكن النيل من مبدأ التعويض و لا يحرم المكتري من التعويض إلا أثبت المكري قيام سبب من الأسباب المنصوص عليها في الفصل 11 المتعلقة بالسبب الخطير و المشروع أو حالة الهدم لأنعدم توفر العقار على مقومات الأمن على حياة وصحة المكتري[5][6] ، وبذلك فإن الفصل العاشر من ظهير 24 ماي 1955 أوجب على المحكمة أن تراعي في تقديرها ما سيلحق المكتري من خسارة و ما سيفقده من أرباح، شريطة إن لا يقل هذا التعويض عن قيمة الأصل التجاري، و يقرر الفصل العاشر ثلاثة مبادئ متكاملة في تحديد الناصر التي يجب اعتمادها في هذا الشأن، ففي الفقرة الأولى منه نص على أن التعويض يعادل ما لحق المكتري من ضرر في الماضي، ثم أضاف في المقطع الثاني و يلزم المحكمة أثناء تحديد مقدار التعويض و في أخر الفقرة يقترب النص من العنصر الواقعي فيقرر انه ” يكون مقدار التعويض مساويا على الأقل لقيمة الأصل التجاري…”[6][7]

لكن الأصل التجاري يتكون من عدة عناصر مادية و معنوية، كالمعدات و الآلات و
التجهيزات و عناصر معنوية كعنصر السمعة التجارية و الزبائن، الاسم التجاري و العنوان
التجاري، حقوق الملكية الصناعية و التجارية و براءة الاختراع و الرسوم و النماذج الصناعية و الحق في الكراء.[7][8]

وفي هذا الإطار يرى الأستاذ محمد الكشبور أن ما ضمن في الفقرة الثانية من الفصل
العاشر يقتضي أن يضع في الاعتبار مقدار الخسارة اللاحقة و الربح الضائع بمفهوم تعويض
الضرر وفق ما جاء في الفصل 264 ق ل ع، غير أن ما يميز القانون المغربي عن القوانين الأخرى أنه نص في الفصل العاشر على التعويض عن نزع اليد الذي يعادل ما لحق المكتري من ضرر عند عدم التجديد، ولم يحدد العناصر الواجب تعويضها كما فعل نظيراه الفرنسي و الجزائري بل اكتفى بالقول بأنه على المحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع عناصر الخسارة الآنية اللاحقة لنزع اليد.[8][9]

في حين اعتمد القانون الفرنسي على عدة معايير لتقدير التعويض: كالمركز التجاري
للمحل و مدى رواجه وحجم أعماله.
وقد اعتمد بعض القضاء في فرنسا على الأرباح التي حققها المحل من نشاطه التجاري، و
المستقاة من الإقرارات الضريبية.
ويجب أن يكون التعويض كافيا لجبر الضرر الذي أصاب المكتري التاجر، فضلا على أن
المشرع الفرنسي ألزم المكري بدفع التعويض عن نقل الأدوات و المعدات و الآلات و
التحسينات و الزخرف الذي أقامه المكتري في المحل التجاري، إلى جانب تعويض القيمة
التجارية للمحل.[9][10]

إلا أن الأولى لا تثير أية صعوبة بسبب سهولة تقديرها، لغلبة الطابع المادي عليها، في
حين أن التعويض عن القيمة التجارية هي التي تثير الصعوبة في التقدير، وغالبا ما يستعين
القضاء بتقرير أهل الخبرة في شأنها[10][11].

