المساطر الاستعجالية امام المحاكم الادارية


المساطر الاستعجالية امام المحاكم الادارية

المقدمة

المبحث الأول: خصائص القضاء الاستعجالي و الشروط الموضوعية لممارسة مساطره

المطلب الأول: خصائص القضاء الاستعجالي

1: خصائص القضاء الاستعجالي

2: تمييز القضاء الاستعجالي عن القضاء العادي

المطلب الثاني :   الشروط الموضوعية لممارسة المساطر الاستعجالية

1:شرط  الاستعجال

2:عدم المساس بجوهر الحق

المبحث الثاني القواعد ا لمسطرية للقضاء الاستعجالي

المطلب الأول:  الجهة المختصة للبث في القضايا الاستعجالية

1: رئيس المحكمة الإدارية

2:الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف

المطلب الثاني : الدعاوى الاستعجالية و طرق الطعن فيها

 

1:المسائل الاستعجالية في الفصلين  148و 149من ق.م.م

2:اجرات رفع الدعوى الاستعجالية و طرق الطعن فيها

 

خاتمة

المقدمة

ادا كانت الغاية من القضاء هو تحقيق العدالة السريعة و الفعالة و الوصول الى هدا  المبتغى يستلزم سلوك مساطر محكمة تكفل حقوق المتقاضين الا أن هده الاجرات تتسم بالبطء و إتباعها ياخد وقتا طويلا, كثيرا  ما يستغله البعض لإخفاء الأشياء  المتنازع عليها او لطمس بعض المعالم فيتسبب ذلك في ضياع الحق تماما .ولتلافي هده المخاطر و اجتناب هده المحاذير, ظهرت الحاجة لاتخاذ اجرات سريعة لحفظ الحق ريثما يقع البت في أصل النزاع. و هدا هو دور ا لقضاء المستعجل . و القاضي الذي يقوم بهذه الوظيفة هو قاضي الأمور المستعجلة.

لهده الأسباب حضي نظام القضاء المستعجل باهتمام كبير من طرف القضاء و الفقه  فاصبحت مؤسسة القضاء الاستعجالي من المؤسسات القضائية القائمة الذات الى جانب القضاء العادي.

أمام تجنب المشرع المغربي عن إعطاء تعريف للقضاء الإستعجالي, لم يبقى لنا سوى استحضار التعاريف المنبثقة من الفقه والقضاء, وهكذا تم تعريف القضاء الإستعجالي:

” إجراء مختصر واستثنائي, يسمح للقاضي باتخاذ قرار وقتي في المسائل المتنازع عليها والتي لا تحتمل التأخير في إصدار القرار بدون حصول ضرر.

وجاء في منشور لوزارة العدل بان القضاء الاستعجالي: ” كلمة تطلق عادة على مسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في الحين معجل التنفيذ في نوع من القضايا لا يسمح بالتأخير البث فيها من دون أن تسبب ضررا محققا”

كما عرف أيضا بأنه ” مسطرة استثنائية وسريعة تسمح للمدعي يرفع دعوى استعجاليه أمام قاضي مختص بالبث بصورة مؤقتة في كل نزاع يكتسي صبغة الاستعجالية .

وانطلاقا من التعاريف السالفة الذكر, يمكن القول بان القضاء المستعجل, هو فرع من القضاء المدني متميز ومستقل عن العمل القضائي العادي , ذو مسطرة مختصرة واستثنائية , يختص بالبث بصورة مؤقتة ودون المساس بالموضوع في كل نزاع يكتسي صبغة الاستعجال من اجل استصدار أمر وقتي.

القضاء الاستعجالي فرع من فروع القضاء المدني تظهر إليه الحاجة في الحالات التي تتعرض فيها حقوق احد المتقاضي إلى خطر محدق يمكن أن يؤدي إلى إلحاق الضرر بها نهائيا , وإذا ترك أمر البث بها لإجراءات التقاضي العادي يطول أمدها عادة , فالقضايا الاستعجالية , هي قضايا خاصة نظمها المشرع في الفصل 149 من ق . م. م ,فترى ما هي الشروط الموضوعية و الشكلية للجوء الى المساطر الاستعجالية أمام المحاكم الإدارية؟ و ماهي مجالات تطبيقها في المادة الإدارية و الاتار المترتبة عنها؟

هده الأسئلة و أخرى نطرحها و نجيب عنها من خلا ل تقسيم هدا العرض الى مبحثين نخصص الأول منه لخصائص القضاء الاستعجالي و  الشروط الموضوعية لممارسة مساطره والثاني للقواعد المسطرية أمام المحاكم الإدارية.

