جرائم الإنترنيت بالمغرب .. ترسانة قانونية متقدمة ووقائع منتشرة


          جرائم الإنترنيت بالمغرب .. ترسانة قانونية متقدمة ووقائع منتشرة

بين الفينة والأخرى تظهر للعموم إحدى جرائم الإنترنيت، بداية من نشر صور مفبركة، ومرورا بتسريب صور ومعطيات شخصية للأفراد، وصولا إلى الابتزاز، وكان آخرها نشر “فيديو” للمغني المغربي سعيد الصنهاجي؛ وهو ما أعاد للواجهة النقاش حول الترسانة القانونية للمغرب ومدى مكافحتها لجرائم الإنترنيت.

ترسانة قانونية متقدمة

يشير علي كريمي، الخبير في القانون الدولي لوسائل الإعلام، إلى أن “المغرب يتوفر على ترسانة قانونية جد مهمة في ما يتعلق بمكافحة جرائم الإنترنيت بشكل عام، وبكل أشكالها، بداية من جريمة دعارة الأطفال، إلى الجريمة الإرهابية، ثم تلك التي تخص الدخول إلى المواقع وسرقة محتوياتها وإتلافها ثم التعرض للحياة الخصوصية، وكذا السب والقذف”.

وأبرز كريمي، في تصريح لهسبريس، أن القضاء المغربي سبق أن بت في عدد كبير من القضايا المندرجة في هذا الإطار، مفيدا بأن “القوانين المغربية المحاربة للجرائم الإلكترونية جاءت في ظرف إقليمي ودولي صعب، خاصة بعد أحداث 11 شتنبر”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “أحدث 11 شتنبر كان لها تأثير داخل المنطقة العربية”، مضيفا: “جل دول المنطقة آنذاك كانت تضع قوانين للجرائم الإلكترونية، والمغرب كان سباقا، إذ بدأ هذا المسار سنة 2003 بوضع قانون محاربة الجرائم الإلكترونية، وإدخاله ضمن القانون الجنائي”.

وذكر أستاذ القانون الدولي لوسائل الإعلام بأن المغرب أيضا طرف في اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة الإلكترونية، ناهيك عن أن “القانون الجديد على مستوى الإعلام والاتصال شدد على الجرائم التي تدخل في إطار الإعلام الإلكتروني، وبات ينطبق عليها ما ينطبق على الإعلام المكتوب، دون أن ننسى قانون حماية البيانات الشخصية على مستوى الوسائل الإلكترونية”.

حماية المعطيات الشخصية

ويرى يوسف مزوز، المختص في أمن المنظومة المعلوماتية، أنه “بناء على الخطورة التي تمتاز بها الجرائم الإلكترونية والاستفحال الكبير الذي عرفته في السنوات الأخيرة، كان لزاما على التشريعات الوطنية أن تواكب هذا التطور من خلال سن قواعد قانونية عصرية تراعي الطبيعة المتطورة لهذه الجرائم، والصعوبات التي تكتنف تكوينها وإثباتها ومتابعة مقترفيها”.

وقارن مزوز، في تصريح لهسبريس، بين القوانين المغربية المنظمة لهذا المجال ونظيرتها، لافتا إلى القانون رقم 03/07 الذي تمم القانون الجنائي، والذي يقول إنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبالغرامة من 2000 إلى 000. 10 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من دخل إلى مجموع أو بعض نظم المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال”، ومعتبرا أنه “يبقى قابلا للتأويل ومرتبطا بمدى ملاءمة القاضي للنازلة، عكس القانون الجنائي الفرنسي مثلا، الذي ينص في المادة 226-1 على أنه يعاقب بالحبس لمدة سنة واحدة وغرامة مالية 45000 أورو، وذلك باستخدام أي وسيلة للاعتداء عمدا على خصوصية الحياة الشخصية للآخر؛ وذلك عن طريق تحديد وتسجيل أو نقل، دون موافقة المعني، صور في مكان خاص”.

وأكد المتحدث ذاته أنه “لتدارك هذا الفراغ، أصدر المشرع المغربي الظهير الشريف رقم 1.09.15 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”، مشيرا إلى أن “المشرع تطرق فيه إلى اعتبار المعلوميات في خدمة المواطن، وتتطور في إطار التعاون الدولي، ويجب ألا تمس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية أو الفردية للإنسان، وينبغي ألا تكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطنين”، ومنبها إلى أن نسبة قليلة من المتضررين تعلم بوجود هذا القانون، أو تلجأ إلى تقديم شكاية أثناء حصول ضرر ما.

الخطر قائم رغم القانون

ويقول مروان حرماش، الخبير في قضايا الإنترنيت، إن “هناك ترسانة قانونية عامة تحمي الحياة الخاصة للأشخاص؛ أي إنه يوجد إطار قانوني عام يحمي الشخص كيفما كانت وسيلة نشر المعلومات الخاصة بالأشخاص، سواء كانوا شخصيات عامة أو خاصة”.

وأورد حرماش، في تصريح لهسبريس، أن المغرب عرف انسجاما بين تطور التكنولوجيا والترسانة القانونية التي تحمي استعمالها، مؤكدا أن البلاد “لا تتوفر على الإطار نفسه الذي يوجد بالدول المتقدمة”.

ويؤكد الخبير في قضايا الإنترنت أنه “حتى مع توفر ترسانة قانونية يبقى الخطر قائما”، ضاربا المثال بالولايات المتحدة الأمريكية التي رغم قوانينها المتشددة إلا أنها عرفت أخيرا نشر صور خاصة لشخصيات عمومية ونجوم، مضيفا: “غالبا يقوم الأشخاص الذين يقومون بتسريب هذه الصور بحماية أنفسهم أولا قبل القيام بجريمتهم”.

.hespress.com


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الباحثة مريم مصدق:  عقود الشغل في ازمة كورونا

عقود الشغل في ازمة كورونا   مريم مصدق * طالبة باحثة بماستر المنازعات القانونية والقضائية ...