وقد اعتمد قضاء آخر بفرنسا على الواجب الكرائي الذي يدفعه المكتري لمالك الأصل
التجاري، ويعتبر القضاء الفرنسي أن العبرة في تحديد قيمة الأصل التجاري وقت إعلان المكري عن رغبته في عدم التجديد، لا وقت بداية سريان الكراء الذي حل أجله لأن عنصر الزمن له تأثير كبير على اعتياد العملاء في الارتداد على الأصل التجاري و هذا ما استقرت عليه محكمة النقض الفرنسية ،وتقدير التعويض حسب المحاكم الفرنسية يجب أن يكون في أقرب يوم من تاريخ مغادرة المحل إذا وقع الإخلاء أما إذا بقي المكتري شاغلا للأماكن فيحدد تاريخ تقدير التعويض بعد صدور الحكم أو القرار،[11][12] ويراعى في التقدير التعويض الأنشطة المسموح بها في العقد وكذا ما هو متفق عليه من استغلال شامل أو جزئي للمحل، وفقا لما قضت به محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها حيث ذهبت إلى أنه يجب أن يراعى في التقدير، الأنشطة المنصوص عليها في عقد الكراء دون سواها، استنادا على قاعدة العقد شريعة المتعاقدين مع مراعاة كون الكراء منصبا على استغلال المحل استغلالا كليا  Exploitation Totalأو استغلالا جزئيا Exploitation partielle،[12][13] أما فيما يخص الإثبات فإنه ليس على المكتري أن يأتي بالحجج حتى يثبت وجود جميع
عناصر الضرر بل المكري هو الملزم بالإثبات بأن الضرر أخف ولا يشمل إلا بعض العناصر غير أن للمكتري أن يثبت بأن هناك عناصر أخرى تضررت رغم أن القانون لم ينص عليها، و في إطار السلطة التقديرية التي تتمتع بها المحكمة في تحديد التعويض، قضت محكمة النقض الفرنسية تطبيقا للفصل الثامن م ف أنه للمكري أن يثبت أمام القضاء أن الضرر الذي أصاب المكتري أقل من قيمة الأصل التجاري أو أن الضرر محدود في بعض العناصر دون الأخرى كما لو استطاع المكتري أن يحصل على محل جديد بالقرب من محله القديم، أو إذا ثبت أن زبناء المكتري التحقوا به إلى محله الجديد،[13][14] ، وإذا اتضح أنه لا أهمية إطلاقا لتغيير المكان على استمرار النشاط أو إذا كانت مقاولة المكتري يمكنها أن تمارس نشاطها في أي مكان دون أن يؤثر ذلك على مردوديتها أو إذا أثبت المكري أن الشركة المكترية كانت قد انحلت قبل بعث الإشعار[14][15] وكذلك إذا كان المكتري قد استعد لنقل نشاطه قبل تلقيه الإعلان برفض التجديد، وثبت للقضاء عدم رغبة المكتري في التجديد و إرادته في ترك المكان، أو إذا كان المكتري يعلم عند التعاقد أن العقار الكائن به محله يدخل في نطاق نزع الملكية، فتتولى الإدارة نازعة الملكية أداء التعويض بدل المكري[15][16] .

وقد ذهب القضاء الفرنسي في إطار إعمال سلطته التقديرية إلى عدم القضاء بأي تعويض
للمكتري في الحالات المذكورة أعلاه و يمكن أن تنخفض قيمة التعويض إذا كان المكتري
التاجر قد استقر في مكان آخر بشروط أقل و ظلت أرباحه ثابتة.

و لا يمكن أن يشمل التعويض القيمة التجارية للأصل التجاري إذا كان المكتري التاجر
يعتمد في رواج تجارته على زبائن عابرين بحيث أن انتقاله إلى مكان آخر لا يؤدي إلى فقدان عنصر الزبائن.[16][17]

وقد قضت محكمة النقض في هذا الإطار أن: المحكمة اعتمدت في تقدير التعويض
المحكوم به على سلطتها التقديرية آخذة بعين الاعتبار الخبرتين المنجزتين ابتدائيا و إستئنافيا اللتين راعتا العناصر المادية و المعنوية و الضرر الذي سيلحق المكتري من جراء الإفراغ و التوقف عن ممارسة نشاطه التجاري و موقع المحل و مساحته و القيمة الحقيقية للكراء وهي 200درهم حسب الخبرة المنجزة ابتدائيا و مصاريف الانتقال إلى محل بديل، وقيمة الأصول التجارية المماثلة و قيمة السلع و التجهيزات ورأس المال المستثمر.

كما أن المحكمة أخذت بعين الاعتبار جميع أوراق الملف بما فيها العقود و شواهد
الضرائب بقولها:

” إن المحكمة بإطلاعها على جميع أوراق الملف و العقود المشار إليها في مذكرات
الطرفين و كذا شواهد الضرائب تكون قد اطلعت عليها و استبعدتها ضمنيا فجاء قرارها معللا و مرتكزا على أساس وغير خارق لأي مقتضى و الوسيلتان غير مرتكزتان على أساس.[17][18]” و بالرجوع إلى الفصل العاشر نجده ينص على أنه يجب أن يكون التعويض مساويا على الأقل لقيمة الأصل التجاري. لكن ما العمل إذا كانت الأضرار التي تعرض لها المكتري تفوق قيمة الأصل التجاري؟

لقد سبق للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أن أجاب على هذا التساؤل في أحد قراراته
عندما ذهب إلى أنه إذا كانت قيمة الأضرار تفوق قيمة الأصل التجاري، تم اعتماد هذه القيمة، و إلا تم اعتماد قيمة الأصل التجاري، على ضوء عناصر الخبرة المأمور بها.[18][19]

كما أن التعويض الكامل رهين بوجود أصل تجاري بالفعل، لا مجرد ادعاء، لأن اندثار
الأصل التجاري لأي سبب يؤدي من الناحية القانونية إلى اندثار الحق في الكراء الذي يعد
عنصرا أساسيا من عناصر الأصل التجاري.[19][20]

ب تحديد التعويض وفقا للقانون 49.16.