المبحث الأول: خصائص القضاء الاستعجالي و  الشروط الموضوعية لممارسة مساطره

1: خصائص القضاء الاستعجالي

يتميز بمجموعة من الخصائص نذكر منها:

ا- السرعة في إصدار الأوامر: فقد خول المشرع للقاضي إمكانية البث في أيام العطل وحتى قبل تقييد الملف سواء أكان متواجدا بمقر المحكمة أو ببيته ،ودون أن يقوم باستدعاء الخصوم وذلك في حالة الاستعجال القصوى.

ب- اعتماد المسطرة الشفوية: وبذلك راجع لبطئ المسطرة الكتابية والذي يتنافى وطبيعة القضاء الاستعجالي الذي يتطلب السرعة في إصدار الأوامر وهذا بطبيعة الحال لا يمنع الخصوم من الإدلاء بمرافعتهم في شكل مذكرات ومستنتجات وتأكيدها شفويا .

ج – مرونة شروط رفع الدعوى الاستعجالية: يتطلب رفع الدعوى أمام القضاء الاستعجالي توافر الشروط اللازمة لقبولها من صحة ومصلحة وأهلية.

د- اختصاص قاضي الأمور المستعجلة من النظام العام: إن اختصاص قاضي المستعجلة يتمثل في البث في الطلبات التي حددت شروطها بمقتضى الفصلين 149     و 152 من ق .م . م و بالتالي كلما خلت هذه الطلبات من ا حد الشروط يتعين الدفع بعدم الاختصاص.

ه – الأوامر الاستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ( الفصل 153 من ق . م . م )

ت- الأوامر الاستعجالية لا تقبل الطعن بالتعرض: منع المشرع الطعن بالتعرض في الأوامر الاستعجالية وأجاز الطعن فيها بالاستئناف وقصر آجال الاستئناف في 15 يوما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك.

ث – لا يأمر قاضي الأمور المستعجلة بالإحالة على الجهة المختصة: عند اختلال النزاع للشروط اللازمة لاستصدار أمر استعجالي من قاضي الأمور المستعجلة , وجب هذا على   الأخير التصريح بعدم اختصاصه للبث في الطلب , دون أن يحيل الملف إلى الجهة المختصة , لأنه لا يوجد نص قانوني يفيد السماح لقاضي المستعجلات مقتضيات الفصل 16 من ق . م . م, فلو أراد المشرع ذلك لأضاف نص أو فقرة تسمح لقاضي المستعجلات بتطبيق تلك المقتضيات.

2: تمييز القضاء الاستعجالي عن القضاء العادي

إن القضاء الإستعجالي لا يبث إلا في الدعاوي التي تتوفر في ها المقررة في الفصل الأول من ق . م .م وهي الأهلية والصفة والمصلحة، إلا انه يتميز باشتراط عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر النزاع , ومن حيث المسطرة المتبعة فالقضاء الاستعجالي يأخذ  بالمسطرة الشفوية , ويبث الأوامر قاض فرد.ومسطرته تتميز بسرعتها انسجاما مع انسجاما مع أهداف هذا القضاء وهي بذلك عكس المسطرة المتبعة أمام القضاء الموضوعي الذي يتميز ببطء مسطرته بسبب الحرص على إنصاف المظلوم تطبيقا للقانون , وهكذا فالقضاء الاستعجالي يأخذ بنظام القضاء الفردي إذ أن القرار الذي يصدره قاضي المستعجلات يعد أمرا وليس حكما , خلافا للقضاء الجماعي الذي يصدر قرارا .