نصت المادة 6 من القانون 49.16 على أن المكتري يكون محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، و لا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات أو المحلات و العقارات الخاضعة هذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، كما أنه يعتبر شرطا مخالف باطلا ، في حين أن المادة من نفس القانون عملت إلى  تحديد معاير المعتمدة في تحديد التعويض المستحق للمكتري عن إنهاء عقد الكراء، ذلك أن هذه المادة نصت على أن  المكتري يستحق تعويضا في حالة استحقاقه يعادل ما لحقه من ضرر ناجم عن الإفراغ عقب انتهاء عقد الكراء [20][21]،وهذا التعويض يجب أن يشمل قيمة الأصل التجاري التي تحدد انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الخيرة بالإضافة إلى ما أنفقه المكتري من تحسينات و إصلاحات و ما فقده من عناصر الأصل التجاري، كما يشمل مصاريف الانتقال من المحل ، و في حالة تقديم المكتري للمكري مبلغا ماليا مقابل الحق في الكراء فإنه لا يمكن أن يقل التعويض عن الإفراغ عن المبلغ المدفوع مقابل الحق في الكراء.

و انطلاقا من مقتضيات المادة7 من القانون 49.16 فإنه للمكري أن يثبت أن الضرر الذي لحق بالمكتري أخف من قيمة المذكورة [21][22] .

و التمعن في مقتضيات المادة 7 يفضي بنا إلى الاعتقاد بأن ما جاءت به  هذه المادة هو من باب محاربة التملص و التهرب الضريبي من جهة  و من جهة أخرى التقليص من السلطة المطلقة للخبراء المعينين من قبل المحاكم في تحديد قيمة الأصل التجاري ، و خلافا لما جاء بالمادة 7 من القانون 49.16 بالخصوص أسس الواجب أداؤها عن إنهاء عقد الكراء لفائدة المكتري في حالة الحكم بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي للسكن،حيث يمثل الأول تعويضا يوازي ثمن كراء ثلاث سنوات الأولى ، في حين أن التعويض الثاني يوازي كراء ثمانية عشر شهرا، ففي في حالة إثبات أن الشخص المطلوب الفراغ لفائدته لا يتوفر على سكن في ملكه لكنه غير كافي لحاجياته العادية، فقد نصت المادة 19 من القانون 49.16 على أن المكتري يستحق تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات حسب أخر سومة كرائية للمحل الملحق كما أن نفس المادة نصت على أنزه يتعين على الشخص المطلوب الإفراغ لفائدته أن يعتمر المحل شخصيا داخل اجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ مغادرته من طرف المكتري و لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ما لم يكن هناك عذرا مقبول وإلا حق المكتري المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر يوازي كراء ثمانية عشر شهرا حسب قيمة أخر وجيبة كرائية.

و أن أغلب المنازعات التي كانت تطرح على القضاء المغربي في إطار ظهير 24 ماي 1955 تتعلق برغبات ملاك الأراضي برفض تجديد عقود الكراء مما كانت تحول دون استغلال و تطوير عناصر الأصل التجاري، و من هنا يتضح على أن فلسفة المشرع في حماية أنشطة تلك الأصول المستغلة بالعقارات أو المحلات بموجب عقود الكراء المستوفية للشروط المنصوص عليها في المادتين3 و 4 [22][23] و التي تدخل في دائرة مجال تطبيق المادة الأولى من القانون 49.16 ترتكز على جانبي الحقوق و الإجراءات خلافا للأحكام العامة التي تنظم علاقة المكري بالمكتري هذين الجانبين يظلان مرابطين و متكاملين فيما بينهم و يشكلان منظومة قواعد قانونية موضوعية و إجرائية منسجمة و متجانسة إذا اختل الجانب الإجرائي أثر على الجانب الحقوقي باعتباره الحلقة التي تربط طرفي العقد و حقوقهم عند رغبة كل منهما في وضع حد لهذه العلاقة، و إذا اختل الجانب الإجرائي كذلك فإن الجانب الحقوقي لا يقل أهمية خاصة الحق في التعويض عن إنهاء عقد الكراء المنصوص عليه في المادة السابعة من القانون المذكور[23][24]و هو ما تدل عليه عدد من الحالات التي يستحق فيها المكتري التعويض سواء كان تعويضا كاملا أو تعويضا احتياطيا حسب الحالة، و استنادا للمادة السابعة من القانون 49.16 فإن المكري الراغب في وضع العلاقة الكرائية الراغب في وضع حد للعلاقة الكرائية مجبر على أداء تعويض عن عدم تجديد العقد الذي يجمعه بالمكتري إذا نتج عن إفراغ العقار أو المحل ضرر للمكتري بحرمانه من استغلال أنشطته ، التعويض تولى المشرع تحديده بمقتضى المادة السابعة و ميز فئتين من مشتمالاته :

 الفئة الأولى: مرتبطة بمختلف المصاريف التي أنفقها المكتري على العقار   أو المحل عند استغلال أنشطته من إصلاحات وتحسينات وأخرى عند مغادرته للمحل أو العقار  و ما كلفته عملية الانتقال من مصاريف مختلفة خاصة بالنسبة للعناصر المادية .

الفئة الثانية: تتعلق بتركيبة الأصل التجاري من العناصر المفقودة سواء كانت مادية كالبضائع والأدوات والمعدات أو معنوية كالحق في الإيجار والسمعة التجارية والزبناء [24][25] وقيمته انطلاقا من التصريحات الضريبية خلال الأربع سنوات الأخيرة .

الفقرة الثانية : أبعاد التدخل التشريعي في تحديد مشتملات التعويض.

إذا كان تحديد المشرع للفئة الأولى من مشتملات التعويض قد لا يثير أية   إشكالات من حيث المبدأ مادام يمكن إثباتها من قبل المكتري بموجب وثائق محاسبتية من المفترض مسكها من قبله وتدخل فيما أنفقه من  مبالغ مالية لتحسين وتجويد وتطوير استغلال أنشطته بما تتطلبه تلك العملية من إصلاحات للمحل أو العقار  وما أنفقه  خلال عملية التنقل من نقل للعناصر الأصل التجاري من مكان إلى  آخر  خاصة العناصر المادية عملا بمقتضيات المادة الرابعة من مدونة التجار[25][26]،  فإن الفئة الثانية تبقى موضوع تساؤلات عدة  منها لماذا اعتمد المشرع في تقديره للتعويض على التصريحات الضريبة؟ وأي تصريحات يقصدها المشرع؟ هل تلك التي ستعتمدها الإدارة الضريبة كأساس للضريبة؟ أم أن الأمر يتعلق بالتصريحات التي قام بها المكتري باعتباره ملزما ضريبيا قبل ملاحظات الإدارة الضريبية  عند تصحيح الأسس الضريبية؟ ثم ماذا لو لم يقم المكتري بهذه التصريحات؟ هل سيفقد حقه في التعويض؟ أم أن المحكمة ستمنحه أجلا للقيام بذلك؟ وبصفة عامة يمكن القول على أن اعتماد المشرع على التصريحات الضريبية غايته هو الرهان على الأبعاد المالية والاقتصادية والاجتماعية للعلاقة التعاقدية  التي تجمع بين المكتري والمكري خاصة عند إنهائها   .

أ‌-       البعد المالي :

إن الإقرارات أو التصريحات التي يقوم  بها المكتري -الملزم الضريبي- عن مختلف العمليات والأنشطة التي قام بها قد تشوبها بعض الاختلالات نتيجة إقرارات ناقصة أو أخطاء أو إعفاءات قد تكون جزئية أو كلية  دائمة أو مؤقتة   تبديها الإدارة الضريبية  نتيجة ملاحظاتها مما يجعل الأساس الضريبي محل مسطرة التصحيح، لذلك كان حري بالمشرع الاعتماد على النتيجة الجبائية انطلاقا من الأرباح المحققة من الأنشطة والمستقاة من الٌإقرارات الضريبية [26][27]بعد التصحيحات التي تطال الأسس المعتمدة من طرف المكتري  لتحديد القيمة المالية الحقيقة للأصل التجاري ومن تم يصير مبلغ التعويض مقدر على أسس صحيحة، إن اعتماد المشرع على التصريحات الضريبة لتحديد قيمة الأصل التجاري لا يخرج عن البعد الأساسي لكل سياسة جبائية وهو البعد المالي، لذلك كان المشرع حريص على تحديد هذه القيمة انطلاقا من الإقرارات  وبالتالي يمكن القول على أن المشرع وضع معادلة في تقدير التعويض مفادها أنه كلما  صرح المكتري بجميع العمليات التي قام بها كلما كانت  له حضوض أوفر للحصول على تعويض أكبر عند نشوء  النزاع بينه وبين المكري حول العين المكراة من جهة ،   و من جهة أخرى يكون المشرع قد أسس آلية جديدة لتفادي ظاهرتي الغش والتهرب الضريبيين وهو ما  سيجعل ملاك الأصول التجارية  المكترين للمحلات والعقارات ملزمين بتصريحات ضريبية حقيقية لأنشطتهم ، وما يدفعنا للقول بالاعتماد على النتيجة الجبائية عوض الإقرارات هو ما نصت  عليه  المادة 9 من نفس القانون فيما يتعلق بالتعويض المؤقت حيث نصت على أن هذا التعويض يجب أن يوازي كراء ثلاث سنوات  دون أن يتجاوز مبلغ الأرباح التي حققها حسب التصريحات الضريبية للسنة المالية المنصرمة، وحتي يكون المشرع منسجما مع توجهاته  كان عليه أن يصيغ نص المادة السابعة وفق ذلك ،  كما أن البعد المالي ظل حاضرا لدى المشرع عندما اعتبر من مشتملات التعويض أيضا ما فقده الأصل التجاري من عناصر وليس نقصان  في قيمتها  وهو ما سيجل المكتري مضطرا إلى الكشف عن حقيقية مختلف العمليات التي طالت العناصر المادية للأصل التجاري خاصة تلك  المخزنة و التي تقدر قيمتها بمبالغ مالية مهمة  وتلك المعروضة للجمهور[27][28] والتي تكون محل حركة دائمة بالنسبة للأصول التجارية  ، ومع ذلك ويبقى عنصري السمعة التجارية والزبناء أهم هذه العناصر لما يشكلانه من أهمية لكل أصل تجاري وهيمنتهما على باقي العناصر المعنوية الأخرى استنادا للمادتين 79 و80 من مدونة التجارة  بحيث إذا تم فقدان الأصل التجاري لهما اندثر وزال، ويضاف إليهما عنصر الحق في الكراء لما له من أهمية في تحديد موقعه و الرفع من قيمته الاقتصادية  والمعاملاتية لكنه ليس عنصرا جوهريا[28][29] وتبقى مرتبته الثالثة عند تعداد عناصر الأصل التجاري من حيث مركزه في مدونة التجارة[29][30] ، وإلى جانب البعد المالي حاول المشرع استحضار أيضا البعدين الاقتصادي والاجتماعي لما يشكلانه من أهمية لكل إقلاع تنموي.