ومما يميز القضاء الاستعجالي أيضا أن الأوامر الصادرة عنه تعد من الأوامر الوقتية , لكونها لا تفصل في جوهر النزاع , وبالتالي يمكن تعديلها إذا ما تغيرت الظروف المحيطة بالنزاع , عكس الأحكام التي تصدر عن المحاكم الموضوعية فهي فاصلة في جوهر النزاع .

كما آن الاستعجال يستوجب ضرورة توافر الخطر المحدق بالحقوق والمصالح , فالسرعة مفترضة في جميع الدعاوى حسبما يستفاد من مقتضيات مفترضة في جميع الدعاوى حسب ما يستفاد من مقتضيات متفرقة , والردة في ق . م .م وخصوصا ما ورد في ف 46 الذي ينص على انه  ” يفصل في القضية فورا أو تؤجل إلى جلسة مقبلة يمكن تغيير تاريخها حاصلا للأطراف مع الإشارة إلى ذلك في سجل الجلسات “لهذا وجب   عدم الخلط بين الاستعجال والبث في الدعوى على الس رعة , كما هو الحال بالنسبة لدعاوى الشفعة ودعاوى النفقة , وهكذا يشير المستشار محمد منقار بنيس : “على أن الاستعجال مفترض في هذه الدعاوى وان المشرع ارتأى إسناد الاختصاص بالبث فيها لغير قاضي المستعجلات ”

المطلب الثاني :   الشروط الموضوعية لممارسة المساطر الاستعجالية

لقد تطرق المشرع المغربي في الفصل 149 من ق م .م إلى احد شرو ط القضاء الاستعجالي ونصه ما يلي يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمتعجلات…. وأشار إلى شرط أخر في الفصل 152من ق م. م وهو حسب النص لا تبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر.من خلال ما ورد يتبين لنا ان الاختصاص قاضي المستعجلات منوط بتوافر شرطين هما توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق و إذا اختل شرط من هدين الشرطين لا يكون قاضي الأمور المستعجلة مختصا بالنضر في النازلة المعروفة عليه ويتعين عليه الحكم بعدم اختصاصه.

1:شرط  الاستعجال

يعتبر الاستعجال عنصر أساسي ومهم لتبرير أحدات قواعد إجرائية خاصة في ميدان التقاضي تعرف بمسطرة الاستعجال والدي يتحكم في قواعد الشكل المؤسسة على السرعة وقواعد الموضوع الذي يميزها طابع التوقيت وعدم المساس بالجوهر.

لم يورد المشرع الغربي تعريفا للاستعجال وإنما اقتصر على القول في الفصل 149من ق م. م على انه يختص رئيس المح كمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا   المستعجلات كلما توقر عنصر الاستعجال ….. ولم يوقر شروط قيام الاستعجال أو يضع معيارا ضابطا له الأمر الذي نتج عنه تعدد التعاريف التي أعطيت له من قبل الفقهاء و يبقى أهمها :

انه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والدي يلزم درؤه عنه سرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده.

وعرفه فريق أخر بأنه ” الحالة التي تكون فيها مصالح مشروعة ذات طاب ع مادي أو معنوي مالي أو أدبي أو حتى عاطفي معرض للخطر إذا طبقت بعدد ما أمام المحكمة المسطرة العادية ”

وعرفه محمد علي راتب بأنه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه و الذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده .

رغم كل هذه التعاريف فانه من الصعب إعطاء تعريف دقيق ومحدد للاستعجال لان حالته تتأثر وتتغير تبعا لتغير ظروف الزمان والمكان المحيطة بالدعوى وهكذا فعنصر ال استعجال أو عدم توافره يخضع لتقدير القاضي وحده شريطة أن يبين في حكمه الأسباب التي أدت إلى توافره من عدمه حتى يقف على تحديد اختصاصه بنظر الدعوى أم لا ولهذا فله أن يصدر قرارا تمهيديا   كالاستعانة بذوي الخبرة أن الانتقال إلى مكان النزاع للمعاينة قصد التحقيق من توفر وجه الاستعجال في الدعوى كان يطلب المالك إخلاء العقار مؤقتا دفعا للخطر الذي يخشى حصوله من انهيار البناء على ساكنه من خلل جسيم ثم دفع السكان بعدم الاختصاص بدعوى أن المباني ليست متداعية وانه لا خطر على حياتهم من استمرار انتفاعهم بالعقار فينبغي على القاضي في هذه الحالة أن ينتدب خبيرا لمعاينة العقار والتحقيق من مدى جسامة الخلل فادا تبت له إن حالة العقار تؤذن بالانهيار بكون هناك وجه استعجال في الدعوى ويصبح من المتعين إخلاء العقار أما إذا تبين للقاضي عكس ذلك   كان عليه هن يقضي بعدم الاختصاص لعدم توافر وجه الاستعجال.