ب‌-  البعد الاقتصادي:

عمل المشرع من خلال تحديده لمشتملات التعويض  على استحضار البعد الاقتصادي المؤسس على المبادرة الفردية ، فعلى المستويين التجاري والصناعي تتطلب عملية استثمار رؤوس الأموال الاستقرار وسلامة  المعاملات التجارية وعدم زعزعة الثقة بين  مختلف الفاعلين بما يخدم استمرارية المقاولة [30][31]وصيانتها من الضياع والاندثار لما لها من دور في العملية الاقتصادية في شموليتها  بحيث راهن المشرع عند تعداده لمشتملات التعويض على عدم ضياع الأصل التجاري كمحرك للاقتصاد المغربي بشكل يتماشى مع التطورات الاقتصادية وطموحات مختلف قوى الانتاج العاملة ضمن مختلف عمليات التنمية  والذين في غالب الأحيان لا  يملكون  عقارات أو  محلات تمكنهم من استثمار رؤوس أموالهم أحسن استثمار في مناخ يسوده الثقة والاستقرار تضمنه النصوص القانونية كعامل من بين العوامل الأخرى التي تؤثر  بشكل مباشر أو غير مباشر في الاقتصاد الوطني ولها  ارتباط بمختلف القطاعات الأخرى.

ت‌-  البعد الاجتماعي:

إن رهان المشرع من خلال تحديده لمشتملات التعويض لا تقتصر على البعدين المالي و الاقتصادي فقط وإنما تتعداه لتشمل البعد الاجتماعي  بحيث  يشكل استقرار العلاقة الكرائية أهمية في عدم فقدان فرص الشغل التي أتاحتها  الأنشطة المستغلة بموجب عقود الكراء التجاري نتيجة عن إنهاء العلاقة الاجتماعية وكذا   توفير فرص أخرى جديدة، كما  يؤدي أيضا إلى استمرار العلاقات الاجتماعية حماية للسلم الاجتماعي  لتفادي إغلاق المقاولات خاصة الصغرى مما يضمن للأصل التجاري الحق في البقاء .

إن ما يكرس هاجس  تحقيق هذه الأبعاد لدى المشرع من خلال هذه المادة  هو ما قررته الفقرة الخامسة  بخصوص جزاء البطلان عن  كل شرط أو اتفاق مسبق من شأنه حرمان المكتري من حقه في التعويض عن إنهاء الكراء.

هكذا يكون المشرع عند إقراره للتعويض حسب المادة السابعة عن إنهاء العلاقة الكرائية قد راعى مصلحة المكتري في الحصول على التعويض متى كان له محل، وهي مصلحة خاصة، لكن في حقيقة الأمر يظل هدفه هو مراعاة “المصلحة العامة” إن صح التعبير المتجلية في الأبعاد الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تمت الإشارة إليها.