أو في الحالة التي يطلب فيها الدائن من قاضي المستعجلات أن يحصل على الإذن لبيع الشيء  المحبوس لديه بسبب انه معرض للهلاك في حين يضر المدعي عليه على عدم إمكانية حصول هذا الهلاك وبالتالي عدم وجود عنصر الاستعجال , فحينما يتعين على القاضي أن ينتدب خبيرا لمعاينة الشيء المحبوس تأذن بالهلاك فانه يكون هناك وجه الاستعجال في الدعوى , ويقع اختصاص قاضي المستعجلات , أما إذا تبين عكس ذلك أي عدم إمكانية حدوث الهلاك وبالتالي عدم وجود عنصر الاستعجال , فانه على قاضي المستعجلات أن يقضي بعدم الاختصاص.

والسؤال المطروح بخصوص الاستعجال, هو الذي يقوم به قاضي المستعجلات في حالة ما إذا زال عنصر الاستعجال , أثناء تداول الدعوى أو حال الفصل فيها وفي هذا يقول الدكتور احمد هاني مختار أنه ” إذا كان الاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المراد حمايت ه والمحافظة عليه ومن الظروف المحيطة به , لا مجرد رغبة رافع الدعوى في الحصول على حكم في طلباته بسرعة , فيتعين أن يستمر الاستعجال من وقت رفع الدعوى إلى وقت صدور الحكم , فإذا رفعت الدعوى أمام القضاء المستعجل , وقت توافر فيها ركن الاستعجال ثم افتقدته قبل الفصل فيها لأي سبب وجب على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها طالما أن الدعوى وقت الفصل فيها أضحت مفتقرة إلى ركن الاستعجال”

ومن هنا يتبين أن الاستعجال يجب أن يتوفر من وقت رفع الدعوى حتى وقت الحكم فيها , كما أن تقدير توافره من عدمه يرجع إلى   السلطة التقديرية لقاضي المستعجلات وحده , وبالتالي لا يمكن للخصوم يسبغوا على دعواهم صفة الاستعجال متى شاءوا حتى يستفيدوا من المسطرة السريعة التي يمتاز بها القضاء الاستعجالي .

2:عدم المساس بجوهر الحق

إضافة لشرط توافر الاستعجال, فان اختصاص قاضي المستعجلات مقيد بشرط ثاني ألا وهو عدم المساس بجوهر الحق ف 152 من ق . م .م، فأما القاضي المستعجل ما هو إلا أمر وقتي , لا يمكن أن يمس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر , فإذا تبين للقاضي من خلال فحصه لظاهر المستندات , أن الأمر الذي سيصدره فيه مساس بأصل النزاع فيجب عليه أن يقضي بعدم اختصاصا نوعيا بنظر الدعوى , وليس برفض الدعوى لان الرفض يعني أنه مختص   أصلا بنظر النزاع ولعدم أحقية المدعي في طلبه فانه يرفضه وشرط عدم المساس بجوهر الحق ضمانة لحقوق المتقاضين إذ لولاه لضاعت حقوق عديدة بسبب سرعة إجراءات القضاء الاستعجالي من جهة , وهفوات وسلبيات القضاء الفردي من جهة أخرى , لذا فان الأمر الاستعج الي لا يعد سوى أمر وقتي هدفه البث في نزاع يتوافر فيه عنصر الاستعجال دون أن يمس بأصل الحق أو جوهر النزاع , الذي يترك لأطرافه الخوض فيه أمام القضاء الموضوعي