والملاحظ على أن رفع المشرع من قيمة التعويض  سيدفع بملاك العقارات والمحلات إما إلى رفع السومة الكرائية عند إقدامهم على إبرام العقود تحسبا لما قد ينشأ من منازعات تفضي إلى  المطالبة بالإفراغ وعدم تجديد العقد ، أو أنهم سيحجمون عن إبرام عقود الكراء التجاري خوفا من دخولهم سجن هذه العلاقة الكرائية[31][32] المتميزة عن العلاقة في إطار الكراء المدني نتيجة مبالغة المشرع في  تحديد مشتملات التعويض مما قد يؤثر على دور العقار في العملية التنموية والتجارية بالخصوص  بالإضافة إلى ما قد يولد لدى المكرين  تخوف من مواجهة الإدارة الضريبة عن الإقرارات المتعلقة بالملكية العقارية عند ممارسة الإدارة الضريبية لحقوقها في مواجهة  المكتري / الملزم الضريبي نظرا لاعتماد المشرع على التصريحات الضريبية  لتحديد قيمة الأصل التجاري ،  خاصة وأن الوعي الضريبي لدى هؤلاء لم يرق إلى مستوى  اعتبار الضريبة جزءا من واجباتهم تجاه الوطن.[32][33]

وإذا كان المشرع كمبدأ عام قد حدد مشتملات التعويض، فإنه مع ذلك ترك الاختيار لطرفي عقد الإيجار التجاري التحرر من مقتضيات المادة السابعة وذلك بالاتفاق بينهما حول دفع المكتري مبلغا من المال كمقابل للحق في الإيجار[33][34] الذي اعتبره المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من المادة السابعة  تعويضا لكن شريطة  أن لا يقل هذا الأخير عن ذلك المبلغ الذي قدمه المكتري  كمقابل للحق في  الكراء وهو ما قد يدفع بطرفي العقد إلى إبرام عقود الإيجار التجاري وفق هذه الصيغة  لتفادي  التصريحات الضريبية كأساس لتقدير مبلغ التعويض.

ثانيا  :   حدود تدخل السلطة القضائية في تحديد مقدار التعويض.

بذل القضاء المغربي في إطار ظهير 24 ماي 1955  جهدا كبيرا في  فك  الغموض  الذي كان يكتنف مقتضياته  خاصة تلك المتعلقة بقيمة مقدار التعويض بحيث كان  هذا المقدار هزيلا حسب المادة 10 منه والتي حددته في قيمة الاسم التجاري بالمقارنة مع قيمة النزاع وكذا التطورات التي عرفتها الحياة الاقتصادية والاجتماعية وهو ما حدى به إلى الاستقرار في أغلب اجتهاداته على قيمة الأصل التجاري عوض القيمة  المذكورة، وبصدور القانون 49.16  تكفل المشرع بتحديد مشتملات التعويض وفي نفس الوقت ميز من خلال المادة الأولى بين نوعين من عقود الإيجار التجاري: عقود ترد على العقارات أو المحلات التي تستغل بها أنشطة الأصل التجاري وأخرى ترد على العقارات أو المحلات التي تستغل بها أنشطة أخرى أدرجها المشرع ضمن الأعمال التجارية أو الصناعية أو الحرفية،  وهو ما سينعكس على تدخل السلطة القضائية في تقدير التعويض.

الفقرة الأولى: عقود  كراء العقارات أو المحلات التي يستغل فيها الأصل التجاري.