إلا أنه يمكن للقاضي الاستعجالي أن يبث في مصاريف النزاع أو أن يأمر بالاحتفاظ بالبث فيها إلى أن تقع تصفيتها مع المصاريف المتعلقة بالجوهر ” الفصل 154 من ق . م. م ”

المبحث الثاني القواعد ا لمسطرية للقضاء الاستعجالي                                       

المطلب الأول:  الجهة المختصة للبث في القضايا الاستعجالية

بعد إحداث المحاكم الإدارية اسند المشرع مهمة قاضي الأمور المستعجلة لرئيس المحكمة الإدارية.وهو ما سنعمل على التطرق إليه بتفصيل من خلال الفقرات التالية:

1: رئيس المحكمة الإدارية

يصدر بصفته قاضي المستعجلات أوامر قضائية تحفظية مؤقتة سواء تعلق الأمر بدعوى الإلغاء أو دعوى الضرائب آو نزع الملكية للمنفعة العامة أو تلك النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات أو الانتخابات أو العقود أو المسؤولية الإدارية , وذلك طبقا للمواد 7 – 8 – 19- 38   من قانون المحاكم الإدارية   وقانون 81/7 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة الصادر بتاريخ 6-5-82 .

إن   رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضي المستعجلا ت يبث في القضايا الاستعجالية إلي يطرحها عليه نواب الأطراف إدارة أو أفرادا بواسطة مقالات مستوفية للشروط القانونية للمحافظة على حقوقهم وصيانتها من كل خطر حال ومحقق يهددها أثناء رفع الدعوى وفي إطار دولة الحق والقانون التي تتطور تبعا للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والمالية أو تدعيما لمشروعية عمل معين طبقا للفقرة الثانية من المادة 18 من ق 81-7 المتعلق بنزع الملكية أو تطلب إيقاف تنفيذ حكم إداري لوجود صعوبة قانونية , أو لإثبات معالم لا يمكن أن تستمر على حالها مع امتداد الزمن أو ما يسمى بإثبات حال كدعوى مستقلة لإعداد الدليل على وقائع أمام القضاء الإداري الشامل أو قضاء الإلغاء , وهو بهذا يمارس مستعجلات وقتية فيستعمل سلطة الملائمة عندما يفحص الطلب دون التقيد بأي قاعدة للإثبات , وفي غياب كاتب الضبط ودون حضور الأطراف .

جاءت المادة 19 من القانون 90-41 الم تعلق  بإحداث المحاكم الإدارية على انه “يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا للمستعجلات و الأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية ” فهذه المادة تسند اختصاص البث في الطلبات الوقتية والتحفظية إلى رئيس المحكمة الإدارية دون قيد أو شرط , إذ أنها لم تنص على شرط أن يكون النزاع في الجوهر معروضا على المحكمة الإدارية , وذلك خلافا لما جاء في مشروع محاكم الإعمال الذي يشترط ليمارس رئيسها  مهام قاضي الأمور المستعجلة أن يكون النزاع معروضا على محكمته,  بالإضافة إلى أن المادة 19 لم تشترط في القاضي الذي ينوب عن رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات أن يكون أقدم القضاة , بخلاف ما هو منصوص عليه في ف 149 من ق . م . م , ويشكل هذا تراجعا لان العبرة بح جم التكوين لا بعدد السنوات .

2:الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف 

وخلافا للفصل 149 من ق .م.لا م الذي اسند الاختصاص   النظر في القضايا   الاستعجالية إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف فان رئيس الغرفة الإدارية يكون هو المختص بالبث في القضايا الاستعجالية التي تحال على غرفته وذلك قياسا على اختصاص الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف, واستنادا كذلك إلى الفصل 46 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية الذي ينص على انه: ” يمارس المجلس الأعلى عندما ينظر في أحكام   المحاكم   الإدارية المستأنفة لديه كامل الاختصاصات المخولة لمحاكم الاستئناف , عملا بأحكام الفصل 329 وما يليه إلى الفصل 366 من ق .م .م ويزاول رئيس الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى والمستشار المقرر المعين من قبله الصلاحيات المكفولة بالفصول المذكورة أعلاه للرئيس الأول للمحكمة الاستئناف والمستشار المقرر.