استغل القضاء المغربي كل المساحات المتاحة لديه [34][35]عند تطبيقه لظهير 24 ماي 1955  لضمان وحماية حقوق المكري والمكتري بهدف إيجاد توازن بين ملكية عقارية تعود ملكيتها للمكري نص الدستور على ضمانها بموجب القانون [35][36] وملكية تجارية تعود للمكتري مالك الأصل التجاري مؤطرة بمقتضيات قانونية تعود إلى الفترة الاستعمارية، وبذلك يكون المكري أمام ملكية تجارية مختلفة عن ملكيته، ويكون المكتري أيضا أمام ملكية عقارية  متناقضة مع ملكيته ، هكذا فأغلب المنازعات التي تنشأ بين ملاك العقارات  أو المحلات وملاك الأصول التجاري دائما ما كانت تطرح حول تجديد الحق في الكراء، ولحماية هذا الحق أقر المشرع لفائدة المكتري الحق في  التعويض وهو من أهم الحقوق المقررة عند إنهاء العلاقة الكرائية لجبر الضرر الذي لحق المكتري جراء  رفض المكري تجديد العقد وإفراغه للعقار أو المحل الذي كان يمارس فيه مختلف أنشطته بموجب عقد الكراء  بحيث كان القضاء المغربي يستند على  تقارير الخبرة لتقدير قيمة التعويض و التي غالبا ما كانت تساوي قيمة الأصل التجاري وليس قيمة الاسم التجاري حسب منطوق المادة العاشرة من الظهير المذكور مما كان يتيح للقضاء استعمال سلطته التقديرية في تحديد مقدار التعويض سواء كان تعويضا كاملا أم جزئيا، وهو ما كرسه الاجتهاد والعمل القضائيين بخصوص الكراء التجاري عند تحديد قدر التعويض انطلاقا مما سيحصل للمكتري من الخسائر وما سيفقده من الأرباح بسبب إضاعة حقوقه استنادا على خبرة موضوعية[36][37]  شريطة ألا يقل هذا التعويض عن قيمة الأصل التجاري الذي أسس بالمحل[37][38]، لكن بإصدار المشرع للقانون 49.16 يلاحظ على أن مقتضيات المادة السابعة حدد  فيها المشرع الحد الأقصى للتعويض من خلال تعداده لمشتملات التعويض الكامل وبذلك يكون المشرع قد وضع حدا للنقاش الفقهي حول ما إذا كانت قيمة الضرر تفوق قيمة الأصل التجاري[38][39] من جهة وقيد في نفس الوقت سلطة القاضي في تقدير التعويض عندما حدد مشتملاته على سبيل الحصر كلما تعلق الأمر بالتعويض الكامل أو التعويض الاحتياطي الكامل حسب الحالات المنصوص عليها بموجب هذا القانون[39][40] وهو ما يعني أنه مهما تكن الخسائر التي  ستلحق المكتري وما سيفقده من أرباح[40][41]  يكون القاضي ملزم بعدم تجاوز مشتملات التعويض كما هي محددة بموجب المادة السابعة ولا يمكن  التخفيف من قيمته إلا إذا أثبت المكري على أن الضرر الحاصل للمكتري أخف من القيمة المذكورة، فأي قيمة يقصد المشرع هل قيمة الأصل التجاري؟ أم قيمة مشتملات التعويض ؟، إن ظاهر النص يوحي على أن نية المشرع تتجه نحو قيمة الأصل التجاري من خلال استعماله عبارتي “قيمة الأصل التجاري” و ” القيمة المذكورة” ، وهي نفس الصيغة تقريبا التي استعملها ظهير 24 ماي 1955 مع اختلاف في عبارة “قيمة الاسم التجاري”، ومهما اتجهت نية المشرع فإن تعامل القضاء مع  صيغة المادة السابعة سوف لن يحيد عن ما تم الاستقرار عليه عند تطبيقه للمادة العاشرة من الظهير المذكور، كما أنه من الصعب جدا أن يثبت المكري ذلك لكونه لا يملك أية صفة للاطلاع على الإقرارات المدلى بها من قبل المكتري لدى الإدارة الضريبية، بالإضافة إلى أن مجمل الوثائق المحاسبتية لمختلف المصاريف سواء مصاريف الإصلاحات أو التنقل تكون ممسوكة بيد المكتري ثم كيف له أن يثبت فقدان بعض عناصر الأصل التجاري خاصة العناصر المعنوية .

الفقرة الثانية: عقود  كراء العقارات أو المحلات التي لا  يستغل فيها الأصل التجاري.