إلا أن اختصاص الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى انتقل بموجب ظ 14 فبراير 2006 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 03-80 المحدث بموجبه محاكم استئناف إدارية إلى هذه الأخيرة .

1:المسائل الاستعجالية في الفصلين  148و 149من ق.م.م                                                            

 

بغية استدراج القرار إلى الإلمام بهذا المبحث، سنعمل جاهدين على إبراز الأوامر المبنية على الطلب ( مطلب 1) ثم نعمل بعد ذلك على تبيان مسطرة الامر بالأداء  (مطلب 2) .

المطلب الأول : الأوامر المبنية على الطلب والمعاينة:

الأوامر المبنية على الطلب والمعاينة هي القرارات التي يصدرها رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات بناءا على طلب طرف في غياب خصمه ، بغية الإسراع في اتخاذ إجراء مستعجل مخافة ضياع حق أو بغية مفاجأة الخصم باتخاذ إجراء معين، كالحجز على أموال المدين قبل تفويتها أو نقلها من مكانها، أو الحجز عليها بين يدي الغير وقد مثل المشرع المغربي لخالات الأوامر المبنية على الطلب بدعوى إثبات حال أو توجيه إنذار ، أو بالرجوع إلى الفصول 148 و 149 من قانون المسطرة المدنية، سنحاول تبيان المسائل الإستعجالية الواردة فيهما :

أولا : إثبات الحال وتوجيه الإنذار:

تعتبر دعوى إثبا ت الحال من الدعاوي الوقتية التي يقصد بها تصوير حالة مادية يخشى ضياع معالمها، إذا أنتظر طرح النزاع على قضاء الموضوع 1 وهكذا نص المشرع صراحة على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالبث في المقال الذي يستهدف الحصول على أمر في إثبات الحال.

فإثبات الحال هو وصف لحالة راهنة يخشى اندثارها وزوالها، وذلك حتى يستفيد منها المدعى عند عرض النزاع على محكمة الموضوع، لدى فدعوى إثبات الحال تبقى مجرد دعوى مستعجلة، وقتية لا تمس أصل الحق، وحتى يتم قبول هذه الدعوى،  ينبغي أن لا يترتب عن إصدار الأمر، إضرار بحقوق الأطراف، أو المساس بجوهر الحق، وذلك كما اقتضى من الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، لذا لا تقبل دعوى إثبات الحال إذا تضمنت اعتداءا على حرية أحد الأشخاص ، حيث يمكن   ان تصدر في غيبة الأطراف ودون حضور كاتب الضبط، وبالتالي دون إنعقاد جلسة ومن غير تحرير أمرها وفق الصيغ التي يتطلبها الفصل 50 من ق. م . م، كما انها غير قابلة الإستئناف إلا في حالة الرفض.

ثانيا : الصعوبات المتعلقة بتنفيد حكم أو سند قابل للتنفيذ

إن الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم هي تلك المنازعة القانونية أو الواقعية التي يثيرها المهدد بالتنفيذ، أو المنفذ ضده، أو أي طرف يمس التنفيذ بمصالحه بناءا على ادعاءات يتمسك بها،بحيث لو صحت لأثرت في التنفيذ فيصبح التنفيذ جائزا أو غير صحيحا أو باطلا، يمكن إستمرار أو يوقف السير فيه، من هنا يتبين لنا أن الصعوبة في التنفيذ ترمي إلى منازعة تطرح بصددها خصومة على القضاء، وقد وقع خلاف إن على مستوى الفقه أو القضاء حول الجهة المختصة بتقدير جدية الصعوبة الرامية إلى إيقاف التنفيذ بصفته هذه، أما قاضي المستعجلات والذي يتقاسم إختصاصه كل من رئيس المحكمة الإبتدائية والرئيس الأول لمحكمة الإستئناف 1 ، ذلك أن المشرع عندما أسند مهام قاضي المستعجلات إلى الرئيس الأول عندما يكون النزاع معروضا على محكمة الإستئناف ،فإنه يقصد تضييق هذا الإختصاص والحد منه بشأن الصعوبات في التنفيذ في حدود الصعوبات التي تثار قبل التنفيذ،   وذلك تلافيا لما قد يطرأ من مشاكل عارضة قد لا يمكن تجاوزها إلا بعد تمام التنفيذ، وطبقا لمقتضيات الفصل 436 من ق.م.م،   فإن الذي يختص بالبث هو رئيس المحكمة الإبتدائية مكان التنفيذ بصفته هذه، وليس قاضي المستعجلات الذي يحدد اختصاصه الفصل 149 من ق .م.م.

ثالثا: الحراسة القضائية:

يلتجأ للحراسة القضائية كإجراء تحفظي للمحافظة على الأشياء المتنازع عليها إلى أن يحسم النزاع بخصوصها، ويتم وضع هذه الأشياء تحت الحراسة عندما تكون هذه الأخيرة هي الوسيلة المناسبة للمحافظة علة حقوق جميع الأطراف، وكذا لحفظ وصيانة هذه الأشياء من الضياع، ومن خصائص الحراسة القضائية أنها إجراء مؤقت; ذلك يعتبر الحكم الذي يأمر بها من ضمن الأحكام الوقتية التي يراد بها، اتخاذ إجراءات تحفظية، مؤقتة من أجل حماية حقوق الأطراف إلى حين الفصل في جوهر النزاع، ولكي يأمر قاضي المستعجلات بالحراسة القضائية ينبغي توفر مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية:

أ‌– الشروط الشكلية:

الحراسة القضائية إجراء وقتي وتحفظي أُشترط في طالبها، أن تتوفر فيه الصفة والمصلحة والأهلية المطلوبة امام القضاء الإستعجالي، ولا يوجد أي شرط   شكلي خاص في هذا الإجراء، ويجوز رفعه حتى في غياب الدعوى الموضوعية ” إذ يجوز طلب وضع المال المتنازع حول ملكيته أو إرادته قبل رفع النزاع في الموضوع إلى المحكمة و بعد تقييد المقال الإفتتاحي لها، وطلب الوضع تحت الحراسة القضائية غير مرتبط بأجل معين

ب‌– الشروط الموضوعية :

إضافة إلى توافر الاستعجال وعدم المساس بجوهر الحق فإن الفصل 818 من قانون الإلتزامات والعقود، يضيف شرطا ثالثا وهو وجود النزاع وذلك حينما نص :”إبداع الشيء المتنازع عليه بين يدي أحد من الغير يسمى حراسة”، زيادة على ذلك فإن العمل القضائي يضيف شرطا رابعا وهو ” أن تكون الحراسة القضائية هي الوسيلة الوحيدة للمحافظة على الشيء” ، وهو شرط لا وجود له في قانون المسطرة المدنية ولا قانون الإلتزامات والعقود ، وإنما تمخض عن الممارسة العملية، وذلك بسبب الخطورة البالغة للحراسة القضائية خصوا عند التنفيذ ، لذلك يتعين التريت كثيرا قبل الإستجابة لهذا الإجراء التحفظي، والتأكد من كونه قادرا على صيانة حقوق الأطراف،   لذلك يرى المستشار محمد منقاريش أن تشدد المحاكم في شروط الأمر بالوضع تحت الحراسة القضائية له مبررات واقعية ومنسجمة مع المنشور الصادر عن وزير العدل تحث عدد 462 المؤرخ في 21/11/1968، والذي أكد فيه على اهمية الحراسة القضائية وخطورتها، وعلى انها إجراء إختياري، كما ألح على عدم الإستجابة   إلى أي طلب يرمي إلى الوضع تحت الحراسة إلا في حالة الضرورة الملحة ؛

من هنا يجب التفرقة بين الإتفاق على تعيين حارس والإتفاق على اختصاص قاضي المستعجلات بتعيين حارس:

الإتفاق على تعيين حارس : لا شك أن الإتفاق هو شريعة المتعاقدين.

blogspot.com

 


اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

استقلال السلطة القضائية

استقلال السلطة القضائية   حيث أن شعوب العالم تؤكد في ميثاق الأمم المتحدة، في جملة ...