إذا كانت العقود التي تدخل ضمن دائرة استغلال الأصل التجاري حسب الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور لا تعرف أي تعارض مع مقتضيات المادة السابعة من حيث المبدأ، فإن عقود كراء العقارات والمحلات التي لا يستغل فيها الأصل التجاري و فق  منطوق الفقرة الثانية من نفس المادة  كالتعليم الخصوصي والصحة بالنسبة للمصحات والمؤسسات المماثلة تبقى محل ملاحظات عند تقدير التعويض خصوصا وأن القانون 49.16 كرس ما استقر عليه القضاء المغربي [41][42]عند تطبيق ظهير24 ماي 1955 مع بعض التعديلات المحتشمة التي أدخلت عليه ، فكيف سيتعامل القضاء المغربي مع هذه الأنشطة عند تقدير التعويض؟ و هل سيتم تحديده وفقا للأحكام العامة؟ خاصة وأن المادة السابعة تحدد على سبيل الحصر مشتملات التعويض في قيمة الأصل التجاري وما فقده من بعض عناصره بالإضافة إلى المصاريف الأخرى  وذلك  باستعمال المشرع عبارة “يشمل هذا التعويض قيمة …”، وهو ما سيجعل  القاضي  يتمتع بسلطات واسعة للتقدير قيمة التعويض، لذاك كان على المشرع أن يراعي عند صياغته للمادة السابعة طبيعة هذه الأنشطة والعقود المنصبة على العقارات أو المحلات التي تستغل بها،  وما يدفعنا قول ذلك هو ما الفائدة من تمييز المشرع من خلال المادة الأولى بين عقود كراء العقارات أو المحلات التي يستغل بها الأصل التجاري وأخرى تستغل بموجبها أنشطة ذات طبيعة خاصة إذا لم تتضمن المادة السابعة  مثل هذه العقود؟ ثم إن التمييز الذي نص عليه المشرع في المادة الأولى من هذا القانون يوحي على أن ما سيأتي بعدها من المواد ستراعي هذا التمييز خاصة المادة السابعة وهو ما لم يفعله المشرع وكأن الذي صاغ المادة الأولى ليس هو من وضع المادة السابعة ، ثم كيف سيتعامل القضاء المغربي مع هذه العقود إذا ما تم الحكم بالإفراغ  لما لها من آثار اجتماعية خطيرة ، لذلك كان على المشرع عدم إدراج هذه الأنشطة ضمن هذا القانون في أفق سن تشريع خاص بها حماية للطلبة والتلاميذ والمتدربين والمرضى، إن ظهير 24 ماي 1955  لما أخضع بعضا من هذه العقود لمقتضياته أملته الفترة الاستعمارية حماية لمصالح المستعمر الفاقد للملكية العقارية خاصة عقود كراء الأملاك والأماكن التي تشغلها كل مؤسسة من مؤسسات التعليم  و إن كان القضاء[42][43] المغربي  ميز بين التعليم العمومي والخاص في  أحكامه و  تم  تكريسه في إطار  القانون16-49 لكن و مع ذلك يمكن التساؤل لماذا أقحم المشرع هذه العقود ضمن قانون يتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي؟ هل حماية للمتمدرسين من الطلبة والتلاميذ والمرضى أم حماية لملاك تلك المؤسسات؟ خاصة إذا علمنا  أن المشرع استعمل عبارات فضفاضة وعامة من قبل العقارات أو المحلات التي تمارس فيها المصحات والمؤسسات المماثلة لها نشاطها ومن تم يطرح التساؤل الآتي هل طبيب الأسنان حين يقوم بدور علاجي أو جراحي يعتبر  عمله هذا عملا  تجاريا[43][44] ، يبدو أن رغبة  المشرع  في إقحام هذه العقود ضمن القانون 49.16 هو تحفيز و تشجيع الخواص للاستثمار في  هذه القطاعات الاجتماعية خاصة  التعليم وذلك للتخفيف من العبء المالي الذي تخصصه الدولة  له في أفق انسحاب و التخلي عنها بشكل تدريجي من جهة، ومن جهة أخرى الدفع بهم إلى التصريح بضرائبهم خاصة المؤسسات التعليمية التي فاقت الملايير..

وجدير بالذكر إلى  أن المشرع رتب جزاء البطلان على كل اتفاق أو شرط يقضي بحرمان المكتري من التعويض متى كان له محل، بحيث يمكن للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها  وسواء  تم التعبير عن حرمان المكتري من التعويض بموجب اتفاق مستقل عن العقد أو  بشرط مضمن  فيه فإنهما يعتبران معدومان لا أثر لهما على عقد الكراء التجاري و مع ذلك فقد أعفى المشرع المكري من التعويض مقابل الإفراغ بموجب المادة 8 التي عدد الحالات التي تحرم المكتري من حقه في التعويض،  وعموما يمكن القول على أن تطبيق  المادة السابعة من قبل القضاء  إما ستعرف تأويلات واجتهادات خاصة فيما يتعلق بكيفية احتساب التعويض انطلاقا من قيمة الأصل التجاري مما يمهد الطريق  للقضاء إلى إعمال سلطته التقديرية أو أن تطبيقها سيكرس ما استقر عليه القضاء عند تطبيقه لأحكام ظهير 24 ماي 1955.[44][45]

هكذا  يمكن القول على  أن تدخل المشرع من خلال المادة السابعة في تحديد  مشتملات التعويض الموجب للمكتري عند إنهاء عقد الإيجار التجاري إما أن تكون له انعكاسات إيجابية على الاستقرار الاقتصادي المؤسس على  عقود  الكراء التجاري أو أن الأمر سيؤدي إلى ركود  الانتعاش العقاري  المرصود لخدمة  الأنشطة  التجارية.

الفهرس

أولا : كيفية تحديد التعويض عن إنهاء عقد الكراء.

الفقرة الأولى: التدخل التشريعي في تحديد معايير التعويض.

أ معايير تحديد التعويض في ظل ظهير 1955.

ب تحديد التعويض وفقا للقانون 49.16.

الفقرة الثانية : أبعاد التدخل التشريعي في تحديد مشتملات التعويض.

أ‌-      البعد المالي :

ب‌-    البعد الاقتصادي:

ت‌-    البعد الاجتماعي:

ثانيا  :   حدود تدخل السلطة القضائية في تحديد مقدار التعويض.

الفقرة الأولى: عقود  كراء العقارات أو المحلات التي يستغل فيها الأصل التجاري.

الفقرة الثانية: عقود  كراء العقارات أو المحلات التي لا  يستغل فيها الأصل التجاري.

                                                                                                                      /frssiwa.blogspot.com


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

 القانون التأديبي والجنائي للمنافسة

                              ...